Jump to content
Baghdadee بغدادي

حقيقة الحجاب وحجية الحديث


Recommended Posts

http://216.212.98.66/arabic/hijab.htm

 

حقيقة الحجاب وحجية الحديث

 

المستشار / محمد سعيد العشماوى

 

الكتاب الذهبى

 

مؤسسة روزاليوسف

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

 

مقدمة الطبعة الكاملة

 

 

 

نظرًا لطبيعتى الخاصة وثقافتى العامة, ودراستى القانونية, وعملى القضائى, فقد درجت على ألا ألتفت إلى القول المرسل, مهما كان شائعًا, أو أنتبه إلى الرأى المطلق, ولو كان غالبًا, وإنما أبحث وأدرس ما وراء القول وما حول الرأى, من أسباب وأسانيد وحجج وأدلة, مهما كان البحث مضنيًا أو كان الدرس مجهدًا. وكانت النتائج الصحيحة التى يصل إليها البحث وينتهى إليها الدرس, خير جزاء على الضنى وأفضل مكافأة على الجهد.

 

 

 

والذى راعنى بحق, أنى خلصت من بحوثى ودراساتى إلى أن العقل البشرى فى مجموعه, تكوَّن بالإشاعات, وتركب بالأمنيات وتأسس بالخرافات ولم يكن للحقائق فى هذا التأسيس وذلك التركيب وذاك التكوين شأن كبير. ولأن الإشاعة تترابط بالإشاعات والأمنية تتساند بالأمنيات, والخرافة تتراكن إلى الخرافات, فقد نتج عن هذا كله تراث شائه. أدنى إلى الخرافة وأقرب إلى السخافة, ليس فيه من الحقيقة شئ عظيم. ومع مرور السنين توارثت الأجيال هذا التراث, رغم وجود اختلافات فيه بسبب الحدود المكانية أو الظروف الزمانية, أو المواريث القبلية أو المعاريض النقلية, غير أن المؤكد لدى البحث الرصين والدرس المحايد أن أغلب موروثات العقل البشرى فى كل أوان وكل مكان, لها من الخرافة حظ مؤثر, قليلاً كان أم كثيرًا, وأن التخلص من الخرافات ومن المغلوطات يقتضى جهودًا مضنية من البشرية كلها, تتوافق على تحديد الهدف وسبيل العمل وتقدير النتائج.

 

 

 

وفى نطاق الدراسات الإسلامية, فقد وجدت الكثير من الأخطاء فى الفكر وفى الفقه ترجع كلها إلى عدم تعريف الألفاظ, أو ما يسمى بلغة علم أصول الفقه, عدم ضبط المصطلحات, هذا بالأضافة إلى غياب المناهج عامة, وإلى أن أكثر العلماء والكتاب لايُصدر فيما يكتب ويبحث ويقول عن تعريف وتحليل وتعقيد ومنهجة, وإنما يفعل ذلك لتبرير وضع قائم أو فكر موروث أو قول مبتور أو رأى مشطور. وقد تعدى هذا الأسلوب إلى النهج الإسلامى عامة, فقلّ أن يُوجد من يقرأ أو يسمع قصد الوصول إلى الرأى الصادق, والقول الصحيح, والعلم المتين.

 

 

 

لقد حاولت فى الدراسة المنشورة فى هذا الكتاب, ما احوله فى كل أعمالى, من وضع التعريف أو ضبط المصطلح وإتباع منهجية واضحة ونظامية مطردة حتى أخلص لنفسى ولغيرى بأقرب الآراء إلى الصحة وادناها إلى الصواب حتى لو خالفت المألوف وعارضت المعروف. لكنى تبينت أن المشكلة ليست فى الوصول إلى الصواب ولا فى الحديث على مقتضاه, إنما المشكلة الحقيقية هى فى الرفض المسبق من القارئ أو السامع لقبول الرأى الآخر أو السماح بأى كلمة تهدد فكره المغلوط أو تقوض رأيه المخطئ أو تفكك حماسته للأوهام. ومع كل ذلك فإن القافلة لابد أن تسير لأن العواء سوف يخفت ثم يصمت أمام قوة الحق وقدرة الصدق.

 

 

 

وهذا الكتاب هو الغائب الحاضر, فلقد ادت ظروف سيئة تتصل بالنشر وبحماية حق المؤلف إلى أن يغيب عن الظهور المستمر الواضح فى ساحة الفكر العربى وأن يكون تداوله سرًا بعيدًا عن القانون, أو يكون نسخًا ليس هو الأصل, وزعم البعض فى دعاية مغرضة أن الكتاب قد صودر, وهذا قول غير صحيح ولم يحدث قط لأن للمصادرة إجراءات قضائية لم تُتَّبع لا فى هذا الكتاب ولا فى أى كتاب من كتبى, لكنه القول الهراء الذى لاقيمة له وإن كان قد حدث ضمن طلب مستمر وشديد على الكتاب, مما يقطع بأنه كان على الدوام حاضرًا فى عقول الناس وفى ضمائرهم.

 

 

 

وهاهى الطبعة الكاملة توضع بين أيدى القراء, وتصدر عن دار " روزاليوسف" التى حدثت على صحفاتها أشهر مجادلة عن الحجاب, فريضة هو أم غير فريضة. وقد تضمنت الطبعة ثلاثة ملاحق لابد منها لتتكامل الدراسة.

 

 

 

والله ندعو أن يوفق الجميع إلى السمع المحايد والقراءة الموضوعية والحكم الصائب, لما فى ذلك من أثر عظيم على الأفراد وعلى الإسلام, وعلى البشرية.

 

10 فبراير 2002.

 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

 

ملحق رقم (1)

 

 

 

بصدد آية الحجاب [ سورة الأحزاب 33: 35 ] فإن البعض يقول إنها حتى لو كانت خاصة بزوجات النبى فإن حكمها يمتد ليشمل كل المؤمنات " المسلمات", تأسيسًا بزوجات النبى وبإعتبار أنهن قدوة حسنة للمسلمات, يقتدين بهن وبما ورد فى القرآن عنهن, وبالتالى فإن الحجاب الذى ورد بشأنهن يكون واجبًا كذلك على كل المؤمنات " المسلمات" .

 

 

 

ويُرَد على هذا القول بما يلى:

 

أولاً: أن الحجاب الوارد فى الآية المذكورة ليس الخمار الذى يوضع على الشعر أو الوجه, لكنه يعنى الساتر الذى يمنع الرؤية تمامًا, ويحول بين الرجال المؤمنين وبين زوجات النبى كلية, على نحو ما سلف البيان فى شرح ذلك.

 

وإذا أرادت إمرأة معاصرة أن تتخذ لنفسها حكم هذه الآية, فعليها أن تضع ساترًا أو حاجبًا أو حاجزًا يحول بين رؤيتها للرجال عامة. ورؤية الرجال لها من أى سبيل, وهو ما يؤدى لامحالة إلى انحباسها فى سكنها أو فى أى مكان آخر بحيث لاترى ولاترى. وعندما يحبس أحد الرجال زوجه فى بيتها. ويمنعها من الخروج إلى الطريق, ويحظر عليها لقاء الرجال تمامًا, فإنه لاشك يكون متأثرًا بالفهم الذى يقوله البعض بشأن تأسى المؤمنات بزوجات النبى فى حجبهن عن الرجال بإطلاق, لابوضع خمار ولاغيره.

 

 

 

ثانيًا: ورد فى القرآن الكريم ما يفيد كون الرسول أسوة للمؤمنين وذلك فى الآية { لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة } [ سورة الأحزاب 33: 21 ]. لكن لم ترد فى القرآن آية آية تفيد أو تشير إلى أن تكون نساء النبى أسوة المؤمنات. فأسوة النبى للمؤمنين هى حكم شرعى بداعى النبوة الذى يجعل منه مثلاً للناس يتبعونه فيما قال وفيما فعل, من كريم القول وسليم الفعل, لكن زوجات النبى بعيدات عن الرسالة نائيات عن النبوة, وهن نساء صالحات شأنهن كشأن كل , أو جل, المؤمنات الصالحات.

 

 

 

ثالثًا: وقد وضع القرآن ما يفيد التفاصيل بين زوجات النبى وسائر المؤمنات فيما جاء فى الآية { يا نساء النبى لستن كأحد من النساء } [ سورة الأحزاب 33: 32].

 

ففى هذه الآية تقرير حاسم حازم بوجود تفاصيل وتغاير بين نساء النبى وغيرهن من المؤمنات بما يعنى أن الأحكام التى تتقرر لزوجات النبى تكون لهن خاصة, وليست لباقى المؤمنات.

 

ومن هذه الأحكام أن يضاعف لهن العذاب إن أتت إحداهن بفاحشة { يا نساء النبى من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين } [ سورة الأحزاب 33: 30], وأنه يمتنع على الرجال أن يتزوجوا منهن بعد النبى لزومًا أنه يمتنع عليهن الزواج بعد وفاة النبى ومهما ظلت الزوج أرملة على ما ورد فى الآية { يا أيها الذين آمنوا ... وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدًا } [ سورة الأحزاب 33: 53]. وأنه يمتنع على النبى ـ بعد تنزيل الآية التى سوف يلى نصها ـ أن يطلق إحدى زوجاته أو أن يتبدل بهن, إحداهن أو كلهن أزواجًا أخرى إذ أصبحت كل النساء حرامًا عليه فيما عدا زوجاته آنذاك { لايحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج } [ سورة الأحزاب 33: 52].

 

وهذه كلها أحكام خاصة بالنبى وزوجاته , لايجوز ولايمكن أن يمتد حكمها إلى غيره وغيرهن.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

 

ملحق رقم (2)

 

 

 

ورد الخمار فى آية, ورد فى متن الكتاب منها ما يتعلق بموضوعه, وهو الحجاب, لكن البعض يثير للإعتراض ما يرد فى كامل الآية, ومن ثم تعين إيراد الآية بأكملها, ثم الرد على ما قد يثأر بشأنها من اعتراضات تقصد النيل من الرأى الذى تتضمنه الدراسة من أن الحجاب أو الخمار, ليس فريضة حتى وإن كان فضيلة.

 

 

 

نص الآية هو ما يلى: { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعلوتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بنى إخوانهن أو بنى أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء , ولا يضربن بأرجلهن ليُعلم ما يخفين من زينتهن ... } [ سورة النور 24: 31].

 

 

 

ومن هذه الآية يُستفاد ما يلى:

 

أولاً: أنها تتضمن حكمًا عامًا بأن تغض المؤمنات, نساءً , أبصارهن وأن يحفظن فروجهن, وهو حكم يقصد إلى نشر وتأكيد العفة والترفع عن الدنايا بين المؤمنات عمومًا. وهو ـ بالإضافة إلى هذا ـ يُفيد أنهن كن يطلعن على وجوه الرجال كما تفيد الآية السابقة عليها { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم .. } أنهم كانوا يطلعون على وجوه النساء, أى إنه كان ثم سفور للأوجه بين الرجال والنساء ولم يكن هناك تقنع من هذا الجانب أو ذاك.

 

 

 

ثانيًا: أن الآية تتضمن بيان زينتهن, زينة يمكن إبداؤها عامة " وإن كان ذلك بشروط" وزينة لايمكن إبداؤها إلا للخاصة.

 

ويقول الفقهاء المسلمون أن الزينة الأولى هى الزينة الظاهرة, فى حين أن الزينة الثانية هى الزينة الخفية.

 

فالزينة الظاهرة أو ظاهر الزينة التى يجوز للنساء والفتيات إبداؤها هى الوجه والكحل والسوار والأقراط والخواتم, وأضاف البعض الخلاخل التى تُوضع فى الساق. والزينة الخفية هى ما عدا ذلك, مثل الفخاذ والصدور والبطون وغيرها. وهذه لايجوز أن تبدو إلا لمن عددتهم الآية وهم الأزواج والآباء والأبناء وآباء البعول وأبناء البعول " من زيجات أخرى" والإخوة وأبناء الإخوة أو نسائهن, أو التابعين من المخصيين, أو العبيد ( دون تفرقة بين العبيد من الرجال والإماء من الحريم), وكذلك الأطفال.

 

وفى هذا الصدد فإن على المرأة ألا تضرب برجلها, أى تضع ساقًا على ساق فيظهر ما يخفى من زينة الفخذ أو غيره.

 

 

 

ثالثًا: أن ما أسماه الفقهاء بالزينة الخفية أو غير الظاهرة لايدخل فى تقدير مسألة الحجاب ومن ثم فإن الدراسة عمدت إلى أن تتركه قصدًا على اعتبار أنه من المعلوم والمفهوم أنه غير الزينة الظاهرة التى يتعلق بها أمر الخمار, ولكن اختلاط الفهم لدى البعض ـ عمدًا أو عفوًا ـ يدعو إلى إثباته فى هذا الملحق.

 

 

 

رابعًا: ما ورد فى الآية من جملة { وليضربن بخمرهن على جيوبهن..} لايعنى فرض الخمار أصلاً وشرعًا لكنه يرمى إلى التعديل فى عادة كانت قائمة وقت التنزيل بوضع الخمار ضمن المقانع وإلقائه على الظهر بحيث يبدو الصدر ظاهرًا ومن ثم كان القصد هو تعديل العادة ليوضع الخمار على الجيوب وكانت الجيوب فى ذلك الزمان وبعضها فى هذا الزمان توضع على الصدور, كما هى العادة حالاً ( حاليًا ) فى بعض الجلاليب حتى الرجالى منها.

 

 

 

ولو أن الآية قصدت فرض الخمار لكان لها فى ذلك تعبير آخر مثل: وليضعن الخُمر ( جمع الخمار ) على رؤوسهن, أو ما فى هذا المعنى أو هذا التعبير.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

 

ملحق رقم (3)

 

 

 

يُضاف إلى ما ورد فى شأن الأحاديث, ما يلى:

 

 

 

أولاً: جمع البخارى 600000 ( ستمائة ألف ) حديث أخرج منها 4000 ( أربعة آلاف ), إذا رفع منها المكرر كانت 2762 حديثًا.

 

وجمع مسلم 300000 ( ثلاثمائة ألف حديث) أخرج منها 4000 ( أربعة آلاف ) حديث.

 

وجمع مالك بن أنس ( حوالى 93 ـ 179 هـ ) مائة ألف حديث, إختار منها فى الموطأ 10000 ( عشرة آلاف ) حديث , أنزلها إلى 5000 ( خمسة آلاف ) وفى قول خمسمائة ولعل الإختلاف جاء من الإختلاط فى صفر.

 

أما أبو داود " السجستانى" فقد جمع 500000 ( خمسمائة ألف ) حديث , أخرج منها 4800 ( أربة آلاف وثمانمائة ) حديث.

 

ومن هذا يظهر الكم الهائل فيما رُوى من أحاديث ( منحولة ) عن النبى, لم يخرج منها إلا ما يُقابل واحدًا فى المائة, من وجهة نظر كل جامع لها.

 

 

 

ثانيًا: فى كتاب " الإحكام فى أصول الأحكام" للآمدى أن عبد الله بن عباس لم يسمع من رسول الله سوى أربعة أحاديث وذلك لصغر سنه.

 

وقال ابن القيم فى " الوابل الصيب" إن ما سمعه عبدالله بن عباس عن النبى لم يبلغ 20 " عشرين" حديثًا.

 

وعن ابن معين والقطان وأبى داود فى السنن أن عبد الله بن عباس روى تسعة أحاديث ومع ذلك فقد أسند له أحمد بن حنبل فى مسنده 1696 ( ألف ستمائة ستة وتسعون) حديثًا.

 

 

 

ثالثًا: أبو هريرة عاشر النبى عامًا وتسعة أشهر أى 21 شهرًا وقد روى عنه 5374 ( خمسة آلاف و ثلاثمائة أربعة وسبعون ) حديثًا خرج منها البخارى 446 ( أربعمائة ستة وأربعون ) حديثًا.

 

وعن عائشة زوج النبى أنها قالت " رحم الله أبا هريرة أساء سمعًا فأساء إجابةً " ( أى رواية ).

 

 

 

رابعًا: الترمذى " أبو عيسى محمد بن عيسى" ( 815 ـ 892 م ) هو الذى وضع وصف الحديث بثلاثة أوصاف: صحيح وحسن وضعيف, فهذا الوضع لم يجتمع عليه الأئمة, وإنما هو من وضع رجل فرد من علماء الأمة, يمكن الأخذ به أو الإعتراض عنه أو وضع أوصاف أخرى غيرها.

 

 

 

خامسًا: ورد الحديث التالى فى صحيح البخارى, مجلد رقم 3, صفحة 16:

 

عن ابن الأكوع عن أبيه عن النبى " أيما رجل وإمرأة توافقا فعشرة ما بينهما ثلاث ليال, فإن أحبا أن يزدادا تزايدا أو يتتاركا تتاركا".

 

وهذا الحديث هو الذى يثبت زواج المتعة أو الزواج المؤقت الذى تأخذ به الشيعة حتى اليوم, فى حين يرى أهل السنة أنه قد نُسخ بحديث آخر للنبى وغريب أن يخرِّج البخارى حديثًا يثبت ما يرى أهل السنة أنه نُسخ, إلا إذا كان قصده من ذلك أن يخرج الأحاديث التى يصح لديه أنها صدرت عن النبى حتى ولو كانت قد نسخت أو كان قصده أن يخالف أهل السنة ويجنح إلى رأى الشيعة فى أن النبى لم ينسخ هذا الحديث وحكمه, وأن وقف أثر الحديث والعمل به كان بفعل من عمر بن الخطاب الذى لايعترف الشيعة بأى حق له فى التشريع أو وقف العمل بحكم ورد فى السنة.

 

 

 

وعلى الحالين, فإن هذا الأمر يفتح أبوابًا للبحث, فيما إذا كان البخارى يُخرِّج أحاديث يرى أنها صحت له عن النبى حتى لو لم يكن العمل بها جائزًا أو ممكنًا . وفيما إذا كان زواج المتعة قائمًا ومشروعًا كما ترى الشيعة, أو أنه نُسخ فعلاً بحديث صحيح صدر من النبى نفسه.

 

 

 

ويُلاحظ أنه على الرغم من أن الشيعة لاتأخذ بمجاميع الأحاديث التى يقرها أهل السنة, ومنها صحيح البخارى, فإنها عند المحاجَّة مع أهل السنة تركن إلى الحديث المذكور لإثبات شرعية زواج المتعة وإستمراريته حتى الآن.

 

 

 

سادسًا: فى دراسة لنا منشورة فى كتاب " إسلاميات وإسرائيليات" ثبت لنا أن أهم حديثين يؤثران فى الفكر الإسلامى, ويصوغان العمل الإسلامى لايوجدان فى أية مجموعة من مجموعات الأحاديث المعترف بها. وهذان الحديثان هما:

 

" تناكحوا تناسلوا فإنى مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة".

 

" من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده, فإن لم يستطع فبلسانه, فإن لم يستطع فبقلبه, وهو أضعف الإيمان".

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

 

تقـديـم

 

 

 

من أسوأ الأمور أن يختلط الفكر الدينى والتعبير الشرعى بالموروثات الشعبية ( الفولكلور) والمواضعات الإجتماعية ( التقليدات ) والعبارات الدارجة ( المقوليات , الكليشيهات ), لأن ذلك لامحالة يؤدى إلى خلط وفير واضطراب كثير, حيث يبدو الفكر الدينى كما لو كان موروثًا شعبيًا ( فولكلور), أو يظهر الموروث الشعبى وكأنه المفهوم الدينى, كما أنه يؤدى إلى أن يلوح التعبير الشرعى وكأنه عبارات دارجة أو تبين العبارات الدارجة وكأنها تعبيرات شرعية, الأمر الذى تضطرب معه المفاهيم وتختلط الأقوال وتهتز القيم, فينحدر المجتمع ـ من ثم ـ إلى هوة سحيقة من الخيال والهذيان الذى لايفرق بين الواقع والوهم, ولايميز بين الحقيقة والإدعاء.

 

 

 

وعندما خالطت السياسة الدين وداخلت الحزبية الشريعة حولتهما إلى أيدولوجيا ( مذهبية ) شمولية ( دكتاتورية) , ومعتقدية ( دوجماطيقية) جامدة. وفى إتجاهها إلى الشمولية, ولكى تحتوى على كل شئ وتتضمن أى عنصر وتمتد إلى كل منشط, فقد مزجت فكرها بالموروثات الشعبية ( الفولكلور), ونسجت سبلها بالمواضعات الإجتماعية, ودمجت نصوصها فى العبارات الدارجة فاختلط الأمر على الناس واضطرب الحال عند الكثيرين وغم الوضع لدى الكافة, ولم يعدّ من السهل, أو من الممكن, أن يحدث تمييز بين الفكر الدينى والموروث الشعبى, بين الوصايا الدينينة والمواضعات الإجتماعية, بين النص الدينى والعبارات الدارجة.

 

 

 

ومسألة الحجاب أظهر المسائل فى هذا الوضع, فقد اختلط فيها الفكر الدينى بالموروث الشعبى. وتداخلت فيها الوصايا الدينية بالمواضعات الاجتماعية , فإضطرب كثيرون فى أصل المسألة وحقيقتها, وذهبت جماعات إلى أن " الحجاب فريضة إسلامية" بينما يرى آخرون أن " الحجاب شعار سياسى".

 

 

 

وهذا الكتاب اتجاه لبيان المسائل وجلاء الحقائق فى شأن ما يُسمى بالحجاب.

 

 

 

وكنا قد كتبنا أول فصل فيه " الحجاب فى الإسلام" منذ أكثر من عامين, بناء على طلب من إحدى الجمعيات النسائية فى مصر, ولما وزعت هذه الجمعية صورًا كثيرة من البحث, ذاع وانتشر, فرؤى أن الأوفق فى ذلك هو نشره, حتى يعم الذيوع والانتشار ولكى ياتحق البحث بأصله, فلا ينسبه لنفسه أحد.

 

 

 

ونُشِر هذا البحث فعلاً فى مجلة " روزاليوسف" المصرية, فرد علينا فضيلة مفتى الجمهورية ( شيخ الأزهر حالاً ), ونُشِر رد فضيلته وردنا على الرد فى عدد تالٍ من هذه المجلة, وصدرت بعد ذلك فتوى من لجنة الفتوى بالأزهر فرددنا عليها وفندناها فى بحث نشر فى عدد تالٍ. وإذا كانت مسألة " الحجاب" تدور أساسًا حول ما إذا كان شعر المرأة عورة أم لا. فقد حررنا بحثًا فى هذه المسألة ونشر فى المجلة ذاتها كذلك.

 

 

 

وكان فضيلة المفتى ـ فى رده علينا ـ قد أنكر وجود ما يُسمى بـ " الإسلام السياسى" مع أن هذا التعبير معروف ومنتشر فى كافة أنحاء العالم, ومنها مصر, دلالة على الجماعات التى تخلط الإسلام بالسياسة. وتحول الدين إلى أيديولوجيا, لذلك كان من تمام البحث أن نتصدى لموضوع " الإسلام السياسى" أو الأيديولوجيا الإسلامية ـ ببحث خاص نُشر مستقلاً.

 

 

 

والبحث, أو الحديث عن مسألة " الحجاب " لابد أن يعرج أحاديث ( أو سنة ) النبى لإبتناء فكرة وجوب الحجاب على حديث من هذه الأحاديث . لهذا كان من الأوفق تخصيص دراسة مستقلة عن حجية أحاديث النبى ربما كان من الملائم أن تنشر مع موضوع " الحجاب".

 

 

 

وهكذا, فإن هذا الكتاب ينقسم إلى قسمين: ( أولهما ) عن حقيقة " الحجاب" , ويتضمن البحوث التى نشرت فى مجلة " روزاليوسف" المصرية, والمنوه عنها فيما سلف, ( وثانيهما ) عن حجية الحديث ( سنة النبى ).

 

 

 

والمرجو أن يكون هذا الكتاب إسهامًا فى إلقاء الضوء على مسألة " الحجاب" وما يتصل بها أو يترابط معها من أمور دينية, منها حديث ( أو سنة ) النبى بأقسامها وحجيتها.

 

واله ولى التوفيق.

 

القاهرة فى 8 أكتوبر 1994.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

 

القسم الأول

 

حقيقة الحجاب

 

 

 

(1) الحجاب فى الإسلام

 

 

 

نُشر هذا البحث فى مجلة روزاليوسف المصرية , العدد رقم 3444 بتاريخ 13/6/1994.

 

 

 

مسألة حجاب النساء أصبحت تفرض نفسها على العقل الإسلامى, وعلى العقل غير الإسلامى, بعد أن ركزت عليها بعض الجماعات. واعتبرت أن حجاب النساء فريضة إسلامية, وقال البعض إنها فرض عين, أى فرض دينى لازم على كل إمرأة وفتاة بالغة, ونتج عن ذلك اتهام من لاتحتجب ـ بالطريقة التى تفرضها هذه الجماعات ـ بالخروج عن الدين والمروق من الشريعة. بما يستوجب العقاب الذى قد يُعد أحيانًا عقابًا عن الإلحاد, ( أى الإعدام ) , هذا فضلاً عن إلتزام بعض النساء والفتيات ارتداء ما يقال إنه حجاب فى بلاد غير إسلامية, وفى ظروف ترى فيما هذه البلاد أن هذا الحجاب شعار سياسى وليس فرضًا دينيًا, مما يحدث مصادمات بين المسلمين وغير المسلمين, كما أحدث منازعات بين المسلمين أنفسهم.

 

 

 

فماهى حقيقة الحجاب؟.

 

وما المقصود به؟.

 

وما الأساس الدينى الذى يستند إليه من أنه فريضة إسلامية؟.

 

ولماذا يرى البعض أنه ليس فرضَا دينيًا, وإنما مجرد شعار سياسى؟.

 

 

 

بيان ذلك يقتضى تتبع الآيات القرآنية التى يستند إليها أنصار " الحجاب" لاستجلاء حقيقتها, واستقصاء الغرض منها, ثم بيان الحديث النبوى فى ذلك وتتبع مفهومه ونطاقه, ثم عرض أسلوب الإسلام فى تنفيذ أحكامه.

 

 

 

أولاً: آية الحجاب:

 

الحجاب لغة هو الساتر, وحجب الشئ أى ستره, وإمرأة محجوبة أى إمرأة قد سترت بستر [ لسان العرب, المعجم الوسيط: مادة حجب].

 

والآية القرآنية التى وردت عن حجاب النساء تتعلق بزوجات النبى وحدهن, وتعنى وضع ساتر بينهن وبين المؤمنين.

 

{ يا أيها الذين آمنوا لاتدخلوا بيوت النبى إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه, ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلك كان يؤذى النبى فيستحى منكم والله لايستحى من الحق وإذا سألتموهن ( أى نساء النبى ) متاعًا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهم وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدًا إن ذلكم كان عند الله عظيمًا } [ الأحزاب 33: 53].

 

 

 

هذه الآية تتضمن ثلاثة أحكام:

 

الأول : عن تصرف المؤمنين عندما يدعون إلى الطعام عند النبى.

 

الثانى : عن وضع الحجاب بين زوجات النبى والمؤمنين.

 

الثالث: عن عدم زواج المؤمنين بزوجات النبى بعد وفاته.

 

 

 

وقيل فى أسباب نزول الحكم الأول من الآية { تصرف المؤمنين عندما يدعون إلى الطعام عند النبى }, إنه لما تزوج " زينب بنت جحش" إمرأة زيد اَوْلَم عليها, فدعا الناس, فلما طعموا جلس طوائف منهم يتحدثون فى بيت النبى, وزجه " زينب" مولية وجهها إلى الحائط, فثقلوا على النبى , ومن ثم نزلت الآية تنصح المؤمنين ألا يدخلوا بيت النبى إذا ما دعوا إلى طعام إلا بعد أن ينضج هذا الطعام, فإذا أكلوا فلينصرفوا دون أن يجلسوا طويلاً يتحدثون ويتسامرون. [ تفسير القرطبى ـ طبعة دار الشعب ـ ص 5306].

 

 

 

وقيل فى أسباب نزول الحكم الثانى من الآية ( والخاص بوضع حجاب بين زوجات النبى والمؤمنين) , إن عمر بن الخطاب قال للنبى: " يا رسول الله, إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر, فلو أمرتهن أن يحتجبن ". فنزلت الآية. وقيل إنه إثر ما حدث عند زواج النبى بزينب بنت جحش نزلت الآية بأحكامها ( الثلاثة ) تبين للمؤمنين التصرف الصحيح عندما يدعون إلى طعام فى بيت النبى, وتضع الحجاب بين زوجات النبى والمؤمنين, وتنهى عن الزواج بزوجاته بعد وفاته ( المرجع السابق ), ولاشئ يمنع من قيام السببين معًا.

 

 

 

فالقصد من الآية أن يوضع ستر بين زوجات النبى وبين المؤمنين, بحيث إذا أراد أحد من هؤلاء أن يتحدث مع واحدة من أولئك ـ أو يطلب منها طلبًا ـ أن يفعل ذلك وبينهما ساتر, فلايرى أى منهما الآخر, لا وجهه ولا جسده ولا أى شئ منه.

 

 

 

هذا الحجاب ( بمعنى الساتر ) خاص بزوجات النبى وحدهن, فلا يمتد إلى ما ملكت يمينه ( من الجوارى ) ولا إلى بناته, ولا إلى باقى المؤمنات, وفى ذلك يروى عن أنس بن مالك أن النبى أقام بين خيبر والمدينة ثلاثًا ( من الأيام ) يبنى عليه ( أى يتزوج ) بصفية بنت حُيى, فقال المؤمنون إن حجبها فهى من أمهات المؤمنين ( أى من زوجاته ) وإن لم يحجبها فهى مما ملكت يمينه ( أى من جواريه ) ... فلما ارتحل وطأ " أى مهد" لها خلفه ومد الحجاب ( أى وضع سترًا ) بينها وبين الناس. ( بذلك فهم المؤمنون أنها زوج له وأنها من أمهات المؤمنين وليست مجرد جارية) , ( أخرجه البخارى ومسلم ).

 

 

 

ثانيًا: آية الخمار:

 

أما آية الخمار فهى : { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن } [ سورة النور 24: 31].

 

 

 

وسبب نزول هذه الآية أن النساء كن فى زمان النبى يغطين رؤوسهن بالأخمرة ( وهى المقانع ) ويسدلها من وراء الظهر, فيبقى النحر ( أعلى الصدر ) والعنق لاستر لهما, فأمرت الآية بلى ( أى إسدال ) المؤمنات للخمار على الجيوب, فتضرب الواحدة منهن بخكارها على جيبها ( أعلى الجلباب ) لستر صدرها. [ تفسير القرطبى ـ طبعة دار الشعب ـ ص 4622 ].

 

 

 

فعلة الحكم فى هذه الآية هى تعديل عرف كان قائمًا وقت نزولها, حيث كانت النساء يضعن أخمرة ( أغطية ) على رؤوسهن ثم يسدلن الخمار وراء ظهورهن فيبرز الصدر بذلك, ومن ثم قصدت الآية تغطية الصدر بدلاً من كشفه, ون أن تقصد إلى وضع زى بعينه.

 

 

 

وقد تكون علة الحكم فى هذه الآية ( على الراجح ) هى إحداث تمييز بين المؤمنات من النساء وغير المؤمنات ( اللاتى كن يكشفن عن صدورهن ), والأمر فى ذلك شبيه بالحديث النبوى الموجه للرجال ( احفوا الشوارب وأطلقوا اللحى ) وهو حديث يكاد يجمع كثير من الفقهاء على أن القصد منه قصد وقتى, هو التمييز بين المؤمنين وغير المؤمنين ( الذين كانوا يفعلون العكس فيطلقون الشوارب ويحفون اللحى ).

 

 

 

فالواضح من السياق ـ فى الآية السالفة والحديث السابق ـ أن القصد الحقيقى منهما هو وضع فارق أو علامة واضحة بين المؤمنين والمؤمنات وغير المؤمنين وغير المؤمنات. ومعنى ذلك أن الحكم فى كل أمر حكم وقتى يتعلق بالعصر الذى أريد فيه وضع التمييز وليس حكمًا مؤبدًا ( و سَيَلِى بَيَان أوْفى فى ذلك ).

 

 

 

ثالثًا : آية الجلابيب:

 

أما آية الجلاليب فنصها كالآتى:

 

{ يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن جلاليبهن ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يُؤذين } [ سورة الأحزاب 33: 95].

 

 

 

وسبب نزول هذه الآية أن عادة العربيات ( وقت التنزيل ) كانت التبذل, فكن يكشفن وجوههن كما يفعل الإماء ( الجوارى ). وإذ كن يتبرزن فى الصحراء قبل أن تتخذ الكُنف ( دورات المياه ) فى البيوت, فقد كان بعض الفجار من الرجال يتعرضون للمؤمنات على مظنة أنهن من الجوارى أو من غير العفيفات, وقد شكون ذلك للنبى ومن ثم نزلت الآية لتضع فارقًا وتمييزًا بين " الحرائر" من امؤمنات وبين الإماء وغير العفيفات هو إدناء المؤمنات لجلابيبهن, حتى يُعرفن فلا يؤذين بالقول من فاجر يتتبع النساء دون أن يستطيع التمييز بين الحرة والجارية أو غير العفيفة. [ المرجع السابق ص 5325 , 5326 ].

 

 

 

فعلَّة الحكم فى هذه الآية أو القصد من إدناء الجلابيب أن تعرف الحرائر من الإماء والعفيفات من غير العفيفات, حتى لا يختلط الأمر بينهن ويُعرَفن, فلا تتعرض الحرائر للإيذاء وتنقطع الأطماع عنهن, والدليل على ذلك أن عمر بن الخطاب كان إذا رأى أمة قد تقنعت أو أدنت جلبابها عليها, ضربها بالدرة محافظة على زى الحرائر [ ابن تيمية ـ حجاب المرأة ولباسها فى الصلاة ـ تحقيق محمد ناصر الدين الألبانى ـ المكتب الإسلامى ص 37].

 

 

 

وقد اختلف الفقهاء فى معنى إدناء الجلابيب على تفصيل لا محل له, والأرجح أن المقصود به ألا يظهر جسد المرأة.

 

 

 

وإذا كانت القاعدة فى علم أصول الفقه أن الحكم يدور مع العلة وجودًا وعدمًا, فإن وُجِد الحكم وُجِدَت العلة, وإذا انتفت العلة انتفى ( أى رُفِع ) الحكم, إذ كانت القاعدة كذلك, فإن علة الحكم المذكور فى الآية ـ وهى التمييز بين الحرائر والإماء ـ قد انتفت لعدم وجود إماء " جوارى" فى العصر الحالى, وانتفاء ضرورة قيام تمييز بينهما, ولعدم خروج المؤمنات إلى الخلاء للتبرز وإيذاء الرجال لهن, ونتيجة لانتفاء علة الحكم فإن الحكم نفسه ينتفى ( أى يرتفع ) فلا يكون واجب التطبيق شرعًا.

 

 

 

حديث النبى ( ص):

 

واضح مما سلف أن الآيات المشار إليها لاتفيد وجود حكم قطعى بارتداء المؤمنات زيًا معينًا على الإطلاق وفى كل العصور, ولو أن آية من الآيات الثلاث الآنف ذكرها تفيد هذا المعنى ـ على سبيل القطع واليقين ـ لما كانت هناك ضرورة للنص على الحكم نفسه مرة أخرى فى آية أخرى, فتعدد الآيات يفيد أن لكل منها قصدًا خاصًا وغرضًا معينًا يختلف عن غيره, لأن المشرع العادى منزه عن التكرار واللغو فما البال بالشارع الأعظم؟!.

 

 

 

ومن أجل ذلك, فقد روى حديثان عن النبى يستند إليهما فى فرض غطاء الرأس ( الذى يسمى خطأ الحجاب ) فقد رُوى عن عائشة عن النبى أنه قال: { لايحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر إذا عركت ( بلغت ) أن تظهر إلا وجهها ويديها إلى هاهنا } وقبض على نصف الذراع. ورُوى عن أبى داود عن عائشة أن أسماء بنت أبى بكر دخلت على رسول الله فقال لها :{ يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يُرى فيها إلا هذا, وأشار إلى وجهه وكفيه}.

 

 

 

ويُلاحظ على هذين الحديثين أنهما من أحاديث الآحاد لا الأحاديث المجمع عليها, أى المتواترة أو الأحاديث المشهورة, وفى التقدير الصحيح أن أحاديث الآحاد أحاديث للإسترشاد والاستئناس, لكنها لا تنشئ ولا تلغى حكمًا شرعيًا, ومن جانب آخر, فإنه رغم رواية الحديثين عن واحدة ـ هى عائشة زوج النبى ـ فإنه قد وقع تناقض بينهما, ففى الحديث الأول قيل إن النبى قبض على نصف ذراعه عندما قال الحديث, بما يفيد أن الجائز للمؤمنة البالغة أن تُظهر وجهها ونصف ذراعها ( بما فى ذلك الكفين ) بينما قصر الحديث الثانى الإجازة على الوجه والكفين وحدهما ( دون نصف الذراع ), ومن جانب ثالث, فقد ورد الحديث الأول بصيغة الحلال والحرام, بينما جاء الحديث الثانى بصيغة الصلاح " لايصلح للمرأة إلا كذا" , وفارق ما بين الإثنين كبير, ذلك أن الحلال والحرام يدخل فى نطاق الحكم الشرعى, فى حين أن " الصلاح" يتعلق بالأفضل والأصلح فى ظروف اجتماعية معينة.

 

 

 

ومع هذا الاختلاف البين بين الحديثين, فإنهما يثيران مسألة وقتية الأحكام, أى تأقيت الحكم فى حديث شريف معين, بوقت بذاته وعصر محدد, ذلك أن بعض الفقهاء يرى أنه فيما صدر عن النبى حتى من تشريعات ـ ما يفيد أنه تشريع زمنى ـ روعيت فيه ظروف العصر. فقد يأمر النبى بالشئ أو ينهى عنه فى حالة خاصة لسبب خاص, فيفهم الصحابة ( أو الناس) أنه حكم مؤبد بينما هو فى الحقيقة حكم وقتى.

 

 

 

وقد كان لعدم الفصل بين النوعين من الأحكام: المؤبد والوقتى أثر كبير فى الخلاف بين الفقهاء. فقد يرى بعضهم حكمًا للرسول يظن أنه شرع عام أبدى لا يتغير بينما يراه الآخر صادرًا عنه لعلة وقتية, وأنه حكم جاء لمصلحة خاصة قد تتغير على الأيام ( عبد الوهاب خلاف ـ مصادر التشريع مرنة ـ مجلة القانون والاقتصاد ـ عدد أبريل / مايو سنة 1944 ص 359, و محمد مصطفى شلبى ـ تعليل الأحكام ـ طبعة سنة 1949, ص 28).

 

 

 

وأخذًا بهذا النظر, فإن جاء فى الحديثين المنوه عنهما, وخاصة ذلك الحديث الذى ورد بلفظ " الصلاح" , أقرب إلى أن يكون حكمًا وقتيًا يتعلق بظروف العصر وليس حكمًا مؤبدًا بحال من الأحوال, يؤيد هذا النظر ما أنف شرحه من أن آية الخمار قد قصدت تعديل عرف جار والتمييزـ غالبًا ـ بين المؤمنات وغير المؤمنات, كما أن آية الجلابيب قد قصدت التمييز بين الحرائر والإماء أو بينهن ( أى الحرائر العفيفات) وبين غير العفيفات.

 

 

 

أسلوب القرآن فى تنفيذ الأحكام:

 

ومهما يكن الرأى, فإن أسلوب القرآن ونهج الإسلام هو عدم الإكراه على تنفيذ أى حكم من أحكامه, حتى أحكام الحدود ( العقوبات) , وأنما يكون التنفيذ دائمًا بالقدوة الحسنة والنصيحة اللطيفة والتواصى المحمود.

 

 

 

ففى القرآن: { لا إكراه فى الدين } [ سورة البقرة 256] . وإذا كان الأصل أن لا إكراه فى الدين ذاته, فلا إكراه ـ من باب أولى ـ فى تطبيق أى حكم من أحكامه أو تنفيذ أى فريضة من فرائضه, أنما تكون نتيجة عدم التطبيق وعدم التنفيذ إثمًا دينيًا, وهو أمر يتصل بالعلاقة بين الإنسان وربه, وحتى فى الحدود فإن القاعدة فيها أن لا حد على تائب, ومعنى ذلك أن الحد لا يقام على من يُعلن التوبة وإنما يُقام على من يرفض ذلك ويصر على توقيع العقوبات عليه. وفى تصرف النبى إثر رجم أحد الزناة ما يفيد أنه إذا أراد الجانى أن يفر من تطبيق العقوبة فعلى الجماعة ( المجتمع ) أن تمكنه من ذلك, أى أن الحدود لا تقام إلا بإرادة الجانى, وبقصد تطهيره إن رغب هو فى التطهر.

 

 

 

فإذا كان ذلك هو الأساس فى الإسلام, والقاعدة فى القرآن, فإنه لا يجوز إكراه أى امرأة أو فتاة على ارتداء زى معين, سواء كان الإكراه ماديًا باستعمال العنف أم كان معنويًا بالتهديد بالعنف أو الإتهام بالكفر, ويكون المكره فى هذه الحالة آثمًا لاتباعه غير سبيل الإسلام, وانتهاجه غير نهج القرآن.

 

 

 

وقد كان من نتيجة الإكراه, والتلويح بالإكراه, على تغطية النساء رؤوسهن بغطاء يُسمى خطأ بالحجاب ( مع أن الحجاب شئ آخر كما سلف البيان ) كان من نتيجة ذلك أن وُضعت بعضهن هذا الغطاء رياء و رءاء, وأحيانًا أخرى مع وضع الأصباغ والمساحيق على الوجه بصورة تتنافى مع معنى الحجاب, وقد يحدث مع ارتداء ما يسمى بالحجاب أن تقف به سيدة أو فتاة فى المراقص العامة أو النوادى الليلية وهى تخاصر رجلاً أو فتى تراقصه على الملأ, أو قد تسير أو تجلي معه فى طريق مظلم أو مكان موحش دون وجود أى محرم.

 

 

 

إن الحجاب الحقيقى هو منع النفس عن الشهوات وحجب الذات عن الآثام, دون أن يرتبط ذلك بزى معين أو بلباس خاص, غير أن الاحتشام و عدم التبرج فى الملبس و المظهر أمر مطلوب يقره كل عاقل و تتمسك به أى عفيفة.

 

 

 

الخلاصة:

 

يُخلص من ذلك:

 

الحجاب يعنى وضع ساتر معين, وهو فى القرآن يتعلق بوضع ستر بين زوجات النبى ـ وحدهن ـ وبين المؤمنين, بحيث لا يرى المؤمن من يتحدث إليها من أمهات المؤمنين ولا هى تراه.

 

الخمار كان وقت التنزيل عرفًا تضع النساء بمقتضاه مقانع ( أغطية ) على رؤوسهن ويرسلنها وراء ظهورهن فتبدو صدورهن عارية, ومن ثم فقد نزل القرآن بتعديل هذا العرف بحيث تضرب المؤمنات بالخمار على جيوبهن ليخفين صدورهن العارية ويتميزن بذلك من غير المؤمنات.

 

إدناء الجلابيب كان أمرًا بقصد التمييز بين النساء المؤمنات الحرائر وبين الإماء منهن أو بين العفيفات وغير العفيفات, وإذا انتفت علة هذا التمييز لعدم وجود إماء فى الوقت الحاضر فإنه لم يعد ثم محل لتطبيق الحكم.

 

حديث النبى عن الحجاب ( بالمفهوم الدارج حالاً) هو من أحاديث الأحاد التى يسترشد ويستأنس بها, وهو أدنى إلى أن يكون أمرًا مقتيًا يتعلق بظروف العصر لتمييز المؤمنات عن غيرهن, أما الحكم الدائم فهو الإحتشام وعدم التبرج.

 

 

 

 

 

الحجاب دعوى سياسية:

 

الحجاب ـ بالمفهوم الدارج حالاً ـ شعار سياسى وليس فرضًا دينيًا ورد على سبيل الجزم والقطع واليقين والدوام, فى القرآن الكريم أو فى السنة النبوية. لقد فرضته جماعات الإسلام السياسى ـ أصلاً ـ لتميز بعض السيدات والفتيات المنضويات تحت لوائهم عن غيرهن من المسلمات وغير المسلمات, ثم تمسكت هذه الجماعات به كشعار لها, وأفرغت عليه صبغة دينية, كما تفعل بالنسبة للبس الرجال للجلباب أو الزى الهندى و " الباكستانى", زعمًا بأنه زى إسلامى, وهذه الجماعات ـ فى واقع الأمر ـ تتمسك بالظواهر دون أن تتعلق بالجواهر, وتهتم بالتوافه من المسائل والهوامش من الأمور, ولا تنفذ إلى لب الحقائق وصميم الخلق و أصل الضمير, وقد سعت هذه الجماعات إلى فرض ما يسمى بالحجاب ـ بالإكراه والإعنات ـ على نساء وفتيات المجتمع كشارة يظهرون بها انتشار نفوذهم وامتداد نشاطهم وازدياد أتباعهم, دون الاهتمام بأن يعبر المظهر عن الجوهر, وأن تكون هذه الشارة معنى حقيقيًا للعفة و الاحتشام وعدم التبرج.

 

 

 

وقد ساعدهم على انتشار ما يسمى بالحجاب بعض عوامل منها عامل اقتصادى هو ارتفاع أسعار تجميل الشعر وتصفيفه, وازديادها عن مستوى قدرة أغلب الناس. والدليل على أن للعامل الاقتصادى أثرًا فى انتشار ما يسمى بالحجاب, أن هذا العامل ذاته هو الذى يدفع كثيرًا من النساء والفتيات إلى العمل ـ فى الغالب ـ للحصول على موارد مالية أو لزيادة إيراد الأسرة مع أن جماعات الإسلام السياسى تدعى أن عمل المرأة حرام. فالعامل الاقتصادى ـ فى غالب الأحيان ـ هو الذى دفع المرأة إلى العمل رغم الزعم بتحريمه, وهو الذى دفع كثيرًا من النساء والفتيات إلى وضع غطاء للرأس, وإن كان مزركشًا وخليعًا, كأنما الشعر وحده هو العورة لابد أن تستر ثم تكون بعد ذلك غطاء لأى تجاوز أو فجور.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

Link to comment
Share on other sites

 

( 2) بل الحجاب فريضة إسلامية

 

لفضيلة الدكتور

 

" محمد سيد طنطاوى"

 

مفتى الجمهورية

 

 

 

نُشر هذا الرد فى مجلة "روزاليوسف" المصرية, العدد رقم 3446 بتاريخ 27/6/1994.

 

 

 

1ـ كتب سيادة الأستاذ المستشار سعيد العشماوى, مقالاً عنوانه: " الحجاب ليس فريضة إسلامية" بمجلة " روزاليوسف" العدد 3444 بتاريخ 4 من المحرم سنة 1415 هـ الموافق 13 يونيو 1994م بدأه سيادته بقوله: " مسألة حجاب النساء, أصبحت تفرض نفسها على العقل الإسلامى, وعلى العقل غير الإسلامى بعد أن ركزت عليها بعض الجماعات, واعتبرت أن حجاب النساء فريضة إسلامية, وقال البعض: إنها فرض عين .. إلخ".

 

 

 

ثم استشهد سيادته بعد ذلك على ما ذخب إليه, من أن الحجاب ليس فريضة إسلامية, ببعض الآيات القرآنية فقال: " أولاً : آية الحجاب, والحجاب لغة الساتر, وحجب الشئ أى : ستره, وامرأة محجوبة, أى امرأة قد سُتِرَتْ بستر".

 

 

 

" والآية القرآنية التى وردت عن حجاب النساء, تتعلق بزوجات النبى وحدهن, وتعنى وضع ساتر بينهن وبين المؤمنين: { يا أيها الذين آمنوا لاتدخلوا بيوت النبى إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذى النبى فيستحى منكم والله لايستحى من الحق وإذا سألتموهن متاعًا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن .. } [ الآية 53 من سورة الأحزاب ].

 

 

 

وبعد أن ذكر سيادته أن هذه الآية تتضمن ثلاثة أحكام قال ما نصه: " فالقصد من الآية أن يوضع ستر بين زوجات النبى وبين المؤمنين, بحيث إذا أراد أحد من هؤلاء أن يتحدث مع واحدة من أولئك ـ أو يطلب منها طلبًا ـ أن يفعل ذلك وبينهما ساتر, فلايرى أى منهما الآخر, لا وجهه ولا جسده ولا أى شئ منه. هذا الحجاب بمعنى الساتر خاص بزوجات النبى وحدهن, فلا يمتد إلى ما ملكت يمينه ( من الجوارى ) ولا إلى بناته, ولا إلى باقى المؤمنات, ... إلخ".

 

 

 

2 ـ والذى أراه أن تخصيص هذا الحجاب بزوجات النبى وحدهن كما يرى سيادته ليس صحيحًا لأن حكم نساء المؤمنين فى ذلك, كحكم زواج النبى, لأن المسألة تتعلق بحكم شرعى يدعو إلى مكارم الأخلاق, وما كان كذلك لا مجال معه للتخصيص, ولأن قوله ـ تعالى ـ : { ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن } علَّة عامة, تدل عل تعميم الحكم, إذ جميع الرجال والنساء فى كل زمان ومكان فى حاجة إلى ما هو أطهر للقلوب وأعف للنفوس.

 

 

 

ولذا قال بعض العلماء: قوله تعالى: { ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن } قرينة واضحة على إرادة تعميم الحكم, إذ لم يقل أحد من العقلاء, إن غير أزواج النبى لاحاجة بهن إلى أطهرية قلوبهن, وقلوب الرجال من الريبة منهن.

 

 

 

فالجملة الكريمة فيها الدليل الواضح على أن وجوب الحجاب, حكم عام فى جميع النساء, وليس خاصًا بأمهات المؤمنين, وإن كان أصل اللفظ خاصًا بهن, لأن عموم علته دليل على عموم الحكم فيه. [ تفسير أضواء البيان ج 6 ص 46] وفضلاً عن كل ذلك, فإن الإمام القرطبى ـ الذى جعله سيادته مرجعًا له فى معظم مقاله ـ قد صرح بذلك عند تفسيره للآية ذاتها فقال :" المسألة التاسعة: فى هذه الآية دليل على أن الله أذن فى مسألتهن من وراء حجاب, فى حاجة تعرض, أو مسألة يُستفتين فيها, ويدخل فى ذلك جميع النساء بالمعنى, وبما تضمنته أصول الشريعة" [ تفسير القرطبى ص 14, ص227, طبعة وزارة الثقافة 167] والخلاصة : أن تخصيص الحجاب فى هذه الآية الكريمة بأزواج النبى غير صحيح, ولا دليل عليه لا من النقل ولا من العقل.

 

 

 

3ـ ثم قال سيادته: " ثانيًا : آية الخمار. أما آية الخمار فهى : { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن } [ سورة النور 24: 31]. وسبب نزول هذه الآية, ومعنى قوله ـ سبحانه ـ " وليضربن بخمرهن على جيوبهن" وأن معناه: يغطين رؤوسهن بالأخمرة ـ وهى المقانع ـ ويسدلنها من وراء الظهر, فأمرت الآية بستر العنق والصدر, بعد كل ذلك قال سيادته:

 

 

 

" فعلة الحكم فى هذه الآية, هى تعديل كان قائمًا وقت نزولها, حيث كانت النساء يضعن أخمرة على رؤوسهن , ثم يسدلن الخمار وراء ظهورهن, فيبرز الصدر بذلك, ومن ثم قصدت الآية تغطية الصدر بدلاً من كشفه, دون أن تقصد إلى وضع زى بعينه ..".

 

 

 

4ـ وتعليقى على هذا القول أن سيادته استشهد على ما يريده بالجملة الأخيرة مما ذكره من الآية الكريمة, وترك تفسير ما قبلها وما بعدها, مع أن محل الشاهد على الحجاب هو قوله ـ تعالى ـ قبل هذه الجملة مباشرة : { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها }.

 

 

 

ومعنى الآية الكريمة إجمالاً: وقل ـ أيها الرسول الكريم ـ للمؤمنات ـ أيضًا ـ بأن من الواجب عليهن, أن يغضضن أبصارهن عن النظر إلى ما لايحل لهن, وأن يحفظن فروجهن من كل ما نهى الله ـ تعالى ـ عنه, ولا يظهرن شيئًا من زينتهن سوى الوجه والكفين لغير أزواجهن أو محارمهن .. فحمل الشاهد على الحجاب ـ وعلى أن المرأة البالغة لا يجوز لها شرعًا أن تظهر شيئًا من زينتها, سوى الوجه والكفين ـ لغير زوجها أو محارمها ـ هو قوله ـ تعالى ـ : { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها }.

 

 

 

و الإمام القرطبى الذى استشهد سيادته ببعض كلامه هنا, قد فسر هذه الآية فى ثلاث عشرة صفحة, وساق خلال خلال تفسيره لها ثلاثًا وعشرين مسألة, وقال فى المسألة الثالثة: " أمر الله النساء بألا يبدين زينتهن للناظرين, إلا ما استثناه من الناظرين فى باقية الآية, حذرًا من الافتنان, ثم استثنى ما يظهر من الزينة, واختلف الناس فى قدر ذلك .. فقال سعيد بن جبير وعطاء والأوزاعى : الوجه والكفان ...

 

 

 

ثم قال : ولما كان الغالب من الوجه والكفين ظهورهما عادة وعبادة , وذلك فى الصلاة والحج, فيصلح أن يكون الإستثناء ـ فى قوله ـ تعالى: { إلا ما ظهر منها }, راجعًا إليهما, يدل ذلك على ما رواه أبو داود عن عائشة: " أن أسماء بنت أبى بكر دخلت على رسول الله وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله وقال لها: يا أسماء, إن المرأة إذا بلغت المحيض ل صرى منها إلا هذا, وأشار إلى وجهه وكفيه. فهذا أقوى فى جانب الاحتياط, ولمراعاة فساد الزمان, فلا تبدى المرأة من زينتها إلا ما ظهر من وجهها وكفيها". [ راجع تفسير القرطبى,ج 12 ص 226 وما بعدها ].

 

 

 

والخلاصة: أن قوله ـ تعالى ـ :{ وليضربن بخمرهن على جيوبهن } هو بيان لكيفية إخفاء بعض مواضع الزينة بالنسبة للمرأة, بعد النهى عن إبدائها فى قوله ـ تعالى ـ قبل ذلك: { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها }. والمعنى: وعلى النساء المؤمنات ألا يظهرن شيئًا من زينتهن سوى الوجه والكفين. وعليهن كذلك أن يسترن رؤوسهن وأعناقهن وصدورهن بخمرهن, حتى لا يطلع أحد من الأجانب على شئ من ذلك, فالآية الكريمة بكاملها, من أصرح الآيات القرآنية فى الأمر بالتستر والاحتشام بالنسبة للنساء, وفى النهى عن إبداء شئ من زينتهن سوى الوجه والكفين.

 

 

 

5 ـ ثم قال سيادته: " أما آية الجلاليب فنصها كالآتى: { يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن جلاليبهن ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يُؤذين } [ سورة الأحزاب 33: 59]".

 

 

 

وبعد أن ذكر سيادته سبب نزول الآية, ومن أنها نزلت لتضع فارقًا و تمييزًا بين الحرائر والإماء, قال: " فعلَّة الحكم فى هذه الآية أو القصد من إدناء الجلابيب ـ وهى الأثواب التى تستر جميع البدن ـ أن تعرف الحرائر من الإماء والعفيفات من غير العفيفات, حتى لا يختلط الأمر بينهن ويُعرَفن, فلا تتعرض الحرائر للإيذاء وتنقطع الأطماع عنهن , ...".

 

 

 

ثم قال سيادته: " وإذا كانت القاعدة فى علم أصول الفقه أن الحكم يدور مع العلة وجودًا وعدمًا, فإن وُجِد الحكم وُجِدَت العلة, وإذا انتفت العلة انتفى ( أى رُفِع ) الحكم, إذ كانت القاعدة كذلك, فإن علة الحكم المذكور فى الآية ـ وهى التمييز بين الحرائر والإماء ـ قد انتفت لعدم وجود إماء " جوارى" فى العصر الحالى, وانتفاء ضرورة قيام تمييز بينهما .... ونتيجة لانتفاء علة الحكم فإن الحكم نفسه ينتفى ( أى يرتفع ) فلا يكون واجب التطبيق شرعًا".

 

 

 

6 ـ والذى أراه أن تفسير الآية الكريمة بهذه الصورة التى ذكرها سيادته, والنتائج التى استخلصها, بعيد عن الصواب, لأن الآية الكريمة واضحة فإنها تأمر النبى بأن يأمر أزواجه وبناته ونساء المؤمنين بالتزام الاحتشام والتستر فى جميع أحوالهن ..

 

 

 

وقوله سبحانه: { ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين } بيان للحكمة من الأمر بالتستر والاحتشام, أى ذلك التستر والاحتشام والإدناء عليهن من جلابيبهن الساترة لأجسامهن, يجعلهن أدنى وأقرب إلى أن يُعرَفن عن غيرهن من الإماء, فلا يؤذين من جهة من فى قلوبهم مرض.

 

 

 

وقد جرت العادة أن الإماء أو الخدم بطبيعتهن يكثر خروجهن وترددهن على الأسواق وغيرها, نظرًا لحاجتهن إلى ذلك بخلاف غيرهن من النساء.

 

 

 

ومع ذلك فالمحققون من المفسرين, يرون أن المراد بنساء المؤمنين هنا ما يشمل الحرائر والإماء, وأن الأمر بالتستر يشمل الجميع, فقد قال الإمام أبو حيان فى [ تفسيره البحر المحيط ج7 , ص 250]: " والظاهر أن قوله { ونساء المؤمنين } يشمل الحرائر والإماء, والفتنة, بالإماء أكثر, لكثرة تصرفهن, بخلاف الحرائر, فيحتاج إخراجهن ـ أى الإماء ـ من عموم النساء إلى دليل واضح, ولا دليل هنا ..".

 

 

 

وهذا الذى ذكره الإمام أبو حيان هنا من أن المراد بنساء المؤمنين , ما يشمل الحرائر والإماء, هو الذى تطمئن إليه النفس, ويرتاح له العقل, لأن التستر التام مطلوب لجميع النساء, لافرق فى ذلك بين امرأة وأخرى, سواء أكانت مخدومة أم خادمة.

 

 

 

والخلاصة: أن ما ذهب إليه سيادته من تفسير للآية, ومن استشهاد بعلم أصول الفقه, لانرى محلاً له, لأن الآية واضحة الدلالة فى أمر النبى بأن يأمر زوجاته وبناته وسائر نساء المؤمنين, بالتستر والاحتشام, لأن ذلك أدعى لصيانتهن, من أن تمتد إليهن عيون المنافقين بالسوء.

 

 

 

7 ـ ثم قال سيادته ـ بعد أن ذكر حديثين عن السيدة عائشة ـ :" ويُلاحظ على هذين الحديثين أنهما من أحاديث الآحاد لا الأحاديث المجمع عليها, أى المتواترة أو الأحاديث المشهورة, وفى التقدير الصحيح أن أحاديث الآحاد أحاديث للإسترشاد والاستئناس, لكنها لا تنشئ ولا تلغى حكمًا شرعيًا ..."

 

 

 

8 ـ وأقول: بل التقدير الصحيح أن أحاديث الآحاد, حجة يجب اتباعها والعمل بها.

 

وفضيلت الأستاذ الشيخ عبد الوهاب خلاف الذى استشهد به سيادته هنا, هو القائل فى كتابه [ علم أصول الفقه ص 43 ـ طبعة دار القلم بالكويت] : " وكل سُنَّة من أقسام السنن الثلاث: المتواترة, والمشهورة, وسنن الآحاد, حجة واجب اتباعها والعمل بها. أما المتواترة, فلأنها مقطوع بصدورها وورودها عن رسول الله, وأما المشهورة أو سنة الآحاد, بما توافر فى الرواة من العدالة وتمام الضبط والإتقان, ورجحان الظن كافٍ فى وجوب العمل ..".

 

 

 

وبناءٍ على كل ذلك يجب العمل بالحديثين اللذين وردا عن السيدة عائشة وأولهما تقول فيه :" قال رسول الله : لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر, إذا عركت ـ أى بلغت ـ أن تُظهر إلا وجهها ويديها هاهنا".

 

 

 

والثانى تقول فيه:" إن اسماء بنت أبى بكر, دخلت على رسول الله وعليها ثياب رقاق, فقال لها: يا أسماء: يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يُرى فيها إلا هذا, وأشار إلى وجهه وكفيه".

 

 

 

والخلاصة: إن أحاديث الآحاد يجب اتباعها والعمل بها, ولا مجال هنا لتفصيل القول فى ذلك.

 

 

 

9 ـ ثم قال سيادت: " ومهما يكن الرأى, فإن أسلوب القرآن ونهج الإسلام هو عدم الإكراه على تنفيذ أى حكم من أحكامه, حتى أحكام الحدود ( العقوبات) , وأنما يكون التنفيذ دائمًا بالقدوة الحسنة والنصيحة اللطيفة والتواصى المحمود ...".

 

 

 

ثم قال سيادته: " الحجاب ـ بالمفهوم الدارج حالاً ـ شعار سياسى وليس فرضًا دينيًا ورد على سبيل الجزم والقطع واليقين والدوام, فى القرآن الكريم أو فى السنة النبوية. لقد فرضته جماعات الإسلام السياسى ـ أصلاً ـ لتميز بعض السيدات والفتيات المنضويات تحت لوائهم عن غيرهن.."

 

 

 

10ـ وأقول: نعم إن الإكراه والقسر وتعدى الحدود ما قال به عاقل, ولكن الذى قال به العقلاء هو بيان الحكم الشرعى للأمور بيانًا واضحًا, خاليًا من التأويل السقيم, ومن التفسير المنحرف عن الحق. وإن الحجاب ـ بمعنى أن تستر المرأة المسلمة جميع ما أمر الله بستره من بدنها, سوى الوجه والكفين ـ هو فرض دينى ورد على سبيل الجزم والقطع واليقين والدوام, فى القرآن الكريم, وفى السنة النبوية الشريفة, وليس شعارًا سياسيًا فرضته جماعات الإسلام السياسى أو غبرها, وإنما الذى فرضه هو الله تعالى ورسوله محمد. وأنا شخصيًا لا أعرف شيئًا اسمه " الإسلام السياسى" , وإذا قال الله تعالى : { ولا يبدين من زينتهن إلا ما ظهر منها }, فيجب على كل مسلم ومسلمة, يؤمنان بالله واليوم الآخر إيمانًا حقًا أن يقولا سمعنا وأطعنا.

 

 

 

وإذا قال النبى:" إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يُرى فيها إلا هذا, وأشار إلى وجهه وكفيه". وجب على كل مسلم ومسلمة أن يقولا سمعنا وأطعنا امتثلاً لقوله سبحانه: { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً }. [ سورة الأحزاب الآية 36 ].

 

 

 

وإن كل مسلمة بالغة لا تلتزم بستر ما أمر الله تعالى بستره مهما كان شأنها ومهما كانت صفتها هى آثمة وعاصية لله تعالى وأمرها بعد ذلك مفوض إليه ـ سبحانه ـ وحده ونسأله ـ عز وجل ـ أن يرزقنا جميعًا السداد والإخلاص فى القول والعمل.

 

محمد سيد طنطاوى

 

19/6/1994.

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

 

(3) لا ليس الحجاب فريضة إسلامية

 

 

 

نُشر هذا الرد فى مجلة " روزاليوسف" المصرية العدد رقم 3446 بتاريخ 27/6/1994 عدا الفقرة الثانية.

 

 

 

أهلاً بالسجال مع فضيلة المفتى!

 

 

 

لقد تساجلنا مرة من قبل بشأن عقد إجارة الأماكن. ذلك أن فضيلته كتب مقالاً فى جريدة الأهرم ـ بتاريخ 10/4/1994 ـ ذكر فيه أن شريعة الإسلام لا تجيز امتداد عقود إجارة الأماكن لأكثر من ثمان أو عشر سنوات, كما لاتبيح تحديد الأجرة بواسطة المشرع. واقترح فضيلته تطبيقًا لحكم الإسلام ـ كما يراه ـ أن يصدر المشرع المصرى قانونًا يمنح فيه مهلة للمستأجرين مدة خمس سنوات أو أكثر أو أقل ينتهى بعدها عقد الإيجار ويكون على المستأجر أن يبحث عن مسكن جديد يتفق مع المؤجر على أجره بعيدًا عن تدخل القانون. وقد استند فضيلته فى رأيه بتأقيت عقود الإيجار وعدم جواز امتدادها إلى الآية الكريمة: { قال إنى أريد أن أنكحك إحدى ابنتى هاتين على أى تأجرنى ( أى تعمل لدى ) ثمان حجج ( أى سنين) فإن أتممت عشرًا فمن عندك } [ سورة القصص 28: 27 ]. وقد رددنا عليه بمقال ننفى فيه أن شريعة الإسلام تقضى بتأقيت عقود إجارة الأماكن وترفض تدخل المشرع لتحديد الأجرة عند اختلال العرض والطلب. وبينا أن الآية التى يعتمد عليها فضيلة المفتى وردت فى سياق قصة موسى فهى رواية وليست حكمًا, كما أنها تتعلق بعقد إجارة الأشخاص ( عقد العمل) لا عقد إجارة الأماكن, ثم أوضحنا الأصل فى حق المشرع ( ولى الأمر ) فى أن يتدخل بتسعير السلع والخدمات إذا ما اختل العرض والطلب حتى لايقضى على ملايين الأسر المستأجرة بالتشريد فى الطرقات.

 

 

 

ولم تنشر جريدة الأهرام ردنا هذا, ونشرته جريدة الأهالى فى 22/6/1994. كان ذلك هو السجال الأول, وهذا هو السجال الثانى.

 

 

 

فلقد كنا نشرنا فى مجلة روزاليوسف مقالاً عن الحجاب فى الإسلام اعترض عليه فضيلته بمقاليقول " بل الحجاب فريضة إسلامة" وها هو الرد على مقال فضيلة المفتى.

 

 

 

أولاً: تعرضنا لمسألة الحجاب فى الإسلام بطريقة منهجية نظامية تعرض الآيات القرآنية التى تستخدم فى هذه المسألة ثم تطرقنا لحديث الرسول لكى ننتهى إلى وجهة النظر.

 

 

 

وكانت الآية الأولى التى عرضناها هى: آية الحجاب [ سورة الأحزاب 53] وأوردنا الآية نصًا وفيها خطاب للمؤمنين { وإذا سألتموهن " أى نساء النبى" متاعًا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن ... } ثم بينا أن لفظ الحجاب لغة ـ وعرفًا أيام التنزيل ـ هو الساتر والمرأة المحجوبة هى المرأة المستورة بستر [ لسان العرب, المعجم الوسيط: مادة حجب ]. ومفاد ذلك أن آية الحجاب بصريح معنى لفظ الحجاب و وقفًا على أسباب التنزيل و طبقًا للسياق المستفاد من كل الآية. خاصة بنساء النبى تقصد وضعهن وراء ستار, فلا هُن يرين المؤمنين ولا المؤمنون يرونهن. هذا هو الثابت من تصرفات النبى مع زوجاته بعد نزول هذه الآية " كما سلف بيانه فى مقالنا الأول".

 

 

 

معنى ذلك أن الآية لا تتصل من قريب أو بعيد بوضع غطاء على رأس النساء المؤمنات. وتسمية هذا الغطاء ـ خطأ ـ باسم الحجاب ثم تعليله بالآية المنوه عنها أمر ليس من الدين فى شئ, بل هو اعتساف فى تمس حكم شرعى لما لا حكم فيه وبآية لا تفيد ذلك أبدًا, وهذا المعنى الصحيح الصريح من نص الآية المذكورة وشروح المفسرين عليها ومقالنا السابق, هذا المعنى غاب عن رد فضيلة المفتى فخلط بين الحجاب الذى يعنى الساتر بالمعنى العلمى والحجاب الذى يطلق على غطاء الرأس فى القول الدارج ثم دعا إلى تعميم الحكم على كل نساء المؤمنين فى كل عصر ومصر. وبذلك وقع فيما يقوله غلاة المتطرفين من أن المرأة ـ متى بلغت ـ صارت عورة ينبغى سترها عن الرجال تمامًا, وستار العصر الحالى هو حجزها فى البيت " وهو ستائر من حجارة" ومنعها من رؤية الرجال أو رؤية الرجال لها, فإن خرجت من المنزل لضرورة قصوى ففى قناع من الرأس حتى القدم لايُبدى منها شيئًا ابدًا.

 

 

 

فهل هذا ما يريده فضيلة المفتى ؟, وهل يتصور أن كلامه يبرر مقولات الغلاة والمتشددين, ويعطيهم السند الشرعى والحجة القانونية؟, وهل هذا ما يريده لنساء وفتيات مصر: أن يحتجبن " يُسترن" فى البيوت فلا يرين أحدًا من الرجال ولا يراهن أحد. لايخرجن ولا يعملن ولا يشاركن فى الحياة العامة إطلاقًا!. وكيف تكون مصر آنئذ؟, وماذا يقول العالم عنا وعن الإسلام؟!.

 

 

 

أما استدلال فضيلته بما قال القرطبى ـ الذى استند إلى تفسيره ـ فى المسألة التاسعة تعليقًا على الآية المنوه عنها ( آية الحجاب ) فهو ما يلى نصًا:" فى هذه الآية دليل على أن الله تعالى أذن فى مسألتهن من وراء حجاب فى حاجة تعرض أو مسألة يستفتى فيها ويدخل فى ذلك جميع النساء بالمعنى, وبما تصمنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة بدنها وصوتها .. فلا يجوز كشف ذلك إلا لحاجة كالشهادة عليها أو داء يكون ببدنها أو سؤالها عما يعرض وتعين عندها " [ تفسير القرطبى ـ طبعة دار الشعب ـ ص 5309 ], فرأى القرطبى فى هذه المسألة هو رأى أهل عصره, من أن المرأة كلها عورة, بدنها وصوتها, وهو قول غلاة المتطرفين فى العصر الحالى, فهل يرى فضيلة المفتى ذات الرأى أم أن لنا أن نأخذ من التفسير والكتب ما يناسب عصرنا ونجتهد, كما اجتهد فضيلته فى مسألة عقد إجارة الأماكن مثلاً, حتى نصل إلى الحكم المناسب للعصر.

 

 

 

ثانيًا: ثم ذكرنا فى مقالنا السابق بعد ذلك نص آية الخمار: { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن } [ سورة النور 24: 31]. وذكرنا أن النساء كن فى زمان النبى يغطين رؤوسهن بالأخمرة ( المقانع ) ويسدلنها من وراء الظهر فيبقى النحر ( أعلى الصدر) والعنق لاستر لهما, فأمرت الآية بتعديل هذه العادة ولىّ ( أى إسدال ) المؤمنات للخمار ( الذى اعتدن لبسه ) على الجيوب, حتى لايبرز الصدر ( وهو عورة ).

 

 

 

فهذه الآية ـ كما يظهر بوضوح ـ تعديل فى أسلوب ملبس كان شائعًا, بقصد تغطية الصدر وعدم إبرازه, ولا تتصل من أى جانب بوضع غطاء على الرأس. ومن المعروف أن الملبس من مسائل العرف والعادات وأنه ليس من مسائل الفروض والعبادات. وكل ما هو مطلوب شرعًا ودينًا أن تحتشم المرأة ( بل والرجل) وأن يتعفف كُلُّ فلا يظهر عورة وهو أمر يقره العقل السليم والخلق المستقيم.

 

 

 

ويقول فضيلة المفتى أن هذا الشق من الآية ( الخمار ) ليس هو الدليل على الحجاب ( وبذلك فقد اتفق معنا ) وأن " محل الشاهد على الحجاب هو قوله تعالى: { ... يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها }. ثم أضاف فضيلته إن معنى ذلك ألا يبدى النساء شيئًا من زينتهن سوى الوجه والكفين لغير أزواجهن أو محارمهن ... ثم أورد فضيلته رأى بعض الصحابة والفقهاء ـ كما جاء فى تفسير القرطبى ـ من أن المقصود بالزينة الوجه والكفان.

 

 

 

والواضح من الآية السالفة أن على المرأة المؤمنة ألا تبدى زينتها إلا ما ظهر منها, أى أن لها حق إبداء ( كشف ) ما ظهر من الزينة. وقد اختلف الفقهاء فى بيان " ما ظهر من الزينة" وهو اختلاف بين فقهاء, أى آراء بشر قالوا بها فى ظروف عصورهم وأحوال أمصارهم ـ وليست حكمًا واضحًا محددًا قاطعًا , من ذلك أن بعض الفقهاء قالوا إن ما يظهر من الزينة هو كحل العينين وخضاب اليدين ( بالحناء ) والخواتم.

 

 

 

فهل يقول عاقل ـ فى العصر الحالى ـ إن للمرأة أن تكشف ما ظهر من زينتها بتكحيل العينين ووضح الخضاب والخواتم ووضع الأصباغ والمساحيق " خضاب العصر الحالى" ثم تكون مع هذه الفتنة البالغة آثمة إن لم تضع غطاء على الرأس. ومن الذى يقول إن الشعر وحده هو العورة أو الزينة التى لايجوز إبداؤها مع جواز وضع الكحل والخضاب والأصباغ والمساحيق؟ هل الفتنة فى الشعر وحده؟ وماذا عن الصوت, وهو فى رأى البعض عورة؟ وماذا عن الوجه وهو فى رأى آخرين عورة؟ وماذا عن القوام وهو فى رأى الغير عورة؟.

 

 

 

إن القول بأن شعر المرأة عورة " لأنه تاجها" يستتبع ـ باللزوم العقلى والتسلسل المنطقى ـ اعتبار الوجه " وهو عرشها" عورة, والصوت " وهو صولجانها" عورة, والجسد " وهو مملكتها" عورة, وكل المرأة عورة, وهو قول إن قيل فى العصور الماضية لظروف الزمان والمكان , فإن من يقول به اليوم هم غلاة المتطرفين وبغاة المتشددين, فهل يُدرك فضيلة المفتى نتائج مقاله وهل يرى رأى هؤلاء البغاة وأولئك الغلاة من أن المرأة عورة لاينبغى أن يراها الرجل, ولا يجوز أن تعمل, ولا يصح أن تختلط بالرجال فى المحال وفى الطرقات وفى الأندية ووسائل المواصلات. وما نتيجة ذلك كله إلا ردة جاهلية وانحصار فى الماضوية وعدم إدراك روح العصر وأسلوب الزمان الذى أصبح يرى أن الحجاب الحقيقى فى نفس المرأة العفيفة وضمير الفتاة الصالحة تحجب نفسها عن الشهوات وتنأى بذاتها عن مواطن الشبهات وتلتزم العفة والاحتشام؟!.

 

 

 

ثالثًا: ثم أشرنا فى مقالنا السابق إلى آية الجلابيب: { يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن جلاليبهن ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يُؤذين } [ سورة الأحزاب 33: 59]. وذكرنا أن سبب نزول هذه الآية هو تمييز المؤمنات من الجوارى حتى يعرفهن المؤمنون فلا يتعرضوا لهن بالإيذاء بالقول على مظنة أنهن جوار ( على ما كان يحدث ذلك العصر ).

 

 

 

وقد وافقنا فضيلة المفتى لى رأينا ( الثابت فى المدونات الإسلامية ) غير أنه أضاف رأيًا لفقيه هو أبو حيان فى تفسيره مؤداه أن ظاهر قول الآية { ونساء المؤمنين } يشمل الحرائر والإماء ( الجوارى ) ثم أضاف فضيلة المفتى أن الآية واضحة الدلالة فى " أمر النبى بأن يأمر زوجاته وبناته وسائر نساء المسلمين, بالتستر والاحتشام ", ولسنا ندرى ما وجه الرد علينا فى ذلك وقد ذكرنا ـ فى مقالنا السابق ـ نصًا ( أما الحكم الدائم فهو الاحتشام وعدم التبرج ).

 

 

 

إن فضيلة المفتى لم يرد على لب ما ذكرناه من أن هذه الآية لا تفيد معنى وضع غطاء على الرأس يُسمى خطأ بالحجاب, وما للجلابيب وما لغطاء الرأس؟ ما الصلة بين إدناء الجلابيب ووضع غطاء على الرأس؟.

 

 

 

إن هذه الآية لا تتكلم عن الحجاب أبدًا, فآية الحجاب هى التى أوردناها نصًا من قبل [ سورة الأحزاب 33 : 53] ولو كانت آية الجلابيب تعنى الحجاب أو الخمار لكان معنى ذلك أن الآيتين الأخريين لا تتصلان بالحجاب بشئ أو أن هناك وفرة تشريعية بتكرار نفس الحكم أكثر من مرة, مع أن المشرع العادى يعمد إلى الاقتصاد ـ لحسن السياسة التشريعية ـ فما البال بالشارع الأعظم وهو منزه عن الحشو والتكرار؟.

 

 

 

إن الآية تفيد إدناء الجلابيب لتمييز المؤمنات من الإماء فى عصر التنزيل, والقول الذى ساقه فضيلة المفتى فى التسوية بين المؤمنات والجوارى [ نقلاً عن تفسير المحيط الوسيط ] قوله لفقيه فى عصر كانت فيه جوارٍ, أما فى العصر الحالى حيث لا جوارى إطلاقًا فإن الحكم العام بالتعفف والاحتشام يكون هو الحكم العام ـ كما ذكرنا ـ وهو غاية ما يدعو إليه العقل والخلق وحسن الآداب.

 

 

 

رابعًا: بعد أن انتهينا من عدم وجود حكم فى القرآن الكريم على شرعية وضع المرأة غطاء على الرأس, يسمى خطأ بالحجاب وتعتبره جماعات الإسلام السياسى فريضة إسلامية وشعارًا إسلاميًا, اتجهنا إلى حديث النبى فقد روى عن عائشة عن النبى أنه قال : { لايحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر إذا عركت ( بلغت ) أن تظهر إلا وجهها ويديها إلى هاهنا } وقبض على نصف الذراع. ورُوى عن أبى داود عن عائشة أن أسماء بنت أبى بكر دخلت على رسول الله فقال لها :{ يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لا يصلح أن يُرى فيها إلا هذا وهذا, وأشار إلى وجهه وكفيه}. [ سنن أبى داود ـ كتاب رقم 31 بند 31 : يُراجع دكتور فنسنك : مفتاح كنوز السنة, نقله إلى العربية محمد فؤاد عبد الباقى, نشر دار إحياء التراث العربى ببيروت ].

 

 

 

ذلك هو الحديث الوحيد الذى روى عن النبى بروايتين, كلتاهمت رواية آحاد, فما هو حديث الآحا؟ وما حكم العمل به؟.

 

 

 

يرى الفقهاء ـ مما جمعناه عنهم من صحائف كتبهم ـ أن الأحاديث المروية عن النبى أحديث متواترة: وهى الت تواترت الجموع على نقلها عن النبى وأظهرها السنة العملية فى الصلاة وغيرها, وأحاديث مشهورة ( أو مستفيضة ) وقد رواها عن النبى صحابى أو جمع لم يبلغ حد التواتر ثم رويت بعد ذلك بجمع بلغ حد التواتر وأحديث آحاد وهى التى رواها واحد عن واحد عن واحد, وهكذا وأغلب السنة ( الأحاديث) يدخل فى هذا النوع ( أحاديث الآحاد ).

 

 

 

والرأى أنه لايجب الأخذ بسنة الآحاد فى الأمور الاعتقادية التى تنبنى على القطع ولا تنبنى على الظن الذى لايُغنى عن الحق شيئًا. أما فى الأحكام العملية فيجرى اتباع ما جاء به, مع أنه ظنى الدلالة, لأن الصحابة والتابعين ومن يلونهم عملوا به [ يُراجع زكريا البرى ـ أصول الفقه ـ ص 200 وما بعدها, عباس متولى ـ أصول الفقه ـ ص 84 وما بعدها, عبد الوهاب خلاف ـ علم أصول الفقه وتاريخ التشريع الإسلامى ـ ص 30 وما بعدها, أحمد أبو الفتح ـ المختارات الفتحية ـ ص 110 وما بعدها, أحمد إبراهيم ـ علم أصول الفقه ـ ص 19 وما بعدها ].

 

 

 

هذا مجمل ما يُستفاد من أقوال الفقهاء بشأن العمل بأحاديث الآحاد, إذ لايؤخذ بها فى الأمور العقائدية, ويؤخذ بها فى المسائل العملية أى مسائل الحياة الجارية التى لاهى من العقيدة ولا هى من الشريعة, على تقدير أن الجماعة اتبعتها, ويرى آخرون أن الحدود لا تثبت بأحاديث الآحاد [ محمود شلتوت ـ الإسلام عقيدة وشريعة ـ الطبعة الرابعة عشرة ـ ص 281 ].

 

 

 

و وجهة نظر الفقهاء فى العمل بأحاديث الآحاد ـ وهى أغلب الأحاديث المروية عن النبى ـ لأن الصحابة والتابعين ومن يلونهم عملوا بها, قلب للأوضاع, أشبه بوضع العربة قبل الحصان. فالأصل ألا يعمل الصحابة والتابعون ومن يلونهم بحديث الآحاد إذا كان حديثًا ظنيًا, فيصبح عملهم حجة على من بعدهم, بل أن يتحققوا من ضرورة كون الحديث قطعيًا فيعملوا به بعد هذا التحقق, وتكون قطعية الحديث سببًا لعملهم به. وليس عملهم به موجبًا للأخذ بالحديث.

 

 

 

وكنا فى مقالنا السابق قد ذكرنا أن الحديث المنوه عنه من أحاديث الآحاد التى يسترشد ويستأنس بها, أى أنها ليست فرضًا دينيًا, والفرض الدينى هو ما جاء فى حكم صريح قطعى لا تشابه فيه فى القرآن الكريم أو فى السنة المتواترة, أما أحاديث الآحاد ـ خاصة تلك التى لم ترد فى كل صحاح ومسانيد الحديث ـ فهى ليست فروضًا دينية بحال, والذى يقول بغير ذلك يفرض من عنده ما لم يفرضه الله.

 

 

 

على أننا أثرنا بالنسبة للأحاديث التى تتصل بالمعاملات أو الأمور العملية كما يقول الفقهاء مسألة وقتية الأحكام, أى تعليق الحكم بعد فترة معينة لكونه حكمًا وقتيًا يتصل بزمان معين ومكان محدد, وأشرنا إلى مراجع عدة, وفيما يناسب المجال, فإننا نرجو من فضيلة المفتى إبداء رأيه فى ذلك وسف نقدم إليه مثلاً محددًا, فالقرآن الكريم وإن توسع فى أبواب تحرير الرقيق لم يلغ الرق ولا التسرى بالجوارى إطلاقًا [ وورد التسرى بالجوارى فى 25 موضعًا ], وقد ألغى المشرع الرق بالدكريتو الصادر فى 4/8/1884 والأمر العالى الصادر فى 21/1/1896, على اعتبار أن الرق لم بعد يساير روح العصر, وتبعته فى ذلك كل الدول العربية والإسلامية ( حتى الستينات ), فهل يجوز تطبيق الرق والتسرى بالجوارى الآن؟ وما حكم الدول التى ألغت الرق فعطلت نصوصًا فى القرآن الكريم بعضها يتصل بالعبادات؟ وهل هى دول عصت الله ورسوله فيتعين الخروج عليها وعل أحكامهاـ وهو منهم ـ بالقوة والعنف؟ , وما رأيه فيمن يقتنى جارية فى الأيام الحالية يتسرى بها, هل هو آثم بحكم الشرع أم مخالف لحكم القانون؟ وإذا ساغ تعليق أحكام قطعية من أحكام القرآن الكريم للصالح العام, أفلا يجوز تعليق حكم متشابه فى حديث آحاد ( لم تروه كل كتب الأحاديث: المسانيد والصحاح ) إذا استبدلنا به الأصل العام من الاحتشام والتعفف والتطهر؟!.

 

 

 

خامسًا: ينهى فضيلة المفتى رده علينا بقوله: " وإن كل مسلمة بالغة لا تلتزم بستر ما أمر الله تعالى بستره ( والمفهوم من السياق أنه الشعر ) مهما كان شأنها ومهما كانت صفتها هى آثمة وعاصية ", وهو قول قاسٍ شديد لم نعهد صدوره من فضيلة المفتى الذى عرف بيننا بالوداعة والسماحة, ولعله فرط منه فى حماس الرد علينا والرغبة فى معارضتنا !.

 

 

 

إن هذا القول الذى يصف من لا تضع على رأسها غطاء ـ يُسمى خطأ بالحجاب ـ مع التزامها الحشمة والعفة قول يستطيل إلى فضليات السيدات وكرائم النساء ممن يتصدين للحياة العامة ويتطوعن لخدمة المجتمع , فى مصر وفى البلاد العربية والإسلامية, وبعضهن رئيسة للوزراء أو وزيرة, أو مديرة لعمل, أو رئيسة لفرع أو غير ذلك من أعمال ومهن قيادية, هذا فضلاً عن أن هذا القول يقترب كثيرًا من اتجاه الجماعات المتطرفة التى ترمى بالكفر أى مخالف فى الرأى أو مغاير فى التصرف, والرمى بعصيان أمر الله أدخل فى باب الكفر بالله أو بأوامره : { وعصى آدم ربه فغوى } [ سورة طه 20 : 121 ].

 

 

 

هل يُقدِّر فضيلة المفتى أن ما جاء فى قوله ذاك يمكن أن يُعطى سندًا وذريعة لمن يرى ضرورة تغيير المنكر باليد لإيذاء من لا تضع غطاء على رأسها " وإن كانت غير مسلمة " بإلقاء ماء النار على وجهها " كما حدث" أو بإيذائها ماديًا أو بالإساءة إليها بالقول والإهانة ( كما يحدث دائمًا ) ؟!.

 

 

 

إن ما صدر عن فضيلة المفتى صدر عنه بحكم شخصه ولم يصدر بوضع منصبه, لأنه ليس من شأن هذا المنصب أن يرمى بالعصيان من أمر الله, الفضليات والكريمات والعفيفات, ويرمى بالخبث أزواجهن والمجتمع, لأنهم خالفوا له رأيًا وضح من كل ما سبق أنه محل نظر ( ولا نقول موضع خطأ ) كبير..

 

 

 

خلاصة القول إن ما يسمى بالحجاب حالاً ـ وهو وضع غطاء على الرأس ـ غالبًا مع وضع المساحيق والأصباغ ـ ليس فرضًا دينيًا, لكنه عادة إجتماعية, لايدعو الأخذ بها أو الكف عنها إلى إيمان أو تكفير, ما دام الأصل القائم هو الاحتشام والعفة.

 

 

 

وفقنا الله إلى الصحيح من الأمر, وأيدنا على الشجاعة فى إبداء الرأى, وساعدنا على الاعتراف بالخطأ إن ظهر وجه الصواب.

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

(5) شعر المرأة ليس عورة

 

 

 

نشر هذا البحث فى مجلة روزاليوسف المصرية العدد 3451 بتاريخ 1/8/1994.

 

 

 

تقوم فكرة وضع المرأة غطاء الرأس, يسمى خطأ بالحجاب, على نظر يرى أن شعر المرأة عورة, فيتعين عليها أن تغطى هذه العورة ولا تكشفها, مع مشروعية إبداء زينتها, بأن تكتحل وتضع الأصباغ والمساحيق, وتتحلى بالأساور و الأقراط, وهو أمر يوجد حالة غاية فى التناقض ونهاية فى التعارض.

 

 

 

ولماذا يعتبر شعر المرأة عورة؟

 

ومن الذى يقول يذلك؟

 

ما هى جذور هذه الفكرة؟

 

وما هو وجه الصواب فيها؟

 

ذلك ما يقتضى الإجابة عنه بالإبتداء من أغوار التاريخ الساحقة.

 

 

 

الشَعْر فى الحضارات القديمة:-

 

 

 

نشأ لدى المصريين القدماء, منذ عصور موغلة فى القدم, اعتقاد ـ صدر عن فكر غيبى ـ بأن شعر الإنسان هو مظهر القوة ورمز الافتخار, ولما كان الكهنة هم الذين يدخلون وحدهم قدس الأقداس فى المعابد, كما أنهم يهبون كل حيواتهم للإله فيعيشون ويقيمون فى هذه المعابد, فقد صار من طقوسهم الدينية أن يحلقوا رؤوسهم تمامًا, دليلاً على الضعف و رمزًا للاتضاع أمام الإله, وفى كل حركاتهم وسكناتهم, خلال أنشطة الحياة المختلفة.

 

 

 

ولذات المعانى اعتاد المصريون القدماء جميعًا ـ رجالاُ ونساءًا ـ أن يحلقوا شعورهم كلية, إظهارًا لضعفهم أمام الإله وتعبيرًا عن الخضوع والاتضاع فى كل تصرفاتهم, وكان الرجال يضعون على رؤوسهم أغطية من القماش تقيهم وهج الشمس وتحميهم من حرارتها, بينما كان النساء يضعن ـ لذات الغاية وللتزيين ـ غطاء مصنوعًا من الشعر المستعار, هو الذى يُعرف باسم " الباروكة".

 

 

 

وقد تسرب فكر قدماء المصريين إلى أنحاء كثيرة من العالم وإلى حضارات مختلفة متباعدة, فكان رجال الدين المسيحى ـ فى العصور الوسطى ـ يحلقون شعور رؤوسهم كما أن المهنة البوذيين والهندوسيين ما زالوا حتى العصر الحالى يفعلون نفس الشئ: ربما إدراكًا منهم لفكرة المصريين القدماء فى حلق شعر الرأس, أو اتباعًا لأمر صار عادة عندهم, كما صار شارة لوضعهم الدينى ومركزهم الروحى.

 

 

 

وعندما حضر يوليوس قيصر ( 120 ـ 44 ق.م. ) من روما إلى مصر, تأثر بالفكرة, فلما أن غزا أرض الغال ( فرنسا ) ولاحظ أن أهلها يرسلون شعورهم أمر بقصها تدليلاً على خضوعهم لسلطانه.

 

 

 

الشعر فى اليهودية:-

 

 

 

لأن موسى عليه السلام ( القرن الثالث عشر قبل الميلاد ) كان قد نشأ ورُبِى فى مصر فقد تأثر بفكر وحضارة قدماء المصريين, وعندما خرج من مصر مع العبرانيين ( اليهود ) وبعض المصريين, كانوا جميعًا ينتهجون نهج قدماء المصريين فى أشياء كثيرة, منها ضرورة عدم إظهار شعر الرأس أمام الإله تدليلاً على الخضوع والخنوع, ولما كان هؤلاء العبرانيون قد تأثروا ـ مع الوقت ـ بعادات الآسيويين من إرسال الشعر وعدم حلقه كالمصريين القدماء, فقد واسطوا ( العبرانيون ) بين الأمر, فصاروا يرسلون شعورهم ـ ولا يحلقونها ـ ثم يعمدون إلى تغطيتها عند الصلاة ـ حيث الوقوف فى حضرة الإله ـ فكان الرجال يضعون على رؤوسهم " طواقى " بينما كان النساء يضعن الأخمرة على رؤوسهن أثناء الصلاة, أو عند الدخول إلى المعبد.

 

 

 

وحتى العصر الحالى فإن اليهود المتدينين يضعون الطاقية على الرأس أثناء وجودهم فى المعابد أو أثناء الصلاة أو عند القيام بمهام دينية, بينما تضع النساء الخمار فى هذه الحالات.

 

 

 

بل زاد المتطرفون وأصبحوا يضعون الطاقية فوق رؤوسهم فى كل حين, وخلال سيرهم فى الشوارع, وقد يدعى بعضهم أنه أمر دينى وليس وضعًا سياسيًا يقصد إلى أن من يلبس الطاقية يهودى متزمت وهو بذاته نفس الحال فيما يتعلق بالخمار عند المسلمات.

 

 

 

الشعر فى المسيحية:-

 

 

 

لم يتكلم السيد المسيح عن الشعر ـ بالنسبة للرجل والمرأة ـ على الإطلاق, ربما لأنه عُنى بالجوهر لا بالمظهر, وركز على القلب والضمير لا الشكل والمظاهر.

 

 

 

لكن بولس الرسول تناول مسألة شعر الرأس فى رسالته إلى أهل كورونثوس فقال: { كل رجل يصلى أو يتنبأ وله على رأسه شئ يشين رأسه. وأما كل امرأة تصلى أو تتنبأ ورأسها غير مغطى فتشين رأسها .. إذ المرأة إن كانت لا تتغطى فليُقَص شعرها .. هل يليق بالمرأة أن تصلى إلى الله وهى غير مغطاة .. } [ الأصحاح الحادى عشر: 4 ـ 14 ].

 

 

 

ومفاد كلام بولس الرسول أنه لا ينبغى للمرأة أن تصلى لله ورأسها غير مغطى, أى دون تغطية الشعر, أما الرجل فيمكنه ذلك ـ وبهذا يكون بولس الرسول قد تأثر بعادات مجتمعه الرمانى من أنه يمكن للرجل أن يصلى دون أن يغطى شعر رأسه, لكنه ظل متمسكًا بالعادة اليهودية من أنه لا يجوز للمرأة أن تصلى لله دون أن تضع على رأسها غطاء وهو الخمار, كما أنه رأى أن هذا الغطاء بديل عن حلق أو قص شعر المرأة, فإذا لم تضع المرأة الخمار على شعرها عند الصلاة فالأجدر أن تقص هذا الشعر لتذللها لله وإخضاعها لعزته.

 

 

 

فشعر المرأة, فى المسيحية واليهودية, وفى غيرهما, لايعد عورة, لكنه يعتبر رمزًا للقوة ومظهرًا للاعتزاز, وينبغى على الرجل والمرأة, فى اليهودية, وعلى المرأة وحدها, فى المسيحية, تغطية شعر الرأس عند الصلاة لله إظهارًا للخضوع لعزته وعلامة على الاتضاع أمامه, فإذا لم تضع المرأة الخمار عند الصلاة, فالبديل هو قص أو حلق شعرها على عادة قدماء المصريين.

 

 

 

شعر المرأة فى الإسلام:-

 

 

 

كان النبى يحب مخالفة أهل مكة ( المشركين ) وموافقة أهل الكتاب, ومن ثم فقد كان يفْرق شعره على عادة أهل مكة عندما كان يقيم فيها, فلما هاجر إلى المدينة ورأى أن أهل الكتاب يرسلون شعورهم أرسل شعره.

 

 

 

وكعادة أهل الكتاب, فإن كل رجل من المسلمين كان يضع على رأسه عند الصلاة " طاقية" لتغطية الشعر الذى لاينبغى أن يظهر أمام الله آنذاك تعبيرًا عن الضعف إلى الله, والعبودية له, والاتضاع لعزته, والخضوع لحضرته.

 

 

 

ووضعت النساء الخمار عند الصلاة, كما كانت تفعل نساء أهل الكتاب, ولذات الغرض الذى وضعت هذه النساء الخمار من أجله, ونفس السبب الذى كان الرجال من المسلمين يضعون غطاء الشعر " الطاقية" من شأنه, عند الصلاة.

 

 

 

وفى معنى جعل شعر المرأة المسلمة عند الصلاة أمرًا واجبًا فقد روى عن النبى أنه قال:" لاتقبل صلاة الحائض ( المرأة البالغ ) إلا بخمار", أخرج الحديث أبو داود وابن حنبل وابن ماجه والترمذى [ مفتاح كنوز السنة ـ ص 168 ]. ويعنى ذلك ضرورة أن تضع المرأة البالغ غطاء على شعرها أثناء الصلاة, هو ما يعرف بالخمار أو الطرحة [ المعجم الوسيط, مادة طرحة ].

 

 

 

وهذا الحديث :" لاتقبل صلاة الحائض ( المرأة البالغ ) إلا بخمار" يضعّف من ( أى يُضعف من شأن ) الحديث المروى عن النبى :" لايصلح لامرأة عركت ( أى بلغت ) أن تظهر منها إلا هذا وهذا .. وأشار إلى كفيه ووجهه " [ رواه أبو داود فى سننه ], فلو أن الأصل أن تضع المرأة غطاء على رأسها عمومًا, لما كانت ثمة وصية ـ ولا مناسبة ـ لأن يُطلب منها وضع خمار على رأسها أثناء الصلاة. فحديث الخمار يفيد أن المرأة لم تكن دائمًا وأصلاً تضع على رأسها, وأن الحديث يوصى بأن تضع خمارًا على رأسها ( لتغطى شعرها ) وقت الصلاة, ووقت الصلاة فقط.

 

 

 

ومما يزيد تضعيف ( أى ضَعّف ) حديث حديث :" لايصلح لامرأة عركت ( أى بلغت ) أن تظهر منها إلا هذا وهذا " أن هذا الحديث أخرجه أبو داود فى سننه ( وهى سنن لم تعن بالتشدد فى رواية الحديث ) ولم يخرجه أى عالم آخر من علماء الحديث, فى حين أن حديث " لا تقبل صلاة الحائض إلا بخمار" حديث أخرجه ابن حنبل فى السند وابن ماجه والنرمذى, أى أن الذى أخرج هذا الحديث الأخير أربعة من علماء الحديث. بينما لم تخرج الحديث السالف " لايصلح لامرأة عركت.." إلا واحد فقط, والحديثان مع ذلك لم يخرجهما البخارى فى صحيحه ( أصح كتب الأحاديث ). وأبو داود, عندما أخرج الحديثين معًا فى سننه, لم يلحظ ما يمكن أن يكون بينهما من اختلاف, ولم يحاول أن يحدد سببًا, أو حالة, لإعمال كل حديث منهما.

 

 

 

ومع أنه فى رأينا ـ كما سبق وبينا فى مقال سابق ـ أن آية الخمار : { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن } [ سورة النور 24: 31], هذه الآية ـ وفقًا لأسباب التنزيل ـ تتعلق بتعديل عُرف كان جاريًا وقت التنزيل, إذ كانت بعض النساء يضعن أقنعة على رؤوسهن تتدلى منها الأخمرة فيسدلنها وراء ظهورهن ومن ثم يظل الصدر بارزًا عاريًا, ولذلك فقد امرن بلىّ الأخمرة على صدورهن ـ بدلاً من إسدالها وراء ظهورهن ـ حتى يتغطى الصدر ( وهو عورة ), مع أن أسباب التنزيل تفيد هذا المعنى, إلا أنه ـ لمن لايريد أن يأخذ بذلك ـ يمكن اعتبار الآية السالفة والحديث الخاص بالخمار متكاملين معًا, بحيث يكون المعنى أن على المرأة البالغ أن تضع خمارًا على رأسها وقت الصلاة ( عملاً بالحديث ) وأن تضرب بالخمار على جيبها حتى لايظهر صدرهها ( عملاً بالآية ), وبذلك يزول أى تعارض بين الآيات القرآنية والأحاديث المروية عن الرسول, وتتكامل الآية والحديث معًا ليفيدا وضعًا معينًا.

 

 

 

ويُستفاد من استقراء أوضاع الحياة الجارية فى عصر ما قبل الإسلام وفى وقت التنزيل, وفى صدر الإسلام, أن الزى واللباس كانا عادات اجتماعية ومواضعات عرفية, لاتتصل بالدين ولا تتعلق بالشريعة ( فيما عدا الاحتشام والتعفف والتطهر ), وأنه كان ثم نساء منقبات, وأخريات مقنعات, وغيرهن مستخمرات ( يضعن الأخمرة ), وباقهين سافرات, والأدلة على ذلك لاتقع تحت حصر. وقد ظلت هذه الأحوال مستمرة حتى انتهت وخاصة فى مصر, إلى أن تصبح دليلاً على عمر المرأة أو شارة إلى وضعها الاجتماعى, فالمرأة المسنة كانت تضع الغطاء على شعرها دائمًا, أو على الأقل عند مقابلة الرجال, تواضعًا وإبرازًا لكبر سنها, ونساء الطبقة الوسطى الدنيا والطبقة الكادحة كن يغطين شعورهن بمنديل ( يسمى منديل أبو قوية ), والفلاحات كن يضعن الطُرح ( الأخمرة ), وسيدات الأسرة المالكة كُن يلبسن غطاء للشعر وحول الرأس, أبيض اللون غير مزركش ( بالتركية : يشمك ) دليلاً على وضعهن الملكى.

 

 

 

وهذا الزى مأخوذ عن ذات الزى الذى كانت تضعه سيدات أسرة الخليفة العثمانى, لأن أصله بيزنطى ( من القسطنطينية أو الأستانة ) كما أنه كان منتشرًا فى فارس ثم انتشر فى روسيا القيصرية حتى ثورة 1917. وهذا الزى بعينه هو ما ارتدته النساء التركيات ليتميزن به عن الأرمينيات, قبل هجرة الأرمن من تركيا.

 

 

 

أما عن الرجال ـ وخاصة فى مصر ـ فقد كانوا, حتى وقت غير بعيد, يلتزمون وضع أغطية على الرؤوس, طرابيش أو عمائم أو طواقى أو ما ماثلها, لتغطية الرأس.

 

 

 

ولم يكن من المقبول أو المسموح, أن يقابل شخص رئيسًا أو حاكمًا أو أن يدخل إلى محكمة أو يصلى فى مسجد أو فى خلوة, دون أن يضع غطاء للرأس ـ يختلف باختلاف وضعه الاجتماعى ـ دليلاً على تقديره لنفسه ورمزًا لتوقيره للسلطة الأعلى, ودلالة على اتضاعه أمام الله وفى حضرته عند الصلاة. وفى هذا المعنى, كان رفع غطاء الرأس أمام الرؤساء والحكام والقضاة ومن ماثلهم يعتبر إهانة يعاقب عليها أو تفقده بعض اعتباره.

 

 

 

إن مسألة الزى والملبس من مسائل العادات والتقاليد التى تضرب بأصولها فى مجتمعات بعيدة وأعراف قديمة, وتتداخل وتتشابه رغم اختلاف المعتقدات والشرائع. فالسيدة بناظير بوتو رئيسة وزراء باكستان تضع على رأسها خمارًا يغطى النصف الخلفى من شعر رأسها ويبرز النصف الأمامى, وهو بذاته الخمار الذى كانت تضعه ـ وبنفس الطريقة السيدة أنديرا غاندى رئيسة وزراء الهند, وهذا الخمار يعتبر فى جانب زيًا إسلاميًا بينما هو فى الجانب الآخر زيًا هندوسيًا, وهو فى الحقيقة عرف فى شبه الجزيرة الهندية, يشترك بين المسلمين وغير المسلمين, وزى الرجال الباكستانى ( المعطف الطويل والسروال الطويل ) يُعد لدى البعض زيًا إسلاميً مع أنه نفس لاالزى الذى يضعه الرجال الهنود ( الهندوسيون ). فهو زى قومى وليس لباسًا دينيًا.

 

 

 

وقد كان الأصل, والفرض, أن يفهم الناس الحقيقة, ويضعون خطوطًا فاصلة بين ما هو من الدين وما ليس منه, ما يكون من الشريعة وما لايكون منها, غير أن الاتجاهات السياسية من جانب, وتصدير بعض البلاد النفطية لعاداتها الاجتماعية من جانب آخر, ووعاظ الفتنة ودعاة البلبلة من جانب ثالث, كل هذه العوامل وغيرها تفاعلت معًا ـ إن بوعى وإن بعدم وعى ـ لتفرض على النساء تغطية شعر الرأس زعمًا بأن ذلك عمل إسلامى, مع ترك زينة الوجه, ووضع الأصباغ والمساحيق, بل ووضع غطاء للرأس مزركش ومدندش ومتخايل, مما ينفى حكمة الغطاء ويحوله إلى سبب للزهو والخيلاء بدلاً من أن يكون داعيًا للزهد والاتضاع.

 

 

 

والدليل على أن وضع غطاء الرأس ـ يسمى خطأ بالحجاب ـ عمل سياسى أكثر منه عملاً دينيًا, أنه يُفرض على الفتيات الصغيرات ( دون البلوغ ) مع أنه إذا أخذ بالنص الدينى فعلاً, فإنه يقتصر على النساء البالغات فقط. لكن القصد هو استغلال الدين لأغراض سياسية واستعمال الشريعة فى أهداف حزبية, بنشر ما يسمى بالحجاب, حتى بين الفتيات والصبيات دون البلوغ, لكى يكون شارة سياسية وعلامة حزبية على انتشار جماعات الإسلام السياسى وذيوع فكرها حتى وإن كان مخالفًا للدين, وشيوع رموزها مهما كانت مجانية للشرع.

 

 

 

الخلاصة:-

 

 

 

ويخلص من ذلك كل ذلك ما يلى:-

 

 

 

أولاً : أن شعر المرأة ( وشعر الرجل ) لايعتبر عورة أبدًا فى المفهوم الدينى الصحيح والتقدير الشرعى السليم.

 

 

 

ثانيًا : نشأ فكر قديم ـ لدى المصريين القدماء ـ بأن الشعر هو مظهر القوة ورمز الافتخار, وانتشر هذا الفكر فى العالم القديم مما أدى إلى أن يضع الرجال ـ فى كثير من الحضارات ـ أغطية على رؤوسهم ( طاقية أو طربوش أو عمامة أو غيرها ), وخاصة أمام الرؤساء والحكام والقضاة وعند الصلاة علامة على توقير الأعلى سطوة والأرفع سلطة وأسلوبًا لبيان الضعف الإنسانى والاتضاع الفردى أمام الله سبحانه ( عند الصلاة ) وكانت النساء يضعن أخمرة ( طرحًا ) على رؤوسهن لذات الغرض ونفس الهدف.

 

 

 

ثالثًا : الحديث الذى روى عن النبى ويقول :" لا يصلح أن يُرى فيها إلا هذا وهذا, وأشار إلى وجهه وكفيه ", حديث آحاد لم يخرجه إلا أبو داود فى سننه ( وهى سنن لم تعن بصحة الإسناد أو سلامة المتن ) ولم يرد الحديث فى صحيح البخارى, أصح كتب الحديث.

 

 

 

رابعًا : يتعارض مع هذا الحديث حديث آخر روى عن النبى :" لا تقبل صلاة الحائض إلا بخمار " وهو حديث آحاد كسابقه أخرجه أبو داود ( مخرج الحديث السابق ) كما أخرجه ابن حنبل وابن ماجه والنرمذى, وهذا الحديث يعنى أن الأصل لم يكن أن تضع المرأة غطاء على شعرها, فى كل وقت, ولكنه يطلب منها أن تضع خمارًا على رأسها وقت الصلاة فقط.

 

 

 

خامسًا : هذان الحديثان هما من أحاديث الآحاد التى لاتؤسس بها فريضة دينية أو يقام عليها واجب دينى وإنما يعمل بها على سبيل الاستئناف والاسترشاد.

 

 

 

سادسًا : الزى والملبس من شئون الحياة التى تتشكل وفقًا للأعراف وتتحددد طبقًا للتقاليد ولا تتصل بالدين أو تتعلق بالشريعة إلا فى ضرورة أن تلتزم المرأة ( والرجل ) الاحتشام والتعفف والتطهر.

 

 

 

سابعًا : ليس من الدين ولا من الشريعة أن يُفرض غطاء على الرأس ـ حتى على الأطفال والأحداث ـ بزعم أن الشعر عورة مع إباحة الحق للمرأة فى أن تبدى زينتها فتضع الأصباغ والمساحيق والكحل وتتحلى بالأساور والأقراط, ثم تضع غطاء للرأس مزركشًا زمدندشًا ومتبهرجًا.

 

 

 

وخلاصة الخلاصة أن شعر المرأة ليس عورة أبدًا, والذى يقول بغير ذلك يفرض من عنده ما لم يفرضه الدين, ويلزم الناس ما لاينبغى أن تلتزموا به. ويغير ويبدل من أحكام الدين لجهل شخصى أو مصلحة سياسية أو أهداف نفطية.

 

Link to comment
Share on other sites

  • 3 months later...

دستور الاسلام المستنير (16): الجبر والاختيار

GMT 15:30:00 2007 الأربعاء 24 يناير

المستشار محمد سعيد العشماوي

 

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

 

 

مسألة الجبر والاختيار، والتي يقال عنها أحياناً "القضاء والقدر" هي أم المسأئل في التاريخ البشري. وهي في الحقيقة محاولة للتوفيق بين أمور متناقضة متعارضة، هي – من جانب – ارادة الله المطلقة، وصدور كل فعل عنه وأى قول منه. وهي – من جانب آخر – تتعلق بحرية الانسان في الفعل والقول، وتقرير الجزاء عن كل فعل وأى قول له، بما يقتضي تحمّل المسئولية عن فعله وقوله، في الدنيا والآخرة، على سواء. فإذا كان كل شئ يصدر عن ارادة الله المطلقة – ففيم تكون المسئولية ولم يكون الجزاء ؟ وأين يكون العدل الالهي الذي يُعاقب ويُحاسب عما لم يكن الانسان فيه – فعلا او قولا او سكوناً او سكوتاً - الا مجرد آلة تتحرك وفق نظام صارم محدد منذ الازل، كما لو كان سيناريو موضوعاً سلفاً لتتابع فيه الاحداث، وفقاً لما رُسم من قبل، ويكون كل شئ من ثمت، وهم في وهم، ومجرد أدوار تؤدَّي، لا عاقبة لها ولا جزاء، الا إذا نسب هذا وذاك إلى ارادة الله المطلقة، وحقه في ان يفعل بخلقه مايشاء، من هوان الجحيم أو هناء النعيم. وهنا تثور، وقد ثارت على مدى التاريخ، مسألة العدل الالهي، وكيف يتصرف الاله بالهوى والنزوة بلا نظام محدد، عقوبة او مثوبة. وقد عزز مفهوم الجبرية، والآلية (الميكانيكية) في الفكر البشري ظواهر عدة، منها:-

 

(أ) رؤى المنام: ففي التراث الديني ان ابراهيم عليه السلام رأي في المنام ما فسره – لا على ما كان يشيع في عصره من تقديم قربان بشري – بل على أنه أمر إلهي بذبح إبنه. ورأي يوسف عليه السلام رؤيا صحّت بعد وقت طويل، إذ رأي في المنام ان الشمس والقمر وأحد عشر كوكباً يسجدون له، وتحقق ذلك بعد أمد، عندما سجد له أبوه وأمه وإخوته الاحدى عشر، وهو رئيس في مصر. وفي سيرة ابن إسحاق (التي حذف منها ابن هشام الكثير) ما يفيد أن عدداً وفيراً من أفعال النبي (صلعم) كانت رؤي شاهدها في المنام. وفي ذلك قالت زوجه عائشة (قبل أن تجيئه النبوة كانت رؤاه كفلق الصبح). وفي مختلف الازمنة والامكنة، وحتي العصر الحالى، فإن لبعض الناس. ملكة ان يروا في المنام رؤى تتحقق بحذافيرها بعد وقت، يطول او يقصر. وهى مسألة تحتاج الى تفصيل اوفى، فيما بعد.

 

(ب) التبؤ بالغيب: ثم تفرقة بين العرافة والكهانة. فالعرافة تتعلق بالامور المستقبلية، في حين ان الكهانة تختص بالوقائع الماضية. وعلى مدى التاريخ كان يوجد عرافون وعرافة، وكهان وكهانة، حتي وإن حدث خلط بينهما. فإن صح منهم القول، وهو أمر نادر الحدوث، فإنه يؤكد - فيما يتعلق بالكهانة - أن الحوادث كانت مكتوبة من قبل، مدونة في سجل كوني.

 

(هـ) وجود ظواهر متكررة متناثرة، تقع وتستمر، ولا يمكن تفسيرها وفقا للقوانين المادية المتعارف عليها، وهي تدخل فيما يسمي حالا (حالياً) باسم علم "ماوراء علم النفس" ( Para psychology ) مثل إنتقال الافكار بغير وسائط مادية، بما يسمي اللقانة ( Telepathy )، ثم الجلاء البصري ( Clair voyance ) والجلاء الفكرى، ويدخل فيه الوحي – بالمعني العام ( Revelation ). وقد جاء بعد ذلك في القرآن (وأوحينا إلى أم موسى) (وإذ أوحى ربك إلى النحل). وهذه الظاهرة تسمي كذلك بالالهام ( Inspiration ) أو الحدس ( Intuition ) أو الفراسة ( Physlognomy ) وهي قدْرة لدي شخص يفوق المستوى العادى من الناس، يستطيع التقاط أفكار كونية، قد تكون دينية أو علمية أو فنية أو فكرية أو أدبية، ما كانت لتخطر له من قبل، ولا يوجد تسلسل طبيعي (أو مادي، وفقا لمنطق السبببية المادى) يمكن ان يؤدي إليها أو يصل إلى حقيقتها.

 

(د) عجز بعض الناس عن حكم أنفسهم بحيث يتصورون ان ما يأتونه من فعل او قول إنما هو أمر "مكتوب على الجبين"، مقدور عليهم فعله، ولا يستطيعون منه فكاكاً. وقد كشف العلم حالا (حالياً) عن بعض العلل النفسية او العقلية أو المورّثة، التي تؤدي لزوما إلى اقتراف جرائم معينة أو تدفع الى تصرفات بذاتها، ومنها فصام الشخصية ( Schizophrenia ) والجنون النفسي أو السيكوباتية ( Psychopatis ) وجنون السرقة ( Cleptomania ) وفقدان الارادة ( Abulia ) والتخليط الوجداني الذي يتنافى مع الاسباب العقلية ( Logic-affective ) والجنون الدورى ( Cyclothymia ) والشبقية المرضية أو الجنون الجنسي ( Satyriasis )، مما كشف للبشرية ان غرابة تصرفات البعض، وعدم قدرتهم على ضبط إرادتهم، أو وزن كلامهم او رسم فعالهم، يعود الى علل مرضية أو الى ترتيبات جينية ( Jenetics )، } من المورثات { ولا ترجع الى دفعات الشياطين أو إلى غيبية الموازين.

 

(هـ) ان عمر الفرد قصير جدا بالنسبة الى الدورات الفلكية،وهو طويل جدا بالنسبة الى عوالم ما تحت الذرة، وبذلك فإنه لا يستطيع وحده ملاحظة نتائج الدورات الفلكية (التى تقدر بآلاف السنين)، كما لا يمكنه بغير أدوات دقيقة في المعامل ( Labs )، ترصد ما لا يستطيع رؤيته، ان يتصور ما يحدث في مجال ما تحت الذرة، حيث تكون الذرات ( Atoms ) والفوتونات ( Photons ) والجزئيات ( Particles ). في حين ان السرعة المقبولة والدورات الزراعية للزهور والورود والخضار والفاكهة، مكّنت شخصاً مثل مندل (جريجورجوهان 1822 – 1884) من أن يكتشف بعض قوانين علم الوراثة.

كل هذه الامور، ومثلها كثير، يؤكد للشخص العادى، الذي لا يستطيع أن ينشر بصيرته، ولا يقدر على تصور المجردات، ولا يعرف كنه ما وراء المادة من اشعاعات كونية، وأبعاد غير منظورة، وما هو ضد المادة ( Anti-matter )، وما يكون فوق الاشعة البنفسجية أو وراء الاشعة تحت الحمراء، لا يستطيع هذا الشخص العادى إلا ان يتصور الاكوان ككون مادى (يقع في نطاق رؤياه وفي مجال سمعه)، والأقدار خبْط عشواء ( Haphazardly ) أو ( at random ) تقع على الشخص من حيث لا يحتسب ولا يستطيع لها ردا او صدا. لكن الحقيقة تقطع بأن للمسألة وجهاً آخر، لن تتعرض له الدراسة من خلال الالفاظ، ولا بسجال المعاني، ولا بضلال الاوهام، ولا بختال المعتقدات الجافة (الايديولوجيا)، لكنها سوف تتعرض له بواقع الآيات في القرآن الكريم ومن أقوال السيد المسيح في (الانجيل).

ففى القرآن (فتلك الامثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون) سورة العنكبوت 49:13. وقال السيد المسيح لتلاميذه وقد سألوه (لماذا تكلمهم بأمثال.. قال لهم لأنه قد أُعطى لكم ان تعرفوا أسرار مملكة (ملكوت) السماوات، وآما لأولئك (أى الناس الآخرين) فلم يُعْط... من أجل هذا أكلمهم بأمثال) (انجيل في 13: 1- 14 ). والمثل أو المثال لغة، هو التسوية يبن المثل والشئ، وهو ما يُضرب من الامثال، وهو العبرة، وهو أسطورة على لسان حيوان أو جماد (مثل كليلة ودمنة). وهو يستعمل غالباً للتشبيه وتقريب الفهم للناس الذين لا يفهمون مغزى القول، أو المجاز منه. والمجاز لغة، هو – في الكلام – ما يستعمل في غير ما وضع له اصلاً، وهو يمثل خروجاً عن الانطباعات اليومية السائدة. وينقسم المجاز ( Figurative, metaphorical ) إلى مجاز مرسل، ومجاز بالاستعارة، والمجاز المحذوف، والمجاز العقلى (يراجع لسان العرب، المعجم الوسيط، المعجم العربي الاساسي: مادتي مثل، ومجاز).

فعندما يقول القرآن (الله نور السموات والأرض. مثل نوره كمشكاة في زجاجة...) فهو بذلك يضرب مثلا يقصد به المجاز، ذلك لآن الله ليس نوراً عادياً، وإلا كان كالنجم الساطع او كالشمس المشرقة، لكنه في الفهم الصحيح، نور كنور العلم، وضوء كضوء المعرفة، لكن الناس العاديين لا يفهمون ذلك ولا يطيقون استيعاب الحقيقة، فيضرب لهم مثل مادي، ويكون المجاز فيه للخاصة وحدهم. كذلك عندما يقول السيد المسيح (من يرسله الله يتكلم بكلام الله) فإنه يقصد كلام الله على المجاز. متي فُهم المعنى الحقيقي للمثل (وجمعه أمثال) وما يقصد من المجاز، أمكن إعادة فهم الخطاب الديني في مسألة الجبر والاختيار على نحو آخر. فالخطاب الديني يجري دائما على مستويين، أحدهما للعامة من الناس، وهم أكثرهم، ولا بد أن يكون الخطاب لهم سهلاً ميسراً، يضرب الامثال ( Parables ) إن اقتضي الامر او يستعمل المجاز ان دق الفهم، وثانيهما للخاصة – الذين يفهمون المعاني الحقيقية، ويعقلون ما يعنيه المثل، ويستوعبون المجاز والتورية وما شابه.

 

وفي القرآن الكريم (لن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلا) سورة فاطر 25: 43، ويعني ذلك ان كل شئ في الاكوان او مع الانسان يجري وفق سنة (والسنّة هي القانون او القاعدة أو الحكم). فالسنن الكونية والقواعد الازلية والقوانين الإلهية والأحكام القدرية، وضعها الله في الكون منذ بدأ الخلق وبثها في الوجود حين شرع الوجود، وكل شئ منذ بداية الخلق في هذا الكون، وحتى ينتهي، يسير وفق هذه القوانين وتلك القواعد وهاتيك السنن، فلا شئ يحدث عفوا أو يقع اعتباطا أو يظهر مصادفة (كل شئ عنده بمقدار) سورة الرعد 83:8.

 

متى صح الفهم على ذلك أمكن فهم الآيات التي يتصور الناس خطأ أنها تفرض الجبر وترفض الاختيار، مثل (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) سورة التوبة 51:9، (ما من مصيبة في الارض ولا في انفسكم إلا في كتاب من قبل ان نبرأها) سورة الحديد 57:22. فنسبة الفعل او القول لله هي على سبيل المجاز الذي يحذف ما هو معلوم للضرورة اللازمة لفهم العادى من الناس، مثل (وأسأل القرية) فقد حذفت كلمة أهل (قبل القرية) لأن حذف المعلوم مجاز ممكن في البيان البلاغي، وفي الآيات التي تنسب المقادير الى الله حدث حذف للسنن أو القوانين او القواعد، فكل ما يحدث في الكون يحدث وفقاً للسنن التي برأها الله عند خلق العالم وبثها في كل شئ فيه.

 

فالإنسان يفعل او يقول او لايفعل ولا يقول ما ينبغي عليه فعله أو قوله، لكن النتائج تترتب تبعاً للسنن الكونية والقواعد الازلية والقوانين الالهية، التي خلقها الله منذ الازل، وبثها في كل ما هو مخلوق. مؤدى ذلك أن الافعال والأقوال مُحْدَثة (بأمر الله) وفقاً لإرادة الشخص وقت التصرف، لكن نتائجها تترتب تبعاً لما هو مسجل من قوانين وقواعد وسنن منذ الازل، عندما برأ الله العالم. وبذلك يُرفَع اي تناقض ويزول اي تعارض، وتترسخ في المفهوم الآية المحكمة(فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) سورة الزلزلة 7-8: 99. اما النعمة والدعاء والشفاعة فهي كلها تحدث – ان حدثت – وفقاً لما كُتِب منذ الازل في القوانين والسنن والقواعد والاحكام (ولله الشفاعة جميعاً).

ان عامة الناس لا تعرف القانون لكنها تعرف القاضي ولا تري الدستور لكنها ترى الحاكم، فالذي لا يستطيع التجريد لابد ان يلجأ الى التجسيد. ولهذا فقد وضع القرآن تفرقة بين الذين يؤمنون والذين يعلمون، فقال (يرفع الله الذين أمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) سورة المجادلة 58:11 ففي الاية مفارقة واضحة وممايزة بيّنة بين الايمان والعلم، بين من يؤمن بغير علم، وبين الذين أوتوا العلم او العارفين بالله.

 

فالذين أوتوا العلم يدركون ان ثمت علوما ومعارف ليس من سبيل الى عامة الناس ان يعرفوها، وإذا قيلت لهم لا يدركونها، وبذلك تنقصهم الروح التى لا يمكن بغيرها استيعاب الحقائق الكونية التى تفسر الفعل وردّه، والقول وأثره. فالناس من العامة تنقصهم الصورة الكاملة، وتنقصهم قوانين قد تكون موجودة، وإن صحت فهي تفسر الكثير، مثل تناسخ الاجساد ( Transmigration ) (الذي يسمى خطأ تناسخ الارواح Reincarnation ) كما ينقصهم أن يعلموا علم اليقين أن الكون وحدة واحدة، وفي حركة دائمة، وأنه – كما يبدو في أصغر جزئ ( Particle ) تنحل اليه الذرة – يتمتع بالشعورية والذاتية والحركية والتصرف وفقاً وتبعاً لأسباب أبعد من الاسباب القريبة، التى يمكن مع التدارج، أن تفهم على انها كل اكبر، او انها الكونية جميعاً.

 

وفصل الخطاب، ان الانسان حر فيما يفعل او يقول، حرية غير مطلقة لانها متأثرة بعناصر وعوامل كثيرة، عُرف بعضها ولم يُعرف بعضها الآخر بعد، لكن ما يترتب على افعاله واقواله يوزن ويُعيّر وتترتب اثاره، وفقاً للقواعد والسنن والقوانين التي كتبها الله منذ الازل. فالمكتوب عند الله منذ الازل هى موازين الكون، لكنه شاء ان يعطي الانسان حرية ليفعل ما يريد ويقول ما يشاء، وهو يُحاسب عن أعماله وأقواله طبقاً للموازين الازلية المكتوبة منذ بدء الخلق. ولا يكون فعل الانسان الحر شركاً بالله، لان الله خلقه ليكون خليفته (وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل في الارض خليفة)، اما مناط هذه الخلافة فهي ما جاء في صحف ادريس (التي نشرناها في مجال آخر)أن الله خلق الانسان ليخْلَقَ به.

 

http://www.elaph.com/ElaphWeb/ElaphWriter/2007/1/206399.htm

Link to comment
Share on other sites

  • 2 weeks later...

http://islamweknow.blogspot.com/

 

Sunday, February 4, 2007

Hijab is not a Muslim woman’s dress code

What has occupied Muslims and non Muslim about this controversial topic of hijab as the proper dress for a Muslim woman turns out to be a non-issue from a true Islamic point of view. There is no connection between hijab as is mentioned in the Quran and the woman dress code as is clearly advocated in the Quran. The subject matter is treated in a purely rigorous Islamic methodology using the Quran and the authenticated Sunnah of the prophet (pbuh) as the main sources of information regarding this matter. It is neither a fundamentalist nor a moderate Muslim approach. It is purely an Islamic approach aimed at reaching the truth with regard to this issue that has become of great concern in our time. It can no longer be brushed aside, but has become a very sensitive and a dangerous issue to say the least. It is the sincere desire of the authors of this article that the readers will approach this issue with an open mind and without prejudice to allow for the truth to finally come out. The truth of the matter turns out to be, as will be shown in this article, that hijab as is used in the Quran, has nothing to do with the Muslim woman’s dress code. The dress code for a Muslim woman has been clearly shown in the Quran, as we shall see also later on in this article, to be very flexible and in keeping with the changing times and circumstances that take into consideration the social growth of the society.

Link to comment
Share on other sites

  • 4 months later...

الحجاب بين الدين والسياسة والعرف 2/4

 

 

 

كتابات - ضياء الشكرجي

 

 

 

مناقشة النصوص القرآنية

 

والآن لنناقش النصوص القرآنية التي أوردناها، ومدى دلالتها على الحجاب بصورته الشائعة. وسأبدأ بالنصين الواضح فيهما عدم إمكان الاستدلال بهما على الحجاب، واللذين لا يستند إليهما معظم الفقهاء كدليل على حكم الحجاب، لأنتهي بالنصين المُستـَدَلّ بهما عادة من قبلهم على الحجاب، إضافة إلى استدلالهم بالإجماع، لكي أختم بما هو أقوى لصالح المستدلين بالقرآن على الحجاب، وليس بما هو أضعف.

 

 

 

النص الأول: سورة الأحزاب - الآيتان 32 و 33:

 

يا نِساءَ النَّبِيِّ لَستُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيتُنَّ، فَلا تَخضَعنَ بِالقَولِ فَيَطمَعَ الَّذي في قَلبِهِ مَرَضٌ، وَقُلنَ قَولاً مَّعروفاً (32) وَقَرنَ في بُيوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجنَ تَبَرُّجَ الجاهِليةِ الأولَى، وَأَقَِمنَ الصَّلاةَ وَآتينَ الزَّكاةَ وَأَطِعنَ اللهَ وَرَسولَهُ ... (33)

 

 

 

النص الثاني: سورة الأحزاب - الآية 53:

 

وَإِذا سَأَلتُموهُنَّ مَتاعاً فَاسأَلوهُنَّ مِن وَّراءِ حِجابٍ، ذلِكُم أَطهَرُ لِقُلوبِكُم وَقُلوبِهِنَّ، وَما كانَ لَكُم أَن تُؤذوا رَسولَ اللهِ وَلا أَن تَنكِحوا أَزواجَهُ مِن بَعدِهِ أَبَداً، إِنَّ ذلِكُم كانَ عِندَ الله عَظيماً (53)

 

 

 

بالنسبة للنصين الآنفين، فمن الواضح أن الأمر يتعلق فيهما بأحكام خاصة بنساء النبي (ص) دون غيرهن، ولا أظن أن هناك من الفقهاء المعتبرين ممن يعمم الأحكام الخاصة بنساء النبي على عامة النساء. لكن بعضهم جعل ما هو واجب على نساء النبي (ص) مستحبا بالنسبة لسائر النساء، باستثناء حرمة زواجهن بغيره من بعده، ومن ذلك قوله تعالى «فَلا تَخضَعنَ بِالقَولِ فَيَطمَعَ الَّذي في قَلبِهِ مَرَضٌ»، والمقصود هنا عدم تحدث المرأة بتميُّع وأنوثة و(دلع)، كما يُعبَّر عنه، مع الرجال الغرباء، كي لا يتصورا أن هذا يعبر عن رغبة منها فيهم، أو عرضا من قبلها لنفسها عليهم، والتميع بطريقة الكلام، أو ما أسمته الآية بالخضوع بالقول، هو مما تتجنبه عادة كل امرأة تحترم نفسها، حتى لو لم تكن متدينة، ولكن ربما يكون مصداق مفهوم (الخضوع بالقول) أمرا نسبيا ومتغيرا بتغير العرف. وكذلك يُستفاد من قوله تعالى: «وَقَرنَ في بُيوتِكُنَّ»، في استنباط الكثير من الفقهاء لكراهة خروج المرأة للمجتمع، إلا للحالات الضرورية، حتى بالغ البعض بدعوى استحباب ألا تخرج في حياتها إلا خروجين، وإلا فهي إما سجينة بيت أبيها، أو سجينة بيت زوجها، سجنا مؤبدا بلا ذنب، سوى قدرها أن تكون أنثى، وهذا نادرا ما يُلتزَم به، ولا يفتي به من الفقهاء إلا بعض من السلفيين المتشددين من الفريقين، ومثل ذلك ينطبق على قوله عز وجل: «وَإِذا سَأَلتُموهُنَّ مَتاعاً فَاسأَلوهُنَّ مِن وَّراءِ حِجابٍ»، والأجدر أن يكون ذلك مطلوبا عندما تكون المرأة وهي في بيتها لم تضع على نفسها من اللباس ما يلائم خروجها إلى الرجال الغرباء، كأن تكون بملابس النوم، أو بملابس خفيفة في الصيف تظهر من خلالها مفاتنها الأنثوية المثيرة للرجال عادة، وإلا فلا دليل على تعميمه، وإن كان الكثير من المتدينين المحافظين يلتزمون به، تعبيرا منهم عن التقوى وكمال الطاعة ودقة الالتزام. أما قوله سبحانه: «وَلا تَبَرَّجنَ تَبَرُّجَ الجاهِليةِ الأولَى»، فهذا ما يعممه الكثيرون على عموم النساء بضميمة الآيتين اللتين سنعرض لهما لاحقا. ولذا أرجئ مناقشة هذا النص إلى مناقشتي للنصين الثالث والرابع، ومع هذا يمكن ابتداءً القول أن مسألة التبرج قد تكون هي الأخرى نسبية ومتغيرة بتغير العرف والظرفين الزماني والمكاني، حسبما يرى كثيرون، وإن كانت هناك لا شك بعض الثوابت من الضوابط.

 

 

 

النص الثالث: سورة النور - الآية 31:

 

وَقُل لِّلمُؤمِناتِ يَغضُضنَ مِن أَبصارِهِنَّ وَيَحفَظنَ فُروجَهُنَّ وَلا يُبدينَ زينَتَهُنَّ إِلاّ ما ظَهَرَ مِنها، وَليَضرِبنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيوبِهِنَّ، وَلا يُبدينَ زينَتَهُنَّ إِلاّ لِبُعولَتِهِنَّ أَو آبائِهِنَّ أَو آباء بُعولَتِهِنَّ أَو أَبنائِهِنَّ أَو أَبناء بُعولَتِهِنَّ أَو إِخوانِهِنَّ أَو بَني إِخوانِهِنَّ أَو بَني أَخَواتِهِنَّ أَو نِسائِهِنَّ أَو ما مَلَكَت أَيمانُهُنَّ أَوِ التّابِعينَ غَيرِ أُلي الإِربَةِ مِنَ الرِّجالِ أَوِ الطِّفلِ الَّذينَ لَم يَظهَروا عَلى عَوراتِ النِّساء، وَلا يَضرِبنَ بِأَرجُلِهِنَّ ليُعلَمَ ما يُخفينَ مِن زينَتِهِنَّ، وَتوبوا إِلَى الله جَميعاً أَيُّها المُؤمِنونَ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ (31)

 

 

 

«وَلا يُبدينَ زينَتَهُنَّ إِلاّ ما ظَهَرَ مِنها»، والزينة هي على الأعم الأغلب ما تلبسه المرأة من حلي، وهنا ليس المعول عليه عدم إظهار الحلي، وإنما عدم إظهار الحلي التي تعلو أجزاء جسد المرأة مما لا يجوز لها إظهارها. ولذا فالأمر منوط بما يجوز ولا يجوز إظهاره من جسد المرأة، ولذا نعرض عن مناقشة الزينة كزينة، إلا إذا كان من الزينة ما فيه إثارة جنسية للرجل.

 

 

 

أما قوله تعالى: «وَليَضرِبنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيوبِهِنَّ»، وهو أكثر ما يستدل به على وجوب الحجاب، فيبدو من ظاهر الآية أنه أقرب إلى أن يصلح دليلا على عدم وجوب ستر الشعر منه دليلا على وجوب ستره، ذلك أن الآية تنبه إلى ستر ما يظهر من صدور النساء، ومن غير المعقول أن تكون المرأة من جهة متسامحة في مدى سعة أو عمق فتحة جيب فستانها، بحيث يظهر جزء من صدرها ولعله أعلى نهديها، وتكون من جهة أخرى دقيقة جدا في إخفاء شعرها بالكامل، دون أن تظهر منه ولو شعرة واحدة. ومع هذا نبهت الآية على عدم إظهار الصدر بسعة أو عمق جيب الفستان، دون أن تشير لا من قريب ولا من بعيد، لا تصريحا ولا تلميحا، إلى الشعر. فلو كان الشعر مما يجب إخفاؤه، أو إخفاؤه بهذه الصورة الدقيقة، لقال الله بلغة النهي: «ولا يبدين شعورهن»، أو بلغة الإيجاب: «وليخفين شعورهن»، وهذا ما لم تشر إليه الآية الكريمة من سورة النور. ولذا فالآية وحدها، وهي أشد آيات الحجاب، لا تدل على الحجاب بصورته التي يفتي بها الفقهاء، لذا لا بد من أن يطلعنا فقهاؤنا المحترمون على حقيقة أدلتهم، والظاهر أنهم يعولون على الإجماع فقط. والإجماع من الناحية العلمية الأصولية (نسبة إلى علم أصول الفقه) ليس حجة كما بينا، أو هو حجة ناقصة، وإن كان من الناحية العقلائية عامل ترجيح.

 

 

 

«وَلا يُبدينَ زينَتَهُنَّ إِلاّ لِبُعولَتِهِنَّ أَو ...»: وقد ناقشنا الموضوع في قوله «وَلا يُبدينَ زينَتَهُنَّ إِلاّ ما ظَهَرَ مِنها»، إذن لإظهار الزينة استثناءان، هما أولا «إِلاّ ما ظَهَرَ مِنها»، وثانيا «إِلاّ لِبُعولَتِهِنَّ أَو آبائِهِنَّ أَو آباء بُعولَتِهِنَّ أَو أَبنائِهِنَّ أَو أَبناء بُعولَتِهِنَّ أَو إِخوانِهِنَّ أَو بَني إِخوانِهِنَّ أَو بَني أَخَواتِهِنَّ أَو نِسائِهِنَّ أَو ما مَلَكَت أَيمانُهُنَّ أَوِ التّابِعينَ غَيرِ أُولي الإِربَةِ مِنَ الرِّجالِ أَوِ الطِّفلِ الَّذينَ لَم يَظهَروا عَلى عَوراتِ النِّساء». وأضيف إلى هذا النص قوله تعالى «وَلا تَبَرَّجنَ تَبَرُّجَ الجاهِليةِ الأولَى»، وهو من النص الثاني الذي أرجأنا مناقشته، للعلاقة الوثيقة بهذا النص، وإن كان خطابا موجها بشكل خاص لنساء النبي (ص)، ولكن لو تسامحنا وعممناه، فيبقى مفهوم التبرج هو الآخر نسبيا في مصاديقه بحسب العرف والزمان والمكان، مع التسليم بثبوت ثمة ضوابط.

 

 

 

«وَلا يَضرِبنَ بِأَرجُلِهِنَّ ليُعلَمَ ما يُخفينَ مِن زينَتِهِنَّ»: ربما يكون هذا النص أكثر دلالة على ستر المرأة لساقيها، بحيث لا يُسمَح لها إلا بإظهار القدمين، كما يذهب معظم الفقهاء من الفريقين، باعتبار أن الآية تقرر أن زينة أسفل الساقين، أي الحجلين مخفيان، أساسا، وإنما يدل صوت رنينهما عليهما من جراء مشية خاصة. ولكن قد يكون المشي بطريقة تجعل المرأة يُسمَع ثمة رنين صادر من حجليها بحسب عرف ذلك الزمان من الممارسات التي تثير المرأة بها الرجل، وليس بالضرورة مقصودا به إخفاء كامل الساقين، وإن كان كشف الساقين من مفردات الإثارة الأنثوية بلا شك، تزداد الإثارة معه بمقدار ازدياد الكشف إلى أعلى. وهذا ما سأتناوله لاحقا، أي ما هو أكثر إثارة من جسد المرأة.

 

 

 

النص الرابع: سورة الأحزاب - الآية 59:

 

يا أَيُّها النَّبي قُل لأَزواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ المُؤمِنينَ يُدنينَ عَلَيهِنَّ مِن جَلابيبِهِنَّ، ذلِكَ أَدنَى أَن يُعرَفنَ، فَلا يُؤذَينَ، وَكانَ الله غَفوراً رَّحيماً (59)

 

فيما يتعلق بقوله تعالى: «يُدنينَ عَلَيهِنَّ مِن جَلابيبِهِنَّ»، فهو كلام عن إطالة الثياب من أجل ستر المرأة لساقيها، أما بأي مقدار، فلم تحدد الآية، ولعل القضية تبقى نسبية بحسب العرف، خاصة إن الآية بينت علة الحكم هنا بقوله تعالى: «ذلِكَ أَدنَى أَن يُعرَفنَ، فَلا يُؤذَينَ»، أي ليدللن بطريقة لبسهن على إيمانهن والتزامهن، أو لنقل على عفتهن، كي لا يطمع بهن الرجال - لاسيما عرب الجزيرة يومذاك المعروفين بسيلان لعابهم بمجرد سماع لفظة أنثى، وشدة شهوتهم تجاه النساء - والذين يلاحقون النساء بعيونهم بشهوانيتهم وبشـَرَههم الغريزي الذي يقترب من الحيوانية، فيتحرشون بهن، متوهمين أنهن من اللات يمكن أن يقدمن أجسادهن بسهولة، سواء شهوة منهن، أو بيعا لأجسادهن مقابل مال أو أي شيء آخر، على نحو الدعارة، أو على نحو المتعة التي أباحها الإسلام تنظيما منه للعلاقة الجنسية الموقتة خارج إطار العلاقة الزوجية، مع إن المتعة لا بد أن تكون علاقة متكافئة، وليس علاقة مُستمتِع ومُستـَمع بها، ذلك بحكم قوله تعالى «ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف»، فليست العلاقة الجنسية عبارة عن تلبية من قبل النساء لرغبة الرجال الجنسية، بل هي رغبة متبادلـَة وتلبية متبادَلة، واستمتاع متبادَل، مع إنه يمكن أن يستجيب أحد الطرفين أحيانا للرغبة المبتدئة من الطرف الثاني، بقطع النظر عما كان كل من المبتدئ بالرغبة والمستجيب رجلا أو امرأة. وحيث أن السفور، لاسيما السفور المحتشم لا يدل اليوم على رخص وابتذال المرأة وسهولة شراء أو نيل جسدها من قبل الرجال الشهوانيين، تكون العلة من الحجاب بشكله التقليدي قد انتفت، وبالتالي يكون حكم الحجاب - ليس كليا ولكن على هذا النحو - سالبا بانتفاء علته. وهذا لا يقودنا إلى الإفتاء - ولست من أهل الإفتاء والمعاذ بالله - بحلية السفور مع اشتراطه بالحشمة، فلعل هناك أدلة غائبة عنا، كما لا نستطيع أن ندعي معرفتنا بكامل علة حكم الحجاب، إن وجد ثمة حكم بالحجاب، حسب ما يذهب إليه الإجماع.

 

 

 

15/06/2007

 

 

 

d.sh@nasmaa.com

 

 

 

www.nasmaa.com

Link to comment
Share on other sites

اهم ما يلفت النظر في موضوع المستشار / محمد سعيد العشماوى ، سواء نتفق مع ارائه او لا نتفق، انها تتسم بالموضوعية ، ويحاول عرض الاراء كما هي ، لا كما يريد هو، ثم انه يترك القاري للتامل والتفكير، وهذا ما نحتاجه فعلا

Link to comment
Share on other sites

  • 8 months later...

زي المرأة في الإسلام
بقلم أحمد عقله
ملخص:
يوضح القرآن بجلاء شروط زي المرأة في الإسلام فالحجاب أو الخمار كما نعرفهما اليوم ليسا من القرآن في شئ بل هما من البدع والخرافات ونشئا من الجهل بتعاليم القرآن وأصول الدين, فالحجاب أو الخمار يعودان الي العبادات والتقاليد المتوارثة من المجتمعات القديمة والتي كانت موجودة قبل نزول القرآن سواء المجتمعات المتدينة أو المجتمعات الكافرة.
مقدمه:
وعدنا الله سبحانه وتعالي بأن لا يجعل علينا في الدين من حرج أو مشقه ، كما وعد أن يجعل الدين سلسا للمؤمنين ، عصيبا على الكافرين, وهذا الوعد بسهولة الدين إنما ينطبق فقط على الذين يستمعون الي الله سبحانه وتعالي في القرآن ويتبعونه دون تحريف او زيادة أو نقصان، أما هؤلاء الذين لا يجدون في كتاب الله ما يكفيهم فقد وعدهم الله بالضلالة والعسرة والظلام.
)وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) (الحج:78)


وليسهل الله سبحانه وتعالي الأمر لعباه المؤمنين فقد وضع عدة شروط في القرآن الكريم لهؤلاء العباد ليفهموا أمره وحكمه ، ورفض هذه الشروط كلها أو أي منها يمثل عصيان للخالق الكريم ورفضا لأوامره وأحكامه . وقبل أن نوضح زي المرأة في الإسلام كما يبينه القرآن نحب أن نذكر القارئ بهذه الشروط التي يشرحها الله سبحانه وتعالي في كتابه الكريم .
والإيمان بمثل هذه الشروط هو فرض أساسي لفهم ما قدمه القرآن من شروط لزي المرأة لمؤمنة المسلمة :
1) القرآن كتاب كامل وشامل وتام انظر الآيات 115،114،38،19 من سورة الأنعام و 45 من سورة ق

)وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (الأنعام:115)


2) القران كتاب قيم عظيم كريم لا ترى فيه من تفاوت ولا يدخله الباطل من بين يديه أو من خلفه.
)لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فصلت:42)


)مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (يوسف:40)


انظر ايضا الآيات (30: 30 ) و (30: 43) و (98: 9 )
3) القرآن كتاب مفصل ، فصلت آياته أحسن تفصيل فالله سبحانه وتعالي هو الذي سماه مفصلا وإذا كان الله قد فصل كتابه تفصيلا فلن يقبل لأي إنسان أن يحاول تفصيله من بعده.

)أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) (الأنعام:114)


انظر ايضا (10: 37 ) ،(41: 3 ) ، (44: 1 ) ،(7: 52 ) و (12: 111 ).

4) لا يحتاج الله سبحانه وتعالي اية إضافة الي كتابه المفصل فالله يعلمنا في القرآن أنه لا تنقصه الكلمات ولا يخونه التعبير ولو أنه أراد أن يرسل لنا قرآنا أكبر من هذا القرآن ولو بآلاف المرات لفعل ذلك انظر (13: 109 ).
ولكن الله يشهد وشهادته الحق ، أن القرآن كامل بما يحتويه الآن من كل السور والآيات . وهذا معناه أننا لسنا في حاجة الي كتب أخرى .
5) يصف الله قرآنه بأنه أحسن الحديث ويطلب من المؤمنين حقا بأن لا يقبلوا أي حديث آخر بعد القرآن كمرجع لهذا الدين القيم .انظر (77: 50 ) ، (45: 6) ، (39: 23 )، (31: 6 )، (7: 185 ).

)أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) (لأعراف:185)


6) يحذر الله عباده المخلصين من الوقوع في الشرك باتباع مصادر للدين غير القرآن الكريم وخاصة ما يصدر من بعض العلماء والذي يخالف ما في القرآن ويضرب الله لنا مثلا باليهود والنصارى الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله . انظر( 9: 31)

7) يتهم الله سبحانه وتعالي هؤلاء الذين يحرمون ما لم يحرمه الله بالكذب والفسق والنفاق بالإضافة الي الشرك بغير الله وكما نعرف فإن ذنب الشرك بالله لا يغفر أبدا إذا مات الإنسان مشركا انظر (10: 59) ( 6: 119)( 7: 32) ( 9: 37) ( 5: 97)

)قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ) (يونس:59)


8) يؤكد القرآن في أكثر من آية أن النبي محمد يمثله القرآن ولا شئ سوى القرآن فهو خاتم الأنبياء كما يعلمنا القرآن ( 33: 40) فالنبي محمد لم يكتسب هذه المكانة لكونه محمد بن عبد الله ولكنه اكتسبها لأن الله كرمه بتبليغ آخر رسالات الله الي العالم ، الرسالة الكاملة ، التامة ، والمفصلة ، القرآن الكريم.
فالإسلام هو دين من الله والى الله وعن الله وليس دينا عن النبي محمد الذي يذكرنا الله بأنه بشر مثل كل البشر حتى لا نقع في الخطأ الذي وقع به النصارى من تأليه وتعظيم لنبيهم عيسى عليه السلام.
ويؤكد لنا القرآن أن وظيفة النبي محمد كانت أن يبلغ القرآن كاملا كما أوحى به الله اليه ، انظر (5: 99 و 100 ) ،( 13 : 40) و (42 : 48 ) وليس من مهمته أن يحرم أو يحلل ما لم يحرمه أو يحلله الله في القرآن وعندما حرم ما لم يحرمه الله ، عاتبه الله علنا ليؤكد لنا أن الله لا يتنازل عن أوامره في القرآن لأي إنسان حتى ولو كان نبيه ورسوله.
اقرأ المثال الذي ضربه الله لنا في سورة 66 :
)يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (التحريم:1)

هذه الآية تؤكد لنا أن أي تحريم أو تحليل لا يتفق مع القرآن إنما يمثل كذبا وافتراء على الله ورسوله ويجب أن يرفض من أي مؤمن بالله سبحانه وتعالي.
9) المؤمن الحقيقي يعرف معرفة اليقين أن ما يذكره الله في القرآن هو مقصود وأن ما يتركه الله ولا يذكره هو مقصود أيضا فالله جل جلاله لا ينسى ولا يتناسى ( انظر 19: 64) وهو الخبير العليم وليس لأي انسان أن يفترض أن الله نسى أمرا أو تناساه فيزيد هذا الأمر على القرآن أو يضيفه الي القوانين الكاملة في كتاب الله حتى لو ادعى ان الرسول هو الذي فعل ذلك فالرسول لم يبلغ الا القرآن ولم يستخدم الا القرآن وعندما توفاه الله ترك لنا كتابا واحدا مكتوبا وكاملا وهو القرآن الكريم. ولم تفعل كتب الأحاديث التي كتبها كتابها بعد وفاة الرسول, إلا أن زادت على القرآن الكريم ما لم يشرعه الله ورسوله وادعوا أنه من قول الرسول الذي عاش حياته كلها بالقرآن ولا شئ سوى القرآن بل إن الرسول الكريم أمرهم أن لا يكتبوا سوى القرآن ومات ولم يغير هذا الأمر.
10) يفهم المؤمنون أن الله كامل في كونه وأعماله وكذلك قرآنه فنحن لا يمكننا أن نحسن ما وصفه الله بأحسن الحديث أو أن نفصل ما وصفه الله بأنه مفصلا أو نعدل ما وصفه الله بأنه قيما لذلك فإن هؤلاء الذين لا يكفيهم حكم الله في القران انما هم الذين يصفهم الله بالشرك والنفاق . هؤلاء هم الذين يجدون في كل كتاب غير القرآن شرعهم ودينهم ومنهاجهم.
ويأمرنا الله جل جلاله بأن نراجع كل أمر ونتفحصه لنتأكد من صحته قبل أن نقبله:
)وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (الاسراء:36)


لذلك يجب على قارئ هذه المقالة أن يتأكد من أن كل أمر في هذه المقالة يعتمد على آيات الله في كتابه الكريم وعلى كل قارئ أن يراجع هذه الآيات بنفسه في القرآن الكريم
ثلاثة شروط لزي المرأة في الإسلام
الشرط الأول في خير اللباس

)يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) (لأعراف:26)


تحتوى هذه الآية على أهم الشروط في لباس المرأة وبدون هذا الشرط لا ينفع أية امرأة لباسها مهما كان هذا اللباس سواء كان هذا اللباس خيمة ، برقع أو جلباب.
الشرط الثاني : غطاء الصدر ( الجيب) :
يوجد الشرط الثاني في الآية 24: 31 في هذه الآية يأمر الله المرأة بأن تغطى صدرها ( الجيب) ولنراجع هذه الآية لنفهم الأمر الإلهي فيها.

كلمة الحجاب في القرآن
يستعمل كثير من المسلمين كلمة ( الحجاب ) لوصف ما يسمونه بالزي الإسلامي للمرأة , خاصة غطاء الرأس والذي يصفه البعض أيضا بأنه يجب أن يغطى العين اليسرى للمرأة تاركا لها العين اليمنى فقط لترى بها طريقها وأكثر المسلمين لا يعرفون أن كلمة الحجاب الموجودة في القرآن تتكرر سبع مرات وليس في هذه السبع مرات ولو مرة واحده استعملت كلمة الحجاب لتعنى زي المرأة و لباسها.
نبذة تاريخية عن الحجاب
بينا يدعي بعض المسلمين أن الحجاب هو زي إسلامي فإنهم يكشفون عن جهلهم بالقرآن والتاريخ, فالحجاب كزي للمرأة ليس له علاقة بالإسلام أو القرآن.فالحجاب أو الخمار يرجعان للحضارات الإنسانية القديمة قبل الإسلام والدارس للفن الروماني والاغريقي سوف يجد الحجاب أو الخمار في الآثار الفنيه من رسم وتماثيل وقوانين وضعيه . ففي العصر الروماني والإغريقي كان كلا من الرجال والنساء يلبسون غطاء للرأس في احتفالاتهم الدينية . من هذه العادات أخذ اليهود عادة غطاء الرأس للرجال والنساء وكتبوها في التلمود مدعيين أن هذه قوانين من عند الله وكلنا نعرف أن التلمود لليهود هو كمثل الحديث والسنه عند المسلمين ، فكلها قوانين مكتوبة بأشخاص عاشوا بعد وفاة الأنبياء وادعوا أنها من عند الله برغم عدم وجود هذه القوانين في الكتب السماوية وبعد اليهود استمر النصارى في عادة تغطية الرأس. وانه لمن المهم أن نذكر القارئ بما أ كده أحد الحاخامات اليهود من أن التوراة نفسها ليس بها أمر واحد للمرأة بتغطية الرأس ولكنه يوجد في التلمود ، والتلمود هو الكتاب الذي كتبه الحاخامات بعد وفاة أنبياء بنى اسرائيل وما زال الحاخامات يشجعون المرأة اليهودية على تغطية رأسها في المعابد اليهودية ، ومثلهم يشجع القساوسة المرأة المسيحية على تغطية رأسها, بناء على العادات التي ورثوها من اليهود وليس بناء على القوانين الالهيه ..
وكما نتوقع, فإن قدماء العرب سواء كانوا يهودا أو نصارى أو مسلمين غطوا رؤوسهم نتيجة للعادات المتوارثة وليس نتيجة للدين الإلهي في التوراة والإنجيل والقرآن وكما نعرف كلنا فإن كثيرا من الرجال في منطقة الجزيرة العربية ما زالوا يغطون رؤوسهم كجزء من العادات القبليه المتوارثة وكذلك تفعل النساء, وهذه العادات كانت أهم منها في المناطق الصحراوية عن مناطق الحضر حيث يلزم غطاء الرأس وأحيانا الوجه لتجنب لفحة الشمس وعواصف الرمال المتكررة حتى أصبح غطاء الرأس عادة من العادات العربية وليس له أساس إسلامي أو عقائدي.
باختصار ، الحجاب عبارة عن زي تقليدي متوارث من قبل زمن القرآن الكريم ولم ينزل به أي قانون الهى في التوراة أو الإنجيل أو القرآن وفي بعض الأماكن في العالم فإن الرجال هم الذين يرتدون الحجاب بينما النساء من نفس القبيلة لا يرتدون الحجاب كم نرى في قبائل الطوارق في شمال افريقيا .
وإنه من أخطر الأمور أن نخلط بين العادات والتقاليد وبين ما يأمرنا الله به في كتبه الكريمة لأن الإدعاء بأن أي عادة من العادات هي من عند الله هو إدعاء كاذب يماثل الشرك بالله والكذب في حقه جل جلاله, تعالي عن كل إدعاء كاذب.

)فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ) (يونس:17)


وعندما تصبح العادات والتقاليد أهم عند الناس من قوانين الله سبحانه وتعالي في القرآن يصبح الدين فاسدا ويفشلوا وتذهب ريحهم ويختفي النصر الذي وعده الله عباده ويحل محله الهزيمة والخسران.
كلمة الخمار في القرآن
توجد كلمة الخمار في سورة النور في الآية 31 وهى الآية التي يشير اليها بعض المسلمين على أنها تحتوى على الأمر بغطاء الرأس والوجه ولكن بعد دراسة هذه الآية الصريحة سنجد أنها لا تحتوى إلا على الأمر بأن تستعمل المرأة ما تلبسه لتغطى فتحة الصدر وهى ما تعرف في العربية "بالجيب" وليس في الايه أية أوامر أكثر من هذا. فنحن لا نجد حتى ولو مجرد ذكر لكلمة رأس ، شعر أو وجه في هذه الآية ويجب أن نعرف أن الله سبحانه وتعالي استعمل هذه الكلمات الثلاثة في القرآن في أكثر من آيه ولكنه لم يذكرهم في الآية 31 من سورة النور ليس لأنه ينسى ، استغفر الله, بل لأنه سبحانه وتعالي يأمر ما يريد أن يأمر به بدون زيادة أو نقصان ..
ولقد ادعى المسلمون أن كلمة خمار في هذه الايه في قوله تعالي ( وليضربن بخمرهن ) هو غطاء الرأس متناسين في ذلك المعنى الصريح لكلمة خمار وهى غطاء ، أى غطاء, وهو نفس السبب لإستعمال كلمة خمر للإشارة الي المشروبات الروحيه التي تفرض غطاء من سوء الحكم والفهم على شاربها .وبينما أمر الله المرأة بأن تغطى صدرها بردائها الذي ترتديه ادعى كاتبوا التفاسير أن الله يقصد للمرأة أن تغطى رأسها ووجهها وكأن الله كان في حاجة اليهم, استغفر الله, ليبينوا مالم يبينه الله بل وصل بهم الأمر أن يدعوا أن كلمة خمار وهى تعنى غطاء إنما تعنى فقط غطاء الرأس وهو أمر خطأ لغويا ودينيا ودنيويا .، فغطاء المائدة هو خمار وغطاء النافذة هو خمار وغطاء السرير هو خمار وجلباب المرأة هو خمار . ولو أراد الله أن يأمر المرأة بأن تغطى رأسها أو وجهها أو شعرها لفعل ذلك فإنه جل وتعالي أعظم من أن يترك أمرا من أوامره للبشر ليصدروها أو يغيروها .
وإذا قرأنا حتى آخر الآية 31 " ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن " لأيقنا أن طريقة مشى المرأة وضربها بأرجلها لا تؤدى الي ظهور شعرها أو وجهها ولكن الي مبالغة واهتزاز أجزاء من جسمها يعتبرها الرجل من زينة المرأة التي تثير غريزته, الأجزاء التي تختفي تحت ردائها.
ولاشك أن الله في رحمته الواسعة أمر المرأة أن تغطى من زينتها ما ليس من الضروري كشفه ولكنه لم يحدد نوعية ومقدار هذه الزينة ولم يذكر اسماء هذه الأجزاء من الزينة رغم علمه بكل أجزاء جسم المرأة لأن المكان والزمان والموقف لكل إمرأه مسلمة يختلف عن غيرها, والمرأة في حكم فهمها للدين وظروفها عليها أن تختار ما تعتبره مناسبا يرضى ضميرها ودينها وربها ، محافظه ، معتدلة ، وصالحه في اختيارها لما يناسب وضعها ، غير كاشفة عما لا تحتاج كشفه.
بعد الأمر الإلهي في الآية 31 لا يستطيع أى إنسان مهما كان فكر ه أن يطيع الا ما أمر الله به أو ينهى الا ما ينهى عنه الله ولو فعل غير لدل ذلك على كفره وعصيانه وفشله في اتباع القرآن ذلك الكتاب الكامل المفصل .
لذلك يعتبر اتباع أوامر أى إنسان غير موجود في القرآن شرك صريح بالله سبحانه وتعالي.
والمرأة التي تلبس الحجاب لأنه من ضمن عادات قومها أو مجتمعها لم ترتكب أى خطأ طالما فهمت أن لبس الحجاب ليس فرض من الله سبحانه وتعالي .. ولكن المرأة التي تلبس الحجاب وتدعوا اليه معتقدة أن الله أمر به إنما ترتكب ذنبا لا يغفر لأنها أشركت في حكم الله أناسا فرضوا قوانين لم يأت بها الله ولا رسوله الكريم وضللت من رسالة القرآن وطريقه المستقيم ..
وعلى هؤلاء مسئولية دراسة الأمر في القرآن ليتدبروا آياته ويعلموا الحق من أحسن الحديث من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة.
الشرط الثالث في : ليدنين عليهن من جلابيبهن:
ويوجد هذا الشرط واضحا صريحا في الآية 59 من سورة الأحزاب
)يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) (الأحزاب:59)


وفي هذه الآية يأمر الله زوجات النبي وبناته ونساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن بمعنى أن يرتدوا من ملابسهن ما هو طويل بما فيه الكفاية والتعبير أيضا كما تعمده الله لا يحدد مدى هذا الطول هل هو الي الكعبين أو الي الركبة أو بينهما والله لم يحدد هذا الطول الا لسبب واحد هو أن يعطى المرأة المؤمنة كامل الحرية في تحديد ما تعتبره طولا مناسبا في المكان الذي تعيش فيه ، ثقة من الله في حسن حكم المرأة المؤمنة التي تختار ثيابها وهدفها الكمال والجمال والتقوى كما علمها الله في كتابه الكريم, والله في رحمته يعلم أن ما يعتبر مناسبا في دمشق قد يعتبر فاضحا في الرياض وما يعتبر معتدلا في لندن قد يعتبر خليعا في الخرطوم ولذلك لم يصدر له حكما واحدا لا يراعى فيه المكان أو الزمان وهو أعلم بعباده وهو أرحم الراحمين ولأن الله لم يحدد هذا الطول أو شكل هذا الجلباب فإنه ليس بالإمكان أي من البشر أن يعدل ما حكم الله به أو أن يغيره و يحدده بفهمه القاصر على ظروف معيشته و مكانه أو زمانه ونحن لسنا أكثر حكمة من الله أو أعلم منه بعباده.
لا جناح على المرأة
وحين يصبح لا جناح على المرأة في إظهار بعض من زينتها في حضور أفراد العائلة سمح الله للمرأة الا تتقيد بالشروط السابقة ولكن في حدود المعقول وما يسمح به الأدب والاحترام للمحيطين بها.
)لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنَّ وَلا إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلا نِسَائِهِنَّ وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً) (الأحزاب:55)


)وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (النور:60)


خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ
)يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (لأعراف:31)


ما جعل عليكم في الدين من حرج

لقد كانت سنة الله لخلقه ألا يجعل الدين عليهم صعبا طالما سمعوا لكلماته واتبعوا هداه وتدبروا كتابه أما هؤلاء الذين لا يكفيهم كتاب الله الكامل الشامل التام فقد فرض لهم أن يخرجوا من رحمته ونصره وعزه ليقعوا فريسة للشيطان فيجعل حياتهم صعبه تعيسة ومعقده غير ما ينتظرهم من عذاب أليم في الآخرة . فالله سبحانه وتعالي لم يأمرنا إلا بما يريدنا أن نفعل ولم يذكر أية من الأمور الآخرى التي لا تؤدى الي هدانا في هذه الحياة أو نجاتنا في الآخرة . فالله على سبيل المثال لم يأمرنا أن ننام على الجانب اليمين أو اليسار أو كيف ندخل بيوتنا بالقدم اليمنى أو اليسرى أو كيف نتصرف لو سقطت ذبابة في الطعام أو ماذا نقول قبل الجماع, وغيرها من الأمور الدنيويه لأن هذه الأمور متروكة لنا لنتصرف فيها حسب فهمنا وظروفنا طالما طبقنا القرآن الكريم الذي يأمرنا أن نذكر الله ذكرا كثيرا ونسبحه بكرة وأصيلا , ولأن الله بعلمه الواسع عر ف أن معظم هذه الأمور الدنيوية لا أهمية لها في التقوى فإنه لم يصدر في شأنها أوامر وهذا ما أثار الفزع في هؤلاء الذين لا يجدون في كتاب الله كل ما يعنيهم سواء كان ذلك يعنى الله جل جلاله أم لا يعنيه , فأضافوا الي كتاب الله كتب عديدة يدعون فيها أن الله يريد الناس أن تفعل هذا وذاك في كل صغيرة وكبيرة من الأمور التي لا علاقة لها بالإيمان والتقوى ووقعوا في الشرك والظلمة والخسران
)أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (العنكبوت:51)


ويذكرنا الله أن هؤلاء الذين لم يكفهم كتابه سوف يأتون يوم القيامة منكرين لشركهم
وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمْ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ(22)ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ(23)انظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ(24) ( الأنعام:22-24)

بل يعلمنا الله أن الرسول سيشتكى من المسلمين يوم القيامة وشكوته هي الحق لأنها مؤكدة في كتاب الله وعلى كل مؤمن أن يعرفها حتى يتجنبها
وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا(الفرقان:30)

الاستنتاج:
وضع الله ثلاثة شروط لزي المرأة في الإسلام من خلال أوامره الربانية في القرآن الكريم.

1) خير اللباس التقوى
2) على المرأة أن تغطى صدرها بردائها.
3) على المرأة أن تدنى عليها جلبابها بمعنى أن يكون
رداءها طويلا بما فيه الكفاية ليعطيها احترام من حولها.
وسمح الله للمرأة أن تتصرف بحرية كاملة في تغطية ما تعتبره زينة داخليه وأن تكشف فقط عما تعتبره لزوم الأمر والموقف.حيث تتصرف في وجود زوجها واهلها بحرية أكثر من حالة وجود غرباء عنها. لم يأمر الله في القرآن بأن ترتدى المرأة لحجاب أو الخمار الذي توارثه الناس من قبل القرآن وعلى هؤلاء الذين يرتدونه أن يعرفون أنه من عادات قومهم وليس من الدين في شئ.
والله دائما كاف عبده المؤمن ولكنه غير كاف للمشركين بالله الذين لا يجدون في هذه الشروط الثلاثة المفصلة في القرآن ما يكفيهم فأضافوا اليها من كل كتاب يجدونه حتى أصدروا حكمهم المخالف لحكم الله بما فيه من تغطية الرأس والشعر والوجه وحتى تحكموا في ألوان الملابس وكونها ونوعها وحجمها وطولها وكأن الله الحكيم العليم قد نسى هذه الأمور ، استغفر الله.

لقد أعطى الله سبحانه وتعالي للمرأة المسلمة ثلاثة شروط سهلة التنفيذ في القرآن ، ثقة منه, ورحمة بها وتخفيفا عليها ولكن العادات والتقاليد أفسدت هذه الشروط الربانية وحاولت أن تتغلب على الأوامر الإلهية وتلغيها ولكن الله ورسوله تركوا لنا كتابا فيه كل ما يريد الله منا، فيه هدى ورحمة للذين يتبعونه وفيه الدين قيما به نهتدى ومنه نقتدى واليه نرجع أمورنا والله على ما أقول شهيد

Link to comment
Share on other sites

  • 2 weeks later...

رءوسهن أمثال أسنمة البخت المائلة , لا يرين الجنة ولا يجدن ريحها

محسن المصري

 

 

 

 

حديث أبي هريرة قال " قال الرسول صلى الله عليه وسلم {--- صنفان من أهل النار--- , لم أرهما بعد : نساء كاسيات عاريات , مائلات مميلات , على رءوسهن أمثال أسنمة البخت المائلة , لا يرين الجنة ولا يجدن ريحها-----* ورجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس* ----} رواه مسلم --------إن تتبعنا الآيات القرآنية والسنة المحمدية والآثار السلفية في هذا الموضوع الهام قد بين لنا أن المرأة إذا خرجت من دارها وجب عليها أن تستر جميع بدنها وأن لا تظهر شيئا من زينتها حاشا وجهها وكفيها - إن شاءت - بأي نوع أو زي من اللباس ما وجدت فيه الشروط الآتية :--------{{{شروط الجلباب}}}------- 1 - استيعاب جميع البدن إلا ما استثني .- 2 - {{{أن لا يكون زينة في نفسه}}} . )- 3 - أن يكون صفيقا لا يشف . )- 4 - أن يكون فضفاضا غير ضيق . )- 5 - أن لا يكون مبخرا مطيبا . )- 6 - أن لا يشبه لباس الرجل . )- 7 - أن لا يشبه لباس الكافرات . )- 8 -{{{{{{ أن لا يكون لباس شهرة}}}}}-------....قَالَ تَعَالَى....وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ----هذا أمر من الله تعالى للنساء المؤمنات وغيرة منه لأزواجهن عباده المؤمنين وتمييز لهن عن صفة نساء الجاهلية وفعال المشركات . وكان سبب نزول هذه الآية ما ذكره مقاتل بن حيان قال : بلغنا والله أعلم أن جابر بن عبد الله الأنصاري حدث أن أسماء بنت مرثد كان في محل لها في بني حارثة فجعل النساء يدخلن عليها غير متزرات فيبدو ما في أرجلهن من الخلاخل وتبدو صدورهن وذوائبهن فقالت أسماء : ما أقبح هذا فأنزل الله تعالى " وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن " الآية فقوله تعالى " وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن" أي عما حرم الله عليهن من النظر إلى غير أزواجهن ولهذا ذهب كثير من العلماء إلى أنه لا يجوز للمرأة النظر إلى الرجال الأجانب بشهوة ولا بغير شهوة أصلا واحتج كثير منهم بما رواه أبو داود والترمذي من حديث الزهري عن نبهان مولى أم سلمة أنه حدثه أن أم سلمة حدثته أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وميمونة قالت : فبينما نحن عنده أقبل ابن أم مكتوم فدخل عليه وذلك بعدما أمرنا بالحجاب فقال رسول الله " احتجبا منه " فقلت يا رسول الله أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أوعمياوان أنتما ؟ أو ألستما تبصرانه ؟ " ثم قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح ..... وقوله" ويحفظن فروجهن " قال سعيد بن جبير : عن الفواحش وقال قتادة وسفيان : عما لا يحل لهن وقال مقاتل : عن الزنا وقال أبو العالية : كل آية نزلت في القرآن يذكر فيها حفظ الفروج فهو من الزنا إلا هذه الآية " ويحفظن فروجهن " أن لا يراها أحد وقوله تعالى " ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها" أي لا يظهرن شيئا من الزينة للأجانب إلا ما لا يمكن إخفاؤه قال ابن مسعود : كالرداء والثياب يعني على ما كان يتعاطاه نساء العرب من المقنعة التي تجلل ثيابها وما يبدو من أسافل الثياب فلا حرج عليها فيه لأن هذا لا يمكنها إخفاؤه ونظيره في زي النساء ما يظهر من إزارها وما لا يمكن إخفاؤه وقال بقول ابن مسعود الحسن وابن سيرين وأبو الجوزاء وإبراهيم النخعي وغيرهم وقال الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : " ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها " قال : وجهها وكفيها والخاتم . وروي عن ابن عمر وعطاء وعكرمة وسعيد بن جبير وأبي الشعثاء والضحاك وإبراهيم النخعي وغيره نحو ذلك وهذا يحتمل أن يكون تفسيرا للزينة التي نهين عن إبدائها كما قال أبو إسحاق السبيعي عن أبي الأحوص عن عبد الله قال في قوله " ولا يبدين زينتهن " الزينة القرط والدملوج والخلخال والقلادة وفي رواية عنه بهذا الإسناد قال : الزينة زينتان فزينة لا يراها إلا الزوج : الخاتم والسوار وزينة يراها الأجانب وهي الظاهر من الثياب وقال الزهري : لا يبدين لهؤلاء الذين سمى الله ممن لا يحل له إلا الأسورة والأخمرة والأقرطة من غير حسر وأما عامة الناس فلا يبدو منها إلا الخواتم وقال مالك عن الزهري " إلا ما ظهر منها " : الخاتم والخلخال
Link to comment
Share on other sites

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
Reply to this topic...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...
×
×
  • Create New...