Jump to content
Baghdadee بغدادي

المشتركة بين الإناث والذكور من جهاد ونضال .. إلى بشرى واحسان


Recommended Posts

 

المشتركة بين الإناث والذكور من جهاد ونضال .. إلى بشرى واحسان

 

تقليد عربي ركيزته الصفات والسير الحميدة.. وأسبابه اجتماعية وسياسية وفكرية

 

بيروت: كارولين عاكوم لندن: «الشرق الأوسط»

«نور، صباح، وسام، نجاح، سلام، سماح، عصمت، جمال، إقبال، احسان, بشرى، إلهام».. وغيرها من الأسماء التي تزخر بها اللغة العربية، وتطلق على الإناث والذكور من دون أن ترجح كفة أي منهما على أحقية الأنثى أو الذكر في حملها. لكنها، أحيانا، أو قل كثيرا، قد تشكل عبئا على الاثنين معا، لا لسبب غير عدم وضوح صورة جنس الفرد حين يذكر اسمه في المجتمع، خاصة إذا كان غير مشار إليه في وجوده، أو ماثلا/ ماثلة شخصيا عند لحظة المناداة.

ورجوعا إلى تاريخ التسميات، فإنه غالبا ما يرتبط اسم الانسان الشرقي أو العربي بشكل خاص بالبيئة التي يعيش فيها، فيكون دليلا واضحا يعكس ثقافة الوالدين أو انتماءهما الفكري. أما العلمانيون والقوميون فيختارون لأولادهم أسماء تحمل معاني تبتعد قدر الإمكان عن الهوية الدالة على المعتقد، أو الطائفة. وتحمل في معظمها صفات حميدة مستوحاة من قلب اللغة العربية الغنية بمعانيها.

 

وفي حين ينفرد كل جنس بأسماء لا تعد ولا تحصى، خصوصا في ظل تزايدها يوما بعد يوم انسجاما مع التطور الحاصل على كافة الصعد، إذ أصبح ثمة وجود لما يسمى «عولمة الأسماء»، كما يطيب للباحث والأستاذ الجامعي اللبناني الدكتور حسان حلاق أن يقول. وتنتشر في المجتمعات العربية ظاهرة الأسماء المشتركة بين الإناث والذكور، والتي يلاحظ أنها تعود الى صفات تضيف الى حاملها ميزة خاصة توحي بميل الأهل الى وضع ابنهم/ ابنتهم في اطار توجههم أو أفكارهم الناتجة عن أسباب اجتماعية أو ثقافية أو سياسية.

 

وما سهّل المهمة على العرب، بحسب الدكتور حلاق، هو غنى اللغة العربية التي تسمح باستخدام ما يسمى «الصيغ العربية المشتركة» سواء في اطار الاسماء أو المصطلحات. ويعطي حلاق مثالا على ذلك استخدام الشعراء العرب في مصر وبلاد الشام في العهود الأموية والعباسية ألفاظا مشتركة بين الاناث والذكور: مثلا دأبوا على مناداة المرأة والرجل بـ«يا سيدي» من دون تفرقة بين الجنسين، وهذا ما انسحب أيضا على الشعراء الاسبان الذين تأثروا بالشعر العربي وغازلوا المرأة بلفظة «ميوسيت» التي تعني «يا سيدي».

 

ويوضح حلاق «اعتاد العرب منذ ما قبل الاسلام إطلاق أسماء موحدة على القبائل والرجال والنساء، مثل قبيلة ربيعة، الاسم الذي حمله آنذاك الجنسان، ومنهم والد الشاعر عمر بن أبي ربيعة». ويضيف حلاق «منذ ذلك الحين تورثت الأسماء، وهي ما زالت موجودة في عصرنا، وإن اتجهت نحو الأسماء التي تلائم الجنسان، ولا تميل الى فئة منهما من دون أخرى، كتلك الأسماء المنتشرة في مجتمعاتنا، مثل، سماح ووسام وسلام ورحاب..».

 

ويؤكد الدكتور عبدو قاعي، المتخصص في علم الاجتماع، أن شيوع هذه الظاهرة في المجتمعات العربية يعود بالدرجة الأولى الى المعاني التي تحملها هذه الأسماء، وهي صفات يعتمدها العرب لإضفاء سمات تميز أبناءهم عن غيرهم. ويقول الدكتور قاعي «تنفرد لغتنا ومجتمعاتنا العربية بهذه الميزة التي تسمح باستخدام صفات مشتركة بين الجنسين، وهي غير قابلة للتأنيث، ما جعل العرب يستفيدون منها في تسمية أبنائهم، وهي إضافة إلى ذلك تلعب دورا إيجابيا، نظرا لبعدها عن الأسماء الدينية التي تعكس انتماء الفرد الطائفي أو المذهبي».

 

ويعزو الدكتور حلاق اعتماد هذه الأسماء الى أسباب وراثية واجتماعية ودينية وسياسية برزت بشكل واضح في تاريخ الشعوب العربية التي أطلقت على أبنائها أسماء القادة والشخصيات التي تركت بصمة في تاريخهم. ويعطي مثالا على ذلك اسم الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر، الذي تحمل اسمه أجيال بعينها من العرب النساء والرجال الذين تسارع أهلهم الى تسميتهم باسمه اعجابا بشخصيته وإنجازاته. وما ساعد على ذلك امكانية اطلاق الاسم على الجنسين في الوقت عينه، ويضيف «وكذلك كثرت هذه الظاهرة في فترة المد القومي حين انطلقت المقاومة الفلسطينية عام 1965 اذ كثرت في ذلك الوقت الأسماء التي لها علاقة بالمقاومة والنضال مثل: جهاد ونضال وكفاح وحنين.. وكلها مستوحاة من الحالة العامة التي تعيشها المجتمعات العربية في حربها وأزمتها مع اسرائيل».

 

وبشكل عام يقول حلاق «تلعب ثقافة العائلة دورا مهما في اختيار الأسماء، اذ تبتعد العائلة المثقفة عن الأسماء القديمة أو الكلاسيكية الخالية من أي معنى أو الدينية التي تعكس مباشرة هوية الشخص وانتماءه الطائفي، لذا تكثر في هذه الأوساط الأسماء المشتركة بين الذكور والإناث والتي تحمل في معظمها معان وصفات حميدة».

 

ويشير حلاق الى أنه رغم وجود أسماء موحدة في بلدان عربية عدة، قد تتفرد بعض الدول بأسماء دون غيرها، وهذا يعود الى السائد الموروث الأكثر حضورا في مجتمع كل منها. فمثلا تكثر في السودان والخليج العربي أسماء مشتركة بين الاناث والذكور مستوحاة من الأحجار الكريمة، كجوهر ولؤلؤ ومرجان/ مرجانة، وياقوت. وليس ثمة تفسير مؤكدا لهذا، سوى ان ثمة حقيقة عالمية تشير إلى أن التسمية، وفي أية بقعة في العالم، تنبع من داخل المجتمع.. تاريخه واقتصاده وسبل كسب العيش فيه، أحيانا، وأمانيه.

 

وان تعددت أسباب اعتماد هذه الأسماء التي ترافق حامليها طوال العمر، تبقى آثارها على الفرد نفسه متفاوتة من شخص إلى آخر. ففي حين يتباهى بعضهم بها وتشكل عامل فخر لما يحمل اسمه من معنى راق، قد يتحول بالنسبة الى البعض الآخر عبئا يلازمه ويتذكره في كل مرة يناديه أحد ما، خصوصا أن هذه المناداة تترافق مع تساؤلات متعلقة بسبب اللغط الحاصل بين جنس المسمى وسبب التسمية.

 

إضافة إلى هذه الأسباب، يرى الدكتور قاعي أن هناك تقليدا تلجأ اليه بعض العائلات التي تطلق أسماء مشتركة على أبنائها وهو يتمثل بأمنية يطمح الأهل الى نيلها، وهي أن يرزقوا طفلة أو طفلاً كي تكتمل صورة العائلة المثالية التي تشمل بين ثناياها الجنسين، فإذا لم يكن الواقع على قدر الأماني ورزقوا عكس ما تمنوا، لجأوا الى اعتماد أسماء مشتركة بين الذكور والإناث علها تروي غليلهم، وإن بالاسم.

 

ومن سير التسميات ما درج عليه آباء سموا أبناءهم وبناتهم بأسماء غربية، غير آبهين بعدم شيوعها في المجتمع أو غرابتها عليه. فصرنا نسمع أسماء مثل سوناتا، المأخوذ من لغة الموسيقى الكلاسيكية، ومثل زوسر، الملك الفرعوني. ولعل بعض اليساريين العرب سبقوا في تسمية أبنائهم بأسماء رموز الاشتراكية، مثل لينين وجيفارا وكاسترو، وقليلون سموا ستالين. حتى أن اسم جيفارا الثائر الارجنتيني العالمي سميت به مولودة، هي الآن مراسلة صحافية تلفزيونية. ويبدو أن أباها، كما ذكرت جيفارا البديري في مقابلة معها، كان قد عقد العزم على تسمية مولوده الذي توقعه صبيا باسم جيفارا. وعندما رزق صبية أطلق عليها الاسم أيضا.

Link to comment
Share on other sites

×
×
  • Create New...