Jump to content
Baghdadee بغدادي

فما الجدوى من إرسال عيسى ومحمد؟


Recommended Posts

 

 

حوار ذهني ممتع , افتح هذا العمود منقولا من عمود اخر معتذرا من الاخوه جميعا لاني اجد فيه اهميه خاصه

لمعرفه الاوليات يرجى المتابعه على

الرابط

 

http://baghdadee.ipbhost.com/index.php?showtopic=709

 

المشرف العام على بغدادي

 

###############################################################

 

العزيز Safa

 

أشكر لك كريم اهتمامك بتساؤلاتي. يبدو أنك تتمتع بثقافة تاريخية تستحق التقدير. جد.

ولكن الجواب قد يخلق أحيانا سؤال.إذا كانت التوراة حتى بعد التحريف مازالت تحمل حكم الله فما الجدوى من إرسال عيسى ومحمد؟

كثرة الأديان تزيد من أسباب الاختلاف ومن ثمَّ الخلاف بين البشر

لست مجبولا في الحقيقة على حب الجدل ولكن مثل هذه الأسئلة تلح على الذهن.

لك تحياتي

 

 

--------------------

 

http://www.postpoems.com/members/humanpulse/

 

############################################################

 

Quick Edit Safaa Dec 5 2006, 03:41 PM |

 

العزيز "انسان"

 

سؤالك يختصر كل المسافات, انه بالتاكيد كل الاسئله. نستطيع اختصاره ليتحول الى حوار طرشان او نسترسل فيه حوارا عميقا. انا افضل الثاني ولامانع من الاول

قبل ان ندخل في حوار ممتع دعني اسألك :على اي من الاسس يجب ان نبنيه. اقصد الاساس الديني ام الفلسفي ام الانساني ام الاكاديمي. فلكل منحى و مذهب

انا افترض ومن خلال معرفتي المتواضعه بكتاباتك الملفته وتساؤلاتك المنطقيه وتجلياتك المحلقه في سمو التصوف , ان منطقك روحي انساني اكاديمي منطقي بعيد عن المسلمات الدينيه و الطروحات الفلسفيه الميتافيزيقيه, فهل نتخذ من ذلك اساس نعتمده حكما في حوارنا

ساكون سعيدا ان نطلق لافكارنا العنان في بحر حريه الراي , فهل انت مستعد

 

#############################################################

Quick Edit Insan Dec 6 2006, 11:38 PM |

 

من يسرف في التفكير فيما يتعلم وما يمر به من خبرات يتحول إلى كائن معقد التركيب ذهنيا، ولا بأس في ذلك لأنه ينسجم مع طبيعة الحياة المعقدة. لو نظرنا إلى التراث ووقائع الحاضر بطريقة تبسيطية لأصبحت مواقفنا ساذجة وتستوجب الرثاء. نحن بحاجة إلى مقادير من النقد الذاتي فهذا هو السبيل إلى الإصلاح (الانتقال إلى وضع أفضل).

والحق أن نظرتك إلى ما اقترفت من الكلام نظرة ثاقبة وتعكس ثقافة وتَفَهُم واتساع أفق تحسد عليها.

الفلاسفة أخذت منهم على قدر ما يستوعب ذهني الضئيل وأُجِلّهم منتهى الإجلال لأنهم أتقياء ولكن بما يملي عليهم منطقهم ونواياهم الصادقة. هم أيضا يؤمنون بالذات الإلهية (أو النظام الخلاق المسيطر) ولكنهم ينزهونها عن التشبيه بصفات وسلوكيات البشر التي ألصقته بها مختلف النصوص الدينية.

أما عن أهل التصوف فإني أحب الصالحين ولست منهم إلّا أنهم يحلون في ذهني بشكل مفاجئ أو بالأحرى أدبياتهم. وأما عن أهل التقليد فهم أقرب إلي من حبل الوريد. أحترمهم، لكن أخافهم لأنهم أقرب إلى البطش منهم إلى العقل.

وأما عن الحوار فالحوار جيد. والقصد منه تبادل الأفكار ليس إلاّ. المشكلة أنّ مشاركاتي في الحوار هي مجرد أسأله فأنا لا أملك من الحقيقة إلا ما يشبه السراب. لست معلم، أنا تلميذ يتساءل.

 

 

--------------------

 

http://www.postpoems.com/members/humanpulse/

 

#######################################################

Full Edit

Quick Edit Safaa Dec 7 2006, 07:18 AM |

 

العزيز "انسان"

يصعب علي اختيار نقطه بدايه ولكني ساحاول سرد افكار تبدوا متباعده ولكنها قد تلتقي لاحقا عند نقطه بدأ بها تساؤلك المهم.

النظريه الدينيه تنطلق من مبدأ يتمثل في كون الانسان هو مركز اهتمام هذا الكون الهائل والامتناهي في التعقيد حتى بمقاييس الانسان نفسه. من هنا تنشا اشكاليه تحتاج الى فهم , لماذا يهتم خالق هذا الكون , في حاله وجوده, بالعلاقه المباشره بالبشر. وعلى افتراض ان هناك اهتمام خاص فهل ممكن للعقل البشري ادراك ماهيه هذا الخالق وطبيعه ارادته ومن ثم توصيفه من خلال المعرفه الانسانيه.

لااريد الدخول في بحث فلسفي هنا ولكن وجدت هذه الاسئله مهمه قبل الولوج الى الاشكاليه الاخرى التي طرحتها. وكما ذكرت , السؤال انما يطرح اسئله.

 

انا اعتقد ان هناك صفه خاصه للبشر تجعلهم متميزين عن كل ما ادركناه ,لحد الان, من موجودات كونيه . هذه الصفه تتمثل بالقدره الغير متناهيه على الابداع والخلق. وما اقصده هنا الخلق الذهني وليس الفيزياوي. ولكي لا اكون مثل الذي يحاول فرض افكاره تعسفا , دعني اشرح هذه الفكره البسيطه

اليوم عندما نقارن الموجودات , حيه او غير حيه, انما نقارن حجمها و طاقتها. فالجبل اكبر من الصخره والاسد اقوى من الثعلب . والخالق اقوى من الجميع. اذن ميزه الخالق هي القوه. ولكن ماهو نوع هذه القوه. انها ببساطه القدره على الفعل بنفسه. اي ان منتهى العظمه هي القدره على الفعل وليس الفعل فقط. فالخالق اقوى من القنبله النوويه لانه قادر , حسب النظريه الدينيه, على الاتيان باكبر منها . حتى ولو لم نرى ذلك

 

لننظر حولنا و من خلال هذا القياس البسيط , ماهو الموجود الكوني الفيزياوي , المعروف لدينا , الاكثر قدره على الفعل بنفسه. انه بلا شك الانسان المجبول الى قدره العقل . ربما يقال ان كل الكائنات الحيه لديها قدره الفعل بنفسها وان هناك من الحيوانات ما يستطيع محاكاه البشر وان هناك اجهزه كومبيوتر تفوق قدرات العقل الانساني, ولكن كل تلك لا تصل الى القدره على الخلق بنفسه وبارادته كما يفعل الانسان. ربما نجد من يفوقه او يشاركه يوما من الموجودات الكونيه في امتلاك مثل هذه القدره ولكنه بدون شك يتميز بها

 

توضيحا للفكره , دعني اضرب لك مثلأ

طاقه الاسد هي ان ينتقل الى مسافات ربما لاتتجاوز حدود طاقه عضلاته وستكون نفسها بعد الالاف السنين ولكن ماهي حدود طاقه الانسان. اليوم وصل الى القمر , الى اين سيصل بعد الف سنه وفي ضل ثوره العقل الجمعي؟ . واين سيصل بعد مائه الف سنه. هل هناك حدود لتلك الطاقه المتراكمه جذريا تصاعديا. الانسان بدون شك الاقوى والاهم حتى يثبت العكس

 

ماعلاقه ذلك بالسؤال الاول اعلاه الذي طرحته؟ العلاقه ربما تكون من خلال سؤال اخر . اذا افترضنا وجود خالق حكيم لهذا الكون المعقد , فما الحكمه في اعطاء الانسان هذه الميزه. وهل امتلك الانسان هذه القوه المسماه "العقل" بالتطور الطبيعي ام باراده ربانيه خصته بذلك؟ ربما يختلف البعض ولكني من خلال قرائتي الشخصيه ومعلوماتي المتواضعه اؤومن بان هذا التطور العقلي لم يكن تسلسلا طبيعيا . ولااقصد هنا التطور الفيزياوي , فالقرد فيزياويا لايكاد يختلف عن الانسان . انما اقصد موهبه العقل. من يتعرف على الجوانب التشريحيه للمخ الانساني ربما لايجده مختلفا بصوره جذريه عن القرد ولكن مواهب هذا العقل وقدرته عند الانسان تفوق ذلك الذي يتمتع اخوه القرد بعدد مضاعف من الاضعاف بما لايسمح للتطور الطبيعي تفسيره , اخذين بنضر الاعتبار مده حياه الانسان المكتشفه على الارض. بالنسبه لي لابد وان تكون هناك لحظه زمنيه تم فيها ابداع هذه القدره في المخ البشري. انها مثل عمليه تحميل نفس جهاز الكومبيوتر بمشغل انظمه اكثر تطورا, مما يجعل فعاليته اكبر . من يقارن جهاز محمل بنظام "دوس" باخر محمل بنظام " وندوز" مثلا , ربما لا يجد فارقا في المحتوى الفيزياوي فكلاهما عباره عن مجموعه تقنيات ماديه و بيانات وقواعد ولكنه بالتأكيد يجد القدرات مختلفه جذريا بين الجهازين. من هنا فلابد لهذه القدره الانسانيه الهائله ان تكون قد تم امتلاكها كنتيجه لفعل تحميلي غير طبيعي.

 

قبل ان نتقدم للخطوه اللاحقه اريد ان امتحن هذه الفكره من خلال تعليقك او تساؤلك او رفضك لها. فهي في نظري اساس ما يتحصل لاحقا من خطوات حواربه

 

########################################################

 

Insan Today, 08:16 PM |

 

طبعا أنا أعجز من أن أجيب على كل الأسئلة التي أثرت بشكل كامل ولكن دعني أستعرضها حسب سياقها في مداخلتك السابقة لأرى إن كان لدي ما يمكن أن أقول:

1.

لماذا يهتم خالق هذا الكون , في حاله وجوده, بالعلاقه المباشره بالبشر؟

إذا أخذنا مفهوم الخالق حسب النظرية الدينية وبالاعتماد على التاريخ الديني فأنا أملك الثقة على القول بأنه لم يهتم بالعلاقة المباشرة أو غير المباشرة بعموم البشر. كان هناك اهتمام – حسب الكتب الدينية- ببني إسرائيل لما يقارب العشرة قرون بشكل غير مباشر عن طريق أولئك الذين زعموا أنهم رسل أو أنبياء حتى أن كتبهم تتحدث عن "آله بني إسرائيل"!! وليس رب البشرية. ثم جاء من يحاول تصحيح التصور وكانت النتيجة فكر هجين. ويؤسفني أن أقول أنه لا يوجد فكر ديني صافي، منسجم الأجزاء وعلى مستوى العلوم الطبيعية من الناحية المنطقية.

2.

هل ممكن للعقل البشري ادراك ماهيه هذا الخالق وطبيعه ارادته ومن ثم توصيفه من خلال المعرفه الانسانيه؟

ليس بوسعنا إدراك ماهية الخالق بشكل تفصيلي سواء كان هذا الخالق هو الذي تصوره كتب الأديان أو تلك القوه المدبرة التي يتصورها ذهن العقلاني. لكن ما نتيقن منه هو وجوب تحقق صفة الكمال لهذا الخالق بكل أبعاد ونواحي الكمال وهذا هو أس الأسس للجدل بين أهل العقل وأهل النقل.

3.

ما هو الموجود الكوني الفيزياوي , المعروف لدينا , الأكثر قدره على الفعل بنفسه؟

 

أعتقد أن الطبيعة لها القدرة الذاتية على الفعل بشكل يفوق الإنسان. والحقيقة أن الإنسان في إنجازاته كان يتعلم من الطبيعة.

تأمل مثلا ما يسمى living systems

لديها قدرة خلاقة قد تفوق قدرة الإنسان من ناحية الدقة ولكن عملها الخلاق هو من أجل استمرارية وجودها. وان كانت قدرتها الخلاقة ليست تصاعدية إلا أنها طبيعية تنبض بالحياة بينما أعمال الإنسان الخلاقة هي صناعية لا روح لها في الغالب (باستثناء إنجازًا مثل التناسخ ). وهذه النظم تتميز بأنها لا تحتاج إلى التجارب التي مر بها الإنسان كي ينمي قدراته الخلاقة.

انظر خصائص هذه النظم في:

CH 20, Sustainable Society

http://www.ratical.org/LifeWeb/Erthdnce/

أو انظر كتاب:

The Web of Life by Fritjof Capra

 

4.

هل هناك حدود طاقه الإنسان المتراكمه جذريا تصاعديا؟

مما رأيت لا أستطيع أن أتصور أن هنالك حد. كل ما حقق الإنسان اكتشافا فإن فهمه للطبيعة يزداد مما يمهد لاكتشاف جديد وهلم جرا ولكن هل بوسعه أن يفهم جميع مكنونات الطبيعة، إذن سيكون شبه آله. المأساة أن الإنسان حقق إنجازات فكرية ومادية ضخمة وأخفق في أن يتعايش مع نفسه، لكن هذا ربما يكون خارج مجال النقاش.

5. .

اذا افترضنا وجود خالق حكيم لهذا الكون المعقد , فما الحكمه في اعطاء الانسان هذه الميزه؟

هذا السؤال يقودنا إلى السؤال عن الحكمة من وراء وجود الإنسان بشكل عام. والجواب يتطلب وحيا يوحى. وحيث أن الوحي قد انقطع فلابد أن نلتمس الجواب في آخر ما أنزل والذي من المفترض أن يعطينا الأجوبة القطعية المقنعة. هنالك آية تفيد بأن الهدف من خلق الإنسان هو العبادة " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ " (الذاريات 56). أنا أجد هذا غير مقنع. فالبشر ناقصون وكل ما يقوم به الناقصون من أعمال فهي ناقصة. فهل يحتاج الكامل إلى الناقص؟ الآن تجد أن بعض النماذج البشرية التي استبد بها مركب النقص تتعطش إلى الهتافات والتصفيق والتعظيم لأنها صغيره في الداخل وتجد في المقابل من البشر من يتمتع بالحكمة ولا يتطلع إلى مثل هذا الأعمال اللامجدية. فما بالك بالآلة على كماله واتساع ملكوته؟ هل يحتاج إلى هذه العبادات الروتينية وخاصة ما كان منها مرهق للناس كالحج وما ينطوي علية من ازدحام وفوضى وتهيئة الظروف لانتشار الأوبئة وحوادث الموت وحركات لا معنى لها كرمي الحجارة والركض حول الكعبة وبين الصفا والمروة وكأنما فقد الناس صوابهم؟ هذا غير مقبول عقلا.

 

وحتى الملائكة لم تقتنع بأن العبادة هي المبرر المعقول فهم يسبحون بحمده ويقدسون له. تأمل هذا النص:

"وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ" (البقرة 30)

 

ملاحظة: لا أدري من المتكلم في هذه الآية ؟ صيغة المتكلم هنا "وإذ قال ربك ..." لا توحي بأنه الرب ولا محمد! شخص وسيط غامض! ولكن في الآية 34 تتغير صيغة المتكلم بحيث يبدو أن الرب هو المتكلم “وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ". هذه مجرد ملاحظه اعتراضية. فكر فيها فيما بعد حتى لا تفرع الحوار.

 

وهناك آية تبرر الخلق بأنه الحاجة لاختبار الناس، "الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ"(الملك 2).

والاختبار كما أعلم هو حاجة بشرية لأن علم البشر محدود والوسيلة إلى الاكتشاف هي التجربة والاختبار. أما الرب الذي يعلم ما يكون قبل أن كون فهو لا يحتاج إلى الاختبار. فمسألة الابتلاء مرفوضة بداهة.

خلاصة القول لا أنا أعلم مالحكمة ولا القرآن يسعفني بالجواب.

 

6. .

وهل امتلك الإنسان هذه القوه المسماة "العقل" بالتطور الطبيعي ام بإراده ربانيه خصته بذلك؟
(العقل لا ندري. القدرة نمت بالتدريج )

الإرادة ضرورية لوجود كل شيء بغض النظر عن كون الخالق هو كما تصوره الكتب الدينية أم لا. وقد يكون الإنسان جاء منذ البدء بهيئته الحالية بما في ذلك إمكانياته العقلية وقد يكون مر بمراحل تطور عديدة. لا أحد يعلم. ولكن ما أجزم به أن قدراته الخلاقة قد مرت بمراحل عديدة من التطور عبر التفاعل مع الطبيعة والتجارب.

 

أنظر كيف جعلتني أجيب على الأسئلة كأحد المشائخ وأنا أصلا أبو التساؤلات.

 

 

--------------------

 

http://www.postpoems.com/members/humanpulse/

Link to comment
Share on other sites

شكرا للمشرف على اطرائه لهذا الحوار واجد تخصيص عمود خاص به امر مفيد فعلا

 

عزيزي /انسان

 

تساؤلاتك وارده ومهمه ولكني ربما ارغب في تأجيل الخوض بها الى حين لاحق حيث انني احاول اولا الوصول الى فهم مشترك للفرضيه التي طرحتها قبل الخوض بالتفاصيل الدقيقه و الخاصه للفكر الديني وذلك انطلاقا من مبدأ الابتعاد عن المسلمات الدينيه. وعلى كل حال فاني اتفق معك في تحليلك التاريخي وارى ان النظريه الدينيه هي كائن حي يتطور بتطور التجربه الانسانيه ويتفاعل مع متطلباتها وبالتالي يتحرك حسب ظروفها الموضوعيه وليس الذاتيه فقط

بالنسبه لملاحظاتك القيمه حول فرضيه القوه الخلاقه المتميزه للانسان , ربما لم اكن موفقا في توضيح الفكره و ربطها بالسؤال الاساسي المطروح والمتمثل بتساؤل الفلاسفه المنطقي حول سبب اهتمام الخالق بالانسان وطبيعه علاقته به

ما كنت احاول التنبيه له ان المنطق العلمي التجريبي يدفعنا الى عدم قبول الا ما نكتشف علميا, وان المعرفه العلميه اليوم تدلنا على حقائق منها ان الانسان الحديث له من العمر اكثر من نصف مليون سنه على وجه الارض وانه لم نعرف لهذا الانسان حضارات واثار عقليه معرفيه متقدمه الا خلال السبعه الاف سنه الاخيره هي عمر اول ظهور للحضاره في بلاد سومر والتي كانت وحسب اخر ما لدينا من اكتشافات اثريه , قفزه غير مفهومه او متسلسله في التطور الاجتماعي البشري وانتقالها من مجتمع القطيع البهيمي الى مرحله العقل الجمعي الاجتماعي والمرتبط تاريخيا باستعماله للحرف والكتابه لاول مره . هذه القفزه التي هي بدون شك ناتجه عن قفزه في طبيعه استخدامه للعقل . بالتالي بروز الاعتراض الذي اجده مشروعا حول عدم صلاحيه نظريه التطور الطبيعي في تفسير تلك القفزه لان القفزه الجينيه انما تحدث بشكل فردي والذي ينتج عنها انفراد متميز لجيل ورث تلك القفزه. وهو امر لم يحدث فقد كان التطور جمعيا اجتماعيا.

هذا من ناحيه ومن ناحيه اخرى فان ما قصدته بالقدره الخلاقه هي ليست فيما يتعلق بحجم تلك القدره , فالطيور المهاجره لها قدرات خلاقه في تتبع اثار طريق هجرتها وللالاف الاميال , بل وان رحله عودتها تتم بجيل ثاني لم يسبق له سلك ذلك الطريق . وهي قدرات لايستطيع الانسان ادراك مداها او حتى تفسيرها لحد الان. فلا يمكن لتلك الطيور ان تكون قد استدلت على طريقها نتيجه لمعرفه منطقيه وان التحليل الوحيد هو انها ربما تكون مبرمجه جينيا و مخزونه بطريقه تشبه ما تعمله الذاكره الاستاتيكيه " روم" في الكومبيوتر. وبالتالي فهذا الذكاء المبرمج لاينطبق عليه مبدأ القادر على الفعل بارادته وعقله كما هو الحال عند الانسان. فالانسان يتميز بان قدراته العقليه تجعله قادرا على الفعل بنفسه وخارج اطار معرفته المتداوله ولكن من خلال التفاعل مع المحيط

 

من هنا فاني اجد ان للانسان علاقه متميزه بالخالق من كونه يمتلك قدرات ربما تؤهله ادراك فكره وجود الخالق وهو امر لاتتحمله الموجودات الكونيه الفيزياويه الاخرى الحيه منها وغير الحيه , بالرغم من ضخامه وعظمه قدراتها العقليه و الفيزياويه.

 

من هناأيظا اجد النظريه الدينيه في الترويج لهذه العلاقه امر قابلا للقبول ولايوجد ما يفنده علميا, كما انني اجد المفهوم القراني مقبولا في الخلق و المستند الى مبدأ " نفخنا فيه من روحنا" وهي روح الخالق التي لابد ان يكون مقصودا بها القدره على الخلق فهو ما يميز الخالق و التي لايمكن ان تكون تلك الروح هي ما اصطلح عليه في الموروث الديني بانها الحياه . فالحيوان يحيا ايظا فلماذا يختص الخالق بالانسان في النفخ بروحه لو كان المقصود بذلك الحياه

لااريد هنا ان اقفز الى مناقشه الفكر والمعتقد الاسلامي لانني كما قلت اريد تاجيل ذلك ولكني احاول ان اضرب مثلا في فكرا دينيا متداولا.

 

ولو جمعنا خيوط كل ما سبق فان النظريه الدينيه في فرضيه التنزيل الالاهي والاختيار لصنف الانسان , ربما تجد لها مبررا عقليا معقولا ومفسرا لتلك القفزه الغير طبيعيه للعقل الانساني .و لكن تبقى اشكاليه الحكمه من ذلك. انت ذكرت سببا اوردته من ايات قرانيه. انا لاارى كلمه "تعبدون" هي بمعنى ممارسه الطقوس الدينيه. فالحديث المشهور عن النبي محمد " النظر في وجه المؤمن عباده" يدل على ان المعنى العام للعباده هي التفاعل الانساني والتدبر والتفكير , على الاقل من المنظور القراني.انا اتفق معك تماما ان حصر مفهوم العباده بالشكل الذي يطرحه الموروث الديني المتداول امر غير مسوغ وغير منطقي , فالكامل لايحتاج الى الناقص كما ذكرت. مع ذلك يبقى السؤال لماذا اختص الخالق , حسب النظريه الدينيه, بتلك الميزه , سؤال لااجد له جوابا مقنعا في نفسي لحد الان بالرغم من وجود فرضيات قد لااستسيغ مذاقها. ربما بحاجه الى وحي يوحى كما ذكرت

Link to comment
Share on other sites

إن صحت نظرية النفخ من روح الله كأصل لوجود القدرة الخلاقة لدى الإنسان فقد نجد فيها تفسيراً لقدرات عيسى -المزعومة- على أن يخلق الطير من الطين ويبرىء الأكمه والأبرص ويحي الموتى، لأنه أخذ نصيبه من النفخة الأولى أثناء خلق آدم كما تلقى النفخة المباشرة التي أتت به إلى الوجود "وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا" (التحريم: 12 ) لكن النفخة الأولى قد تجزأت وتوزعت ملايين المرات بين الأجيال خلال آلاف السنين فالأولى أن يكون نصيب إنسان اليوم من هذه النفخة وبالتالي قدراته الخلاقة أقل بكثير من الإنسان الأول (لأن الجزء بالضرورة أقل فاعلية من الكل) ولكن الإنسان الأول لم يكن قادرا حتى على أن يدرك وجود سوأته حتى أكل من الشجرة المحرمة "فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا" (طه:121). هذه نقطة. النقطة الأخرى، لو كان الله فعلا نفخ من روحة في آدم أثناء خلقه لوجب أن تكون جميع أفعال الإنسان خير خالص لأن الله خير خالص (أحد نواحي الكمال) ولكن الواقع أن الإنسان كان يعيش ازدواجية الخير والشر منذ أيام قابيل وهابيل. وآمل أن لا نظن بأن تذوقه لثمرة تلك الشجرة هو ما خلق نزعة الشر الموازية لنزعة الخير لأن تأثير المخلوق(ثمرة الشجرة) لا يمكن أن يكافأ تأثير الخالق (النفخة من روح الله). هذا على افتراض صحة قصة بدأ الخليقة كما وردت بالقرآن والتوراة.

لهذا أجد صعوبة في تقبل هذه النظرية لتبرير وجود القدرة الخلاقة لدى الإنسان.

Link to comment
Share on other sites

هناك نقطتان استصعب علي هضمهما . الاولى ربط معجزات الانبياء بفرضيه التنزيل و التحميل الالاهي التي لاتختص بانسان دون غيره.. والثانيه تتعلق بتقاسم القدره نتيجه التكاثر بدلا من توريثها كصفه متوارثه حالها حال اي صفه اخرى . فالشم مثلا لايضعف نتيجه التكاثر وقدره الطيور المهاجره على تلمس طريق رحلتها لا تضعف نتيجه توارث الاجيال لها

 

الفرضيه تطرح عاده كاحتمال ولا يتم دفعها برغبات شخصيه انما ببدائل واقعيه علميه ودفوعات منطقيه.. السؤال المطروح لايتعلق بكونها حقيقه ام لا ,انما هو يتعلق بامكانيه وجود ما يفندها علميا. والامران مختلفان تمام. و بالمناسبه فان هذا الطرح مختلف تماما عن طروحات النظريه الدينيه من كونها تمتلك الحقيقه طالما لايوجد ما يفندها

موضوعه الجانب الاخلاقي في توصيف الخالق ربما تاخذنا خطوه الى الامام , فنحن هنا لازلنا نناقش امكانيه توصيفه من قبل البشر فكيف الحال باضفاء الصفات عليه ومن ثم الركون الى تلك الصفات المفترضه كقاعده عقليه لمناقشه امكانيه وجود علاقه ومن ثم التوصيف

وعلى كل فان موضوعه الصراع في الذات الانسانيه هي واحده من الامور التي تميز الانسان عن بقيه الموجودات المعروفه لدينا. وهو انما يدعم النظريه الدينيه التي شخصت ذلك الصراع ومن ثم لخصته بالطبيعه المتناقضه في تركيبه الانسان نفسه.

وهنا لااجد ايظا ما يناقض فرضيه التحميل الالاهي , بل لربما يدعمها. فالانسان المتحضر كان دائما عرضه لنزاع بين ذاته الارضيه الحيوانيه وتلك التي حلت فيه محاوله رفعه الى مرحله السمو على الذات. ولو تتبعنا مليا في تاريخ الحضاره فاننا سنجده دائما صراع بين ارادتين , الاولى تحاول حصر ارادته في اطار الفهم المحدود لمقتنياته و الاخرى تحاول فتح الافاق الواسعه له لينطلق في رحاب النظره الشموليه للحياه

الاولى تحاول جذبه وربطه بعنف الى عالمه الارضي والاخرى تحاول تقطيع اوصال حبال ذلك المعيق لانطلاقه في رحاب اوسع لفضاء عالمه الالاهي المفترض

.

لقد كانت ملاحظتك اكثر من دقيقه عندما شخصت الاختلاف بين ما اسميته " رب بني اسرائيل" وبين

ما وصفته بالفكر الهجين. ولذلك باب للحوار لابد ان نغوص فيه عندما يحن وقته

 

 

 

Link to comment
Share on other sites

مساء الخير Safaa

 

ما ذكرته آنفاً عن معجزات عيسى جاء من باب الشيء بالشيء يذكر وحلقة الوصل كانت مسألة النفخ من روح الله. وأما ما قلت عن التوزع والتجزؤ فهو نوع من العصف الذهني غير الموفق وانا أتراجع عنه وربما كان الباعث لهذه الخاطرة هو ما ترسب عندي في اللاوعي من الأقاويل حول نفث السحرة و المعالجين بالقرآن والنفث خلال الرقية وهذه أنواع من النفخ تأثيرها – كما يقال- مباشر وآني. لكن لازلت أتعجب كيف لم يدرك آدم وجود أعضائه التناسلية إلا بعد أن أكل من الشجرة المحرمة (في سفر التكوين تسمى شجرة المعرفة). ولو كانت تلك النفخة هي أصل التفكير الخلاق لكان واعياً وكامل الإدراك فالإدراك هو مقدمة التفكير الخلاق.

 

والحقيقة أن الفكرة التي هي موضوع مداخلتي السابقة لا يمكن تناولها بالتحليل العلمي الرصين لانعدام المعلومات الدقيقة حول الموضوع وكل ما بوسعنا هو التأمل والتَفَكُر في الفكرة ذاتها وكل ما يتعلق بها من نصوص كمحاولة لتكوين انطباع (وليس اقتناع) إزاء هذه الفكرة.

 

والقرآن لا يقدم سوى جُمل مقتضبة حول عملية خلق آدم ولا يخبرنا شيئا عن كيف خلقت ماما حوا وكيف تم خلق سائر الحيوانات والنباتات حتى نستطيع الربط بين كيفية الخلق والقدرات الذهنية المختلفة لهذه الكائنات.

وهناك من المعاصرين من يرى بأن ما ذُكر في القرآن عن مسألة الخلق (" فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ"، الحجر: 29) يصورها كعملية يدوية وبدائية من مثل ما يعمله البشر أيام كانت الأعمال يدوية بالكامل. ويرون أن الأولى أن تتم عملية الخلق من خلال نظام خلاق ومتقدم sophisticated لا سيما وأنه إذا أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكون (وهذا يتعلق بما أشرت له سابقا عن انعدام الانسجام بين أجزاء الفكر الديني).

بل هناك من يفترض أنه في العصور السحيقة القدم كانت الطبيعة تخلق الكائنات الحيوانية من اتحاد عناصرها بأساليب مختلفة تحت ظروف بيئية ومناخية مختلفة في ما يشبه تَكَوْن الفطر والكائنات النباتية ومع تغير الأحوال البيئية والمناخية للأرض تطور أسلوب التكاثر بين الكائنات عن طريق التفاعل الجنسي. وبهذا يفسرون الاختلافات الواضحة بين أعراق البشر فيما يتعلق باللون وشكل الجمجمة والهيكل العظمي وما إلى ذلك من الملامح بل واختلاف اللغات. ولعل الاختلاف بين القدرات الذهنية للأحياء يعود لاختلاف كيمياء وأساليب عمليات التكون هذه والظروف المصاحبة لها.

وانا أذكر عندما كنت صغيرا ألعب مع الأطفال ذات يوم – بعد فترة أمطار طويلة- أنني قلبت حجرا من الأحجار المستخدمة في البناء فوجدت تحته كائنات حية صغيرة ! أنا أعلم بأنها لم تكن موجودة تحت هذا الحجر سابقا. لا بد أنها تكونت من عناصر التربة تحت ظروف الرطوبة ودرجة الحرارة وما إلى ذلك. لا أعلم إن كنت خرجت عن صلب الموضوع ولكنّ المواضيع تجر بعضها بعضا وتسير يداً بيد.

لكن دعنا نعود إلى مسألة النفخ. فقد ورد في مسند أحمد بن حنبل (حديث رقم 3372) حديثاً يفيد بأنه بعد 120 يوم من الحمل يأتي ملك لينفخ الروح في الجنين ويحدد هل هو ذكر أم أنثى والثابت علميا أن جنس الجنين (ذكر أم أنثى) يتحدد في اللحظة التي يتم فيها تلقيح البويضة أي قبل وصول الملك الكريم بوقت طويل!

حدساً أعتقد أن مسألة النفخ قد وردت في أساطير أقدم من القرآن وربما التوراة بقرون. وهذا موضوع جدير بالبحث لمن لديه متسع من الوقت وسعة البال. هذا والله أعلم.

Link to comment
Share on other sites

مره اخرى اعتقد اني بحاجه الى التذكير ان الفرضيه التي اطرحها لاعلاقه لها بالموروث الديني في تفسير نظريه الخلق , و انما استعرت " النفخ من روحنا" مجازا لتوضيح الفكره ليس الا, فعذرا لهذا اللبس.

اعتراضاتك و تساؤلاتك موضوع اهتمامي ايظا ولكني كما ذكرت سابقا لااريد القفز الى مرحله النقاش حول ذلك الموروث لسببين, الاول كي لانشعب النقاش والثاني لاننا اتفقا على ان يكون حوارنا بعيدا عن المسلمات الدينيه و التحليل الميتافيزيقي.

بالمناسبه فان هذه الفرضيه قد تبدو متعارضه في بعض جوانبها مع الموروث المذكور ومسلماته. ففكره التحميل الالاهي تعني ان الاعتناء الالاهي " الخلق" لم يكن بالطريقه التوراتيه التي ربما اعتقد بها المفسرين الاسلاميين اقتباسا لانهم ربما لم يجدوا ملجا لهم غير ذلك فالقران , وكما المحت انت بذكاء, لم يفصل في ذلك بالمستوى الذي ذهبت له التوراه . ولهذا محور سنخوض فيه قريبا

ما اهدف له هنا هو تأسيس مشتركات عقليه نستطيع من خلالها بناء حوار منطقي. فمن دون وجود مسلمات متفق عليها لايمكن ان نتقدم للخطوه اللاحقه. وتاسيسا على ذلك , دعني اراجع معك اهم النقاط

 

_هناك ظواهر تاريخيه وعلميه تؤكد ان الانسان تعرض الى قفزه غير عاديه في اسلوب استخدامه للعقل خلال العشره الالاف سنه الاخيره وبشكل مختلف تماما عن التطور الطبيعي الذي مر به الانسان الحديث " هيمو سيبيان" خلال عمره على الارض والممتد لاكثر من نصف مليون سنه

 

_ بينما تطرح نظريه التطور الطبيعي حلا معقولا للتطور الجسمي للاحياء فانها لاتستطيع تفسير تلك القفزه , حيث لم تحصل بشكل تدريجي يتناسب مع كبر حجمها ولا بشكل جيني فردي كقفزه وراثيه وانما جماعي اجتماعي

 

_ الفرضيه تدعي انه ربما كان هناك تدخل خلاق غير معروف لدينا , كان السبب في حدوث هذه الطفره

 

_ وان هذا التدخل ربما يكون من قبل القوه الحكيمه التي تتحكم في هذا الكون, ان وجدت, حيث ان هناك مشترك بينها وبين هذه الطفره متمثلا بالقدره على الخلق "الذهني "

 

السؤال: هل هناك مانع علمي منطقي يتعارض مع هذه الاطروحه؟ نعم ان فكره القوه الخلاقه برمتها غير قابله للبرهان المختبري, ولكننا هنا نتحدث عن ما وراء القدره البشريه التي اتفقنا على انها محدوده. انت مثلا عندما رفضت اطروحه الامام ابن حنبل , فانك استندت الى حقيقه علميه اصبحت واضحه. فهل لديك ما يماثل ذلك في رد الفرضيه اعلاه

 

ما اهميه هذا السؤال ؟ ببساطه لانه متعلق بسؤالك الاساس حول محمد وجدوى ابعاثه. كيف ؟ هذا ما سيكون محور نقاشنا بعد ان نجتاز مرحله التأسيس

 

Link to comment
Share on other sites

علميا قد لا يوجد ما ينفي تدخل ألآله في حياة البشر ولكن أنا لا أرى هذا معقولا إلا إذا كان هناك خلل في النظام الذي خلقة مما يستدعي التصحيح وهذا مستبعدا منطقيا أو هكذا أعتقد.

وحسب معرفتي المتواضعة فإن هنالك نوعان من التغير في تاريخ الإنسان:

- التغير التطوري Evolutionary وهو ما يحدث على وتيرة تدريجية

- التغير الثوري Revolutionary وهو الذي يحدث كقفزة أو نقلة.

والتغير الثوري يسبقه حدث رئيسي يدعى نقطة تحول Turning Point

تخلق عادة سلسلة من الأحداث تتمخض عن تغيير واسع النطاق في أساليب حياة شعب أو مجموعة من الشعوب.

ففي العقد السادس من القرن الثامن عشر عندما نجح جيمس وات بصنع آله بخارية تعمل بشكل جيد أدى هذا العمل إلى حدوث سلسلة من النشاطات الصناعية التي أشعلت فتيل الثورة الصناعية وبعد ذلك جاء اختراع مبدأ الاحتراق الداخلي Internal Combustion

في القرن التاسع عشر ليزيد من أوار هذه الثورة التي أدت إلى التغيير الجذري في كثير من الأساليب الحياتية بل وغيرت وجه الحياة ليس في انجلترا –حيث بدأت- فحسب بل في انحاء المعمورة.

أما من ناحية القفزة التي حدثت في عهد السومريين فإن نقطة التحول التي لعبت الدور الأهم في خلقها – على ما أعتقد- هي ابتداع اسلوب كتابة أرقى من مجرد النقوش البدائية للأمم السابقة. حيث أن للكتابة أثر إيجابي حاد على النواحي التالية:

1. تحويل الفكرة المجردة من تصور ذهني إلى هيئة مرئية وقابلة للنقاش والتحسين.وهذا في غاية الأهمية فيما يتعلق بالأفكار القابلة للتنفيذ على وجه الخصوص إذ يجعل عمل الجماعة المنفذة أكثر فاعلية وانضباطا، وبشكل عام فهو يسهل القيام بإنجازات مختلفة،

2. توثيق المعرفة مما يجعلها في متناول عدد أكبر من الناس (حتى ولو كانت الكتابة على حجر أو جدار)،

3. التواصل بين المواقع المتباعدة (على افتراض أن الرقاع أو الألواح كانت مستخدمة آنذاك. لست متأكد). فلو نظرنا إلى البشر- في عصور ما قبل الكتابة- كشبكة اتصال لوجدنا أنهم يشكلون أسوء أساليب الأتصال لأن النقل الشفوي للرسالة يعرض فحوها بشكل كبير –وعن غير قصد- إلى الزيادة والنقصان والتحريف.

ولعل ما يؤيد هذا التفسير هو أن الشعوب التي لم تعرف من الكتابة سوى النقوش البدائية كما هو الحال بالنسبة لقبائل الهنود الحمر لم تقم بأي أنجاز حضاري يذكر على وفرة الموارد الطبيعية في بلادهم. وكذلك الحال قديما بالنسبة لشعوب شمال أوروبا.

كما أن استقرار السومريين بجوار دجلة والفرات ساهم في اكتشافهم للزراعة. فلا بد أن مشاهداتهم للفيضانات وكيف تسقي الأرض (الخصبة) وما يعقب ذلك من نمو النباتات هو ما هداهم إلى النشاط الزراعي.

هذا تفسيري للظاهرة السومرية وهو-كما قيل- صواب يحتمل الخطأ أو خطأ يحتمل الصواب. المسألة نسبية..

Link to comment
Share on other sites

 

التدخل الالاهي ,المفترض, موجود ولكنك ربما ذهبت الى الاعتراض على طبيعه هذا التدخل

لااستطيع هضم فكره قصر مسببات التغيير بمتطلبات التطور الطبيعي , واعتبار التغيير "الثوري" هو تغييرا تراكميا, فالقفزات الوراثيه مثلا لايفسرها مثل هذا التطور التراكمي. " الانفجار الكبير" حسب النظريه الحديثه كأصل لنشوء الكون , لا يتمشى اطلاقا مع اطروحه التطور الطبيعي التراكمي . اما فكره اعتبار التغيير والتدخل الالاهي بمثابه انقاص من كمال الخلق, فهي الاخرى لااستطيع تقبلها. اذا كان الامر كذلك فلماذا حصل " البك بانك" او الانفجار الكبير ؟ هل غير الخالق استراتيجيته ؟ او ربما مل النظر الى الكون الاستاتيكي واراد خلق ما يعبث به ويتسلى كما يدعي ببؤس بعض دعاه الموروث الديني

 

هل كان هناك تدخلا في حصول مثل هذه القفزه الذهنيه للبشر بعد سكون دام اكثر من نصف مليون سنه, انا لااجزم بذلك ولكني أيظا لااجد مانعا من حصوله. انت ذكرت بعض الانجازات العلميه الاساسيه التي ساهمت في حصول قفزات علميه كبيره في طبيعه فهم الانسان لما حوله وطريقه استخدامه للوسائل وانا اريد ان اضيف قفزات اخرى ساهمت في تعميق رؤيته الفلسفيه , واقصد بهاايظا ظهور الانبياء و المصلحين والفلاسفه. ولكن مانتعامل به هو موضوع اخر.

الموضوع الذي نبحثه لايتعلق بطبيعه ومستوى الفهم ولكنه يتعلق بنوع ذلك الاستخدام. هناك تغيير في النوع , تغيير جعل اختراع الكتابه امرا ممكنا. انا اتفق معك تماما على اهميه ظهور الكتابه في بلاد سومر في تاسيس المرحله الجديده لبني الانسان بعد استقرار لطبيعته دام مئات الالاف السنين وهنا يمكننا التذكير بتلك الايه القرانيه الاولى

{ اقْرَأْ وَرَبُّكَ لأَكْرَمُ } * { الَّذِى عَلَّمَ بِالْقَلَمِ }*{ عَلَّمَ ألإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ }

 

العلق -3

 

لاادري اذا كان القلم هنا جاء لمعنى اخر كما يذهب بعض المفسرين او لمصادفه ولكن ربط الكرم الالاهي بهذه المسلمه وفي اول أيه "ياتي" بها النبي محمد, امر يستدعي التوقف. وهو موضوع اريد ان اعود اليه بقوه لاحقا

السؤال هو هل حصلت تلك القفزه الذهنيه بسبب تطور طبيعي , ام وكما جاء في النظريه القرأنيه , لان الانسان اصبحت له وسيله"القلم/الكتابه/العقل" يستطيع من خلالها استيعاب ما يريد له الخالق ان يمتلك "ما لم يعلم " . واذا كان الامر كذلك , فهل كانت الكتابه اختراعا بشريا تطلبته مستلزمات التطور الاجتماعي لانتقاله من المجتمع الرعوي الى المجتمع الزراعي, ربما. ولكن يبقى السؤال لماذا لم يحصل مثل ذلك الانتقال خلال تلك الحقبه السحيقه من الزمن. فالانسان كان موجود وبنفس امكانياته التشريحيه و بلاد الرافدين وغيرها من الوديان الخصبه كانت موجوده ايظا. انا اميل الى الاعتقاد بوجود العامل الثالث الذي قد نسميه خارجيا او غير معروفا لحد الان . ولكن لحين معرفه هذا العامل , ليس لدي سوى اللجوء الى القوه الخلاقه كمسبب. امر ذهب اليه اجدادنا كلما استعصى عليهم تفسير ضاهره ما , ولا اجد حرجا في ان اذهب اليه. فهل توافقني

Link to comment
Share on other sites

في مداخلتي السابقة قدمت تفسيري للظاهرة السومرية على أساس مادي تاريخي. لكن لو فكرنا في الظاهرة من زاوية دينية بحتة فسيبدوا لنا عجيباً أن تجيء تلك القفزة الحضارية كنتيجة لتدخل إلهي، إذ كيف يختص الإله السومريين على وثنيتهم بهذه العناية النادرة والتي تفوق في خيرها معجزات الأنبياء قاطبة؟ ألم يقل " أن الله مع المتقين" (البقرة:194) و"اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ" (البقرة:257)؟ (ومثل تلك القفزة - في نظري - تمثل ارتفاعاً من ظلمات الحياة البدائية إلى مستويات من نور المعرفة)، أم أنه لم يكن في ذلك العصر مؤمنين ليهبهم أسباب تلك القفزة؟ إذاً كان ينبغي أن يكون التدخل على شكل رسول يصحح عقائد السومريين حتى يكون هناك انسجام بين ما نقرأ في كتب الدين وما نقرأ من ظواهر التاريخ.

 

المشكلة أنه لا يتوفر لدينا معلومات كافية عن الفترات التي سبقت العصر السومري فلربما كانت هناك إرهاصات مهدت لذلك الإنجاز الحضاري.

 

أما سورة العلق بآياتها الشديدة الإيجاز فلا تسعفنا لتحقيق فهم موحد حول الموضوع، لاسيما أنه وردت أحاديث غريبة حول القلم، فهنالك حديث يقول " خَلَقَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَرْبَعَة أَشْيَاء بِيَدِهِ !! , ثُمَّ قَالَ لِسَائِرِ الْحَيَوَان : كُنْ فَكَانَ : الْقَلَم , وَالْعَرْش , وَجَنَّة عَدْن , وَآدَم عَلَيْهِ السَّلَام "، وحديث آخر يقول بأن إدريس هو أول من استخدم القلم وحديث يفيد بأن آدم سبقه لذلك (تفسير القرطبي) ولا نجد في التاريخ ما يؤيد ذلك.

 

ولو كانت النهضة السومرية وليدة التدبير الإلهي فلقد كان من الجدير أن يرد ذكر لذلك في القرآن فذلك بالتأكيد أهم من قصة أهل الكهف أو ذي القرنين أو بقرة بني اسرائيل التي يتعذر عليَّ إدراك ما وراءها من قيمة معرفية.

 

أما عن نظرية الانفجار الكبير Big Bang

فهي مجرد محاولة لتفسير نشأة الكون ولا أنظر إليها كحقيقة ثابتة بل أتعامل معها كما أتعامل مع نظرية دارون حول النشأ والارتقاء، مجرد فرضيات.

 

وعلى إي حال فإنّ في الوجود وفي التاريخ من الظواهر ما يستعصي على الجميع تفسيره بشكل مقنع، فلا بأس إذن لو لم نتفق، فالهدف من النقاش إن هو إلا تبادل الأفكار فحسب.

Link to comment
Share on other sites

اتفق معك تماما من اننا هنا انما نناقش فرضيات قابله للاختلاف . ولكن دعني اوضح بعض النقاط التي ربما هي بحاجه لمراجعه

انا لم اقل ان العنايه الالاهيه اختصت بالسومريين, فالسومريين ظهروا بعد العصر الحجري الحديث الذي اشر لاول انتقاله يشريه من الاسلوب البويهيمي الى المحتمع المدني وقبل ظهور السومريين بأكثر من ثلاثه الاف سنه وكما اثبتت المكتشفات الاثريه في تركيا. لقد كان ذكر السومريين كاول حضاره معروفه استخدمت الكتابه وكان رايك ان ظهور الكتابه ربما يكون السبب وراء القفزه الحضاريه . وهنا ذكرت الايه كمثال لاتفاق النظره القرانيه مع هذه الاطروحه وليس دليلا عليها, لذا لا ارى مبررا كي تذهب بي بعيدا للنقاش حول الموروث الديني الذي قد لااتفق معه وقد ذكرت ذلك بوضوح في تعليقي. اما الايات القرانيه التي اقحمتها في تعليقك , فحينها لم يأتي وسندخل في ذلك عندما نعود الى سؤالك الاول

 

الفرضيه التي اطرحها لاتختص بمحموعه بشريه دون اخرى , انما هي تتعلق بالجنس البشري ككل. اليس غريبا ان تظهر حضاره المايا في امريكا الجنوبيه تقريبا في نفس الوقت التي ظهرت فيه حضاره الشرق الاوسط وكذلك الوقت الذي ظهرت في حضاره الشرق الاقصى, كل ذلك بعد سبات ذهني دام مئات الالاف السنين

 

نحن هنا لانتحدث عن الانبياء وما يمكن ان يكون قد اختصه الخالق بهم من فضل في ايصال رسالته. نحن نتحدث عن فرضيه تحاول تحليل ان كان هناك علاقه خاصه لخالق هذا الكون بالبشر. في ضل غياب اي امكانيه للوصول الى حكمه الخالق , ليس لدينا سوى فرضيات تحاول طرح تصور من خلال طرح اسئله

Link to comment
Share on other sites

ربما يتسائل المرء لماذا كل هذا التركيز على موضوعه التحميل الالاهي وأهميه وجود العلاقه المفترضه بين الخالق و الانسان. في اعتقادي ان هذا الموضوع هو الاساس في اي بحث لاحق حول اي دراسه جديه للنظريه الدينيه ومن ثم الاجابه على السؤال الخطير الذي طرحته

 

لقد كان الانسان ومنذ بدايه وعيه الحضاري في نزوع دائم نحو الخالق. حتى في المجتمعات البدائيه الاولى , هناك دلائل على مثل هذا البعد المهم في الحياه الانسانيه. طبعا هناك الجوانب المتعلقه بالاجابه على التساؤلات والخوف من المجهول كمسبب لهذا النزوع ولكن الاهم من ذلك هو تلك الحاجه الغريبه للانسان لفتح قنوات مع عالم اخر يعجز عن سبر اغواره

 

من هنا يأتي الجانب الاخر للفرضيه , الا وهو جانب التنزيل. الذي هو ببساطه الحاجه الانسانيه لفتح ابواب المعرفه الالاهيه من خلال الاتصال المباشر المختص بافراد معينين يختصهم الخالق بمعرفه و رساله

فالتحميل قد لا تكتمل حكمته من دون التنزيل. فمن يرى من حكمته ان يختص الانسان بتحمل تلك الامانه الالاهيه المتمثله بالروح والقدره العقليه الخلاقه , لابد وان يكون بديهيا لديه ان تمتد تلك الحكمه الى ايجاد الوسائل لفتح قنوات السمو الانساني نحو فضاء تلك القدره

Link to comment
Share on other sites

النظريه الدينيه التوحيديه الابراهيميه تطرح نفسها و بقوه لملئ هذا التصور من خلال اطروحه النبوه والرساله . فبني الانسان الذي نفخت فيهم تلك الروح الالاهيه بحاجه الى "التطهر " والسمو على متطلبات الجسد من خلال البحث الدائم والنزوع الى الله " الصلاه" من ناحيه, و من خلال تنقيه النفس وتزكيتها من ناحيه اخرى للعوده ثانيه الى رحاب القدره الاكبر. والانبياء هم اؤلئك البشر اللذين اختصهم الخالق بوعي و نبوغ روحي يحاولون من خلاله ارشاد بني البشر الى الطريق المناسب

 

عمليه الصراع المستمر مع الانا البشريه الحيوانيه جعلت من الصعود الالاهي عمليه معقده و ديناميكيه. فهي تختلف باختلاف المرحله و الوعي و الوسائل. فبينما كانت المنحه الالاهيه سببا لبروز ابراهيم في قومه, كانت المعجزه الفيزياويه سببا لعظمه موسى في بني اسرائيل. ثم كانت المعجزه العلميه الطبيه وسليه لعيسى وحجته على العالمين. كل يتناسب مع مرحلته , وعندما اكتمل الوعي الانساني جائت وسيله محمد لتكون ملبيه للطاقه الانسانيه باكملها, حجه العقل.. الهدف النهائي للمعرفه

 

وبينما كان الرسل يحاولون وبكل ما اوتو من معرفه ووحي الاهي, توعيه الانسان و فتح ابواب السمو العقلي له, كان بني قومهم يقاومون ذلك وبكل ما اوتو من تشبث بالانا الحيوانيه والضيق العقلي محاولين غلق الابواب التي يفتحها الرسل. صراع عميق ومستمر بين رساله السمو والانعتاق وبين عبوديه قيود الارض التي ربطت الانسان باصله الطيني

 

الاستعراض اعلاه ربما يبدوا مختصرا ولا يتناسب في تفاصيله مع عظمه وحجم العمليه ولكنه ضروري لطرح الفكره بشكل مباشر بعيد عن التطويل التاريخي و الديني

Link to comment
Share on other sites

لا شك أن جميع الأديان جاءت كجهد بشري من أجل أصلاح الفرد والمجتمع. لكن فيما يخص الديانات الإبراهيمية لا بد أن نلاحظ الأتي:

1- أن رسل بني إسرائيل ما كان يعنيهم البشر بشكل عام بل بني جنسهم وكثير منهم لم يلقوا الاعتراف من قبل من كانوا محط اهتمامهم " مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون"

2- أن تطبيق تلك الديانات كان لفترات وجيزة قبل أن يختلف المؤمنون بتلك الأديان وينحرفون عن أساسيات أديانهم ويذهبون مذاهب شتى. وهاهم الآن لا زالوا يقتتلون وكل فئة تظن أن ألآله بجانبها

3- لو قارنت بين أتباع الديانات الإبراهيمية وغيرهم من البشر من ناحية السلوكيات لما وجدت أنهم يتميزون بأي شيء. هم يمارسون نفس أخطاء البشر ولكن تحت أقنعة (أو هذا على الأقل ما لاحظت من خلال أسفاري وتعاملي مع البشر).

4- هنالك من غير أتباع الديانات الإبراهيمية من سما على رغبات النفس الأنانية، خذ كمثال غاندي وعروة ابن الورد (في صحرائي الحبيبة) وفي التاريخ أمثلة كثيرة. السمو ليس وقفا على أصحاب الأديان. المسألة ليست أديان، المسألة فطرة ومبدأ وتجربة.

في نظري أن الخير والشر مصدره الإنسان و لا دخل للآلهة.

أو هذا ما استقر عليه تفكيري. ولا أدعي أني أملك الحقيقة. لكن هذا ما أعتقد.

Link to comment
Share on other sites

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
Reply to this topic...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...
×
×
  • Create New...