Jump to content
Baghdadee بغدادي

abusadiq

Members
  • Posts

    405
  • Joined

  • Last visited

Posts posted by abusadiq

  1. إشكالية تنازع السلطة في العراق: رئيس وزراء منتخب بشكل مباشر

    جابر حبيب جابر

     

    عندما قامت الجمهورية الرابعة في فرنسا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية اتخذت النظام البرلماني شكلا لها، ولان تلك المرحلة كانت فترة تناحر ايديولوجي مثقل بعبء البحث عن بداية جديدة إثر كارثة الغزو الالماني، فان تلك الجمهورية فشلت بمرور الوقت ان ترتقي لمستوى ما تتطلبه هذه البداية، حيث انعكس الصراع الحزبي على الشارع ثم على صورة البرلمان والحكومة المنبثقة عنه التي طالما كانت حكومة اضعفتها التوافقات كما التناحرات الحزبية في ظل فشل اي حزب بتحقيق اغلبية حقيقية يرتكن عليها لوضع البلاد على مسار واضح، وكان ان استمر التيهان منتجا الظرف الملائم لقبول زعامة فرنسية كارزمية تمثلت بشخص شارل ديغول الذي بات معلما في التاريخ الفرنسي للقرن الماضي لاسيما انه تحمل مسؤولية مواجهة التفكك السياسي بدون مصادرة الديمقراطية او الانقضاض عليها.

     

    عبر ديغول انبثقت الجمهورية الخامسة شكلا جديدا لنظام الحكم في اوروبا الذي نجح بتجاوز هيمنة البرلمان المفكك وما ينتجه من حكومة هشة دون ان يذهب الى حد خلق نظام خاضع تماما لهيمنة الرئيس كما هو حاصل في بعض الانظمة الرئاسية، ولذلك اصطلح على هذا النظام الجديد بالنظام شبه الرئاسي او شبه البرلماني وكلاهما يعبر عن حقيقة انه نظام وسط بين الرئاسي والبرلماني حيث يتم انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب مما يمنحه تخويلا ديمقراطيا يعزز من سلطته كرمز للوحدة ومالئ للفراغ الذي قد ينتج عن وجود برلمان فاقد لأغلبية حاسمة، ومنذ ذلك الوقت كان النظام السياسي الفرنسي اكثر استقرارا وفاعلية.

     

    وفي ايطاليا فقد هذا البلد الذي يصنف رابعا بين الاقتصادات الاوروبية الكثير من زخمه بفعل الانقسامات الحزبية التي لم تسمح طويلا بظهور حكومة فاعلة خلال السبعينيات والثمانينيات، وفي اسرائيل تم تمرير تعديل دستوري خلال التسعينيات يسمح بانتخاب رئيس الوزراء مباشرة من الشعب لتعزيز فعالية هذا المنصب وقدرته على تجاوز عوامل الضعف الناتجة عن تحول التحالفات والأغلبيات الحزبية بشكل مستمر.

     

    اريد اتخاذ هذه الامثلة كمعبر الى الحالة العراقية وهي تعيش حالة سيولة مفرطة تصل احيانا حد الفوضى بسبب تنازع السلطات وغياب الرمز الموحد وتواصل التفكك السياسي والغياب الراهن والمتصور لأغلبية قادرة على مسك زمام الامور ووضع البلاد على مسار محدد دون ان تواجه باتهامات تتصف بالتشكيك والتخوين لاسيما مع انقسام الطبقة السياسية على اساس طائفي او اثني ما يعمق ازمة الارتياب بين الكتل السياسية المختلفة. لقد تمت صياغة العديد من بنود الدستور في ظل حالة من الخوف تجاه تكرار ظهور حكومة مركزية قوية تتحول مع الزمن الى حكومة مستبدة تعيد فرض هيمنة الشخص الواحد ورهن البلاد لمزاجياته المتقلبة، كما اسست السلطات في ظل نزوع نحو تغليب حالة التوافق وتكريس المحاصصة التي خلقت مفهوم الرئاسات الثلاث بشكله الحالي وانسحبت على التركيبة الوزارية التي طالما تمت الشكوى من عدم كفاءتها بفعل ارتكان الاختيار على عامل الحصة البرلمانية والتي اعطت لكل كتلة داخل البرلمان مقاعد في مجلس الوزراء توازي حصتها البرلمانية مما حول الحكومة في بعض الحالات الى برلمان مصغر دون ان يؤدي الى معالجة احساس البعض بالتهميش ووصف الحكومة بأنها «طائفية» في بعض الحالات.

     

    وأمام هذه الحال قد لا يكون مواتيا الحديث عن ديغول جديد في العراق حيث البلد يعيش انقساما تتحدد فيه المواقف استنادا الى الانتماءات الاولية التي شاءت الاقدار انها لم تمنح احدا قدرة ان يختزل في ذاته كل المطالب والثقافات والتطلعات التي تمتلكها الاثنيات والطوائف المختلفة، ولكن الطريق ما زال مفتوحا امام البحث عن حلول جديدة تتعاطى مع سلبيات الوضع الراهن وتستفيد من المرونة التي خلقتها امكانية تعديل الدستور لمعالجة ما يمكن ان يكون مصدر خلل داخل النظام. والفكرة التي اطرحها هنا قد لا تكون نهائية او متكاملة الا انها نقطة معروضة للنقاش والأخذ والعطاء.

     

    ان انتخاب رئيس الوزراء العراقي بشكل مباشر من الشعب وبعد تنافس بين مجموعة مرشحين سيحل العديد من الاشكاليات، فهو سيعطي لرئيس الوزراء سلطة اعتبارية تقوي موقعه امام الكتل السياسية وتحرره من الخضوع الى اراداتها المتناقضة لاسيما حينما تمنحه فضاء كافيا ليختار وزراءه على اساس الكفاءة لا الانتماء الحزبي والطائفي، وتخليص البلاد من اشكالية المحاصصة التي يعيبها الجميع رغم تمسكهم المفرط بها. بالطبع ان رئيس الوزراء المنتخب بهذه الطريقة سيكون شيعيا او سنيا او كرديا او منتميا الى اي فئة اجتماعية اخرى، لكنه في هذه الحال سيكون منتخبا من غالبية العراقيين بما يكفي ليخلصه من تهمة الاختزال الطائفي، وبما يخلق مناخا ليتعاطى ابناء الطائفة او الاثنية الاخرى معه ايجابيا لاسيما حينما يقرر السنة مثلا ان رئيس الوزراء سيكون شيعيا كون الشيعة اغلبية في العراق وفي هذه الحالة سيميلون الى انتخاب اقرب المرشحين الشيعة الى انفسهم ليتحملوا مسؤولية الاختيار بدلا من الوقوف بموقف سلبي مطلق، وقد يتسنى للسنة والأكراد اذا اتفقوا مع بعض التيارات الشيعية ايصال رئيس وزراء سني او كردي دون اشعار الشيعة بالتهميش.

     

    بالطبع لا بد من ان تكون هذه العملية خاضعة لمتطلبات الموازنة ولا تؤدي الى اندفاع سلطوي، فالقوة التي يكتسبها رئيس الوزراء عبر الانتخاب المباشر يتمتع بها البرلمان ايضا، ولا يعني الامر تجريد السلطة التشريعية من امكانيات التأثير في المعادلة الحكومية واتجاهاتها والرقابة عليها، سيظل رئيس الوزراء بحاجة الى موافقة البرلمان على التشكيلة الوزارية وسيكون عليه بالتالي الاخذ بالاعتبار طبيعة التوازنات السياسية داخل البرلمان، لكنه في نفس الوقت لن يكون مقيدا في جعل تشكيلته رهنا لهذه التوازنات لاسيما اذا اقترن ذلك بضرورة عدم اختيار احد النواب لمنصب حكومي وإنهاء فكرة ان يكون مجلس النواب محطة للعبور نحو السلطة التنفيذية، وتعزيز امكانية الفصل بين السلطات. قد تحصل حالة تعارض بين البرلمان ورئيس الوزراء ولكنها يمكن ان تعالج عبر وجود منصب رئيس الجمهورية الذي قد ينهي بعض الاستعصاءات او عبر آلية الدعوة لانتخابات مبكرة تكون في ذات الوقت استفتاء شعبيا على السلطتين التشريعية والتنفيذية. مثل هذا التجديد سيتطلب تغييرا على صعيد النظام الانتخابي وترجيحا لمفهوم القائمة الانتخابية المفتوحة، ولكنه سيكون اختبارا اخر لمدى قدرة الاطراف السياسية العراقية على قبول نظام للحكم يتجاوز التخندق الطائفي او السياسي، ويسهم في اعطاء رمزية توحيدية لأهم موقع سياسي في البلاد .

  2. أهم نقطة يشير اليها هذا المقال في رأيي هي قوله ان الشعب يستطيع معاقبة الفئة السياسية الحاكمة في العراق الآن، بأن لا يعيد انتخابها وهذه أهم نقطة تحققت ، فالمالكي سواء كنا معه او ضده فان فترة حكمه محدودة ،وهو يدرك هذا والشعب ايضا يعرف هذا، ،

    ان الديمقراطية سواء كانت متعثرة في العراق الان او لا، فانها سوف تأخذ مجراها بعد ذلك وهذه نقطة مهمة وخطيرة للغاية ، فالعراقي عندما يشعر بأن له الحق في تغيير حاكمة عن طريق الانتخابات فانه سيسجل كل هذا في ذهنه وسوف تدفع الفئات السياسية الثمن ساعة الانتخابات

    واذا ما حدثت تلاعبات اليوم فسوف لا تجري تلاعبات غدا وما دام ان الشعب له الحق في ان يقول كلمته، وله حق الانتخاب الحر فان هذا يعني بمرور الزمن سوف يقول الشعب كلمته التي يبتغيها

     

     

     

    ،

  3. المحاصصة الطائفية

    جابر حبيب جابر

     

     

    الراصد للتحليلات المفسرة لمشكلات عراق ما بعد التغيير يلحظ أنها تنتظم حول مقولة واحدة أو أس واحد لمشاكل يكاد يتم الإجماع عليه، وهو أن سبب التردي والضعف والاحتقان والانسداد السياسي والذي انسحب بتداعياته على الجوانب الأمنية والحياتية والخدمية، يعود الى المحاصصة الطائفية، وهنا أرجو أن لا تذهب بتفاؤلك بعيدا وتظن بأن هذا يبشر بمغادرة للنمط التقليدي في التفكير العربي الذي أدمن القاء المسؤولية على الآخر الأجنبي وبداية لمنهج نقد النفس بالتفتيش عن أخطائها وعن الاختلالات فيها بدل تحميل الآخر وزرها، إذ سرعان ما تقرن المحاصصة الطائفية بالأمريكان كونهم من أوجدها وكرسها من خلال تركيبة مجلس الحكم الذي قام وفقا لها بعد التغيير! ناهيك من الخلل التأريخي البين في هذه الرؤية كوننا عرفنا المذاهب والملل والنحل واصطراعاتها بأثني عشر قرنا قبل أن تظهر الولايات المتحدة، وانه في الوقت الذي نجح فيه الآخرون في تقنين وتأطير ومأسسة صراعاتهم سلمياً عبر الآليات الديمقراطية، فإننا لسنا فقط لم نوفق في ذلك على مر تاريخنا، بل جلبناها الى حلبة الديمقراطية، خالقين وضعاً مهجناً تلتقي فيه نزعات وانتماءات ما قبل الدولة مع ما بعدها، كما أن هذه الرؤية تتناسى معادلة الحكم المختلة التي عرفها العراق الحديث وسادت فيه منذ تأسيسه في عشرينات القرن الماضي الى نيسان 2003 والتي لا أحد يدعي أن للأمريكان دخلاً بها، وأن مجلس الحكم الذي أتى بعد ذلك واعتبر بأنه كرس الطائفية، كان الأكثر تنوعا من بين المجالس اللاحقة، بل ان نسبة العلمانيين، الذين يفترض نظريا أنهم الأبعد عن الطائفية، في هذا المجلس لم يحظ بها أي مجلس منتخب لاحق، ثم إذا كان الأمريكان أوجدوا ذلك، فلماذا لم تتحرر الانتخابات التي أجريت لمرتين بعد انتهاء مجلس الحكم من الاصطفافات الطائفية؟ أم أن أحدا يزعم أن الأمريكان لقنوا أو أجبروا اثني عشر مليون ناخب أن يكون تصويتهم الانتخابي طائفيا؟!

     

    لقد بات اعتبار أزمة النظام السياسي بأنها تعود وفقط للمحاصصة الطائفية أشبه بالبديهي، حتى يخال المتلقي لها بأن نظام التمثيل البرلماني عندنا يقوم على أسس طائفية بحتة وكأنه يعتمد التوزيع المسبق للمقاعد البرلمانية على الطوائف، وليس هو نتاج انتخابات تخوضها مجموعات حديثة متمثلة بالأحزاب والتجمعات.

     

    وهذه الرؤية تستبطن تعمية، وتختزن قدرا كبيرا من التضليل الذي نجحت في إشاعته وبات البعض يتلقاه كمسلمات، إذ خطورتها أنها تتجنب نقد المشكلة الأساسية وهي مشكلة العنف، وتسعى لتغيير الاتجاه عنها وتشتت التركيز عليها، وبذلك تستهدف النقد والتيئيس من العملية السياسية والقائمين عليها بدل نقد جماعات العنف المعيقة لها، في حين أن أي تحليل وتقييم موضوعي يصل الى ان المحفز والباعث على الاصطفافات الطائفية أمس واليوم هو العنف، إذ هي ابتدأت نتيجة مخاوف مختزنة في الذاكرة الجمعية كرستها عقود طويلة من الإقصاء والظلم، ثم جاءت موجة العنف وكرستها، فالتصويت الطائفي هو في حقيقته تصويت خائف مذعور لائذ بالمكون ناشداً فيه الحماية في مواجهة الآخر المستهدف أصل وجوده. لذا أكاد أجزم وبسبب من استمرار هيمنة العنف بأنه لو اعيدت الانتخابات اليوم لما خرجت بنفس الاصطفافات، لذا فعلى منتقدي المحاصصة الطائفية، وان يلحظ أنهم لم يقدموا أي خروج عنها، اذ رغم حديثهم اليومي عن المشروع الوطني فان لا أحدا منهم باستثناء القائمة العراقية ذات الأساس العلماني، ضم في قائمته الانتخابية مرشحاً واحداً من غير طائفته، بل باتوا يقتتلون على المحاصصة الطائفية ولكنهم ولدوا لها تسميات اخرى كالاستحقاق الوطني بدل الانتخابي، والتوازن بدل المحاصصة، فعليهم اذا صدقت نواياهم في التخلص من المحاصصة الطائفية ان يكسروا ويوقفوا دورة العنف، اذ انه بهذا وحده سيتحول العراقي من كائن طائفي الى كائن سياسي يختار وفقاً لمصالحه وليس وفقا لمخاوفه. والدليل الآخر انه رغم الحراك السياسي الأخير الذي شهده المشهد السياسي والانشقاقات، فان من غير المرجح رؤية تكتلات عابرة للطوائف، اذ لا احد يجازف بذلك من دون ان يستعدي قاعدته بسبب من الشرخ العميق والدموي الذي كرسه ويكرسه العنف يومياً.

     

    حتى لو اعتبرنا أن المحاصصة الطائفية آفة أو انها في هذه المرحلة قدر لا فكاك منه، فهل يعقل أن المكونات الرئيسية في العراق، والتي اقلها بحجم دولة عربية متوسطة السكان كالأردن او لبنان، لا تستطيع ان تقدم من بين أبنائها بضع عشرات من الكفوئين للتصدي لإدارة مفاصل الدولة السياسية والادارية؟ أم هي المحاصصة السياسية الموظفة للطائفة لمصلحتها والمختزلة لحقوقها والمستثمرة لمخاوفها والتي لا ترى ابعد من دائرة مريديها والبانية لزعاماتها على دوام معاناة مكوناتها؟ وإلا هل بغير ذلك نفسر العجز عن الوصول الى ايجاد فضاءات التعايش مع باقي شركاء الوطن؟ بل حتى الفشل في المستوى الأدنى من ذلك في ايجادها بين ابناء الطائفة الواحدة، والذي يدلل عليه بوضوح الصراعات التي تبلغ الدموية غالباً في محافظات جل، بل أحيانا كل، سكانها من طائفة واحدة؟ في هذا التردي تتساوى المحافظات السنية والشيعية، بل ان الشيعية يوجه اللوم اليها بشكل اكبر، ويحار المرء أمام ما يجري فيها كونها لا تشكو مثل المحافظات السنية من استباحة الإرهاب لها.

     

    الا ان الحراك السياسي الأخير بخروج التيار الصدري من الحكومة والذي سبقه خروج الفضيلة من كتلة الائتلاف الحاكم، على الرغم من أني لا أرى فيه بوادر انشقاقات خطيرة أو تهشما للكتل والتحالفات بما يغير المعادلة القائمة او ينذر بخطر على مستقبل الحكومة كون، مرة ثانية، واقع العنف يوفر الإسمنت اللاصق لهذه الكتل بما يحميها من التفكك، لكن هذا لا يمنع على اضعف الفروض من اقامة تحالفات فوقية بين القوى السياسية تتجاوز التخندقات الراهنة بغية الخروج بمشروع وطني والذي بات يشكل مطلباً، بل استحقاقاً، تلح عليه الأطراف الخارجية والداخلية وقبلهم الممتحن والمبتلى المواطن العراقي، اصطفافاً جديداً يكون على أساس من يؤمن بالسلم مقابل من يؤمن بالعنف، من يتخذ السياسة وسيلة ضد من يتخذ الإرهاب منهجا، من يقف مع القانون بالضد ممن يخرقه، من يبني العراق في مواجهة الساعين لتقويضه.... عند ذاك فقط نضع القدم على طريق مغادرة المحاصصة الطائفية.

  4. مع عدم ايماني بمناقشة مثل هذه المواضيع لكن اود ان اشير الى حقائق تاريخية هي ان ال الرسول عليه الصلاة والسلام كانوا من الاحناف اي يؤمنون بالله ، ، وعلى فرض ان ام النبي كانت كافرة، فهذا لا يقدم ولا يؤخر ، لا من شخصية النبي ولا من رسالته’ ، اما مسألة الترحم عليها فحسب المبادئ الاسلامية ، فان الله هو المسؤول الاول والاخير عن من هم المؤمنون ومن هم الكافرون، وليس البشر، من هنا فان تصنيف ام النبي في قائمة الكفار يعتبر تدخلا في الشأن الالهي حسب التفكير الديني الاسلامي
  5. عندما قرأت المقال الاتي، ذكرني بقانون نزع الحجاب في المدارس الفرنسية ، في نهاية القرن العشرين، وعلى الرغم من اختلاف الزمن والمكان والاشخاص وكل شئ تقريبا ، لكن لنلاحظ مدى تسامح العراقيين وكيف كانوا يتعاملون (ايام زمان) بنية خالصة وبسيطة ويفهم احدهم معتقدات الاخر ويحترمها دون تعقيدات ، وعندما يتجاوزون على القانون فانهم يتجاوزونه عن فهم ودراية وحسن نية، وفي مصلحة الاخرين وليس لمصلحة ذاتية انانية ، هاهو المقال يبين ذلك

    \

     

     

    مكرمة بمكرمة

    خالد القشطيني

     

     

     

    عندما تأسست المملكة العراقية لم يكن هناك في العراق أي زي معترف به أو سائد بين الناس. لبس الأكراد في الشمال السراويل الفضفاضة وفي الجنوب لبسوا الدشداشة الخام، وفي بغداد والمدن الرئيسية لبس رجال الدين والمتعلمون الجبة والعمامة. ومن خدم في الجيش العثماني والإدارة العثمانية لبسوا السترة والبنطلون. يقال مثل ذلك عن شعار الرأس في تنوعه. لم يكن المواطنون يعطون صورة مقبولة لوحدة الوطن. ولهذا بادر الملك فيصل الأول الى الإيعاز بتوحيد الأزياء. ولكن الحكومة لم تجد من المناسب أو الممكن فرض ذلك على احد. لم يكن العراق قد عرف الدكتاتورية بعد. فكروا فقط بالنشء الجديد. أولاد المدارس. أصدرت وزارة المعارف تعميما لكل المدارس العراقية بمطالبة الطلبة جميعا بلبس البنطلون والثوب والسترة. لا يجوز دخول المدرسة بالدشداشة والطاقية (العرقجين).

     

    نفذ الأمر، بيد ان مدير مدرسة الكرخ، الاديب والشاعر ناجي القشطيني لاحظ صبيا واحدا ظل يلبس الجبة والعمامة، فنادى عليه وسأله عن اسمه فقال اسمي عبد الرسول الخالصي. أمره بإطاعة النظام وتغيير زيه. في اليوم التالي، جاء التلميذ بنفس الجبة والعمامة، ولكن معه أمه. ذهبت فورا للمدير وشرحت له الأمر وتوسلت به ان يتغاضى عن هذا التلميذ ابنها بالذات. وشرحت له السبب. قالت انها قضت عدة سنوات وهي عاقر ولم ترزق بطفل. ثم نذرت للرحمن عز وجل ان تكرس للدين ابنها اذا من الله عليها بولد وتلبسه الجبة والعمامة. وهي كامرأة مؤمنة لم تشأ ان تخرج عن نذرها لله. واذا أصرت الادارة على غير ذلك فستسحب ابنها من المدرسة. كانت امرأة صالحة لم تشأ أن تعصي الله لترضي الحكومة، وهو ما يفعله الكثيرون منا.

     

    كان ناجي القشطيني من الأساتذة المتنورين والمتسامحين فأصاخ لكلامها ولم يشأ تحويلها عن قسمها بالله. فترك الصبي عبد الرسول يأتي للمدرسة بالجبة والعمامة. ولما كان هذا الزي لا ينسجم مع دروس الكشافة والرياضة فقد أعفي منها ايضا. بعد بضعة اشهر زار المفتش الانجليزي المدرسة ولاحظ هذا التلميذ الشاذ. سأل المدير لماذا سمح لهذا الصبي بهذا الزي خلافا للتعليمات. شرح له حقيقة الأمر. فوافق المفتش على الاستثناء ولم يأت بالدبابات البريطانية لفرض ارادته على الصبي.

     

    مرت السنوات وأكمل الولد دراسته بالجبة والعمة ودخل كلية الحقوق وتخرج منها محاميا. وما انفك في التقدم في مهنته حتى اصبح وزيرا للعدل. فتخلى عن لبس الجبة والعمة ولبس السترة والبنطلون من اجل المنصب. كانت له اولويات مختلفة عن اولويات امه. وكان من أول ما لحظه على طاولة الوظيفة عريضة من سعدون القشطيني طلبا لوظيفة قاض. سأل عنه فأجابوه ان سعدون هذا هو ابن ناجي القشطيني الذي سمح له بالدراسة بالجبة والعمامة. تناول القلم وشرح على العريضة: يعين فورا قاضيا في المحاكم العراقية.

  6. «عكازة علي» نبتة تكافح السرطان والايدز

    لندن الحياة - 15/04/07//

     

    اكتشف فريق علمي مشترك من الولايات المتحدة وماليزيا، مادة فعالة في نبات عشبي يعرف باسم «عكازة علي»، يمكن استخدامها في مكافحة أمراض السرطان ونقص المناعة المكتسبة (الإيدز).

     

    وأكدت وزارة العلوم والتكنولوجيا والإبداع الماليزية أن النبات الذي يستخدم في إنتاج مشروبات صحية، يحتوي على مواد قادرة على أداء وظيفة أخرى كمضادات للسرطان والملاريا، إلى جانب قدرتها على مكافحة الإيدز، بحسب ما نشر موقع « سي ان ان» الالكتروني.

     

    وأوضحت الوزارة أن هذا الاكتشاف جاء نتيجة برنامج الأبحاث المشتركة بين ماليزيا ومعهد «ماساتشوستس» الأميركي للتكنولوجيا، التي تركز على مجال التكنولوجيا الحيوية.

     

    ولفت البيان إلى أن المواد النشطة التي تحتويها نبتة «عكازة علي»، التي طُورت لإنتاج أدوية طبية في شكل كبسولات، أثبتت فعاليتها وأثرها على وظائف الأعضاء، وقدرتها على الوقاية من أمراض خطرة.

     

    ونبتة «عكازة علي» من الأعشاب الثرية بالمواد المنبهة التي تنشط جسم الإنسان، على رغم احتوائها على نسب صغيرة جداً من الكافيين.

  7. من يصنع تاريخ الدول.. وكيف... ولم...؟!

     

     

    ثريا الشهري

     

    الشعوب لا تصنع وحدها تاريخها، فهي لا تحتشد بنفسها، ولكن لا بد لها من قائد يقودها، ينظم صفوفها، ويستنهض طاقاتها، فالأمم باقية على أية حال، بضعفها وقوتها، وما يفسر حدوث انتصاراتها هو ظهور الرجل الزعيم، وما يفسر انكسارها هو غياب هذا الزعيم، صحيح أن الشعوب هي التي تبني وتتحمل المشقة وتضطلع بالأعمال والتبعات، ولكن أعطني قائداً قادراً حاذقاً، أعطك شعباً فاعلا، فهي معادلة يختل توازنها بنقص كفاءة أحد طرفيها، والعلاقة بين دوري الزعيم وشعبه، لا محل فيها لتفاضل دور على الآخر، لأنها علاقة عضوية، الأمر الذي يفضي بنا إلى حقيقة لا تدع مجالا للشك في أن حسن اختيار الحاكم هو الطريق لصلاح البلاد وأهل البلاد، يقول خير الدين التونسي، قبل أكثر من مائة عام: «تكون سعادة الممالك وشقاؤها في أمورها الدنيوية بمقدار ما يتيسر لملوكها من العلم بكليات السياسة والقدرة على القيام بها، وبقدر ما لها من التنظيمات السياسية المؤسسة على العدل ومعرفتها واحترامها من رجالها المباشرين لها... أما توسيع دائرة العلوم والعرفان وتمهيد طرق الثروة من الزراعة والتجارة وترويج سائر الصناعات ونفي أسباب البطالة فيعزى إلى حسن الإمارة المتولد منه الأمن، المتولد منه الأمل، المتولد منه إتقان العمل».

     

    تمتعت أثينا بجو من الحرية في المناقشة والجدال كان عجيباً بمقاييس ذاك العصر على الأقل، بيد أن المرء لا يستطيع أن يفكر من دون مادة لفكره، ومن ثم جاءت المعرفة في أعقاب فنون الكلام، فبرز سقراط وانتهى الأمر بإعدامه بتهمة تكدير عقول الناس، ولكن هذا التكدير استمر على الرغم من تنفيذ الحكم في صاحبه، إلى أن وصل إلينا وسمعنا به، ذلك أن سقراط أشعل فتيل رسالته في تلاميذه فواصلوا أداءها من بعده، فإذا لم ينجح التعليم في إيقاظ المتعلم وتحفيزه على تطوير ظروفه، وتدريبه على الفهم والاستنباط، وإدراك العلاقات بين الأشياء والأحداث، لا تكون العملية التعليمية قد آتت أكلها ولا يكون القائم بها معلماً، فتوعية العقول لا تكون بمجرد شرح الأحوال وتفسير الواقع، ولكن بالمحاورة للتبصر، وبممارسة النقد الذاتي بموضوعية، والتي يأتي منها تقبل الآخر والرأي الآخر، فكيف نتعرف على الرأي الصواب والأكثر صواباً؟! أليس بالموازنة بين الآراء المختلفة! وإطلاق الحرية للغير في معارضتنا هو الشرط الإضافي، الذي يمكّن الإنسان من اكتساب الثقة فيما يقول ويفعل..لماذا؟! لأنه بالمناقشة والدفاع عن أفكاره (كما قلنا بموضوعية) يكون باستطاعته أكثر وأكثر أن يصحح أخطاءه، فالتجربة وحدها لا تغني شيئاً، فلا بد من المناقشة لأنها تفسر معاني التجربة، وتكشف عدم دقة بعض فرضياتها والاقتراحات التي صاغتها، التي قد تكون غائبة عن صاحب التجربة نفسه.

     

    يحتفي القرآن الكريم بمنهج التعليم الحواري لتربية العقل بحوالي 750 من آياته، فلم يكن غريباً على المسلمين اعتمادهم المنهج التجريبي في البحث العلمي، الذي قامت عليه النهضة العلمية الحديثة، بعد أن اقتبسه الغرب منّا، وما الشورى والدعوة إلى النظر والتفكّر إلا بعض من مكونات هذا المنهج الذي أغفله المسلمون إبان صراعاتهم فحلت عليهم الكارثة، حيث أضفت كل طائفة متنازعة قداسة دينية على مواقفها، وكأنها تنفي صفة الدين عن رأي الطائفة الأخرى، الذي كان على إثره احتدام التناحر، واعتناء التعليم بالعلوم النقلية الدينية بالأسلوب التلقيني، لتنسحب الطريقة لاحقاً حتى على العلوم العقلية غير الدينية، ثم التعليم بشكل عام، المشوار المظلم الذي انتهى بترويض العقول، ولكن بإتاحة الفرصة لغسلها أيضاً، ولم لا وثقافتنا الحياتية غالباً ما تستلهم العقل المسالم، الذي يفكر في إطار المألوف، فلا يصدم عرفاً أو عادة ولو كانت غير حميدة، ولا يعارض رأياً ذائعاً ولو كان فاسداً، وهو، وإن كان أدعى إلى الاستقرار المؤقت، غير أنه أبداً لا يؤدي إلى تطور أو تجديد، بل يفتح الباب لكل الأخطار.

     

    ما من قوة حقيقية من دون علم وبحث علمي يولد القدرة على التقانة، وعندما حاول السلطان العثماني سليم الثالث منافسة الغرب في صناعة المدافع طلب التقانة، ولكن من دون نقل العلم الذي تقوم عليه هذه التقانة، فاقتصر الأمر على مجاراة الغرب لبعض الوقت لا أكثر، وهو الجهل الشائع الذي ما فتئت دولنا تقع فيه، والسؤال الأهم: ماذا نريد بالعلم المتفوق؟ هل نريد أن نكون أقوياء من دون عدل؟ فالأمويون كانوا أقوياء، ورقعة دولتهم كانت متسعة، ومع هذا فقد تقلصت في زمنهم كرامة الإنسان، وانكمش الدين في الضمائر وضاعت الأخلاق، والعباسيون كانوا من محبي العلم وازدهاره، ولكنهم نهبوا الأمة وتخاذلوا أمام الزحف المغولي الذي تصدى له المماليك، والعثمانيون لهم تاريخهم أيضاً في تعطيل الاستعمار حوالي الأربعة قرون، ولكن لو كانت المسألة قوة واستيلاء على أراض، لكان التتار أو إسرائيل العسكرية مثلا يحتذى، فالإسلام لا يحفل بالعلم والقوة إلا بمصاحبة العدل والحق، ويرى قوة العلم المجردة منهما ظلماً وطغياناً. كلمة قبل الأخيرة: تتفاوت درجات تأثير العلوم في الدفع الحضاري، فالعلوم التي تأتي بالإنجازات هي الرياضيات والكيمياء والفيزياء والفلك.... والتي مهدت السبيل إلى الثورة الميكانيكية ثم الصناعية، بينما العلوم الأخرى ـ على أهميتها النسبية ـ غير ذات تأثير مباشر في دفع عجلة الإبداع التقاني التي تقاس به مدنية الأمم وقوتها، كالعلوم الإنسانية التي ركز الاستعمار على حشو مدارسنا بها، كي يحول دون إحداث تقدم يفلت من قبضته. كلمة أخيرة: بعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية، اعترف عقلاؤها بأن هزيمتهم بدأت في المختبر، أما هزيمتنا فقد ولدت في البيت ثم المدرسة فالجامعة والمختبر والمصنع والحقل و... كلمة بعد الأخيرة: تشهد السعودية اليوم النهضة التي كانت تنتظرها، والمعيار الأساسي في تقييم تجربتها يكون في «نوعية» التاجر والسياسي والاقتصادي والعالِم والباحث والتقني والمهندس والمثقف والمبتكر والحرفي، وكل من يشارك في إعلاء قيمة العلم والعمل ونماء الوطن.

  8. الاندماج .. أم المواجهة؟

     

    «يوتيوب» يقود «ثورة الفيديو» على الإنترنت .. وشركات الإعلام الكبرى محتارة في موقفها

     

     

    فيصل عباس

    كثيرة هي الأخبار المتعلقة بموقع عرض وتحميل ملفات الفيديو الرقمية «يوتيوب»، التي تناقلتها وكالة الأنباء أخيرا، وليس ذلك مستغربا، فأي «تجمع» لـ 120 مليون شخص كما هو الحال مع موقع «يوتيوب»، الذي سجل هذا العدد من الزوار في ديسمبر (كانون الأول) الماضي ـ بحسب ارقام شركة «كوم سكور» لمراقبة المواقع الالكترونية ـ يستحق بلا شك المتابعة الإعلامية.

    لكن الأخبار المتعلقة بـ «يوتيوب»، تعدت كونه «ظاهرة» منذ فترة بعيدة. وفي الواقع فإن النمو الكبير الذي حققه أخيرا، ما يعادل 2000% خلال العام الماضي بحسب «كوم سكور»، تسببت بتحوله الى محط مراقبة دائمة، مما كان له بدوره ايجابياته وسلبياته.

     

    ففي العام الماضي، اشترت شركة الانترنت العملاقة، «غوغل» (صاحبة محرك البحث الالكتروني الذي يحمل الاسم نفسه)، موقع «يوتيوب» بمبلغ 1.65 مليار دولار، وبدا ان الموقع اخذ مكانه على عرش النجاح بعد ان كان رائدا في فكرة، كونه «مجتمعا» لتحميل معظم انواع ملفات الفيديو، مثل الأغنيات المصورة (فيديو كليب)، ومشاهد الأفلام والمسلسلات التلفزيونية، وصولا الى ملفات الفيديو التي ينتجها المستخدمون انفسهم عن طريق كاميراتهم الشخصية او اجهزة المونتاج التي يملكونها. إلا أن الأسابيع القليلة الماضية شهدت اكثر من محاولة لـ «هز» هذا العرش، وابرزها القضية التي ترفعها مجموعة الاعلام الكبرى «فياكوم» ـ التي تملك قنوات مثل «ام. تي. في» و«في. اتش. وان» ـ متهمة «يوتيوب» بسماحه لمستخدميه بعرض «كليبات» لأعمال ذات ملكية تعود لشركات «فياكوم» من دون اذن او مقابل.

     

    من جهة ثانية، أعلن ايضا خلال الاسابيع القليلة الماضية عن «تحالف» بين كل من شركة «ان. بي. سي» الأميركية، وشركة «نيوزكورب»، لتكوين موقع على غرار «يوتيوب» لتوزيع ملفات الفيديو من افلام ومسلسلات بشكل محترف. وبحسب ما ذكرت صحيفة «فاينانشال تايمز» أخيرا، فإن الموقع المشترك قد حصل على مباركة اسماء كبرى في عالم الانترنت مثل «اي. أو. إل»، «إم. إس. إن»، «ماي سبايس»، و«ياهو»، بموافقتها على قيام هذا الموقع بـ «توزيع» ملفات الفيديو هذه، التي ستكون مجانية للمستخدمين، لكن برعاية معلنين.

     

    لكن وفيما كل ذلك يحصل، بدا لافتا «تمرد» هيئة الاذاعة البريطانية «بي. بي. سي» على سرب المقاضين أو الراغبين في اطلاق موقع خاص بهم لملفات الفيديو، حيث أعلنت «بي. بي. سي» عن توقيعها لعقد تسمح بموجبه لـ «يوتيوب» بعرض ملفات الفيديو المأخوذة من برامج الهيئة التلفزيونية.

     

    وبحسب الاتفاقية، فإن «بي. بي. سي» (بفرعيها المحلي الممول عبر ضريبة (رخصة) التلفزيون التي يدفعها المواطنون، والعالمي الممول اعلانيا والمعروف باسم «ورلد وايد»)، ستسمح لـ «يوتيوب» بعرض محتواها عبر ثلاث قنوات تحمل شعار الهيئة على الموقع، 2 منها مخصصة للترفيه، وواحدة مخصصة للأخبار. وتوضح استر براون، مسؤولة التواصل عن مجال الاعلام الجديد والاستراتيجية في «بي. بي. سي»، لـ «الشرق الأوسط»، «نحن نفضل العمل بشكل بناء على الذهاب الى المحاكم»، مضيفة ان الاتفاقية «تعتبر وسيلة للتفاعل مع «يوتيوب» وتوفير محتوى قانوني للمشاهدين، وفي نفس الوقت الحصول على منافع في ما يخص ذكر اسمنا التجاري والوصول الى المشاهدين، وفي حالة «بي. بي. سي. ورلد وايد»، المنافع المالية». وتضيف براون «نحن نأخذ الاعتداء على الملكية الأدبية على محمل الجد، ونعمل مع القائمين على مواقع مثل «يوتيوب» و«غوغل» على ازالة ملفات الفيديو التي تم وضعها بشكل غير قانوني». اذن فهناك طريقتان للتعامل مع تنامي شعبية مواقع تبادل ملفات الفيديو («يوتيوب» هو أبرزها، لكنه ليس وحده)، إما تبنيها وايجاد طريقة للتعايش معها، أو محاربتها كما تفعل «فياكوم» اليوم، وكما نجحت في فعله في السابق شركات الانتاج الموسيقي مع موقع «نابستر» لتبادل ملفات الموسيقى الرقمية مطلع القرن الحالي.

     

    لكن هل يمكن ان يعيد سيناريو قضية «نابستر» نفسه مجددا؟، سيما انه كما ورد سابقا، فإن «يوتيوب» هو اليوم «أحد» مواقع تبادل ملفات الفيديو، فما جدوى اغلاق موقع، ان كان كل ما سيحصل هو ان المستخدمين سينتقلون الى استخدام موقع آخر بكل بساطة؟.

     

    بداية يرى البروفيسور نيل ثورمان، استاذ الصحافة الالكترونية في جامعة «سيتي» اللندنية، فرقا كبيرا بين قضيتي «يوتيوب» و«نابستر»، وذلك ان «يوتيوب» يعرض فقط ملفات الفيديو ولا يعطيك خيار تنزيلها والاحتفاظ بها، فيما كان «نابستر» خدمة «تنزيل»، مما يعني ان شركات الاعلام لا تواجه خطورة كبيرة في عرض ملفاتها على «يوتيوب»، لأن المستخدم عليه فعلا الذهاب الى «يوتيوب» لمشاهدة الملف (ولا ينف ثورمان وجود بعض البرامج التي تخول المستخدم الاحتفاظ بنسخ دائمة من الملفات المعروضة في «يوتيوب»)، لذلك فالقضية ستكون مختلفة. وحول اتفاق «يوتيوب» مع «بي. بي. سي» يقول ثورمان إنه لا بد من الانتباه ان هناك فرقا كبيرا بين «بي. بي. سي» وشركات الاعلام الأميركية، ففي حالة الـ «بي. بي. سي»، فإن برامجها قد دفع ثمنها قبل عرضها كونها تمول عبر تحصيل قيمة «رخصة التلفزيون» (ضريبة يدفعها المواطنون في بريطانيا لامتلاكهم جهاز تلفزيون في منزلهم)، لذلك فإن عرض برامجهم على «يوتيوب» لا يترتب عليه نفس كمية الضرر الذي قد يترتب على الشركات الأميركية، التي قد تخشى من أي تأثير لوجود اعمالها على شكل ملفات فيديو عبر «يوتيوب» على عوائدها الاعلانية خلال العرض على شاشات التلفزة او مبيعات اقراص «دي في دي» لبرامجها.

     

    ويشير ثورمان الى انه بالرغم من ذلك، فإن الـ «بي. بي. سي» تتحمل جزءا من الخطورة كذلك، وذلك لأنها تحصل على اموال من خدماتها الدولية مثل «بي. بي. سي. أميركا»، لكنه يضيف ان الهيئة البريطانية «تعتمد على الارجح على خدمة «يوتيوب» من اجل زيادة عدد مشاهديها في أميركا، مما سيزيد الانفاق الاعلاني عليها».

     

    وبالحديث عن الانفاق الاعلاني، فإن الأخبار المتعلقة بالانترنت شملت هذا الموضوع كذلك، فقد تحدثت التقارير الاعلامية عن تحطيم الانفاق الاعلاني على الانترنت لحاجز الملياري جنيه استرليني لأول مرة خلال العام الماضي بحسب ارقام شركة «برايس واترهاوس كوبرز»، كذلك تفوقها على الصحف الوطنية من حيث الانفاق الاعلاني، ففي حين سجل الاعلان في الصحف 10.9% من اجمالي الانفاق العام، بلغت نسبة الاعلان في الانترنت 11.4%، وفيما تبدو النسبة ضئيلة، إلا ان التقارير تحدثت عن «اتساع الفجوة» في ظل نمو الانفاق على الانترنت بمعدل 41% خلال عام 2006. إلا ان الارقام تظهر امرا آخر كذلك، وهو انه في صدارة المعلنين على الإنترنت اعلانات التوظيف (الوظائف الشاغرة) بنسبة 24.8% واعلانات شركات وخدمات التمويل 13.8%.. وكلاهما مجالان بعيدان عن هوية «يوتيوب»، اذا ما افترضنا ان هذه الشركات تريد وضع رابط او «بانر» في الموقع (يرفض «يوتيوب» اقحام الاعلانات خلال الكليبات التي يعرضها او ربط المشاهدة بالموافقة على مشاهدة اعلان قبله او ما شابه، حيث يصر ان تكون مشاهدة الكليبات مجانية تماما).. فكيف اذن يمكن لموقع مثل «يوتيوب» ان يحقق ربحا ماليا من الاعلان؟.

     

    يجيب البروفيسور ثورمان بقوله «يقول «يوتيوب» انه يعمل على ان يكون الاعلان مصدر دخله، وانه لا يزال يعمل على دراسة وسائل مختلفة مثل الرعاية، لكنهم في نفس الوقت لا يزالون يبنون مجتمعا، وبالتالي لا يدركون بعد كيف ستكون مصادر الدخل لهم على المدى الطويل».

     

    من جهة ثانية، يطرح سؤال نفسه وهو: لماذا تتم مقاضاة «يوتيوب» تحديدا؟ هل لذلك علاقة بكونه الآن جزءا من امبراطورية عملاقة هي امبراطورية «غوغل» (القادرة على دفع التسويات والغرامات بالملايين)؟.. لا يعتبر ثورمان أن ذلك هو السبب، مضيفا انه عندما تمت مقاضاة موقع «نابستر» في بداية الالفية الثالثة لم يكن مدعوما بشركة بحجم «غوغل»، ويضيف «السبب هو كون «يوتيوب» اصبح في مركز القيادة بالنسبة لمواقع ملفات الفيديو»، او بمعنى آخر، فإن النخلة المثمرة هي التي تضرب بالعصي.. كما يقول المثل.

  9. ماذا يعني الجمال في الفكر الإسلامي؟

     

    محاولة لتأصيل الثقافة الجمالية العربية المعاصرة

     

     

    دمشق: فيصل خرتش

     

    يشكل هذا الكتاب حلقة مهمة ومتميزة من حلقات الفكر الجمالي الإنساني، وذلك لموقعه التاريخي من جهة ولما اتصف به من عمق في طرح المسائل الجمالية من جهة أخرى. وهو يرتبط بكل من مبحث المحبّة واللذة والحواس والقوى الإنسانية.

     

    لدراسة الفكر العربي الإسلامي في منظومته الجمالية، لا بد من دراسة النواظم المشتركة في المنظومة الجمالية لهذا الفكر، وهذا ما فعله الباحث د. سعد الدين كليب في كتابه "البنية الجمالية في الفكر الإسلامي"، فركز على بحث عناصر هذه البنية، وتحديد الجوهري فيها بوصفها بنية مكتملة لم تنظم الفكر الجمالي فحسب، بل تنظم الفنّ العربي الإسلامي عامّة.

     

    قسم البحث إلى خمسة فصول، فصل تمهيدي، وأربعة تستوعب حقول الفكر العربي/ الإسلامي.

     

    في الفصل الأول، تم استعراض نظرية الفيض عند أهم القائلين بها (الصابئة، الفارابي، ابن سيناء، أخوان الصفا، السهروردي، ابن عربي) وكان الهدف من ذلك تبيان الأساس المعرفي الذي ينطلق منه هذا الفكر عند الذات الإلهية والكون والمجتمع والإنسان، لِما لذلك من أهمية في تجديد الوعي الجمالي.

     

    في الفصل الثاني، تمّت دراسة مفهوم الكمال بوصفه مفهوماً جوهرياً في كلّ من المنظومة الجمالية المطروحة ونظرية الفيض، فتمّ استعراض تجليات الكمال ومحدّداته وموضوعاته الحسية والمعنوية والروحانية والاجتماعية والفنية.

     

    تناول الفصل الثالث القيم الجمالية وطبيعة المشاعر الانفعالية المصاحبة لها؛ مما جعل هذا الفصل يشتمل على أربع فقرات، وهي: الجلال والجمال والقبح والعذاب، حيث دار الحديث فيها حول تحديد المفهوم والسمات الموجبة له، وتجلياته في الظواهر والأشياء.

     

    الفصل الرابع تناول اللذة الجمالية، وتمّ الحديث فيها عن الحواس والقوى الإنسانية، وعلاقة اللذة بها، وبكل من المحبة والمعرفة، وعن أنواع اللذات الجمالية التي انقسمت إلى ثلاثة: وهي اللذة الحسية واللذة المعنوية/ العقلية، واللذة الروحانية، ثم انتهى الفصل بالحديث عن اللذة الفنية وعلاقتها بتلك اللذات.

     

    أما الفصل الخامس، فقد تناول الإنسان الكامل بوصفه مثلاً أعلى في الدلال والجمال وبوصفه الأنموذج التطبيقي الذي يستوعب نظرياً المنظومة الجمالية التي طرحها هذا الفكر، ولذلك فقد استعرض الفصل الأشكال التي أخذها الإنسان الكامل، وطبيعة الكمال فيه، ومن ثمّ الجلال والجمال اللذين اتصف بهما.

     

    إنّ البنية الجمالية المتكاملة تنظم الفكر الجمالي العربي/ الإسلامي، وتميزه عن سواه؛ كما أنّ هذه البنية تنهض من الكمال وتتأسّس عليه. فلا يمكن فهمها وتحديدها من دون تحديده وتحديد منعكساته الجمالية. فالكمال ليس مجرد عنصر من عناصر الجمال أو الجلال، كما يذهب الكتاب، بل هو الجوهر فيهما، وفي القيم الأخرى، فمنه تستمد الظواهر والأشياء جماليتها، وبه تتحدد تأثيراتها الانفعالية من حسية ومعنوية وروحانية. بحيث يصحُّ القول إنّ الكمال هو الجوهر الناظم للقيم والمثل واللذائذ الجمالية كافةً. وهو مما يُميز هذا الفكر الذي كان هدفه الأساسي نيلّ السعادة القصوى أو اللذة المطلقة التي هي، في حقيقتها، وعي مطلق، غير أنّه في سعيه إلى المطلق وعى جمالياً كلَّ ما هو نسبي.

     

    إن ثمة ذهنية جمالية عامة تنعكس بدرجات متفاوتة، في هذا الحقل أو ذاك من حقول الثقافة العربية/ الإسلامية. وهو ما يعني وحدة هذه الثقافة وتنوعها في آنٍ معاً. أو لنقل: إنه يعني التنوع في إطار الوحدة.

     

    ويرى المؤلف أن هذا الفكر شكل خطوة متقدمة، بالنسب إلى الفهم الجمالي للظواهر والأشياء، إذ قدّم العديد من الآراء التي لا يزال لها جانبها العلمي، والتي تمكن الإفادة منها في علم الجمال المعاصر. وذلك علاوة على تعبيره المتفوّق عن الذهنية الجمالية العربية/ الإسلامية. ونعتقد أنّ الإفادة العلمية من هذا الفكر أمر ضروري، من أجل تأصيل الثقافة الجمالية العربية المعاصرة، سواء أكان ذلك على مستوى الفن أم على مستوى علم الجمال، من دون أن يعني ذلك إلغاء التجاوز. غير أن التجاوز لا يكون علمياً إلا إذا كان قد هضم ما يتجاوزه هضماً يحيل على التمالك والإحاطة. والباحث يؤكد على ضرورة الإفادة من هذا الفكر، وهو لا يُغفل أنه نتاج مرحلته التاريخية بطابعها المعرفي والجمالي، وبوظائفها الإيديولوجية. وهذا الأمر من طبيعة كلّ فكر جمالي أو غير جمالي، وليس خاصّاً بالفكر العربي/ الإسلامي. وما ذلك إلا لأنّ الفكر الجمالي عامة هو فكر يترعرع في إطار المنظومة المعرفية والإيديولوجية لواقعه التاريخي. ولعل في هذا جانباً من الملاحظات السلبية التي يمكن أن توجه إلى الفكر الجمالي عامة. فلم يكن الهاجس هو وعي الجمالي بما هو عليه، وهذا من وظائف علم الجمال، بل كان يكمن في ربط الجمالي بالمنظومة المعرفية والإيديولوجية. وهذا ما يسوّغ ذلك الاتساق الذي نجده دائماً في الفكر الجمالي عامة، بين المعرفي والجمالي، ونجده غالباً بين الجمالي والإيديولوجي، في حين أنّ الاتساق ينبغي أن يتم بين الظاهرة والوعي، بين الظواهر والمقولات العلمية. وإنْ كنا لا نذهب إلى إمكانية انضواء "علم الجمال" تحت العلوم البحتة. غير أن ما لا يُدرك كله لا يُترك جلُّه.

  10. اقتراح الانتخاب حسب الاسماء وليس على اساس الاحزاب لا بأس به، ، وهذه هي ميزة الديمقراطية، اذ من الممكن ان يتغير النظام الانتخابي المعمول به الان الى الانتخاب حسب الاسماء ، ، ولا شك ان لكل نظام ميزاته ومساوؤه ، المهم في العملية هي ارساء النظام الديمقراطي، وبعد ذلك يمكن تعديله

    اما من ناحية الرواتب والسرقات ، فالمسألة تعتمد على اشياء كثيرة، ولا يستطيع اي نظام ان يقضي على الفساد، ولكن بالطبع لابد لللنظام ان يكون المثل الاعلى، ، ، وها هنا مثال لما جرى مؤخرا لشخص هو غني بالاساس لكنه متعود على السرقة ، هاهو المثال.

     

     

     

    فضيحة تحاصر رئيس البنك الدولي صاحب شعار «محاربة الفساد».. والبيت الأبيض يدعمه

     

    عربية تقترب من إطاحة الرجل الذي يعد مهندس الإطاحة بنظام صدام

     

     

    واشنطن: طلحة جبريل

    بات من المرجح ان تطيح علاقة بين بول وولفويتز رئيس البنك الدولي وعشيقته شاها علي رضا ذات الاصول العربية، على الرغم من ان البيت الابيض اعلن وقوفه الى جانب بول وولفويتز الذي يعد المهندس الرئيسي لغزو العراق.

    وكان بول وولفويتز قد تدخل لنقل صديقته شاها علي رضا من البنك الدولي الى الخارجية الاميركية ومنحها راتباً أعلى من راتب الوزيرة كوندوليزا رايس. وبادر بول وولفويتز عند انتخابه رئيساً للبنك الدولي في منتصف 2005 التدخل الى نقل شاها التي ظلت تعمل مع البنك منذ ثمانية أعوام، للعمل في وزارة الخارجية الأميركية، لتفادي تضارب المصالح وذلك حسب قوانين البنك التي تمنع ترؤوس شخص لفرد من عائلته. وانتقلت شاها التي كانت تعمل موظفة علاقات عامة في البنك الدولي الى وزارة الخارجية الاميركية لتعمل مستشارة هناك في مكتب ليزا تشيني ابنة نائب الرئيس الاميركي.

     

    واتخذ بول وولفويتز قراراً بزيادة كبيرة وسريعة في مرتبها المعفي من الضرائب في البنك الدولي حيث بلغ 193 ألف دولار أميركي سنوياً، أي أكثر من المرتب الذي تتقاضاه وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس نفسها، والذي يبلغ 186 الف دولار سنوياً قبل خصم الضرائب منه.

     

    يشار الى ان شاها علي رضا ولدت في ليبيا من أب ليبي وأم من اصول سورية، وتربت شاها في تونس والسعودية وبريطانيا وتزوجت من بلنت علي رضا في الثمانينات ثم انتقلت معه الى الولايات المتحدة ، بعد ان كانت قد حصلت على درجة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة اكسفورد. ويقول الذين يعرفونها عن قرب انها تتمتع بكفاءة عالية في مجال العلاقات العامة وانفصلت شاها عن زوجها كما ان وولفويتز منفصل هو الآخر عن زوجته. ولم يدافع مجلس مديري البنك الدولي، في البيان الذي اصدره امس عن بول وولفويتز، مما عزز التكهنات بانه سيضطر للاستقالة، بل إن مجلس ادارة البنك وجه أعنف توبيخ للرجل خلال مسيرة حياته السياسية. ويتوقع ان تخيم تداعيات هذه الفضيحة على الاجتماعات السنوية المشتركة بين البنك الدولي وصندوق النقد الدولي التي ستبدأ اليوم في واشنطن. وأصدر المجلس بعد اجتماع دام ساعات طويلة واستمر حتى فجر امس بياناً يقول إن وولفويتز لم يقم بالتفاوض من أجل تعيين عشيقته وتحديد قيمة مرتبها فقط، بل قدم تعليمات مفصلة لتنفيذ ذلك، وتفادي عرض الموضوع على الجهات المعنية داخل البنك للحصول على الموافقة. وقال بيان مجلس مديري البنك (24 مديرا كل واحد يمثل الدول الرئيسية التي تساهم في البنك) «سوف يتحرك المديرون التنفيذيون سريعا للوصول الى خلاصة حول احتمالات يمكن اتخاذها، وسوف ينظر المديرون التنفيذيون الى كل القوانين والظروف واضعين في الاعتبار ما يمس البنك». واعتبر مراقبون ان هذا البيان ليس تأييدا لموقف وولفويتز، ولا حتى شبه تأييد، بل انه يشكك، بطريقة دبلوماسية، في الاعذار التي قدمها وولفويتز. كما ان البيان يشير الى «ما يمس البنك» مما يعني ان المديرين التنفيذيين يضعون اعتباراً اكبر لسمعة البنك، ويعتبرون انها اهم من سمعة بول وولفويتز. وقال البيان إن مجلس المديرين لا يفكر في الإجراء الذي ينبغي له اتخاذه، إذا ما قرر أنه لا بد من ذلك. وتصاعدت مطالبة ممثلي موظفي البنك باستقالة وولفويتز بسبب الفضيحة، فيما قال وولفويتز انه سيقبل اي قرار يتخذه مجلس ادارة البنك. وقال اتحاد موظفي البنك إنه بالإضافة إلى ما حدث، حصلت شاها رضا على ترقية وزيادة في المرتب «مبالغ فيهما». وقال البيان الذي يمثل اكثر من عشرة آلاف شخص يعملون في البنك في كل انحاء العالم «ساهم المدير العام في تدمير سمعة البنك، ويجب عليه، حفاظا على هذه السمعة ان يستقيل استقالة مشرفة».

     

    وكان بول وولفويتز قد أقر بالفضيحة واستهل مؤتمره الصحافي أول من امس بالقول «ساقول بعض الكلمات حول الموضوع الذي يدور في عقولكم ... جئت هنا قبل سنتين وطرحت مسألة احتمال تعارض المصالح على لجنة الاخلاقيات وكان رأي اللجنة ان تتم ترقية ونقل شاها رضا ...وكان من المفترض ان لا أقحم نفسي في الموضوع لذا ارتكبت خطأ واعتذر عنه»، وكان وولفويتز يأمل أن يؤدي اعترافه بالخطأ إلى الحيلولة دون خروج المسألة من السيطرة. والمفارقة ان بول وولفويتز شدد مجدداً في ندوته الصحافية على ضرورة «مكافحة الفساد» في العالم وهو الشعار الذي جاء يحمله الى البنك الدولي. كما تحدث عن نشاط البنك في محاربة الفقر في العالم. ومنذ توليه مهامه داخل البنك كان يرى أن الحواجز التي تعرقل التنمية في البلدان الفقيرة تتمثل في تفشي الفساد بنسب مرتفعة داخل الحكومات. وكان قد قال في خطاب القاه العام الماضي في اندونيسيا «الفساد هو أصل الداء الذي يجعل الحكومات لا تعمل».

     

    وقال مصدر مطلع داخل البنك طلب عدم ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط» إن بول وولفويتز حاول استباق خروج الفضيحة الى العلن وبحث مع بعض مستشاريه القانونيين كيفية ان تمتد الحصانة التي يوفرها العمل داخل البنك الدولي لتشمل الفترة ما قبل انتخابه رئيساً وما بعد ترك منصبه.

     

    وعمل وولفويتز نائبا لوزير الدفاع دونالد رمسفيلد، وكان من الذين وضعوا ونفذوا خطة غزو العراق. ويعتبر من المحافظين الجدد (تحالف المسيحيين واليهود المتطرفين) لكن لم تكن هناك اعترضات على تعيينه في ذلك الوقت لأن اغلبية الشعب الاميركي كانت تؤيد غزو العراق. وكان بول وولفويتز يرى ان اطاحة نظام صدام حسين «ستؤدي الى انبثاق عصر جديد وازدهار الديمقراطية في الشرق الاوسط»، وتوقع ان يستقبل الشعب العراقي القوات الاميركية على اعتبار انها «قوات تحرير».

     

    * تعتبر شاها علي رضا التي ولدت في طرابلس بليبيا من أب ليبي وأم سورية كبرت في تونس والسعودية وبريطانيا ثم انتقلت الى الولايات المتحدة بعد زواجها من بوليند علي شاها في آخر الثمانينات. ودرست شاها في مدرسة لندن الاقتصادية قبل اخذها درجة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة أكسفورد حيث درست في كلية سان أنتوني. وتخصصت شاها في الشرق الأوسط حيث نفذت بحثا ميدانيا في عدد من الدول العربية قبل انضمامها الى البنك الدولي، وعملت في المؤسسة الوطنية للديمقراطية، حيث بدأت وقادت برامج عن الشرق الأوسط في المؤسسة منذ انضمامها للبنك الدولي عام 1997. حيث عملت بالشرق الأوسط وشمال افريقيا في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومنسقة المجتمع المدني في مكتب رئيس المكتب الاقتصادي. وفي يوليو(تموز) 2002، اصبحت نائبة المدير للشؤون الخارجية في البنك الدولي، وهي تعمل الآن مع بنت نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني (ليز تشيني) في وزارة الخارجية.

     

    وارتبطت شاها مع رئيس البنك الدولي الحالي بول وولفويتز منذ ان كان وكيل وزارة الدفاع في إدارة الرئيس الاميركي بوش.

  11. البغداديون يبكون جسر الصرافية ويتحسرون: فقدنا جزءا من تاريخ مدينتنا

     

    رووا لـ«الشرق الأوسط» ذكرياتهم مع المعلم الذي دمرته شاحنة ملغومة أول من أمس

     

    بغداد: حيدر نجم

    «لم يكن جسرا، بل هو جزء من تاريخ بغداد وتراثها القديم».. بهذه الكلمات ابتدأ الحاج حسين العزاوي كلامه مع «الشرق الاوسط» وهو يقف مع مجموعة كبيرة من أهالي المناطق المجاورة على بعد 100 متر تقريبا من موقع جسر الصرافية الذي تم تدمير أجزاء كبيرة منه في ساعات الصباح الاولى أول من امس بفعل شاحنة مفخخة وضعت في وسطه بالتحديد.

    وقف الجميع ليشاهدوا الدمار والخراب الذي لحق بالجسر الذي يربط جانبي العاصمة (الرصافة والكرخ)، وتعود بعضهم على السير فيه وعبوره يوميا بحكم عملهم، وسالت الدموع من أعينهم كلما رفعوا رؤوسهم ونظروا الى الجسر المدمر.

     

    قال العزاوي، 72 عاما، بلهجة بطيئة «ان هذا العمل لا يدل إلا على شيء وحيد وقاطع ان العراق وشعبه وحضارته وتاريخه وثقافته هو المستهدف الرئيسي من وراء مثل هذه العمليات وليست جهة او طرف معين، كذلك فهو دليل آخر على ان من يقوم بعمليات التفجير واستهداف البنى التحتية للعراق ومؤسساته، هو عدوا لهذا الوطن وشعبه مهما كانت جنسيته او الاسباب التي دفعته للقيام بهذه الأعمال الاجرامية غير البشرية».

     

    وأضاف الحاج حسين الذي تملكته حالة من الغضب «الغاية من تفجير الجسور ووضع الخطوط الحمراء أمام المواطنين ومنعهم من دخول بعض الأحياء في مدينة بغداد، هو رسالة واضحة يريد الإرهابيون إيصالها الى العالم بأن هناك تمزقا في النسيج الاجتماعي بين سكان العاصمة وحالة من التحارب الطائفي ونوعا من عدم التعايش بين المذاهب والأقليات المتعايشة منذ مئات السنيين؛ وهي رسالة خاطئة وغير صحيحة، وعلى الجميع الانتباه لها ووضع حدود لكل من يريد خلق هذه الحالة والوقوف بكل قوة بوجه هؤلاء المرتزقة الغرباء عن العراق وأهله».

     

    وأوضح العزاوي أن جسر الصرافية له ذكريات جميلة مع البغداديين وخصوصا أهالي مناطق العطيفية والكسرة والصرافية والكرنتينة والرحمانية، وهي مناطق تقع بعضها بمحاذاة الجسر او قريبة منه؛ ففي السابق كان أهالي هذه المناطق وجلهم من الفقراء والبسطاء يعبرون الجسر مشيا على الاقدام لزيارة أقاربهم أو ذويهم الذين يسكنون في المناطق في الطرف الآخر من الجسر، كما هو الحال بالنسبة لأهالي منطقة الكسرة التي تقع بجانب الرصافة وأهالي منطقة العطيفية الأولى التي تقع في الطرف الآخر من الجسر بجانب الكرخ، والأمر نفسه ينطبق على أهالي الكرنتينة والصرافية من جهة وأهالي الرحمانية والعطيفية الثانية من جهة اخرى، كما انهم تعودوا على السير فيه ايام الصيف الحار وبالتحديد في أوقات المساء للتخفيف من معاناتهم من جراء الحر الشديد الذي يعانون منه في هذه الايام الحارة من خلال الاستمتاع بالمرور فوق نهر دجلة الذي تكون فيه نسمات الهواء باردة نوعا ما، كما وانه يربط بين منطقتين تكثر فيها البساتين والأشجار والمتنزهات والمقاهي والكازينوهات التي تقع على نهر دجلة مباشرة.

     

    من جهته، قال عبد الوهاب العزاوي، 33 عاما، وهو أحد أحفاد الحاج حسين «لم أرغب بالمجيء الى هنا والنظر الى الجسر لأني تألمت كثيرا عند سماعي للخبر، لكن وبعد الحاح جدي للذهاب ومشاهدة ما لحق بالجسر من أضرار بالرغم مما يعانيه، قمت باصطحابه مشيا على الاقدام لكي ينظر الى ما جرى للجسر الذي كان متعودا على اجتيازه يوميا بحكم عمله في منطقة العطيفية بالقرب من مستشفى الكرخ العام، ونحن نسكن في الجهة المقابلة وبالتحديد في منطقة العيواضية، وبعد أن رأينا ما حل بالجسر من دمار لم يستطع جدي تحمل ذلك وأغمي عليه فورا وسقط على الارض وبعدها بدأ بالبكاء كأنما فقد أحد أبنائه». وأضاف «بعد ان طلبت من رجال الشرطة الذين تعج بهم المنطقة حمله في احدى السيارات لكي اعود به الى البيت، رفضوا ذلك وطلب مني البقاء لفترة اطول، وبقيت جالسا معه لمدة ثلاث ساعات تقريبا وهو ينظر للجسر ويبكي بعدها، وليس جدي فقط الذي بكى فأغلب الذين حضروا عند الجسر رأيت دموعهم تنهمر على خدودهم من دون إدراك، وهذا هو معدن العراقي الأصيل يتألم لو شاهد الدمار والخراب والقتل يعصف بأبناء جلدته وتراثهم وحضارتهم».

     

    أما مناف هاشم، 36 عاما، وهو من أهالي منطقة الكسرة، فقال «انتابتني حالة من الهستيريا عند رؤيتي للجسر، فلم أستطيع مقاومة البكاء وكأنما بيتي قد هدم وليس الجسر، وأصبحت أسيرا بدون وعي في الشوارع لحين وصولي الى البيت الذي لم أدخله كلما وصلت اليه، وانما أعود أدراجي لأسير مجددا في الشوارع والطرقات لعلي أنسى ما حل بالجسر، لكن من دون فائدة، فلم تفارق مخيلتي مشاهد الدمار والخراب الذي لحق بجسر الصرافية».

     

    وأوضح هاشم وهو موظف حكومي أن لهذا الجسر ذكريات جميلة تربط شباب المنطقة به من خلال السباحة تحت ظله والاختباء من شمس الصيف الحارقة في وقت الظهيرة، وكذلك سير العائلات عليه للترفيه وقضاء الأوقات الجميلة بعد مشاهدة لنهر دجلة والمناظر الجميلة التي تنتشر على ضفاف النهر من فوق الجسر.

  12. هل يعني سقوط جسر الصرافية شيئا

     

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

     

     

    انهيار جسر الصرافية وسط بغداد بعد تفجيره بشاحنة ملغومة وتفخيخ ركائزه ... مقتل 8 اشخاص واصابة 30 في عملية انتحارية استهدفت مقهى البرلمان في المنطقة الخضراء

    بغداد - عمر ستار وحسين علي الحياة - 13/04/07//

     

    شهدت العاصمة العراقية بغداد يوماً عصيباً تخلله تعرض مقر مجلس النواب العراقي، في المنطقة الخضراء وســـــــط العاصمة العراقية بغداد، الى تفجير انتحاري أودى بحياة 8 اشخاص على الاقل وجرح 30 آخرين بعد ساعات من انهيار «جسر الصرافية»، الاقدم على نهر دجلة، بعد تفجيره بسيارة ملغومة ما عكس شكوكاً في جدوى خطة الامن المطبقة منذ ثلاثة شــــهور ويعول عليها حكومياً واميركياً.

     

    وقالت النائب عن جبهة «التوافق» أسماء الدليمي لـ «الحياة» ان «انفجاراً وقع في الكافيتريا المخصصة للنواب داخل البرلمان بعد انتهاء الجلسة العادية امس».

     

    وافادت مصادر أمنية عراقية ان انتحارياً يرتدي حزاماً ناسفاً فجر نفسه عند صندوق الدفع في المقهى المجاور للبرلمان بعد ظهر الخميس ما اسفر عن مقتل ثلاثة اشخاص بينهم نائبان واصابة اكثر من 20 شخصاً، نصفهم تقريباً من النواب، بجروح.

     

    وذكرت المصادر ان النائبين القتيلين هما محمد عوض من «الجبهة الوطنية للحوار»، بزعامة صالح المطلك، والآخر طه اللهيبي من جبهة «التوافق».

     

    واكدت الدليمي مقتل النائب محمد عوض، وقالت ان «اعداداً كبيرة من النواب والموظفين ورجال الأمن اصيبوا بجروح خطيرة، منهم ظافر العاني وسلمان الجميلي، وهاشم الطائي ومعظمهم من جبهة «التوافق» السنية بالاضافة الى نواب من التيار الصدري».

     

    واتهمت النائب عن الكتلة الصدرية مها الدوري القوات الاميركية بتنفيذ الحادث والتواطؤ مع المنفذين وقالت لـ «الحياة» ان «الاجراءات الامنية المشددة، التي تفرضها القوات الاميركية في المنطقة الخضراء، تجعل من الصعوبة بمكان ادخال هذه الكميات من المتفجرات من دون علمها، واشارت الى ان النواب انفسهم بخضعون للتفتيش والمساءلة فكيف حدث ذلك».

     

    واضافت الدوري، التي كانت موجودة قرب مكان الانفجار، ان «الانفجار كان عنيفاً أدى الى انهيار سقف المبنى وجرح عدد كبير من النواب من مختلف الكتل السياسية»، وشددت على ان من بين الجرحى النائب عن جبهة التوافق سلمان الجميلي وهو في حالة خطرة.

     

    وقال عدد من النواب لـ «الحياة « ان «الاتصالات بالهواتف النقالة انقطعت في محيط بناية مجلس النواب قبيل انعقاد الجلسة وحتى وقت الانفجار».

     

    واشار النائب هادي العامري زعيم منظمة «بدر» التابعة للمجلس الاعلى الى ان غالبية اعضاء لجنة مراجعة الدستور كانوا موجودين في الكافتيريا التي وقع فيها الانفجار. وقال ان «جميع اعضاء المجلس يتحملون مسؤولية ما حدث وان هناك تساهلاً أمنياً داخلياً من بعض النواب الذين يعترضون على طرق التفتيش داخل المنطقة الخضراء».

     

    يشار الى ان اجراءات الامن تبدأ بحاجز للجيش العراقي وبعده للقوات الجورجية ومن ثم حاجز اميركي حيث جهاز السونار للكشف والدخول الى خيمة للتفتيش قبل الوصول الى نقطة يتولاها بيروفيون مسؤولون عن التفتيش بشكل دقيق.

     

    وقبل البرلمان، توجد نقطة للشرطة العراقية مسؤولة عن بطاقات خاصة لدخول المبنى حيث يتم التفتيش بواسطة جهاز الكتروني ايضا.

     

    ونقلت «فرانس برس» عن مصادر أمنية في البرلمان قولها ان «ثلاثة نواب رفضوا اخضاعهم ومرافقيهم للتفتيش لدى وصولهم الى المبنى».

     

    ونقلت وكالة «اسوشييتدبرس» عن النائب محمد ابو بكر انه رأى «جثة الانتحاري مهشمة وقد قذف الانفجار الشديد قدميه الى منتصف القاعة».

     

    وافادت الوكالة ان اي اميركي لم يُصب في الحادث الذي وقع على رغم اخضاع الداخلين الى المنطقة للتفتيش الدقيق وحتى لترك الكلاب البوليسية تشمهم بحثاً عن المتفجرات.

     

    وكانت قوات الامن عثرت اول الشهر الجاري في المنطقة الخضراء على سترتين ملغمتين ما دفع الى تعزيز الاجراءات الامنية.

     

    وقال النائب خلف العليان، احد اركان «التوافق»، ان الهجوم «استهدف مختلف الاطراف وليس فئة واحدة».

     

    ويمثل التفجير واحداً من أسوأ الانتهاكات الامنية للمنطقة الخضراء، التي تخضع لحراسة مشددة وتضم مبنى البرلمان وغيره من المباني الحكومية منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق العام 2003.

     

    ونقلت «فرانس برس» عن شهود عيان قولهم ان «الانفجار الحق اضراراً بالغة في المكان حيث انتشر الحطام والاشلاء البشرية فضلاً عن بقع الدم». وان اجهزة الامن بدأت تحقيقات مع عمال المقهى لمعرفة كيف تمكن الانتحاري من الدخول الى المكان على رغم الاجراءات الامنية المشددة.

     

    واكد الشهود ان «قوات اميركية طوقت مكان الحادث واخرجت الاجهزة الامنية العراقية واجرت عملية تفتيش لبعض الحقائب المشكوك بأمرها».

     

    واصدر رئيس الحكومة نوري المالكي، الذي يقوم بجولة في شرق آسيا، بيانا جاء فيه «اقدمت الزمر الارهابية الحاقدة على ارتكاب جريمة بشعة أدت الى استشهاد واصابة عدد من اعضاء مجلس النواب. نستنكر بشدة هذا العمل الاجرامي الجبان».

     

    واضاف البيان: «نؤكد ان هذه الأعمال الدنيئة لن تضعف ارادة ممثلي الشعب، والاجهزة الأمنية ستبذل قصارى جهودها للقبض على القتلة وتقديمهم الى العدالة لينالوا العقاب الذي يستحقونه».

     

    بدوره، دعا رئيس البرلمان محمود المشهداني النواب الى جلسة «استثنائية اليوم الجمعة تحدياً للارهاب».

     

    وفي واشنطن ندد الرئيس جورج بوش بالعملية الانتحارية التي استهدفت «رمز الديموقراطية في العراق. وقال المتحدث باسمه غوردون جوندرو ان «الولايات المتحدة تدين هذا الهجوم على الحكومة العراقية المنتخبة ديموقراطيا، الارهابيون يريدون بذل ما في وسعهم في محاولة لتعطيل اسس حكومة تحاول جلب السلام والاستقرار للعراقيين».

     

    ونددت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس بعمل «الارهابيين ومن يريدون الحؤول دون حصول الشعب العراقي على مستقبل مبني على الديموقراطية والاستقرار»، وذلك اثر لقائها السناتور الجمهوري جون ماكين.

     

    ورفض جوندرو اعتبار هذه العملية اخفاقا للخطة الجديدة لإحلال الامن في بغداد، وقال «كلا، اعتقد ان هذا الامر يظهر تصميم الارهابيين والمتطرفين».

     

     

    نسف الجسر

     

    الى ذلك، انهار «جسر الصرافية (شمال بغداد) الذي يربط بين منطقتي الاعظمية (سنية) والعطيفية (شيعية) اثر انفجار شاحنة ملغومة وسط الجسر».

    جسر الصرافية بعد تفجيره امس. (ا ف ب، رويترز)

     

     

    واكد مصدر في وزارة الداخلية لـ «الحياة» ان انهيار الجسر لم يحدث بسبب تفجير السيارة فقط بل كانت احدى عوارض الجسر ملغومة بعبوات ناسفة ايضاً ما أدى الى انهيار اجزاء كبيرة من الجسر المعدني ومقتل 8 اشخاص وجرح 22 آخرين.

     

    وتباينت الروايات حول ما اذا كان انتحاري يقود الشاحنة ام تم تفجيرها عن بعد، لكن المؤكد ان الانفجار اسفر عن انهيار جزء كبير من الجسر وسقوط عدد من السيارات المدنية في نهر دجلة.

     

    وغطت سحابة من الدخان الابيض منطقة واسعة حيث انعدمت الرؤية بشكل كامل، حسبما افاد صحافيون من وكالة «فرانس برس».

     

    واكد مصور لـ «فرانس برس» ان الانفجار أدى الى انهيار جزء كبير يقدر بربع الجسر.

     

    وقال الشاهد جواد صاحب، ويعمل بائعاً لقوارير غاز، ان «احد اطارات العربة التي اقودها اصيب بثقب بينما كنت وسط الجسر. وعندما كنت اهم باصلاحه توقفت شاحنة على الجانب الايسر فطلبت من سائقها الابتعاد قليلا لأنني بانتظار شاحنة لسحبي من المكان».

     

    واضاف «ابتعد عني مسافة عشرين متراً وفي تلك الاثناء شاهدته يترجل هارباً من الشاحنة باتجاه الوزيرية ما اثار شكوكي فأبلغت مفرزة للجيش بالامر فهرع الجنود الى مكان الشاحنة فوجدوا اسلاكا مخفية واخرى ظاهرة تؤكد انها مفخخة».

     

    وقال ان «الجيش قطع الجسر من جانبي الكرخ والرصافة لكن الشاحنة انفجرت قبل ان يتم اخلاء الجسر بصورة كاملة».

     

    يشار الى ان الجسر يشهد ازدحاماً شديداً خصوصاً في اوقات الصباح والظهر بسبب اغلاق جسر الاعظمية الذي يقع شمالاً.

     

    وجسر الصرافية من اجمل جسور العاصمة. وشيدته شركة بريطانية العام 1946 ويبلغ طوله 450 متراً وعرضه ستة امتار مع ممر خاص للمشاة بعرض مترين. وهو اعلى جسر في بغداد.

     

    وبني بمحاذاة مسار خط السكك الحديد بين محطتي شرق بغداد وغربها. وكان عبور القطار فوق دجلة بموازاة الجسر مباشرة احد اجمل معالم بغداد قبل الغاء السكك الحديد والقيام بتوسيعه.

     

    ويطلق العديد من التسميات عليه اشهرها الصرافية والجسر الحديدي فيما كانت غالبية العراقيين من خارج العاصمة يسمونه جسر القطار.

     

    وحاول مسلحون العام الماضي تفجير الجسر بواسطة عبوات ناسفة، لكن العملية احبطت بعدما اشتبكت قوة من الجيش تابعة للواء الثاني من الفرقة السادسة مع المسحلين ما اسفر عن مقتل احد المسلحين وتفكيك العبوات الناسفة.

     

    وكان مجلس النواب دان في جلسته العادية امس تفجير الجسر واعتبره محاولة لتفريق جانبي العاصمة الكرخ والرصافة.

     

    واكد رئيس مجلس النواب محمود المشهداني على ضرورة التأني وعدم اطلاق الاحكام المتسرعة في شأن الحادث كونه يستهدف عزل مناطق بغداد عن بعضها البعض.

     

    واعتبر عباس البياتي، النائب في الائتلاف العراقي الموحد، تفجير الجسر «محاولة لقطع الصلات الاجتماعية ما بين مناطق بغداد وان الارهابيين ارادوا من وراء ذلك استهداف معالم الوحدة في بغداد».

     

    وتأتي التفجيرات في ظل الحملة الأمنية التي تدعمها الولايات المتحدة في العاصمة وينظر إليها باعتبارها المحاولة الاخيرة لمنع حرب أهلية.

     

    ودان بيان لمجلس الوزراء العراقي تفجير الجسر مؤكداً الاصرار على ملاحقة الجماعات الارهابية وقال «هذا العمل الهمجي الجبان يأتي استكمالاً لجرائمهم (الارهابيين) بحق معالم بغداد العريقة التي طالت الجامعة المستنصرية وشارع المتنبي وغيرهما»، واضاف: «كما تؤكد هذه الجريمة عداء الارهابيين لأي مظهر من مظاهر التواصل واللقاء بين ابناء مدينة بغداد».

     

    وزاد: «ندعو العراقيين كافة وأبناء القوات المسلحة الى المزيد من اليقظة والانتباه والتعاون لتطهير ارض العراق من الزمر الارهابية الضالة».

  13. السؤال صعب، ولكن العراقيين لابد لهم ان يناقشوا الموضوع لانه يخص مستقبل بلدهم، ، وهنا لابد من الاشارة الى ان الكثير من اصحاب القرار يدفعون العراقيين الى الاقتتال، عن وعي او غير وعي، وكثير من الاحزاب والشخصيات تندفع دون تفكير نحو تحقيق أهداف شخصية او حزبية، بعيدا عن المصلحة العليا للعراق، اضافة الى هذا فان القوات متعددة الجنسيات لا خبرة لها في استتاب الامن، ولنا في احداث الديوانية الاخيرة خير مثال، فمهما كانت هناك من فوضى ، وعصابات، وقطاع طرق في الديوانية، فان معالحة الموقف ما كان يستدعي زج القوات النظامية وقوات متعددة الجنسيات فيها، وكان من الممكن الاتفاق مع وجهاء المدينة ورجال الدين والشرطة المحلية، خاصة وان المدينة صغيرة، لوضع حد للتجاوزات، ومن الممكن فرض النظام فيها بسهولة، وعلى فرض ان هذا حدث ولم تننجح محاولات فرض القانون ، فكان على القوات متعددة الجنسيات ان تنذر المدينة بالتدخل في حالة عدم وضع نهاية للفوضى، وان تمهل المواطنين ، وليس ان تدخل المدينة فجأة، كما انه لم يكن هناك من سبب لاستعمال سلاح القوة الجوية، فكل هذا سيولد رد فعل معاكس، وسيدفع البعض الى التطرف المقيت الذي لا نريده ولا نتمناه
  14. انتباه مهم لهذه الاية ،

    مع عدم علمي بتاريخ الاية او سبب نزولها لكن المعني يدل على الدعوة الصريحة الى السلام، والى عدم الاعتداء على الاخرين ، وعدم توريط الاخرين ودفعهم الى الكارثة، والى عدم

    التسرع في الاحكام او تطبيق بعضها واغفال اخرى، ،كما انه دعوة صريحة الى عدم الاعتداء على النفس والى احترامها

  15. في هذا الوقت ، وقت الانفتاح والقرن الواحد والعشرين ليس هناك من يستطيع ان يطبق سياسة الحماية الكاملة للمنتوجات الوطنية وليس في استطاعة دولة الان ان تستغني عن الدول الاخرى، وكلما كان التعاون بين الدول اكثر كلما ساهم في انتاج اوفر وافضل، هذا بصورة عامة ، ولكن في الوقت ذاته لا بد لكل دولة ان تضع قوانينها الخاصة بها ولمصلحة شعبها، من هنا فان قانونا مثل قانون النفط في دولة غنية بالنفط مثل العراق لا بد ان تساهم العديد من الاطراف والمؤسسات في صياغتة ، خاصة وانه يتعلق بمورد غاية في الاهمية للشعب العراقي، ولهذا ففي رأيي على الحكومة ان تطرح مسودة القانون على الشعب اولا، وتقوم لجنة متخصصة بجمع الاراء ودراستها فمهما تكن الحكومة او لجنتها التي صاغت قانون النفط من الحنكة والحكمة لكنها في التالي تحتاج الى مناقشة الكثير من الاراء ومن الاطلاع على الكثير من قوانين الدول الاخرى ، من هنا فان تشكيل لجنة من المختصين تشرف على جمع الاراء ودراستها، بات ضروريا وملحا،كي لا تدخل الحكومة في دوامة الاتهامات والاتهامات المضادة، في وقت يحتاج فيه العراق لجهود الجميع مهما كانت ميولهم او اتجاهاتهم

  16. مصادر في الوفد الأميركي إلى دمشق: بيلوسي نصحت الأسد بـ «الابتعاد» عن أحمدي نجاد

     

    البيت الأبيض: الطريق إلى دمشق مرصوفة بضحايا الساعين للديمقراطية

     

    دمشق: حسن فتاح * واشنطن: «الشرق الأوسط»

    قالت نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب والوفد المرافق لها إلى دمشق، بعد اجتماعها بالرئيس السوري بشار الأسد، انهم تحدثوا بصراحة معه ومع كبار المسؤولين السوريين الآخرين، أول من أمس، وأنهم «ضغطوا» على الأسد لوقف دعم سورية للجماعات المتطرفة في المنطقة، وأكدوا على ضرورة منع المتطرفين من عبور الحدود الى العراق والالتحاق بالمسلحين هناك.

    وقال أعضاء الوفد، انهم سعوا الى اقناع الأسد بإبعاد نفسه عن إيران ورئيسها محمود أحمدي نجاد. وقال توم لانتوس، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب كيف ان امرأ «بذكائه ومعرفته بالعالم، يمكن ان تكون لديه قضية مشتركة مع الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، الذي نفى حدوث محرقة اليهود، ودعا الى إزالة اسرائيل».

     

    وقال أعضاء الوفد إنه من بين القضايا التي بحثوها في دمشق قضية الجنود الإسرائيليين الثلاثة، الذين يحتجزهم حزب الله اللبناني، الذي تدعمه إيران وجماعة حماس الاسلامية. وإضافة الى لانتوس، ضم الوفد النواب هنري واكسمان من كاليفورنيا، ولويز سلوتر من نيويورك، ونيك رحال من ويست فرجينيا، وكيث اليسون من منيسوتا، وكلهم ديمقراطيون، وكذلك ديفيد هوبسون الجمهوري من أوهايو.

     

    وقال المشرعون انهم سعوا ايضا الى تأكيد أهمية سورية في تحقيق السلام في لبنان والعراق والأراضي الفلسطينية.

     

    وأبلغت بيلوسي الصحافيين بعد لقاءاتها «جئنا بمشاعر الصداقة والأمل، ونحن نعلم ان الطريق الى دمشق هو طريق الى السلام».

     

    واستغل البيت الأبيض تعليق بيلوسي حول «الطريق الى السلام»، ليقول المتحدث باسم «مجلس الأمن القومي» غوردون جوندرو، من على متن الطائرة الرئاسية التي كانت تنقل الرئيس الاميركي جورج بوش الى كاليفورنيا، إن هذه الطريق «مرصوفة بضحايا حماس وحزب الله وضحايا الإرهابيين، الذين يعبرون من سورية الى العراق». وأضاف «انها مرصوفة بالضحايا في لبنان الذين يحاولون احلال الديمقراطية هناك. انها مرصوفة بناشطي حقوق الانسان الساعين الى الحرية والديمقراطية في سورية». وقال «من المؤسف انها (بيلوسي) قامت بشكل منفرد بهذه الزيارة، التي نعتبر أنها لا يمكن ان تكون الا غير مجدية».

     

    وبدوره أعلن نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني في تصريحات اذاعية، ان زيارة بيلوسي تخفف من فاعلية الجهود التي تبذلها واشنطن لعزل الرئيس السوري بشار الاسد، وتكافئه على «سلوكه السيئ» في لبنان والعراق وأماكن أخرى.

     

    وقال تشيني لهيئة الاذاعة البريطانية (بي.بي.سي) إن الرئيس الأسد «وجد نفسه معزولا ومتروكا بسبب سلوكه السيئ. والأمر الذي يؤسف عليه في زيارة بيلوسي، هو انها كسرت هذا الحاجز». واضاف «هذا يعني انه من دون ان يفعل شيئا مما يطالب به ليكون مقبولا من وجهة نظر دولية.. تلقى (الاسد) زيارة مسؤول اميركي رفيع المستوى. وبلغة اخرى، فقد تمت مكافأته على سلوكه السيئ». وتعتبر جولة بيلوسي، التي جاءت أساسا بدعوة من الأسد نفسه، وشجعتها مجموعة دراسة العراق، حسب بيلوسي، جزءا من مسعى متواصل، من أجل تغيير سياسة ادارة بوش بشأن العراق وبقية الشرق الأوسط.

     

    * خدمة «نيويورك تايمز»

  17. الهجوم الامريكي على ايران واقع لا محالة، لان امريكا لا تقبل باي شكل من الاشكال وجود ايران ذات نشاط نووي، ولا ايران تقبل التخلي عن برنامجها، ولكن السؤال الان متى سيقع الهجوم،

    هناك عدة وقائع بؤكد قرب وقوع هذا الهجوم اولها الاتفاق مع كوريا االشمالية وتقديم مساعدات مجزية لها مقابل تخليها عن برنامجها النووي، وثانيها اعلان امريكا عن عزمها لوجود حل للمشكلة الفسطينة، فكلما عرضت الولايات المتحدة عرضا لحل القضية ، يحدث شئ مهم في المنطقة، ، ،

    ولا يستبعد ان يكون القاء القبض على البحارة البريطانيين من قبل ايران الا جزء من هذه العملية تحسبا لوقوع هجوم امريكي ومحاولة لتاخير وقوع هذا الهجوم

  18. قمة العرب: حتى لا يصبح العراق ملفا مزمنا آخر

     

    جابر حبيب جابر

     

    في الوقت الذي تنعقد قمة الرياض لمناقشة عدد من الملفات العربية، التي أصبح البعض منها مزمنا والآخر في طريقه إلى ذلك، فإن الشأن العراقي بتعقيداته ومخاطره، وللعوامل الإقليمية والدولية اللاعبة والمتصارعة على أرضه، وبسبب من حراك قواه السياسية، وفي تطورات أوضاعه الأمنية، كلها معاً، تجعل من الصعوبة لهذا الملف من أن يكون في الظل. إلا أن هناك في الوقت نفسه محددات في التعامل مع هذا الملف استوجبتها العلاقات القلقة بين مكونات العراق المجتمعية، وشيوع عدم الثقة فيما بينها من جهة، وفي نوايا الجوار من جهة أخرى، وهذه لم تتأتَ فقط من رغبات بعض دول الإقليم في شكل العراق المتخيل، بل من قواه السياسية التي ما فتئت تستنجد بالخارج لموازنة الشركاء المحليين أو للارتكاز عليه في تغيير التوازنات السياسية. وخطورة هذا التوجه، بجانب انه ينطوي على سياسة تدخلية إذا لم تدرج عليها أو تقبلها أو تتسامح معها الأنظمة العربية، أنه سيفضي لاستعداء الأطراف التي ستضار بهذا التدخل وسيفتح الباب لتدخلات أخرى مقابلة.

     

    وفي هذه الزاوية يمكن وضع الحراك الأخير لبعض القوى السياسية، التي هي ضمن العملية السياسية، والساعية إلى إيجاد تحالف أو جبهة عريضة تسقط الحكومة الحالية، وتعد ببديل يخرج البلد من أزمته. وكان لهذا أن يكون مقبولاً لو تم في إطار العملية السياسية، وحشد له من القوى الممكنة لسحب الثقة من الحكومة، في حين انه سيكون توجهاً خطيراً عندما يخاطب أماني بعض النظم العربية لشكل نظام مفضل لها في العراق، يحاول أن يتناغم مع مخاوفها، بل ويكون مضخماً لها، مستهدفاً في ذلك استمالتها لتدعيم موقفه وللاتكاء عليها في إحداث التغيير في المعادلة السياسية القائمة. وهذا التوجه يقع في مفارقة، فهو في الوقت الذي يحذر من مخاطر التدخلات الإقليمية في العراق، فانه لا يتردد من إظهار نفسه بأنه مدعوم عربياً في مواجهة خصومه المحليين، بل ويسعى لجلب أثقال لميزانه حتى ولو تمت عبر إطار مؤتمر دولي أو تدخل عربي وصائي على العراق، يلغي منجزه الوحيد الذي دفع له الشعب دماءً ودماراً، أي العملية الديمقراطية .

     

    من هنا يجب النظر بواقعية إلى إمكانية إحداث اختراقات هامة في الخارطة السياسية العراقية لصالح إيجاد تكتلات جديدة أو لامكانية تفكك الكتل القائمة، أو لتغير دراماتيكي في التحالفات، والتي استبعدها لأسباب لا يتسع المجال لذكرها. إلا أن خطورة هذه المراهنة تكمن في أنها تجعل من الأطراف العربية داعمة لأطراف في المعادلة السياسية الداخلية، كما تبقيها في انتظار تغيير في المشهد السياسي العراقي، وهذا ما يجعلها محجمة عن الانخراط الجدي في دعم الحكومة القائمة، فضلاً عن مخاطر حل العودة للمربع الأول كونه مجهضا للتراكم السياسي الذي وان اختلفنا معه، فهذا لا يكون مدعاة لنسفه، وهذا يصل بي للقاعدة الأولى المطلوبة من دول الإقليم وبالتحديد منها من دول الطوق، أن تحتفظ بمسافة واحدة من كل المكونات العراقية ومن قواه السياسية، لان ذلك ببساطة سيجعل الأطراف العراقية مضطرة لأن تجد لها حلولا داخلية بدون النظر للخارج أو للاستقواء به، وسيجعلها تبحث عن مشتركات التعايش الذي لا مفر منه.

     

    من جهة أخرى يبلغ بي اليأس حافة القنوط عندما أشاهد البرامج الحوارية على الفضائيات العربية وأجد أن مناوئي الديمقراطية للآن يلجأون جميعاً في هجومهم عليها إلى حجة واحدة وهي أن هتلر جاء عبر الآلية الديمقراطية، ويغفلون ويغمضون أعينهم، ويريدون أعيننا كذلك، عن ستين سنة لاحقة أعقبته حققت فيها الديمقراطيات النجاحات والازدهار والرفاه، وجنبت العالم مخاطر حروب كونية كانت لو اندلعت في ظل ترسانات نووية لدمرت كوكبنا لعدد من المرات، فكيف إذن نقنعهم بخيط الأمل البسيط الذي يحاول المواطن العراقي أن يمسك به، وهو يشهد بترقب ووجل انحسار سيطرة جماعات العنف وتحكمها في مناطقه، ويلحظ انخفاض التهجير إلى أدنى مستوياته خلال سنة، وكذلك عدد الجثث المجهولة وبدايات لروح ايجابية وتصالحية بين السياسيين الذين درجوا سابقاً على توتير الشارع لا تهدئته.

     

    لذا يجب الالتفات عربياً، وخصوصاً من الدول المفصلية، إلى التطورات الأمنية التي تحدث منذ أيام في الانبار. اذ ولأول مرة ومنذ أربع سنوات تشهد هذه المحافظة انقلاباً على تنظيم القاعدة وعلى «دولة العراق الإسلامية» وقتلت وزيري حربيتها ونفطها في المعارك الأخيرة، التي خاضتها العشائر ضدها هناك، وهذا ما يؤشر انقلاباً هاماً وغير مسبوق بسعته في البيئة السنية على بنية العنف فيها. وفقدان الانبار كملاذ لهذا التنظيم سيكون ذا نتائج خطيرة عليه، وسيؤثر ايجابياً على امن العراق واستقراره بل وعلى مستقبل امن الإقليم، فالانبار تشكل ما يقارب ثلث مساحة العراق ومثلت مجتمعاً متجانساً سهل له التحرك والتجنيد والتأثير العقائدي فيه، كما انها شكلت أكثر مناطق العراق اضطراباً بل وامتدت بتأثيراتها على الجزء الغربي من بغداد، وهو الأكثر اضطراباً فيها، كونه يمثل امتداداً جغرافياً وديموغرافياً لمنطقة الانبار وسكانها، وهذا التطور سيبعد القاعدة عن خزان بشري واسع ويحرمها من ملاذاتها الآمنة التي كانت ستشكل لو استمرت مستقبلاً عامل التهديد الأول لأمن المنطقة، كون الانبار تنفتح وبحدود برية واسعة على ثلاث دول عربية قاست من إرهاب القاعدة، وما عملية استهداف الفنادق في عمان ببعيدة عن الذاكرة. كما ان تحجيم القاعدة سيضعف، وربما سينهي، الصفحة الأخطر في المشهد العراقي، أي العنف الطائفي الذي عملت على تأجيجه ونجحت في استدراج عنف طائفي مضاد له، ما ادخل البلاد في دوامة الاقتتال والعزل الطائفي الذي تأثرت المنطقة بأجوائه وأنذرت بتسممها.

     

    فلو بادرت الدول العربية بمشروع مارشال محدود للمناطق السنية التي نكبت بتنظيم القاعدة للنأي بها عن التطرف، فإنها بذلك تحمي أمنها أولا وتظهر حرصاً فعلياً على المكون السني الذي طالما تحدثت عن ضرورة تأمين مصالحه، بجانب هذا الهدف والمطلب المتواضع، أن تدعم القمة الحكومة العراقية في الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية وان تعدها بحوافز تترافق مع تقدمها الجدي في تحقيق مصالحة سياسية ودستور جامع يفضي لعراق موحد.

  19. العراق : منافع الخطة «ب»

     

    جابر حبيب جابر

     

    خطة المرشح الرئاسي جو بايدن، والسناتور كارل ليفن، حول سحب القوات الامريكية بحلول اذار المقبل مع الإبقاء على قوة صغيرة، تحمل العديد من اوجه الشبه مع الخطة «ب» التي قيل ان البنتاغون قد اعدها في حالة فشل الاستراتيجية الحالية، وهي الخطة التي باتت تعرف بخيار السلفادور التي اعتمدت هناك خلال الثمانينات، وأديرت بعدد قليل من المستشارين الأمريكان، وحققت نجاحات لجهة ايجاد جيش محترف ودحر التمرد. الا ان هناك اتفاقا على اعطاء الخطة الراهنة فرصة لاختبار نفسها، وشبه اجماع على انها الخطة الاخيرة التي تقوم على مزيد من الانغماس النوعي والكمي في المشكلة العراقية.

     

    الا ان السؤال هو، هل أعد العراقيون خطتهم البديلة، وهل بدأوا التفكير بوضع سياسي لا تكون الولايات المتحدة فيه منغمسة بشؤونهم الى الحد الذي تبدو عليه الآن ؟. لا يعني التفكير بالبديل التخلي عن الخيار القائم، بل الاعداد لاحتمال ان لا ينتهي هذا الخيار الى نتيجته المرجوة، ثم ان التفكير بالبدائل قد يساعد على ادراك حلول كانت مستبعدة لمجرد انها غير مفكر بها.

     

    ان الجدل السياسي الامريكي الداخلي يجري اليوم بين اغلبية سياسية وشعبية رافضة للانغماس بالشأن العراقي ويقودها نوعان من الديمقراطيين، هما: ديمقراطيو الوسط ويمكن ان نضم اليهم معظم المرشحين البارزين للانتخابات الرئاسية كـ«هيلاري كلنتون وجون ادواردز وجو بايدن» بالاضافة الى نانسي بيلوزي نفسها، وهم يبحثون عن مخرج يتمتع باكبر درجة ممكنة من «العقلانية».. وديمقراطيو اليسار وهم يعتبرون ان الحرب لم تكن عقلانية اصلا، والخيار العقلاني هو بالانسحاب السريع، و«أفضل طريقة لعدم التخلي عن العراقيين هي بالتخلي عنهم»، اقتباسا لعبارة إحدى المقالات الأكثر تطرفا في تأييد خيار الانسحاب.

     

    وبين خيار الاندفاع والبقاء المفتوح الذي يتبناه اليمين الجمهوري والادارة الحالية، وبين خيار الانسحاب السريع الذي يتبناه اليسار الليبرالي، يتم إنضاج الافكار عن خيار وسطي، ربما ستثمر عنه تفاعلات المشروع الجديد الذي سيطرحه الديمقراطيون على الكونغرس. الا انه، وبأي حال من الاحوال، على السياسيين العراقيين ان يدركوا ان تعويلا مطلقا على ما يمكن ان تنتجه الحلول الامريكية لمعالجة اخطاء، كثير منها امريكية، ليس تعويلا في محله، وان عليهم ان يؤسسوا خياراتهم الخاصة لزمن لا يكون الأمريكيون فيه الرقم الحاسم.

     

    ان خيار عدم البقاء وعدم الرحيل هو خيار الخطة «ب» بالنسبة للامريكيين، على الاقل وفق المؤشرات الاولية الظاهرة، وبموجبه ستبتعد القوات الامريكية عن نقاط المواجهة وتنكفئ الى مناطق آمنة لتلعب دورا احتوائيا عن طريق منع انتشار الصراع الى الاقليم او التحكم بهذا الانتشار، او منع تمدد الاقليم اكثر نحو الصراعات او التحكم بهذا التمدد، من اجل عدم التسبب بخلخلة غير محسوبة للاوضاع الجيوسياسية في المنطقة، ومن اجل حماية موارد الثروة النفطية لمنع التحكم بها من قبل حكومة غير موثوقة بالنسبة للامريكيين ومن قبل الميليشيات والجماعات المسلحة، وفي حالة ضمان هذين الهدفين يفترض ان يتم تقديم الدعم اللوجستي والتدريب والاسناد للقوات الحكومية في صراعها الذي يبدو طويلا مع «الارهاب».

     

    سيحقق هذا الخيار نوعا من السلام الداخلي المؤقت في الولايات المتحدة، لأنه يفترض الاقتران بتخفيض تدريجي لعدد القوات الامريكية في العراق، وهو ما يخدم مسعى الديمقراطيين، ويحافظ على قرب الولايات المتحدة من نقاط التوتر ويمدها بمرونة كافية لتحديد حجم انخراطها في القضايا العراقية، وما لا يقل اهمية هو فرصة ان يقلل هذا الخيار من أعداد القتلى الامريكيين، لان القوات ستمكث في مناطق محصنة وسيكون دورها رادعا في الغالب، اي ان تكون اهميتها الاساسية مستمدة من مجرد الوجود.

     

    ما يمكن ان يفعله العراقيون هو استثمار هذا التحول والتكيف معه، بل والسعي لجعله متكيف مع خياراتهم. لأنه ليس من مصلحة الحكومة العراقية الارتماء تماما وراء خيارات الاقلية الجمهورية، اولاً لأنها اقلية، وثانيا لأن خياراتها لم تعد تحظى بالشعبية الكافية في الوسطين السياسي والجماهيري الامريكي. فالكثير من الديمقراطيين باتوا لا يتعاطفون مع العراق من زاوية انه يبدو اليوم جرحا في الخاصرة الامريكية، وعلينا ان لا ننتظر منهم ان يكونوا موضوعيين ويدركوا ان الجرح الامريكي هو خدش بسيط قياسا بالجرح العراقي الذي ساهم الامريكيون في نزفه المستمر. وإذا كان بعض الديمقراطيين قد استشاطوا غضبا لتصريح مرشحهم للرئاسة اوباما حين قال «ان الشعب الفلسطيني قد عانى طويلا» فلا تتوقعوا انهم سيكونون متعاطفين مع الحديث الطويل عن معاناة العراقيين، لانهم وخلافا للكثير من السياسيين العراقيين ينطلقون من الاولوية القصوى لمصالحهم الوطنية.

     

    فالحكومة العراقية يجب ان تكون منفتحة حتى على اكثر خيارات الديمقراطيين تطرفا، لاننا مقبلون على زمن من تسيد الحزب الديمقراطي على الساحة السياسية الامريكية ما لم تحصل متغيرات غير متوقعة كظهور «منقذ جمهوري»، وليس من المصلحة «الوطنية» خسارة الديمقراطيين عبر الايحاء بأن العراق مجرد ورطة «جمهورية» وان حكومة العراق مجرد حليف متقاعس للادارة «الجمهورية». وحتى اذا كانت ادارة بوش غير راغبة بالحديث عن جدولة الانسحاب، فان مثل هذا الحديث سيفرض نفسه لا محالة، ومن الاجدى ان يكون بنوع من المبادرة العراقية المدروسة والمتفهمة لتعقيدات الوضعين العراقي والامريكي.

     

    إن تبني خيار الجدولة سيكون بالتأكيد اختراقا على صعيد المصالحة الوطنية، لان معظم فصائل «المقاومة» ظلت تعتبر هذه الخطوة شرطا لأي مصالحة مقبلة، وعندما تكون الحكومة من يتبنى هذا الموقف فانها ستكون قد اسقطت هذا الشرط، وأصبحت بموضع المبادر، فإما أن تدفع تلك الجماعات الى رمي السلاح والانخراط في العملية السياسية، واما ستجردها من غطاء الشرعية الذي تدعيه لنفسها وتكشف حقيقة اهدافها التي هي في كثير من الحالات لاعلاقة لها بهدف «مقاومة الاحتلال». الجدولة ايضا ستسقط رهان بعض الكيانات السياسية على استثمار العامل الخارجي لتحقيق أوزان سياسية وهمية، واستثمار التوق الامريكي بالموازنة ولو على حساب وحدة البلاد وارادة غالبية ابنائها، وستجعل الكيانات السياسية امام واقع جديد يدفعها الى الانخراط في الصراع السياسي المحلي مجردة من ادوات القوة المصطنعة التي يضفيها الانخراط الخارجي بالمعادلة السياسية الداخلية.

     

    والجدولة المرفقة بتقليل محتمل للانغماس الامريكي ستساعد في وضع نهاية لمبررات القاعدة التي استقطبت عبرها الكثير من المجندين العرب، وسيصبح صراعها المقبل مع «الحكومة العراقية» اقل جاذبية وشأنا خاصا بوكلائها المحليين، كما هو الحال في الكثير من البلدان العربية والاسلامية، وعندها ستغدو اقل خطرا وضررا.

     

    ان جدولة الانسحاب المرفقة باتفاق امريكي داخلي واتفاق عراقي داخلي، وغطاء دولي قد يضمنه قرار من مجلس الأمن، سيحل جزءا اساسيا من المشكلة وسيتجنب الكثير من المشاكل التي يمكن توقعها في حالة الانسحاب السريع او استمرار الانقسام الداخلي الامريكي والعراقي، كما انه سيخمد مخاوف بعض القوى الاقليمية سواء كانت ناتجة عن خشية من هيمنة امريكية على العراق، أو من انتقال الفوضى الى خارج العراق او من سيطرة قوة اقليمية عليه، وسيجعل أنظمة حكمها تتنفس الصعداء باستبعاد سيف التغيير عنها، في حين سننأى بالساحة العراقية عن الصراع الايراني السوري ـ الامريكي، وسنحيد استقرارنا من ان يكون ورقة في صفقات الاخرين.. صحيح ان الحكومة العراقية ستكون امام عبء كبير لفرض الامن والاستقرار بدون التدخل الامريكي المباشر ولفترة، إلا ان هذه الصفقة ستمنحها المزيد من القدرة على ادارة مواردها وعلى اثبات جدارتها وتضعها امام مسؤولياتها في ان تكون حكومة ممثلة لتطلعات العراقيين

  20. ان كل ما يثار حول موضوع خطر الآخر، هو في الحقيقة محاولة لصرف الاذهان عن المشاكل الحقيقة التي تعيشها البلدان العربية، من فقر وجهل ودكتاتورية، الخ

    وهؤلاء الذين ندعوهم (مفكرين) لا يطيقون حرية الفكر ولا النقاش الديمقراطي، ويحاولون فقط الحفاظ على مصالحهم والمساحة التي سيطروا عليها،

    ان الحفاظ على الامتيازات الشخصية هو الذي يؤدي بكل هؤلاء الى اثارة مسالة الخوف من الفكر الآخر، فكل شخص تتضرر مصالحه سواء كان شخصا سياسيا او مفكرا او فقيها او ايا كان، فانه يحاول ان يستمر في موقعه، ولا يسمح لاحد بان يحل محله، وهذا موجود على مدى العصور خاصة في المجتمع العربي ،

  21. مشروع قانون أمام الكونغرس يدعو الى الانسحاب من العراق

    واشنطن - جويس كرم الحياة - 14/03/07//

     

    في خطوة تذكر بأجواء حرب فيتنام وضغوط الكونغرس على البيت الأبيض، بدأ الديموقراطيون دورة تشريعية مفتوحة في مجلس الشيوخ لمناقشة الحرب في العراق وطرح مشروع قرار يدعو الرئيس جورج بوش الى بدء الانسحاب هذا الصيف، واستكماله في مهلة أقصاها 31 آذار (مارس) 2008.

     

    ونجحت الأكثرية الديموقراطية في دعوة مجلس الشيوخ الى الانعقاد، بعدما كان الجمهوريون أعاقوا ذلك مرتين، وسيتصدر الجلسة التصويت على مشروع يطرحه زعيم الديموقراطيين هاري ريد للانسحاب من العراق. واستبق قياديون في الحزب الجمهوري، بينهم السناتور جون ماكين هذه الخطوة بتحذير الكونغرس من إقرار أي قانون ملزم من هذا النوع، معتبرا أن أي «انسحاب اليوم، سيعيدنا الى العراق في وقت لاحق وبعد انفجار الوضع الأمني هناك وانهيار الاستقرار الاقليمي في الشرق الأوسط».

     

    ويقع قرار الديموقراطيين الذي حصلت «الحياة» على نسخة منه، ضمن هذا الاطار بلغته الإلزامية للبيت الأبيض ودعوته «الرئيس الى بدء اعادة الانتشار على مراحل، بعد 120 يوماً من اقرار القانون، والانتهاء من عملية إعادة الإنتشار في 31 آذار (مارس) 2008».

     

    واعتبر البيت الأبيض الخطوة «انتهاكاً لصلاحيات الرئيس الدستورية. وتفرض جدولاً زمنياً مصطنعاً لسحب القوات من العراق، مهما كانت الظروف على أرض الواقع أو نتائج الهزيمة». واستبعدت تقارير اعلامية نجاح الديموقراطيين في الحصول على اجماع كاف لتمرير القرار وتحويله قانونا، لأن ذلك يتطلب 60 في المئة من الأصوات.

  22. وقفة يستدعيها هذا العبث في الفتوى

     

    حمد الماجد

     

    كما أن للموضة صرعات للفتوى أيضا صرعات، ولعل من أغرب ما قرأته مؤخرا عن الصرعات الفقهية، فتوى أطلقها هذه المرة مفكر (متنور..!) فكرة من عيار 500 شمعة، فقد طالب في ندوة ثقافية أن تنقل صلاة الجمعة إلى يوم الأحد، لحل مشكلة ولفك حرج يواجه الموظفين المسلمين العاملين في الدول الغربية، التي تجعل عطلة نهاية الأسبوع يومي السبت والأحد، بسبب استثقال بعض الإدارات والشركات الغربية أن تستقطع لموظفيها المسلمين سويعات يوم الجمعة لأداء صلاة الجمعة، رأى هذا المتنور أن يقيم هؤلاء الموظفون المسلمون صلاة الجمعة بخطبتها وشعائرها وفضائلها يوم الأحد، ولا أدري إن كان في باله أن يطلب من الإمام إحداث تغيير في آية سورة الجمعة (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة) ليتلوها أئمة المراكز الإسلامية، بذكر الأحد بدل الجمعة، بل إن محمد عشماوي ذهب في كتابه (أصول الشريعة) إلى أن الخمر غير محرمة، وقصارى ما ذكره القرآن الكريم أنه أمر باجتنابها فقط.

    تذكرت هذه الفتاوى الغريبة، وأنا أرقب هذه الأيام جدلا في الفضائيات والمنتديات حول الحاجة الى التيسير، الذي ينشده كل الناس، ولكن يجهل ضوابطه الكثير من الحريصين عليه، كالفتوى الأحدية الآنف ذكرها، والمشكل أن الفضائيات أحدثت ثورة غير طبيعية في مصادر تلقي الفتاوى، فبعد أن كان الناس يتلقون الفتاوى من شيوخهم المحليين عبر الاتصال المباشر، وهؤلاء الشيوخ في الغالب يلتقون مع المستفتين في الانتماء المذهبي الفقهي، صار الوضع مع الفضائيات متشابكا، فالمستفتي المالكي في المغرب يسأل شيخا حنبليا في المشرق، والشيخ الشافعي في مصر يسأله مستفت حنفي، وصار هؤلاء المشايخ يتعرضون بسبب فتاواهم إلى تصنيف قاس، إذ لا يخلو هؤلاء الشيوخ ممن حلق وتنقل بين الفضائيات من أن ينتمي في نظر العامة إما إلى معسكر المتشددين، الذين يلازمون التحريم لا يفارقهم، أو الانتماء إلى معسكر تحليل كل شيء.

     

    أتصور أن ثمة حاجة ملحة لبث الوعي بين الناس، خاصة الأجيال الجديدة حول كيفية التعامل مع الخلاف الواقع بين العلماء، فإن إدراكه ومعرفة أسبابه يقود إلى إعذار العلماء، كما نص على ذلك، ابن تيمية في رسالته الشهيرة (رفع الملام عن الأئمة الأعلام)، فلا يمكن للعلماء أن ينعتقوا من طبائعم البشرية وتأثرهم ببيئاتهم، فهناك الذي ينزع إلى التشديد ومنهم الذي يحرص على التيسير، ومنهم الذي يركز على النص ومنهم الذي يأخذ في الاعتبار المآلات والمقاصد، ولعل المثل الأشهر للتباين الطبيعي بين البشر حتى بين الصحابة رضي الله عنهم عبد الله بن عمر، الذي يأخذ بالأحوط وابن عباس الذي ينزع للتسهيل، ولهذا اشتهرت عبارة تشديدات ابن عمر وتسهيلات ابن عباس، ولقد بلغ الأخذ بالأحوط عند ابن عمر أنه كان يرى وجوب غسل باطن العينين في الوضوء، بل كان رضي الله يبعد الأطفال عنه حتى لا يسيل شيء من لعابهم تحرزا ممن يشتبه في نجاسته، وأما ابن عباس فكان يضم الأطفال إليه ويقول: هم رياحين نشمها، وأما تأثير البيئات فمثاله واضح في ندرة من يرى بجواز كشف المرأة وجهها في وسط السعودية، وندرة من يوجب تغطية الوجه من علماء مصر مثلا، وندرة من يحرم القات في علماء اليمن.

     

    وأخيرا المفترض فينا ليس أن نرفع الملام عن الأئمة الأعلام، بل نرفع الملام حتى عن معشر الكتاب والمفكرين والمثقفين، ما داموا لم يتجرأوا على المسلمات أو يعيثوا في الثوابت، كما فعل مفتي نقل صلاة الجمعة للأحد والجريء على إباحة الخمرة ، وإن كان ثمة تباين في وجهات النظر فلا يجوز أن تند العبارة ولا أن يشط القلم نحو التفسيق والتكفير والتخوين، وليكن غاية الجميع البحث والاختلاف والجدل حول الأفكار لا أصحاب الأفكار.

  23. مؤتمر بغداد: هل يكون فرصة لردم الهوّة؟

    جابر حبيب جابر

     

    للمؤتمر الدولي الذي عقد في بغداد أمس، أكثر من مغزى. فهو أولا يعكس توجها، وليس بالضرورة قناعة، لدى الولايات المتحدة بأن حل المعضلة العراقية قد لا يتم عبر توتير الأجواء مع المحيطين والمعنيين بها، بل عبر حوار هادئ حتى مع أكثر الأطراف بعدا عن المواقف الأمريكية. لكنه من جهة أخرى يوفر للإدارة الأمريكية حلا وسطا بين حاجتها الداخلية إلى إبداء قدر اكبر من التجاوب مع توصيات مجموعة دراسة العراق، التي دعت إلى مؤتمر دولي حول العراق، والى حوار مباشر مع طهران ودمشق، وبين رغبتها الخارجية في عدم إبداء مرونة تجاه أطراف قد تفسر تلك المرونة ضعفا من جانبها، ينسحب بدوره إلى ملفات عالقة أخرى. لذلك يبدو هذا المؤتمر في المنظور الأمريكي، تناغما متحفظا مع كلا التوجهين، ولذلك فإنه سيكون اقل من مؤتمر دولي، على الأقل من ناحية المستوى التمثيلي فيه، واكبر من مؤتمر إقليمي.

     

    عراقيا يبدو المؤتمر فرصة جيدة للحكومة العراقية كي تبرهن على أنها تأخذ بزمام المبادرة، فبعد أن كان العراق مجرد «موضوع» على طاولات نقاش الآخرين، يدخل اليوم المؤتمر بوصفه «ذات فاعلة»، وبدلا من أن يخضع لأجندات الآخرين، فهو يحضر أجندة النقاش لهم، الحكومة العراقية ربحت ابتداء عبر صفقة إخراج المؤتمر، وعبر انتزاع اعتراف ضمني بحقها في المبادرة، وبقطعها الطريق على محاولات تدويل القضية العراقية، والتي ترى فيها التفافا على العملية الديمقراطية، ولكن يبقى عليها أن تكون متمتعة بالحنكة الكافية لإدارة هذه المبادرة، واستثمارها بالخروج منها بربح اكبر، وبما يضع مخرجاتها موضع التطبيق.

     

    إقليميا، يبدو المؤتمر متناغما مع عدد من الخطوات والتحركات التي شهدتها الساحة مؤخرا باتجاه «التهدئة» في مختلف الملفات، لا سيما تلك التي برزت فيها دبلوماسية سعودية نشطة، عكست إلى حد كبير حساسية ايجابية متصاعدة تجاه مقاومة الخيارات اللاعقلانية والشرر المتطاير من مصادر متعددة منذرا بحرائق تستعصي على الإطفاء. وربما يكون الترحال العربي باتجاه بغداد وقبل أسبوعين من قمة الرياض العربية بداية تحول ما في التعاطي العربي مع الشأن العراقي بعد زمن طويل من تقريع الذات، بسبب ما يطلق عليه كثير من السياسيين والمثقفين العرب «التخلي عن العراق ليكون لقمة سائغة لإيران».

     

    دوليا، يبدو المؤتمر طريقة أخرى للقول بأن أمريكا تعتذر عن إقصائها المشاركة الدولية عن الشأن العراقي، من دون أن تعتذر فعليا. فبإخراج المؤتمر بوصفه «مبادرة» عراقية يتم الحد من معظم التفسيرات الدبلوماسية التي ستنتج عن إظهاره بوصفه «مبادرة» أمريكية، خصوصا أن نهج الإدارة الأمريكية الحالية تجنب غالبا إظهار الولايات المتحدة بمظهر من يجازف بعرض «المبادرات» على الآخرين، وفضل مظهر من يجازف بوضع «الشروط»، ربما نتيجة لفهم قاصر لما يمكن للقوة العظمى الوحيدة أن تقوم به في ظل غلبة مفهوم القوة على التسويات السياسية الدولية.

     

    ولكل هذه الأسباب، يبدو المؤتمر «فرصة» مواتية للشروع بقراءة جديدة لمعطيات المنطقة، وفي صلبها معطيات الواقع العراقي، ولكن تحسبا للانجرار خلف سقف التوقعات العالية، لا بد من عدم المبالغة في تقويم هذه الفرصة والبناء عليها، لأنها تبدو في تركيبتها وأجندتها المفترضة وطابعها الظرفي خطوة واحدة فقط في طريق تكثر مفترقاته. يبدو المؤتمر فرصة لبناء قدر من الثقة في بيئة يسودها الشك، ولأنه كذلك، فإن أطرافه ستدخل إليه بقدر عال من الشكوك المتبادلة، وهذه الشكوك ستؤدي لقدر من التحفظ ولانتظار مبادرة الآخر، المنتظر بدروه، وحيث أن اللاعب الأكبر، وهو في هذه الحالة الولايات المتحدة لا يذهب وفي جعبته مبادرة واضحة، لن يجد الآخرون حوافز كثيرة لمغادرة خنادقهم.

     

    ولكن المؤتمر يظل في جميع الأحوال فرصة لتأطير الحراك الدبلوماسي الإقليمي، وحل عدد من العقد النفسية، وبشكل خاص عقدة اللقاء الامريكي الإيراني على طاولة واحدة مشروعها الأساسي هو التسوية، وعقدة اللقاء العراقي ـ العربي على طاولة واحدة مشروعها دعم الحلول البناءة للقضية العراقية. لقد ظل العراق منذ 2003 ساحة لصراع مفتوح بين ارادات إقليمية ودولية ومحلية أنتجت سفكا كارثيا للدماء، بعد أن أصبح التدمير والقتل وسائل لتسجيل نقاط سياسية ضد الخصوم، فغدا الإنسان العراقي مطحونا في عين اللحظة التي كان يطمح فيها إلى أن يستعيد كرامته المطحونة، بفعل إلغائه من المعادلة السياسية وتشيّئه المتراكم مع سنوات طويلة من الحكم الشمولي، ويمكن لهذا المؤتمر أن يسهم في معالجة قضية هذا الإنسان عبر النظر إلى هويته الإنسانية، بمعزل عن أي هوية مكتسبة أو مفروضة أخرى.

     

    وإذا كانت قمة الرياض السعودية الإيرانية قد أدت إلى تفاهمات حقيقية وحجمت من عوامل عدم الثقة، وهي أمور ما زال علينا أن نختبرها على أرض الواقع، فإن المبادرة الإقليمية قد تتناغم مع مبادرات عراقية داخلية تسعى حكومة المالكي إلى اتخاذها، لبلورة مشروع حل يصبح معه الجميع راضين على ما حققوه من حدود دنيا في الأقل، ويغدو معه الصراع ضد الجماعات المتطرفة التي تفتك يوميا بالجسد العراقي، إرادة إقليمية مشتركة تضيق الفضاء أمام ما بدا تساهلا ضد جريان الدم العراقي.

     

    حكومة المالكي تمضي قدما في خطتها الأمنية، التي وإن حققت بعض التقدم على بعض الساحات، فإنها تواجه تحديا صعبا مع إصرار جماعات العنف على البرهنة بأن عنفها سيظل حاضرا في الحياة المدنية العراقية، ومع ظهور تجاذبات سياسية داخلية حول اولويات الخطة، وتجاذب أمريكي ـ عراقي حول جدية أي من الطرفين في ضمان نجاحها. ولذلك تدرك هذه الحكومة ضرورة المزاوجة بين لغة القوة ولغة التسويات السياسية في ظل سيولة لا تسمح أبدا بهيمنة المواقف المتخندقة والحادة، وعليه تم تقديم إشارات إلى إمكانية الحلحلة فيما يخص قانون اجتثاث البعث، الذي بات يراه البعض من العرب كوسيلة لتهميش السنة، والعمل على دمج ضباط الجيش السابق في المؤسسة العسكرية الجديدة، بما يحمل مزيدا من الطمأنة حول التركيبة العقائدية والطائفية والاثنية لهذه المؤسسة، وبضمانات دستورية لعدالة توزيع الموارد ولتعديلات دستورية خلافية أخرى، وبسياسة تصالحية لا تقصي أو تستثني أحدا. ولكي تنضج هذه المبادرات وتتحول إلى مشاريع عمل حقيقية، لا بد وأن تلقى احتضانا إقليميا ودوليا يوظفها في إطار مشروع حقيقي للحل، ينهي جدلا عقيما حول الشرعية والحصص، لصالح جدل بناء حول سبل تشييد الدولة العراقية المدنية، التي تعمل كجسر يردم الفواصل الإقليمية، وهذا هو الدور الأساسي للمؤتمر.

×
×
  • Create New...