Jump to content
Baghdadee بغدادي

الجمال في الفكر الاسلامي


abusadiq

Recommended Posts

ماذا يعني الجمال في الفكر الإسلامي؟

 

محاولة لتأصيل الثقافة الجمالية العربية المعاصرة

 

 

دمشق: فيصل خرتش

 

يشكل هذا الكتاب حلقة مهمة ومتميزة من حلقات الفكر الجمالي الإنساني، وذلك لموقعه التاريخي من جهة ولما اتصف به من عمق في طرح المسائل الجمالية من جهة أخرى. وهو يرتبط بكل من مبحث المحبّة واللذة والحواس والقوى الإنسانية.

 

لدراسة الفكر العربي الإسلامي في منظومته الجمالية، لا بد من دراسة النواظم المشتركة في المنظومة الجمالية لهذا الفكر، وهذا ما فعله الباحث د. سعد الدين كليب في كتابه "البنية الجمالية في الفكر الإسلامي"، فركز على بحث عناصر هذه البنية، وتحديد الجوهري فيها بوصفها بنية مكتملة لم تنظم الفكر الجمالي فحسب، بل تنظم الفنّ العربي الإسلامي عامّة.

 

قسم البحث إلى خمسة فصول، فصل تمهيدي، وأربعة تستوعب حقول الفكر العربي/ الإسلامي.

 

في الفصل الأول، تم استعراض نظرية الفيض عند أهم القائلين بها (الصابئة، الفارابي، ابن سيناء، أخوان الصفا، السهروردي، ابن عربي) وكان الهدف من ذلك تبيان الأساس المعرفي الذي ينطلق منه هذا الفكر عند الذات الإلهية والكون والمجتمع والإنسان، لِما لذلك من أهمية في تجديد الوعي الجمالي.

 

في الفصل الثاني، تمّت دراسة مفهوم الكمال بوصفه مفهوماً جوهرياً في كلّ من المنظومة الجمالية المطروحة ونظرية الفيض، فتمّ استعراض تجليات الكمال ومحدّداته وموضوعاته الحسية والمعنوية والروحانية والاجتماعية والفنية.

 

تناول الفصل الثالث القيم الجمالية وطبيعة المشاعر الانفعالية المصاحبة لها؛ مما جعل هذا الفصل يشتمل على أربع فقرات، وهي: الجلال والجمال والقبح والعذاب، حيث دار الحديث فيها حول تحديد المفهوم والسمات الموجبة له، وتجلياته في الظواهر والأشياء.

 

الفصل الرابع تناول اللذة الجمالية، وتمّ الحديث فيها عن الحواس والقوى الإنسانية، وعلاقة اللذة بها، وبكل من المحبة والمعرفة، وعن أنواع اللذات الجمالية التي انقسمت إلى ثلاثة: وهي اللذة الحسية واللذة المعنوية/ العقلية، واللذة الروحانية، ثم انتهى الفصل بالحديث عن اللذة الفنية وعلاقتها بتلك اللذات.

 

أما الفصل الخامس، فقد تناول الإنسان الكامل بوصفه مثلاً أعلى في الدلال والجمال وبوصفه الأنموذج التطبيقي الذي يستوعب نظرياً المنظومة الجمالية التي طرحها هذا الفكر، ولذلك فقد استعرض الفصل الأشكال التي أخذها الإنسان الكامل، وطبيعة الكمال فيه، ومن ثمّ الجلال والجمال اللذين اتصف بهما.

 

إنّ البنية الجمالية المتكاملة تنظم الفكر الجمالي العربي/ الإسلامي، وتميزه عن سواه؛ كما أنّ هذه البنية تنهض من الكمال وتتأسّس عليه. فلا يمكن فهمها وتحديدها من دون تحديده وتحديد منعكساته الجمالية. فالكمال ليس مجرد عنصر من عناصر الجمال أو الجلال، كما يذهب الكتاب، بل هو الجوهر فيهما، وفي القيم الأخرى، فمنه تستمد الظواهر والأشياء جماليتها، وبه تتحدد تأثيراتها الانفعالية من حسية ومعنوية وروحانية. بحيث يصحُّ القول إنّ الكمال هو الجوهر الناظم للقيم والمثل واللذائذ الجمالية كافةً. وهو مما يُميز هذا الفكر الذي كان هدفه الأساسي نيلّ السعادة القصوى أو اللذة المطلقة التي هي، في حقيقتها، وعي مطلق، غير أنّه في سعيه إلى المطلق وعى جمالياً كلَّ ما هو نسبي.

 

إن ثمة ذهنية جمالية عامة تنعكس بدرجات متفاوتة، في هذا الحقل أو ذاك من حقول الثقافة العربية/ الإسلامية. وهو ما يعني وحدة هذه الثقافة وتنوعها في آنٍ معاً. أو لنقل: إنه يعني التنوع في إطار الوحدة.

 

ويرى المؤلف أن هذا الفكر شكل خطوة متقدمة، بالنسب إلى الفهم الجمالي للظواهر والأشياء، إذ قدّم العديد من الآراء التي لا يزال لها جانبها العلمي، والتي تمكن الإفادة منها في علم الجمال المعاصر. وذلك علاوة على تعبيره المتفوّق عن الذهنية الجمالية العربية/ الإسلامية. ونعتقد أنّ الإفادة العلمية من هذا الفكر أمر ضروري، من أجل تأصيل الثقافة الجمالية العربية المعاصرة، سواء أكان ذلك على مستوى الفن أم على مستوى علم الجمال، من دون أن يعني ذلك إلغاء التجاوز. غير أن التجاوز لا يكون علمياً إلا إذا كان قد هضم ما يتجاوزه هضماً يحيل على التمالك والإحاطة. والباحث يؤكد على ضرورة الإفادة من هذا الفكر، وهو لا يُغفل أنه نتاج مرحلته التاريخية بطابعها المعرفي والجمالي، وبوظائفها الإيديولوجية. وهذا الأمر من طبيعة كلّ فكر جمالي أو غير جمالي، وليس خاصّاً بالفكر العربي/ الإسلامي. وما ذلك إلا لأنّ الفكر الجمالي عامة هو فكر يترعرع في إطار المنظومة المعرفية والإيديولوجية لواقعه التاريخي. ولعل في هذا جانباً من الملاحظات السلبية التي يمكن أن توجه إلى الفكر الجمالي عامة. فلم يكن الهاجس هو وعي الجمالي بما هو عليه، وهذا من وظائف علم الجمال، بل كان يكمن في ربط الجمالي بالمنظومة المعرفية والإيديولوجية. وهذا ما يسوّغ ذلك الاتساق الذي نجده دائماً في الفكر الجمالي عامة، بين المعرفي والجمالي، ونجده غالباً بين الجمالي والإيديولوجي، في حين أنّ الاتساق ينبغي أن يتم بين الظاهرة والوعي، بين الظواهر والمقولات العلمية. وإنْ كنا لا نذهب إلى إمكانية انضواء "علم الجمال" تحت العلوم البحتة. غير أن ما لا يُدرك كله لا يُترك جلُّه.

Link to comment
Share on other sites

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
Reply to this topic...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...
×
×
  • Create New...