Jump to content
Baghdadee بغدادي

أوقات الصلوات وأدلة الجمع بين الصلاتين في الكتاب


Recommended Posts

http://www.14masom.com/aqaeed/etarat/54/54.htm

 

 

أوقات الصلوات وأدلة الجمع بين الصلاتين في الكتاب

 

 

 

 

الشيخ عبد اللطيف البغدادي

 

 

تمهيد:

 

من المعلوم المتفق عليه أن أول الأدلة الإسلامية التي تؤخذ منها الأحكام الشرعية إنما هو الكتاب المجيد، الذي هو الدستور الإلهي، وهو المرجع للجميع ولا سيما عند الاختلاف.

 

وأهل البيت أنفسهم يأمرون الناس بالرجوع إلى القرآن، والرد إليه في الأحكام والسنن، فما وافقه يؤخذ به، وما خالفه يترك.

 

روى شـيخنا الكليني بسنده عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: "قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن على كل حق حقيقة، وعلى كل صواب نوراً، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه"(1).

 

وروى بسنده أيضاً عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: "خطب النبي(صلى الله عليه وآله) بمنى فقال: أيها الناس ما جاءكم عني يوافق كتاب الله فأنا قلته، وما جاءكم يخالف كتاب الله فلم أقله"(2).

 

وروى بسنده عن أيوب بن الحر، قال: "سمعت أبا عبد الله يقول: كل شيء مردود إلى الكتاب والسنة، وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف"(3).

 

ومضامين هذه الأحاديث متفق عليها عند جميع المسلمين. فقد روى البخاري في صحيحه عن النبي(صلى الله عليه وآله) أنه قال: تكثر لكم الأحاديث من بعدي فإذا روي لكم حديث فأعرضوه على كتاب الله فما وافق كتاب الله فاقبلوه وما خالفه فردوه(4).

 

 

مواقيت الصلوات في القرآن:

 

وقد جاءت في الكتاب جملة من أمهات الأحكام في500 آية تقريباً كما ذكر، ومن جملة تلك الآيات، الآيات النازلة في مسألة أوقات الصلوات، نذكرها على حسب ترتيبها في القرآن، من سبع سور منه وهي:

1- قوله تعالى: (وَأَقِمْ الصَّلَاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) [سورة هود/115].

 

2- قوله تعالى:(أَقِمْ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) [سورة الإسراء/79].

 

3- قوله تعالى:(فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى) [سورة طه/131].

 

4- قوله تعالى: (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ(17)وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ) [سورة الروم/18-19].

 

5- قوله تعالى: (فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ(39)وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) [سورة ق/40-41].

 

6- قوله تعالى: (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ(48) وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) [سورة الطور/49-50].

 

7- قوله تعالى: (وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا(25)وَمِنْ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا) [سورة الإنسان/26-27].

 

فهذه إحدى عشرة آية، استعرضت أوقات الصلوات، وإليك البيان حول الآيات..الآية الأولى في سورة هود:

 

(وَأَقِمْ الصَّلَاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ).

 

 

التحقيق حول الآية الكريمة:

 

صرح الفقهاء والمفسرون من الفريقين أن الأمر بإقامة الصلاة في هذه الآية الكريمة وارد على الصلوات الخمس المكتوبة، وأن المراد من الحسنات التي تذهب السيئات إنما هو الصلوات نفسها. وهذا هو الظاهر منها. وقيل: الحسنات هي الصلوات وسائر أنواع الطاعات، كما جاءت في هذه المعاني روايات صريحة سيمر عليك بعضها.

 

والآية (كما ترى) تعّرضت لأوقات إقامة الصلاة فجعلتها ثلاثة فقط هي:

 

(طَرَفِي النَّهَارِ) والظاهر – وظواهر القرآن حجّة - إن المراد من الطرفين هو الطرف الأول من النهار، والطرف الثاني منه..فهذان وقتان، و(وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ) أي ساعات قريبة من الليل، وهذا الوقت الثالث. ولما كانت صلوات النهار ثلاث: الصبح والظهر والعصر، فيكون الصبح في الطرف الأول من النهار، ويكون وقت الظهر والعصر معاً في الطرف الثاني منه، ويبتدئ من زوال الشمس ظهراً وينتهي بغروبها. وصلاة الليل الواجبة إنما هي المغرب والعشاء فيكون وقتهما معاً مبّيناً في قوله:(وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل).

 

قال شيخنا الطريحي: (قوله تعالى: (طَرَفِي النَّهَارِ" أي أوله وآخره)(5).

 

وقال أيضاً: (قوله:(وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ) أي ساعة بعد ساعة، واحدتها زلفة كظلم وظلمة، من أزلفه إذا قرّبه، فيكون المعنى ساعات متقاربة من الليل، ومِن للتبيين… والمراد صلاة المغرب والعشاء، والمراد بطرفي النهار نصفاه، ففي النصف الأول صلاة الصبح، وفي النصف الثاني صلاة الظهر والعصر)(6).

 

فدّلت الآية إذاً دلالة واضحة على اتساع الوقت وامتداده لصلاتي الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، وإن مجموع أوقات الصلوات ثلاثة لا خمسة. وهذا ما مر علينا صريحاً في روايات أهل البيت الذين هم مع القرآن، والقرآن معهم في كل آياته، (لن يفترقا) فاتّبِعهُم.

 

أقوال وروايات أهل السنة في الآية الكريمة:

 

وإليك أقوال بعض المفسرين ورواياتهم من أهل السنة حول الآية الكريمة:

 

1- قال محمد بن جرير الطبري المتوفى سنة 310 في تفسيره:

 

((طَرَفِي النَّهَارِ) صلاة الغداة والعشي)(7) ونقل الطبري إجماع المفسرين على أن المراد من صلاة طرف النهار الأول صلاة الفجر وهي الغداة، ثم ذكر اختلاف أهل التأويل(8) في المراد من الصلاة في الطرف الثاني، ثم قال: قال بعضهم: عِنَيَت بذلك صلاة الظهر والعصر. قالوا: وهما من صلاة العشي. وروى تأييداً لهذا القول روايات عديدة من طرقهم، منها ما رواه بسنده عن منصور، عن مجاهد، في قوله تعالى:(وَأَقِمْ الصَّلَاةَ طَرَفِي النَّهَارِ) قال: الفجر وصلاتي العشي يعني الظهر والعصر. وروى عن مجاهد أيضاً من طريقين آخرين مثله. وروى مثله أيضاً عن محمد بن كعب القرظي من طريقين، ومثله عن الضحاك أيضاً.

 

ثم روى روايات أخرى في ص72 تدل على أن صلاة الطرف الثاني هي المغرب، وأختار هو هذا القول بحجة أن الإجماع حاصل على أن صلاة الطرف الأول من النهار هي صلاة الفجر، وهي تُصلى قبل طلوع الشمس، فالواجب إذاً أن تكون صلاة الطرف الثاني هي صلاة المغرب لأنها تصلى بعد غروب الشمس.

 

نقاش علمي مع الطبري:

 

والحقيقة أنها حجة لا تتفق مع الآية، لأن نص الآية:(طَرَفِي النَّهَارِ) والمراد من طرفيه أوله وآخره كما نص على ذلك المفسرون واللغويون. وصلاة المغرب لم تكن واقعة في آخر النهار بل واقعة في أول الليل وخارجة عن النهار، وداخلة تحت قوله تعالى:(وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ) كما أن المعلوم أن طرفي الشيء (أي شيء كان) منه لا خارج عنه، فالقول الأول هو الأرجح والمتبادر إلى الذهن، وهو الذي رواه الكثير من أصحابه ونقل هو أكثر رواياتهم.

 

وقال الطبري في (ص73) في قوله تعالى:(وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ):

 

فقد قال قوم: (وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ): صلاة المغرب والعشاء. وروى تأييداً لهذا القول روايات عديدة، منها باسناده عن الحسن من طريقين، ومنها عنه أيضاً أنه قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): (هما زلفتا الليل، المغرب والعشاء) وعن مجاهد من طرق ثلاثة أيضاً، وعن المبارك بن فضالة، عن الحسن: ) وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ): المغرب والعشاء. وقال: فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): (هما زلفتا الليل، المغرب والعشاء). ومثله أيضاً عن قتادة، وعن محمد بن كعب القرظي من ثلاثة طرق، وعن الضحاك أيضاً.

 

هكذا أكثر الطبري من نقل الروايات من طرقهم في هذه الآية من (ص71-78) من الجزء الثاني عشر في إن قوله:(طَرَفِي النَّهَارِ) صلاة الفجر والظهر والعصر، و(وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ) المغرب والعشاء، فراجع إذا شئت.

 

2- وقال أبو بكر احمد بن علي الجصّاص الحنفي المتوفى سنة370 ما نصه:

 

(من مواقيت الصلوات، وقال تعالى:(وَأَقِمْ الصَّلَاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ) روى عمرو عن الحسن في قوله تعالى:(طَرَفِي النَّهَارِ) قال: صلاة الفجر، والأخرى الظهر والعصر، و(زُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ) قال: المغرب والعشاء).

 

ثم قال: فعلى هذا القول قد تضمنت الآية الصلوات الخمس(9).

 

3- وقال جار الله محمود بن عمر بن محمد الخوارزمي، المعروف بالزمخشري المعتزلي المتوفى سنة 528:

 

(…(طَرَفِي النَّهَارِ) غدوة وعشياً، و(زُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ) ساعات من الليل وهي ساعات قريبة من آخر النهار، من أزلفه إذا قرّبه وأزدَلف إليه. وصلاة الغدوة: الفجر، وصلاة العشية: الظهر والعصر، لأن ما بعد الزوال عشي. وصلاة الزلف: المغرب والعشاء)(10).

 

4- وقال محمد بن عمر المعروف بفخر الدين الرازي المتوفى سنة 606:

 

(كثرت المذاهب في تفسير(طَرَفِي النَّهَارِ)، والأقرب أن الصلاة التي تقام في طرفي النهار هي الفجر والعصر، وذلك لأن أحد طرفي النهار طلوع الشمس، والطرف الثاني لا يجوز أن يكون صلاة المغرب لأنها داخلة تحت قوله: (وزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ) فوجب حمل الثاني على صلاة العصر)(11).

 

ثم صرح الفخر الرازي في (ص96) بدخول المغرب والعشاء تحت قوله تعالى: (وزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ) ولكنه (عفى الله عنه) نسي ذكر صلاة الظهر وكأنها غير داخلة في الآية.

 

نعم قال في تفسير خاتمة الآية: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ): المسالة الأولى في تفسير الحسنات قولان: الأول – قال أبن عباس: المعنى إن الصلوات الخمس كفارات لسائر الذنوب بشرط الاجتناب عن الكبائر.

 

فحديث أبن عباس هذا، صريح في إن الصلوات الخمس داخلة في الآية الكريمة، وأوقاتها ثلاثة لا خمسة.

 

5- وقال الحافظ إسماعيل بن كثير الدمشقي المتوفى سنة774:

 

(قوله تعالى: (وَأَقِمْ الصَّلَاةَ طَرَفِي النَّهَارِ) قال الحسن في رواية، وقتادة والضحاك وغيرهم: هي الصبح والعصر(12). وقال مجاهد: هي الصبح في أول النهار، والظهر والعصر مرة أخرى.(وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلَ) قال أبن عباس، ومجاهد، والحسن وغيرهم: يعني صلاة العشاء. وقال الحسن في رواية أبن المبارك عن مبارك بن فضالة عنه(وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ) يعني المغرب والعشاء. قال رسول الله: وهما زلفتا الليل، المغرب والعشاء، وكذا قال مجاهد، ومحمد بن كعب، وقتادة، والضحاك: إنها صلاة المغرب والعشاء)(13).

 

6- وقال جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي المتوفى سنة991:

 

(وأخرج عبد الرزاق، وأبن جرير،وأبن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد في قوله (وَأَقِمْ الصَّلَاةَ طَرَفِي النَّهَارِ) قال: صلاة الفجر وصلاتي العشي يعني الظهر والعصر…(وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ) قال: المغرب والعشاء.

 

وأخرج أبن جرير، وأبن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن الحسن في قوله تعالى: (وَأَقِمْ الصَّلَاةَ طَرَفِي النَّهَارِ) قال: الفجر والعصر،(وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ) قال: هما زلفتان: صلاة المغرب وصلاة والعشاء. قال: وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هما زلفتا الليل.

 

وأخرج أبن جرير، ومحمد بن نصر، وأبن مردويه، عن أبن مسعود في قوله: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) قال: الصلوات الخمس.

 

وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأبن أبي شيبة، ومحمد بن نصر، وأبن جرير، وأبن المنذر، وأبن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن أبن عباس في قوله تعالى: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) قال: الصلوات الخمس، و(الباقيات الصالحات) قال: الصلوات الخمس(14).

 

وأكثر السيوطي من نقل الروايات المتظافرة في سبب نزول الآية، وأن الحسنات فيها هي الصلوات الخمس من (ص351) إلى (ص355) فراجع إذا شئت.

 

7- وقال الجلالان، جلال الدين محمد بن أحمد المحلي، وجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي في (تفسير الجلالين):

 

(وأقم الصلاة طرفي النهار: الغداة والعشي أي الصبح والظهر والعصر، )وزلفاً) جمع زلفة أي طائفة (من الليل) أي المغرب والعشاء، (إِنَّ الْحَسَنَاتِ) الصلوات الخمس (يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) الذنوب الصغائر..)(15).

 

8- وقال أبو السعود العمادي في تفسيره المطبوع على هامش (مفاتيح الغيب):

 

(وأقم الصلاة طرفي النهار: أي غدوة وعشية، وانتصابه على الظرفية لكونه مضافاً إلى الوقت (وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ) أي ساعات منه قريبة من النهار، والمراد بصلاتهما الغداة والعصر، وقيل: الظهر موضع العصر، لأن ما بعد الزوال عشىّ، وصلاة الزلف، المغرب والعشاء…إلى أن قال: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ) التي من جملتها بل عمدتها ما أمرت به من الصلوات (يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) التي قل ما يخلو منها البشر أي يكفرونها. وفي الحديث: "إن الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر"…)(16).

 

9- وقال الشيخ طنطاوي جوهري المدرّس بالجامعة المصرية ومدرسة دار العلوم:

 

(وأقم الصلاة طرفي النهار: غدوة وعشية، وهو منصوب على الظرفية لأنه مضاف إلى الظرف،وصلاة طرفي النهار الأول، الصبح، وطرف النهار الثاني الظهر والعصر…(وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ) الزلف: جمع زلفة، من أزلفه إذا قرّبه أي ساعات من الليل قريبة من آخر النهار، وهي صلاة المغرب والعشاء… (إِنَّ الْحَسَنَاتِ) كالصلوات الخمس (يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) أي الذنوب. وفي الحديث: "إن الصلوات الخمس تكفّر ما بينهما من الذنوب"، ومثل الصلوات جميع الطاعات. قال عليه – وآله - الصلاة والسلام: "واتبع السيئة الحسنة تمحها")(17).

 

10- وقال الأستاذ سيد قطب في تفسيره:

 

(ومن الاستقامة إقامة الصلاة في أوقاتها، والآية هنا تذكر طرفي النهار، وهما أوله وآخره، وزلفاً من الليل أي قريباً من الليل، وهذه أوقات الصلاة المفروضة دون تحديد عددها، والعدد محدود بالسنة، ومواقيته كذلك)(18).

 

ونسجل هنا ملاحظة على عبارة الأستاذ سيد قطب جديرة بالانتباه، وهي أن مواقيت الصلاة محددة بهذه الآية حسب اعترافه، كما هي محددة في السنة فقوله: "ومواقيته كذلك" عبارة زائدة لا يجوز عطفها على عدد الصلاة، فأن الآية لم تتعرض لعدد الصلاة وإنما تعرضت لأوقاتها وأنها ثلاثة فقط (طَرَفِي النَّهَارِ، وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ).

 

الآية الثانية في سورة الإسراء: قال تعالى: (أَقِمْ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا).

 

التحقيق حول الآية الكريمة:

 

اتفق الفقهاء والمفسرون من الفريقين إلا من شذ منهم(19) على أن المراد بإقامة الصلاة في هذه الآية إنما هو الصلوات الخمس المفروضة دون غيرها.

 

والآية – كما ترى - قد استعرضت أوقات إقامتها فجعلتها ثلاثة فقط: (لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) وهو وقت الابتداء لفريضتي الظهر والعصر مشتركاً بينهما (إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ) وهو الانتهاء لفريضتي المغرب والعشاء على الاشتراك بينهما أيضاً (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) لفريضة الصبح خاصة.

 

ودلوك الشمس هو زوالها على ما هو المروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) وعن كثير من الصحابة والتابعين، كما أنه مروي عن الإمامين أبي جعفر الباقر وولده أبي عبد الله الصادق (عليهما السلام) ، وعليه اتفاق الشيعة الإمامية في كل العصور، ووافقهم على هذا القول أيضاً أكثر علماء أهل السنة(20).

 

وروى مالك بن أنس – إمام المالكية - في كتابه (الموطأ)(21) بسنده عن عبد الله بن عمر كان يقول: (دلوك الشمس ميلها). وقال محمد الزرقاني: "ميلها وقت الزوال، وكذا روي عن ابن عباس، وأبي هريرة، وأبي برزة، وعن خلق من التابعين".

 

وأما غسق الليل فهو أما ظلمة الليل في أوله على قول ضعيف، وإما نصف الليل وهذا هو الأقوى والأصح، وهو المروي أيضاً من طرق الفريقين،والمؤيد عند أكثر المفسرين كما سيمر عليك.

 

وعلى هذا يكون إبتداء وقت صلاتي الظهر والعصر من زوال الشمس، ثم يكون انتهاء وقت صلاتي المغرب والعشاء نصف الليل، وصلاة الصبح وقت الفجر، فالآية فيها دلالة واضحة على اتساع الوقت وامتداده للصلوات الأربع من زوال الشمس إلى نصف الليل.

 

قال الزرقاني في شرحه على (الموطأ) ص29:

 

(وهذه الآية إحدى الآيات التي جمعت الصلوات الخمس، فدلوك الشمس إشارة للظهرين، وغسق الليل العشاءين، وقرآن الفجر إلى صلاة الصبح).

 

وقال الحسن – أي البصري - : (لِدُلُوكِ الشَّمْسِ): لزوالها صلاة الظهر وصلاة العصر إلى (غَسَقِ اللَّيْلِ) صلاة المغرب والعشاء الآخرة، كأنه يقول: من ذلك الوقت إلى هذا الوقت على ما يبين لك من حال الصلوات الأربع، ثم صلاة الفجر، فأفردت بالذكر(22).

 

فتكون أوقات الصلوات كلها – إذن - ثلاثة لا خمسة، وهذا ما مر علينا صريحاً في روايات أهل البيت الذين هم مع القرآن والقرآن معهم في كل آياته (لن يفترقا)..فاتبعهم.

 

أقوال وروايات أهل السنة في الآية الكريمة: وإليك أقوال بعض المفسرين ورواياتهم من أهل السنة حول الآية الكريمة…

 

 

 

 

Link to comment
Share on other sites

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
Reply to this topic...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...
×
×
  • Create New...