Jump to content
Baghdadee بغدادي

عجمي يقيّم أوضاع العالم العربيّ من المحيط إلى الخليج


Recommended Posts

http://www.elaph.com/ElaphWeb/Politics/2007/8/255584.htm

 

 

عجمي يقيّم أوضاع العالم العربيّ من المحيط إلى الخليج(1-2)

الليبراليون الأميركيون:العرب يفتقرون إلى جينة الحريّة

 

 

 

 

 

العرب مدينون بإعتذار إلى العراق

يتفادى عدد كبير من الحكّام السنّة لقاء نوري المالكي. أترانا نقترب فعلاً من تحقيق توازن بين الطائفتين السنيّة والشيعيّة؟

 

 

فؤاد عجمي

المسألة ليست بهذه البساطة بالنسبة إلى الزعماء السنّة في البلدان المجاورة للعراق، والذين يتعاملون بعدائية مع التبدلات التي طرأت على هذا البلد. لم يوفر هؤلاء الزعماء مناسبة إلا واستغلوها لإحباط مساعي قيام عراق جديد. لكن عليهم أن يدركوا أنّ الشعب العراقي لن يستسلم، وهذا النظام الجديد سيكسب المعركة، ويكرّس استمراريته، تمامًا كما حصل مع (الرئيس السوري الراحل) حافظ الأسد، الذي واجهه الزعماء العرب برفض تام في البداية، وتقبّل تام لاحقاً. ويدرك الرئيس بوش، الذي اقترح عليه البعض الاعتذار عن هذه الحرب، أن الولايات المتّحدة استثمرت الكثير في التجربة العراقية وفي رئيس الحكومة نوري المالكي، وبالتالي يعوّل كثيرًا على نجاح هذه التجربة وقيام عراق جديد.

 

ولا يدين بوش بإعتذار إلى الأردن أو القاهرة أو الرياض، بل على العكس. يدين العرب أنفسهم باعتذار إلى الشعب العراقي الذي لم يلق منهم إلا الصمت المطبق إزاء التهويل الذي كان يمارسه صدّام حسين عليهم. كما يدين العرب بإعتذار عن لامبالاتهم تجاه المجازر التي وقعت بحقّ الأكراد والشيعة. أيضًا، يدين عمرو موسى والجامعة العربية باعتذار إلى العراقيين. وإن سلّمنا بأن الحروب بشكل عام لها نتائج غير متعمّدة، فلا يخلو النظام العراقيّ الجديد من التعقيدات التي لا تستحق أيّ اعتذار.

 

ينعم العراق اليوم بالاستقلال، ولم يعد مُلكًا لأحد، وعلى ذلك أعلّق آمالاً كبيرة. فعلى الرغم من شلال الدماء ومن العنف السائد حاليًّا، يكفي أنّني حين أذهب إلى العراق لا أكون أزور مدينة نوري المالكي أو أحمد الشلبي أو برهم صالح أو جلال طالباني، بل أزور دولةً تستوعب كل تلك التعدّديّة. في المقابل، إن أردت زيارة القاهرة، أعلم أنّي ذاهبٌ إلى مدينة "سيّد الأنظمة" وعائلته.

Link to comment
Share on other sites

عجمي يقيّم لـ "إيلاف" أوضاع العالم العربي من المحيط إلى الخليج:

مصير لبنان يعتمد على الخيار الذي سيتخذه الشيعة

 

http://www.elaph.com/ElaphWeb/Politics/2007/8/255766.htm

 

 

ما يزعجني أن ثورة الأرز لديها عقدة خوف من الطائفة الشيعية لأنها تنظر الى هذه الطائفة بما كانت تمثله قديماً. عليهم ان يعرفوا ان الشيعة تغيروا. أظن أن مصير لبنان يعتمد بشكل أساسي على الخيار الذي ستتخذه الطائفة الشيعية. هل هم لبنانيون أم يريدون ربط مستقبلهم بسوريا وإيران؟ في حال اختاروا المحور الايراني السوري، فإن مستقبل لبنان سيكون مظلماً، أما إن آمنوا بمدأ البلد المستقلّ، فسيكون ذلك خلاصاً للبنان.

 

كان الإمام موسى الصّدر، الذي كتبتُ عنه سيرة ذاتية تظهر إعجابي به ومحبتي له، يقول باستمرار إن لبنان هو الموطن النهائي للشيعة، وليس هذا البلد جزءاً من سوريا الكبرى أو من الثورة الإيرانية أو من القومية العربية. لقد أراد للشيعة أن يصبحوا مواطنين لبنانيين، وتوقّع لهم أن يحدثوا تغييراً في هذا البلد لأنهم يملكون القدرات الماديّة والديموغرافيّة والطاقة والروح المقاومة. لكن عليهم الاختيار. إلا أن بعض رموز ثورة الأرز لديهم الكثير من الملاحظات حول خيارات الشيعة، فالشيعة لديهم حس استشعار قويّ، وفي حال قوبلوا برفض من قادة ثورة الأرز، فإن خيارهم سيكون مختلفاً.

 

في مطلع شبابي في الخمسينيات، لم يكن للشيعة في بيروت مقابر. أيضاً، لم يكن لدينا في العاصمة اللبنانية حُسينيّات (وهي المعادل الشيعي للجامع). لم يكن ثمة تقاليد بيروتيّة.

 

حين انتقلت عائلتي للعيش في بيروت الغربية التي كانت مرتعاً للسنة آنذاك، لم يلقوا أيّ ترحيب، ما دفعهم للانتقال إلى الشاطر الشماليّ الشرقيّ من العاصمة حيث تقيم أغلبية من المسيحيين والأرمن. والصورة اليوم مختلفة، فالشيعة يشكلون جزءاً أساسياً من المشهد البيروتيّ

.
Link to comment
Share on other sites

http://www.elaph.com/ElaphWeb/AsdaElaph/2007/8/257613.htm

 

العراق المفترى عليه..

GMT 16:00:00 2007 الأربعاء 22 أغسطس

سعد صلاح خالص

 

 

و إذ أرى العراقيين يغادرون الوطن زرافات و وحدانا، أقول لهم جميعا: إن رحلت أنت، و رحلت أنا، و رحل زيد و عمرو و جورج و سيروان و علي و عمر، فمن يبقى؟ أنترك العراق لقطاع الطرق و خفافيش الظلام، و للمناديل و المسابح و البخور؟ أعراقنا هو أم عراقهم؟ أترحلون و أنتم أصحاب البلاد و هم الوافدون؟ أترحلون و لم تتلطخ أيديكم بدم عراقي كما هي أيديهم؟ ما لهم في العراق أكثر منكم؟ لا أدعو أحدا لأن يكون بطلا فيقاتل و حده على طريقة الأفلام الأميركية، و لا أتمنى لجثتي و لا لجثثكم أن تضاف إلى الآلاف من تلك "المجهولة الهوية" التي تلتقطها الشرطة يوميا من مزابل بغداد و غيرها، و لكنني أدعوكم و أدعو ما تبقى من العراقيين إلى "لا " موحدة..

لنقف جميعا و نصرخ في وجوههم بأن يرحلوا هم، بأمريكانهم و أيرانييهم و سورييهم و لادنييهم و مجاهديهم و دباباتهم و لحاهم و عباءاتهم و مسابحهم و مثاقبهم و حكومتهم و برلمانهم و مقاومتهم و كل من يرى في الانتماء العراقي عيبا أو انتقاصا، و ليدعوا هذا الشعب المبدع يبتكر لوحده حلولا لوطنه الجميل، فلن يعجز.

عراقنا لن يكون يوما عراق السراديب و النبوءات و الصحف الصفراء المتعفنة أو عراق السيوف و قطع الرقاب و المثاقب، بل سيعود عراقا للأطفال و الزهور و الضحكات و أبي نواس و شاي العصاري، و لكن كيف لهذا أن يتحقق إذا رحلنا جميعا.

Link to comment
Share on other sites

سعد خالص , رقم صعب في لائحه الكتاب الشباب ولو قارب الشيخوخه. علماني للعظم , عراقي حتى النخاع , مهاجر ازلي ومعارض مزمن. يحب العراق ويتكلم عنه وكانه محبوبته التي خلف الاسوار . مسموح له ان يعشقها فقط , ممنوع عنه الاحتضان. كلماته التي يثور من خلالها على كل شئ تعبير عن الم يعتصره وهو يرى المحبوبه تتلوى من الم الجراح النازف ابدا . ليس في القوس منزع فليرم السهام اذن من دون الفرضه ولا الشعيره. سهامه ربما لاتجد اهدافا الى انها على الاقل لتصيب في من تصيب ممن يلتف حول المحبوبه . فكلهم اعداء حتى المسعفون. عذره انه يرى العراق من بعيد , فحاله حال كل المقاتلين الدونكوشوتيون , لايرى التفاصيل الا من خلال شاشات الخبر المرئ , لم يحضى بحفله عرس يختلط فيها الدم بالتراب بينما تبحث ام العروس عن اصبع خاتم زفاف ضائع وسط الزحام. لم يرى سوى وجه القاتل اما الضحيه فهي في الخيال فقط تنام في جسد المحبوب البعيد دوما. عزيزي سعد , احسنت و اجدت . عذرك انك تقاتل الطواحين لا الاشباح , فحتى لتلك اشكال ترسم ولكن الاولى لاتعيش الا في مخيله الدون كيشوت.
Link to comment
Share on other sites

عبد الرحمن عارف: سلبية اللامنتمي

غسان الامام

 

بهر كولن ولسون عالم الفكر والثقافة عندما أصدر كتابه الشهير (اللامنتمي) في أوائل خمسينات القرن الماضي. كان من الكتب المترجمة النادرة التي تسللت الى المثقفين العرب آنذاك، وسط هدير هستيريا كتب الرداءة الشيوعية المستوردة التي أغرقت سوق الثقافة، ومعها قصص كتاب البروليتاريا المحلية عن لفافة تبغ العامل (أبو أحمد) وبُصاقه وسعاله بعدما أتلف زغب مصنع النسيج (الرأسمالي) رئتيه.

 

في اللامنتمي، وجد المحايدون العرب طبقتهم الجديدة التي ينتمون إليها. كان الوصف دقيقا لجيل غير منحاز، جيل محايد غير مأخوذ برأسمالية أميركا، وغير مصدِّق لدعاية روسيا لينين وستالين، جيل منسحب بغضب، رافض لعالم الآيديولوجيا الجبارة، صامت بكبرياء الخوف من همجية الصراع الوحشي بين قوى اليسار (التقدمي) وقوى اليمين (الرجعي)، بل وبين اليساريين أنفسهم من قوميين وماركسيين، جيل مشكك بقيم الرأسمالية والماركسية والحداثة المادية، جيل باحث عن انتماء يعبر عن الذات فلا يجده.

 

بالقطع، أستطيع أن أجزم بأن عبد الرحمن عارف لم يقرأ (اللامنتمي) ولم يسمع بكولن ولسون، لكن عارف شأنه شأن عشرات ملايين العرب كان ذلك (اللامنتمي) المتفرج على الصراعات الدولية والمحلية من غير رغبة في المشاركة فيها. الأطرف والأغرب أن جيل اليوم اللامنتمي لم يسمع بعبد الرحمن عارف، ولا يعرفه، ولم يلفت خبر موته اهتمام القلة القليلة من هذا الجيل التي ربما تقرأ صحيفة يومية.

 

غير ان الاختلاف الوحيد لعارف عن هذه الملايين المجهولة المنتمية لطبقته (اللامنتمية) هو أن الظروف هيأت له من دون أن يدري، ومن دون أن يسعى، دورا ما في حياة العراق المعاصر يختلف عن طبيعته المنسحبة والمتوارية. وجد «اللواء» عارف نفسه مضطرا لأن يشارك مع أغلبية ضباط الجيش العراقي في انقلاب 1958، من دون أن يتورط في المذابح التي رافقت الانقلاب.

 

ثم ما لبث عارف أن وجد نفسه ضحية لصراع الانقلابيين. كانت جريمة عارف لدى قائد الانقلاب عبد الكريم قاسم أنه شقيق لعبد السلام عارف. عندما اختلف عبد الكريم مع عبد السلام سُُرِّحَ عبد الرحمن. قعد في البيت. لم يحتج. لم يتآمر. لم يفكر بانقلاب. ما أوسع البون بين الشقيقين! شقيق منسحب وشقيق متحمس متورط كليا في لعبة السياسة والقوة. وهكذا، وجد عبد الرحمن نفسه مرة أخرى في الجيش ورئيسا لأركانه بعدما ظفر عبد السلام بعبد الكريم وأعدمه (1963).

 

الثورة كالهرة تأكل أبناءها. ما زال مقتل عبد السلام عارف (1966) لغزا محيرا. لكن اختيار الفريق عبد الرحمن رئيسا للعراق خلفا لشقيقه لم يكن لغزا قط. أجمع زملاؤه الضباط على ترئيسه. قطعوا الطريق على عبد الرحمن الآخر، عبد الرحمن البزاز رئيس وزرائه، لمجرد أن البزاز كان مدنيا، وطامعا في أن يكون رئيسا.

 

ماذا فعل الرئيس اللامنتمي في منصب هو رمز وقمة الانتماء؟ لم يهتم عبد الرحمن بمتابعة التحقيق في ظروف مقتل شقيقه. فقد فاض دجلة بالشائعات: البعثيون وراء مقتله. لا، الشيوعيون. بل انه عبد الناصر هو الذي «تخلص» منه لأنه بات عقبة في طريق الوحدة بين مصر والعراق.

 

المحيِّر هنا أن ناصر كان قد وضع سابقا طائرته بتصرف عبد السلام ليعود من قمة العرب المغربية مسرعا الى بغداد، إثر محاولة انقلابية فاشلة قام بها (الناصري) عارف عبد الرزاق، بل ها هو المشير عامر يطير الى بغداد ليشارك في تأليب العسكر ضد تنصيب البزاز رئيسا.

 

وضع الرئيس اللامنتمي سبابتيه في أذنيه. لم يسمع القيل والقال. انصرف الى تحقيق شكل من أشكال الليبرالية الخجولة: حوار سياسي مع الأصدقاء والخصوم. مشاورة مستمرة مع زعماء البلد. أحزاب وصحافة حرة. وزراء تكنوقراط عروبيون على شاكلة عروبته الديمقراطية الهادئة. مشروع مصالحة مع الأكراد. إصلاحات اقتصادية. ساد بغداد شعور بالراحة نسبيا، لكن ربيع اللامنتمي الحالم لم يزهر قط، وسط حمى الصراع الدموي بين البعثيين والشيوعيين، وطموح الناصريين، وطمع العسكريين، والصراع الإقليمي والدولي المتجدد للظفر بالعراق.

 

نرثي للسياسي عندما ينطفئ الضوء على مسرح حركته. نتجاهله. ننساه. يغدو جثة متحركة. قلة من العراقيين والعرب لم تتذكر عبد الرحمن إلا عندما حانت ساعة الدفن. نشيد بعارف اللامنتمي: بحياده. بتسامحه. بتواضعه. بليبراليته. بسلامه المدني. بزهده بالسلطة... من دون أن نسمح للباحثين أو نشجع المؤرخين، وما أقلهم، على كشف ملابسات وألغاز تاريخ العراق العاصف.

 

لكن لعل الذين يتذكرون ويرثون يسمحون لي بتحميل اللامنتمي عبد الرحمن عارف القسط الأكبر من مسؤولية تسليم العراق والسلطة الى عصبة البكر وصدام (1968). لم ينبس بكلمة احتجاج. حتى سعدون غيدان رئيس حرسه كان من المتآمرين عليه. كان عارف يعرف سلفا بنيِّة البعث في قلبه. لم يتحرك لإحباط الانقلاب. لم يحرك الجيش. لم يلجأ الى الشارع، الى الصحافة، الى الأحزاب... لفضح الانقلابيين.

 

كان عارف اللامنتمي الرئيس اللامناسب في المكان المناسب. في سلبية اللاانتماء، اختار عارف الانسحاب والانطواء. لم يفكر بمستقبل العراق. خرج بهدوء الانهزامي الى المنفى في تركيا. عاش في صمت. لم يفتح فمه بكلمة وصدام يسوق زملاءه الضباط الى ساحة الإعدام صفاً وراء صف، ويجند مئات ألوف العراقيين للموت في حروبه الفروسية المجنونة.

 

لم يناشد عارف مغتصبي السلطة الإفراج عن رئيس وزرائه عبد الرحمن البزاز المحكوم بالإعدام في محكمة صدام، بتهمة التجسس والعمالة، وهو يعرف أن صدام كان يجب أن يقف في المحكمة بتهمة التآمر مع أجهزة المخابرات الغربية للوصول إلى الحكم.

 

لم يُفْرج عن البزاز إلا بعدما هدَّه التعذيب والمرض في السجن، ليلفظ أنفاسه في مستشفى لندني. بل شاء عارف أن يتوسل صدام للسماح له بالعودة إلى بغداد، ولم يغادرها إلا بعد سقوط نظامه، لاجئا إلى الأردن.

 

هل اللاانتماء شكل من أشكال الانهزامية؟ كولن ولسون لم يؤثر السلامة التي فضلها عبد الرحمن عارف. كان انسحاب ولسون شكلا من أشكال الاحتجاج والاعتراض على مسببات قلق الإنسان المعاصر إزاء مفاهيم الحداثة في مادية وجهامة تقنيتها الصناعية، بحيث جعلت اللامنتمي، على الرغم منه، مسمارا في ترسها الفولاذي الدائر بسرعة يومية لامتناهية.

 

هل العرب أمة لامنتمية؟ هل هم أمة محايدة أو مُحيَّدة لامبالية بالخطر المحدق بها؟ أحسب أن معظم العرب لامنتمون، لا تشغلهم قضايا المجتمع والسياسة والاقتصاد. هم يرون في اللاانتماء نوعا من إيثار السلامة وحفظ الكرامة.

 

نخاف الإرهاب. لكن العرب يموتون بالزلازل والأعاصير والحرائق وحوادث السيارات أكثر مما يموتون بأحزمة ابن لادن الناسفة وظلم ذوي القربى.

 

ماذا تسمي الملايين التي تصفق للهوانم نانسي وهيفاء؟ لا شك أنهم لامنتمون. المتزمتون والمتعصبون هم القلة في مجتمع حَيَّدَهُ البحث عن العمل أو الخبز، أو حتى راحة الجلوس أمام الانترنت والتلفزيون.

 

من هم هؤلاء اللامنتمون؟

 

إنهم رجال التكنوقراط والبيروقراط والإداريون الخائفون على مراكزهم ووظائفهم وكرامتهم. إنهم وزراء عبد الرحمن عارف، من أمثال خير الدين حسيب وعدنان الباجه جي، الذين لم يستغلوا وجودهم في المنفى لإطلاع العرب والعالم على المأساة التي تنتظر العراق في زمن جاهلية صدام. إنهم المثقفون المنسحبون من السياسة والأحزاب. إنها الطبقة الوسطى المنكمشة التي لا تجد مُتَنَفَّسا لها في حرية الثقافة والفكر والعقل، فيما يجري دفع المجتمع بانتظام متسارع إلى الانتماء الى اللاعقل، ويجري سوقه كالقطعان إلى أضرحة الموتى، في مهرجانات مليونية يموت فيها المنتمون المؤمنون في صراعات الأئمة، تماما كما ماتوا يوما في صراعات العسكر والساسة.

Link to comment
Share on other sites

  • 4 months later...

عندما يفشل الإعلام: الفضائيات ودماء العراقيين

 

جابر حبيب جابر

 

تجري اليوم في الولايات المتحدة مراجعة واسعة لعلاقة الاعلام المهيمن بالحكومة الامريكية لاسيما على خلفية تبني المؤسسات الاعلامية الرئيسية لادعاءات الادارة الامريكية عن اسلحة الدمار الشامل لدى نظام صدام بدون تدقيق او رؤية نقدية، ووصل مستوى الحديث عن فشل الاعلام الامريكي في لعب الدور الذي يفترض ان يلعبه في مراقبة الحكومة الى حد اعتذار النيويورك تايمز علنيا الى قرائها لأنها لم تسأل الاسئلة التي كان يجب ان تسألها عن اسباب غزو العراق.

 

بالطبع لا اطالب الاعلام العربي بان يقوم بذات المراجعة لمعاييره وطروحاته مدركا ان هذا الاعلام في جله لا يمثل فضاء سياسيا او اجتماعيا مستقلا ولا يمكنه ان يلعب دورا نقديا في وقت تغيب فيه المؤسسات السياسية والاجتماعية اللازمة لصيرورة ديمقراطية سليمة تمنحه مثل هذا الدور، في الوقت الذي يعج الاعلام العربي بقراءات ايديولوجية سطحية للظواهر السياسية القائمة.

 

لذلك تجد ان العرب لا يعرفون الكثير عن قضايا تدور ضمن حيزهم الجغرافي قياسا حتى بأناس من خارج المنطقة. معظم العراقيين الذين يزورون البلدان العربية او يحتكون بالمواطنين العرب في بلد ثالث او حتى عبر غرف الدردشة الالكترونية يواجهون اليوم بسؤال من نوع هل انت كردي ام عربي، سني ام شيعي، والمشكلة ليست في السؤال بل في المغزى الكامن وراءه لأنه ينطوي على حكم مسبق بالتبرئة او الادانة بناء على ما غرسه الاعلام في الذهنية العربية.

 

عند الاستماع الى القنوات الفضائية العربية ونشراتها الاخبارية مثلا يتولد لديك الانطباع بوجود مواقف وأحكام مسبقة وراء الاخبار كما اثناء تحليلها، فقبل ايام كنت استمع لنشرة الاخبار في احدى هذه القنوات وكالعادة كانت الاخبار المتصدرة للنشرة عن فلسطين والعراق وهو امر طبيعي بحكم كونهما من اهم بؤر الصراع في المنطقة، لكن ما لفت انتباهي هو ان النشرة الاخبارية وصفت المدنيين الفلسطينيين الذين قضوا على يد القوات الاسرائيلية بـ«الشهداء» والمدنيين العراقيين الذين قضوا بانفجار سيارة مفخخة في احدى المناطق العامة بـ«القتلى»، سألت نفسي عن المعيار الذي يصف بريئا يموت في الاراضي الفلسطينية بالشهيد بينما لا يكون العراقي الذي يلقى نفس المصير كذلك، وتزاحمت في رأسي اجوبة تتجاوز مجرد معرفتي بطبيعة الخطاب الفكري لهذه المحطة تحديدا الى ما ارى انه قبول ضمني وأحيانا معلن يتبناه العقل العربي لتبرير القتل الذي يحصل بيد عربية حتى لو استهدف عربا ايضا (لاسيما ان كانوا عربا مشكوكا بعروبتهم)، انها نفس العقلية التي تعتبر مطالب الاقليات في البلدان العربية بالحقوق السياسية خيانة ولكن مطالب الاقليات العربية والمسلمة في بلدان اخرى بالمشروعة.

 

قبل بضعة اسابيع نشرت الصحافة العالمية خبرا عن اكتشاف مقابر جماعية شمال بغداد بالقرب من مركز للتعذيب كانت تديره القاعدة يضم ادوات تعذيب كهربائية ويدوية وقد امتلأ المركز بدماء الضحايا، مثل هذا الخبر الذي يكشف عن وحشية وكراهية متأصلتين حظي باهتمام وسائل اعلام اجنبية وقليل من وسائل الاعلام العربية، لكن احدى القنوات العربية التي اقامت الدنيا ولم تقعدها على خلفية مزاعم اتضحت عدم مصداقيتها بتعرض امراة عراقية للاغتصاب على يد جنود عراقيين لم تجد في خبر مركز التعذيب القاعدي ما يستحق الاهتمام!! بالطبع من الشرعي ان تسأل اسئلة من قبيل ماذا لو كان مركز التعذيب هذا خاضع للحكومة العراقية وكيف كانت هذه القناة ستتلقى الخبر وكيف كان مديرو برامجها سيغطونه وستخصص له ساعات طوال من البحث والتحليل والاهتمام، اما اذا كان تابعا للامريكيين فتلك ستكون فضيحة العصر التي ستستثمر فيها القنوات الفضائية العربية مئات الساعات وعشرات البرامج ولكنها بالتأكيد لن تضاهي وسائل الاعلام الامريكية والتي ستخصص ساعات اطول وتغطية اوسع وأعمق كما حصل مع فضيحة ابو غريب.

 

قد يقول البعض ان القتل يحصل بشكل شبه يومي في العراق وليس هناك ما يجذب الاعلام لأحداث روتينية، وحتى لو قبلنا بمثل هذا التبرير لا بد ان نقول بان الاعلام لا بد ان يستثيره هذا القتل عندما يكون بالبشاعة التي ترتكب بها القاعدة جرائمها، فعندما يتم بقر بطن انسان وتوضع فيه رؤوس اطفاله لا بد لأي اعلام ملتزم غير مدفوع بالكراهية والمواقف المسبقة ان يتوقف مع نفسه لبرهة ويراجع خطابه ليرى ان كان هذا الخطاب ينطوي على اي شرعنة لمثل هذا الوحشية.

 

المشكلة مع بعض القنوات الفضائية العربية انها تدغدغ المشاعر الغريزية لدى الناس عبر تكريس لأسطورة ان العرب والمسلمين يخضعون لمؤامرة عالمية ظالمة، انها «اسطورة» اكثر من كونها حقيقة لان الظلم الذي يكيله العرب والمسلمون لبعضهم اكبر من اي ظلم اخر قد يتعرضون اليه، ولان الظلم الذي يسلطونه على الاخر المختلف عنهم قد لا يقل عن الظلم الذي يتعرضون اليه، ولكن لأنها اسطورة يراد لها ان تجسد كل ما في الاساطير من تسطيح وخرافة، فهي تقسم العالم الى خير وشر لا مساحة وسطى بينهما، ولان العرب المسلمين هم الخير بالضرورة ولانهم هم المظلومون فان كل ما يفعلونه مبرر ومشرعن، ومع هيمنة هذا المنطق يصبح من الممكن القبول ولو تغافلا بجرائم «القاعدة» في العراق، ويصبح من غير الممكن قطعا ان يكون ضحية هذه الجرائم «شهيدا»، فالشهادة هي للاخيار فقط، والطفل العراقي الذي يقضى بانفجار سيارة مفخخة اثناء توجهه لمدرسته ليس في نظر بعض القنوات الفضائية العربية من هؤلاء الاخيار، على الاقل حتى يثبت ان قاتله ليس عربيا...

Link to comment
Share on other sites

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
Reply to this topic...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...
×
×
  • Create New...