Jump to content
Baghdadee بغدادي

الدعوة.. على مفترق الطريق


Recommended Posts

 

الدعوة.. على مفترق الطريق

 

سهيل أحمد بهجت

 

إذا قلنا أن الأحزاب هي كالبشر من حيث أنها تولد و تعيش ردحا من الزمن ـ طال أو قصر ـ ثم تموت، فإننا لن نجافي الحقيقة و نكون أيضا قد وضعنا أيدينا على جانب من الحقيقة، فالحزب إذا ما كان فعلا نظاما سياسيا يجمع فئة من الناس على فكرة يؤمنون بها و يريدون أن ينشروا فكرتهم هذه التي جعلت منهم ينشئون هذا الحزب فإن التسمية تكون مطابقة للواقع و الحقيقة، و لكن حينما يكون هذا "الحزب" هو مجرد واجهة لمجموعة من اللصوص و الحرامية و طالبي العلو و التكبر على المواطنين، فإننا ندخل إلى عالم آخر، فالعنوان "حزب" كونه مؤسسة سياسية هو نقيض لتطبيق المشروع على الأرض، أي جعل عنوان الحزب نفسه وسيلة للنهب و السلب و التحكم بأمور الناس و الهيمنة على الخزينة الكبرى (الدولة)، و حينها يبدأ الحزب في أن يتحلل و ينهار و يشيخ و ينتهي إلى ما انتهى إليه البعث و الشيوعيون و القوميون.

 

و من الجدير بالدراسة أن نفكك أحد هذه الأحزاب السياسية المهمة لنرى إن كان هذا الحزب حقا يستطيع أن يكون نواة بناء دولة القانون و المواطنة؟ أم أن هذا الحزب سيتآكل بفعل تحالفاته السياسية ليخر في النهاية صريع الأحزاب الفاسدة التي تريد جره نحو الفساد؟

 

لا أحد ينكر أن حزب الدعوة الإسلامية كان أحد أكثر الأحزاب العراقية نشاطا ضد العهد البائد و أنه كان المتصدي و المضحي الأكبر في مقابر البعث الجماعية و سجون التعذيب و أحواض التيزاب و التشريد و النفي، لكن سيرة الحزب هذه لا تعني أن الحزب لا يمكن أن يكون ارتكب أخطاء، بل و أخطاءأ يمكنني اعتبارها من "الكبائر" التي قد تكون أحد أسباب انهياره كحزب ليتحول إلى جزء من لعبة الحصص و الشراكات و الشركات التجارية، و من ضمن تلك الأخطاء تحالفه القوي مع أحزاب تتوارث السلطة كما تتوارث الأموال و على الطريقة الأموية الصدامية بما يناقض المصلحة الوطنية العراقية.

 

من أولى المواقف الخاطئة هو أن الحزب رفض عملية تغيير النظام بالقوة العسكرية عام 2003 و كان الحزب يعول على التغيير من الداخل، و هو تغيير كان من الممكن أن يحدث قبيل قيام الساعة، و هو بنظري لم يكن موقفا قائما على دراسة سياسية بقدر ما كان موقفا عاطفيا منسجما مع سياسة إيران التي تتبع سياسة "وهابية" في دولة "شيعية"!! و كان من الممكن أن تحل الكارثة بالفعل بالعراقيين لو أن الرئيس بوش و إدارته قرروا الإبقاء على صدام في ظل معارضة ضحاياه، و هذه في رأيي من إحدى كبائر الحزب.

 

الأمر الآخر هو أن الحزب لا يزال يحتوي في داخله برامج متناقضة قد تشوش على ممارسته السياسية في بلد ينتظر من أحزابه الوطنية الكثير، فلحد الآن يمتلك الحزب صورة مشوشة عن الدولة العراقية و نظامه الديمقراطي العلماني، فلا نعرف هل أن الحزب يقف مع تلوين الدولة العراقية بلون ديني قد يهدد وحدته بالتمزق، أم يفتح أبوابه أمام اللصوص القوميين ليفتتوا العراق و هويته القائمة بذاته؟ أسئلة لا نملك جوابا واضحا عليها و لكننا نحاول طرح هذه الأسئلة حتى يقوم هذا الحزب بدراستها فكريا و يعطينا برامج سياسية تلتزم بوحدة العراق و حرية مواطنه و بناء نظام علماني ـ بمعنى دولة حيادية و ليست عدوة الدين كما يتوهم البعض ـ لأن حزبا كبيرا كالدعوة الذي نرى قوته رغم كل الانشقاقات الفكرية، و هذه الانشقاقات على خير تعطينا أملا بأن هذا الحزب لا يزال يؤمن بالفكرة و الكلمة.

 

نعود لنقول أن في الدعوة جانبا دينيا متزمتا لا بد من الانتباه له، فإذا كان عضو في قمة الحزب يستشهد بكلمات السيد الخامنئي ـ الذي يتزعم دولة أخرى ـ فإن هذا يشكل أحد أسباب تحول الحزب من الحالة الوطنية إلى الحالة الطائفية، فكان يمكن لهذا العضو البارز "المعمم" أن يستشهد بمراجع و رجال الدين آخرين من العراق ليجعلهم قدوة له بدلا من الاستشهاد و الاستئناس بآراء الخامنئي الذي يحرض على العنف يوميا في العراق و يثير زوبعة من المشاكل للعراق الجديد بعد أن كان أخرس في عهد البعث.

 

مطلوب من الدعوة و من الأحزاب الأخرى أن تتخلى عن العقل الأيديولوجي الذي يريد بناء الدولة "المثالية" و التي تنتهي دوما إما بدكتاتورية الفكرة أو المستبد الدكتاتور، و حزب قدم كل هذه التضحيات ينبغي عليه أن يتخلى عن التفكير بعقلية المعارضة بعد أن أصبح هو ركيزة من ركائز السلطة و أن يتخذ قرارات شجاعة و منسجمة مع بناء عراق قوي ديمقراطي مواطنه حر و مكرم و بالتالي عليه أن لا يعطي الأولوية للتحالفات السياسية على حساب العراق و المواطن العراقي، فلو ضحى السيد المالكي بمنصب رئاسة الوزراء نفسه في سبيل إيصال العراقيين إلى شاطئ الأمان و الدولة الديمقراطية فذلك أفضل من تحالف يبقيه في الحكم و لكن في بلد مــدمر و مليء بالصراعات الطائفية و القومية و فقدان الخدمات و معانات المواطن من فقدان السكن و الصحة و السعادة، فحين ينجح المالكي و حزب الدعوة في أن يحققوا اقتناع العراقيين بمواقفهم الوطنية فذلك هو الربح الحقيقي الذي سيجعل الشعب يقف إلى جانبهم و ليس كما نرى و نشاهد الآن من معاناة المواطنين بينما المسؤولون في نعيم و بحبوحة و رغد العيش.

 

أخيرا أدعوا و أقترح على الدعوة أن يتخلوا لا عن دينهم و لكن عن تسييس دينهم و أن يسموا حزبهم "الدعوة إلى الديمقراطية" كون اسم الحزب يمثل الخطوة الأولى نحو التغيير الشامل و بالتالي يستوعب الحزب العراقي المسيحي و اليزيدي و الصابئي المندائي و حتى الملحد، فنحن نعيش في عراق هو أكبر مما تتصوره عقولنا الصغيرة، هذا الانطلاق سيكون الانطلاق الحقيقي نحو الدين الفلسفي الذي يتجاوز الطقوس نحو ماهية الإنسان و إعطائه أجوبة على تساؤلاته المشروعة و أن أقدس المقدسات هو الإنسان.

 

 

 

Website: www.sohel-writer.i8.com

 

Email: sohel_writer72@yahoo.com

 

Link to comment
Share on other sites

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
Reply to this topic...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...
×
×
  • Create New...