Jump to content
Baghdadee بغدادي

عالم سبيط النيلي والمنهاج القصدي في التفسير


Recommended Posts

العالم النيلي رحمه الله

 

ولد السيد النيلي في العراق في محافظة بابل التي كان لها الريادة في عالم الفكر في مبدأ التاريخ كما هو معلومٌ. وكان مولده في المنطقة نفسها التي شهدت بابل القديمة في مكان يدعى (السوره) تابعٍ لناحية النيل الواقعة شمال مدينة الحلّة الحالية بمسافةٍ قليلةٍ. وفي هذه المنطقة ولد جملةٌ من أكابر العلماء المحدّثين ممن حملوا بعد أسمائهم لقب (النيلي) أو لقب (السورائي)، تجد تراجم لهم في كتاب روضات الجنّات وفي التراجم الأخرى لرجالات الفكر في العراق. وهناك ترعرع ونما، وهناك نشأ وتربّى، بين أفراد عائلةٍ مشبّعةٍ بالحسِّ الديني الفطري الذي استطاع الوقوف عصياً على كلّ التيارات الوافدة، وكان والده شاعراً حسينياً شعبياً يتغنى بملحمة أهل البيت (ع)، تلك الملحمة التي كانت ولا زالت ملء ضمائر أهل العراق الذين أخلصوا لآل النبي الأكرم (ص)، وأحلّوهم محلّ الروح من الجسد. فلا عجب إذن أن يتغذّى السيد النيلي من هذه اللبنة المعطاء ويشبّ محبّاً كأشدِّ ما يكون الحبّ لأولياء الله الكرام.

ولقد كان شخصيةً زكيةً لامعةً كما يشهد أقرانه، فتفوّقَ في دراسته. ولقد كان مستضعفاً متواضعاً هادئاً كما شهدناه فتفوّق في خُلقهِ. ومن جمع الاثنين: قوّة في فهمٍ وجمالاً في خُلُقٍ فتوقّع منه أثراً مدوياً لا في محيطه لو قدّر الله، بل في كل مكان… وهذا ما كان!.

وقد تمكّن السيد النيلي من الدراسات العليا في هندسة الإلكترونيات، وقت إن تمكّن من المطاولة في المناظرات. فحاز درجة (الماجستير) في الأولى، ونال التقدير في الثانية. ففي الاتحاد السوفيتي السابق الذي كان يحمل لواء الفكر المادي، كابد مؤلفنا عناءً عقائدياً مستديماً في مواجهة أكابر المنظّرين الماديين في هذا البلد، ودخل معهم في معمعة المناقشات الفلسفية العامة مسلّحاً بدرايةٍ نقديةٍ مبكرةٍ لمجمل الفكر الغربي حصّلها من دراساته ومطالعاته المكثفة منذ أيام صباه. وفي أواخر كتاب (أصل الخلق) نقلَ لنا مناظرةً بينه وبين أحد هؤلاء تعطي نظرةً وافيةً إلى مدى البنية العقائدية التي أنطلق على أساسها إلى عالم التنظير ليقابل بها الآخر بكلِّ تمكّنٍ واقتدار.

وقد أثارت لديه دراسته الهندسية إشكالات عديدةٌ تتعلّق بالنظرة المعتادة إلى كتاب الله. ففي الوقت الذي تأكّد له أنّ هذا القرآن هو كتاب الله حقّاً من خلال تأثّره البالغ به أيام صباه، فإنّه كان مأخوذاً من المفارقة المدهشة بين عظمة هذا الكتاب وبين طرائق إظهار هذه العظمة لدى عامة المفسّرين.. إذ لم يكن ليستوعب هذه المفارقة إلاَّ بعد سنواتٍ من التأمل في سببها امتدّت طويلاً وأخذت منه كلّ جهد.

فقد صرّح بأنَّ عمق كتاب الله وجلال آياته وسموّ مقاصده وعلوّ مقامه كان يتحجّم ويذوي كلّما قرأ تفسيراً أو كلّما مرّ بتأويلٍ. وهذا التصريح تجده في كتابه الآخر (نظام القران الكريم في رحلة الكشف وحوارية الكفر والإيمان) الذي طرح فيه احتمالاً بأنّ السبب في هذا التحجيم هو في نظرة الأمة بعلمائها إلى كتاب الله ليس إلاّ.. وهي نظرة وضعها مكبّرةً بعد ردحٍ من سنين طويلةٍ قضاها في التأمل والتفكير ليجد فيها السطوة الهائلة لمكرٍ خفيٍّ.. خاصةً بعدما مضى قدماً في كشفه لمظاهر النظام القرآني، وبعدما استطاع أن يجد جذوراً قويةً لهذه النظام لدى علماء أهل البيت عليهم السلام.

ولذلك توالت طروحاته النقدية العنيفة على الفكر الاعتباطي العام سواء على صعيد اللغة أو الفلسفة أو الاجتماع أو الأصول الفقهية أو التفسير. ولم يكتف بذلك فحسب ، بل قدّم تأسيساً جديداً لهذه العناوين العامة. فكان إن أبان عن قصدية اللغة في كتابه اللغة الموحدة، وفنّد الآخر الفلسفي في تأسيسٍ يبتدأ بالـ (هو) بدلاً من (الأنا)، وصوّر بديلاً مكيناً للعلاقات الاجتماعية وقوانينها في كتابه طور الاستخلاف، ووجّه نقداً دامغاً لأساليب العملية الأصولية منادياً بطرحٍ آخرٍ يؤصّل العملية استناداً إلى كتاب الله الذي هو نظامٌ كلّي يقاس كلّ شيءٍ إليه ولا يقاس بشيء. وأيضاً فقد واجه الطرائق التفسيرية جامعاً إيّاها في بوتقةٍ واحدةٍ أسماها بالاعتباط الديني.. وقدّم بدلاً منها المنهج اللفظي الذي هو موضوع هذا الكتاب.

وهذا كما ترى أيّها القارئ الكريم عملٌ ضخمٌ لا يطيقه إلاَّ نفسٌ قويٌّ مؤمنٌ.. ولن نتحدّث عن المكابدات التي ألمّت بهذا النابغة العلم الرباني والردّ الذي جوبه به بشكلٍ منقطع النظير. فقد كان من أثر هذا العمل المكين، ومن أثر هذا الردّ أن ارتقى العلياء مضياً إلى رحمة الله في مساء ليلة الجمعة من يوم 17/8/2000.

وفيما يلي قسماً من مؤلفاته:

طور الاستخلاف ـ دراسة في مستقبل الجنس البشري وحتمية الطور المهدوي على ضوء القرآن والسّنة. يفترض طباعة الجزء الثاني منه لاحقاً، إذ لا زال مخطوطاً وفيه مباحث عليا عجيبة.

أصل الخلق بين الأنا وبين الولاية والتوحيد ـ بحث في نشأة الإنسان على ضوء كتاب الله.

النظام القرآني وفيه أسس وقواعد المنهج اللفظي لأجل التعامل الحق مع كتاب الله.

اللغة الموحدة ثلاثة أجزاء لا زال الثالث مخطوطاً ـ كتاب يؤسس لنظرية جديدة في علم اللغة العام تقوم على مبدأ القصدية في البنية اللغوية.

ملحمة جلجامش والنص القرآني ـ يتحدّث عن وحدة الشخصيتين جلجامش وذي القرنين على ضوء اللغة والعلم.

الحل القصدي في مواجهة الاعتباطية ـ كتاب في نقد طرائق البحث اللغوي المتعلقة بكتاب الله ونقد كتابي الجرجاني أسرار البلاغة ودلائل الإعجاز.

الحل الفلسفي بين محاولات الإنسان ومكائد الشيطان ـ كتاب في نقد الفلسفة والأنوات الفلسفية المختلفة بشكلٍ عامٍ وهو تفسيرٌ لمقطع واحدٍ من سورة الإخلاص هو (قل هو).

البحث الأصولي بين عقل الإنسان وحكم القرآن ـ نقد عنيفٌ للعملية الأصولية عند الفكر الأصولي من حوالي (360) صفحة من الحجم الكبير، وقد أله في خلال أقل من مدة شهر واحدٍ.

الشهاب الثاقب المحتج بكتاب الله في الردّ على الناصب أحمد الكاتب ـ كتابٌ ولا أروع.. يرد فيه على ترهات هذا المترفّع من خلال كلام أمير المؤمنين عليه السلام في تفسيرٍ وشرحٍ له مرتبطٍ بشكلٍ مدهشٍ بكتاب الله!. وهو آخر ما قام بتأليفه. ألّفه بتوترٍ في خلال أسبوعين على ما نظن. حوالي (250) من القطع الكبير. وهناك جزء ثانٍ ألفه في عام 1990 !! أجل عام 1990 عنوانه الوجه الآخر للشيخين .

نجوم القران المبين في ولاية أمير المؤمنين: الكتاب الذي كان لينجزه لولا إرادة الله.. فيه شرحٌ فذٌّ لآياتٍ قرآنيةٍ لا علاقة لها بالولاية لأول وهلةٍ.. ولكن..!!

وجوب الشهادة الثالثة: يصرّح المقدس بهذا الوجوب.. لكنها خمس صفحات!! ونحسب أنه المشروع الذي بدأه ليلة رحيله إلى جوار ربه الرحيم..

المحاضرات القصدية: مجموعة من المحاضرات التي ألقاها في مناسبات متعددة.

القرآن الكريم في رحلة الكشف وحوارية الكفر والإيمان: يتحدث فيهما عن بعض المفاهيم القرآنية وكيفية توصله إلى فكرة النظام الهندسي المحكم في كتاب الله.

الطب القرآني: كتاب كبيرٌ فيه مباحث جمة عن كيفية التداوي الطبي الجسدي والنفسي بكتاب الله من خلال أحاديث الأئمة عليهم السلام مع بيان بعض الأسرار الخاصة بذلك على ضوء العلم الحديث.

بين الانغلاق الديني والنشاز الثقافي: في مهاجمة المؤسستين وخاصةً الثقافية في بعض أعلامها كحامد نصر أبي زايد ومحمد شحرور ومحمد عمارة وجلال العظم وغيرهما.

وهناك مخطوطات متفرقة لم نقف عليها بعد مؤلفاتٌ أخرى تنبع كلها من نفس الفكرة، أي فكرة النظام القرآني .

نسأل الله تعالى أن يتغمّد السيد الجليل العالم النيلي بوافر رحمته ويمن عليه بجزيل إحسانه ويسكنه فسيح جنّاته.. والحمد لله ربّ العالمين

Link to comment
Share on other sites

مقدمة لكتاب النظام القرآني وموجز عن المفكر النيلي
الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على محمدٍ وآله الطاهرين.
إنَّ كتابةَ مقدّمةٍ لكتبٍ خطرةٍ من مثل هذا الكتاب هو أمرٌ يتطلّبُ توفيقاً. إذ مهما بلغ الجهد الفكري في تأملها، ومهما بلغت القراءة الوافية لجملها وعبائرها، ومهما طال الدرس لفروضها وبراهينها.. مهما كان كلُّ ذلك، فإنَّ خطَّ مختصرٍ تقديميٍّ ضافٍ عنها يكاد أن يكون عملاً كمالياً فوق ما هو عملاً متعباً جداً. والسبب هو في أنَّها تكاد تصرّحُ كلّ صفحةٍ فيها عن مضمونها الكليّ.. فهي المقدّمةُ والمقدّمةُ هي.. فما حاجتها إلى المقدّمة إذن؟!.
وهذا إذا كانت هي مؤلّفاتٌ تحيط بمجمل الفكرة التي يريد كاتبها إبانتها فيها.. فما بالك إذا كانت هي بنفسها مقدّمة؟.
أجل فإن يكون الكتابُ هو بنفسه مقدّمةً ، فإنّ ذلك يعني أن الفكرةَ مضمون الكتاب هي أكبر من أن يحيط مؤلفها بها، وبالتالي فلا بدّ أن كتباً أخرى ستكون في الخلفية الفكرية للمؤلّف تنتظر دورها في الظهور، بين تفصيلٍ لما أجمل من الفكرة التي يريد إظهارها أو تطبيقٍ لركائزها وأسسها. وأيضاً لا بدّ من توقّع مؤلفاتٍ لمن يتبنّى من المفكّرين ما جاء به المؤلف متوسّعاً أو شارحاً أو مكمِّلاً.
والكتب من هذا النوع قليلةٌ قليلة.. بل هي من الندرة بمكانٍ.
وبدون مواربةٍ أو أدنى تحفّظٍ.. نقول.. إنَّ هذا الكتاب هو أحد المعالم الكبرى لكتبٍ أُلِّفت لتكون مقدّمةً. ذلك لأنّه النتيجة المنطقية الحتمية لتفكيرٍ مؤسّسٍ ورائدٍ جاء لتزييف فكرٍ عامٍّ كانت له الغلبة في السيطرة على ضمائر وعقول الناس لدهورٍ ظلاميةٍ طويلةٍ مسكونةٍ بالعذاب المستديم.. هذا الفكر هو الفكر الديني العام ممّا لا يكون معبّراً عن الحقائق الأصيلة في كتاب الله ورسله وأولياءه.
وإذا كان هذا الفكر مزيفاً فعلاً رغم تقادمه وكثرة المنظّرين له، فإنَّ ذلك يستدعي تقديم بديلٍ حقيقيٍّ مؤسسٍ، ومن ثم العمل فوراً على إعادة النظر في كافة الأفكار حول مختلف القضايا، والتحقّق من محتواها مقاساً إلى حقائق أصيلةٍ يفترض أنّها مخفاةٌ تعمّداً منذ البدايات النقية للفكر الديني في مصادره الأولى.
وبالتأكيد فإنَّ النتيجة لهذا العمل هي.. فكرٌ جديدٌ.. إنّما صادقٌ.
فالنظام القرآني هو كتابٌ مؤسّسٌ.. وموضوعه هو القرآن الكريم.. الكتاب الذي جاء تصديقاً للذي بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه.
فهو إذن يتناول الفكر الديني برمّته معالجاً إيّاه بنقدٍ حازمٍ ومهدِّماً له بمعولٍ مكينٍ.
ويتعيّن علينا أن نؤكّد هنا على مفهوم الفكر الديني هذا.. فهو الفكر الذي أصابته عقول الرجال من دون القرآن الكريم أو العلماء المعصومين (ع) محاولةً أن تجد لمبتنياته سنداً من نفس هذين المقياسين الأوليين عن طريق الصياغات الموهمة التي لا تمت في جذورها بصلةٍ تامةٍ إلى أي تسلسلٍ منطقيٍّ يرجع بها إليهما. بل هي جميعها ثغراتٌ صادمةٌ تُستشفُّ بأدنى تدبّرٍ حتى لو وُجِدَ أحياناً طريقٌ صائبٌ يربطها بهما، لأنَّ النتفَ لا يغني عن التمام.. فلئن وقعتَ على نتيجةٍ واحدةٍ صائبةٍ، فستجدها ضمن نتائج قد لا تعدُّ، كلّها خاطئة.. وهذا ما يدلُّ على وجود خطأٍ حتميٍّ في الأسس التي وُضعت على ضوئها هذه الصياغات.
ومن هنا جاءت التسمية الأخرى من لدُن العالم النيلي لهذا الفكر.. وهي (الفكر الاعتباطي). وهي تسميةٌ أخذها من موقف المفكرين من أهم دالةٍ للفكر، ونعني بها اللغة. وهذه التسمية لها ما يبرّرها، إذ لمّا كانت اللغة اعتباطية المنشأ ولا يمكن تقدير قوانين جوهرية لها كما اعتقد جملةٌ واسعةٌ من علمائها، فإن من البديهي أن يكون الفكر القائم عليها هو فكرٌ اعتباطي أيضاً انطلاقاً من أنَّ اللغة هي في تصوّرٍ معيّنٍ حاملةٌ للفكر أو من تصوّرٍ آخر أنها هي الفكر نفسه.
وطبعاً هناك بعضٌ قليلٌ يقول بقصدية الأصل للغة وإن لم نصل إلى صياغة قانونٍ لهذا الأصل.
وهذه النظرة القصدية لها أصالتها في المنظور الديني كما هو في كتاب الله وأقوال العلماء المعصومين (ع)، ويمكن أن يقال عنها أنّها من بين ما تمَّ إخفاءه من حقائق. وتجد مظاهرَ هذه الأصالة وبعضاً من دلائلها في الجزء الثاني من الكتاب الآخر للعالم النيلي والمسمّى باللغة الموحدة.
ولا نجانب الصواب إذا قلنا أنَّ القصديةَ كانت تراود القلّة من المفكرين انطلاقاً من هذا المنظور الديني.
وإنَّ العالم النيلي يبدو لنا في مؤلفاته وبخاصةٍ النظام القرآني في قمّة هؤلاء المفكّرين القصديين.. فهو يرى أنَّ القصدية هي الأصل وهي الجوهر لا في الفكر عامّةً، وإنّما في عالم الخلق قاطبةً، ومن ثمَّ فلا اعتباط على الإطلاق، إذ الاعتباط هو وهمٌ يتعلّق بالإنسان باعتباره لا زال في طورٍ متخلّفٍ قياساً بما ينبغي له أن يكونه.
وإذن.. فالفكر القصدي هو بديلٌ نقيضٌ للفكر الاعتباطي. وإذا كان قد مضى ردحاً من الزمن على التأسيس القصدي للمفاهيم الفيزيائية في عالم الخلق التي تمَّ من خلالها التنظير العلمي الكشفي المعاصر، فإنَّ التأسيس القصدي للغة لم يبدأ جدياً إلاَّ في كلٍّ من كتابي اللغة الموحدة والنظام القرآني. وهما الكتابان اللذان يريان في اللغة على أنها نظامٌ كليٌّ في صورتها الأولى.. وهي نظامٌ لا ينفكّ عن نظام الخَلق، بل يسير معه جنباً إلى جنبٍ كاشفاً عنه ومظهراً لدقائقه ومحتضناً لسرّه.
وهكذا فإنَّ العلاقة وطيدةٌ بين فكرتي القصد والنظام، إذ أنَّ كلَّ نظامٍ ينطوي ذاتياً على علاقاتٍ قصديةٍ بين أجزائه عناصراً أو مركّباتٍ، كما أنَّ كلَّ قصدٍ لا يكون إلاَّ في إطار نظامٍ. فحيث يكون نظامٌ تجدُ قصداً، وحيثُ يكون قصدٌ تجدُ نظاماً.
ممّا سبق ندرك المغزى الذي يشير إليه مصطلح "النظام القرآني"، وسبب تسمية هذا الكتاب به كعنوانٍ أوليٍّ. وأمّا العنوان الفرعي الذي هو (مقدّمة في المنهج اللفظي) فإنّه وثيق الصلة بالعنوان الأولي. ووجه الصلة هو في كون المنهج اللفظي هو الأداة المثلى المستخرجة من نفس النظام، والتي بها وحدها يتم كشف هذا النظام.
فالقرآن الكريم إذن.. هو نظامٌ قصديٌّ صارمٌ.. لا بالمعنى الشكلي الذي منه المعنى البلاغي، وإنما بالمعنى العلمي الهندسي مطبّقاً على نصٍّ لغويٍّ قياسيٍّ.
ولمّا كان هذا النصّ هو نصٌّ إلهي كما يقول هو عن نفسه، فالنتيجة الحتمية لذلك هي أنّه لا بدّ أن يكون أدقَّ نظامٍ على الإطلاق. وفي هذا يكمن الإعجاز.
وقد جاء العالم السيد النيلي بكتابه عن النظام القرآني كمحاولةٍ باسلةٍ لاستجلاء المظاهر المعجزة لهذا النظام، والتأسيس له، وفضح المكر الاعتباطي القاصد لإخفائه ومحوه عن الوجود.
ويبقى تقييم هذه المحاولة رهنٌ بالعقلية الحرّة، المريدة للحقائق والمستعدة للتضحية بمسلماتها الآنية لأجل مسلّماتٍ أخرى تتوسّم فيها الحقّ. ولهذه العقلية فقط تكون نصيحتنا بقراءة هذا الكتاب لأنّه كتابٌ خطرٌ وخطرٌ جداً، بل هو بتطبيقاته أخطر ما كُتبَ فيما يتعلّق بالخطاب الديني. وحسبك أن تجد تفاصيله على معارضةٍ كليّةٍ لما قرّ في أذهان جملةٍ واسعةٍ من كبار أساتذتنا الأعلام ممّن كان لهم دوراً ريادياً على الصعيد الفكري والاجتماعي.
ونحن في هذه المقدمة إذ نحاول إيفاء الكتاب حقّه من التعريف لا نجد غضاضةً من القول بأنّه في طبعته الثانية قد تميّز عن سابقتها من عدّة نواحٍ منها الصياغة اللغوية لعددٍ غير قليلٍ من فقراته، والتصحيح اللغوي، وإضافة بعض الهوامش التوضيحية، فضلاً عن الإخراج الفني له.
وبالنسبة لإعادة الصياغة فإنّ من المسلّم به أن هذا العمل لا يجوز في عالم التأليف، إذ هو تصرّف بمراد المؤلف ليس إلاّ.. والفكر القصدي يرفض هذا العمل بتاتاً إلاَّ في حالةٍ موافقة المؤلف على التغييرات التي يضفيها من يكلّفه بطباعة أو نسخ مؤلفات،ه وكذلك في حالة كون المؤلف يتحدث عن حقائق مُعاينةٍ كما لو ألف في الرياضيات أو علوم الطبيعة.
وقد كانت لنا هذه الموافقة من قبل السيد النيلي رحمه الله حيث هدفنا من وراء ذلك إلى توضيح بعض الفقرات المبهمة، وتصحيح الأخطاء اللغوية، وأيضاً فإن المنهج اللفظي (كما قرّر العالم النيلي في مداخلةٍ له تجدها في الجزء الثالث المقبل بإذن الله) ليس ملكاً لا للمؤلف ولا لغيره من المؤلفين، وإنّما هو ملك القرآن فقط، انطلاقاً من حقيقة أنّ المناهج العلمية ليست ملكاً لأحدٍ أيّاً كان، بل هي ملك موضوعها. وأمّا المؤلفون فليس لهم سوى مجرّد فضل الكشف عنها. وهذا يعني أنّ الحديث عن المناهج باعتبارها أدواتِ كشفٍ للحقائق لا يمكن أن يقيّد بأسلوب الكاتب الخاص.
بقي أن نشير إلى أنّ الطبعة الأولى قد تكفّل بمتابعتها والإشراف عليها أحد أصدقاء العالم النيلي في عمّان، ولم يتسنّ للنيلي مطلقاً المشاركة في ذلك، لظروف القهر السلطوي حينها الذي كان يمنعه من السفر لأسبابٍ شتى. وقد وقفنا على رسائل عديدةٍ تصوّر مدى الجهد المضني الذي تكبّده هذا الصديق مشكوراً. ومع ذلك فقد جاءت الطبعة الأولى وفيها هناتٍ ونواقص غير يسيرةٍ أملنا سدّها ما وسعنا الجهد.. ونحن نشكر هذا الصديق على جهوده وإخلاصه ونتحفظ عن ذكر اسمه حتى حين.. ونشكر كلّ من ساندنا مادياً ومعنوياً في ما عملناه.
نسأل الله أن يجعل عملنا خالصاً لوجهه الكريم.. ويرينا فضلاً منه ورحمةً في الدنيا والآخرة.. إنّه رؤوفٌ رحيم. والحمد لله ربّ العالمين.



فرقان محمد تقي مهدي الوائلي
بغداد
15 جمادى الأولى 1424
15 تمــــوز 2003
Link to comment
Share on other sites

من هو عالم سبط النيلي ؟

 

 

مع المهندس عالم سبيط النيلي في كتابه:

 

(الشهاب الثاقب للمحتج بكتاب الله في الرد على الناصب أحمد الكاتب)

 

التنظير للمنهج الحشوي، والتحريف بدعوى الإصلاح

أحمد الكاتب

http://www.iraqcenter.net/vb/25903.html

 

 

 

 

Link to comment
Share on other sites

عالم سبيط النيلي: ذكريات وحوار لم يكتمل!!

 

يقابل المحرر الثقافي في مسيرته الثقافية والحياتية عددا كبيرا من الاسماء والتجمعات والمشاريع وبعض منها يكون اصيلا غير ان بعضها الآخر مجرد حلم او وهم. وحين قابلت المفكر العراقي الراحل عالم سبيط النيلي لأول مرة اكتشفت حالاً انه من المواهب الكبيرة التي لا تخطئها العين او ينساها الوجدان. ومع مرور الزمن على معرفتي اياه (وهو زمن قصير للأسف الشديد) واطلاعي على مخطوطاته وافكاره وسيرته تيقنت انني امام ظاهرة لن يجود بها الزمن الضنين الاّ مرة كل مائة عام واكثر، ولهذا آثرت هنا من خلال هذه السلسلة ان افي هذا العالم الراحل بعض حقوقه علينا.

 

سألني صديقي الروائي طه حامد الشبيب ونحن نجوس بسيارته شارع الرشيد باتجاه نصب الحرية: هل سمعت بعالم سبيط؟ فأجبته فورا، لم اسمع به من قبل ... فقال لي بنبرته الصادقة: انه ظاهرة علمية جديدة، عليك ان تلتقي به وتنشر عنه... ومرت اشهر على حديثنا ذاك حتى جاءني الشاعر علي خصباك قائلاً: ان لديه حواراً مع احد علماء العراق غير المعروفين وحين سألته عن اسمه قال: «انه عالم سبيط النيلي من مدينة الحلة» وكانت تلك ثاني مرة اسمع باسمه ولم اكن قد رأيته او قرأت له شيئاَ. كنا آنذاك في النصف الثاني من العام 1998 وكنت وقتها احرر الصفحة الثقافية في جريدة المصور العربي، وحين قرأت الحوار الذي جاءني به علي خصباك ذهلت تماما لما فيه من طروحات وبوادر ثورة شاملة يقودها بجرأة عالم سبيط في النظرية اللغوية ويطرح لأول مرة بهذا الشكل الشمولي. وبادرت يومها الى نشر نص الحوار مشفوعا بمقدمة اضافية اعلنت فيها عن سروري البالغ باكتشاف هذا الصوت العلمي الجديد الذي سيكون له شأن في عالم المعرفة القادم. وقبل ان ينتهي العام 1998 اصدرنا انا والناقد خضير ميري ملحقا ثقافيا باسم: علامات، وكانت مناسبة لأن اكتب مرة اخرى تنويها لما انجزه عالم سبيط في كتابه: الحل القصدي، الذي وصلتني نسخة مخطوطة منه من دون ان التقي بصاحبه، وخلال العام 1999 التقيت بالعالم النيلي في مكتب صديقي الشاعر سلمان داود محمد وفاجأني تماما. اذ كنت اتصوره شيخا كبيرا لا تفارق النظارات عينيه الا انني وجدته شاباً خجولاً ومتواضعاً لا تفارق الابتسامة شفتيه وحدثني يومها عما توصل اليه من فتح جديد في اللغة وفي مباحث معرفية اخرى فعرفت انه درس في الاتحاد السوفيتي السابق مدة ست سنوات عاد بعدها ليعكف على شؤون المعرفة في اللغة والتاريخ والفلسفة والدين واصول الخلق منقباً وكاتباً لمؤلفات عدة لم يظهر في وقتها اي منها مطبوعاً وكانت معه مخطوطة لكتابه الكبير: الحل القصدي، الذي كان بالنسبة اليه اكتشافاً خطراً خطير، وتكررت بعدها لقاءاتنا في بغداد. ايضا في مدينة الحلة سواء في بيته ام في محل سكناي او عند السيد ضياء عفتان المفرجي (صاحب اليد البيضاء في رعاية هذا العالم في حياته وبعد رحيله كما يعرف الجميع) وحضرت ندوة اقامها له اتحاد ادباء بابل في شرح نظريته الجديدة واستمرت هذه الندوة لثلاث امسيات متتالية في سابقة هي الأولى من نوعها في عمل الاتحاد، وفي آذار - مارس-0002 اصبت بنكسة صحية خطيرة اذ حصلت لي جلطة في الدماغ وبرغم ذلك تحاملت على نفسي وعدت للكتابة من جديد برغم خطورة وضعي الصحي وكنت يومها مسؤولا عن القسم الثقافي في مجلة الرافدين وقد نشرت فيها مقالات متتالية عن عالم سبيط وفكره المتنور اذ تنبه اليه بعض المثقفين العراقيين وبدأ بالكتابة عنه ومن هذا البعض كان الناقد د. حسين سرمك حسن الذي كتب عن العالم سلسلة مقالات داخل العراق وخارجه وفي النصف الثاني من آب - اغسطس-0002 وانا ما زلت على سرير المرض جاءني الشاعر علي خصباك بخبر فاجع لم استوعبه حتى الآن مفاده ان عالم سبيط قد رحل نهائيا عن عالمنا وعلمت منه ان الراحل لم يكن يشكو من اي مرض عضوي او من حالة صحية متفاقمة بل انه مات فجأة وكأنه قرر الرحيل عن العالم الأرضي ويومها أمليت ( فأنا منذ اصابتي بالمرض لا استطيع الكتابة بل أملي كتاباتي على الاصدقاء) وكتبت ساعتها مقالاً رثائياً بعنوان: رحيل مبكر لعالم سبيط ونشر كعمود افتتاحي في ثقافة الرافدين وقد تكررت كتاباتي عنه بعد الرحيل وايضاً كتابات عدد من الادباء والكتاب ممن اطلعوا على بعض مؤلفاته وشخصيته ومنهم د. حسين سرمك وموسى جعفر ووجيه عباس وفرقان الوائلي ... الخ، وكنت وقد اطلعت على بعض تآليفه او المخطوطة مثل ( اللغة الموحدة وكلكامش والنص القرآني) وسواها من المؤلفات الفذة التي تركها الراحل امانة في عنق جميع من عرفه واطلع على عبقريته المبكرة .

 

ان عالم سبيط النيلي (1956- 17\8\2000) هو احدى العلامات البارزة في العقدين الاخيرين وما تركه في حياته القصيرة من دراسات وابحاث تختلف كليا عن السائد الثقافي والمعرفي ولا يحتاج منا جميعا افرادا وجماعات ومؤسسات الا ان نفيه بما يليق من اهتمام ونشر وتوزيع ليسطع هذا النور العراقي في ارجاء الظلمة وخفايا الجهل وليثبت قدرة العراقيين على مقارعة الظلام برغم شدة القهر المسلط عليهم. وان اقتراب الذكرى الرابعة لرحيل هذا العالم المتنور يجعلنا اكثر برا وقدرة على نفض الغبار عن مؤلفاته وبحوثه لتأخذ حظها في الانتشار وفك اسرار المعرفة بصورة جديدة.

 

ما يحز في نفسي انني انجزت مئات الحوارات مع عراقيين وعرب وحتى اجانب ولكني لم اكمل حواري مع عالم سبيط النيلي لظروف شتى وسيبقى ذلك الحوار غير مكتمل في ذمتي الصحافية حتى اجهزه للنشر واظهره للناس واتمنى ان يحدث قبل ان يدعوني الداعي الاخير!.

 

ناظم السعود- كاتب عراقي - بغداد

________

Link to comment
Share on other sites

  • 10 months later...

ملحمة جلجامش والنص القرآني للمفكر القصدي عالم سبيط النيلي

ادناه محاضره مهمه في تحليل متميز لتشابه قصه كلكامش كما وردت في الملحمه البابليه والنص القراني لقصه ذو القرنين

يمكن تمرير الدقائق الخمسه الاولى في حاله عدم الاهتمام بالمقدمه

http://video.google.com/videoplay?docid=-1...37397630512707#

Link to comment
Share on other sites

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
Reply to this topic...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...
×
×
  • Create New...