Jump to content
Baghdadee بغدادي

لماذا يؤسس العراقي شركاته الورقيه في الخارج


Recommended Posts

لماذا يؤسس العراقي شركاته الورقيه في الخارج

سالم بغدادي

أب 2011

 

عنوان طويل لموضوع ظلت الكتابه عن جوابه تراودني لفتره طويله الى ان جاء الجدل حول موضوع الشركه الكنديه "العراقيه" التي ابرمت عقدا باكثر من مليار دولار مع الحكومه العراقيه لتجهيز محطات كهرباء وهو موضوع يثير اللغط والتكهنات و حتى اصدار الاحكام المسبقه. لااريد ان يتحول موضوع مقالي هذا الى مناقشه لهذا العقد لان الموضوع لم تكتمل جوانبه عندي بعد ولو انني على اطلاع على بعض تفاصيله ولكني اردت ان استخدمه لابحث في موضع اكثر شموليه ظل يميز طابع قطاع التجاره والصناعه والمقاولات في العراق منذ الستينيات. فقبل قوانين الاصلاح الزراعي التي قضت على الانتاج الواسع و تاميمات عارف المشؤومه التي قضت على البنيه التحتيه للصناعه العراقيه و قرارت البعث بسيطره الحكومه على القطاع التجاري الخاص, كان رجال الاعمال من خلال شركاتهم العراقيه روادا في المنطقه. من شركات الجلبي الاسكانيه والزراعيه الى البهبهاني التجاريه الى مصانع فتاح باشا

 

ماالذي حصل كي يحصر رجل الاعمال العراقي عند توسع اعماله هاجسه الاوحد في تأسيس ولوحتى اسم تجاري في بلد اخر وخصوصا غربي كي يدخل به البلد الذي هو اصلا بلده متحملا كل مايرافق ذلك من مصاريف ومخاطر وتدقيقات رسميه وضرائب في البلد المضيف

 

للجواب على ذلك احب اولا ان اشارككم تجربه شخصيه عاشها صديق في السبعينات كونه مقاولا مهندسا نفذ في ذلك الوقت عقودا كبيره نوعا ما بمقاييس ذلك الزمان مع الدوله ليكتشف بعد توسع حجم مقاولاته التي كانت تستند بجزء كبير منها الى مجال التوريدات من دول المنشأ, ان قوانين الدوله العراقيه تحارب عمليا توسع الشركات الوطنيه. من ذلك حزمه قوانين تفضيليه تمنح اعفائات كمركيه وضرائبيه وصلاحيات للشركات الاجنبيه تحت مسمى عقود التنميه القوميه الكبرى ومنها ايظا انفتاح المسؤول على التعامل مع العيون الزرق والشعر الاشقر بحكم عقده النقص التي نعاني منها ولازلنا او لانه يجد التعامل معه اكثر امانا من حيث ضمان استلام العمولات و الرشاوي ومنها ايظا الحمايه القانونيه للتعاقدات مع الشركه الاجنبيه من خلال قوه تاثير حكوماتها التي تتدخل لحمايه مصالح رعاياها وشركاتها وضمان الدفع . ولكن الاخطر كان دائما هو ما يتعلق بالمراصد التي ستفتح شاشات راداراتها عليك من الاجهزه الحكوميه ولن اقول من حسد ومتابعه حتى الاقربين لك. كل ذلك دفعه الى تأسيس شركه "عنوان" وحساب بنكي في سويسرا في مدينه لوزان وسجلها باسم صديق له عراقي كان يثق به وعاد للعراق وحصر نشاطه بكونه وكيل للشركه السويسريه التي هو صاحبها اصلا والتي مارست نشاطها من مكتبه في بغداد من خلال شخص ايطالي اشقر وظفه مديرا كواجهه اسمه فينياتي معروف لاهل ذلك الزمان ممن تعامل مع ايطاليا . انفتح باب الرزق لشركته مشرعا ولكنه كان دائما يرى فيها ابنا غير شرعي لانه كان يتمنى لو كان له ان يكبر نشاطه من خلال ابنه الاخر الشرعي العراقي الذي لازل يفخر به حتى ولو لم يسعفه الحظ كما اسعف اخوه السويسري

المهم في الموضوع ان الامور استمرت الى ان جائت الحرب العراقيه الايرانيه ومنع السفر فانقلبت الاحوال واتفق الوكيل العراقي والممثل الايطالي ولطشا الشركه وممتلكتها ولم يكن بوسعه حينها متابعه الامر قضائيا لانه كان في العراق مسجونا كغيره من العراقيين لمنع السفر وسوقه لخدمه الاحتياط الطويله كبقيه العراقيين من عمر 18-55 سنه و لكن العائق الاهم كان لانه تعمد ان لايكون هناك اي مستند قانوني يشير له لان في ذلك حكم بالاعدام ايام نظام صدام . اتذكر هذه الواقعه لاقول ان هذا النوع من ممارسه العمل من الباطن من خلال الواجهه الاجنبيه ليست ترفا بل قد تعود بصاحبها الى مخاطر و كوارث ماليه يفقد فيها تعب حياته ولكنه كان مع ذلك يضطر لها

 

في كل بلاد العالم المستقر , عندما يتوسع رجل العمل فانه يفخر بمواطنته لانها ستكون مكسبا تنافسيا له, الا في العراق فهي ستكون امر معيقا ومدمرا لنشاطه. هذا من ناحيه ومن ناحيه اخرى فان عدم توفر الاستقرار الاقتصادي والقانوني في العراق منذ ثوره 58 ولحد الان جعل المستثمر العراقي يحاول ايجاد توازن لتوزيع مناطق استثماره بحيث لايرتهنها في الداخل غير المضمون. فقد علمته التجربه المريره ان العراق " بيت محروق", السعيد فيه من اخرج من امواله ما يقدر عليه الى مكان امن. وهنا اتذكر حادثه طريفه عن المرحوم رجل الاعمال العراقي الكبير عبد الهادي الجلبي والد الدكتور احمد , الاكاديمي و السياسي العراقي المعروف. فالمرحوم عبد الهادي وبعد حجز ومصادره معظم امواله وممتلكاته في العراق بعد 58اضطر للاقامه مؤقتا في لندن في شقه بسيطه واضعا في غرفه الاستقبال لوحه فيها خطاب تثمين لقيامه بشراء وقبل الثوره باشهر ,مقاطعه اللطيفيه الزراعيه من الشركه الانكليزيه صاحبه الامتياز في حينه وبمبلغ كان ينوي استثماره في لندن لشراء مجموعه سكنيه عقاريه كبيره في وسط لندن يعادل ثمنها اليوم اكثر من مليار جنيه استرليني. وذلك بعد الحاح رئيس الوزراء نوري السعيد عليه بضروره المساهمه في تعريق المؤسسات الاقتصاديه العراقيه وخصوصا التي تخص الامن الغذائي. في حينها ارسل له رساله تثمين ولكن وبعد 58 واستملاك الاراضي الزراعيه وبالرغم من ان الرجل لم يكن قد امتلك الارض من الاقطاعيات التي منحها الانكليز للشيوخ لاستمالتهم بل من حر ماله و تجارته, فقد فقد الجلبي الارض ولم يبقى له الا الخطاب الذي كان يشير له مداعبا ضيوفه " هذا دفعت فيه الملايين" ولكنه بالتاكيد ظل نادما طول حياته لانه لم يستمع لنصيحه ولده الاكبر الذي كان يصر على شراء مجمع لندن الاستثماري بدلا من ارض اللطيفيه

 

 

كل ذلك استمر بشكل او باخر لغايه يومنا هذا. فلن تجد اليوم شركه قطاع خاص عراقيه كبيره الا وتفخر بموقع الكتروني بؤشر بوضوح الى عنوان غير عراقي لها حتى ولو كان ذلك العنوان صندوقا بريديا او شقه سكنيه يستعملها صاحب المشروع. المهم لاتدخل البلد بمسمى عراقي حتى ولو كانت شركتك عراقيه ناهيك عن الاستثمار وايداع المبالغ في بنوك اجنبيه خوفا من تغيير الحال في العراق . اليوم الوضع اخطر , فشركتك العراقيه اذا كبرت ستكون معرضه وبالاضافه لكل ماسبق الى خطر اعمال الجريمه المنظمه التي تكاد تسيطر على حياتنا في العراق

 

ما اثار انتباهي هو رساله وجهها وزير تخطيط عراقي سابق معروف بكفائته الى السيد رئيس الوزراء مشككا بصحه العقد الانف الذكر الذي ابرمته شركه كنديه مع وزاره الكهرباء لتوريد مولدات . يستند الدكتور في ظنونه الى ان الشركه هي شركه ورقيه ولااصل لها, وانا بحكم تجربتي استطيع التاكيد انها شركه واجهه لعملاق عراقي يستطيع تجهيز عقد بهذا الحجم ومن شركه مجهزه رصينه تعتبر اليوم رائده عالميه في هذا المجال وهي شركه كاتلبر الامريكيه وبشرط دفع بالأجل لمده سنتين تعجز عنه حتى الحكومات. فالوزير المتقاعد ومن خبرته الوظيفيه لم يذق حجم المرار الذي يعاني منه رجل الاعمال العراقي من تعسف القوانين العراقيه ضده والتي منها وللمصادفه ما وضعه نفس الوزير عندما كان وزيرا للتخطيط في السبعينات من ملامح قوانين خطط التنميه التي ادت الى حرمان الشركات العراقيه من امتيازات تنفيذها كما اسلفنا. من حق الوزير ان يتابع وهو امر يحسد عليه وعلى شعوره العالي بالمسؤوليه ولكني اريد ان اقول لنجيب اولا على السؤال الذي بقى ملازما لي طوال عمري التجاري, لماذا يبقى العراق بيت محروق؟ لماذا يبتعد رجل اعمال يعتبر اليوم هيكلا وطنيا اقتصاديا متميزيا في مجال تنفيذ المنظومات الكهربائيه عن ان يتوسع باسمه الوطني ويضطر للحصول على غطاء اجنبي غالي التكاليف على الاقل ضريبيا وتدقيقيا كما هو معروف

 

هل ان الامر يتعلق بتغطيه على فساد؟ لو كان الامر كذلك لاسسها في الامارات حيث تنعدم الضريبه والرقابه وتنشط اعمال غسيل الاموال . هل الامر يتعلق بالبعد الجغرافي, ولكنا وجدنا العين العراقيه راصده لكل التفاصيل ويكفي مراجعه رساله الدكتور الانفه الذكر. هل الامر يتعلق "بالبرستيج" من انها شركه عيون زرقاء , ولكننا نجدها تفخر بمديرها العراقي الذي كان حضوره متميزا في حفل توقيع عقد الوكاله الحصريه للشركه الكنديه مع شركه كاتربلر الامريكيه

انا اعتقد ان الامر ينحصر في جانب واحد هو توفير الحمايه القانونيه لبنود العقد وخصوصا وان الدفع بالآجل , والله اعلم

 

ارجو ان لا يفهم من كلامي انني ادافع عن العقد وبنوده لاني اترك ذلك للجهات الرقابيه في الحكومه والبرلمان ولكني كنت اريد ان استخدمها فرصه لانبه ذوي الشأن حول هذا الخلل الذي يجب ان نعمل جميعا على اصلاحه من اجل اعاده ثقه رجل الاعمال العراقي اولا بالوضع القانوني والتجاري داخل العراق من خلال حزمه قوانين تشجع الاستثمار المحلي وتدعم نموه وليس افضل من ذلك اصدار القوانين التي تحمي حقوقه امام الدوله

Link to comment
Share on other sites

×
×
  • Create New...