Jump to content
Baghdadee بغدادي

Is democracy compatible with the teachings of Isla


salim

Recommended Posts

Guest مستفسر

الإسلام والديمقراطية الليبرالية:الإقرار بالتعددية

 

 

 

*بقلم ليث كبة

 

 

 

يمكن النظر إلى مسألة التوافق بين الإسلام والديمقراطية الليبرالية من زوايا متعددة. إن الجدل الدائر حاليا بين المسلمين والغربيين حول علاقة الإسلام كديانة سماوية مُنزّلة بالديمقراطية كشكل محدد للحكم في عصرنا الحديث إنما ينطوي على فكرة أن الإسلام يحبذ شكلا معينا للسياسة والحكم. إن الإسلام يدعو إلى مبادئ الحرية والكرامة الإنسانية والمساواة والحكم المعقود بالبيعة ورضا المحكومين، وسيادة الشعب وحكم القانون، وهي المبادئ التي تتوافق مع الخصائص الأصيلة للميراث الثقافي للديمقراطية الليبرالية دون أن تكون جزءا منها. وبنظرة إلى تاريخ المسلمين سيتضح أن العقبات التي حالت دون نجاح محاولاتهم لإيجاد نظم سياسية تتسم بالانفتاح وتنصيب حكومات ديمقراطية تتمثل فيما يلي:

 

 

 

1-ثقافة سياسية شمولية متأصلة.

 

2- تأويل آي القرآن الكريم حسب الأهواء.

 

 

 

إن آفاق ترسيخ الديمقراطية الليبرالية في بلاد المسلمين رهن بتطور ثقافتهم السياسية. وبينما تمتد جذور السياسات الديمقراطية في الغرب إلى قرون من التطور المستمر، فإن النظم السياسية الحديثة في دول العالم الإسلامي خضعت لسلسة من التغييرات المبتسرة منذ انهيار الخلافة الإسلامية في عام ألف وتسعمائة وأربعة وعشرين وما تلاه من تحرر هذه الدول من الاستعمار في سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية.

 

 

 

الثقافات والعادات والتقاليد

 

 

 

لأن المسلمين يعتبرون العادات والتقاليد التي واكبت ظهور الإسلام جزءا من الرسالة السماوية، فإنهم دائما ما يستمدون نظرتهم إلى الحياة من نظرة من عاشوا تلك الفترة، وذلك بدلا من استخلاص نظرتهم الخاصة إلى الحياة استنادا لتعاليم الإسلام الأصيلة ومستجدات الواقع الحديث في الوقت ذاته. إن تعاليم الإسلام شكلت تاريخ مئات الملايين من المسلمين وثقافتهم السياسية على مدى أربعة عشر قرنا من الزمان، واستوعبت كثيرا من الأمم، والثقافات والطوائف والمذاهب. إن الإسلام يسع جميع المسلمين، محدثين كانوا أم تقليديين، محافظين أم ليبراليين، حاكمين كانوا أم معارضين، سنة كانوا أم شيعة. ومع الإقرار بصحة أن الحكام المسلمين سعوا منذ أيام الخلافة الأولى إلى استمداد شرعيتهم من التقاليد الإسلامية، فإنه لا يمكن تجاهل حقيقة أن هذه التقاليد والتعاليم الإسلامية ذاتها كانت مصدر إلهام للجماعات المعارضة التي سعت بها إلى تبرير استيلائها على السلطة عنوة في بعض الأحيان، وحشد الجماهير من أجل الكفاح الوطني أو للجهاد، أو لأهداف أخرى.

 

 

 

ومن قديم، فإن القبلية وسمت حياة المسلمين السياسية. ومن ثم تبع ذلك نزعة دائمة نحو عدم احترام حكم الدستور والحكم النيابي وما نتج عنه من صعوبة في تطوير مؤسسات ديمقراطية ووضع ضمانات للمحافظة عليها مثل إيجاد التوازنات السياسية وما إلى ذلك. وعلى مدار التاريخ لم يشارك المسلمون في اختيار حكامهم كما لم يكن لهم حق في أن يكونوا جزءا من حكوماتهم. ونادرا ما لقي الأفراد أو الجماعات المعارضة ممن استولوا على الحكم عنوة، نادرا ما لقوا أي مقاومة من جانب الشعوب الإسلامية. وتستمد هذه السلبية السياسية جذورها من تعاليم دينية وقد ذهبت إلى حد تبرير شمولية الحكم في العالم الإسلامي. ودائما ما كان هناك مفكرون مسلمون ينتقدون باستفاضة التفسير الضيق للقرآن ويبرزون الجانب السلبي في اتباع الممارسات التقليدية، لكن أحدا لم يصادف أي نجاح في الإنصات أو الاستجابة لانتقاداته تلك.

 

 

 

وينتمي إلى هذا الخط الفكري سوروش وكثير من المفكرين المستنيرين الذين يمثلون تيارا أوسع من المؤمنين بالفكر الإسلامي المستنير. أما رجل مثل راشد الغنوشي الزعيم الإسلامي التونسي ومؤسس حركة النهضة ، فإنه يحاول، مثله مثل باقي قادة الأحزاب الإسلامية، أن يدلف إلى ما وراء العقيدة والتعاليم والشعائر والطقوس والحوادث والظروف التاريخية، بحيث يضع إطارا ومفهوما يمكن من خلاله التوسع في فهم أساسيات الإسلام وجمعها إلى بعضها البعض بشكل جديد من أجل صياغة رؤية عالمية رصينة ومتماسكة للإسلام تتجاوز حدود التفسير الكلاسيكي للقرآن الكريم.

 

 

 

ومثلهم مثل من سبقوهم من مفكري القرن العاشر الذين فكروا مليا في القضايا الإسلامية وعلقوا على عمل فلاسفة الإغريق العظام، فإن من غير المتوقع من المفكرين المحدثين أن يكون لهم تأثير كبير على الطريقة التقليدية التي يتم بها تفسير النصوص الدينية، بل إن هذا التأثير ربما يتضاءل أكثر فيما يتعلق بهيكلية السلطة والمواقف السياسية في وقتنا الحالي. إن الأعداد المتزايدة من الإسلاميين الذين يؤمنون ويلتزمون بتفسير عصري لتعاليم الإسلام، إنما تقل فرصة تأثيرهم على المدى القصير. لكن الأمر يختلف على المدى البعيد. فمع إعطائهم وقتا كافيا، يمكن أن يكون هؤلاء الإسلاميون قوة استقرار وبناء ذات قدرات هائلة لتطوير المؤسسات العامة وتحديث المجتمعات الإسلامية. وعلى الرغم من أن الإسلاميين الليبراليين هم من جزء من التيار العام للحركة الإسلامية، فإن وجودهم لم يرسخ بعد. فهم لا يحصلون على دعم الحكومات ولا على تأييد الجماعات السياسية التقليدية أو الأحزاب الراديكالية. فأنصار المدرسة التقليدية ينظرون إليهم بوصفهم "متفرنجين" بينهم يراهم الراديكاليون "مفرطين"، في الوقت الذي ينظر إليهم الحكام المستبدون على أنهم "خطر" على أنظمتهم.

 

 

 

التفسير والتأويل

 

 

 

إن الاضطرابات التي طالت كثيرا من الدول الإسلامية في السنوات الأخيرة، دفعت المفكرين المسلمين إلى مراجعة التراث الإسلامي برمته ومدى فهمهم للإسلام. لكن ثمة مخاطر تكتنف هذا المنهج. فالأصولية بما تقدمه من أجوبة بسيطة لمشكلات معقدة في العالم الإسلامي نمت وترعرعت في المجتمعات المسلمة انطلاقا من مراجعات مماثلة. لكن تجربتي إيران والسودان أثبتتا أن الأصولية عندما تحكم فإنها تكون غير قادرة على حل جميع المشاكل، بل إنها عقّدت في واقع الأمر من مسألة تطبيق القيم الإسلامية في حياة الناس. وعلى الرغم من يقين المسلمين بأن القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة هما مصدر التشريع الوحيد، فإن التاريخ الإسلامي شهد خلافا حول من يجب أن تكون له السلطة شرعا ومن ثم يقوم بتفسير نصوص الدين الإسلام ويمارس الحكم في الوقت ذاته على غيره من المسلمين.

 

 

 

لم يتفق الرعيل الأول من المسلمين على إجراء بعينه لاختيار الخليفة، وهو ما أدى إلى حدوث انقلابات واقتتال بين المسلمين في بعض الأحيان.واليوم تتصدى لتفسير الإسلام مدارس دينية ذات دور محدود في إدارة المؤسسات العامة. ولأن هذه المؤسسات سياسية تقليديا، فإن فئتين هما: رجال دين نشطون، وجماعات سياسية احتكرتا تفسير الجوانب السياسية للإسلام. وقد أدت المحاولات الأخيرة من جانب الزعماء الدينيين أو الأحزاب السياسية لتطبيق الإسلام في حياة الناس إلى نتائج لا تبعث على السرور. وقد أشعلت هذه الإخفاقات بدورها نقاشا بين المسلمين حول إمكانية تأويل القيم الإسلامية بطرق تتوافق مع الديمقراطية وحقوق الإنسان والتعددية السياسية. وقد تأخر هذا النقاش طويلا، لأن غياب الفهم السليم فيما يتعلق بالعلاقة بين الإسلام والسياسات الديمقراطية هو الذي أعطى المجال للجماعات الزاعقة والمصطبغة بالصبغة السياسية لتفسير الجوانب السياسية والاجتماعية للإسلام بالطريقة التي تخدم أهدافها السياسية وهي الظاهرة الأكثر بروزا في دول مثل إيران والجزائر وأفغانستان ومصر والسودان.

 

 

 

إن الحكومات الحالية في دول العالم الإسلامي تواجه التحديات الخاصة بتحديد دور الإسلام في حياة الناس بإنشاء هيئات دينية تابعة لها وظيفتها الأساسية وضع تأويلات للإسلام ترضى عنها تلك الحكومات. وفي محاولة بدا واضحا أن هدفها هو قطع الطريق على توظيف المعارضة للإسلام، شكل العاهل السعودي الملك فهد بن عبد العزيز مجلس العلماء تحت إشراف شقيقه الأمير سلطان. وبالطريقة ذاتها أعرب العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني عن قلقه إزاء النزاع بين الإسلاميين والحكومة في الجزائر المجاورة باقتراح إنشاء هيئة دينية إسلامية عليا مشابهة للفاتيكان.

 

 

 

وثمة مثال آخر من إيران فبعد وفاة آية الله العظمة أراكي مؤخرا، قررت الجمهورية الإسلامية إسناد منصبه الروحي إلى رئيس الجمهورية ليجمع بذلك شخص واحد بين السلطتين الروحية والسياسية. إن الموقف الذي تتخذه الجماعات الإسلامية المصطبغة بالصبغة الإسلامية من قضايا الحكم القابل للمحاسبة والحداثة يصعب عادة تحديده أو الوقوف عليه بجلاء, . وعادة ما تتعارض مصالح الجماعات السياسية المتنافسة، وبالتالي تحول دون تطبيق برامج سياسية مؤثرة في المجتمع. ويبدو أن الأحزاب السياسية في ماليزيا وتركيا قد وعت هذا الدرس. إن في القيم الإسلامية إمكانيات هائلة لتطوير المجتمعات الإسلامية شريطة تطبيقها بوسائل لا تعرقل الديمقراطية.

 

إن زحف التطور التكنولوجي، الذي لا يمكن وقفه، سيكون له أثر هائل على جميع الثقافات ومن بينها الثقافة الإسلامية. إن إيجاد طرق اتصال سريعة يسهل الوصول إليها في أي مكان يعني قدرة المسلمين على التفاعل مع بعضهم البعض ومع أبناء الديانات والثقافات الأخرى بمعدل غير مسبوق. وبينما يعكف المسلمون على وضع استراتيجيات لتحقيق النمو الاقتصادي في عالم يذخر بالمنافسة، ويعيدون فيه تحديد أولوياتهم، فإن نظرتهم ستتحول من مجرد تبني المفاهيم وقيم الإسلام المجردة إلى التركيز على واقع المسلمين اليوم. سيظل المسلمون يرون في الإسلام مصدرا للهوية على المستويين الشخصي والعام، ونبراسا للاهتداء الأخلاقي، ولكنهم سيبدؤون أيضا في النظر نظرة نقدية للميراث الذي خلفته الأجيال السابقة والتي قد تكون نظرت لتفسير النصوص الإسلامية نظرة ضيقة ركزت فيها فقط على حوادث التاريخ أو وقائع بعينها، دون التركيز على جوهر العقيدة. إن السبيل إلى مستقبل أفضل إنما تكون بالاعتراف بالتعددية، وإقامة نظم سياسية تتسم بالانفتاح والشفافية، وتنصيب حكومات ديمقراطية في جميع أنحاء العالم الإسلامي.

 

 

 

د. ليث كبة

 

مسئول بارز ببرنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا-نيد-

 

واشنطن-الولايات المتحدة الأمريكية

Link to comment
Share on other sites

  • 4 weeks later...

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
Reply to this topic...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...
×
×
  • Create New...