Jump to content
Baghdadee بغدادي

توضيح حول مادة الصابئة: المندائيون بالعراق روحانيو


Recommended Posts

http://www.elaph.com/elaphweb/ElaphWriter/...11/23207.htmals

رشيد الخيُّون 

ما يحمله الأديب علي عبد العال تجاه مواطنيه الصابئة المندائيين يرق له القلب، وما كتبه فيهم كان مساهمة جادة ومسؤولة، ودعوة للتراضي الاجتماعي، والتقارب والتعايش على أساس الهوية العراقية. والعراقيون بحاجة إلى مثل هذا الموقف والتعبير عن العاطفة الصادقة، ففي هذا الزمن المشحون بالمخاطر يأتي دور المثقف مذكراً بالهوية العراقية التي منذ خُلقت هي واحدة ومتعددة، وهذا ما قام به الأديب علي عبد العال. ملاحظتي التي لا تنقص من روحية وعاطفة ما كتبه بقدر ما هي تنبيه لمسألة تخص البحث والكتابة في الشأن التاريخي والعقائدي للصابئة المندائيين، والكاتب كشف لنا حيرته في أمر المصادر، وحاول الاستعانة بأصدقاء مندائيين أراد الكتابة من أجلهم. والحقيقة أن المصادر حول الدين المندائي كثيرة وقلية. كثيرة، لأن هناك كماً من الكتابات غير المسؤولة، فمتى وقع نظر الكاتب، المحترف أو غير المحترف، على كلمة الصابئة أخذها أنها تعني صابئتنا الحاليين ولا تجد في هذه الغزارة غير التكرار الممل، والتكهن غير المسنود بأدلة أو أداة بحثية، وهي قليلة عندما تبحث عن النوعية والأُصول.

استخدم الأديب عبد العال كتاب "الملل والنحل" للشهرستاني، وما أتى فيه من مناظرات الحنفاء والصابئة، والشهرستاني لا يعني صابئتنا المندائيين أبداً، فالصابئة كانت تطلق على كل ديانة أو جماعة تؤمن بتعدد الآلهة، وترمز لها بالأصنام، فهي حسب مؤلفي كتب الملل والنحل تمتد من الهند والصين إلى اليونان والرومان. وإذا دققنا في المناظرة التي أتي بها الشهرستاني فالحنفاء أقرب إلى صابئتنا فهم روحانيون، يميلون إلى الرسل الروحانيين وليس العكس، ويحيى أو يهيا يهانا له منزلة الرباني وهي أعلى منزلة في تدرج رجال الدين، ولم تسد لغيره، لأن فيها شروط غير متوفرة في الآخرين، ومنها الصعود إلى الأعالي روحاً وبدناً.

أما الخطأ الشائع، هو اعتبار كتاب الزبور كتابهم، فالقرآن لم يشر إلى كتابهم أنه كتاب الزبور، وقد جاء ذكرهم في ثلاث من سوره هي البقرة والمائدة والحج، مثلما لم يشر إلى كتاب المجوس. والزبور كما هو معروف كتاب يهودي نزل على النبي داوود، ومعروف بمزامير داوود، وهو عبارة عن وصايا، وردت في الكتاب المقدس حوالي مائة وأربعة وخمسين مزموراً. والصحيح أن كتاب الصابئة المندائيين هو "الكنزاربا" أو الكنز العظيم، أو سدرة آدم، أي كتاب آدم، وهو حسب اعتقادهم نزل على عدة أنبياء أولهم آدم. وحسب النديم في "الفهرست" ترجم هذا الكتاب في عهد هارون الرشيد إلى العربية من اللغة الصابئية، أي المندائية اليوم وهي الآرامية الشرقية، ولم يذكر بالزبور بل بكتاب الصابئة، لكن الترجمة فقدت، وظل الكتاب في نصه الآرامي حتى العام ألفين فحينها ظهر بطبعتين، واحدة ببغداد، دار حولها جدل ونقاش بسبب صياغات الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد، التي أبعدت ما ترجمه المترجمون عن روح الكتاب، والثاني ترجم عن الآرامية ثم عن الألمانية وصدر بسدني.

كانت تسمية الصابئة ولا زالت هي السائدة، وهي نسبة إلى الاغتسال أو الصباغة أو التعميد، وابن قيم الجوزية يأتي بمسألة تستحق العناية وهو أن الاسم أتي من صبأت النجوم أي ظهرت، والصابئة يعتنون بالنجوم ولا يعبدونها، ورأي الإمام أبي حنيفة النعمان فيهم أنهم يوقرون النجوم مثل توقير المسلمين للكعبة. ومعلوم أن الصابئة يتوجهون إلى جهة الشمال بدلالة النجم القطبي، حيث العالم المتسامي، الذي تهب منه ريح الصبا، ويعبدون الحي الأزلي. وقد أخذ الأب أنستاس الكرملي ثم الشيخ محمد جواد مغنية ماذهب إليه ابن قيم الجوزية وجعلاه أصلاً في تسمية الصابئة. ولو حاولنا المقاربة بين الضوء والوضوء والنور والنهر لوجدنا العلاقة واضحة بين الضياء والماء، وعلى هذا الأساس تظهر تسمية الهور المندائية، وهو منزل الصابئة القديم، تعني البياض، فعند تعكاس الضوء والماء لا يظهر غير اللون الأبيض. لقد تعرف مؤرخون مسلمون عديدون على الصابئة الحاليين، واسموهم بعدة أسماء، مثل المغتسلة، والكشطيين، لكن الاسم الأكثر شيوعاً هو الصابئة، وذكروا عدة علماء وفقهاء باسم المندائي، أو ابن مندة، من الذين تحولوا إلى الإسلام، وأصبحوا فيه فقهاء وقضاة.

ما أرجوه أن لا يسبر غور البحث في تاريخ هذه الجماعة العريقة بلا أدوات، وبالتالي نذهب إلى تصديق ما أشاعه العامة حولهم من أنهم يعبدون كائن اسمه "شميدهيه"، والحقيقة أن العامة نحتوا هذا الاسم من عبارة الصابئة المندائيين "بشميهون أدهي ربي"، وهي مثل عبارة "بسم الله الرحمن الرحيم" الإسلامية، وعبارة أخرى تتعلق بالملاك مندادهي مثل "اشمدهي منداد هيي". ومثلما شاع ذلك حول عبادة المندائيين شاع خطأً أن كتابهم هو الزبور، وهو كتاب خالي من قصة خليقة ومن مقالات ديانة.

عموماً، هذا لا ينقص من كتابة الأديب عبد العال، ومن عاطفته وسلامة نيته تجاه مواطنيه المندائيين، الذين يتعرضون اليوم، مثلهم مثل تكوينات العراق الأخرى، إلى قرصنة وجور هو الأكثر حماقة وتعسفاً في تاريخ العراق.

   

  طباعة  الصفحة    أخبر صديقك 

Link to comment
Share on other sites

  • 3 weeks later...

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
Reply to this topic...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...
×
×
  • Create New...