Jump to content
Baghdadee بغدادي

تصحيح خطاب الامام الحسين في ملحمة عاشورا&#1569


Recommended Posts

http://65.17.224.235/ElaphWeb/ElaphWriter/2006/1/124704.htm

 

 

تصحيح خطاب الامام الحسين في ملحمة عاشوراء

GMT 21:45:00 2006 الثلائاء 31 يناير

. غالب حسن الشابندر

 

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

 

الحلقة الأولى

 

 

البيت الحرام ودم الحسين

ترك الحسين عليه السلام مكّة إلى الكوفة رغم أنّ (أهلها يختلفون إليه ويأتونه، من بتا من المعتمرين وأهل الأفاق) ــ 1 الكامل 3 / 381 ــ ويعلّل بعضهم هذا بأسباب تتواصل مع السماء وأدبيات الغيب الديني ومستحقات المكان المُقدّس، فيما التعليل في تصوري ــ كما سيأتي ـــ يخفي نوايا تتواصل مع نيِّة الانتصار لأمر عقيدي مبيَّت في ضمائر حرّى لتسخين الموقف بالعاطفة والحب والقدسية، وتشييعه بدهشة التطابق بين الماضي والمستقبل...

لماذا ترك الإمام الحسين عليه السلام مكّة إلى الكوفة؟

لا أثر لمكاتبات أهل الكوفة هنا!

يجب أن يغيب الحس ويحلّ محله الغيب!

يروي الطبري أن ابن الزبير كان قد اقترح على الحسين أن يقوم في المسجد الحرام بمكة ويجمع الناس إليه، فأجابه الحسين (والله لئن أُقتل خارجاً منها ــ أي مكّة ــ شبر أحبُّ إليّ من أن أُقتل داخلاً منها بشبر)2 ــ3 / 295 ــ وفي جوابه لعبد الله بن مطيع (لئن أُقتل بمكان كذا وكذا أحبُّ إليَّ من أن تستحل في مكّة)3 ـ تاريخ ابن عساكر 4 / 332، وفي رواية ابن قوليه الشيعي (لئن أُقتل على تل أعفر أحب إليّ من أن أقتل بتا)4 ـ كامل الزيارات 72، وفي رواية (لئن أُقتل في شط الفرات أحبُّ إليَّ من أدفن في بفناء الكعبة)5 ـ أيضا 73 ــ وفيه أيضاً (ولئن أقتل في بألطف أحب إليّ! من أُقتل في الحرم)6 ــ أيضا 73 ــ وفي رواية ابن عباس (... يا أخي قد خفت يغتالني يزيد في الحرم فأكون الذي يُستباح بت حرمة هذا البيت)7 ــ اللهوف على قتل الطفوف ص 27 ــوسوف نناقش سند هذه الرواية فيما بعد.

 

الخوف على حرمة الحرم وقدسيته 8ـ مع الحسين في نهضته ص 73 ــ هذا هو الجواب إذن، وفي الحقيقة من الصعب الإذعان لمثل هذا الجواب، فإنّ الحسين عليه السلام لو ترك مكّة لهذا السبب فلماذا تأخّر لأكثر من ثلاثة أشهر في مكّة؟! خاصّة وهو المطلوب للبيعة، وقد شدّد يزيد على الوليد بضرورة أخذ البيعة منه، ومروان بن الحكم كان قد أقترح على الوليد قتله في الحال عندما راح يتعلّل بالتأخير! ثمّ إذا كان خروجه لهذا السبب لماذا اختار الكوفة؟ لماذا لم يهرب إلى اليمن مثلا؟ وإذا صحّت هذه الرواية فربما هي محاولة من الحسين لإخفاء السبب الحقيقي، ألا وهو الوفاء بما كتب إلى الكوفيين، وهو الأمر الذي لم يحبّذه أليه كثير من رجالات مكّة والمدينة، ومن الواضح جداً النبرة الغيبية في رواية ابن قوليه وابن طاووس، فإنّ الجواب قد ضُمِّنَ استشراف الغيب، حيث أن الحسين قتل فعلاً على شاطئ ا لفرات وفي الطف، الأمر الذي يدعو إلى التوقف عند هذه النبؤة، ومن السهولة أن نلاحظ التصعيد الروحي والغيبي في المضمون من رواية الطبري إلى رواية ابن قوليه وابن طاووس.

هناك سبب أعمق وأهم، فإنَّ أهل مكّة رغم احتفائهم بالحسين، لم يكونوا على درجة عالية من الاستعداد الثوري كما يقول المعاصرون، ومعارضتهم كانت ذات طابع وجاهي، كما أنّها في المدينة كانت تنطلق من مركزيّة اجتماعية، لا تحمل صفة الجذريّة والقوّة والحيوية، والحسين قرّر المضي للكوفة بمجرّد أن وافاه مسلم باستعداد أهلها، وإلاّ فإنّ شخصاً كالحسين لا يبالي أن تحترق الكعبة برمِّتها في سبيل حركة إنسانية نيِّرة يكون هو فارسها وبطلها، أن تلكم الروايات تثير الشك بشكل وآخر.

في الحقيقة أنّ هذه الرواية، أي كون الحسين عليه السلام خرج من مكّة حفاظاً على شرف الحرم من الاستباحة والدم المراق تهمل كل ما يمكن إن تعنيه كتب الكوفة إليه، وكل ما تعنيه جوابا ته إليهم، وتلغي تماماً كل خطواته الضخمة بإ رسال مسلم بن عقيل إلى الكوفة من أجل دراسة الوضع هناك.

الرواية في أوج دلالتها هي التي وردت في الطبري (عن أبي مخنف، عن أبي سعد العقيصي، عن بعض أصحابه، قال: سمعتُ الحسين بن علي وهو بمكّة...)، وفي مثل هذه المضامين بل في كل مضمون تاريخي يجب معرفةالسند جيدا، كي تكون الصورة المُستفادة دقيقة ومتينة، ونحن لا نعرف من أين أخذ العقيصي خبره هذا!

الرواية نقرأها في الطبري بصيغة أخرى، فعن عبد الله بن سليم ألأسدي والمذري بن ا لمشمعل ألأسدي أن الحسين قال في جوابه على اقتراح ابن الزبير (أنّ أبي حدّثني أن بتا كبشاً يستحل حرمتها، فما أحب أن أكون ذلك الكبش).

الواضح أنّ الرواية تخفي غمزاً بابن الزبير... هي رواية متأخرة حتما.

أنّ مثل هذه الرواية حيث تتفاوت في الكثير من المضامين، وتختلط في داخلها وتائر الغيب والكرامات والغمز الخفي لا يمكن ألاعتماد عليها في تحقيق إنجاز تاريخي متين.

 

يتبع

 

Link to comment
Share on other sites

Guest ذكرى الحسين (ع) من أجل الناس جمي

ذكرى الحسين (ع) من أجل الناس جميعاً

GMT 8:00:00 2006 الأربعاء 1 فبراير

الوسط البحرينية

 

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

 

منصور الجمري

 

 

هكذا نبدأ موسم العاشوراء كما في كل عام، مناطق وأحياء بكاملها تكتسي بالأعلام السوداء وبالشعارات وبالبرامج التي يتم الإعداد لها منذ شهور عدة. عاشوراء البحرين شهد تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الماضية، إذ تطور لدينا المرسم الحسيني، والجداريات ومعارض الصور، والعروض الإلكترونية المرتبطة بعدة مناطق في آن واحد، والتبرع بالدم، والمسرحيات الشعبية، والمهرجانات، وعدد من الفعاليات الأخرى التي تحرك المجتمع وهو يحيي ذكرى استشهاد الإمام الحسين (ع) في العام 680م.

قبل خمس سنوات، وبعد الانفتاح السياسي، تحركت بعض البرامج لتشمل أبناء الطائفتين الكريمتين، مثل التبرع بالدم والمشاركة في موكب علماء الدين، ولكن سرعان ما خفتت تلك البرامج، على رغم أن المفترض هو إيصال جوهر ومعاني قضية الحسين إلى كل المسلمين، بل إلى كل الإنسانية.

وحالياً، فإن هناك بلداً واحداً، وهو «ترينداد»، يحتفل فيه جميع المواطنين (مسلمون من الطائفتين، ومسيحيون وهندوس ومن مختلف الاثنيات الكاريبية والهندية والإفريقية والصينية وغيرهم)، على رغم أن الشيعة الذين بدأوا ذلك الاحتفال في منتصف القرن التاسع عشر عددهم (حالياً) بالمئات، وهم ينتمون إلى ست عوائل هندية مهاجرة، بينما يشترك عشرات الآلاف في المهرجانات التي تحمل اسم الحسين، وتعتبر المناسبة «وطنية» يستعد لها الجميع.

الحسين قصته ليست للترديد الروتيني، وانما هي لاستخراج المفاهيم المتحركة في النهج الإسلامي المتحرر من القيود الظالمة. فقد توفي الأخ الأكبر للحسين (الإمام الحسن) في 669م، وكان الحسين عاد قبل ذلك إلى المدينة المنورة للعيش فيها في 661م، واستمر به الحال حتى تسلم يزيد بن معاوية الحكم (بعد وفاة أبيه) في 680م. حينها شعر يزيد بأن التحدي لسلطته سيأتي من الحسين بن علي ومن شخصيات أخرى، مثل عبدالله بن الزبير. وهكذا يبدأ الفصل الأول من قضية الإمام الحسين، إذ يرسل يزيد بن معاوية رسالة إلى والي المدينة آنذاك الوليد بن عتبة يأمره بأخذ البيعة من الحسين قبل انتشار نبأ وفاة معاوية بين الناس... الحسين يرد على الوليد الذي استدعاه ليلا «ان مثلي لا يبايع سراً، ولا يجتزأ بها مني سرا، فإذا خرجت إلى الناس، ودعوتهم للبيعة، دعوتنا معهم وكان الأمر واحدا».

إن الحسين يطرح مفهوماً متجدداً للحكم عبر رضا الناس، وبصورة علنية ومن دون التباس، وهذا الطرح يعبر عن جزء أساس من الطرح الديمقراطي المعتمد على رضا الناس ومصارحتهم في الشأن العام. ومثل هذه المفاهيم تتحرك عليها ­ في عصرنا ­ كثير من المجتمعات التي تعيش بمستوى إنساني أفضل، وهي ذاتها التي نقرأها في نصوص قضية الإمام الحسين (ع).

ثم ان الحسين، وعندما يحاول الوالي (وكان معه مروان بن الحكم) ان يفرض البيعة سرا، ويقترح مروان ضرب عنق الحسين إن أبى، يرفض الحسين هذه البيعة رفضاً قاطعاً وبكل صراحة وإباء مستعرضاً خصال يزيد التي لا تؤهله لولاية المسلمين، ويعقب «ومثلي لا يبايع مثله». وبعد ذلك يتسرب خبر موت معاوية وتسلم يزيد الحكم، ويتسرب إلى أهل المدينة المنورة ما حدث بين واليها والإمام الحسين وتبدأ الأوضاع بالتحرك نحو المواجهة التي أصبحت حتمية بعد إصرار يزيد على الحصول على البيعة قهراً أو القتل، فتتحرك فصول الثورة الحسينية لتنتقل من المدينة إلى مكة المكرمة، وبعد ذلك يتحرك نحو الكوفة في العراق، إذ يناديه أهلها للمناصرة، ولكن الجيش الأموي يتحرك ويقلب الأمور ويقطع الطريق على الإمام الحسين في المكان الذي استشهد فيه (كربلاء).

لعل القصة ذاتها تتكرر، لكن المحتوى الذي تحتويه القصة يتجدد بالمعاني، وهي معان عظيمة استلهمها من انفتح عليها، بما في ذلك محرر الهند من الاستعمار، المهاتما غاندي، الذي قال: «تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر»...

Link to comment
Share on other sites

Guest الخميني يطل في الخليج

http://elaph.com/ElaphWeb/Politics/2006/2/125222.htm

In arabic

Interesting article by a Jordanian journalist. The writer is trying to link between Shia's remembering of Imam Husain and Ayatooula Khumaini. He try his best to twist facts that Imam Husain remeberance is over more than 13 centuries .He also tried to make the Amaweed tyrant khaleef innocent of the blood of Imam Husain.

Have a look to the comments !

Link to comment
Share on other sites

تصحيح خطاب الإمام الحسين في ملحمة عاشوراء(3)

GMT 9:45:00 2006 الأحد 5 فبراير

. غالب حسن الشابندر

 

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

 

ولقاءات أُخرى

 

جاء في تهذيب ابن عساكر (ولقيهما ــ أي الحسين وعبد الله بن الزبير وهما في الطريق من المدينة إلى مكّة ــ عبد الله بن عمر وابن عباس وابن أبي ربيعة ــ في طبعة التهذيب خطأ في الاسم شوا لتصحيح في البداية والنهاية 8 / 164 ــ بالأنواء منصرفين من العمرة فقال لهما ابن عمر : إ ذكِّركما الله ألاَّ رجعتما فدخلتما في صالح ما يدخل فيه الناس وتنظرا، فإن اجتمع الناس عليه فلا تشذّا، وإذ ن افترقا عليه كان الذي تريدان، وقال ابن عمر للحسين : لا تخرج فإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خيَّره الله بين الدنيا والآخرة فأختار الآخرة، وإنّك بضعة منه فلا تتعاط الدنيا، فأعتنقه وبكى وودّعه... وقال له ابن عباس : أين تريد بابن فاطمة قال : ا لعراق وشيعتي، قال : أنّي لكاره لوجهك هذا، تخرج لقوم قتلوا أ باك وطعنوا أخاك حتى تركهم سخطة وملّهم، اذكر الله أن تغرِّر نفسك) ــ 19 تهذيب ابن عساكر 4 / 331 ــ وهي رواية ابن سعد ضمن جوامع أحاديثه عن مقتل الحسين ــ ما رواه ابن سعد وهو القسم الأخير من طبقاته غير منشور ولكنّه في تاريخ دمشق ــ

 

ولكن في هذه الرواية ما يلفت الانتباه، ومنها : أنّ هناك رواية أُخرى تفيد أنَّ الحسين غادر المدينة بعد عبد الله بن الزبير بليلة ــ 20 ا لكامل 4 / 16 ــ كما لم تكن في البين أي علائم تشير إلى أنّ الحسين عليه السلام عازم على الذهاب إلى الكوفة وهو يبرح المدينة، ولغة إ بن عباس كانت جافّة مع الحسين عليه السلام فيما المعروف عنه التلطّف والتواضع مع الحسين، فإنّ ذلك جزءً من علاقته الحميمية بعلي بن أبي طالب عليه السلام. ولكن ابن إلا سير يشكك بهذه الرواية (وقيل أنَّ ابن عمر كان هو وابن عباس بمكّة، فعادا إ لي المدينة، فلقبهما ا لحسين وأبن الزبير فسألاهما : ما ورائكما ؟ فقالا موت معاوية وبيعة يزيد، فقال إ بن عمر : لا تفَّرقا جماعة المسلمين... وقدم ــ أي ابن عمر وابن عباس ــ ا لمدينة) 21 ــ الكامل 4 / 17 ــ

 

فإبن الأثير صدّر الرواية بـ (قيل)، أي بلغة التمريض، ونقرأ في (الإخبار الطوال) للدينوري (وأمّا عبد الله بن عباس فقد كان قد خرج قبل ذلك ــ أي قبل خروج الحسين المدينة إلى مكّة ــ بأيام إلى مكّة) 22ــ ص 218 ــ وينبغي أنّ لا يغرينا في قبول ذلك رواية صاحب البداية والنهاية ــ 8 / 150 ـــ لأنّه رواها عن ابن سعد أيضاً، أي عن صاحب الطبقات الكبرى، كذلك رواية الفتوح مع العلم ـ كعادته ــ أضاف زيادات كثيرة على أصل النص ــ الفتوح 5 / 24، كذلك رواية مقتل الخوارزمي 1 / 189، مع العلم ان الخوارزمي يعتمد كثيراً على الفتوح ــ.

إنّ كل هذه المقتربات تجعلنا نشكُّ شكاً عميقاً بهذه الرواية.

 

رواية (غيبيِّة !)

تروي بعض المصادر أنّ الحسين قبل خروجه إلى مكّة زار قبر جدِّه رسول الله، وقد اتخذ هذا الخبر مزيدا من التصعيد في المضمون .

في الطبري (قال أبو مخنف : وحدّثني عبد الملك بن نوفل بن مساحق، عن أبي سعيد المقبري، قال : نظرتُ إلى الحسين داخلاً مسجد المدينة وأنّه ليمشي وهو معتمد على رجلين، يعتمد على هذا مرّة وعلى هذا مرّة، وهو يتمثل قول ابن المفزع :

لا ذعرت السّوام في فلق الصب ح مغيرا ولا دُعيتُ يزيدا.

يوم أُعطي من المهابة ضيما والمنايا يرصدني أن أحيدا.

قال : فقلتُ في نفسي : والله ما تمثّل بهذين البيتين إلاّ لشيء يريد، قال : فما مكث إلاّ يومين حتى بلغني أنّه سار إلى مكّة) 23 ــ 6 / 261 ــ رواه بهذا السند البلاذري في الأنساب ورواه صاحب البداية والنهاية (قال الزبير بن بكار : وحدّثني محمّد بن الضحاك، قال : لما أراد ا لحسين الخروج من مكّة إلى الكوفة مرّ بباب المسجد وقال ...) 24 ــ البداية والنهاية 8 / 167 ــ

 

الزبير بن بكّار توفي سنة 256 للهجرة، وروايته على هذا الأساس مرسلة، إذا عمره بلغ أربعاً وثمانين سنة، وهذا يعني انّه مولود سنة 172 للهجرة 25 ـ تهذيب التهذيب 3 / 580 ــ فإلى أي مدى يمكن أن يمتّد عمر الضحاك حتى يكون حاضراً الواقعة المذكورة؟ وأمّا رواية الطبري ففي سندها (عبد الملك بن نوفل بن مساحق) وهو وإن كان راوية معروفاً لدى الطبري وغيره، وهو أحد مصادر أبي مخنف، ولكن لم يوثّقه أحد غير (ابن حبّان)26 ــ نفس المصدر ــ وفي توثيق هذا الأخير نظر فيما إذا تفرّد به، وذلك عند معظم الرجاليين، على أن (المقبري) يقول أن الحسين تمثّل بهذين البيتين في المدينة، وهو يروم الخروج إلى مكّة، فيما رواية الزبير بن بكّار إنّه تمثّلها في مكّة، ومهما يكن من أمر فإن فحوى رواية الطبري : أنّ سيدي وأمامي الحسين عليه السلام كان خائفاً من القتل، وهذا طبيعي لأنه لم يبايع، وكان مروان بن الحكم قد اقترح على الوليد قتله لو لم يبايع، وكانت رسالة يزيد بن معاوية إلى الوليد تحمل هذا المعنى، فيما نرى بعضهم يحمّلها بُعداً غيبيِّاً يتصل بالطف ومأساة عاشوراء !

 

هذه الرواية تصاعدت وتيرتها في مصادر أخرى، ففي رواية ابن أعثم الكوفي أن الحسين زار قبر جدِّه مرّتين، وقد خاطب الرسول في الإ ولى (السلام عليك يا رسول الله، أنا الحسين بن فاطمة، أنا فرخك وابن فرختك وسبطك في الخلف الذي خلّفت على أُمتك ، فاشهد عليهم يا نبيّ الله أنّهم خذلوني وضيعوني وإنهم لم يحفظوني، وهذه شكواي إليك حتى ألقاك ...)27 ــ الفتوح 5 /19 ــ وفي الثانية قال (اللهم أنّ هذا قبر نبيّك محمد وأنا ابن محمّد وقد حضرني من الأمر ما قد علمت، اللهم وأني أحب المعروف وأكره المنكر، وأنا أسالك يا ذا الجلال والإكرام بحق هذا القبر ومنْ فيه، ما اخترت من أمري هذا ما هو لك حتى ترضى) 28 ــ نفس المصدر والصفحة ــ ونعود للقول إن رواية ابن اعثم تحتاج إلى تروّي كثير، فان روايته عارية من السند وهو شديد على الأمويين ، كما يغلب عليه (الطابع الروائي السردي بصورة عامّة) ـ29 الحجاز والدولة الإسلامية لبيضون ص 22 ــ ويتابع صاحب (الفتوح) كلامه هنا، فيدّعي أن ا لحسين أخذته إغفاءة على القبر، وأن رسول الله جاءه في عالم الرؤيا وقصّ عليه مأساة كربلاء بكاملها وموضوع الجنّة التي تنتظره 30ــ الفتوح 5 /20 ــ ثمَّ جاء الخوارزمي ونقل كلام ابن أعثم ــ مقتل الخوارزمي 25 1 / 186 ــ ثمّ جاء صاحب البحار ليكرّر العمل ذاته، وهكذا من مصدر لمصدر... وهناك زيادات أخرى في المضمون والمحتوى وردت في منتخب الطريحي، وناسخ التواريخ، وغيرها من الكتابات المتأخرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

 

يتبع إن شاء الله

 

 

الحلقة الأولى

 

الحلقة الثانية

Link to comment
Share on other sites

تصحيح خطاب الأمام الحسين في ملحمة عاشوراء(4)

GMT 9:45:00 2006 الثلائاء 7 فبراير

. غالب حسن الشابندر

 

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

 

مع محمّد بن الحنفية

تروي بعض المصادر أنَّ حواراً دار بين سيد الشهداء الحسين ومحمّد بن الحنفية، وإنّ أخاه نصحه بعدم الخروج الى مكّة وإلاّ عليه ان يختار اليمن 31 ــ الطبري 6 /261 طبع دار الفكر ــ ولم ترد في المصادر الموثوقة أيّ إشارة الى الكوفة في هذا الحوار، نعم، هناك حوار أخر جرى بينهما في مكّة، حيث كان رأي محمّد بن الحنفية سلبيِّاً في قرار الحسين كما سنرى، ويروى أن الحسين كتب رسالتين الى محمّد بن الحنفيِّة قبل ان يبارح المدينة الى مكّة.

 

الرسالة الأُولى

بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به الحسين بن علي بن أبي طالب إلى أخيه محمّد المعروف بإبن الحنفية، أن الحسين يشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأنّ محمّداً عبده ورسوله... وإنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً، ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب وسيرة الخلفاء الراشدين المهديين، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن ردَّ عليَّ هذا أصبر حتّى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين، وهذه وصيتي يا أخي اليك، وما توفيقي إلاّ بالله وإليه أنيب) 32 ــ الفتوح 5 23 ــ هذا ما أورده صاحب الفتوح أي أعثم الكوفي، وذكره إبن شهراشوب في المناقب، والخوارزمي في مقتله وغيرها مع حذف (وسيرة الخلفاء الراشدين المهديين )، فصاحب الفتوح هو المصدر الأول للروية، ولكنّها بدون سند!!

الغريب أنّ هذه الرسالة على أهميتها لم ترد في المصادر التاريخية المعتبرة، كالطبري والمسعودي وا لكامل والأخبارالطوال وأنساب الأشراف والأمامة والسياسة والمحبّر وإبن خياط وإبن عساكر والكامل والبداية والنهاية والأرشاد للشيخ المفيد وغيرها من الأسفار التاريخية المهمّة، ومن الصعب جداً أن يهملها رواة الثورة الحسينية، وهي رسالة تنطوي على أهمية بالغة. وفي الحقيقة سواء كانت هذه الرسالة موثقة أم ليست موثقة، فأن رسالة الحسين كانت الإصلاح، إصلاح هذه الأمة التي سلمت قيادها طوعا أو كرها للطاغية يزيد.

 

الرسالة الثانية

في بصائر الدرجات (أيوب بن نوح، عن صفوان، عن مروان بن إسماعيل، عن حمزة بن حمران، عن أبي عبد الله عليه السلام: قال: ذكرنا خروج الحسين عليه السلام وتخلّف محمّد بن الحنفية، فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا حمزة إنّي سأخبرك بحديث لا تسأل عنه بعد مجلسك هذا، إنّ الحسين عليه السلام لمّا فتل متوجّها، دعا بقرطاس وكتب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم: من الحسين بن عليه بن أبي طالب إلى بني هاشم، أمّا بعد: فإنّ منْ لحق بي منكم أُستشهد، ومن تخلّف لم يبلغ الفتح والسلام)33 ــ المصدر 481 ح 5 والخرائج والجرئح 2 /771 ــ

في السند: حمزة بن حمران لم يوثّق، وقد وثّقه بعضهم لرواية (صفوان) عنه، وذلك أحد المعايير المرتبكة في التوثيق 34 ـ المعجم 6 / 266 ــ ومروان بن إسماعيل له ترجمة في الكتب الرجالية، كما انَّ هناك إختلافاً في مصادر الرواية حول ظرفها الزماني والمكاني، فبعضها يقول: كان ذلك لمّا توجّه من المدينة ا لى مكّة، وأخرى تدّعي أن ذلك كان عندما تحرّك من مكّة إلى العراق ـ 30ا لدوافع الذاتية لإنصار الحسين ص 135 الهامش ــ فضلاً عن عدم تعرّض المصادر المهمة للرسالة ا لمذكورة.

ولكن كتاب (بصائر الدرجات) للصفار لم يصل إلى المجلسي بطريق معتبر، بل (وجادة)، وهذه مشكلة كبيرة ليس بالنسبة لهذه الرواية بل بالنسبة للكتاب كله، ولي قراءة مطولة عن كتاب (بصائر الدرجات) سأنشرها في الوقت المناسب أن شاء الله.على أن الغريب حقا أن محمد بن الحنفية ولا ولديه لم يلتحقوا بسيد الشهداء!!!

 

ورواية أخرى مشكوكة

وفي كامل الزيارات (حدّثني أبي وجماعة من مشايخي عن سعد بن عبد الله بن أبي خلف، عن محمّد بن يحي المعاذي، قال: حدّثني الحسين بن موسى الأصم، عن عمرو بن شمر الجعفي، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن محمّد بن علي قال: لمّا همَّ الحسين بن علي عليه السلام بالشخوص عن المدينة أقبلت نساء عبد المطلب، فاجتمعن للنياحة ، حتّى مشى فيهن الحسين عليه السلام، فقال: انشدكن الله أن تبدين هذا الأمر معصية لله ورسوله) وتستمر الرواية فتتحدّث عن مجيء عمّته أم هانئ وتروي عن سماعها للهاتف يقول:

وأن قتيل الطف من آل هاشم أذلَّ رقاباً من قريش فذلّت

حبيب رسول الله لم يكن فاحشاً أبانت مصيبته الأنوف وخلّت

ويتدخل الحسين عليه السلام ليصحِّح بعض المفاهيم التي جرت على لسان أم هانيئ... وتُختَم الرواية برثائية لاُم هانيء بحق الحسين ومصيره المحتوم.

في السند: عمرو بن شمر الجعفي، من أشدّ المغالين المشهورين بالضعف والوضع، كذلك الحسن بن موسى الأصم، فهو مسكوت عنه 35ــ معجم الرجال 6 / 98 ــ

الرواية تنطلق من إستباق غيبي لإستشهاد الحسين عليه السلام، فهي مصنوعة من أجل توكيد وتجذير هدف قبْلي سابق.

 

تقييم مشكوك

ويروي إبن عساكر (... وأتاه أبو بكر بن عبد الرحمن بن حارث بن هشام فنصحه وحذّره الخروج وذكّره بغدر أهل العراق، فشكره الحسين وقال له: مهما يقضي الله من أمر يكن...) 36 ــالمصدر 4 / 333 ــ

والذي أراه انّ هذه النصيحة أنْ صحّتْ ففي مكّة وليس في المدينة، لانّه لم توجد أي علامة أو إشارة تكشف عن وجود رغبة أو نيّة لدى الحسين عليه السلام في التوجّه الى العراق، على انّ تقييم عبد الرحمن هذا للعراقيين محل نظر، لانّ الرجل كان من فرسان الجمل، يحمل ذكريات سلبية مرّة عن أهل الكوفة، وكان من المقرّبين جداً لعائشة رضي الله عنها، وأنها قالت: (لئن أكون قعدت عن مسيري الى البصرة من أن يكون لي عشرة أولاد من رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل عبد الرحمن بن حارث...) 37ــ طبقات إبن سعد 5 / 6 والمنتظم لابن الجوزي 5 / 88 ــ

 

وتقييم آخر مشكوك!

يروي ابن عساكر أيضاً أن المسوّر بن مخرمة كتب الى الحسين (أياك أن تغترّ بكتب أهل العراق ويقول لك إبن الزبير: إلحق بهم فإنّهم ناصروك، وأياك أن تبرح الحرم، فأنهم أن كانت لهم بك حاجة فسيضربون إليك أباط لإبل، حتى يوافوك فتخرج في قوّة وعدة، فجزاه خيرا، وقال: أستخير الله في ذلك) 38 ـ المصدر 4 /332 ــ

ورواية إبن سعد التي أخذها إبن عساكر هنا، وإنْ كانت توحي انّ هذا الأمر قد حصل في المدينة إلاّ انّ لحن الرواية يفيد انَّ ذلك إنّما كان في مكّة، وأن المسوّر بن مخرمة لابد وإنّه علم بنيِّة الحسين على الخروج من مكّة الى العراق، ومهما يكن من أمر فأنّ تقييم المسوّر للكوفيين هو الآخر محل نظر، لأنَّ الرجل كان من الوافدين على معاوية بن أبي سفيان بل أذا سمع أسم معاوية (يصلي عليه)39 ــ سير أعلام النبلاء 3 / 392 ــ

وهو المسؤول عن تلكم الرواية التي تدّعي أنّ عليَّاً عليه السلام أراد ان يخطب بنت أبي جهل، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم على علي وهاجه أمام المسلمين 40 ــ نفس المصدر 3 /392 ــ وعليه فإنّ ضمير المسور هذا مملوء أو مشحون سلبيّا ضد أهل الكوفة، ومن الغريب أنَّ المسوّر بالوقت الذي يحذّر فيه الحسين من الإصغاء لابن الزبير كان يعيش في كنف عبد الله بن الزبير في الحجاز، بل كان أحد مرتكزاته السياسية، ومراجعه المهمة’ في إتخاذ مواقفه فـ (عن عطاء بن يزيد قال: كان إبن الزبير لا يقطع رأياً دون المسوّر بمكّة) 41 ــ نفس المصدر 3 /393 ــ ويُقال أنّه هو الذي صلّى على عثمان بن عفان 42 ــ تاريخ الخليفة إبن خياط ص 105 ــ

لا استبعد ان هذه الروايات التي تنطوي على تحذير بعض الشخصيات المهمة الحسين من الخروج الى الكوفة مصطنعة للدفاع عن هذه الشخصيات بالذات ، وذلك بغية تحقيق اكثر من هدف، الاوّل هو تبرير تقاعس هذه ا لشخصيات عن نصرة أمامنا الشهيد الحسين، فهم كانوا عارفين بالنتيجة، وهم قد حذّروه من الخروج الى الكوفة لما يمتلكون من خبرة سياسية عن الوضع هناك، وبهذه الطريقة لم يعد هناك مجال لاتخاذ اي موقف ناقد تجاههم،بل العكس هو الصحيح، فإن مجال لوم الحسين عليه السلام ـ في المنطق السياسي العادي، ومنطق الناس آنذاك ــ هنا وارد، لا ن عليّة القوم من ذوي الحصافة السياسية والخبرة باوضاع المجتمع آنذاك كانوا قد كشفوا له عن الحقيقة، ولكن الحسين لم يسمع نصيحة القوم، فهو الذي يتحمّل نتيجة إصراره وعدم سماعه لهذه النصائح التي ادلى بها عبد الله بن عمر والمسور وعبد الله بن المطيع وغيرهم! خاصّة أن تحذيراتهم إنطلقت من واقع كانوا يصرون على توضيحه كاملا، وقد اسدوه صراحة وبلا مواربة، فهل تبقى فرصة لادانة هؤلاء المتخلفين عن النصرة ؟

أنّ تقييمات هؤلاء لأهل الكوفة ــ إنْ صحّت ــ تنبع من ذكريات مرّة لهم مع علي بن أبي طالب ومن ثمّ مع أهل الكوفة تبعاً ، وقد توارث الناس هذه التقييمات بالنقل الأعمى خاصّة على لسان قراء المنبر الحسيني، فتحوّلت إلى شبه عقيدة سارية مع الأيام، وليس من شك كانت هناك محاولات جادّة لتشويه سمعة وتاريخ الكوفيين، وذلك إمعاناً بالحقد على علي بن أبي طالب من طرف خفي، فالمقصود هو الرمز قبل كل شي. وسوف نتعرض إلى مسؤولية دم الكوفيين عن الدم الحسيني بالتفاصيل، ولا حول ولا قوة ألا بالله.

 

يتبع

Link to comment
Share on other sites

Guest قضية الحسين: تحقيق في مواقف بعض

http://65.17.224.235/ElaphWeb/ElaphWriter/2006/2/126835.htm

قضية الحسين: تحقيق في مواقف بعض كبار زمانه

GMT 9:00:00 2006 الخميس 9 فبراير

. غالب حسن الشابندر

 

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

 

نظرة وتحقيق في بعض المواقف

Link to comment
Share on other sites

Guest قضية الحسين: مشكلة الكسر والجبر

قضية الحسين: مشكلة الكسر والجبر في الخبر التاريخي!!

GMT 7:00:00 2006 الأحد 12 فبراير

. غالب حسن الشابندر

 

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

 

رابعاً: الكسر والجبر في الخبر التاريخي

 

تروي بعض المصادر موقفاً غير الذي سبق لعبد الله بن عمر من الحسين وحركته، أي غير ذلك الذي مضت الإشارة إليه، حيث يحوم حوله بعض الشك لأسباب سندية وروائيِّة كما بيّنا.الموقف الجديد كما تروي هذه المصادر كان في مكّة بالتحديد، أو في طريق سيدنا وأمامنا الحسين إلى العراق، وأقدم مصدر نلتقي به في استفادة الموقف المذكور هو الفتوح لأبن أعثم الكوفي، فيقول هذا المؤرخ ــ ويشكك بعضهم بصفته التاريخية ــ ان الحسين عندما حلَّ مكَّة ا لمكرٍّمة كان فيها كل من عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس، وأن الأول دخل على الحسين وألح عليه بالعودة إلى المدينة، مذكِّراً أيِّاه بسوء أخلاق بني أُميَّة وقسوتهم وظلمهم، ويذكر المصدر أنَّ الحسين عليه السلام حذَّر عبد الله بن عمر من عدم نصرته، وممّا قال له في هذا الخصوص (إنَّ من هوان الدنيا على الله أنّه أُتي برأس يحي بن زكريا عليه السلام إلى بغي من بغايا بني إسرائيل، والرأس ينطق بالحجّح عليهم، أما تعلم أبا ا عبد الرحمن إن بني إسرائيل كانوا يقتلون ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس سبعين نبيا؟ ثمَّ يجلسون في أسواقهم يبيعون ويشترون كلهم كأنهم لم يصنعوا شيئا ً، فلم يُعجَّل عليهم، ثمّ أخذهم بعد ذلك أخذ عزيز مقتدر، أتق الله أبا عبد الرحمن ولا تدعن نصرتي واذكرني بصلاتك، فو الذي بعث جدّي محمّداً صلى الله عليه وسلم بشيراً ونذيراً، لو أنّ أباك عمر بن الخطاب أدرك زماني نصرني كنصرته جدي، يا ابن عمر! فإن كان الخروج معي يصعب عليك ويثقل فأنت في أوسع العذر، ولكن لا تتركنَّ لي الدعاء في دبر كل صلاة) 51ــ5 / 25 ــ

 

إنّ ابن أعثم لم يبيّن لنا مصدره في استفادة هذا الحوار بين الحسين وعبد الله بن عمر، وهو حوار مرفوض بطبيعة الحال ولو في بعض أجزائه لدى المؤرخين الشيعة من ذوي الاتجاه الصلب، لأسباب لا أظنها خافية، ومن هنا استغرب أن يستشهد بعض الشيعة بهذا النص، حيث يحذف بعضهم النصرة التاريخية من قبل عمر للرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، تماماً كما يحذفون الاستشهاد بسيرة الخلفاء الراشدين في بيان الحسين الأول (إنّما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي...)، ومن سخريّة القدر أن كلا الروايتين يرويهما ابن أعثم هذا، وهو حريص من خلال سرده (الحكاواتي) على تمتين العلاقة وتجسيرها بين الحسين والخلافة الراشدة بشكل وآخر، ممّا قد يشي عن هدف أخلاقي مُضمر في أعماق الرجل.

 

الرواية تتشكَّل من كسر وجبر، فإن بداية الرواية تحمل إدانة صريحة لعبد الله بن عمر فيما إذا لم ينصر الحسين عليه السلام، ولكن هذا الكسر تمّ جبره، فعبد الله بن عمر يمكنه أنْ يعوّض عن هذا التقصير بالدعاء، وبذلك تكون المعادلة قد تأسست على عنصرين متكافئين بدقة متناهية، ومؤسِّس المعادلة هو الحسين عليه السلام، إذْ جاء الكسر والجبر على لسان الحسين بالذات! وبهذا تتّضح المحاولة العلاجية المصنوعة، ولكن لا ننسى أنّ الرواية شرّعت مجال التبرير على أوسع أبوابه، فإن فرصة الاعتذار متوفّرة، فالحسين قال لابن عمر بأنّه في أوسع العذر فيما كان خروجه مع الحسين صعبا، وقد جاء ذلك على لسان الحسين هو الآخر!

الكسر والجبر في الخبر التاريخي (فن) دقيق، يلجأ إليه في كثير من الأحيان المؤرّخون ذوي النزعة التوفيقية انطلاقا في كثير من الأحيان أيضا من تبريرات عقدية، والخبر الذي مضى من نماذج هذا الفن الدقيق، وكان الراوي الكبير ابن مخنف دقيقا في الاستفادة من هذا الفن في تعرضه لأحوال سيدنا علي بن الحسين في حضرة عبد الله بن زياد، كما سوف نأتي على تفصيله إن شاء الله تعالى.

 

إنًَّ عبد الله بن عمر هنا (تموضع) في نقطة وسط، من الصعب إدانته ومن الصعب مدحه، ولا شك انّ كونه من التابعين وابن صحابي معروف من دوافع رسم هذه المعادلة الحذرة.

إنّ مثل هذه الرواية لم ترد في المصادر الأخرى، بل هناك روايات من جنس أخر، ففي تاريخ ابن عساكر المتوفي سنة 571 للهجرة نقرأ (أخرج البيهقي، عن الشعبي: لما قدم ابن عمر المدينة أُخبر أنَّ الحسين قد توجّه إلى العراق، فلحقه على مسيرة ليلتين أو ثلاث من المدينة، فقال أين تريد؟ ومعه طوامير وكتب. فقال لا تأتهم، فقال: هذه كتبهم وبيعتهم، فقال: إنّ الله عزّ وجل خيّر نبيه بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة، ولم يرد الدنيا، وأنكم بضعة نبيكم وأمته، لا يليها أحد منكم أبدا، وما صرفها الله منكم إلاّ للذي هو خير منكم فارجعوا، فأبى، وقال: هذه كتبهم وبيعتهم، فاعتنقه أبن عمر، وقال: أستودعك الله من قتيل، وكان ابن عمر يقول: عجّل الحسين قدر، والله لو أدركته ما كان ليخرج إلاّ أن يغلبني، ببني هاشم فتح وببن هاشم ختم، فإذا رأيت الهاشمي قد ملك فقد ذهب الزمان)52 ــ4 / 332 ــ

 

مقارنة بسيطة بين رواية ابن أعثم ورواية ابن عساكر عن البيهقي تكشف عن خلاف كبير في المكان والزمان والمضمون، على أنّ التدقيق في رواية الشعبي توحي بأنّ الحسين محل اتهام ونقد ولوم، وانّ عبد الله بن عمر كان ثاقب الرؤية صوفي الموقف، وبالتالي فالرواية بمثابة دفاع باطني عن عبد الله بن عمر، في حين رواية ابن اعثم الكوفي تحاول أن توازن، أي تعتمد فن الكسر و الجبر!

 

الرواية عن الشعبي موجودة في النهاية والبداية أيضا 8 / 162، وهناك مفارقات أخرى أيضا، ولكن حصيلة الرواية إن الحسين كان على خطأ في قراره الذهاب إلى العراق، وأن عبد الله بن عمر كان ثاقب الرأي، يستطلع الغيب بدقة ومعرفة، على أنّ الشعبي كان زبيريِّاً ثم صار أمويِّاً، ولم ينصر الحسين عليه السلام، وله روايات سلبيّة في علي، وكان نديما للخلفاء أتهمه الجاحظ بالسرقة، فربما اختلق هذا الحوار ليبرّر موقفه المتخاذل، هذا ورواية ابن عساكر وابن كثير منقطعة السند كما هو واضح.

 

المعالجة الواقعية

لقد كان هؤلاء وغيرهم على خلاف في الرأي مع الحسين في خصوص ذهابه إلى الكوفة، بعضهم مع إصراره على عدم البيعة، ولكن من دون الصدام بالسلطة، وإذا كان لابدّ من ذلك فليختر غير الكوفة، وكانت حجّتهم ترتكز على التجارب السابقة، إلاّ أن الحسين كان ومن خلال إجاباته المتعددة لم يذكر أهل الكوفة بسوء، مشيراً إلى كتبهم ورسائلهم، ممّا يشي بأنّه غير مقتنع باعتراضاتهم وتصوراتهم عن الكوفة وأهلها والمسير اليها، يبدو كان قد اتخذ قراره النهائي، وهو ينطلق من تقييم مسلم بن عقيل، ومن حب الكوفيين لأبيه وأخيه، ومن رسائلهم ودعواتهم، وقد أختصر الحسين كل ذلك في جوابه لابن عباس، وهو جواب أورده المسعودي وكثيراً ما يغفله بعض الكتّاب من ذوي الاتجاه الديني الذين يرون نظرية القرار المُسبَق بالشهادة (... إنّي لأعلم أنّك لي ناصح وعليَّ شفيق، ولكن مسلم بن عقيل كتب لي بإجماع أهل المصر على بيعتي ونصرتي وقد أجمعت على المسير إليهم ...) 53 ــ المسعودي 3 / 55 ــ

 

هذا هو الجواب الطبيعي الذي ينسجم مع مجريات الواقع ومعطيات الأوضاع في ذلك الوقت، وتُوْعَز أجوبة أُخرى للحسين عليه السلام سبق وأن استعرضناها، وهي ــ إنْ صحّت ــ ذات طابع فنّي، أي أراد الحسين بها سدَّ الطريق على إلحاح وإصرار المُعترضين، وذلك كأن يعدهم النظر في قولهم، وأحياناً يمتدح نصحهم، ولكنّه في الوقت نفسه يؤكد عزمه الذهاب إلى الكوفة ، ومرّة يعلّل ذلك خوف استباحة الحرم، وهو تعليل كما قلتُ لا يبرّر جهة العزم وصوب الحركة، إذ كان في مقدوره أن يختار اليمن، فهي أكثر أمنا، ثمَّ هي روايات تستبطن إدانة ابن الزبير بشكل وأخر، ممّا يدعونا إلى التوقّف، ألاَّ أنّه في حقيقة الأمر كان يريد أن يلتفَّ بشكل وآخر على الرغبة المانعة لدى (الناصحين!)، فهو اقتنع بتقييمات مسلم بن عقيل، إضافة إلى كتب الكوفيين السابقة، فالخروج كان نيَّة مسبقة، وهؤلاء أمله في مشروعه الذي كان ينتظر الفرصة السانحة.

 

يتبع

 

Link to comment
Share on other sites

  • 4 weeks later...

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
Reply to this topic...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...
×
×
  • Create New...