Jump to content
Baghdadee بغدادي

الفكر الشيعي والحرب في لبنان


Recommended Posts

الحرب في لبنان تضع الفكر الشيعي أمام مفترق طرق، فاذا ما تم تدمير حزب الله في هذه المعركة فانه يعني ضربة قاصمة للفكر الشيعي وتوجهاته ونظرياته، والعكس تماما لو ان حزب الله استطاع الاستمرار في المقاومة، فانة بلا شك فان الحركة الشيعية سوف تقوى وتتجذر، ليس فقط في لبنان وانما سوف تؤثر على كل المنطقة

 

ان الفكر السيعي الان يمر في حالة حاسمة، ولهذا فانه يدفع بكل ما لديه من قوة للاستمرار في مقاومة الجيش الاسرائيلي ويبذل كل طاقاته لانجاح هذه المقاومة، لانه يعرف مسبقا بأنها معركة حياة او موت ، ولا مجال للحل الوسط فاما ان يُـنـهي واما ان يَنتَهي، ، وهذا هو امتحانه الصعب الذي يمر فيه الان

 

 

Link to comment
Share on other sites

لا اعتقد ام حزب الله اللبناني يمكن ان يمثل الفكر الشيعي برمته وخصوصا ام هذا الحزب نرتبط تماما مع الفكر الايراني المتبني لنظريه ولايه الفقيهه والتي لا تمثل الفكر الشيعي الحقيقي والممتد الى اكثر من الق واربعمائه عام

نعم يمكن ان يسبب ضررا فادحا للقكر الشيعي المتخذ من ولايه الفقيه منهجا وعملا

Link to comment
Share on other sites

المثقف الشيعي في عين العاصفة (1): جذور الألم

GMT 21:45:00 2006 السبت 12 أغسطس

غالب حسن الشابندر

 

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

 

نقصد بالمثقف منتج الأفكار، الذي يخلق ويؤسّس لرؤى وتصورات، المفكر، والفنان، والشاعر، والمخرج، والقاص، والسياسي الجاد، والناقد، والباحث، والصحفي، ولأننا لا نتقيد بتعريف جامد، ولأننا بفعل المنظور الحيوي للإسلام تجاه الحياة، نتعامل مع الواقع بمساحته العريضة، ولأننا جزء من هذا الكيان (البشري ـ العقدي) الذي أصطبغ بدم مباح على مدى زمن يستوعب مئات الأجيال لا لسبب منطقي، ولأننا جزء من كيان تشرَّب بروح محمّد المشرقة بجمال الإنسان، وبروح علي المفتونة بالعدل، وبروح السجاد المشتعلة بنور التسامح، وبروح الحسين المتألقة بمعاني التضحية من أجل القيم... لأننا جزء من كيان (بشري ــ عقدي) تمخّض عن معاناة علمية ودموية وفكرية وسياسية وأخلاقية... ولأن منطق العلم الاجتماعي يتجاوز التعريف المحدود، التعريف الجامد... بسبب كل هذه المقتربات نمدّ بمصطلح المثقف الشيعي ليشمل كل شيعي يحمل رؤية، شريطة عدم اصطدامها بثوابت الدين الحنيف، وعدم انطوائها على نزعة تكفيرية عدوانية، فإننا جزء من التاريخ العام للإنسانية، لا ندعي أسبقية على أحد، كما هي فلسفة التكفيريين، الذين حصروا حق الحياة بآحاد من البشر . ولا نكتم حقيقة نفتخر بها، ذلك أن المسلم الشيعي تميّز بالإبداع، قراءة للواقع الفكري و الثقافي و الفني في العراق ولبنان وسوريا والبحرين و الكويت تبدي هذه الحقيقة ساطعة.

المثقف الشيعي ينتمي إلى هذا الكيان (البشري ــ العقدي) بشكل عام، ملتحم بالعالم في ضوء قيم السماء كما هي منظومة في أسفار المسلمين المقدسة، وفي مقدمتها القرآن، يتعامل مع الآخر بميزان الأخوة في الدين أو النظارة في الخلق كما ورد عن علي بن أبي طالب.

هذا المثقف ـ وبلا تفصيل ــ عانى من القمع، عانى من التهميش، عانى من الرفض، ليس لسبب منطقي سوى هذا الانتماء، سوى هذا التاريخ الموروث الذي نعتبره رحمة، هذا القمع ليس بدعا في زمن الحكومات الوطنية، بل هو وريث تاريخ معقد، تاريخ ممتّد، وذلك كجزء من عملية حذف مستمرة، لن تقف لحظة واحدة، أما بالقوة أو بالفعل، مختمر في المخفي من ذات الآخر (الأخ العَقَدِي)، يظهر ويشتد في أي مفارقة زمنية تخالف المألوف عبر هذا التاريخ الذي يسمونه تاريخ الإسلام!

هذا المثقف الشيعي يعيش مستويات مخيفة من الغربة، من الاستلاب، من العزلة الداخلية، من القهر الخفي... كان وما زال غريبا عن السلطة، يخافها، يخشى سطوتها، يخشى شرطها، أوراقها، دروبها، ينتمي إليها وفي داخله هاجس الطرد، هاجس القتل، هاجس المراقبة، فهو شيعي!

هذا المثقف الشيعي عانى غربة قاسية في ظل فهم خاطئ لمعنى الدين الحنيف، بسببه أهمل، وضيِّع، وغيِّب، لأنّه يقول شعراً وهو ممِّا يُلْهي، ولأنّه يحمل في يده فرشاة يخطِّط بها على الخامات الميتة تقاسيم الأحياء وذاك مشكل، ولأنّه يخرج على المسرح يلوِّح بشخصية (منسوخة) وتلك كذبة، ولأنه يمارس الدعوة إلى الحرية وتلك لعبة شيطانية لا ندري مصيرها... فكان المثقف الشيعي نهبا لذاك اليسار وذاك اليمين!

هذا المثقف الشيعي ــ بشكل عام ــ مجموعة نقاط تفصل بينها مسافات من التردد والقلق والحيرة والتمزّق والتشرذم، فإمَّا يضحِّي بالحياة الساخنة بالحضور الحي، الحضور ذي الفاعلية في توجيه التاريخ، يركن إلى النسيان، نسيان التاريخ، وإمَّا ينتمي إلى دوائر التضحية الصارخة، التضحية من أجل التضحية، وإمّا ينساق مع تيار الحياة الكسولة، وإمّا يتحول إلى مثقف سلطة تنتقم من أهله وطائفته قبل أن تنتقم من أعدائها في الشرق أو الغرب أن كان لها عدو هنا وهناك!

ويبقى انتماؤه لطائفته مجرد عنوان، رغم أنّ هذا العنوان هو سبب المأساة.

تتميّز غربة المثقف الشيعي بطابع التغطية الشمولية لكل أبعاد قدره الوجودي، من علاقته بذاته المنكسرة بين يدي مصادرة سابقة محكوم عليها بالثبات مهما كانت الأدلة المضادة قوية دامغة، ومن علاقته بتاريخ حاقد مشوّه مكذوب يقرأه رغماً عنه، ومن علاقته بسلطة نافية قاهرة، ومن علاقته ببعض رموزه الروحية التي نسته وتجاهلته عن قصد أو عن جهل، ومن علاقته بمعرفة مستلبة يتغذى عليها من حيث لا يشعر (الله أرزقنا الهم والفقر وارزق أعداء آل محمد الغنى والولد!)، وهي مكذوبة على إمامنا الصادق حتما.

إنّها مجرّد بداية!

وفي هذه الأيام حيث تهاوت الحدود بين الثقافات، وحيث يستعر المشهد الإنساني بالخبر من أقصى المعمورة إلى أقصاها، وحيث تجتاح ثقافة الفرد العالم، وحيث تضج الحناجر البشرية بأنشودة الديمقراطية، وحيث تتناوب الأفكار لتكسح بلادة دكتاتورية الأفكار والحكم والتسيُّد الموروث، وحيث تنتشر ثقافة السوق الحر... في هذه الأيام ينتبه المثقف الشيعي إلى ذاته، ينتبه إلى حقه بالحياة، وحقه بالصوت الذي يعبر عن هذه الذات. وللحقيقة والتاريخ، وبالتفاعل مع هذه الحركة الكونية الهائلة، كان لبعض علماء الدين الشيعة الكبار دور رائد في تحفيز هذه الذات الجريحة، لكي تدخل ساحة التاريخ بوعي وبصيرة.

فإن الدعوة إلى التحرر والحرية، وتكريس مبدأ الانتخابات، والتوكيد على وحدة الأوطان، وتأسيس مبدأ الأخوة الدينية، والوقوف في وجه الطغيان المادي، ونشر ثقافة التسامح، ورفض الحكم الفردي المتسلِّط... إن هذه الثقافة العريضة التي تبناها بعض علماء الشيعة الكبار، خاصة في العراق في ظل هذا التحول الكبير... هذه الثقافة بالتفاعل مع حصيلة التطورات العالمية على صعيد السياسة والفكر والفن كان لها أثر كبير على تحفيز هذه الذات الكسيرة، نقصد المثقف الشيعي، لتنخرط في ساحات الموقف الأصيل، الموقف الذي لا يفرط بالذات، ولا يفرط بالتاريخ، ولا يفرط بالانتماء الروحي...

بدأ يفكر بذاته، ذاته الموضوعية، بدأ يراجع محنته، بدأ يتساءل عن سبب محنته، عن سبب معاملته مواطنا من الدرجة الثانية، بدأ يجول بنظره في حزام البؤس في مدينة بيروت، في تلك ألأكواخ البائسة في جنوب لبنان، بدأ يجول بنظره في أحياء مدينة الثورة في بغداد، بدأ يقرأ أحياءه الطينية في البحرين، بدأ يتساءل عن سبب فقره المدقع في السعودية وهو أبن المنطقة النفطية...

بداية...

ولكن ليس كل بداية موفقة حتى وإن سطعت، حتى وإن شرعت تفرض نفسها بقوة، فإن حركة التاريخ ليست عشوائية، وبدون رعاية للبدايات الواعدة تٌقتل في مهدها...

يتبع

 

 

إيلاف >> سياسة

 

يوميات أهالي الضّاحية

GMT 5:45:00 2006 الأحد 13 أغسطس

إيمان ابراهيم

 

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

 

 

امرأة تمر وسط ركام احدثته الغارات الاسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية

إيمان إبراهيم من بيروت: "لم تكن حرباً تلك التي عشناها على مدى خمسة عشر عاماً، كنّا نتسلّى" تقول إحدى النّازحات تحت جنح الليل إلى حديقة الصّنائع من منطقة الشيّاح، التي غادرها أهلها على عجل، بعد أن باغتتهم الطائرات، وأيقظتهم من سباتهم العميق فقد كانوا يحسبون أنّ منطقتهم آمنة. "في تلك الحرب كان يكفينا أن نختبىء في الملجأ، أمّا اليوم فقد أصبحت الملاجىء قبورنا"، تتابع تلك السيّدة التي لم يكن لديها متّسع من الوقت كي تبدّل ملابسها، فهرعت بملابس النّوم إلى أقرب سيّارة اتّجهت بها مع طفليها الصّغيرين إلى الحديقة. إنّها نموذج عن أولئك النّازحين إلى وجهة مجهولة، يقودهم قدرهم إلى تلك الحديقة العامّة، حيث يصبح الشارع بيتك، والسّماء سقفك، والشجر جدران لا تكاد تستر عريّك، لتجبرك على ممارسة طقوس حياتك اليوميّة أمام أنظار المدينة التي لا تكاد تنام، حتّى في الحرب، فتمنعك حتّى من المعاناة بصمت.

 

اليوم، ينتظر سكّان الضّاحية قدوم أي مبعوث دبلوماسي إلى مطار بيروت، ليهرعوا إلى منطقتهم متفقّدين منازلهم، ففي العادة تستقبل إسرائيل زوّار لبنان بغارتين على الضّاحية، غارة تسبق وصولهم وغارة تتلو مغارتهم، وبين الغارتين، يجد سكّان الضّاحية متنفّساً ليستطلعوا معالم المنطقة التي غيّرتها الحرب، وفي قلب كل منهم أمل أن تبقى منازلهم واقفة وسط الدّمار، ففي الحرب تتحوّل رغماً عنك إلى شخص أناني، تفرح حين تصيب الغارة منزلاً مجاوراً، وتغبط نفسك لأنّك نجوت، وتنسى في قرارة نفسك أنّ ثمّة عائلات لحق بها الدّمار، فأنت نفسك ضحيّة محتملة على لائحة الدّمار والخراب.

 

وفي عجلة من أمرهم، يحاول السكّان المغامرون استغلال الوقت لإحضار تلك الأغراض التي لا تعوّض من منازلهم، فالجدران والأسقف وأثاث المنازل تعوّض، لكنّ الذكريات التي تحويها تلك الجدران، لا يعوّضها أحد، حين تصبح صورة عزيز رحل، أغلى من أغلى قطعة أثاث، وحين تصبح ورقة شخصيّة تحفظ جزءً من ماضيك أثمن من كل أغراض المنزل.

 

تسأل أحد سكّان الضّاحية عن منزله، فيقول لك، "حتّى مساء الخميس كان منزلي صامداً، لا أدري ماذا حلّ به الآن"، فكلّهم يتحضّرون نفسياً لمصير قد يطالهم كما طال غيرهم، وفي كل مرّة يتسنى لهم القيام بزيارة خاطفة إلى منازلهم، يلقي أهالي الضّاحية نظرة الوداع على تلك المنازل، من يدري فقد تصبح ركاماً في ثوان معدودة؟

 

لحظات ألم يعيشها من يفاجأ بمنزله وقد أصبح أنقاضاً، كل مقتنياته الشّخصيّة أصبحت من الماضي، وحول أنقاض المبنى المتألف من عدة طبقات يتجمع أبناء الحي يواسون بعضهم البعض، فعندما يصبح الهم مشتركا تخف وطأته.

 

وفي غالب الأحيان، يتواجد في الحي المهدم عناصر حراسة تابعة لحزب الله، تقوم بحراسة الأبنية الصامدة خشية تعرضها للسرقة، يدققون في هوية قاصدي الأبنية الصامدة وفي الأغراض التي يحملونها معهم من منازلهم، ويواسون من تهدم منزله، واعدين إياه بالتعويض عليه. فقد أصبح معروفاً أن الحزب سيعوّض على أصحاب المنازل المهدّمة بمبلغ يقارب الثلاثمائة دولار في الفترة الأولى، ليتسنى لهم استئجار منزل، قبل أن يعاد بناء المبنى ليعود كما كان قبل تهديمه، ويحاول أهالي الضّاحية مرغمين تصديق أنّ ثمّة من سيعوض عليهم، فطوال حرب استمرّت 15 عاماً، لم يعوّض أحد على لبناني فقد منزله، في حين كانت الجسور المهدّمة وشركات الكهرباء المدمّرة تجد من يدفع تكاليف إعادة بنائها فور انتهاء الحرب، لكن أهالي الضاحية لا يسعهم سوى تصديق تلك الوعود التي تسري في عروقهم كما المخدر الذي لا يرغبون في أن يصحو منه، ليكتشفوا أن ليس ثمة منازل للإيجار في تلك المدينة التي تعاني أصلا من اكتظاظ سكاني، وفي حال وجدوا منزلا يأويهم، فلا شك أن أسعار الإيجارات ستتضاعف، ولن يكفيهم ذلك المبلغ الضئيل، خصوصاً أولئك الذي ما يزالون يدفعون أقساط منازلهم للبنوك، فشركات التأمين لا تغطّي حوادث لإرهاب والحروب، ومثلهم أصحاب السيّارات التي دمّرت في الحرب، فهم سيدفعون أقساط سيّارات أصبحت ركاماً، لأنّ شركات التأمين لا تعترف بالخسائر النّاتجة عن الحرب.

 

"ستصبح الضّاحية مثل سوليدير" جملة تتردّد بين أبناء الضّاحية في أماكن نزوحهم، هم يحاولون إقناع أنفسهم أنّ ثمّة مستقبل مشرق ينتظرهم، كما أقنعوا أنفسهم حين انتهت الحرب الأهليّة بذلك المستقبل، رغم أنهم يجمعون على أن هذا الشهر كان أقسى من الحرب الأهليّة بسنواتها الطّويلة.

 

ففي حرب استمرّت 15 عاماً شهدت اجتياحيين اسرائيليين عامي 1978 و1982 وحرب بين العماد عون والجيش السوري، قتل ما يقارب المئة ألف لبناني، وفي حرب لم تكد تبلغ الشّهر الواحد حتّى قتل أكثر من ألف لبناني، ودمّر نصف لبنان، وهجّر أكثر من ثلث الشّعب اللبناني.

 

في حربنا كان يكفينا أنّ نختبىء في الطبقة السفليّة للمبنى، أو في ملجأ المبنى لنكون آمنين، أمّا اليوم فقد باتت الأبنية قبور محتملة، حيث يختلط الرّكام بأشلاء من كانوا أحياءً قبل دقائق قليلة. فمعظم الضّحايا قتلوا تحت ركام منازلهم، التي ظنّوا أنّها آمنة. حين يجتمع أبناء الحي الواحد، حتّى أولئك الذين لم يكونوا ليتبادلوا التحيّة في الأيّام العاديّة تحت سقف واحد، سقف الطبقة الأولى من البناية المتعدّدة الطبقات، هناك يسود شعور بالأمان، خاصّةً حين تتوزّع المصيبة على كل أبناء الحي، فتخفّ وطأتها، وتشعرك لوهلة أنّك أقوى منها، لتفاجأ أنّت وأبناء جيرانك بأنّ لا شيء أقوى من تلك الصّواريخ التي تحوّلك في ثوان معدودة إلى مجرّد رقم يضاف على قائمة الضّحايا.

 

"أيّام قليلة وتنتهي الحرب"، لسان حال اللبنانيين منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من شهر، يحاولون إقناع أنفسهم، ينامون على أخبار مطمئنة ويصحون على أصوات القصف الذي أصبح جزءً من يوميّاتهم، "قضيت طفولتي في الحرب ولم أشأ أن يعش أطفالي نفس التجربة"، يقول ذلك الشّاب الذي حاول أن يعوّض على أبنائه طفولة افتقدها، ليفاجأ أنّ أطفاله عاشوا في شهر واحد، ما عاشه هو طوال 15 عاماً كان يعتقد أنّها حالكة، لكنّه نسي قسوتها حين شاهد بلده يتدمر في أيّام قليلة، ألم تقل تلك السيّدة أنّنا كنّا نتسلى؟

 

Link to comment
Share on other sites

  • 2 weeks later...

http://kitabat.com/i19286.htm

 

 

بركان في منطقة الدخان

 

رؤية على الحرب الاخيرة في منطقة الشرق الاوسط

 

 

 

كتابات - جمال الخرسان

 

 

 

الهجوم على موقع اسرائيلي ... اختطاف ثم تصعيد على الارض... لعبة اريد لها ان تطول ومفاتيح الصراع فقط على ارض المعركة فالدبلوماسيون حتى بعد مرور اكثر من ثلاثة اسابيع على بداية الحرب في اجازة تامة بعيدا عن وجع الصراع، والتصريحات جميعها تصب الزيت على النار، حتى من الاطراف المحايدة، اذن لا صوت يعلو فوق صوت المعركة ولغة النار لازالت حتى هذه اللحظة من يمثل البطولة بين اطراف الصراع.

 

 

 

هكذا كان الثاني عشر من تموز من عام 2006 شاهدا على انفجار احد البراكين التي تغلي في منطقة الشرق الاوسط وهي منطقة تحفل بمزيد من البراكين التي قد تنفجر في ايّة لحظة ، اما عود الثقاب الذي اشعل برميل البارود فهو عملية حزب الله في قتل مجموعة من الجنود الاسرائيليين واسر اثنين في هجوم على دورية اسرائيلية قرب الخط الازرق.

 

 

 

عملية الاختطاف .. بين علامات الاستفهام

 

 

 

العملية الاخيرة لحزب الله اثارت ضجة كبيرة بعيدا عن التصعيد العسكري وما يعقبه من نتائج، وذلك لان تحديد اهداف العملية وتوقيتها اصبح مثار جدل وسبب لخلافات كبيرة بين المراقبين للشأن اللبناني، وكذلك بين جهات دبلوماسية لبنانية واقليمية ودولية، فهل كانت هي عملية بتحريك من طهران او دمشق ؟ وهل كانت هذه حرب الوكالات بين اسرائيل وحزب الله وكالة عن امريكا وايران ؟ ام ان العملية لم تكن الا لاهداف حددها حزب الله وادعى انها لبنانية وان نجاح العملية وتداعياتها او فشلها هو حسابات لحزب الله فقط وان دور الاخرين كان مجرد استثمار لحدث في منطقة هو فيها والاذكياء من يستثمرون الاحداث، لا بل هنالك من يذهب الى اكثر من ذلك ويعتبر اهداف العملية انما تنحصر في انقاذ مستقبل حزب الله قبل كل شئ لان هناك تسريبات تؤكد بان حزب الله سوف يتعرض في نهاية هذا الصيف لضربة عسكرية قوية من قبل قوى اقليمية ودولية، وان اسر الجنديين انما جاء في اطار الامساك بورقة مهمة في يد الحزب.

 

 

 

ما تقدم وغيره فرضيات وتحليلات كثيرة ومتفاوتة على هذا الصعيد من قبل اطراف مختلفة، كل طرف يسوق مجموعة من المؤشرات تأييدا لماذ يذهب اليه.

 

 

 

وبشكل عام اذاما استبعدنا الفرضية التي تقول بان حزب الله قام بالعملية من اجل مستقبل الحزب ليس الا، فان جميع الفرضيات الاخرى لو كانت صحيحة فهي تؤكد ان حزب الله اخطا في توقيت العملية، وكما يقال فان غلطة الشاطر بالف، وخطا قيادة الحزب ناتج من عدم التشخيص الدقيق للمتغيرات السياسية على الصعيد اللبناني والاقليمي والدولي ... äان اسرائيل تريد القضاء على اوراق حزب الله على طاولة الحوار داخل الساحة اللبنانية، تريد ان تعطي قوة اكبر ومشروعية وتاييد اكثر لقوى 14 اذار والاخرين على حساب حزب الله وحركة امل، وذلك من اجل ان يكون موقف الحزب اضعف بكثير من السابق، كما ان ذلك الرد جاء في مرحلة شهدت متغيرات كثيرة في توازنات القوة على الصعيد الاقليمي، بمعنى ان العديد من بلدان المنطقة التي لديها تصفية حسابات مع ايران على خلفية المسيرة النووية الايرانية تريد اضعاف وحرق احد الاوراق التي تلعب بها ايران والمقصود بها حزب الله لان تلك البلدان ( على الاقل من وجهة نظرها ) تعتبر ان حزب الله هو ورقة سورية ايرانية بالدرجة الاولى، وهذه المواقف عبر عنها العديد من الدول العربية وعلى راسها البلدان التي لديها عقدة حسابات مع ايران وهي مصر والاردن والسعودية، لقد اعتبروا تلك العملية مغامرة من قبل حزب الله وبالتالي فهو من يتحمل مسؤولية ما يجري، اي ان تلك المواقف التي ادانت حزب الله سوف تدينه سواء اكان يستحق الادانة ام لا وسواء اكانت التحركات الميدانية لمقاتلي حزب الله مغامرات محسوبة ام لا فان الادانة على طريقة ( انما نقاتلك بغضا لابيك ).

 

 

 

هذا على الصعيد الاقليمي اما على الصعيد الدولي فان وجع الارهاب ومتغيرات السياسة تجعل الكبار في هذا العالم لا يميلون في غالب الاحيان الى دعم الحركات او التيارات المسلحة حتى لو كانت مشروعة، وتاخذ الحالة وضعا خاصا جدا لو كان احد اطراف المواجهة هو اسرائيل التي لها قيمة دولية خاصة.

 

 

 

اذم جميع تلك الاجواء والظروف المحيطة بالعملية قد تجعل المراقب يميل الى الاعتقاد بان قيادة حزب الله اخطأت في التوقيت على الاقل حتى لو كان مبدأ اسر الجنود بغية الدخول في مفاوضات من اجل تبادل الاسرى هو مبدأ منطقي وسليم.

 

 

 

ايران على الخط

 

 

 

ان تحديد اهداف وغايات قيادة حزب الله من وراء العملية التي قامت اثرها باسر الجنود الاسرائيليين اصبح مثار جدل بين القيادات السياسية وبين المراقبين في نفس الوقت، لكن ما لفت النظر هو ارتفاع اصوات كثيرة تحمل ايران مسؤولية ما يجري وان حزب الله مقاتل بالوكالة لاهداف سياسية وعسكرية ايرانية وسورية، وفي هذا السياق هناك نقطة مهمة يجب الاشارة اليها انه بغظ النظر عن صحة الخطاب التخويني الذي يذهب اصحاب تلك النظرية وبغظ النظر عن الاجندة التي يتحرك على اساسها القياديون في حزب الله فان على اصحاب هذا التوجه الاجابة على تساؤل غاية في الاهمية:

 

 

 

ان الطرف الايراني اذا كان هو الذي يدفع باتجاه هذه المعركة، وان ما يحدث بتخطيط ايراني لجر الاطراف الدولية لمعركة لا يريدها الطرف الاخر من اجل اجندة ايرانية... فهل انطوت تلك اللعبة الدبلوماسية الايرانية الذكية على اصحاب القرار الدولي والتاريخ الطويل من الدبلوماسية والنضج السياسي ؟ وهل الدبلوماسية الايرانية على هذه الدرجة العالية من الذكاء بحيث اوقعت الجميع في الفخ ؟ !!!

 

 

 

ان لم تكن هذه الرؤية خاطئة فهي على درجة عالية من المبالغة على الاقل ... والقصة اكبر من ذلك بكثير

 

 

 

وقائع ميدانية تعدل المسارات

 

 

 

الميدان هذه المرة يقف على موازنة مختلفة ومنطق جديد حتى لو كانت اسرائيل تقف على الطرف الآخر، وهنا لابد من استنطاق المواقف الميدانية التي تقول:

 

 

 

بدات القصة في عملية من قبل حزب الله، عسكريا كانت العملية فيها تخطيط وتنفيذ واستخدام لعقلية على الصعيد العسكري تعتبر من الوزن الثقيل، فالدورية الاسرائيلية التي تعرضت للاختطاف والتدمير كانت تسير على بعد ثلاثة خطوط من الاسلاك الشائكة المكهربة اضافة الى خط رملي يكشف الاثر، هذا ناهيك عن الامكانيات العسكرية التي تمتلكها الدورية والتي تم التغلب عليها بسهولة، تلك العملية جعلت اسرائيل تعقد اجتماعا طارئا لكبار القيادات السياسية والعسكرية في الدولة.. الاجتماع اسفر عن رد قاس وعملية وصفت بانها طويلة، فبداية من اليوم الثالث عشر من تموز بدا الرد الاسرائيلي بحصار على لبنان جوا وبرا وبحرا وقصف عنيف للبنية التحتية مصاحبا لاستهداف المدنيين، ذلك القصف احرق كل شئ بما في ذلك الاوراق التي يمكن ان تلعب بها اسرائيل في ادارة المعركة، وهذه المعادلة جعلت كل يوم في الحرب يُوقع الضرر على اسرائيل اكثر مما يضر في لبنان فلا شئ يخسره لبنان كما ان الاوراق التي في حقيبة حزب الله ليست قليلة.

 

 

 

القيادة الاسرائيلية كانت كعادتها تتحدث بلغة عسكرية استعلائية كما هو الحال في الحروب السابقة التي خاضتها ضد العرب، اما التصريحات التي اطلقها المسؤولون في اسرائيل حددت سقف الانتصار بان لا يقل عن منع الصوايخ على اسرائيل او اقامة منطقة عازلة تصل الى 20 كم داخل الاراضي اللبنانية، لكن ذلك لم يتحقق بعد اكثر من 33 يوم على بداية الحرب، ناهيك عن ان المؤسسة السياسية في اسرائيل اتهمت القيادة العسكرية بعدم اطلاع القادة السياسيين على الامكانيات الحقيقية العسكرية لحزب الله كما جاء على لسان احد الوزراء الاسرائيليين اثناء الحرب، والذي يؤكد ذلك ان اسرائيل استمرت في استهداف مواقع مدمرة اصلا حيث رجعت وقصفت الجسور المدمرة وهددت بقصف عشرة مباني في الضاحية الجنوبية مقابل كل صاروخ لحزب الله مع ان الضاحية الجنوبية تعرضت لتدمير كبير في الايام الاولى للحرب.

 

 

 

ان المواجهات السابقة بين حزب الله وبين اسرائيل شهدت احداثا وجولات كثيرة مرة لهذا ومرة لذاك لكن هذه الحرب قدمت مجموعة المتغيرات الميدانية لم تكن مالوفة في المواجهات السابقة:ـ

 

 

 

ـ استهداف مواقع في العمق الاسرائيلي من قبل حزب الله لم تستهدف من قبل.

 

 

 

ـ استطاع حزب الله شلّ فعالية القوة البحرية الاسرائيلية اذ انه استطاع اكثر من مرة استهداف الزوارق البحرية والبوارج المتطورة جدا من جملتها البارجة الحديثة التي نزلت للخدمة قبل ثلاث سنوات وهي واحدة من ثلاث بوارج في الجيش الاسرائيلي وذلك مثّل صدمة لاسرائيل.

 

 

 

ـ التلويح بالوصول لعمق اكبر مما تم استهدافه داخل الاراضي الاسرائيلية.

 

 

 

ـ استطاع مقاتلوا حزب الله التوغل في الاراضي الاسرائيلية وتدمير اهداف داخل اسرائيل عن طريق عمليات برية.

 

 

 

ـ لقد تغلب عناصر الحزب في مواجهة مباشرة مع الدروع الاسرائيلية وتمكنوا من تدمير الدبابات الاكثر تطورا في اسرائيل وهي دبابات المركابا وهنا لا نتحدث عن عبوات ناسفة بل عن مواجهة على طريقة التصويب الصاروخي.

 

 

 

ـ لقد صمد المقاتلون على الارض حتى في المواجهات المباشرة في غير حرب العصابات والكر والفر.. وهناك نقاط جغرافية كثيرة استعصت على اسرائيل حتى وقف اطلاق النار، فبعد اكثر من شهر على الحرب لازالت الارض لحزب الله والسماء لاسرائيل في اغلب المناطق التي حصل فيها احتكاك بين الطرفين، كما ان الحزب يدير المعركة على الارض باساليب ذكية وتخطيط عسكري ناضج بحيث تمكن اكثر من مرة من استدراج الجيش الاسرائيلي عن طريق فتح الثغرات امام بعض الوحدات الاسرائيلية للدخول في العمق اللبناني ومن ثم الانقضاض عليها.

 

 

 

ان استدعاء الاحتياط في اسرائيل على وجبات متفاوتة جدا بحيث تم استدعاء 6000 جندي في المرة الاولى ثم استدعاء 30000 جندي بعد اسبوعين يؤكد صعوبة الموقف على الارض طيلة ايام الحرب.

 

 

 

هاهي الحرب قد انتهت في جولاتها الاولى والمواقف لازالت قوية عند الاطراف التي كان من المتوقع ان تتهاوى في الاسبوع الاول، وبعيدا عن لغة التمجيد والتضخيم والتهويل فان حزب الله على الاقل لم يخرج مهزوما على الصعيد العسكري ان لم يكن منتصرا رغم فارق القوة الذي يرجح كفة اسرائيل، فاسرائيل وعدت بالقضاء على حزب الله لكنها لم تستطع.. اسرائيل وعدت ان تمنع اطلاق الصواريخ على اراضيها لكنها لم تستطع، ليس ذلك فقط بل تمكن الجناح العسكري لحزب الله من استهداف العمق الاسرائيلي الذي لم يتمكن من استهدافه في السابق، ولا ننسى جميعا ان اسرائيل لم تتمكن من استعادة الجنديين وهو السبب المعلن للحرب من جانب اسرائيل في بداية الازمة.

 

 

 

الدبلوماسية الدولية.. غياب متعمد

 

 

 

منذ بداية الازمة بين لبنان واسرائيل وحتى قرابة الثلاثة اسابيع حاولت الدبلوماسية الاقليمية والدولية ان تغط في نوم عميق عن فتح باب المبادرات والحلول السياسية بغية فسح المجال امام الرد الاسرائيلي من اجل القضاء على ما يعتقده الكثيرون انها ورقة ايرانية، كان الجميع يامل من المؤسسة العسكرية الاسرائيلية المتفوقه جدا ان تقلب الطاولة على رؤوس قيادات ومقاتلي حزب الله، لكن الايام وحتى الاسابيع مرت ولم يفقد الحزب زمام المبادرة فهو بعد ان استوعب الصدمة استفاق وحاول ببرودة اعصاب حاول ان يلعب باوراقه واحدة تلو الاخرى بعد ان احرقت اسرائيل جميع ما لديها من اوراق منذ اليوم الثاني، اما قبل ذلك فلم يتحرك احد الا ما قامت به رايس في زيارة الى لبنان استغرقت ساعات لم تكن على جدول اعمالها اصلا، في هذه الزيارة ( التي جاءت من اجل دعم اسرائيل وتقديم القنابل الذكية لها ) قدمت فيها وزيرة الخارجية الامريكية مبادرة هزلية لذر الرماد في العيون وفاتحت الحكومة اللبنانية بانها يمكن ان تنتظر لساعتين اضافيتين من اجل ان تسطحب معها الجنديين الاسيرين وهي في طريقها الى اسرائيل ووعدت بانهاء الحرب حين تحقيق ذلك، ان هذا النوع من المبادرات يعرف الجميع انه عبثي وتعجيزي بعيد جدا عن الخيارات المنطقية.

 

 

 

وسوى تلك المبادرة فلا مجلس الامن قد اجتمع ولا حتى الجامعة العربية، فسكت الكبار جميعا وتبعهم الصغار ولسان حال الجميع يشهد بان لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، لكن الدبلوماسية بدات حراكها الجاد بعدما استيقظ الجميع على مفاجئات حزب الله العسكرية وقدرته الميدانية القوية بغض النظر عما اذا كانت الاسلحة التي يستخدمها حزب الله ايرانية ام سورية او هندية او حتى جاءت من كوكب اخر طالما تؤدي الغرض بكفاءة عالية.

 

 

 

سوى دعوات التهدئة لم نشاهد جولات دبلوماسية مكوكية بمستوى الحدث كما هو الحال في ازمات من هذا النوع ، وهذه المواقف تعكس استراحة دبلوماسية مقصودة لاهداف كثيرة تتفق على بعضها الاطراف الدولية والاقليمية وحتى بعض القوى اللبنانية ويختلف هؤلاء جميعا على بعضها الاخر.. لكن غياب المبادرات السلمية لا يعني غياب الادانات، فالسكوت لم يكن سيد الموقف بل سعت بعض البلدان العربية لادانة حزب الله صراحة وتاييد اسرائيل بعد دخول التنين الايراني بقوة الى منطقة الشرق الاوسط ، وهكذا اتفقت العديد من الدول العربية على ادانة عملية حزب الله واعتبارها ليست سوى مغامرة غير محسوبة، وهذا ما اشار اليه رئيس الوزراء الاسرائيلي اولمرت في تصريح له حينما قال:ـ (لاول مرة تقف الى جنبنا دول عربية في المعركة ضد دولة عربية).

 

 

 

وبعد ان تعادلت الكفة على الارض بين الاطراف المتحاربة تحركت رايس مرة اخرى الى المنطقة وصرحت اثناء زيارتها الثانية الى اسرائيل ( على مسافة زمنية لم تتجاوز اسبوعا واحدا ) : آن الاوان لوقف اطلاق النار. هكذا تحركت الدبلوماسية الدولية ... والذي تحرك فيها لاعبان رئيسيان هم الولايات المتحدة من جهة وفرنسا من جهة اخرى، الهدف واحد وان اختلفت الاليات لكن المناسبة هذه المرة ليست الملف العراقي الذي يعرف الجميع طبيعة الفجوة والندية التي حدثت بين الطرفين سواء في اروقة مجلس الامن او حتى حلف شمال الاطلسي قبل الحرب على العراق.. وكما اصبح الملف العراقي مثار جدل بينهما لملم الملف البناني شتات الفرنسيين والامريكيين، فالطرفان يتفقان على دعم قوى 14 اذار وعلى تضييق الخناق على حزب الله ومن ثم نزع سلاحه، وكما ان امريكا راعية حقيقية لاسرائيل وهنالك تبادل ادوار كبير وواضح بينهما فان فرنسا من جهتها تُعتبر راعية للبنان البلد الذي يوفر لها قدم مهمة في الشرق الاوسط بعد ان سيطر الامريكيون على كل شئ هناك ، كما ان لبنان دولة منضوية تحت التحالف الفرانكفوني الذي ترعاه فرنسا، هذا ناهيك عن ان سمعة فرنسا الطيبة في الشرق الاوسط تمكّنها من لعب دور الوسيط، من هنا تقدمت فرنسا بمسودة قرار طويل عريض تعرض لتعديلات كبيرة مرة لصالح هذا الطرف ومرة لذاك، لكنه على كل حال لن يترك لحزب الله نصرا على طبق من ذهب، فالدبلوماسية ودهاليزها ظلام دامس ومن لا يجيد استخدامها ( بكل تاكيد ) لا يصل الى نهاية النفق، وحتى هذه اللحظة لازال القرار(1701) يمشي على استحياء على صعيد انهاء الحرب فهناك احتلال لجنوب لبنان وهناك محاولات اسرائيلية لخرق القرار بين الحين والاخر، كما ان ملف القوات الدولية حتى هذه اللحظة يمشي بساق مقطوعة، وهذه المعطيات جميعها اضافة الى اشكالية التفسيرات التوظيفية للقرارات الدولية بين الاطراف المتنازعة يجعل الازمة تسير على طريق وعرة وبالتالي قد تنشب الحرب من جديد في اية لحظة، لكن حقائب الدبلوماسيين ربما تحفل بمزيد من الحلول الاكثر جدية لجميع الاطراف ... جميعا نتمنى ذلك.

 

نتائج على هامش الحرب

 

 

 

بغض النظر عن الموقف السياسي من العملية العسكرية التي قام بها حزب الله ضد الجنود الاسرائيليين، سواء اكانت اهداف العملية لبنانية او غير لبنانية او كان التوقيت مناسب ام غير مناسب ... بغض النظر عما دار حول ذلك فان الحرب اللبنانية الاسرائيلية وتداعياتها افرزت مجموعة من المعطيات والنتائج المهمة جدا والتي تستحق استعراضها ولو على عجالة ... من جملة تلك النتائج:

 

 

 

ـ لاول مرة نشهد مواقف عربية تحمّل علنا حزب الله مسؤولية التصعيد والدمار، وكذلك لاول مرة تعلو اصوات لبنانية تحمّل حزب الله واطراف اقليمية تتحالف معه تداعيات الاحداث، وتطالب بنزع سلاح حزب الله، وبالتاكيد لا نفاجأ حينئذ بالعديد من المواقف الدولية عندما تحمّل حزب الله مسؤولية ذلك، فتلك المواقف الدولية سبق وان اعلنت في مناسبات سابقة.

 

 

 

اذن لاول مرة وبشكل علني اتفقت كلمة القوى الدولية والاقليمية مع العديد من القوى اللبنانية على الوقوف بوجه حزب الله على الصعيد الدبلوماسي على الاقل كما هو معلن.

 

 

 

ـ وضعت هذه المعركة البلدان العربية لا سيما مصر والسعودية والاردن في موقف حرج جدا وفي نفس الوقت فضحت المعايير المزدوجة التي تتبناها حكومات تلك البلدان، فانها تدعم الجماعات المسلحة في العراق رغم ان الجميع يعرف بان تلك الجماعات عرّضت البلد الى مزيد من العنف والتخريب او ما يسمى بالمغامرات غير المحسوبة في مواجهتها مع الجانب الامريكي او استهدافها للمدنيين العراقيين، وفي نفس الوقت فان تلك الدول تندد بمواقف حزب الله وتعلن دعمها لقوى 14 اذار التي تتجه بوصلتها نحو فرنسا والولايات المتحدة الامريكية او بعض بلدان المنطقة، واذا كانت الحجة المعلنة في ذلك هي دعم هذه الحكومات لمبدا تطبيق القرارات الدولية في لبنان فانه في المقابل وجدت القوات الاجنبية في العراق بقوانين دولية من قبل الامم المتحدة التي يعترف بشرعيتها الجميع، فلماذا هكذا تتفاوت المواقف ؟!!!

 

 

 

لقد اثبتت السياسة العربية وطبيعة حراكها الدبلوماسي انها رهينة للاصطفافات المذهبية، فالمحيط العربي حكومات ونخب ( وهو سني في الغالب ) ينظر الى الازمة اللبنانية مع اسرائيل من زاوية طائفية جدا.

 

 

 

ـ لقد اعطى حزب الله بادبياته النضالية وادواته وطريقة مناورته السياسية والعسكرية قيمة لمبدا المقاومة، كما انه عرّى التنظيمات التكفيرية الاصولية كتنظيم القاعدة الذي يعتمد الذبح والتفخيخ وقطع الرؤوس منهجية في تحركاته المسلحة ، اضافة الى ان الحزب استطاع الاستحواذ على قلوب الكثيرين الذين يشعرون بالنقص ومرارة الهزيمة امام اسرائيل التي استطاعت ان تهزم العرب في جميع الحروب السابقة، وهذه القاعدة الجماهيرية التي تتسع اشعرت القاعدة بان حزب الله استطاع ان يسحب البساط من تحت اقدامها، فلم يكن الحزب في يوم من الايام مدافعا تطلق الى الخلف.. فلم يكفر احد ولم يهاجم سوى اسرائيل بعكس ما تمارسه منظمة القاعدة.

 

 

 

وبما ان الجميع تسائل عن غياب القاعدة الملفت عن لبنان على صعيد الدعم العسكري او الاعلامي ... اصبحت القاعدة في موقف لا تحسد عليه قد يخسرها حتى اولئك المخدوعين بها، لذلك فهي وان كانت فيما سبق تتهم حزب الله بالعمالة والخيانة والتكفير الا انها اضطرت لاصدار شريط وبصوت الضواهري نفسه الذي حاول ان يذر الرماد في العيون حينما دعا ( لنصرة المسلمين في لبنان ) وهذه جملة غامضة، قد تعني بالنسبة لانصار القاعدة دعم شريحة معينة في لبنان لان الاخرين بالطبع ( ومن وجهة نظرها ) ليسوا سوى كفار، وهذه تورية واساليب اصبحت القاعدة تتلحفها وتمارس التقية فيها مع ان جزءا من منتجها الديني ـ الذي يمايزها عن المنتج والفكر الشيعي في مسائل كثيرة من جملتها ممارسة التقية في بعض الحالات ( التقية هي اظهار خلاف الواقع الذي عليه الشخص عند الضرورة) ـ من المفترض ان لا يسمح لها بذلك، وحتى لو تم تجاوز ذلك فان الضواهري حدد النصرة بشكل مثير للضحك بحيث يجعل النصرة غير مجدية ولا جادة في نفس الوقت وذلك حينما قال: ( ان نصرة لبنان تمر عبر اقامة امارة اسلامية في العراق ومن هناك ننطلق الى لبنان وفلسطين ) وهذه نصرة من يخلط البصل في العسل!!!

 

ـ اكد حزب الله في هذه المعركة بالتحديد ان اسرائيل قد خلقت لها اسطورة عسكرية قوية مصطنعة ومبالغ فيها بحيث اصبحت عاجزة حتى في غير حرب العصابات، فاسرائيل بكل ما تملك من خبرة عسكرية عجزت عن مواجهة صواريخ حزب الله، وفي نهاية المطاف فان اسرائيل لا استطاعت منع اطلاق الصواريخ ولا حتى منع سقوطها على العمق في اسرائيل، وهنا لا اتحدث عن صواريخ كاتيوشا بل عن صواريخ كبيرة ومتطورة مثل رعد وخيبر وغيرها، هذه من جهة ومن جهة اخرى فقد اكدت مقاومة حزب الله ان الجيوش العربية فيما سبق لم تكن تمتلك الارادة الحقيقية لمقاتلة اسرائيل اما لانها غير جاهزة على الصعيد العسكري او لان السياسيين لهم اهداف اخرى او ربما الاحتمالان معا، واذا كانت كل تلك المناورة العسكرية العنيدة هي ليست سوى امكانيات حزب، فعلى الجيوش العربية ان تقدم استقالة جماعية بعد اليوم.

 

 

 

ـ لقد اصبح سلاح حزب الله مثار جدل وخوف ليس فقط بالنسبة لااسرائيل وليس فقط من جهة الاطراف اللبنانية بل اصبح مثار جدل اقليمي ودولي وكذلك بالنسبة لجميع من لديه خشية من المارد الايراني ... وهذا ما يجعل المطالبة بنزع سلاح حزب الله مسئلة غاية في التشابك والتعقيد اكثر مما كان في السابق، خصوصا بعد تصاعد ازمة المفاعل النووي الايراني والقوة العسكرية الايرانية بشكل عام وهذا ما جعل الولايات المتحدة الامريكية تجمد مسارات التغيير والدفع نحو الديمقراطية في الشرق الاوسط والعودة الى تحالفات سابقة مع الانظمة العربية في المنطقة في هذه الفترة على الاقل.

 

 

 

ـ حزب الله لم يثبت مصداقية عالية في شعاراته وتصريحاته وتحدياته فحسب، بل استطاع ان يثبت مصداقية عالية جدا في التغطية الاعلامية للحرب ولذلك فقد اصبح الحزب مصدرا عالي المصداقية بالنسبة للعدو والصديق، وهذه الظاهرة لم تكن مالوفة عند الاطراف المتحاربة في السابق كما انها قطعت الطريق على مزيد من الحرب النفسية في الاعلام التي تجيدها اسرائيل بما تمتلكه من نفوذ كبير في وسائل الاعلام ... وهنالك نماذج كثيرة استطاع فيها الحزب ان يكشف زيف الاعلام الاسرائيلي فيها، لعل ابرزها ما اعلنه الحزب من استهداف البارجة الاسرائيلية الذي نفته اسرائيل ثم عادت واعترفت به بعد ان اظهر الحزب مادة تصويرية تثبت صحة الواقعة، هكذا هو الحال ايضا مع استهداف زورق اسرائيلي تابع للقوة البحرية او حتى تدمير خلايا تابعة للجيش الاسرائيلي .

 

 

 

ـ بعض مراكز الدراسات المختصة ذكرت ان الولايات المتحدة الامريكية تتابع وتدرس بدقة عالية طبيعة الاساليب القتالية التي يمتلكها حزب الله لانها تعرف ان بعض الشبكات المتمردة سوف تحاول الاستفادة من هذا النموذج.

 

 

 

في الختام

 

 

وتذييلا لما تقدم حول المعركة اللبنانية الاسرائيلية لا بد من التوقف ولو سريعا عند مسالة مهمة تتعلق بتغطية وسائل الاعلام العربية لجوانب الصراع، فالحدث جاء في زمن الفضائيات التي تبحث عن مادة اعلامية، وهذه الحرب تعتبر مادة اعلامية دسمة جدا لهذا الكم الهائل من الفضائيات وهذا ما جعل الحدث واقعا تحت انظار المجهر الاعلامي بامتياز، ومع ان حروب سابقة حضيت بتغطية اعلامية مناسبة الاان هذه الحرب شهدت رصدا اعلاميا لا يتحدث كثيرا عن التقسيمات الطائفية كما هو الحال مع تغطية الاعلام العربي للحالة العراقية، اذ ان وسائل الاعلام العربية كانت ولا زالت تغطي الاحداث والتداعيات السياسية في العراق بطريقة منحازة وافاق ضيقة جدا.

 

لكن ذلك الحياد النسبي الذي حضيت به الحرب اللبنانية لا يعني غياب بعض المعايير المزدوجة في الاعلام العربي فهناك بعض الفضائيات تصر على وصف ضحايات المدنيين اللبنانيين بالقتلى فيما تصف قتلى الفلسطينيين بانهم شهداء!

 

 

 

واذا كان الاعلام العربي لا يخلو في مجمله من الانحياز المتعمد حتى ان كان في درجات متفاوتة بين حدث واخر مع ذلك فان الاعلام في الضفة الاخرى والمقصود هنا الاعلام في الساحة الاسرائيلية تعرض لمضايقات فاضحة تذكرنا بحكومات الطواغيت والدكتاتوريات، بحيث بدت اسرائيل وكانها دولة لا تختلف كثيرا عن الانظمة المستبدة المتحكمة جدا في مقابض الاعلام،وان جميع الشعارات الديمقراطية ضربت عرض الجدار.

 

 

 

 

 

كاتب عراقي

 

 

 

mosawi_gamal@hotmail.com

 

Link to comment
Share on other sites

حزب الله لم ينتصر

GMT 9:30:00 2006 الخميس 31 أغسطس

وول ستريت جورنال

 

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

 

 

 

الخميس 31.08.2006

 

أمير طاهري*

 

بحسب الرواية التي توردها معظم وسائل الإعلام الغربية، حقّق "حزب الله" انتصاراً كبيراً على إسرائيل والولايات المتّحدة، ورأب الصدع السنّي - الشيعي ومدّ ادّعاء الملالي الإيرانيين قيادة العالم الإسلامي بالزخم. وقد زيّنت صور حسن نصرالله، الملاّ الأصغر الذي يقود الفرع اللبناني من الحركة الشيعية الجامعة، أغلفة المجلاّت في الغرب لتبثّ رسالة مفادها أنّ ابن الثورة الخمينية هذا هو البطل الجديد لـ "الشارع العربي" الخرافي.

ربّما لأنّه يشاهد محطّة "سي إن إن" كثيراً، يؤمن "القائد الأعلى" الإيراني، علي خامنيئي، أيضاً بـ "نصر إلهي". الأسبوع الفائت، طلب من الأعضاء الـ205 في المجلس الإسلامي توجيه رسالة إلى نصرالله يهنّئونه فيها على "قيادته الحكيمة والبعيدة النظر للأمة والتي أدّت إلى النصر العظيم في لبنان".

عبر التحكّم بتدفّق المعلومات من لبنان طوال فترة النزاع، والحصول على المساعدة من كلّ أولئك الذين لا يوافقون على السياسات الأميركية لأسباب مختلفة، ربّما ربح "حزب الله" الحرب الإعلامية في الغرب. لكن في لبنان والشرق الأوسط والمساحة الإسلامية الأوسع، الصورة مختلفة إلى حدّ ما.

لنبدأ بلبنان.

فور بدء العمل بوقف إطلاق النار بموجب قرار من الأمم المتّحدة، نظّم "حزب الله" سلسلة عروض بالألعاب الناريّة رافقها توزيع فواكه وحلويات للاحتفال بالنصر. لكنّ معظم اللبنانيين الذين اعتبروا الأمر غير لائق، لم يشاركوا في هذه الاحتفالات. ولم تستقطب "مسيرة النصر" في ضاحية بيروت الجنوبية، معقل "حزب الله"، سوى بضع مئات الأشخاص.

في البداية، تردّد "حزب الله" بين إعلان النصر والحداد على "شهدائه". كان الخيار الثاني لينسجم أكثر مع التقاليد الشيعية التي تتمحور حول استشهاد الإمام حسين عام 680 بعد الميلاد. وقد أمل بعض عناصر "حزب الله" في لعب ورقة الشهادة كي يتمكّنوا من اتّهام إسرائيل، ومن خلالها الولايات المتّحدة، بارتكاب جرائم حرب. لقد عرفوا أنّ البكاء على نكبة متخيَّلة أسهل بالنسبة إلى الشيعة الذين ترعرعوا في ثقافة تجعل منهم ضحايا أزليّين، من الضحك فرحاً بنصر مزعوم.

لكن سياسياً، كان على "حزب الله" أن يعلن النصر لسبب بسيط: كان عليه أن يتظاهر بأنّ الموت والدمار اللذين تسبّب بهما يستحقّان العناء. كان ادّعاء النصر الدرع الذي يقي الحزب من انتقاد استراتيجية قادت لبنان إلى الحرب بدون علم حكومته وشعبه. وقد لمّح نصرالله إلى هذا في إطلالاته على التلفزيون عندما دعا من انتقدوه لأنّه تسبّب بالحرب إلى الصمت لأنّ "نصراً استراتيجياً عظيماً" قد تحقّق.

نجح هذا التكتيك ليوم أو اثنين. لكنّه لم يسكت النقّاد الذين ارتفعت أصواتهم أكثر في الآونة الأخيرة. طالب قادة حركة "14 آذار/مارس" التي تملك الغالبيّة في البرلمان والحكومة اللبنانيَّين، تحقيقاً في الظروف التي أدّت إلى الحرب، وهي طريقة غير مباشرة لاتّهام "حزب الله" بالتسبّب بالمأساة. وقد أوضح رئيس الوزراء فؤاد السنيورة أنّه لن يسمح للحزب بأن يبقى دولة داخل الدولة. حتّى ميشال عون، القائد المسيحي المنشقّ والحليف التكتيكي لـ"حزب الله"، دعا الميليشيا الشيعية إلى تسليم سلاحها.

بعد إعلان النصر، أطلق نصرالله ما يُعرَف بـ"السيل الأخضر"، في إشارة إلى الكمّيات الكبيرة من الدولارات الأميركية التي يوزّعها "حزب الله" على الشيعة في بيروت والجنوب. تُشحَن الدولارات من إيران إلى بيروت عبر سوريا، وتوزَّع من خلال شبكات المقاتلين. كلّ من يثبت أنّ منزله تضرّر في الحرب يحصل على 12 ألف دولار، وهو مبلغ ضخم في لبنان الذي مزّقته الحرب.

أُطلِق "السيل الأخضر" لإسكات الانتقادات التي تُوجَّه للسيّد نصرالله وأسياده في طهران. لكن يبدو أنّ الحيلة غير ناجحة. يقول وليد أبي مرشد، وهو كاتب عمود خاص لبناني بارز "إذا كان حزب الله قد حقّق انتصاراً، فهو انتصار بيروسي. لقد جعلوا لبنان يدفع ثمناً باهظاً جداً، ويجب محاسبتهم على ذلك".

ويُنتقَد "حزب الله" أيضاً من داخل الطائفة الشيعية اللبنانية التي تشكّل نحو أربعين في المئة من السكّان. وضع السيّد علي الأمين، كبير شيعة لبنان(*)، حداً لسنوات من الصمت فانتقد "حزب الله" لأنّه تسبّب بالحرب ودعا إلى نزع سلاحه. ففي مقابلة مع الصحيفة اللبنانية "النهار"، رفض الزعم بأنّ "حزب الله" يمثّل كلّ الطائفة الشيعية. وقال السيّد الأمين "لا أعتقد أنّ حزب الله سأل الطائفة الشيعية رأيها في الحرب. ولعلّ النزوح الكثيف من الجنوب خير دليل على رفض أهل الجنوب الحرب. والطائفة الشيعية لم تعطِ أحداً تفويضاً ليعلن الحرب باسمها".

وكانت هناك أيضاً انتقادات أكثر حدّة. كتبت منى فيّاض، وهي أكاديمية شيعية بارزة في بيروت، مقالاً نُشِر أيضاً في صحيفة "النهار" سألت فيه ما معنى أن تكون شيعياً في لبنان الآن؟ وأجابت بسخرية: الشيعي يتلقّى التعليمات من إيران، ويروِّع أبناء دينه مرغماً إياهم على التزام الصمت ويقود البلاد إلى كارثة بدون استشارة أحد. وانتقد أكاديمي آخر، زبير عبود، في موقع "إيلاف"، وهو عبارة عن صحيفة إلكترونية عربية تحظى بشعبية واسعة، "حزب الله" واصفاً إياه بأنّه "من أسوأ ما حصل للعرب منذ وقت طويل". واتّهم نصرالله بالمجازفة بوجود لبنان من أجل خدمة الأطماع الإيرانية في المنطقة.

قبل تسبّبه بالحرب، كان نصرالله قد واجه انتقادات متزايدة ليس من الطائفة الشيعية وحسب إنّما أيضاً من داخل "حزب الله". عبّر البعض في الجناح السياسي عن استيائهم من اعتماده المفرط على الجهاز العسكري والأمني للحزب. وقد وصفوا أسلوب نصرالله طالبين عدم ذكر اسمهم بـ "الستاليني" ولفتوا إلى أنّ مجلس شورى الحزب لم يعقد جلسة بكامل الأعضاء منذ خمس سنوات. فقد اتّخذ نصرالله كلّ القرارات الكبرى بعد الحصول على موافقة الإيرانيين والسوريين عليها، وكان يحرص أثناء زياراته الرسمية إلى طهران على أن يلتقي وحده دون سواه "القائد الأعلى" الإيراني علي خامنيئي.

برّر نصرالله أسلوبه هذا بالادّعاء أنّ إشراك عدد كبير من الأشخاص في عمليّة صنع القرارات من شأنه أن يسمح للـ "العدوّ الصهيوني" بأن يخترق الحزب. عند حصوله على الضوء الأخضر الإيراني للتسبّب بالحرب، تصرّف نصرالله حتّى بدون إعلام وزيرَي "حزب الله" في حكومة السنيورة أو نوّاب الحزب الاثني عشر في البرلمان اللبناني.

وانتُقِد نصرالله أيضاً لأنّه اعترف بعلي خامنيئي "مرجع التقليد"، أي أعلى سلطة في الطائفة الشيعية. وتأكيداً للـ "البيعة"، يقبّل نصرالله يد خامنئي كلّما التقيا. وهذا مصدر استياء لعدد كبير من الشيعة اللبنانيين لأنّ إيران نفسها لا تعترف بالسيّد خامنئي، وهو سياسي نافذ إنّما قليل الشأن في المجال اللاهوتي، "مرجع التقليد". فالغالبيّة الساحقة من الشيعة اللبنانيين تعتبر آية الله العظمى علي السيستاني في العراق أو آية الله محمد حسين فضل الله في بيروت "مرجع التقليد".

ويطرح بعض الشيعة اللبنانيين أيضاً تساؤلات حول استراتيجيا نصرالله القائمة على معارضة "الخطّة من أجل السلام" التي اقترحها رئيس الوزراء فؤاد السنيورة، وبدلاً من ذلك ترويج "خطّة تحدٍّ" مدعومة من إيران.

يريد الائتلاف الذي يقوده السنيورة تحويل لبنان جنّة سلام في قلب منطقة مضطربة. ويصف نقّاده هذا المسعى بأنّه خطّة تهدف إلى "خلق موناكو أكبر". لكنّ "خطّة التحدّي" التي أطلقها نصرالله تهدف إلى تحويل لبنان خطاً أمامياً للدفاعات الإيرانية في حرب حضارات بين الإسلام (بقيادة طهران) و"الكفّار" بقيادة الولايات المتّحدة. يقول الباحث اللبناني نديم شحاده "الخيار هو بين الشاطئ والغرفة المحصَّنة تحت الأرض". هناك أدلّة تثبت أنّ غالبيّة الشيعة اللبنانيين يفضّلون الشاطئ.

في مرحلة معيَّنة، كان الشيعة يمثّلون طبقة دنيا من الفلاّحين الشديدي الفقر في الجنوب وأحياء بيروت الفقيرة. لكن في السنوات الثلاثين الماضية، تغيّرت تلك الصورة. فقد ساعدت الأموال التي يرسلها المهاجرون الشيعة في غرب أفريقيا (حيث يسيطرون على تجارة الماس) والولايات المتّحدة (لا سيّما ميشيغان) على خلق طبقة وسطى ميسورة من الشيعة المهتمّين بالحياة الجيّدة أكثر من اهتمامهم بالاستشهاد على طريقة الإمام حسين. تحلم هذه البورجوازية الشيعية الجديدة بالحصول على مكان في الاتّجاه السائد في السياسة اللبنانية وتأمل استخدام التفوّق الديموغرافي للطائفة منطلقاً لتولّي مناصب قيادية على صعيد الوطن. وما دام "حزب الله" أداة للسياسات الإيرانية، فهو عاجز عن تحقيق هذا الحلم.

تقدِّم لائحة الأسماء التي لم تدعم يوماً "حزب الله" أو انفصلت عنه بعدما أصبحت روابطه الإيرانية واضحة جداً، فكرة عن التوجّهات المختلفة في الطائفة الشيعية اللبنانية. فإلى جانب عائلة الأمين، تشمل هذه اللائحة عائلات مثل الأسعد وعسيران والخليل وحماده ومرتضى وشرف الدين وفضل الله وموسوي وحسيني وشمس الدين وعطالله.

لا يمثّل "حزب الله" الإجماع الوطني اللبناني بل هو مجموعة مذهبيّة تدعمها ميليشيا تدرّبها ايران وتسلّحها وتسيطر عليها. بحسب تعبير حسين شريعتمداري، رئيس تحرير الصحيفة الإيرانية "كيهان": "حزب الله هو إيران في لبنان". في الانتخابات البلدية عام 2004، فاز "حزب الله" بنحو أربعين في المئة من الأصوات في المناطق الشيعية، بينما فازت حركة "أمل" المنافسة له ومرشّحون مستقلّون بالأصوات الباقية. وفي الانتخابات العامّة العام الفائت، فاز "حزب الله" بـ 12 مقعداً فقط من أصل 27 مقعداً للشيعة في البرلمان الذي يضمّ 128 نائباً - وذلك على الرغم من تحالفه مع أطراف مسيحية ودرزية وإنفاق مبالغ طائلة حصل عليها من إيران لشراء الأصوات.

لم يعد موقع "حزب الله" محكماً في العالم العربي الأوسع حيث يُنظَر إليه كأداة إيرانية وليس كطليعة نهضة جديدة، كما يدّعي الإعلام الغربي. في الواقع، ما زال قوياً لأنّه يملك أسلحة ومالاً ودعماً من إيران وسوريا و"مؤسّسة كره أميركا الدولية". لكنّ لائحة الكتّاب العرب البارزين، الشيعة والسنّة على السواء، الذين يفضحون حقيقة "حزب الله" - حصان طروادة خميني - أطول من أن تُعدَّد في مقال واحد. لقد بدأوا يكشفون النقاب عن حقيقة ما جرى في لبنان.

بعدما خسر أكثر من خمسمئة مقاتل ودُمِّرت كلّ صواريخه المتوسّطة المدى تقريباً، قد يجد "حزب الله" صعوبة في مواصلة الادّعاء بأنّه انتصر. يقول كاتب العمود الخاص المصري علي الابرهيم "ربح حزب الله حرب البروباغندا لأنّ كثيرين في الغرب أرادوه أن يفوز كوسيلة لتصفية حسابات مع الولايات المتّحدة. لكنّ العرب أصبحوا حكماء بما يكفي للتمييز بين النصر التلفزيوني والنصر الحقيقي".

 

 

 

* الكاتب قصد مفتي صور وجبل عامل السيد علي الأمين.

 

*المدير التنفيذي السابق لصحيفة "شيهان" الإيرانية -

 

مؤلّف "العراق: ما تخبّئه الأوراق" بالفرنسية، منشورات كومبلكس، 2002 .

 

 

 

 

هل نجحنا...؟

GMT 7:00:00 2006 الخميس 31 أغسطس

السفير اللبنانية

 

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

 

هاني فحص

 

 

أول وصولنا الى العراق طلابا في الحوزة شرع بعض أساتذتنا في تعبئة ذاكرتنا بمثالات للقيم التي علينا أن نعتني بها.. حكوا لنا عن السيد محمد سعيد الحبوبي الشاعر الغزل، شاعر الموشحات والخمريات... أستاذ الأخلاق، المرجع، أستاذ المجتهدين، قائد ثورة العشرين وعن أخلاقه وتواضعه ونكرانه لذاته، وتوقفه عن كتابة الشعر فترة طويلة من الزمن وتعويضه عن ذلك بالإصغاء الى شعر الشعراء من تلامذته.. حتى ان أحدهم قرأ له قصيدة غزلية فأعجبته كثيرا، وسأل الذي قرأها: لمن هذه القصيدة؟ فقال: إنها لكم يا سيدي... هذا من آخر.. هذا نكران للذات يجعلها أعمق حضوراً وأشد سطوعاً في الآخر... وحدثونا عن مرجع آخر حاز قصب السبق، الى الفقه والأدب، في التواضع واعتماد البساطة، لا عن بساطة، بل توارياً خلف المشهد ليصبح المتواري مصدر الإشعاع في هذا المشهد.. قالوا: كان الشيخ علي القمي المرجع يؤم صلاة المغرب والعشاء جمعا في الساحة المحيطة بمرقد الإمام علي بن أبي طالب وسط مدينة النجف.. وبعد صلاة المغرب جلس للتسبيح، وتقدم أحدهم وهمس في أذنه كلاما، تغير وجهه قليلا، ظهرت عليه علامات الحزن، ولكنه ما لبث أن نادى مكلمه وهمس في أذنه كلاما، سمع جوابه ثم قام سريعا الى إمامته للمصلين، فصلى بهم العشاء من دون أدنى تغيير في الأداء.. وعندما انتهت الصلاة والتعقيب عليها، تقدم منه بعض المقربين من تلامذته الكبار، وسألوه عما جرى... فقال لهم ان الرجل أخبره بأن ولده الوحيد قد لاقى حتفه على يد قطاع الطريق في طريقه الى كربلاء لزيارة الحسين في الأربعين مشيا على الأقدام على جاري عادة أهل العراق، فاغتم لذلك، وفي المرة الثانية سأل المخبر: وهل علمتم أنه قاوم قاتليه قبل موته، فأكد له ذلك، عندئذ تراجعت علامات الحزن من وجهه بإملاء من عقله وقلبه واستأنف عبادته، وحمد الله على الشهادة <من مات عن شبر من أرضه فهو شهيد ومن مات عن عقال بعيره فهو شهيد.. الخ> (مأثور نبوي) ودعا الى تجهيز الجنازة والقبر.. ويقال بأنه تزوج بعد هذه الحادثة وأنجب بدل وحيده، لأن زوجته أم الشهيد كانت قد تجاوزت سن الحمل والإنجاب.

هذه تحية الى المجاهدين أريد بها تغليب مكوناتي التي دخلت في جيناتي على حساباتي، من دون إلغاء هذه الحسابات، بل مع تأجيل بعضها من غير الضروري أو الملح، وتنقيح بعضها مما لا يجوز كتمانه أو تأجيله، غاية الأمر ان الحسابات في زمن السلم لا بد ان تكون باردة وفي زمن الحرب لا بد ان تكون دافئة، وإلا أصبح حساب المحاسب عند الله والتاريخ عسيرا... والأحمق الأحمق، وان يكن بريئا، هو من يبدأ الحساب مع ذاته أو الآخر، مع شريكه أو زميله أو تلميذه أو ولده، من السلبي الى الايجابي، لأن البدء من السلبي يلغي المفعول الصحيح للحساب، يحول المحاسبة الى مكايدة، بينما البدء من الايجابي يسهل التفاهم والتعاون على تفادي السلبي في الحسابات التالية... وما من نجاح مطلق ولا رسوب مطلق في القضايا المركبة كقضية لبنان، كيانا ودولة وحكومة واجتماعا أهليا وسياسيا... ومقاومة، وظروفا محلية واقليمية ودولية... وأعود على بدء... هذه تحية للمجاهدين الذين مرّغوا جبهة الصهيونية بالوحل اللبناني، فلا الجبهة أصبحت طاهرة بطهارة التراب، ولا التراب أصبح نجسا بنجاستها، وهو في الأصل طاهر وبما خامره من عرقهم ودمهم النادر والخصب، أصبح طهورا، أي طاهرا بذاته مطهرا لغيره، إذا كان هذا الغير قابلا للطهارة، اي إذا لم يكن خنزيرا، لأن الخنزير لا يطهره شيء، وهذا الدم الذي خامر وخالط التراب، او خالطه التراب، له ميزة لا بد من التنبيه إليها، وهي أنه لا يُشرب، لا يشربه شيء، لا تشربه الأرض.. ويمكن ان يشربه البشر، يمكن ان يشربه صاحبه اذا لم يحسن استخدامه وتثميره وتحويله الى إكسير للحياة الوطنية، ويمكن ان يشربه من رباه وعلمه الحب والفداء حبا، رغبا ورهبا، رغبا في الكرامة ورهبا من سؤال الرب والضمير، يشربه من رباهم إذا لم يتم له كل الظروف وكل الشروط لكي يربو، ينمو حلالا، ولن يكون حلالا إلا بمدى سعته واتساعه للوطن كله، واذا ما أصبح بمساحة الوطن فإنه يصبح واجبا على كل الوطن وجميع المواطنين، كالعلم والعمل والصلاة والحوار الدائم من أجل لبنان الرسالة.. أما كارهو هذا الدم البهي، وهم في لبنان شواذ وأنا لا أعرفهم، فإنهم هم الخاسرون، وحدهم، هم الفقراء، وهم القاصرون المقصرون عن وظيفتهم الوطنية، أي المساعدة والتعاون من أجل تحويل قيم المقاومة ومعانيها الى رافعة لاستقلال لبنان وسيادته. حذار إذن أن يحاول ساذج ان يشرب هذا الدم... وحتى لا يفكر مغرور او مغامر بذلك، علينا ان نهيئ كل الظروف من أجل ان يصبح هذا الدم أكثر اعتصاما بذاته وبنا من التدنيس. وفي شرعنا الاسلامي ان القلة تعتصم بالكثرة، ومن هنا يصبح الماء القليل، في الإبريق أو الكأس، أكثر عرضة للنجاسة، من الماء في مكان واسع (له تحرير فقهي لحجمه).. وكلما كثر الماء اشتد اعتصامه، ومن هنا فإن المحيط أشد اعتصاما من البحر، والبحر من البحيرة، والنهر من الساقية، والأصل من الفرع، ومجموع الفروع من أحدها.. وقل الوطن والأمة والشعب والطوائف والمناطق والأحزاب والمقاومة والدولة والسياسة والحكومة والدين والمدينة. كل طرف من هؤلاء لا يعصم ويعتصم إلا بالطرف الآخر. وإذا ما اعتصم وحده مكتفيا بذاته لأنه كثير وقوي فإنه يعرّض نفسه للنجاسة في آخر المطاف، وفي شرعنا ان الماء اذا ما كان كثيرا، كالبركة الواسعة، كلبنان الوطن والشعب والكيان، فإنه لا يتنجس الا إذا تغير لونه او طعمه او رائحته بفعل النجاسة، اي أصبح فاسدا لا يصلح للشرب والوضوء، ويمكن تطهيره بوصله بماء كثير معتصم بذاته لكثرته او جريانه كالنهر الى ان يعود الى لونه ورائحته وطعمه السائغ.. هذا إذا كان الماء الكثير أو القليل المعرض للنجاسة ماء قراحا، أما إذا كان ماء مضافا، ماء ورد أو زهر أو عصير تفاح أو دماً أحمر حلو المذاق كدم الشهداء، فإنه لا يطهر إذا ما تنجس أبدا ولا بد من إهراقه...

والماء المضاف كهذا لا جدال في أهميته وضرورته الغذائية ولذلك يجب الحفاظ عليه والحذر الشديد من تنجيسه لأن ذلك يعني الحرمان منه.. هذا معنى التعدد والتركيب الوطني، هذا معنى لبنان المركب، فإذا ما كانت كل طائفة من طوائفه ماء قراحا طائفيا، تتعرض للدنس ويمكن علاجها على المستوى الطائفي وان بصعوبة أحيانا، فإن المركب اللبناني اذا فسد وتنجس بنجاسة أميركية أو إسرائيلية أو غيرها... فإن ذلك يعني نهاية وجوده ومفعوله. واضطرار العطاشى الى الوطن والكرامة ان يبحثوا لهم عن وطن آخر... ولن يجدوه.

فلنسيّج إذن لبنان... والحرب دلتنا على الطريقة، هذه المرة صنعنا مجدنا وحدنا، والمخلصون أضافوا ما عندهم الى ما عندنا، ولو لم يكن عندنا شيء، لما نفعت إضافة العرب الى المخزون اللبناني شيئا.. مبروك.. للدولة، للحكومة التي أنجزت ذاتها في التحدي، وحدها، ومبروك للمقاومة التي أنجزت ذاتها وحدها.. وحدها، الدولة والمقاومة؟ أبدا.. هناك مليون مهجر وعشرات الآلاف من المنازل المهدمة والمئات من الشهداء والمئات من الأطفال الشهداء وغيره وغيره الى آخر المشهد الدامي والخراب الجميل اذا ما كان اللبنانيون مصرين على الجمال.. هذا المشهد أمانة في أعناقنا، ولن نمحو صورته إلا بتحويله الى مشهد وطني بالعمارة وأهلها.. إذن نستطيع ان نصنع دولة مع المقاومة ونستطيع ان ننجز المقاومة والصمود مع الدولة... إذن استشهد المدنيون ومنازلهم واستشهد المجاهدون.. إذن فلبنان شهيد، فليكن شاهدا وفاء لأهل الشهداء.. لوطن الشهداء.. ولتكن الوحدة جسرا بدل الجسر المقطوع.. عندئذ تبنى الجسور وتعمر بالتواصل بين عكار والجنوب.. ويصيح الجنوب جنوب الوطن لا جهة ضائعة في الجهات.

نجحنا إذن، وعندما شرع كل منا ينكر ذاته من دون أن يلغيها، لأن إلغاءها لا يفيد أحدا بل يضر الجميع، عند ذلك أصبح لنا دولة، وبالاستمرار في إنكار الذات من أجل الوطن، تبقى لنا دولة تنجزها دائما بالشراكة وتنجزنا دائما، ويخيب ظن الذين قالوا لنا إنهم يريدون لنا دولة، ولكنها دولة على مقاييسهم، أي لا دولة.. لأن الحرية هي شرط الدولة، والعبد لا يبدع ولا ينتج... الحرية شرط كل شيء. ونحن كما كان يكرر حميد فرنجية <أحرار بمقدار ما نكون عبيدا للقانون> أي ان الدولة التي تحكمنا هي التي تحررنا وتحررنا بمقدار ما نحررها بالوحدة والحوار والتكامل وترتيب الأولويات والتسويات الشريفة المشرفة.

Link to comment
Share on other sites

http://www.elaph.com/ElaphWeb/Politics/2006/9/173720.htm

نبيه بري الأقوى بعد الحرب

GMT 18:00:00 2006 الجمعة 1 سبتمبر

إيلي الحاج

 

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

 

 

 

"حزب الله" مثقل بأعباء "النصر" وكلفته

نبيه بري الأقوى بعد الحرب

Link to comment
Share on other sites

  • 2 weeks later...

لبنان: ما هو المطلوب من الشيعة حالياً..؟

 

السيد علي الأمين

الشرق الاوسط

 

 

توجهت الانظار في الفترة الاخيرة الى اللبنانيين الشيعة وانطلقت مجموعة من التساؤلات حول الدور والانتماء والمستقبل والمصير داخل الوطن والمحيط، ومن هذه الاسئلة المطروحة اليوم سؤال: ما هو المطلوب من الشيعة حاليا؟

 

هذا السؤال يجب ان يوجه في الحقيقة الى الواجهة السياسية في الطائفة الشيعية التي امتلكت القرار السياسي والعسكري فيها، لان عموم ابناء الطائفة الشيعية في لبنان لم يكن لهم رأي في ما وصلت اليه الامور وكانوا قد عبّروا عن آرائهم وتطلعاتهم منذ سبعينات وثمانينات القرن الماضي في محطات عديدة عندما اقتطع الجنوب اللبناني من الدولة اللبنانية واصبح تحت سلطة الاحزاب والتنظيمات، ورغم الضغوط التي كانت تمارس على اهل الجنوب في تلك الفترة كانت اصواتهم ترتفع مطالبة بمشروع الدولة وبسط سلطتها الكاملة على الجنوب اللبناني وسواه من المناطق اللبنانية. وهم ـ اهل الجنوب ـ لم يختاروا قيادتهم السياسية والدينية الا لاعتقادهم ان هذه القيادات واحزابها يعملون على تحقيق مشروع الدولة الواحدة التي تنتظم فيها جميع الطوائف اللبنانية بما في ذلك الطائفة الشيعية التي آمنت بالعيش المشترك مع سائر الطوائف والذي تنبثق منه مؤسسة الدولة الواحدة التي ترعى الجميع وتكون المسؤولة وحدها عن الوطن والمواطن في مختلف نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والعسكرية وغيرها من الحقول والميادين التي تتولى شؤونها الدول في شعوبها واوطانها.

 

وليست الدولة انعكاسا لرؤية ايديولوجية خاصة بطائفة او حزب او جماعة خصوصا في المجتمعات المختلطة والمتعددة كما هو الحال في لبنان البلد المتعدد الطوائف الذي تنبثق فيه فكرة الدولة وتنشأ من خلال عقد اجتماعي بين جميع الفئات تتكرس ميثاقا وطنيا يتجاوز الاطر الضيقة والنظرات الاحادية.

 

وقد التزمت بهذا العقد الاجتماعي المستمر كل الطوائف اللبنانية بما في ذلك الطائفة الشيعية منذ قيامة لبنان، ولا يزال هذا الامر اساسا يحظى بإجماع اللبنانيين من كل الطوائف، وهو اليوم اكثر رسوخا وثباتا في نفوسهم وقناعاتهم وهم اكثر تمسكا به كثابت من ثوابت الوطن النهائي الذي لا يتبدل مهما تغيّرت الظروف وتبدلت الاحوال.

 

وهذا الذي ذكرناه كان جزءا لا يتجزأ من مشروع الامام موسى الصدر الذي اعطته الطائفة الشيعية التأييد على اساسه لما فيه من تأكيد للوحدة الوطنية التي تتعاظم قوتها وتزدهر امكاناتها من خلال مشروع الدولة الواحدة ولذلك قال في 30ـ7ـ1978 (لا حل للبنان الا في اقامة الشرعية ولا شرعية الا بتذويب الدويلات ايا كانت صيغتها وشكلها وفعلها) وقد كان مشروعه في غاية الوضوح في شأن الانتماء الوطني والعربي للشيعة اللبنانيين والاندماج الكلي في مشروع الدولة الواحدة.

 

والمطلوب من القيادات السياسية في الطائفة الشيعية اليوم ان يجسدوا مشروع الامام الذي يحملون لواءه وليس المطلوب ان يذكرونا بأقواله فنحن لا نريد الايقاع الصدري في الاقوال (كما يقول بعض الكتاب) ولكننا نريد ذلك في المواقف والاعمال لان الامام الصدر لم يكن نشيدا او اغنية ذات ايقاع شعري وموسيقي وانما كان صاحب مشروع سياسي اراد من خلاله عودة الجنوب الى احضان الدولة اللبنانية المسؤولة وحدها عن الامن والدفاع عن الوطن والتي يشارك الجميع فيها من خلال المؤسسات الدستورية والقانونية التي تشكل المرجعية الوحيدة في البلاد في مختلف الشؤون والمجالات وهي الحكم في فصل الخلافات والمصدر الوحيد في اتخاذ القرارات. ومن داخل المؤسسات يتم العمل على اصلاح النظام السياسي وتطويره وصولا الى غاية الحماية والعدالة الاجتماعية.

 

والفرصة اليوم متاحة اكثر من اي وقت مضى لتحقيق هذا المشروع لوجود اهتمام غير مسبوق من الداخل اللبناني حكومة وشعبا بمشروع الدولة وبسط سلطتها الكاملة على الجنوب اللبناني وسائر المناطق اللبنانية. ويواكب هذا الاهتمام الوطني اهتمام دولي كبير يتمثل في ارسال قوات طوارئ دولية لتعزيز ومساعدة الجيش اللبناني في مهمة بسط سلطة الدولة وحماية البلاد من الاعتداءات الاسرائيلية وبذلك يتحقق مطلب الشعب بعودة الدولة سلطة وحيدة في الجنوب وتتحقق حماية البلاد من الاعتداءات الاسرائيلية حيث توجد ضمانات دولية من خلال وجود قوات الطوارئ الدولية ودورها الذي يمنع اسرائيل من تنفيذ اعتداءاتها وتحقيق اطماعها. ويتعزز هذا المنع من خلال تقوية الجيش اللبناني بالعدة والعدد، ولا شك في ان انضمام عناصر المقاومة الى هذا الجيش سيعطيه المزيد من القوة وليس في الانضمام الى الجيش الوطني والاندماج فيه تراجع عن الهدف المعلن بحماية لبنان، وأيضا ليس الانخراط في صفوف الجيش اللبناني تراجع عن المطالبة بقوة الدولة لان انضمام المقاومة القوية الى الجيش وسائر المؤسسات سيعطي الدولة المزيد من القوة في مختلف المجالات، وايضا ليس في انضمام المقاومة الى مؤسسات الدولة العسكرية وغيرها انتقاص من موقع حزب الله لانه لا ينضم الى الجيش والدولة من موقع المهزوم والضعيف لانه لا يزال قويا عسكريا وشعبيا وبذلك يكون ما لديه من سلاح منه واليه عندما يصبح جزءا من المؤسسة العسكرية. وهذا الامر يجعل حزب الله في الموقع الاقوى في الدولة ومؤسساتها والاكثر حظوة وتأييدا عند الشيعة وسائر اللبنانيين التواقين الى دولة واحدة طال انتظارها، يقوى بها جميع اللبنانيين وتقوى بانضمام الجميع اليها. وعندئذ يتحقق مشروع الامام الصدر بالدولة الواحدة التي ينضوي جميع اللبنانيين تحت لوائها ونؤسس بذلك لقيامة لبنان القوي في مواجهة الاخطار الخارجية والمتماسك داخليا وننطلق جميعا في عمل سياسي لتحقيق كل الاهداف لأهلنا الصابرين وشعبنا الصامد الذي يستحق الحياة الآمنة والمزدهرة.

 

* المفتي الجعفري

 

في صور وجبل عامل

 

 

 

 

التعليــقــــات

جليل النوري، «ايطاليا»، 14/09/2006

سيدي الفاضل لا اتصور ان عاقلا يرفض اليوم اي مشروع يصب في مصلحة الاوطان ووحدتها وتقوية اسسها ومرتكزاتها، ولا يمكن لاي حر ان يقبل بالتبعية، الا ان كلامك سيدي فيه كثير من التوقفات والنقاش وسأستعرضه في عدة نقاط:

1ـ لا اتصور ان حزب الله بعيد عن سياسة الدولة ومنهجها، والا ما الداعي لوجود وزراء ممثلين له في هذه الحكومة التي هو منها واليها.

2ـ ان حزب الله هو جزء لا يتجزأ من لبنان فبالتالي يبقى اولا واخرا رافعا لعلم لبنان ودفاعه مكسب للبنان وحدها لا لغيرها ويطلق على النصر الذي يحققه بالنصر اللبناني.

3ـ قد تكون لاي حركة او حزب مرجعية دينية تؤمن بها وليس شرطا ان تكون من داخل البلد او من نفس القومية وانت سيدنا الفاضل اعرف بامور التقليد لمكانتك الدينية وهذا في كل الاحوال لا يخرجها من دائرة وطنيتها.

4ـ ان التهم الملصقة لحزب الله بالتبعية لايران هي نفس التهمة الموجهة لشيعة البحرين والعراق وسوريا وغيرها من مناطق تواجد الشيعة في العالم، لذا فالمشكلة في حزب الله انه ليس تبعا وانما شيعيا.

5ـ لا اتصور ان هناك الزام بالتحاق عناصر حزب الله في مؤسسات الجيش والشرطة، فقد يؤمن مسؤولو هذا الحزب بالعمل خارج مؤسسات الدولة العسكرية وهو ليس بعيب ولا اعتقد ان انضمام مقاتليه من عدم انضمامهم سيسبب اي مشكلة.

6ـ هناك تحرك نظامي لقوات ما يسمى بالبيشمركة في شمال العراق وهي جهاز نظامي يقود التنظيم المؤسساتي في شمال العراق ولم ير العراقيون فيه اي خطورة على العكس فهو قد وفر ما تريده منطقته منه من كل الجوانب وما يشترك به مع حزب الله هو ان عناصره من نفس المنطقة وبالتالي هم اقرب الى ابناء منطقتهم من غيرهم ويقومون بممارسة نفس الدور على الارض مع اختلاف العقيدة.

7ـ ان المسؤولين الاكراد يعتبرون ان هذا التنظيم هو رمز وعنوان لجهادهم وتضحياتهم وعنوان عزهم وفخرهم فكذلك فان حزب الله يرى في مقاتليه عنوان لعزتهم ومجدهم ومقارعتهم لاسرائيل وبهم قد تحقق الانتصار لذا تغييبه وتمييعه في اي جهاز يعني غياب عنوانه الاصلي.

8ـ نحن نتفق معك سيدي على ان التكاثف والمؤاخاة ونبذ العنصرية والتفرد هي امور مرفوضة من كل الجوانب ويجب ان نترك خلافاتنا جانبا ونلتفت الى عدونا المشترك المتمثل اليوم بالثالوث المشؤوم (اسرائيل ـ امريكا ـ بريطانيا) ولا اعتقد ان الاخوة في حزب الله قد غاب عنهم هذا وانت اعرف بنا منهم لقربك منهم.

 

 

جيولوجي /محمد شاكر محمد صالح، «المملكة العربية السعودية»، 14/09/2006

نشكر السيد علي الأمين على المقال وكنت اتمنى ان يكون العنوان لهذا المقال ماهو المطلوب من اللبنانيين وليس من الشيعة فقط لأننا نحن كعرب نتمنى ان يكون المواطن الذي يعيش في لبنان سواء كان سنيا ام شيعيا ام مسيحيا ام درزيا ان يكون مسماه (مواطن لبناني فقط لاغير) يخضع لنظام دولة لبنان ونترك المسيات الأخرى جانبا لأنها تسبب وتؤجج النعرات الطائفية التي غالبا ما تفرق وتشرذم ابناء الوطن الواحد وبالطبع مهام رجال الدين لا تقل عن مهام رجال السياسة في تثبيت هذا المفهوم واعتقد ان المشوار في اكمال هذا المفهوم طويل ويحتاج الى صبر شديد وتأن في الأقوال والأفعال.

 

د. هشام النشواتي,CA، «المملكة العربية السعودية»، 14/09/2006

مقال رائع.

 

خالد الركابي بغداد العراق، «فرنسا ميتروبولتان»، 14/09/2006

أتمنى أن يقرأ هذا المقال شيعة العراق على المستوى القيادي والشعبي، لكي لا تتكرر تجربة جنوب لبنان في جنوب العراق. فيدرالية الجنوب التي تطلقها بعض الأطراف إنما يراد بها تعويض إيران مما خسرته في جنوب لبنان لكي يصبح جنوب العراق ورقة الضغط الإيراني الجديدة، ولكي يتحول الجنوب إلى ساحة المواجهة بين المجتمع الدولي وإيران.

 

Link to comment
Share on other sites

  • 2 weeks later...

النص الكامل لكلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله

في مهرجان الانتصار الإلهي الذي أقامه حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت

إدراج خاص الانتقاد.نت بتاريخ 22/09/2006الساعة 22:52.

 

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

 

السلام عليكم يا أشرف الناس وأطهر الناس... الحمد لله الذي صدقنا وعده، والذي نصرنا ونصر لبنان وشعب لبنان على عدو لبنان. الحمد لله الذي أعزنا وثبتنا وأمننا. الحمد لله الذي عليه توكلنا وإليه أنبنا، وكان دائماً كما وعد: نعم المولى ونعم الوكيل. الحمد لله على نصره وعلى عونه وعلى تأييده.

أيها الأخوة والأخوات، أيها السادة جميعاً:

أنتم اليوم في الثاني والعشرين من أيلول تدهشون العالم من جديد، وتثبتون بحقٍّ أنكم شعب عظيم، وأنكم شعب أبيّ، وأنكم شعب وفي، وأنكم شعب شجاع.

 

منذ أيام، وكثيرون يشنون حرباً نفسية على هذا المهرجان كما كانوا يشنون حرباً نفسية على المقاومة. لقد قالوا إن هذه الساحة ستقصف وأن هذا المنبر سيدمر ليخيفوا الناس ويبعدوها، انتم في 22 من أيلول تثبتون بتتويجكم لاحتفال النصر أنكم أشجع من 12 تموز وأشجع من 14آب. نعم، أنا أقف أمامكم وبينكم، فيه مخاطرة عليكم وعلي، وكان هناك خيارات أخرى، ولكن إلى قبل نصف ساعة ونحن نتناقش، إلا أن قلبي وعقلي وروحي لم تأذن لي أن أخاطبكم من بعيد ولا عبر شاشة.

 

أقصى ما يتوقعه إنسان هو أن يقدم العدو على خطأ أو جريمة، ولكن ألا يعرف هذا العدو من نحن؟ نحن أبناء ذاك الإمام الذي قال: أبالموت تهددني يا بن الطلقاء، إن القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة.

 

أهلاً بكم جميعاً... من الجنوب المقاوم المقاتل، إلى البقاع الصامد، إلى الشمال الوفي إلى الجبل الأبي، إلى بيروت العروبة، إلى ضاحية العزة والكرامة، أهلاً بكم جميعاً .. من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، أهلاً بكم جميعاً، من سوريا، من إيران، من الكويت، من البحرين، من كل بلد جاءنا محتفياً محتفلاً.

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. السلام على شهدائكم وعلى عوائل شهدائكم.. السلام على جرحاكم وجراح جراحكم النازفة.. السلام على أسراكم، السلام على دمائكم ، السلام على دموعكم، السلام على أيتامكم، السلام على أراملكم، السلام على بيوتكم المهدمة، السلامة على أرزاقكم المحروقة، السلام على أرواحكم وإرادتكم الصلبة التي هي أصلب من جبال لبنان.

 

نحن اليوم نحتفل بنصر إلهي تاريخي استراتيجي كبير، وكيف يمكن لعقل بشري أن يتصور أن بضعة آلاف من أبنائكم المقاومين اللبنانيين، ولو شئت لقلت العدد بالدقة والتحديد، وقفوا 33 يوماً في أرض مكشوفة للسماء وأمام أقوى سلاح جو في منطقة الشرق الأوسط وله جسر ينقل إليه القنابل الذكية من أمريكا إلى بريطانيا إلى "إسرائيل"، وأمام 40 ألف ضابط وجندي، أربعة ألوية من النخبة وثلاثة فرق من جيش الاحتياط وأمام أقوى دبابة في العالم وأمام أقوى جيش في المنطقة، كيف يمكن لبضعة آلاف فقط أن يقفوا ويقاتلوا في ظروف قاسية صعبة من هذا النوع ويؤدي قتالهم إلى إخراج البوارج البحرية من مياهنا الإقليمية، (وبالمناسبة الجيش والمقاومة قادران على حماية المياه الإقليمية من أن يدنّسها صهيوني)، وتدمير دبابات الميركافا مفخرة الصناعة الإسرائيلية، وتعطيل المروحيات الإسرائيلية في النهار ولاحقاً في الليل، وتحويل ألوية النخبة، وأنا لا أبالغ، شاهدوا الإعلام الإسرائيلي، وتحويل ألوية النخبة إلى فئران خائفة مذعورة من أبنائكم، تخلٍّ عالمي وعربي عنكم، وفي ظل انقسام سياسي من حولكم، وإن كان التضامن الإنساني عالياً، كيف يمكن لهذه الثلة من المجاهدين أن تهزم هذا الجيش، إلا بنصر من الله وعون من الله وتأييد من الله سبحانه وتعالى. هذه التجربة، تجربة المقاومة التي يجب أن تنقل إلى العالم، تعتمد على الإيمان واليقين والتوكل والاستعداد للتضحية في الجانب المعنوي والروحي، ولكنها أيضاً، تعتمد على العقل والتخطيط والتنظيم والتدريب والتسليح، وكما يُقال الأخذ بالأسباب.

 

لسنا مقاومة عشوائية، لسنا مقاومة سفسطائية ولسنا مقاومة مشدودة إلى الأرض لا ترى إلا التراب، ولسنا مقاومة فوضى. المقاومة التقية المتوكلة العاشقة العارفة، هي المقاومة أيضاً العالمة العاقلة المخططة المدربة المجهزة. هذا هو سر الانتصار الذي نحتفل به اليوم.

 

أيها الأخوة والأخوات، هذا الانتصار بحاجة إلى وقفة شجاعة كوقفتكم اليوم، أنتم اليوم تقدمون رسالة سياسية ومعنوية شديدة وبالغة الأهمية والخطورة للبنانيين، للعرب، لكل العالم، للصديق وللعدو.

أنتم أذهلتم العالم عندما صمدتم كشعب في لبنان من 12 تموز إلى 14 آب، وكانوا يراهنون على انقسامنا وتفتتنا، وصمدتم كل هذه المرحلة، من هُجر ومن احتضن.

 

وجاء الرابع عشر من آب، وكانوا يراهنون أن بقاء المهجرين في أماكن التهجير سوف يشكل ضغطاً على المقاومة لفرض المزيد من الشروط عليها، وهي لم تخضع لشروط، ولكن من جديد أذهلتم العالم عندما ركب المهجرون سياراتهم والشاحنات وبعضهم على الأقدام وعند الساعة الثامنة صباحاً كانت الضاحية والجنوب والبقاع تمتلئ بأهلها العائدين، المرفوعي الرأس، الأعزاء، الكرام.

 

اليوم، أنتم تذهلون العالم وتقولون للأميركي الذي تكلم قبل أيام وقال: وصلتنا إشارات طيبة من لبنان أن المقاومة تراجعت شعبيتها وبدأت تضعف وتنهار! هذا هو شعب المقاومة.. أنا أقول لهذا الأميركي: عليك أن توجه كتاب ذم وقدح لكَتَبَة التقارير الكذابين الذين يرسلون لكم معلومات خاطئة وتبنون عليها حسابات خاطئة.

 

يجب أن نؤكد اليوم أن هذه الحرب كانت حرباً أميركية بالقرار وبالسلاح وبالتخطيط وبالإرادة وبإعطاء المهلة تلو المهلة للصهاينة: أسبوع، أسبوعين، ثلاثة، أربعة.. والذي أوقف الحرب هو عجز الصهاينة.

 

إذا ذكرتم الأيام الأخيرة، أكبر عدد من الدبابات دمر يوم الجمعة والسبت والأحد. أكبر عدد من قتلى جنود الاحتلال سقطوا يوم الجمعة والسبت والأحد، المروحيات سقطت الجمعة والسبت والأحد، ولذلك أدرك الصهاينة أنهم لو استمروا فستكون كارثة، فتدخل الأميركي وقبِل حتى بالمسودات، قَبِل لتقف الحرب.

 

أوقفوا الحرب ليس من أجل لبنان ولا من أجل أطفال لبنان ولا من أجل دماء النساء في لبنان ولا من أجل لبنان الجميل، أوقفوا الحرب فقط من أجل إسرائيل، وأتوا ليبيعونها لنا في لبنان، أن أصدقائنا الأمريكان أوقفوا الحرب؟ أصدقائنا الأميركان أول يومين لم يقبلوا أن يوقفوا الحرب، وأول أسبوع لم يقبلوا وثاني أسبوع لم يقبلوا وثالث أسبوع لم يقبلوا ورابع أسبوع لم يقبلوا! ألم يكونوا مشاهدين لجمال لبنان شهراً كاملاً، وإنما كانوا يراهنون، وهذه العبارة استخدمت في بعض القنوات الدبلوماسية، كان القرار أن يسحق حزب الله، وبعد سحق حزب الله تتم تصفية الحساب مع كل أصدقائه وحلفائه وأبناء الخط الوطني السيادي الحقيقي الاستقلالي في لبنان.

 

الذي أوقف الحرب بعد فضل الله عز وجل، أبناؤكم المقاومون وهذا الشعب الأبي الوفي الشجاع الذي احتضن المقاومة ودعمها من الحدود إلى الحدود، والذي ضمّها في مساجده وكنائسه وأديرته ومدارسه، هذا هو الذي أوقف الحرب. وإذا كان من أحد يحق له أن يحتفل بالنصر فهو أنتم الموجودون هنا.

 

نختلف: هل ما جرى في لبنان نصر أم هزيمة، وأنا لا أريد أن أدخل في هذا السجال، ولكن أقول لكم: من يشعر أن خياره ومشروعه وخطه ورؤيته هي التي انتصرت، يشعر بالنصر ويتحدث عنه، ومن يعتبر أنه هو الذي هزم والذي سقط يتحدث عن الهزيمة.

 

نحن نشعر أننا انتصرنا وأن لبنان انتصر وأن فلسطين انتصرت وأن الأمة العربية كلها انتصرت وأن كل مستضعف ومظلوم ومحروم ومعتدى عليه في هذا العالم أنه انتصر.

 

ونصرنا ليس انتصار حزب.. أعيد ما قلته في بنت جبيل في 25 أيار عام 2000 ، ليس انتصار حزب، ليس انتصار طائفة، ليس انتصار فئة، هو انتصار لبنان الحقيقي وشعب لبنان الحقيقي وكل حرّ في هذا العالم. لا تحوّلوا الانتصار التاريخي الكبير، لا تسجنوه في علب حزبية أو مذهبية أو طائفية أو قطرية، هذا نصر أكبر بكثير مما تطيقه عقولنا ومما تستوعبه عقولنا. الأسابيع والشهور والسنوات المقبلة هي التي ستؤكد هذا المعنى. يكفي أن أقول في النتائج المباشرة: إن مقاومتكم وصمودكم أفشل كل أهداف العدوان، وهذا انتصار. إن مقاومتكم وصمودكم وجهت ضربة قاسية لمشروع الشرق أوسط الجديد الذي تحدثت كوندليزا رايس أن مخاضه كان في حرب تموز، ولكنه أصبح سقطاً لأنه ولد غير شرعي. مقاومتكم وصمودكم فضحت السياسات الأميركية الخداعة التي تتحدث عن حقوق الانسان والحريات والديموقراطية والاحترام. صمودكم ومقاومتكم فضح أمريكا ورفع منسوب الوعي والعداء (الوعي قبل العداء) ليس في العالم العربي فقط، ليس في العالم الإسلامي فقط، في كل العالم. بصمودكم ومقاومتكم يستطيع رجل، أستطيع أن أقول عنه عربي كبير كبير كبير كتشافيز أن يقول ما قاله بالأمس في الأمم المتحدة: المقاومة اللبنانية اليوم هي تلهم كل مقاومي العالم وكل أحرار العالم وكل أشراف العالم وكل الرافضين للخضوع والإذلال الأميركي في العالم.

 

هذا هو انتصارنا وهذه هي نتيجة معركتنا أيضاً. مقاومتكم كما قدمت انتصار عام 2000 نموذجاً لمقاومة التحرير في 2006، قدمت نموذجاً للصمود، الصمود الاسطوري، الصمود المعجزة، وهذا سيصبح حجة وأصبح حجة على كل العرب وعلى كل المسلمين، على الحكام وعلى الجيوش وعلى الشعوب.

 

بالأمس ذهبت مجموعة الدول العربية إلى مجلس الأمن تستجدي سلاما وتسوية، وأنا أقول لهم لا أحدثكم عن إزالة "إسرائيل"، أحدثكم عن التسوية التي تطلبونها، كيف ستحصلون على تسوية مشرفة وأنتم تعلنون صباح مساء أنكم لن تقاتلوا لا من أجل لبنان ولا من أجل غزة ولا من أجل الضفة الغربية ولا حتى من أجل القدس. كيف ستحصلون على تسوية معقولة وأنتم تعلنون في كل يوم أنكم لن تستخدموا سلاح النفط، وحتى إذا جاء أحدكم يحدثكم عن سلاح النفط "صرتم تتمصخروا فيه وتتمهزأوا فيه"، هذا الحكي تخلف!

 

لا تريدون أن تقاتلوا ولا تريدون أن تقاطعوا ولا تريدون استخدام سلاح النفط ولا تسمحون للناس أن ينزلوا إلى الشارع ولا تسمحون للمقاومة في فلسطين أن تتسلح وتحاصرونها ولا تعطونها المال وتجوعونها وتقطعوا عنها الرواتب فقط من أجل كونداليزا رايس، هؤلاء كيف سيحصلون على "تسوية عادلة أو مشرفة"؟ هل الإسرائيلي يعترف بكم أصلا؟

أقول لكم إنّ الإسرائيليين ينظرون اليوم إلى المقاومة في لبنان وإلى شعبها باحترام وتقدير كبيرين، أم كل هؤلاء الأذّلاء فلا يساوون شيئاً.

 

حتى من أجل المبادرة العربية التي أجمعتم عليها في بيروت "بدها وقفة ورجال وقوة"، لا تريدون استخدام القوة، إذاً هددوا بها ولوّحوا بها، أما القول أننا ضعيفون، فشعب لبنان أقام الحجة على كل شعوب العالم، مقاومة لبنان أقامت الحجة على كل الجيوش العربية والإسلامية. الجيوش العربية والشعوب العربية ليست قادرة فقط على تحرير غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، بكل بساطة وبقرار صغير وببعض الإرادة هم قادرون على استعادة فلسطين من البحر إلى النهر، لكن المشكلة عندما يضع إنسان نفسه بين خيارين: بين شعبه وعرشه فيختار عرشه، بين القدس وعرشه فيختار عرشه، بين كرامة وطنه وعرشه فيختار عرشه.

 

ميزة المقاومة في لبنان وميزة المقاومة في فلسطين أنها اختارت كرامة شعبها ومقدساتها وحرياتها وقدمت قادتها وأبناءها وأعزاءها قرابين لترحل إلى عرش الله سبحانه وتعالى. اليوم مقاومتكم هزّت صورة إسرائيل: صورة الجيش الذي لا يقهر أنهيناها، مقولة الدولة التي لا تقهر أنهيناها، بِجَدٍّ "خْلُصْنَا"، أنا لست أجامل وأطلق شعارات، يكفي أن تقرأوا ماذا يجري في فلسطين المحتلة وماذا يقول الصهاينة وماذا يجري بين جنرالات إسرائيل وقادتها، وها هو (إيهود) أولمرت يحتج علينا اليوم ولماذا نعمل احتفال بالنصر اليوم؟ صحيفة يديعوت أحرونوت أجرت استطلاعا للرأي يقول: من ترى شخصا لائقا لرئاسة الوزراء في إسرائيل، أولمرت أخذ 7 بالمئة، ووزير الحرب البطل أخذ واحد بالمئة!

 

هذه "إسرائيل" المهزوزة في كيانها السياسي والمهزوزة في مؤسستها العسكرية والمهزومة في استخباراتها تغيرت صورتها اليوم، ولا يستطيع أي حاكم عربي وأي نظام عربي أن يذهب ويقدم تنازلات جديدة ويخضع لشروط مذلة ويحتج لذلك أمام أمّتنا ويقول نحن لا نستطيع أن نفعل شيئا مع "إسرائيل".

 

في يوم من الأيام قال رجل كهل كبير في السن عارف بزمانه ومكانه وعصره: لو حمل كل واحد منّا دلوا من الماء ورماه على فلسطين المحتلة لزالت "إسرائيل" من الوجود. عندما يقف مئة أو مئتين أو ثلاثمئة مليون إنسان فبإمكانهم أن يهزموا "إسرائيل"، عدّة آلاف في لبنان هزموا "إسرائيل". هذه الحجة سقطت ونحن يجب أن ندخل إلى مرحلة جديدة وإلى عصر جديد، العصر الذي نملي فيه شروطنا على العدو، العصر الذي نستعيد فيها كرامتنا وحريّتنا وسيادتنا ومقدساتنا.

 

إننا في يوم النصر الإلهي وقبل أن أتحدث في الشأن الداخلي، كما في يوم 12 تموز أريد أن أؤكد على وصيّتين: قلوبنا ومشاعرنا وأحزاننا اليوم هي فلسطين، هي في غزة ورام الله ونابلس، هي في جنين، هي في القدس، هي في كل بلدة وقرية ومخيم فلسطيني يقصف في كل يوم وشاب فلسطين يقتل في كل يوم وبيوت فلسطينية تهدّم في كل يوم والعالم كله ساكت، العالم العربي قبل العالم الآخر. إلى متى سوف يبقى هذا السكوت، إلى متى سنتحمل هذا العار. ولا يطلب أحد أن ترسلوا جيوشكم لتدافع عن شعب فلسطين، فقط لنقدم الدعم لهذا الشعب، الدعم المعنوي والسياسي والمالي والتسليحي، وفي فلسطين قادة وعلماء وفصائل وحركات وشباب ورجال ونساء وأطفال قادرون أن يجددوا المعجزة الإلهية على أرض فلسطين.

 

والرسالة الثانية هي العراق، العراق الذي يجب أن ننظر إليه كلبنانيين، كنموذج، لو نجحت الحرب في لبنان كان الأمريكيون يريدون تعميم هذا النموذج فيه، نحن في الحرب قدمنا شهداء كلبنانيين، من المقاومة والجيش والقوى الأمنية والدفاع المدني والصليب الأحمر ووسائل الإعلام والمؤسسات والأحزاب المختلفة ومن شعبنا الحبيب، قدمنا قرابة ألف ومئتين شهيد، في العراق كل شهر يقتل عشرة آلاف وخمسة عشر ألفا، في حرب عبثية يديرها ويمولها ويحرض فيها الأمريكي والموساد. نحن، المقاومة في لبنان، هي التي حمته من الحرب الأهلية. البعض يقول المقاومة في لبنان تدفع إلى حرب أهلية، أبداً، لو انتصرت إسرائيل لَدُفِعَ لبنان إلى حرب أهلية، ولسمعتم أصوات الفيدراليات والكانتونات والتقسيم واللغة الإسرائيلية التي كانت ستنطلق من جديد. العراق نموذج يجب أن نتوقف عنده دائما ويجب أن تبقى رسالتنا لشعبنا في العراق الصبر والهدوء والحكمة والتواصل وعدم الوقوع في الفتنة وعدم الرهان على العدو.

 

أمّا في لبنان فرسالتنا هي أنّ خلاصنا جميعا ورجاءنا وأملنا هو في بناء الدولة القادرة القوية العادلة العزيزة النظيفة، هذا هو الأمل، ومن المفترض أنّ هذا هو معقد الإجماع بين اللبنانيين. نحن من هنا نعلن وبدماء شهدائنا نعلن ونستبق الأمور ونقول: إنّ أي كلام في لبنان يتحدث عن التقسيم هو كلام إسرائيلي وإن أي كلام في لبنان يتحدث عن الفيدرالية هو كلام إسرائيلي وإنّ أي كلام في لبنان يتحدث عن كانتونات هو كلام إسرائيلي.

 

نحن اللبنانيين قدرنا وقرارنا ومصيرنا ومشيئة ربنا أن نعيش معا وسويا في دولة واحدة، نرفض أن تقسم وأن تجزأ ونرفض أن "تُفَدْرَلْ" وأن "تُكَنْتَنْ". الأصل الذي يحمي وحدة لبنان هو بناء الدولة القوية القادرة العادلة ، الذي يحمي سيادة لبنان من الأطماع الصهيونية هو الدولة القوية القادرة العادلة، الذي يعالج الأزمات المعيشية والإجتماعية للبنانيين وللمقيمين في لبنان هو الدولة القوية القادرة العادلة النظيفة العزيزة، وهذا ما نطمح إليه ونتطلع إليه جميعا. الدولة القوية القادرة تعني التي تستطيع وبعزة أن تستعيد كل شبر من أرضها المحتلة، وأن تحمي كل قطرة ماء من نهر الوزاني والليطاني والحاصباني، والتي تستطيع أن تمنع العدو من الاعتداء على سيادتها يوميا، والتي تستطيع أن تطمئن شعبها إلى أنّها تحميه بحق، تحميه بالسلاح وبالقوة وبالعقل وبالوحدة وبالتحصين وبالتخطيط وبالإرادة الوطنية، أمّا الدموع فهي لا تحمي أحد. نحن نريد هذه الدولة القوية والقادرة والعادلة والنظيفة والمستقلّة التي ترفض أي وصاية أو هيمنة أجنبية، الدولة الكريمة العزيزة التي لا تخضع لشروط مذلة، والنظيفة التي لا مكان فيها للسرقات ولا للهدر ولا لِلُّصوصية. هذه هي الدولة التي نحتاجها.

 

هذا هو المدخل الطبيعي لمعالجة مسألة المقاومة، هنا نأتي للسلاح "للذين قلوبهم محروقة بدُّن يحلو مسألة السلاح". أنا أقول لهم لا تعالجوا النتائج وتعالوا لنعالج الأسباب، ناقشونا بالمنطق، المقاومة نتيجة لسبب الاحتلال ولاعتقال الأسرى ولسلب المياه والتهديد للبنان والاعتداء على السيادة اللبنانية وهذه هي الأسباب، عالجوا الأسباب، والنتائج يمكن معالجتها بسهولة. عندما نبني الدولة القوية القادرة العادلة التي تحمي لبنان واللبنانيين سوف نجد بسهولة حلا مشرفا لمسألة المقاومة وسلاحها. أريد أن يسمع اللبنانيون بوضوح، نحن لا نقول إن هذا السلاح سيبقى إلى الأبد وليس منطقيا أن يبقى إلى الأبد، هذا السلاح لا بدّ له من خاتمة ومن نهاية، المدخل الطبيعي أن نعالج الأسباب فتنتفي النتيجة، تعالوا وابنوا دولة قوية عادلة تحمي الوطن والمواطنين وأرزاقهم ومياههم وكرامتهم وستجدون أن حل مسألة المقاومة لا تحتاج حتى إلى طاولة حوار. أمّا أن نأتي بالزمن إلى الوقت الذي ـ بدل أن يخرج الإسرائيلي من مزارع شبعا ـ يمدون له الشريط إلى الأمام، وبدل أن يحل مشكلة النقاط الحدودية يتقدم إلى الأمام في الخيام ومروحين وفي الضهيرة، وبدل أن نستفيد من حقنا القانوني من مياه الوزاني يأتي فيمد قساطلا ويسرق مياه الوزاني. هل هكذا يمكن أن نحمي الوطن وخيراته؟

 

لذلك أقول إنّ أي حديث عن "نزع" سلاح المقاومة أو "تسليم" سلاح المقاومة في ظل هذه الدولة وهذه السلطة وهذا النظام وهذا الوضع القائم يعني إبقاء لبنان مكشوفا أمام "إسرائيل" لتقتل من تشاء وتأسر من تشاء وتقصف كيفما تشاء وتسلب أرضنا ومياهنا، هذا بوضوح لا يمكن أن نقبل به. نحن لم قاتلنا منذ عام 1982 ولم يمضِ الشباب زهرة شبابهم في المقاومة ولم يتركوا حياة الرخاء والرفاه والترف ولا الهدوء، 24 ـ 25 سنة في المقاومة لا لتنتهي المقاومة و"إسرائيل" تحتل الأرض وتعتدي على العرض وتسلب الأمن وتسحب المياه والخيرات، أبدا لا والله. هذا هو الخيار الصحيح الطبيعي المنطقي العاقل المسؤول الوطني.

 

أمّا الخيارات الأخرى، أريد من هذا المهرجان الكبير وبحضور هذه الوجوه الطيبة والكريمة وهذا الجمهور الذي ينتمي إلى كل الطوائف في لبنان وإلى كل المناطق في لبنان وإلى عدد كبير من التيارات والأحزاب السياسية، أريد أن أقول لهم: إنّ الرهان على إنهاء المقاومة بالضغط والتهويل والحصار هو رهان خاسر. إنّ الرهان على إنهاء المقاومة من خلال جرّها إلى فتنة مع الجيش اللبناني كما يفكر البعض هو رهان خاسر، الجيش والمقاومة أخّان عزيزان حبيبان لا يمكن أن يفصل بينهما أحد. والذين يراهنون خارجا وداخلا وأينما كان هذا المراهن على نزع سلاح المقاومة من خلال حرب جديدة إسرائيلية أو غير إسرائيلية أحيلهم على (وزيرة خارجية العدو تسيبي) ليفني ووزير حرب العدو وموشي أرينز وزير الدفاع الأسبق الإستراتيجي وليسمعوا منهم الجملة الواضحة وأعيدها على مسامعهم، "كنّا نريد ـ هم يقولون ـ تفكيك حزب الله بالكامل لكننا اكتشفنا أنّ أي جيش في العالم لا يستطيع أن يفكك تنظيما كهذا التنظيم". وأنا أقول لهم إنّ أيّ جيش في العالم لن يستطيع أن يلقي سلاحنا من أيدينا وقبضاتنا طالما أنّ هذا الشعب الوفي والأبي يؤمن بهذه المقاومة، أنا لا أهدد بالسلاح، أنا أراهن على هذا الشعب الذي يحتضن المقاومة، أراهن على تلك المرأة الكبيرة في السن الجليلة التي وقفت بين الدمار وقالت: بيتي في بيروت تهدم وبيتي في الجنوب تهدم ونحن مع المقاومة ومع سلاح المقاومة، وقال آخر وأخرى وآخرون: إذا السيد حسن "بيسلِّم السلاح بيكون خاين"، وأنا أقول لهم : أعاهدكم يا شعبنا الأبي والوفي والعظيم إنّي لا أطمح إلى أن أختم حياتي بالخيانة بل بالشهادة.

 

كل هذه الرهانات هي رهانات خاسرة لأنّ هناك شعبا في لبنان ومقاومة في لبنان ترفض الاحتلال والذل والهوان والاستبداد والإهانة، وحاضرة أن تقدم أنفسها وأبناءها وأعزاءها من أجل الوطن. لبنان اليوم، بلا مبالغة، هو في منطقة الشرق الأوسط لم يعد كبيراً، هو قوة عظمى بكم، يحسب له كل حساب ويحسب له الغرب كل حساب وتحسب له "إسرائيل" كل حساب، وينظر إليه العالم المظلوم والمستضعف باحترام وتقدير واعتزاز وفخر.

 

حتّى لا يقلق أحد أعيد، لا نريد أن نحتفظ بالسلاح إلى أبد الآبدين، وأؤكد كما خلال 25 سنة، هذا السلاح ليس للداخل ولم يستخدم للداخل، هذا ليس سلاحا شيعيا، هذا سلاح لبناني، هذا سلاح المسلم والمسيحي، هذا سلاح السني والدرزي والشيعي، هذا سلاح كل لبناني يتطلع لحماية لبنان ولسيادة لبنان واستقلال لبنان. وأنا أعاهدكم أنّ هوية ووقفيّة هذا السلاح سوف تبقى هكذا وهذا عهد مع الله وعهد مع الأمّة وعهد مع الشهداء.

 

المدخل إذاً بناء الدولة العادلة القوية المقاومة العزيزة الشريفة النظيفة، وإن كان هذا هدف كبير جدا، وكي لا نبقى في النظريات، لن نقف اليوم لنقول سقط من سقط في الإمتحان ونجح من نجح في الإمتحان. سأقول نحن جميعا مهما اختلفنا ومهما تنافسنا ومهما صَعُبَت الأمور بيننا على المستوى النفسي والسياسي، نحن في مأزق حقيقي في لبنان ولا أحد يقدر على القول نحن أكثرية "وما في شي وكل شي تمام البلد ماشي وماشي الحال، مش صحيح".

 

هناك مأزق حقيقي في لبنان اليوم خصوصا بعد الحرب، هناك انقسام وطني حاد وليس هناك انقسام مذهبي، الخلاف الذي يجري هو ليس خلافاً شيعياً سنياً أو خلافاً مسلمين ومسيحيين أو خلاف دروز وسنة وشيعة ومسيحيين، أبدا.

 

هناك انقسام سياسي وطني، هناك خيارات استراتيجية وسياسية كبرى تتفق عليها قوى سياسية شيعية وسنية ودرزية ومسيحية، وهناك خيارات أخرى تتفق عليها قوى سياسية من نفس الطوائف، وعندما خرج البعض من الشيعة ليقول كلام آخر غير كلام حزب الله وحركة أمل ظنوا أننا سنحزن، نحن كنا سعداء لأن خروج أصوات أخرى تؤيد الموقف الاخر سيؤكد أن النزاع هنا ليس نزاع مذهبيا وإنما هو نزاع سياسي .

 

شاهدوا الحسابات الخاطئة، حتى عندما يريدون ايذاءنا ينفعوننا، إذاً نحن أمام انقسام وطني، وندائي اليوم في مهرجان النصر الذي صنعه اللبنانييون من كل الطوائف ومن كل المناطق، أريد أن أنبه وأقول لا تسمحوا لأحد أن يحول الانقسام السياسي إلى انقسام مذهبي وانقسام طائفي، يحرم تحريك المذهبيات والطوائف للدفاع عن خيارات سياسية. هذا لعب بالنار وتخريب للبلد وهذا تدمير للبلد. نعم في الخيارات السياسية نحن منقسمون، نتنافس، نتحاور، نختلف، يهاجم بعضنا بعضا في الإعلام نذهب إلى الشارع ونذهب إلى الانتخابات، كل هذه الآليات السلمية والديمقراطية مشروعة ومباحة. هذا ما يجب أن أؤكد عليه، طالما هناك انقسام سياسي هناك تحديات خطيرة، وفي مواجهة هذه التحيات لا يستطيع الفريق الحاكم حاليا في لبنان أن يواصل السلطة والعمل. المدخل الطبيعي هو تشكيل حكومة وحدة وطنية، وأنا هنا عندما أتحدث عن حكومة وحدة وطنية لا أتحدث عن إسقاط أحد ولا شطب أحد ولا حذف أحد، وإنما كما قلت في 25 أيار الماضي، تعالوا لنضع أكتافنا جميعا كتفا بكتف لنحمي لبنان ولندافع عن لبنان ولنبني لبنان ولنعمر لبنان ولنصون لبنان ولنوحد لبنان. بكل صراحة الحكومة الحالية ليست قادرة لا على حماية لبنان ولا على إعمار لبنان ولا على توحيد لبنان.

لكن عندما نقول الحكومة الحالية لا يعني أننا نريد حذف أو شطب أو إلغاء أحد أبداً. وإنما نقول تعالوا جميعا لنحمي ولنبني وندافع .

 

إذاً بناء الدولة القوية القادرة يبدأ أولاً من حكومة وحدة وطنية جدية، وأنا هنا لا أرفع شعارا للاستهلاك، فليسمعوني جيدا، أنا هنا لا أرفع شعارا للاستهلاك ولا لتقطيع الوقت ولا استرضاء لحلفاء أو لأصدقاء. هذا مشروعنا الجدي الذي سنعمل جميعا في كل قوة في المرحلة المقبلة. والأمر الثاني في بناء الدولة العادلة القوية المقتدرة يبدأ من وضع قانون انتخاب منصف تشعر فيه كل الطوائف وكل التيارات السياسية بان أمامها فرصة واقعية لتمثيل حقيقي ولا تشعر فيه أي طائفة انها باتت مستتبعة لطائفة اخرى . هكذا نبني الدولة القوية العادلة القوية المقتدرة وهذا هو المدخل لمعالجة كل مشكلاتنا .

هنا نأتي الى التحديات والملفات الباقية بسرعة .

في قضية سلاح المقاومة هناك شيء له علاقة بالواقع الحالي.

يأتون لمحاصرة البحر من اجل ماذا ؟هل من اجل حماية لبنان ؟ كلا وقالت المستشارة الالمانية (سلام الله عليها ) البحرية الالمانية تقوم بدور تاريخي لحماية حق اسرائيل في الوجود . يأتون من البحر ويريدون محاصرة السماء ومحاصرة الحدود وانا اقول لهم حاصروا واقفلوا الحدود والبحر والسماء ان هذا لن يضعف شيئا لا من ارادة المقاومة ولا من سلاح المقاومة. نحن خضنا حربا 33 يوماً وكنا مستعدين لحرب طويلة. ما قدمناه في الحرب هو جزء بسيط من قدراتنا، اذا في بنت جبيل وقفت وقلت انه بحوزتنا اكثر من 12 الف صاروخ، رجعنا وضحنا وقلنا 12 الف ليس معناه انه لدينا 13 الف يمكن ان يكون العدد (أكبر من هيك). اليوم اقول لكل الذين يريدون ان يقفلوا البحار والسماء والصحاري والحدود والعدو إن المقاومة تملك اكثر من عشرين الف صاروخ . وخلال ايام قليلة وهي خارجة من حرب ضروس استعادت المقاومة كامل بنيتها العسكرية والتنظيمية والتسليحية.

 

المقاومة اليوم اقوى مما كانت عليها قبل 12 تموز لانها راكمت في الحرب تجربة جديدة وارادة جديدة وعزما جديدا. من يراهن على ضعف المقاومة نقول له من جديد انت تخطئ في الحساب. اليوم المقاومة في 22 أيلول 2006 اقوى من اي وقت مضى منذ العام 1982 .

 

الموضوع الثاني هو موضوع الاسرى: اسراكم ابناؤكم سيعودون ان شاء الله كلهم. وانا باسم المقاومة وعدتكم في 12 تموز وقلت لكم باسم رجال الله وليس باسمي واسم ابي، باسم المقاومين قلت لكم لو جاء الكون كله لن يستطيع ان يستبدل هذين الاسيرين الا بمفاوضات غير مباشرة وتبادل. وبعد 12 تموز نعم، لقد جاء الكون كله وبقيتم وصمدتم وبقي الاسرى في ايدينا، ولن يطلقوا الا بعودة الاسرى الذين نطالب بتحريرهم وعودتهم وهذا الملف نحن (مريّحين العالم منه).

 

ثالثا: مزارع شبعا وتلال كفر شوبا وفود من هذه البلدات الطيبة الصابرة خافت في هذه الايام نتيجة الترتيبات الجديدة في المنطقة الحدودية. انا اؤكد لهم أنه لن يتم التخلي عن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا ولن يتخلى احد عن شبر واحد من ارض لبنان المحتلة.

 

في سياق الحرب والمفاوضات السياسية كانت هناك فرصة جدية لتحرير مزارع شبعا وكاد الامريكيون ان يوافقوا بل وافقوا، ثم جاؤوا واخلفوا بالوعد كعادتهم وقالوا لا نستطيع الآن ان نعيد مزارع شبعا الى لبنان، لماذا؟ لاننا لا نريد ان نقدم نصرا الى حزب الله .

انا اقول لهم اعيدوها لمن شئتم وقدموا نصرا لمن شئتم ولكن اعيدوها اعيدوها.

كان يمكن في سياق الحرب لو توفرت الارادة السياسية الجدية والوحدة السياسية الجدية والمقاومة السياسية المتكاملة لامكننا استعادة مزارع شبعا وتلال كفر شوبا. ولكن انا اؤكد لكم أنها على خط التحرير ومعها كل الخروقات القائمة.

اللآن الدولة هي المتواجدة، الجيش اللبناني متواجد هناك، جيشنا الوطني واليونيفل اكتمل عددهم على الخمسة الاف.

 

في السابق عندما كانت المقاومة على الحدود كانت أي جرافة تدخل ولو عشرة امتار تضرب وتهرب، الآن الحدود باتت مفتوحة يدخلون الى أي مكان يريدون. الذي مضى مضى، هذا الامر لا يرتبط بالجيش اللبناني، يعني الجيش اللبناني يملك الشجاعة والارادة والعزم وضباطه وجنوده هم اخوة هؤلاء المقاومين ولا فرق بينهم.

 

المسألة ترتبط بالقرار السياسي: هل ستحول الحكومة اللبنانية الجيش اللبناني الى وحدة عداد شكاوى وتسجيل خروقات؟ هذا معيب في حق الجيش اللبناني. لا الجيش يرضى ولا شعب لبنان يقبل. جيشنا ليس ليجلس على الحدود ويعد الخروقات الاسرائيلية مثل قوات الامم المتحدة المتواجدة منذ العام 1978. جيشنا مهمته التي ذهب من اجلها الى الجنوب بقرار من الحكومة اللبنانية الدفاع عن الوطن وحماية المواطنين وارزاقهم وامنهم . الان الوطن تخترق سيادته وارضه ومواطنون يخطفون بين الحين والاخر ويعتدى عليهم وعلى حقولهم . ما هو القرار السياسي للحكومة؟

 

حتى الآن نحن صبرنا لاننا لا نريد ان نسجل أي خرق للقرار 1701 الغير مقدس، لاننا نعرف ان أي خرق بسيط منا ولو كان دفاعا شرعيا ستقوم الدنيا ولن تقعد. "اسرائيل" منذ وقف النار تقوم بخروقات واعتداءات وتجاوزات والعالم يسكت. لكن ثقوا تماما لن نصبر طويلا واذا تخلفت الدولة والحكومة عن مسؤوليتها في حماية الارض والمواطنين، فالشعب اللبناني سيتحمل المسؤولية كما تحملها منذ العام 1982.

 

واقول للصهاينة اذا كان من احد قدم لكم ضمانات امنية انا لا اعرف، واذا كان من احد قدم هذه الضمانات تحت الطاولة او فوقها فهذه الضمانات تعنيه هو ولكنها لا تعني المقاومة في لبنان ولا تعني شعب لبنان.

 

المطلوب اذا ان نشحذ همتنا الوطنية وان نقف خلف جيشنا الوطني وان نسانده وندعمه وان يجهز باحسن تجهيزات ليكون حارسا للوطن وللقرى والبلدات والحقول والفلاحين والكنائس والمساجد وليس حاميا لاحد اخر .

 

بالنسبة لليونيفل المعززة: نحن رحبنا بكم واجدد ترحيبي بكم في اطار مهمة واضحة، مهمتكم مساندة الجيش اللبناني وليست مهمتكم التجسس على حزب الله او نزع سلاح المقاومة. هكذا قال السيد الامين العام كوفي انان ومسؤولون عديدون. حتى هذه اللحظة لم اسمع من أي دولة شاركت في اليونيفل انها ارسلت ابناءها وجنودها للدفاع عن لبنان واللبنانيين، يخجلون بنا ان يقولوا جاؤوا ليدافعوا عنا ولكنهم يتحدثون عن الدفاع عن "اسرائيل". اليونيفل مرحب بهم طالما انهم ملتزمون بمهمتهم. وانا ادعو قيادة القوات الدولية في لبنان الى الانتباه لانني سمعت بعض المعلومات والمعطيات ان هناك من يريد ان يجر هذه القوى الدولية الى صدام مع المقاومة وسمعت انه في بعض الجلسات قيل ان وجود قوات دولية سيعيد توازن قوى الداخل في لبنان. هذا الكلام خطير، القوات الدولية جاءت من اجل مهمة محددة ولا يجوز لها ان تتدخل في الشأن اللبناني الداخلي وتؤدي الى تورط من هذا النوع.

 

فيما يتعلق في السجالات السياسية نحن ما كنا نريد ان ندخل في سجال سياسي مع أحد. في مرحلة الحرب سمعنا الكثير من الاذى وسكتنا وصبرنا وبعد انتهاء الحرب استمر السجال والهجوم والاعتداء الاعلامي والسياسي على المقاومة وعلينا. لكن في البيانات الأخيرة وصلت الامور الى حد لا يطاق. الله لا يرضى للمؤمنين الذل، لقد وصل الاعتداء الاعلامي السياسي على المقاومة في لبنان خلال الحرب وصبرنا عليه ولكن وصل بعد الحرب الى حد لا يطيقه الا الانبياء ونحن لسنا انبياء.

 

ان يقف شخص ليقول نفهم، اثنان نتفهم، ثلاثة نستوعب، ولكن ان تجتمع قوى سياسية بقضّها وقضيضها في البريستول لتأتي بنوابها وقياداتها وأعضاء مكاتبها السياسية ثم لتطلع على اللبنانيين بخلاصة تقول فيها ان الحرب التي حصلت في لبنان هي حرب ايرانية من اجل الملف النووي الايراني ومن اجل تعطيل المحكمة الدولية حقيقة هذا الامر ما كنا نطيقه مع اعتزازنا بعلاقتنا وصداقتنا مع الجمهورية الاسلامية في ايران بقيادة سماحة الامام القائد السيد الخامنئي، واعتزازنا بعلاقتنا مع سوريا قيادة وشعبا، نعم قيادة وشعباً بقيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد. نحن سياديون ونحن استقلاليون، لا علاقة لهذا الامر في الحرب وماضينا يشهد اكثر من ماضيهم.

 

لكن ان يقال ان هذه الحرب التي شنتها امريكا و"اسرائيل" وقالت فيها كونداليزا رايس انها مخاض عسير لولادة شرق اوسط جديد وقال فيها اولمرت وبيريز، وفي الاخر تكون النتيجة ان تهدم بيوتنا وتقتل اطفالنا ونقاتل في حرب قال العرب انها حرب سادسة وقال الصهاينة انها الاولى والنتيجة اننا نقاتل من اجل الملف النووي الايراني ومن أجل المحكمة الدولية، هذا كلام عيب، هذا كلام فيه غمز. نحن نحترم كل الحريصين علي وعلى عمّتي والجبة، انه يا سيد لا تدخل في السجال، الشباب والقيادات في الحزب هي التي تدخل في السجال, لكن هناك حدّ, حتى انا (عمامتي ولحيتي ليستا أشرف من هذه المقاومة وهؤلاء الناس) اذا كان لعمامتي ولحيتي شرف فهو منكم ومن هذه المقاومة ودماء شهدائها.

 

انا ادعو الى وقف السجالات والى تجنب العبارات السخيفة والمؤذية والقاسية وان نبقى في اطار التنافس السياسي المنطقي والمعقول لان مصيرنا في النهاية واحد ولان في نهاية المطاف يجب ان نبني لبنان سويا، ولكن لن اسكت انا حسن نصرالله ولن اسكت عن اهانة شعب المقاومة. قبل ايام قام زعيم من الزعماء الكبار في قوى 14 شباط ليقول ولو بهدوء ان جمهور المقاومة بلا تفكير، هل انتم بلا تفكير .أنا لا أسمح بذلك .من يقبل هذه الاهانة. وانا احترم جمهوره واحترم شبابهم ونسائهم واحترم خياراتهم اذا كانت وطنية ولكن لا يمكن ان نقبل ان يهين جمهور المقاومة أحد وعليه ان يعتذر. نحن لسنا حزبا شموليا ولسنا نظاما شموليا ولسنا فئة شمولية، انا لا ابي كان (بيك) ولا جدي كان (بيك) ولا ابني سيكون (بيك). نحن لا نريد أي جدل سياسي، ونحن حريصون من خلال أي صيغة حوار ان نخرج من الانقسام السياسي في البلد. نحن ملتزمون ومن دعاة الدولة ومشروع الدولة وبناء الدولة واقامة الدولة ولكن نحن اصحاب كرامة، كرامتنا قبل كل شيء، لا يمكن ان نسمح لاحد ان يهدر كرامتنا من اجل ان يبني لنا بيتا وقد هدم من اجل كرامتنا . لا يتصور احد انه يمكن ان يشبع بطننا على حساب كرامتنا ونحن قدمنا دمنا من اجل كرامتنا، هذا نحن.

 

في هذا السياق انا ادعو للعودة الى الهدوء والتعقل ونحن امام شهر رمضان المبارك اعاده الله على اللبنانيين جميعا بخير ونطلب من الله ان يوفقنا لصيامه وقيامه وعسى ان يكون هذا الشهر فرصة للتأمل والتفكر والعودة الى الذات ولرؤية الحقائق، اخرجوا وانظروا الى الحقائق ولا تشتبه عليكم الامور ولا تبنوا اموركم على حسابات خاطئة.

زمن الهزائم قد ولى وقد جاء زمن الانتصارات.

Link to comment
Share on other sites

  • 2 weeks later...

موجة تحول من المذهب السني إلى الشيعي في سورية

 

بسبب الإعجاب بنصر الله

 

دمشق: الين نيكمايير

ادت الحرب في لبنان وموجة الاعجاب بحسن نصر الله زعيم حزب الله الى موجة تحول متزايدة من المذهب السني الى الشيعي في سورية. وقال مصطفى السادة وهو رجل دين شيعي شاب يعمل مع العديد من السنة الذين يأتون الى المؤسسات الدينية الشيعية يطرحون تساؤلات حول اعتناق المذهب الشيعي، «لقد قدم الينا جورج بوش خدمة. فقد وحد العرب». وقال سادة انه يعرف ان 75 سنياً من دمشق اعتنقوا المذهب الشيعي منذ بداية المعارك في لبنان في منتصف شهر يوليو. وقد صعدت الحرب ما وصفه بأنه اتجاه متزايد نحو اعتناق المذهب الشيعي في السنوات الاخيرة. وقال «يمكننا الاحساس به. لدينا اتصالات من دول اخرى، يطلبون منا فتح المجالس وارسال رجال دين».

ويقول وائل خليل، 21 سنة، الذي يدرس القانون الدولي بجامعة دمشق، «لأول مرة في حياتي ارى حربا ينتصر فيها العرب» وقد بدأ خليل السني بعد ذلك باتباع العادات والطقوس الشيعية، ويخطط للتحول بشكل كامل من المذهب السني الى الشيعي.

 

Link to comment
Share on other sites

انا اعتقد ان هذا التقرير هو جزء من الحملات المعاديه لنصر الله. ربما يكون هناك الكثرين من المعجبين بخط نصر اله الراديكالي و ربما يجد بعض العرب خصوصا في صمود لبنان التاريخي " وليس حسن نصرالله فقط" ما يشفي رمقا متعطشا لشعور بالكرامه بعد سلسله الاندحار والافلاس المعنوي والثقافي و الوطني الذي يسود عالمنا العربي لحد جعل البعض يمجد حتى مجرم مثل صدام أو الزرقاوي , الا ان موضوع الانتماء الطائفي ليس مرتبطا بهذا الخط السياسي او ذاك

 

فلو كان الامر صحيحا لكان اولى بهؤلاء عدم التحول الى في المذهب وانما استيراد التجربه الى طائفته وخصوصا بعد كل تلك الحمله الشنعاء والظالمه التي يشنها الاعلام العربي على شيعه العراق باتهامهم بالخنوع و موالاه المحتل

فكلا الطرفين اللبناني والعراقي شيعه بنما يمثل الشيعه في لاعراق وبقياده السيد لاسستاني خطا مرجعيا اساسيا للشيعه في وقت لايمثل السيد نصراله الا خطا حزبيا ضيقا .

 

المقصود بهذا المقال ومن جريده معروفه بعدائها لخط نصرالله السياسي هو تاكيد التحسس الطائفي لدى السنه من خلال اعتبار اي نصر " ولو اعتباري" لحسن نصرالله بمثابه تهديد لوجودهم الثقافي والطائفي

Link to comment
Share on other sites

  • 2 months later...

السيد نصر الله في الليلة السابعة للاعتصام المفتوح لقوى المعارضة الوطنية اللبنانية: أطراف في قوى 14 شباط طلبت من أميركا شن الحرب على لبنان والسنيورة أمر بمصادرة سلاح المقاومة ..الفرصة ما تزال متاحة وأبواب التفاوض ما تزال قائمة لتشكيل حكومة وحدة وطنية

 

 

 

7/12/2006

 

أعلن الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله ان المعارضة لن تخرج من الشارع قبل تحقيق الهدف الذي ينقذ لبنان. وقال ان الفرصة ما تزال متاحة وأن أبواب التفاوض ما تزال قائمة لتشكيل حكومة وحدة وطنية، ونبه الى أنه إذا أصر الفريق الحاكم على رفضه، “فإننا لن نقبل بعد مدة حكومة وحدة وطنية يرأسها أحد منهم، وسيتحول هدفنا الى إسقاط الحكومة وتشكيل حكومة انتقالية تمهد لانتخابات نيابية مبكرة.

 

وكشف السيد نصر الله أن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة طلب الى قيادة الجيش خلال حرب تموز وقف إمدادات المقاومة بالسلاح الى الجنوب، وأنه أرسل إليه وسطاء للتراجع عن هذا القرار. واتهم أطرافا في الفريق الحاكم بالطلب من الولايات المتحدة الإيعاز الى إسرائيل بشن الحرب على لبنان.

 

ورفض نصر الله بشدة الفتنة المذهبية والطائفية والحرب الأهلية، وقال إننا لن نرفع السلاح في وجه أحد “حتى لو قتلتم ألف أحمد محمود”. وأضاف ان دم كل لبناني خط أحمر نحميه بدمنا، وكذلك عرضه وماله وبيته.

 

وأشاد بالجيش اللبناني واعتبره الضمانة الأمنية، داعيا الى المحافظة عليه، لأن انهيار الجيش سيفقد لبنان مناعته، واتهم أحد الأجهزة الأمنية اللبنانية بلعب دور خطير خلال الحرب، مقترحا تشكيل لجنة قضائية لبنانية أو عربية للتحقيق في ما جرى خلال الحرب.

 

ودعا نصر الله الى المشاركة في صلاة الجمعة غداً بإمامة الداعية فتحي يكن في الوسط التجاري، كما دعا الى المشاركة في الحشد الجماهيري الأحد المقبل لتأكيد الإصرار الشعبي للمعارضة.

 

وجه السيد نصر الله يوجه كلمة مساء أمس الى المحتشدين الذين غصت بهم ساحتا رياض الصلح والشهداء، وذلك عبر شاشات كبيرة، مباشرة على الهواء.

 

وجاء في كلمته:

 

أيها الإخوة والأخوات، أيّها المعتصمون من أجل لبنان واستقلاله وحرية وكرامة لبنان وسيادته، السلام عليكم ورحمة جميعا ورحمة الله وبركاته.

 

كنت أتمنى أن أكون بينكم في ساحة من ساحات الشرف والصمود والمقاومة في هذا الطقس البارد بأجوائه الطبيعية ولكنه الحار بالمودة والمحبة والتعاون ودفء الأخوة الوطنية من أجل لبنان والأمة.

 

قبل أن أبدأ كلمتي هذه إليكم أتمنى إن شاء الله أن أكون في يوم من الأيام بينكم في تلك الساحة. قبل أن أبدأ واحتياطا لختام الكلمة للأسف لدينا بعض العادات اللبنانية السيئة وهي إطلاق النار ابتهاجا بمناسبة أو أخرى، أنا أتمنى على من يستمعون إليّ عند انتهاء الكلمة أن لا يطلقوا الرصاص، هذه عادة سيئة يجب أن نقلع عنها كلبنانيين، يجب أنّ نتجنب إطلاق الرصاص في أي اتجاه حتى في اتجاه السماء، المكان الوحيد للرصاص صدر أعداء لبنان: العدو الإسرائيلي. لذلك واحتياطا أتمنى وأؤكد وأعتبر أنّ هذه الليلة عند انتهاء الكلمة من يطلق الرصاص هو مدسوس يريد الإساءة إليّ وإلينا وإلى كل المعارضة الوطنية.

 

أولا أتوجه إلى أهل الشهيد أحمد محمود بالتعزية والمواساة لأقول لهم إنّ ابنكم استشهد في ساحة الدفاع عن لبنان وكرامته وعزته وتحريره، الشهيد أحمد محمود هو شهيد للمقاومة بامتياز وهو ليس شهيدا في شوارع لبنان الداخلية بل هو شهيد في الدفاع عن استقلال وسيادة لبنان وفي التحرك من أجل إنقاذ لبنان.

 

يجب أيضا أن أتوجه بالشكر إليكم أنتم يا أشرف الناس وأطهر الناس وأحب الناس وأعز الناس، إلى كل الذين جاؤوا من كل المناطق اللبنانية يوم الجمعة إلى ساحتي رياض الصلح والشهداء من أجل إنقاذ لبنان، إلى كل الذين ما زالوا يحتشدون في كل ليلة من أجل إنقاذ لبنان، أتوجه إليكم بالشكر وأقول لكم إنّ ما تقومون به هو أمر عظيم وشريف لأنّه يخدم هدفا وطنيا نبيلا وشريفا وهو إنقاذ لبنان من خلال إنهاء حالة الاستئثار والتسلط والتفرد وإقامة حكومة وحدة وطنية للمشاركة والوفاق والتوافق والتعاون والتضامن.

 

أيها الإخوة والأخوات، لقد حاولوا في الأيام الماضية من خلال الشغب والاعتداء على المعتصمين ذهابا أو إيابا وصولا إلى قتل الشهيد أحمد محمود أن يدخلوا الخوف إلى قلوبكم وأن يمنعوكم من المجيء إلى ساحات الاعتصام ولكنهم فشلوا ونسوا أنكم شعب لا مكان للخوف في قلبه، يراهنون اليوم على تعبكم ومللكم وهم لا يعلمون أنكم شعب لا يمل ولا يكل ولا يتعب، قالوا بالأمس إنهم يتوقعون أن تنطلق من ساحتكم صرخة الاستسلام وهم تناسوا بالأمس القريب كيف وقفتم أنتم 33 يوما، ليس فقط في البرد أو تحت المطر أو في العراء، وإنما تحت أعنف قصف جوي ومدفعي في العقود الماضية. صمدتم رغم التهجير والقتل والمجازر واحتضنكم أهلكم اللبنانيون في كل المناطق اللبنانية ومن كل الطوائف اللبنانية ولم تستسلموا. نعم هم دعونا إلى الاستسلام من أول يوم ولكننا رفضنا أن نستسلم، هم راهنوا على هزيمتنا ولكننا لم نهزم وبقينا هنا في أرضنا أرض الآباء والأجداد أعزاء أقوياء لا تنحني لنا قامة ولا تنكسر لنا إرادة، لا نعرف التعب ولا الملل ولا الكلل من أجل لبنان والأمة.

 

قولوا لهم اليوم من ساحة الاعتصام، قولوا لهم غدا في صلاة الجمعة، قولوا لهم في كل ليلة، قولوا لهم يوم الأحد في الحشد الكبير، قولوا لهم بعد الأحد إنكم أيها المراهنون على استسلامنا: واهمون واهمون واهمون . قولوا لهم نحن أقوى من التعب والجوع والبرد والكلل والملل وأقوى من قصف الصواريخ فكيف بقصف الكلمات، نحن أقوى من الحرب فكيف بالتهديد، نحن شعب في معركة الإرادة لن ننكسر إن شاء الله.

 

أيها الإخوة والأخوات، ليس من الصدفة أن تكون القوى اللبنانية على اختلاف انتماءاتها الطائفية والمذهبية والسياسية والمناطقية التي احتضنت المقاومة وشعبها في حرب تموز وآب هي نفسها اليوم التي تشكل المعارضة الوطنية اللبنانية وتدعمها، وكذلك ليس من الصدفة أنّ الشعوب والحكومات والأشراف في العالم الذين وقفوا إلى جانب المقاومة في الحرب هم الذين يقفون إلى جانب المعارضة اليوم. وفي المقابل، ليس من الصدفة أنّ كل أولئك الذين دعموا الحرب الإسرائيلية على لبنان هم الذين يدعمون بقية الحكومة الساقطة المتواجدة في السراي الحكومي.

 

أنا باسمكم أدعو الدول العربية الحريصة على لبنان أن لا تتدخل كطرف ولا تدعم فريقا على حساب فريق. من يرد سلامة وخلاص ووحدة لبنان فيجب أن يمد يده لكل اللبنانيين وأن لا تكتفوا بتقارير سفرائكم في لبنان، تفضلوا إلى لبنان وتعرفوا إلى الحقائق السياسية والشعبية والميدانية عن قرب، وابذلوا جهودكم المشكورة من أجل مساعدة لبنان وإنقاذه.

 

الحكومة الفاقدة الشرعية

 

وأقول لبقية الحكومة الفاقدة للشرعية: إنّ استنادكم إلى الدعم الأميركي والغربي لا يجديكم نفعا على الإطلاق. من تستندون إليه اليوم وفي مقدمتهم جورج بوش هو أحوج ما يكون إلى المساعدة وإلى من ينقذه. فلنأخذ مثلا العراق حيث يتواجد أكثر من 150 ألف جندي أميركي وينفق مئات مليارات الدولارات وكل الإدارة الأميركية تتابع الموضوع العراقي. العراق ليس ملفا كلبنان في يد وزارة الخارجية الأميركية، ومع ذلك ما هي النتيجة في العراق، النتيجة هي الفشل وتمزق العراق والحرب الأهلية والطائفية والآفاق المسدودة، هذه هي نتيجة ومصير أي بلد يراهن على بوش وجيشه وإدارته. ماذا يمكن أن تقدم لكم أميركا وهي الغارقة في وحول المنطقة من أفغانستان إلى العرق إلى فلسطين إلى لبنان.

 

هذه الحكومة اللبنانية تلقت على مدى سنة ونصف سنة من الدعم الأميركي والغربي وما زالت ما لم تتلقه أي حكومة في تاريخ لبنان، ألا يثير هذا الشكوك والشبهات؟

 

لماذا هذا الغرام الأميركي بهذه الحكومة وبرئيس هذه الحكومة، لكن ما يثير الشبهة أكثر والشكوك أكثر هذا المديح الإسرائيلي اليومي لهذا الفريق الحاكم في لبنان، هل هناك وراء الأكمة ما لا نعرف وما نجهل؟

 

أليس من العار أن تجتمع الحكومة الصهيونية المصغرة وهي عادة تجتمع عندما يكون هناك أمر يتهدد أمن ومصالح إسرائيل أليس من العار أن تجتمع حكومة إسرائيل المصغرة وموضوع جلستها فقط كيف يمكن أن نساعد هذه الحكومة المتهالكة في لبنان؟ وقال بعضهم يمكن أن نساعدهم بالخروج من القسم الجنوبي اللبناني من بلدة الغجر، وقال بعضهم فلنخرج من مزارع شبعا ونقدمها هدية ودعما سياسيا ومعنويا للفريق الحاكم من لبنان، ولكن ماذا فعلوا لكم، لم يخرجوا لا من الغجر ولا من مزارع شبعا، حتّى في هذه زهدوا في أن يقدموا لكم دعما معنويا، ألا يدعو كل هذا الدعم الأميركي والغربي والإسرائيلي إلى التوقف وإلى التأمل.

 

نصر على مطلبنا

 

أيّها الإخوة والأخوات، نحن في المعارضة الوطنية اللبنانية نصر على مطلبنا وعلى هدفنا وهو تشكيل حكومة وحدة وطنية لبنانية حقيقية. لماذا، لأنّ تركيبة لبنان الخاصة المتعددة المتنوعة تعني أنّ حكومة فريق واحد وتسلطه كان دائما يضع لبنان أمام الحائط المسدود في كل شيء. لبنان لا يقوم إلاّ بالمشاركة وبالتوافق وبالتضامن والتعاون وليس بالاستئثار. نريد حكومة وحدة وطنية لأنّها السبيل الوحيد لمنع أي وصاية أجنبية، ليسمع العالم كله، نريد حكومة لبنانية قرارها لبناني وإرادتها لبنانية وسادتها لبنانيون وهذا ما نتطلع إليه، وهي التي تشكل الضمانة للبنان وأمنه واستقراره ومستقبله وازدهاره وسلامته ووحدته. نحن نرفض أي وصاية أجنبية سواء كانت لعدو أو لصديق أو لشقيق وهذه هي الحقيقة.

 

يسألوننا اليوم لو كنتم أنتم المعارضة الحالية أصبحتم في يوم من الأيام أكثرية نيابية وشكلتم حكومة، هل ستعطوننا الثلث الضامن؟ أنا أقول لهم باسم حزب الله وكفريق في المعارضة، نعم نحن نؤيد إعطاء أي معارضة في لبنان ثلثا ضامنا لأننا نؤمن بالشراكة والتعاون والتوافق ولا نؤمن بحكم فريق على حساب فريق آخر. وعندما نعطي، لو كنّا أكثرية، الثلث الضامن لأي معارضة نعطيها ونحن واثقون لأنه ليس هناك ما نخافه على الإطلاق، وليس هناك لدينا أيّة التزامات دولية أو التزامات إقليمية نريد أن نقوم بتمريرها من خلال حكومة أكثرية معينة. نحن نريد مصلحة لبنان ومصلحة لبنان هي تلك التي نتوافق عليها جميعا.

 

أيها الإخوة والأخوات، عندما سدت أبواب الحوار وعطّلت طاولة التشاور وَوُوجِهْنَا بالاستئثار وبالإصرار على التسلط كان خيارنا الأخير أن ننزل إلى الشارع، ولكننا ونحن في الشارع وفي الاعتصام وفي التظاهر لم نوقف ولم نقفل أبواب التفاوض، كل الذين يدعوننا إلى الحوار نقول لهم نعم، أبواب الحوار مفتوحة مع قادة المعارضة ورموزها وأبواب المبادرات مفتوحة، لكن بالتأكيد لسنا بحاجة إلى العودة إلى طاولة حوار فضفاضة لتضييع الوقت. لن نخرج من الشارع لنذهب إلى طاولة حوار يتم خداعنا فيها من جديد. نحن سنبقى في الشارع ومن يرد أن يتفاوض مع المعارضة ويتحاور معها فأبواب قادتها على اختلافهم مفتوحة.

 

اليوم هناك مبادرة لمجلس المطارنة الموارنة الذي نحترم، نحن نعتبر هذه المبادرة تحمل العديد من الإيجابيات وتستحق أن تناقش وأن يُتَلاَقى على أساس بنودها فيُقْبَل ما يقبل ويُعَلَّق أو يؤجل ما يعلّق أو يؤجّل. الباب مفتوح للتفاوض، وليس صحيحا أنّ المعارضة لا تحاور ولا تفاوض ولا تناقش، بل الخيارات كلها مفتوحة، ولكن أقول لهم فاوضونا وحاورونا ونفاوضكم ونحاوركم ولكننا باسم كل المحتشدين الليلة وأمس وغدا لن نخرج من الشارع قبل تحقيق الهدف الذي ينقذ لبنان.

 

الضوابط

 

أيها الأخوة والأخوات، ما دمنا مستمرين في اعتصامنا أريد أن أؤكد على الضوابط التي تحدثنا عنها منذ اليوم الأول: لا شتائم. البعض من المتحمسين في ساحات الاعتصام قد يطلق شعارات مهينة لشخصيات في الحكومة، نحن نرفض أي إهانة شخصية لأحد، أي إهانة أي شتيمة أي كلام غير لائق وغير أخلاقي لا يجوز أن يصدر من اعتصامكم. نحن نؤكد على اعتصامنا وعلى تحركنا السلمي والمدني والحضاري. طبعاً، هم عندما قتلوا الشهيد أحمد محمود أرادوا أن يجرونا إلى صدام مسلح وإلى القتال، ولكن باسم الشهيد أحمد محمود، باسم كل رفاقه، باسم كل رجل وامرأة وطفل صغير وشيخ كبير في المعارضة الوطنية اللبنانية، أقول للفريق الحاكم ولقواه السياسية، وللأسف، لبعض ميليشياته: نحن نرفض الحرب الأهلية. نحن نرفض الفتنة بين الطوائف أو الفتنة بين أتباع المذاهب، أو الفتنة بين القوى السياسية. نحن نرفض أي صدام مسلح في الشارع بل نرفض أي نوع من أنواع التصادم في الشارع. أردناه تحركاً حضارياً سلمياً، أثبتنا ذلك يوم الجمعة في الحشد الذي ليس له سابقة في تاريخ لبنان ولو وهّنوا به في وسائل إعلامهم، التي تكبر ما يفعلون وتصغر ما تفعلون، ولكن الصورة واضحة لكل العالم.

 

أنا أقول للبنانيين ولكل شعوب المنطقة: من يدفع الأمور باتجاه الحرب الأهلية، في الحرب الأهلية الكل خاسر. لن أقول لكم أنتم تخسرون ونحن نربح، لا، كلنا يخسر. كل اللبنانيين يخسرون في الذهاب إلى الحرب الأهلية أو إلى الفتنة المذهبية. في العراق الكل يخسر، في فلسطين الكل يخسر. ما يعدنا به بعض الملوك العرب، للأسف، من حروب أهلية في لبنان والعراق وفلسطين، هو خسارة لنا جميعاً، والربح الصافي سوف يذهب إلى إسرائيل وأميركا والمحافظين الجدد وأصحاب نظريات الفوضى الخلاقة. نحن في لبنان لن ننجر إلى أي فتنة. لو قتلتم أحمد محمود، لو قتلتم ألفا مثل أحمد محمود نحن لن نرفع السلاح في وجه أحد.

 

هؤلاء نسوا وكثير منهم كانوا في الحكومة التي منعت التظاهر في أيلول ,93 وأطلق النار علينا وسقط لنا عشرة شهداء وخمسون جريحاً ولم نرفع السلاح في وجه أحد. أقول لكم نحن لسنا بحاجة للسلاح لنهزمكم، لأن سلاحنا فقط في وجه الصهاينة، نحن بأصواتنا نهزمكم، بدم أحمد محمود نهزمكم، بدم أي شهيد مظلوم يمكن أن تسفكوا دمه نهزمكم، بإصرارنا على الوحدة وعلى الأخوة وعلى الإلفة.

 

فليسمع العالم وليعرف، خصوصاً الشعوب العربية التي يحاولون تأليبها على المعارضة اللبنانية بالأكاذيب، هم يقتلوننا ونحن نقول لهم: نحن نريد أن نكون معكم وأن تكونوا معنا سوياً. أيها القتلة، أقول لكم: نحن بالدم سننتصر على سيوفكم.

 

لا للفتنة

 

أيها اللبنانيون، سمعت وللأسف، أن بعض الزعامات الدينية أو السياسية تحرض في المجالس الداخلية وتقول: إن لدى حزب الله 30 ألف صاروخ موجهة إلى بيوتكم! لم يكن هذا سلوكنا في يوم من الأيام، وأنا من هنا، أقول لهؤلاء الزعماء ومن يصغي إليهم: من هدمنا له داراً في لبنان فليأت ويطالبنا، من سفكنا له دماً في لبنان فليأت ويطالبنا، ولكن أنتم الذين تحرضون كم دمرتم من بيوت وكم قتلتم من أنفس وكم سفكتم من دماء؟! بكل صراحة، نحن لا نريد أن نقاتل أحداً ولن نقاتل أحداً، ونحن لا نريد أن نهدد أحداً ولن نهدد أحداً. إن دم كل لبناني وأنا أريد أن أؤكد هذا المعنى، اليوم، في بعض المناطق يثيرون الكثير من الشائعات، وخصوصاً في مدينة بيروت، ويقولون لهم إن قوى سياسية معينة في المعارضة ذات لون مذهبي تريد أن تهاجم أحياءكم وذلك من أجل استثارة النعرات المذهبية والطائفية، فليسمعني أهل بيروت وكل اللبنانيين: إن دم كل لبناني من أي طائفة أو مذهب أو حزب أو تيار سياسي أو منطقة لبنانية، إن دم كل لبناني هو دمنا، وإن عرض كل لبناني هو عرضنا، وإن مال كل لبناني هو مالنا، وإن بيت كل لبناني هو بيتنا. هذا هو الخط الأحمر الذي نحميه بدمنا لو سفكتموه، هذا هو الخط الأحمر الذي نحميه برموش عيوننا ولو تآمرتم علينا أو أردتم جرنا إلى فتنة. نحن لن ننجر إلى حرب أهلية ولا إلى فتنة ولا إلى شكل من أشكال التقاتل الداخلي. الحمد لله، اليوم، لدينا ضمانة وطنية حقيقية هي مؤسسة الجيش اللبناني، الذي أثبت حتى الآن بقيادته وضباطه ورتبائه وجنوده، أنه جيش كل لبنان. هذه الضمانة يجب أن نحافظ عليها جميعاً، ويجب أن لا نسمح بأي تشرذم أو تشقق في داخل مؤسسة الجيش، ويجب أن تترفع القوى السياسية عن التفكير باستخدام أي من ضباط أو جنود الجيش اللبناني لمصلحتها، لأن انهيار الجيش، لا سمح الله، سوف يفقد لبنان مناعته.

 

لقوى الأمن الداخلي أقول: يجب أن تثبتوا أيضاً أنكم مؤسسة وطنية حقيقية، وأنكم لا تعملون لمصلحة فريق لبناني على حساب فريق لبناني، لتشكلوا أيضاً إلى جانب الجيش ضمانة وطنية حقيقية.

 

أيها الأخوة والأخوات، عندما نزلتم إلى الشوارع واعتصمتم مساء الجمعة ومساء السبت واحتشدتم يوم الأحد في القداس صباحاً وبعد الظهر في المهرجان وفي الليل في الاعتصام المعهود، كيف تعامل معكم الفريق الحاكم، الفريق الذي يدعي ويتحدث عن الديموقراطية وعن الحريات العامة وعن حق حرية التعبير.كانت حركتم حضارية اعترف بها كل العالم. وكان انضباطكم مدهشاً وأنتم دائماً تدهشون العالم، في الحرب في السلم في التظاهر. ماذا فعلوا كيف تصرفوا ؟ وهّنوا بحشدكم الغير مسبوق، ولكنهم للأسف، أرسلوا شللهم المسلحة، وأنا يحزنني أن يجلس البعض معنا على طاولة الحوار ليناقش سلاحاً مقاوماً لم يوجه إلى الداخل، ويريد أن ينزع هذا السلاح، وهو يأتي بالسلاح ويخزن السلاح ويوزع السلاح في أكثر من منطقة وأكثر من مكان. أرسلوا شللهم المسلحة لتعترضكم في طريق العودة وتقتل الشهيد أحمد محمود وتجرح آخرين.

 

ضاقت صدورهم بالديموقراطية التي يدعون أنهم يحافظون عليها. كما وجهوا تهديدات إلى شخصيات في المعارضة، وخصوصاً تلك الشخصيات الوطنية التي تنتمي إلى الطائفة السنية الكريمة. ألم يرسلوا السيارات والمسلحين لمحاصرة البيوت والأماكن التي تنتسب إلى هؤلاء الزعماء والشخصيات؟! هل هذه هي الديموقراطية هل هذه هي الحرية؟؟

 

لقد تظاهرتم لأيام وليال طويلة، إني أسألكم وأسأل اللبنانيين وأسأل العالم: في ظل نظام الأجهزة الأمنية كما تسمونها، في ظل نظام الأجهزة الأمنية هل قطع عليكم أحد الطريق؟ في طريق الذهاب أو الإياب؟ هل قتل متظاهر لأنه ذاهب إلى اعتصام أو عائد من اعتصام؟ لكن الأخطر في ما يجري اليوم، الأخطر هو التحريض المذهبي، لقد كفوا عن التحريض الطائفي، اليوم ليس هناك حديث عن مسلمين ومسيحيين في لبنان، كل الحديث عن سنة وشيعة في لبنان. قالوا عن الحشد الكبير يوم الجمعة، إن هذه المظاهرة شيعية وتجاهلوا المشاركة الكبيرة والعارمة من كل الطوائف، ليصورا وكأن المسألة مظاهرة شيعية في مقابل حكومة سنية. لا المظاهرة شيعية ولا الحكومة سنية، هذه هي الحقيقة. ثم جاؤوا بعد ذلك ليقولوا إن المظاهرة هي لحزب الله، يعني في المرحلة الأولى أرادوا أن يحيدوا بقية أطراف المعارضة، ثم من خلال الطابع المذهبي للمظاهرة، ثم جاؤوا ليحيدوا حركة أمل وليقولوا إن هذه المظاهرة لحزب الله، ثم جاؤوا بعد ذلك ليركزوا حملتهم الشديدة على حزب الله وخطابهم الإعلامي المنسق والمتفق عليه، يقولون اعتصام حزب الله وحلفائه. يريدون أن يتجاهلوا بقية قوى المعارضة الحقيقية. عل كل حال، خلال الأيام الماضية انكشف زيف هذا الادعاء، وأن التظاهر والاحتشاد الليلي هو تعبير حقيقي وصادق عن كل أطياف المعارضة الوطنية اللبنانية. هذا الشعار المذهبي سقط وسيسقط، ولكنهم يواصلون العمل على أساسه. في كل الادعاءات السابقة في إعلامهم وخطابهم، يستهدفون ويخاطبون الشارع السني في لبنان، ومن خلاله أيضا الشارع السني على امتداد العالم العربي والإسلامي، ويتصورون أنهم بذلك يسيئون إلى مكانة حزب الله وإلى مكانة القوى المشاركة في المعارضة الوطنية اللبنانية. تارة يقولون المعارضة تريد تغيير اتفاق الطائف، وهذا افتراء وكذب، وأخرى يقولون التظاهر هدفه التغطية على قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ثم يستحضرون العراق وغير العراق، ولا أريد أن أدخل في التباسات هذا

 

الاستحضار، وآخر الأكاذيب، ويناقضون أنفسهم عندما يقولون: السرايا الحكومي محاصر وفي نفس الوقت يبثون عبر شاشاتهم عن الوفود التي تتقاطر إلى السرايا الحكومي. كيف يكون السرايا محاصراً وتأتي كل هذه الوفود.

 

في كل الأحوال، التحريض المذهبي خطيئة وجريمة تاريخية ودينية وإنسانية وسياسية كبرى، وإذا أخذت مكانها الطبيعي فإنها تحرق الجميع. التحريض المذهبي لعب بالنار، واليوم أنا أطالب بلجنة تحقيق عربية من جامعة الدول العربية أو إسلامية من منظمة المؤتمر الإسلامي، تأتي إلى هنا وتحقق. أنا أقول من يحرض مذهبياً أو طائفياً هو خائن، وليحققوا. من الذي يقدم اليوم خطاباً طائفياً أو مذهبياً؟ من الذي يحرض؟ من الذي يوزع بيانات تحلل قتل أبناء هذه الطائفة أو تلك الطائفة؟ من الذي يحول الصراع السياسي في لبنان إلى صراع مذهبي؟ ثم يعرفون هم ويعتقدون وهذه شهادة لنا: أننا في حزب الله تحديداً وفي بقية قوى المعارضة الوطنية، حساسون اتجاه الفتنة الطائفية، وحساسون اتجاه الفتنة المذهبية بين الشيعة والسنة. وأيضاً يحاولون أن ينالوا من حزب الله ويقولون إن مكانتنا في العالم العربي تراجعت، وينصحوننا، كلهم يوجهون النصح لحزب الله ولي شخصياً، ويقولون لا تضيعوا ما جمعتموه، ولا تضيعوا مكانتكم في العالم العربي. العالم العربي يعرف، وحصلنا على هذه المكانة لأنه يعرف، أننا أصحاب قضية شريفة ومقدسة ونحن نخدم قضيتنا. نحن لسنا طلاب مناصب ولا طلاب مكانة ولا طلاب شهرة، حتى في حكومة الوحدة الوطنية المقبلة، نحن لا نطالب بحصة لحزب الله. إنني أعلن أمامكم بوضوح: إن المقاعد الوزارية التي تعطى لحزب الله في حكومة الوحدة الوطنية سنتخلى عنها ليشارك فيها حلفاؤنا في المعارضة. نحن لسنا طلاب سلطة ولا طلاب منصب، نحن أصحاب قضية، نفتديها بدمائنا وأبنائنا، وأقول لهم ليعرفوا من يخاصمون اليوم ومن يواجهون اليوم، نحن قوم لا نخاف من الشتائم ولا من السباب ولا الاتهامات، فليسمعوني جيداً: نحن نخلص لقضيتنا وشعبنا وأمتنا ونقدم من أجلها أبناءنا ودماءنا وأرواحنا وماء وجوهنا، لا فرق عند الواحد منا أن يجلس على العرش أو أن يشيع في نعش.

 

الى العرب

 

ثانياً، أخاطب كل لبناني وكل الشعوب العربية والإسلامية الذين يتابعون اليوم أحداث لبنان بشكل تفصيلي وأسألهم لنبحث عن مكانتنا عندهم: هل يرضى أي لبناني أو أي عربي، أن نسكت أو ندعم حكومة يعلن عن دعمها كل يوم جورج بوش وإيهود أولمرت؟ هل تقبلون أن ندعم أو نسكت عن حكومة ثبت بالدليل القاطع أنها لا تملك قراراً وطنياً لبنانياً وإنما تخضع لإرادة وقرار السفير الأميركي فيلتمان ومن ورائه كوندليزا رايس؟ نحن نريد حكومة لبنانية وطنية لا تخضع لأي أجنبي كما قلت سواء كان عدواً أو صديقاً أو شقيقاً؟ هم ليدافعوا عن تسلط واستئثار الفريق الحاكم، يختبئون خلف العنوان المذهبي السني والشيعي، ويحاولون أن يصورا للسنة في لبنان وللسنة في العالم العربي، أن المعارضة تستهدف حكومة السنة في لبنان! هذا ليس صحيحاً. هذه الحكومة الغير شرعية ليست حكومة السنة في لبنان وليست حكومة وطنية إلا إذا تشكلت على أساس حكومة وحدة وطنية، هذه حكومة السفير الأميركي. وأنا أقول لكم وليسمع كل العالم وأقول صادقاً وقد عودتكم على الصدق: لو كانت هذه الحكومة حكومة السنة في لبنان لكنت أنا أول المطيعين لهذه الحكومة.

 

فليتوقفوا عن اللعب بالمذهبية، ولو أردتم أن تدخلوا الملف الفلسطيني في ساحة الصراع فصفحة قوى المعارضة اللبنانية مشرقة ومضيئة في ما يعني فلسطين، ولكن أين صفحتكم. لو أردتم أن تدخلوا التباسات الموقف في العراق، فأنتم تعرفون: نحن أصلاً ضد الغزو الأميركي للعراق وأعلن هذا بوضوح وشتمنا، ولم نهتم للشتائم لأن الموقف كان حقاً، أما أنتم فأدعياء بقاء الاحتلال الأميركي، وتمدحون هذا الاحتلال وترونه صائباً وتعارضون إنهاءه، وتدعون إدارة بوش إلى احتلال سوريا وإلى احتلال المزيد من الأرض العربية والإسلامية. نحن مع المقاومة في فلسطين، في العراق في كل مكان يحمل فيه وطني شريف سلاحه من أجل تحرير أرضه من الاحتلال والهيمنة والوصاية. لا تخلطوا المسائل ولا تشبهوا الأمور على الناس، لا تحتجوا بموقف فئة شيعية هنا أو هناك، كما لا يجوز أن يحتج أحد من الشيعة بموقف فئة سنية هنا أو هناك. هل ليجوز لشيعي أن يقف ويحاسب الأهل الكرام والأحباء والأخوة، أهل السنة في العالم لأن رئيساً عربياً وقع صلحاً مع إسرائيل في كامب ديفيد ويحمل أهل السنة مسؤولية صلح كامب ديفيد؟ هل يجوز أن يحمل أحد أهل السنة مسؤولية بعض الزعماء الذين يصافحون الصهاينة ويطبعون مع الصهاينة ويحاصرون الانتفاضة في فلسطين؟ أبداً. الشيعة ليسوا حساباً واحداً، والسنة ليسوا حساباً واحداً وليسوا معسكراً واحداً. وليسوا مشروعاً واحداً. في كل بلد هناك شيعة وسنة هنا وهناك، هناك مسلمون هنا وهناك. هناك مسيحيون هنا وهناك. فليحاسب بعضنا الآخر على أساس مواقفه الوطنية والقومية التي تخدم مصالح وطنه ومصلح أمته. دعوا هذا الأمر جانباً. ولكن من المؤسف والمحزن أنه في الأيام الأخيرة عمموا على بعضهم البعض وأعادوا فتح ملف الحرب الأخيرة في تموز وآب، ليعيدوا تحميل حزب الله مسؤولية الحرب والدمار والتبعات الاقتصادية وإلى آخره، ويبدو أن هناك تعميما واضحا وتركيزا واضحا. أنا من الذين كانوا يحرصون دائماً على تأجيل الكلام في هذا الملف لمصلحة اللبنانيين، ولكن ما دمتم تصرون فاسمعوا، قبل أن أشرح وأوضح أقول للمعارضة جميعها وخصوصاً للجمهور الذي يعتبر نفسه معنياً مباشرة بالمقاومة، ما أقوله ليس له عندنا نتائج ولا ردات فعل وسوف يستغرب العالم: كم نحن وأنتم أخلاقيون ومتسامحون ومتواضعون وحريصون، ما اقوله لن يغير من الهدف شيئاً، وسوف نبقى نقول لهم: تعالوا معاً لنشكل حكومة وحدة وطنية، ولكن اسمعوا عن الحرب: أنا أدعو إلى تشكيل لجنة قضائية لبنانية من قضاة نزيهين أو لجنة قضائية عربية من قضاة نزيهين، ولتفتح تحقيقاً في مسألة الحرب الأخيرة. هم يتهموننا، ولكن أنا اليوم بصراحة سأتهمهم. الذي طلب من أميركا، من جورج بوش وديك تشيني بشكل رسمي أن تشن الحرب على لبنان بدليل أنّ الحوار حول سلاح المقاومة باعتقادهم وصل إلى طريق مسدود وأن لا إمكانية داخلية لبنانية لانتزاع سلاح المقاومة لأنّها قوية وذات جمهور لبناني عريض في كل الطوائف وهذا ما أكّدته استطلاعات الرأي العامة، ولأنّ الجيش اللبناني جيش وطني يرفض الصدام مع المقاومة، قالوا لهم لا سبيل لبناني ومحلي لإنهاء مسألة المقاومة، الطريق الوحيد هو أن تطلب الإدارة الأميركية من حكومة (ايهود) أولمرت أن تشن حربا كبيرة مدمرة قاضية ليس على حزب الله فقط بل على حزب الله وعلى كل الذين يؤيدونه أو يحتضنونه حتى لا تبقى لهذه المقاومة باقية ولا تقوم لها حتّى في المستقبل قائمة.

 

الإدارة الأميركية قبلت هذا الطلب وأرادت أيضا توظيفه في انتخابات الكونغرس التي جرت بمعنى أنّه لو نجحت الحرب لجاء بوش والمحافظون الجدد ولقالوا للأميركيين ها نحن قضينا على أحد أهم التنظيمات الإرهابية في العالم، وفي المخطط حضّروا لسجن في مستوطنة في شمال فلسطين المحتلة اسمها روشبينا وهي قاعدة عسكرية أيضا وقاعدة جوية يمكن أن تتسع لعشرة آلاف سجين. هل هؤلاء السجناء سيكونون فقط من حزب الله، لا، كان السجناء سيكونون مِنْ كل مَنْ يعارض الفريق المتسلط الحاكم في لبنان. وقبلت الإدارة الأميركية وأعطت الأمر لإسرائيل. من الذي طلب؟ أنا لا اتهم كل فريق 14 آذار، لا اتهم كل الفريق الحاكم، لا اتهم كل شخصياته، أنا لم أذكر أسماء أمام أحد، لا أمام صحفي أميركي ولا غير صحفي أميركي، لكن الذين جلسوا مع الأميركيين وطلبوا منهم أن تشن إسرائيل علينا الحرب يعرفون أنفسهم وأنا أعرفهم وأتمنّى أن لا يأتي يوم من الأيام أقول أسماءهم.

 

مسؤولية الحرب

 

الذي يتحمل مسؤولية الحرب في تموز ليست المقاومة التي يعترف لها البيان الوزاري بوضوح بأنّ لها الحق بالعمل من أجل تحرير الأرض والأسرى. عندما يعطى هذا الحق للمقاومة المقاومة مقاومة وليست وزارة خارجية، المقاومة تحرر الأرض والأسرى بالسلاح وليس بالمفاوضات والدبلوماسية. نحن اُعْطِينَا هذا الحق في البيان الوزاري وفعلنا بالحق الذي أُعْطِينَاه في البيان الوزاري. الذي يتحمل مسؤولية الحرب والدمار هو الذي طلب من أميركا وإسرائيل أن تتخذ هذه العملية ذريعة لتشن الحرب على لبنان، وأنا أقبل بقضاء محايد ولجنة تحقيق محايدة.

 

أيضا، أنا في أيام الحرب قلت لكم إنّ جون بولتون غير المأسوف على رحيله يريد أن يوقع بيننا الفتنة كلبنانيين عندما أعلن عن مفاجأته أنّ المسؤولين في لبنان قبلوا مسودة المشروع الأميركي الفرنسي ثمّ تخلفوا عن ذلك، ولكنه كان يقول صدقا. هم قبلوا بمسودة المشروع الأميركي الفرنسي لكن عندما وُوجِهُوا بالرفض الوطني في لبنان عدلوا عن ذلك. قلت لكم أيام الحرب إنّ أولمرت يريد أن يوقع بيننا ولكن لم أقل لكم أنّه يكذب، استعملت عبارة حمّالة أوجه. عندما كان يقول إنّ جهات في الحكومة اللبنانية تتصل بنا وتصر علينا أن نواصل القتال، هذا الكلام من أولمرت صحيح ونحن نعرف من هم هؤلاء، وأرجو أنّ لا يأتي اليوم الذي أذكر فيه أسماءهم أمام العالم.

 

أنا أخاطبكم من هنا وبجواركم رئيس الحكومة الفاقدة للشرعية. أنا أسأله والشهود كلهم ما زالوا أحياء، أسأله يا دولة الرئيس: في وسط الحرب عندما دمّر الصهاينة بالغارات الجوية كل الجسور والطرق والمعابر من أجل قطع خطوط إمداد المقاومة في الجنوب، وهم ما ضربوا الجسور من أجل الجسور ولا الطرقات من أجل الطرقات وإنّما كانوا يريدون قطع خطوط الإمداد للمقاومة وفشلوا وبقي الإمداد مستمرا حتّى آخر يوم ولم يتوقف... أسأله: ألم تأمر أنت يا دولة الرئيس، الجيش اللبناني بمصادرة سلاح المقاومة الذي ينقل إلى الجنوب أم لا؟

 

أريد أن أسأل: هل يقبل لبناني سواء كان مسلما أم مسيحيا، هل يقبل لبناني سواء كان سنيّا أو شيعيا أو درزيا أن يحصل هذا في أيام الحرب؟ هل يقبل أي عربي سواء كان مسلما أم مسيحيا سنيا أو شيعيا أن يعمل رئيس حكومة لبنان على قطع خطوط الإمداد للمقاومة التي كانت تخوض معركة الدفاع عن لبنان وعن الأمّة؟ فقط لأنّه سنّي يجب أن أسكت عنه لو كان شيعيا لذكرته منذ اليوم الأول. سوف يخرج غدا رئيس الحكومة الساقطة شعبيا ليقول “إنّو السيد حسن يتجنّى عليّ” أنا أقبل بلجنة تحقيق والشهود أحياء ومن أرسلتُهم ليتوسطوا لديه في الليل من أجل أن يجمّد هذا القرار ما زالوا على قيد الحياة.

 

ولكن الأهم والأخطر، نحن في لبنان ندفع الضرائب للحكومة وهي بدورها تدفع رواتب الموظفين في المؤسسات العسكرية والأمنية والمدنية وتدفع الموازنات وتشتري التجهيزات... من المفترض أنّ الأموال التي يدفعها الشعب اللبناني وتبنى بها أجهزة أمنية أن تبنى الأجهزة الأمنية لحماية اللبنانيين وحماية أمنهم وممتلكاتهم والدفاع عنهم، في الحرب كان من المفترض أن تعمل بعض الأجهزة الأمنية التابعة للفريق الحاكم على ملاحقة الجواسيس والشبكات الإسرائيلية التي كانت تقدّم المعلومات للإسرائيليين ليقوموا بالقصف، ولكن للأسف الشديد أقول لكم، وأنا حاضر أيضا للجنة تحقيق مستقلة ومحايدة، إنّ أحد الأجهزة الأمنية الرسمية التابع للفريق الحاكم كان يعمل في فترة الحرب للبحث عن أماكن قيادات حزب الله لتشخيصها، وقد عملت مجموعة من هذا الجهاز الأمني الرسمي للأسف الشديد لتحديد المكان الذي كنت أتواجد فيه أنا شخصيا أثناء مرحلة الحرب.

 

أكتفي بهذا المقدار عن الحرب، ولو أردت أن أستمر سواء قبل الإخوة والرفاق في المعارضة أو لم يقبلوا، لو لم نكن حريصين على هذا الوطن، لو لم نكن مدركين للحساسيات المذهبية والطائفية لوقفت في الرابع عشر من آب ليس لأتحدث عن حكومة وحدة وطنية وإنّما لأتحدث عن خونة يجب أن يحاكموا في لبنان.

 

أنا أسامح

 

لكن مع كل الذي قلته لكم، وهنا يتفاجأ العالم وتتفاجأون، نحن أبناء هذه القيم وهذه الثقافة ثقافة الحرص على الوحدة، ثقافة التسامح وثقافة المحبة، أنا أسامحهم وإذا أرادوا أن يحاسبوني أنا جاهز للحساب. اليوم وأيضا حرصا على الحساسيات المذهبية، قبل أشهر اعتقلت مجموعة للأسف أنها تنتمي إلى جهة أصولية سنية وكانت تخطط لاغتيالي، وقام الكثيرون من عمائم وغير عمائم وطعنوا في هذه المسألة وأنا سامحتهم، وقلت إنني أسقط حقّي. ما زالوا في السجن أمام القضاء الذي لم يحسم مسألتهم حتّى الآن ولا أعرف لماذا، ولكن أنا أطلب من القضاء اللبناني أن يطلق سراح أعضاء هذه المجموعة التي كانت تخطط لاغتيالي وأن يعيدهم إلى بيوتهم في بيروت وفي الطريق الجديدة وسامحهم الله جميعا.

 

مجددا أخاطبهم، أخاطب الفريق الحاكم المستأثر: لن تستطيعوا أن ترهبونا بالشغب ولن تستطيعوا أن تمنعوا الناس من المجيء إلى ساحتي رياض الصلح والشهداء، لن تستطيعوا جرنا إلى الفتنة المذهبية، لن تسمعوا صرخة استسلام ولا ضعف ولا وهن لأنّ مطالبنا محقة. ما زلنا نقول لكم تعالوا لنقيم حكومة وحدة وطنية، وأقول لكم: الوقت لا يلعب لمصلحتكم، أبدا، فهذا سيدكم في البيت الأبيض ترتجف أعصابه ويتهاوى في كل مكان. تعالوا لنعود إلى بعضنا البعض كلبنانيين، لا مكان للعناد، الفرصة ما زالت متاحة وأبواب التفاوض ما زالت قائمة ولا زلنا نقبل في المعارضة، لم نقل إنّ مطلبنا الوحيد هو إسقاط الحكومة، قلنا تعالوا نحول الحكومة الحالية إلى حكومة وحدة وطنية، الحكومة التي يرأسها فؤاد السنيورة، ولكم فيها الأغلبية وللمعارضة ثلثٌ ضامن من أجل أن نضمن لبنان...

 

لكن إذا أصررتم على العناد ورفضتم، نحن الآن في المعارضة بدأنا ندرس خيارا آخر، بعد مدة لن نقبل حكومة وحدة وطنية يرأسها أحدٌ منكم. بعد مدة سيتحول هدفنا إلى إسقاط هذه الحكومة وتشكيل حكومة انتقالية تجري انتخابات نيابية مبكرة وأنتم تعرفون لمن الأكثرية ولمن الغلبة. في انتخابات 2005 أخذتم الأكثرية على عجل بقانون ظالم وبتحالفات المُخَادَعَة، في الانتخابات المقبلة لن يكون مكان للخداع لأنّ المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين. بعد الانتخابات المبكرة ستكون المعارضة أكثرية وستشكل حكومتها وسيرأس حكومتها شخصية سنية وطنية شريفة نظيفة نزيهة يعرف العالم كله نزاهتها. وهؤلاء السنة الوطنيون في لبنان كُثُر القادرون على تحمل مواقع قيادية من هذا النوع. ولكن لن نلغيكم ولن نشطبكم، سنعطيكم في الحد الأدنى، أنا أوافق أن نعطيكم الثلث الضامن ونشارككم لأنّنا نؤمن أنّ لبنان بلد الشراكة والمشاركة والتوافق والتعاون.

 

صلاة الجمعة

 

أيها الإخوة والأخوات، للتعبير عن استمرارنا في هذا التحرك السلمي الحضاري، أنا أدعو المسلمين في كلمتي هذه بالتحديد للمشاركة غدا في صلاة الجمعة التي ستقام في ساحاتكم، ساحات الشرف والمقاومة السياسية الحقيقية وليس المزيفة أو المدَّعَاة، أدعوكم للمشاركة في صلاة الجمعة التي ستعبر عن وحدتنا وتلاحمنا في وجه كل أشكال الفتنة والتفرقة، بإمامة سماحة العلامة الشيخ الدكتور فتحي يكن، وأقول للمصلين من المسلمين الشيعة باعتبار أننا عادة نصلي الظهر غالبا أنّ صلاة الجمعة هذه تجزيكم عن صلاة الظهر ويمكنكم بعدها أن تصلوا صلاة العصر وتكفيكم. أدعوكم وأدعو كل من يستمع إلى أوسع مشاركة في صلاة الجمعة هذه لأنّها عبادة لله الواحد الأحد ولأنها تعبير نريد أن نوجهه لكل أولئك الذين يتربصون بنا من أجل الفتنة والتفرقة والتصارع. قد تجدون أرضا للفتنة والحرب الأهلية في مكان ما في العالم لكن في لبنان لن، لن يكون هناك قتال بين الشيعة والسنة.

 

الأمر الثاني، أدعوكم وأدعو كل المشاهدين والمستمعين إلى المشاركة في الحشد الجماهيري الكبير يوم الأحد في الساعة الثالثة عصرا لتجديد التعبير عن الموقف ولتأكيد الحضور الشعبي والإصرار الشعبي للمعارضة الوطنية اللبنانية، كما نقول لهم في كل ليلة، سنقول لهم الأحد عصرا، سيسمعوننا في كل صور الفريق الحاكم، من الساحات، من بيوت الفقراء، من الأكواخ، من الخيم، من البيوت المهدمة، من أحياء المهاجرين بالفقر والمهجرين بالحرب، سنسمعهم صوتنا نحن في المعارضة الوطنية اللبنانية لن نستسلم وسوف نبقى في الساحات حتّى نقيم حكومة الوحدة الوطنية اللبنانية الضامنة للبنان لكل اللبنانيين، المنقذة للبنان والمدافعة عن لبنان التي تعالج أزماته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، لنسمعهم أننا مصرون على الهدف وسنواصل الطريق مهما كانت التضحيات.

 

أيها الإخوة والأخوات من كل الطوائف والمذاهب والأحزاب والتيارات، أنتم منتصرون حكما، وكما قلت لكم في الدعوة: كما كنت أعدكم بالنصر دائما أعدكم بالنصر مجددا. هم يواصلون حرب تموز وآب ونحن نواصل معركتنا في الدفاع عن هوية لبنان ووحدة لبنان وكرامة لبنان، عشتم جميعاً، طاب ثرى الشهيد أحمد محمود طاب ثرى شهدائكم ، عشتم وعاش لبنان.

Link to comment
Share on other sites

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
Reply to this topic...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...
×
×
  • Create New...