Jump to content
Baghdadee بغدادي

ما قيل إنه "رُفع" أو "سقط" من القرآن


salim

Recommended Posts

ما قيل إنه "رُفع" أو "سقط" من القرآن!

 

 

 

 

 

 

 

د. محمد عابد الجابري

 

موضوع الزيادة والنقصان في القرآن موضوع قديم كثر فيه القيل والقال. وقد تحدثت المصادر، السُّنية منها والشيعية، عن التحريف في القرآن، نذكر هنا ملخصاً لما ورد في الأولى على أن نخصص المقال المقبل لما ورد في المصادر الشيعية.

 

تميز المصادر السُّنية بين الأصناف التالية من التحريف في القرآن:

 

- صنف يقع بالتأويل بمعنى "نقل معنى الشيء من أصله وتحويله إلى غيره"، أو بالنقص أو الزيادة في الحروف أو الحركات، وذلك كاختلاف القراءات، أو بـ"الزيادة والنقصان في الآية والسورة مع التحفظ على القرآن والتسالم (عدم التنازع) على قراءة النبي صلى الله عليه وسلم إياها"، وهذا مثل تسالم المسلمين في البسملة على أن النبي قرأها قبل كل سورة غير سورة التوبة مع اختلافهم هل هي من القرآن أم لا. وهذه الأنواع من التحريف واقعة في القرآن ومعترف بها بصورة أو أخرى من طرف علماء الإسلام تحت العناوين التالية: التأويل، الأحرف السبع، القراءات، مسألة البسملة... الخ.

 

- وصنف يراد به القول بأن "بعض المصحف الذي بين أيدينا ليس من الكلام المنزل"، وهذا مرفوض بإجماع المسلمين (ينسب إلى فرقة العجاردة من الخوارج أنهم رفضوا أن تكون سورة يوسف من القرآن، زاعمين أنها قصة من القصص).

 

وهذان الصنفان من التحريف لا يدخلان في موضوعنا هنا. إن ما يهمنا هنا هو ما يتصل بمسألة "جمع القرآن"، أعني ما يدخل في نطاق السؤال التالي: هل "المصحف الإمام" -الذي جمع زمن عثمان والذي بين أيدينا الآن- يضم جميع ما نزل من آيات وسور، أم أنه رفعت (أو سقطت) منه أشياء أثناء جمعه؟

 

الجواب عن هذا السؤال، من الناحية المبدئية، هو أن جميع علماء الإسلام، من مفسِّرين ورواة حديث وغيرهم، يعترفون بأن ثمة آيات، وربما سوراً، قد "سقطت" أو "رُفعت" ولم تدرج في نص المصحف. وفي ما يلي أنواع النقص التي ذكرتها المصادر السُّنية.

 

1- يقول القرطبي عند تفسيره لسورة الأحزاب، وعدد آياتها 73 آية: "كانت هذه السورة تعدل سورة البقرة (وعدد آياتها 286). وكانت فيها آية الرجم. وبعد أن يشير إلى أن هذا روي عن أُبيّ بن كعب، أحد كتاب الوحي وجامعي القرآن، يضيف قائلاً: "وهذا يحمله أهل العلم على أن الله تعالى رفع من (سورة) الأحزاب إليه ما يزيد على ما في أيدينا (منها), وأن آية الرجم رفع لفظها" (وبقي حكمهاً سائراً). وروي أنّ عمر بن الخطاب، قال: (إيّاكم أن تهلكوا عن آية الرجم. والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس: زاد عمر في كتاب الله لكتبتها، [ونصها]: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة، نكالاً من الله، والله عزيز حكيم"، فإنّا قد قرأناها). وقيل إن عمر أتى بهذه الآية إلى زيد بن ثابت حين كان يجمع القرآن فلم يأخذها منه لأنه –أعني عمر- كان وحده، وزيد كان قد اشترط شهادة رجلين فيما يأخذ من الآيات.

 

وفي رواية عن عائشة أنها قالت: "كانت سورة الأحزاب تعدل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مائتي آية, فلما كتب المصحف لم يُقْدَر منها إلا على ما هي الآن". وفي رواية أخرى أنها قالت: "نزلت آية الرجم ورضاع الكبير عشراً، ولقد كانت في صحيفة تحت سريري، فلمّا مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتشاغلنا بموته دخل داجن (شاة) فأكلها".

 

2- ويذكر القرطبي أيضاً في بداية تفسيره لسورة براءة (التوبة وعدد آياتها 130)، وفي سياق عرضه للروايات التي تتناول عدم وجود البسملة في أولها، رواية جاء فيها: "إنه لما سقط أولها، سقط (بسم الله الرحمن الرحيم) معه. وفي رواية أخرى عن حذيفة أنه قال‏:‏ ما تقرؤون ربعها‏:‏ يعني براءة".

 

3- وذكر السيوطي وغيره أن دعاء القنوت كان سورتين، كل سورة ببسملة وفواصل، إحداهما تسمى سورة الخلع، والأخرى تسمى سورة الحفد. غير أن علماء السُّنة قد اعتبروهما ضرباً من الدعاء لا قرآنا منزلاً. وهما بالتتابع: أ) "اللّهم إنا نستعينك ونستغفرك، ونثني عليك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك"، ب) "اللّهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك، ونخشى عذابك، إنّ عذابك بالكافرين ملحق".

 

4- ورُوي أنّ عمر قال لعبدالرحمن بن عوف: "ألم تجد فيما أُنزل علينا: "أن جاهدوا كما جاهدتم أوّل مرّة"، فأنا لا أجدها؟ قال: أُسقِطت فيما أسقِط من القرآن".

 

5- كما روي عن حميدة بنت أبي يونس أنها قالت: "قرأ عليَّ أبي، وهو ابن ثمانين سنة، في مصحف عائشة: إنّ الله وملائكته يصلّون على النبيّ يا أيُّها الذين آمنوا صلوا عليه وسلّموا تسليماً وعلى الذين يصلون في الصفوف الأولى". قالت: "قبل أن يغيّر عثمان المصاحف".

 

6- وذكر السيوطي في باب الناسخ والمنسوخ عن ابن عمر أنه قال‏:‏ ليقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله وما يدريه ما كله! قد ذهب قرآن كثير، ولكن ليقل قد أخذت منه ما ظهر"‏.

 

‏7- ورووا عن أبيّ بن كعب قال‏:‏ "قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن فقرأ سورة‏: "‏لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين‏"،‏ ومن بقيتها‏ -وهذا غير موجود في المصحف-‏ "لو أن ابن آدم سأل وادياً من مال فأعطيه سأل ثانياً، وإن سأل ثانياً فأعطيه سأل ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب، وإن ذات الدين عند الله الحنيفية غير اليهودية ولا النصرانية ومن يعمل خيراً فلن يكفره".

 

8- وفي رواية عن أبي موسى الأشعري أنه قال: "نزلت سورة نحو براءة ثم رفعت وحفظ منها‏:‏ إن الله سيؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم ولو أن لابن آدم واديين من مال لتمنى وادياً ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب".

 

9- وعنه أيضاً أنه قال‏:‏ "كنا نقرأ سورة نُشبهها بإحدى المسبحات (السور التي تبدأ بـ"سبح" و"يسبح") نسيناها، غير أني حفظت منها‏:‏ "يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا ما لا تفعلون‏‏ فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة".

 

10- كما يروون عن عمر أنه قال: كنا نقرأ‏:‏ "لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم‏".‏

 

11- وروي أن مسلمة بن مخلد الأنصاري قال ذات يوم‏:‏ "أخبروني بآيتين في القرآن لم تكتبا في المصحف فلم يخبروه فقال، الأولى: "إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ألا أبشروا أنتم المفلحون‏".‏ والثانية "والذين آووهم ونصروهم وجادلوا عنهم القوم الذين غضب الله عليهم أولئك لا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون"‏.‏

 

12- وفي الصحيحين عن أنس أنه قال: نزل قرآن في الذين قتلوا في موقعة بئر معونة، ‏قرأناه حتى رفع‏ وفيه:‏ "أن بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا‏".‏

 

13- وروى الطبري في تفسيره عن الحسن أنه قال في قوله تعالى: "مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أوْ نُنْسِها نأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا"، قال: إن نبيّكم صلى الله عليه وسلم أُقرئ قرآناً ثم نسيَه فلا يكن شيئاً, ومن القرآن ما قد نسخ وأنتم تقرؤونه. وفي لفظ آخر: "قال: إِن نبيكم صلى الله عليه وسلم, قرأ علينا قرآناً ثم نسيَه". وعن ابن عباس قال: كان مما ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم, الوحي بالليل وينساه بالنهار, فأنزل الله عز وجل: "ما ننسخ من آية أو ننسها نأتِ بخير منها أو مثلها".

 

هذا ويعلل بعض علماء الإسلام من أهل السُّنة ظاهرة سقوط آيات من القرآن، بكونها داخلة في معنى النسخ. غير أن علماء آخرين أنكروا أن يكون ذلك من النسخ، وقالوا إن ما ذكر من الزيادة والنقصان في القرآن يرجع إلى خبر الآحاد، والقرآن لا يثبت بها وإنما يثبت بالتواتر.

 

* نقلا عن صحيفة "الاتحاد" الإماراتية

 

12 ألف صحابي أقروه وجبريل راجعه قبل وفاة الرسول

عالمان يردان على القول بتحريف واسقاط قرآن من مصحف عثمان

 

 

وسام حجة الوداع

 

اعجاز حفظه في صدور الصحابة

 

راجعه جبريل مرتين مع الرسول

 

12 ألف صحابي راجعوا القرآن

 

التأويل لا يعني التحريف

 

الأحرف السبعة هي لهجات العرب

 

القراءات السبع متواترة عن الرسول

 

مصحف عثمان وآية الرجم

 

ما اعتمد عليه جمع القرآن

 

جبريل راجع القرآن المكتوب 24 مرة

 

أراء د. الجابري

 

 

 

 

 

 

دبي - فراج اسماعيل

 

رد عالمان أزهريان على ما أثاره د. محمد عابد الجابري استاذ الفلسفة والفكر الاسلامي بجامعة محمد الخامس المغربية بخصوص سقوط سور وآيات في المصحف الموجود حاليا والذي يرجع نسخه لعهد خلافة عثمان بن عفان، وكذلك على ما اعتبره أوجها للتحريف متمثلا في التأويل والأحرف السبع والقراءات ومسألة البسملة، وعلى أن سورة الأحزاب "73 آية" كانت في البداية تعدل سورة البقرة في حجمها.

 

قال د. محمد المختار المهدي الأستاذ بجامعة الأزهر ورئيس الجمعية الشرعية في مصر إن المصحف الذي بين أيدينا منزه من أي نقص أو زيادة او تحريف، وأن ضوابط شديدة أحيطت بجمعه ونسخه، كما أنه وصل إلى هذه المرحلة مكتوبا من عهد النبي، موضحا ان كتاب الوحي كانوا يكتبونه فورا بمجرد النزول على الرسول، وان جبريل كان يراجعه في رمضان من كل عام، وراجعه مرتين في رمضان الأخير من حياته بحضور زيد بن ثابت.

 

من جهته أكد الداعية الاسلامي الشيخ خالد الجندي إن هناك فرقا بين التأويل والتحريف، مشيرا إلى أن القرآن نزل بسبع لهجات كانت سائدة في جزيرة العرب، وان القراءات السبع انتقلت الينا بالاسناد والتواتر عن الرسول.

 

وأوضح أن الرسول لم ينزل عليه من السماء القرآن فقط، بل الذكر المبين له والذي كان يشرحه ويفسر به الأيات وعرف بالسنة، ومن ذلك آية "الرجم" التي تقول {والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم} مؤكدا أنها ليست من النص القرآني حتى لو أطلق عليها بعض الذين نسبت إليهم من الرواة، لأن كلمة "آية" كان يطلقها الصحابة على الحديث النبوي باعتباره لا ينطق عن الهوى.

 

وعلق د. المهدي على ما جاء في مقال د. محمد عابد الجابري بقوله: هذه القضية قتلت بحثا في موضوع النسخ والأحرف السبعة التي نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم. ومن المعروف أن القرآن الكريم نفسه قال: "سنقرؤك فلا تنسى إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى". فحينما كانت تنزل بعض آيات من القرآن وفيها شدة في التكليف، ويريد الله عز وجل أن يخفف عن الأمة، فإنه ينسي النبي هذه الآيات ويحكم الله آياته، فالقرآن قال بنفسه "كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير" وقال "لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد".

 

 

 

 

وسام حجة الوداع

 

وأضاف: عندنا الوسام العظيم الذي نزل على الأمة في حجة الوداع "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا". ثم ان القرآن أيضا قال "ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من احد عنه حاجزين" أليس هذا من تمام القرآن وتمام تبليغ الرسول صلى الله عليه وسلم لما أنزل عليه؟.

 

وأوضح المهدي أنه كان عندما تنزل الآية، يستدعي النبي كتاب الوحي ويكتبون ما يمليه عليهم بعد أن يرتفع الوحي مباشرة، فقد كان يتعجل في كتابته أثناء تلقيه الوحي من سيدنا جبريل، لدرجة أن القرآن عاتبه على ذلك وقال "ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيك" وطمأنه "إن علينا جمعه وقرآنه فاذا قرآناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه"، وكذلك الآية "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون".

 

 

 

 

اعجاز حفظه في صدور الصحابة

 

ويستطرد د.المهدي: هذا يعني أن الله هو الذي حفظ القرآن، وكان باستمرار يحفظ في الصدور ويحفظ أيضا في السطور. لم يأت اطلاقا أي كتاب سماوي كتب ووثق كما وثق القرآن الكريم، فقد كان كل حرف ينزل، يكتب ويقرأ في الصلاة، ونقلت لنا السيرة أنه عندما كان المرء يتجول في شوارع المدينة المنورة، يسمع دويا كدوي النحل باعتبار أن كل صحابي يسمع آية، يظل يقرؤها لأبنائه ولأهل بيته طوال الليل.

 

وأشار إلى أن القرآن نزل مفرقا وليس مرة واحدة "وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا" حتى يتيسر للبشر أن يعوه ويحفظوه. أما مسألة النسخ فقد أثارها اليهود بحجة أن كتابهم آخر الكتب ونبيهم آخر الأنبياء، ولذلك لم يؤمنوا بعيسي ولا بمحمد ولا بالانجيل أو القرآن، وقالوا إن هذا يستلزم عملية (البداء) وهي التي يتكلم عنها الفلاسفة في شبهاتهم، والبداء معناه ان الله بعد أن أنزل كتابا بدا له أن ينزل كتابا آخر، فنسخ هذا وجاء بذاك.

 

ويفرق بين هذه النظرية وبين ما حصل في القرآن بقوله: كان يأتي بالحكم فيكون ثقيلا ليبين أن هذا هو المطلوب منك، يعني مثلا فرضت خمسين صلاة في البداية ثم خففت إلى خمس صلوات، وهذا معناه نعمة وفضل من الله ورحمة بك فلا تفرط في الخمس التي كانت خمسينا. مثلا كانت عدة المتوفى عنها زوجها سنة كاملة وبعد ذلك خففت إلى أربعة أشهر وعشرة أيام. أليس ذلك تخفيفا؟. كان يجب على الرجل أن يقف أمام عشرة من أعدائه "إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين" وبعد ذلك يقول الله "الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين.."

 

 

 

 

راجعه جبريل مرتين مع الرسول

 

ويشرح المهدي ذلك موضحا: هذا يعني أن النسخ الذي يتكلمون عنه ويعتبرونه شبهة هو عملية لطف من الله وتخفيف حصل بوحي من الله على نبيه، مؤكدا أن جبريل كان يراجع القرآن مع الرسول في شهر رمضان سنويا وهو ما يسمى "العارضة"، وفي رمضان الأخير قبل وفاته راجعه معه مرتين وهو القرآن الذي بين أيدينا حاليا، وقد حضر هذه العارضة زيد بن ثابت – احد كتاب الوحي وكان شابا وأثنى عليه الرسول كثيرا، وعند جمع المصحف انتدبه أبو بكر الصديق ثم انتدبه عثمان بن عفان في كتابة القرآن على الورق.

 

 

 

 

12 ألف صحابي راجعوا القرآن

 

وردا على القول بأن مصحف عثمان سقطت منه أو رفعت آيات وسور عند كتابته يوضح د. محمد المختار المهدي رئيس الجمعية الشرعية بمصر إن عثمان رضي الله عنه كان ينتدب أربعة صحابة من حفظة القرآن، ثلاثة من قريش وواحد من المدينة وهو زيد بن ثابت، وأتى بالمكتوبات التي تمت في حياة الرسول وكانت موجودة لدى السيدة حفصة، وبدأ الأربعة يراجعون ما في هذه المكتوبات ويعرضونها على الصحابة الذين كانوا موجودين وعددهم 12 ألف صحابي، فيعرض الأربعة الآية عليهم فاذا اقروها وقالوا انهم سمعوها من الرسول كتبت.. فهل يوجد توثيق أكثر من ذلك؟

 

وحول الروايات التي يتم الاستدلال بها على أن سورة الأحزاب المكونة من 73 آية كانت في حجم سورة البقرة، أو كانت مائتي آية في رواية منسوبة للسيدة عايشة، يؤكد د. المهدي أن كل هذه روايات يجري الاستدلال بها لعمل بلبلة وفتنة، لكننا نقول إنه ممكن جدا أن آيات نزلت ثم نسخت، بدليل أن الرسول كان ينسى الآية التي لا يريدها الله في النص القرآني الأخير، اما بخصوص آية الرجم، فهناك كلام كثير عنها، ومع فرض ثبوتها فان ذلك يقدح في نص القرآن، فأسلوبها لا يتفق أو ينسجم مع أسلوبه كالقول "والشيخ والشيخة إذا زنيا" فماذا مثلا عن "الشاب والشابة إذا زنيا" والاقتصار على الشيخ والشيخة؟.

 

 

 

 

التأويل لا يعني التحريف

 

وبدوره يوضح الشيخ خالد الجندي: التأويل هو رد الأمر إلى أصله وايضاح الدلالة من النص بما يتناسب مع الاستقرار اللغوي، وعلى هذا فهناك فارق بين التأويل والتحريف. واللغة العربية تعرف هذا المنحى، لأنه لا توجد لغة أصيلة، فكل اللغات تأثرت ببعضها، فقد أخذت اللغة العربية من الفارسية ومن الرومية ومن الحبشية، وكذلك هذه اللغات أخذت من العربية. ومن ثم عندما نفسر القرآن بأصل المدلول اللغوي فاننا بذلك نضيع الرسالة التي أراد القرآن توصيلها إلى الناس.

 

ويستطرد خالد الجندي: هناك أوجه كثيرة جدا تؤيد قضية حفظ القرآن والعناية به من التحريف وهي المعجزات العلمية المذكورة فيه واعجازه البلاغي وسمو تشريعه والشواهد التاريخية والحقائق العلمية والكونية واعجاز اعداده وتناسق آياته وسوره واعجازه الاجتماعي والأثري والتاريخي والنفسي.

 

 

 

 

الأحرف السبعة هي لهجات العرب

 

وقال: هناك جهل شديد عند بعض الناس بمعنى الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، فالحرف في أصل اللغة معناه الطرف والجانب، وهي سبعة أوجه فصيحة من اللغات أنزل عليها القرآن، والذي يعرفه الناس أن القرآن نزل بسبع لهجات ولم ينزل بلهجة واحدة، وهي اللهجات التي كانت في البطون والقبائل بالجزيرة العربية وذلك ثابت في السنة، ويمكن ان نقول إنها سبع لغات من لسان العرب.

 

ويضيف الجندي: هناك فارق بين الأحرف السبعة والقراءات السبع. الأحرف السبعة تظهر في وجه الخلاف في قراءات القرآن، وهذه الأوجه الخلافية كانت في سبعة أمور، الأول: اختلاف أوزان الأسماء مثل قوله تعالى "والذين هم لأماناتهم". فطبقا لاختلاف أوزان الأسماء والتسمية والجمع والتذكير والمبالغة تقرأ أيضا "لأمانتهم". الثاني: اختلاف تصريف الأفعال نحو الماضي والمستقبل والأمر والاسناد، والثالث: وجوه الاعراب مثل "ذو العرش المجيد" فتقرأ "ذو العرش المجيد" بضم الشين والدال في العرش والمجيد، وتقرأ أيضا بكسر الشين والدال. والرابع: الزيادة والنقص "وماخلق الذكر والأنثى" فالأنثى تقرأ هنا أيضا بتحويل الثاء إلى تاء. والخامس: التقديم والتأخير "وجاءت سكرة الموت بالحق" تقرأ "وجاءت سكرة الحق بالموت". السادس: القلب والابدال: "وانظر إلى العظام كيف ننشرها" وقد قرأت "كيف ننشئها". السابع: اختلاف اللغة ذاتها مثل الترقيق والفتح والتفخيم، وهذا كله وارد في لسان العرب، ولا يقدح أبدا في قضية حفظ القرآن من التحريف.

 

وأشار خالد الجندي إلى أن هناك مذهبين للعلماء بخصوص الأحرف السبعة، الأول يعتمد على استقراء أوجه الخلاف في لغات العرب نفسها، والمذهب الثاني يقول إن المراد بهذه الأحرف سبعا من لغات العرب الفصيحة، وهذا يعني أن الله انزل القرآن على سبع لغات مراعيا ما بينها من فوارق لم يألفها بعض العرب.

 

 

 

 

القراءات السبع متواترة عن الرسول

 

ويشير إلى أن القراءات السبع عرفت بالتواتر، أي النقل بالاسناد المتواتر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه الظاهرة التسجيلية للنصوص لم تتوفر لأمة أخرى. ويقول الجندي موضحا ذلك: القراءة المقبولة هي التي اتفق عليها كل علماء القراءات، وشروطها أن تكون متوافقة مع اللغة العربية ولو بوجه من الوجوه، ومع رسم المصحف الذي كتب في عهد أبو بكر ونسخ في عهد عثمان ولو على سبيل الاحتمال.

 

ورد خالد الجندي على القول بان هناك ما سقط من القرآن في مصحف عثمان متسائلا: ليأتوا بهذا الذي يدعون سقوطه ثم نزنه بموازين القرآن، فان انطبقت عليه تلك الموازين قبلناه، وبالتالي لا يجب أن يجهد أحد نفسه في نفي شبهة مدع، إنما على الأخير أن يثبت شبهته حتى نقبل ما يقول به.

 

وأفاض الحديث حول القول بسقوط آيات استدلالا بروايات منسوبة لبعض الصحابة، موضحا أن هؤلاء لا يفهمون اطلاقات كلمة "آية"، فهي تقال عن السنة الكونية وعن الآية القرآنية وعن الحديث النبوي أيضا. وكان الصحابة يطلقون كلمة "آية" قاصدين بها ما قاله النبي لأنهم يعتقدون اعتقادا جازما ونحن كذلك أنه لا ينطق عن الهوى.

 

وأضاف الجندي: البعض يحاول عن طريق الاستدلال بتلك الروايات اثبات أن هناك كلمات ساقطة، فمثلا في قوله تعالى "لا يؤاخذكم الله باللغو في أعمالكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان فكفارته اطعام عشرة مساكين من أوساط ما تطعمون أهليكم او كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام" وهذه هي الآية "89" من سورة المائدة. يقول البعض أنه في مصحف ابن مسعود هناك زيادة بكلمة "متتابعات".. أي أن الآية تستكمل كالتالي " فصيام ثلاثة أيام متتابعات" وادعى هؤلاء أنه في مصحف أبي بن كعب، جاءت كلمة متتابعات هكذا "فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر متتابعات".

 

ويعقب: هذا مخالف لما ثبت نقله بالتواتر، فكلمة "متتابعات" جاءت في مصحف ابن مسعود، لكنها غير متواترة، وهناك فرق بين المنقول بالشهرة والمنقول بالتواتر، وبالتالي فان ما نقل عن ابي بن كعب هو عن خبر أحاد، ونحن لا نقبل في القرآن أي خبر غير متواتر.

 

ووجود كلمة "متتابعات" في مصحف ابن مسعود كان من قبيل الايضاح، لأن الصحابة كانوا يكتبون تفسير بعض الكلمات من فم الرسول صلى الله عليه وسلم بجانب الكلمة القرآنية نفسها.

 

ويشير إلى عدم صحة الروايات المنسوبة لهذين الصحابيين. فمثلا يقال إن أبي ابن كعب أسقط من المصحف دعاء كان يتلى (دعاء القنوت في ما سمي بسورتي الخلع والحفد) وهذا غير صحيح ولم يثبت أن هذا موجود في مصحف أبي بن كعب. وحتى لو افترضنا وجوده فهذا لا يعني أنه قرآن، لأن أي صحابي كان عنده مصحف كان يكتب بجانب الآيات بعض الكلمات والتفسيرات التي ليست من النص القرآني وذلك للايضاح، اضافة إلى ان كلام القنوت المروي عن أبي بن كعب يفتقد الحجة على أنه قرآن منزل، بل هو ضرب من ضروب الدعاء، لأنه لو كان قرآنا لنقل إلينا نقل القرآن.

 

ويواصل الجندي: يمكن القول أيضا باحتمال كون دعاء القنوت كلاما منزلا ثم نسخ تلاوة ونصا، فما المانع أن يكون من باب المنسوخ، وحكمة هذا الشئ هو التدرج في التشريع وفي الرأفة والرحمة من الله ونقل العباد من حالة إلى حالة أخرى، فمن حق الله أن يغير ويبدل ما أنزل وليس ملزما بأن يظل أول تشريع له ساريا على الخلق، وهنا تتجلى حكمة الناسخ والمنسوخ الذي تم في حياة الرسول بوحي من الله.

 

 

 

 

مصحف عثمان وآية الرجم

 

ويؤكد خالد الجندي أن مصحف عثمان الذين بين أيدينا الآن هو المصحف الكامل بغير تحريف أو نقص أو زيادة أو تغيير، وليس فيه كلمة ولا رمز مختلف عن الحالة الأولى التي جمع فيها القرآن ولو كان هذا ممكنا لبطل اعجاز القرآن الكريم، وبطلت المزية التي يتميز بها.

 

وقال: آية الرجم لم تنزل في القرآن الكريم، والرسول صلى الله عليه وسلم. مفرقا بين "ذكر مبين" بفتح الباء نزل على الرسول والمعني به القرآن الكريم، و"ذكرمبين" بكسرها والمعني به "السنة"، فلماذا لا تكون هذه الآية من الذكر المبين "بالكسر" وهذا الأخير لم ينتبه إليه أحد ونريد أن نؤلف فيه كتابا، والصحابة كانوا يعلمون هذا وبالتالي لم يتحرجوا أن يطلقوا كلمة "آية" على الحديث النبوي.

 

وأضاف الجندي: البسملة وردت مرتين في القرآن، الأولى في سورة الفاتحة، والثانية في سورة النمل "انه من سليمان وانه بسم الله الرحمن الرحيم" لكنها ليست من القرآن عندما تقرأ قبل كل سورة، فلم يقل أحد بذلك، وعدم قراءتها قبل سورة التوبة سنة عن الرسول، لأننا نقرأ القرآن بالتواتر، فالصحابة قلدوا الرسول في ذلك، ثم التابعون فالأئمة القراء.

 

 

 

 

ما اعتمد عليه جمع القرآن

 

وأوضح ان العبرة عند الصحابة كانت بالمحفوظ لا بالمكتوب، والقرآن الكريم حفظ صدرا قبل أن يحفظ سطرا، وقد حفظ في صدر الرسول وهو لا يقرأ ولا يكتب، وهذه اشارة إلى أن المعتمد في جمع القرآن هو ما في الصدر وليس ما في السطر. وكان الشرط ان يأتي الصحابي الحافظ الذي يريد أن يثبت آية من القرآن باثنين من الصحابة يشهدان على صحة ما قاله.

 

 

 

 

جبريل راجع القرآن المكتوب 24 مرة

 

وقد كتب القرآن في عهد الرسول، وظلت تلك المكتوبات موجودة بدون تحريف إلى أن تم جمعه في عهد أبي بكر ولكن تلك المكتوبات لم تكن حجة على ما في الصدر. وقال الجندي إن جبريل عندما كان ينزل على الرسول راجع القرآن مكتوبا أربعا، وكان يطلب منه أن يرسل إلى ابن مسعود – أحد كتاب الوحي - بأن يضع آية معينة في سورة معينة وهكذا، وقد أعيد جمع هذه المكتوبات في عهد أبي بكر على نفس الحالة التي كانت في عهد الرسول ثم كتبت في مصحف عثمان.

 

ويفرق خالد الجندي بين كتابة وجمع القرآن. فالكتابة حصلت في عهد الرسول، وجمع محفوظا ومكتوبا في سور في عهد أبي بكر، حيث كان يطلب شاهدين من حفظة القرآن على كل كلمة مكتوبة، ليشهدا أنهما سمعاها من فم الرسول.

 

 

 

 

أراء د. الجابري

 

وكان د. محمد عابد الجابري قد قال في مقال والذي نشرته "العربية.نت" نقلا عن صحيفة " الاتحاد" الاماراتية إن موضوع الزيادة والنقصان في القرآن موضوع قديم كثر فيه القيل والقال، متناولا التأويل والنقص والزيادة في الحروف أو الحركات كاختلاف القراءات، والزيادة والنقص في الآية والسورة، والاختلاف حول البسملة، هل هي من القرآن أم لا.

 

وأضاف الجابري: هذه الأنواع من التحريف واقعة في القرآن ومعترف بها بصورة أو أخرى من طرف علماء الإسلام تحت العناوين التالية: التأويل، الأحرف السبع، القراءات، مسألة البسملة... الخ.

 

وأشار إلى أن جميع علماء الاسلام من مفسرين ورواة حديث وغيرهم يعترفون بأن ثمة آيات وربما سورا قد "سقطت" أو "رفعت" ولم تدرج في نص المصحف. مواصلا بأن " ما يهمنا هنا هو ما يتصل بمسألة "جمع القرآن"، أعني ما يدخل في نطاق السؤال التالي: هل "المصحف الإمام" -الذي جمع زمن عثمان والذي بين أيدينا الآن- يضم جميع ما نزل من آيات وسور، أم أنه رفعت (أو سقطت) منه أشياء أثناء جمعه؟

 

Link to comment
Share on other sites

المصادر الشيعية و (الزيادة) و (النقصان) في القرآن

GMT 21:00:00 2006 الإثنين 2 أكتوبر

الاتحاد الاماراتية

 

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

 

الثلاثاء: 2006.10.3

 

 

د. محمد عابد الجابري

 

سنترك جانباً من يعرفون بـ"غلاة الشيعة"، ليس فقط لأنهم قد تجاوزوا حدود التحريف في القرآن، ومنهم من ادعى النبوة وتلقي الوحي، بل أيضاً لأن أئمة الشيعة الكبار قد تبرؤوا منهم، قديماً وحديثاً. سنقتصر إذن على ما ورد في المصادر الشيعية الرسمية.

كان من جملة ما نسب إلى الشيعة أنهم صرحوا به ادعاءُ بعضهم بوجود مصحف خاص بهم يسمى "مصحف فاطمة" بنت الرسول عليه الصلاة والسلام. غير أن بعض المراجع الشيعية تنفي أن يكون هذا "المصحف" مصحف قرآن، ويقولون إنه تفسير لبعض الأحكام "أملاه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإمام علي".

وفي المقابل تؤكد بعض المراجع الشيعية، كالسيد الحاج ميرزا حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي المتوفى سنة 1320هـ -وهو من علماء النجف- الذي ألف كتاباً بعنوان: "فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب"، يؤكد أن القرآن– كما هو في المصحف الذي بين أيدينا- قد زيد فيه ونقص منه. وعندما أنكر عليه بعض علماء الشيعة ذلك رد بكتاب آخر بعنوان: "رد بعض الشبهات عن فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب". وقد أورد هذا العالم الشيعي، الذي بقي يحظى بالاعتبار عند أصحابه، نصوصاً أثبتها في كتابه ذاك على أنها من جملة ما "حذف" من القرآن. من هذه النصوص "سورة" تحمل اسم "سورة الولاية" تقرر أن علياً بن أبي طالب هو الولي بعد النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وأنه الخليفة من بعده. ومن النصوص التي من هذا القبيل ما سمي بـ"سورة النورين".

وإلى جانب هذا النوع من "التحريف" الذي ينسب إلى بعض علماء الشيعة والذي يرقى إلى "حذف" سور بكاملها نزلت في علي بن أبي طالب لتؤكد أنه الولي الوصي، وبالتالي الخليفة بعد النبي، هناك أنواع أخرى من "الحذف" يسجلها هؤلاء وتطال اسم علي. وقد ورد ذكرها في "أصول الكافي" للكليني، ومنزلته عند الشيعة منزلة البخاري عند أهل السُّنة.

غير أن مراجع شيعية أخرى تنفي أن يكون المقصود من ذكر اسم "علي" في مثل هذه الروايات أنه جزء من نص القرآن، وترى أن المقصود بذلك هو أن المعنى ينصرف إلى عليٍّ، وبالتالي فما ذُكر على أنه محذوف هو "قرآن" على مستوى التأويل وليس على مستوى التنزيل. وقد قال الإمام الخوئي: "إنّ بعض التنزيل كان من قبيل التفسير للقرآن وليس من القرآن نفسه، فلابدّ من حمل هذه الروايات على أنّ ذكر أسماء الأئمّة في التنزيل من هذا القبيل".

وبعدُ، فماذا يمكن استخلاصه من هذه الروايات السُّنية والشيعية بخصوص مسألة الزيادة والنقصان في القرآن؟

لنقلْ أولاً فيما ورد في المصادر الشيعية مما ذكرنا أعلاه، فأمره واضح. إنه ينحصر، أو يكاد، في القول بأن ما "ورد في القرآن"، من التنصيص على أن الخليفة بعد النبي عليه الصلاة والسلام هو ابن عمه علي بن أبي طالب، قد "حذف" أو "غيّر" زمن جمْع القرآن. وهذا في الحقيقة لا يمكن التثبت منه خارج المرويات والتأويلات الشيعية، الإسماعيلية منها والإمامية.

نعم تذكر المصادر السُّنية أحاديث تنسبها إلى النبي عليه الصلاة والسلام يعتبرها الشيعة من الأدلة التي تثبت أن النبي قد صرح– أو على الأقل- ألمح إلى أن الخليفة من بعده هو ابن عمه علي بن أبي طالب. من ذلك الحديث المعروف بحديث "غدير خمْ"، وقد ورد أن النبي عليه الصلاة والسلام قال فيه: "من كنت مولاه فعلي مولاه"، وتقول رواية أخرى إن النبي أضاف: "اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه" (مسند ابن حنبل). وفي البخاري: «قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لعليٍّ: أما تَرضى أن تكونَ منِّي بمنزلِةِ هارونَ من موسى"؟ وفي رواية أخرى ذكرها ابن حنبل: قال له النبي: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي". لكن المصادر السُّنية تعتبر هذه الأحاديث من قبيل التنويه بمقام علي، وأنها لا تحمل معنى الوصية له.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى تشير المرويات السّنية إلى نوع من "الاحتجاج"، من طرف علي وفاطمة والعباس وبعض الهاشميين والمستضعفين، على اختيار أبي بكر خليفة للنبي صلى الله عليه وسلم، وإقصاء علي. وقد لا يشك المرء في كون الهاشميين وكثير من المستضعفين من الصحابة كانوا يميلون إلى تنصيب علي بن أبي طالب خليفة بعد وفاة النبي. غير أن أمور السياسة تسير في الغالب على غير ما تشتهي سفن المستضعفين وأصحاب الحق. وكما يقول ابن خلدون فللعمران البشري طبائع، أي قوانين، تعلو على رغبات الأفراد. ولذلك قررنا منذ أمد بعيد وضع المرويات التي لها مضمون سياسي، سواء كانت أحاديث منسوبة إلى النبي أو غيرها، وضعها بين قوسين. والأحاديث الموضوعة ذات المضمون السياسي أكثر من أن تحصى.

وفيما يخص المسألة التي نحن بصددها، نرى أن ما يمكن استخلاصه من الوضع السياسي الداخلي في دولة الرسول عليه الصلاة والسلام، هو ما تفصح عنه مبادرة الأنصار الذين سارعوا مباشرة، بعد الإعلان عن وفاة النبي، إلى عقد اجتماع في سقيفة بني ساعدة لاختيار خليفة منهم، ثم التحاق أبي بكر وعمر وبعض كبار المهاجرين بهم، ودفاعهم عن استحقاق المهاجرين لذلك المنصب، الشيء الذي أسفر عن تعيين أبي بكر خليفة للنبي.

والمتأمل للكيفية التي مرت بها الأمور بعد ذلك لا يستطيع إلا أن يلحظ أن الفصل في أمر الخلافة، سواء تعلق الأمر بمبايعة أبي بكر أو عمر أو عثمان، كان لميزان القوى ولرجال الدولة. وقد برز ذلك واضحاً في المشاورات التي انتهت بترجيح كفة عثمان على كفة علي. ذلك أن القوة الاجتماعية (العصبية) والمالية والخبرة السياسية، كانت كلها في بني مروان وبني أمية. أما بنو هاشم ومن ارتبط بعلي، كرم الله وجهه، من المستضعفين من الصحابة وغيرهم فلم يكونوا يشكلون قوة قبلية اجتماعية اقتصادية تستطيع أخذ السلطة السياسية بالقوة أو بالتوافق.

Link to comment
Share on other sites

عملية جمع القرآن... إشكالات في المصادر السنية

GMT 20:45:00 2006 الإثنين 9 أكتوبر

الاتحاد الاماراتية

 

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

 

الثلاثاء: 2006.10.10

 

د. محمد عابد الجابري

 

ما ذكرته بعض المصادر السُّنية حول ما "سقط" من القرآن يطرح عدة إشكالات. فإذا تجاوزنا ما قيل بصدد آية أو بضع آيات، مما سبق ذكره (المقال قبل الماضي)، باعتبار أن ذلك من الأمور المقبولة في كل عملية جمع تتم في ظروف مماثلة، فإن ما يلفت الانتباه أمران اثنان:

 

أولهما: كون ما ذكر أنه "محذوف" ينتمي إلى القرآن الكريم في العهد المدني وحده، ولم يذكر قط أن "الحذف" طال شيئاً ينتمي إلى القرآن في العهد المكي. هذا مع العلم أن إمكانية "سقوط آيات أو سور" كانت أكثر احتمالاً في القرآن المكي منها في المدني، نظراً للظروف القاسية التي عانى منها الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون في مكة قبل الهجرة، ونظراً أيضاً لأن الانتقال بالقرآن المكي إلى المدينة بعد الهجرة، وقبل فتح مكة، كان يتم في ظروف بالغة الصعوبة.

 

ثانيهما: كون "الحذف" في القرآن المدني قيل إنه طال سورتين فقط هما: سورة الأحزاب وقد نزلت حوالي الخامسة للهجرة وسورة التوبة وقد نزلت في التاسعة.

 

- أما سورة الأحزاب فتقول عنها بعض الروايات إنها كانت تشتمل على نحو مائتي آية لم يبق منها سوى 73 آية، وهذه الآيات تتوزع (في المصحف). إلى خمس مجموعات: 1) مقدمة من ثلاث آيات تطلب من النبي أن يتبع ما يوحى إليه. 2) أربع آيات تبطل التبني. 3) تسع عشرة آية تتحدث عن غزوة الخندق وما لقي المسلمون فيها من متاعب. 4) اثنتان وأربعون آية (28-69) خاصة بنساء النبي. 5) خاتمة من أربع آيات في موضوع "الأمانة" (إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ...).

 

- وأما سورة براءة فتقول بعض الروايات إنها كانت تعدِل سورة البقرة أي نحو 286 آية وإنه لم يبق منها إلا 129، وهي تتوزع كما يأتي بدون بسملة ولا مقدمة: 1) خمس عشرة آية تعلن فسخ المعاهدات مع المشركين. 2) تسع آيات فيها تمجيد للذين هاجروا وجاهدوا، وإعلان القطيعة مع الذين بقوا على الشرك بما فيهم الآباء والأبناء. 3) أربع آيات في التذكير بغزوة حنين وفيها لوم وعتاب وتنويه بالمؤمنين الصادقين. 4) تسع آيات في إعلان القطيعة مع أهل الكتاب: الإسلام أو الجزية. 5) تسعون آية تفضح مواقف المتخاذلين والمترددين والمنافقين والأعراب من الاستجابة للتجنيد من أجل غزوة تبوك. ولذلك وصفت هذه السورة بأوصاف ذكر منها الزمخشري: "براءة، التوبة، المقشقشة، المبعثرة، المشردة، المخزية، الفاضحة، المثيرة، الحافزة، المثكِلة، المدمدمة، سورة العذاب". ويروي الزمخشري عن حذيفة أنه قال بصدد هذه السورة: "إنكم تسمونها سورة التوبة وإنما هي سورة العذاب، والله ما تركت أحداً إلا نالت منه". 6- خاتمة: آيتان: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ...

 

وواضح أن ما تشترك فيه السورتان هو ما ورد فيهما من لوم وعتاب للمسلمين بسبب مواقف الذين منهم لم يُظهروا ما يكفي من صدق الاستجابة والاستعداد والصبر أثناء غزوة الخندق وغزوة حنين وحين تجهيز جيش غزوة تبوك. لقد اشتملت السورتان على "نقد داخلي" ومراجعة وحساب و"كشف عورات" -خاصة سورة براءة- مما لم يرد مثله في أية سورة أخرى. ولا نعتقد أن ما سقط منهما من الآيات –لو كان هناك سقوط بالفعل- يتعلق بهذا الموضوع لأن ما احتفظت به السورتان كان عنيفاً وقاسياً إلى درجة يصعب معها –بالنظر إلى أسلوب القرآن في العتاب- تصور ما هو أبعد من ذلك. أما الموضوعات الأخرى فقد ورد ما هو من جنسها في كثير من السور. وكل ما يمكن قوله على –سبيل التخمين لا غير- هو أن يكون الجزء "الساقط" من سورة براءة هو القسم الأول منها، وربما كان يتعلق بذكر المعاهدات التي كانت قد أبرمت مع المشركين. ذلك أن سور القرآن، خاصة الطوال منها، تحتوي عادة على مقدمات تختلف طولاً وقصَراً، مع استطرادات، قبل الانتقال إلى الموضوع أو الموضوعات التي تشكل قوام السورة.

 

أما سورة الأحزاب فيبدو أن ما زُعم أنه "سقط" منها مبالغ فيه. وحجتنا في ذلك أن عمر بن الخطاب وغيره قد ذكروا آية واحدة كانت فيها وسقطت، وهي آية "الرجم". والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو التالي: لماذا وقع تذكر هذه الآية وحدها دون الباقي المفترض فيه أنه محذوف منها؟ ومما يشكك في كون ما قيل إنه "حذف" من سورة الأحزاب كان أكثر من آية "الرجم" ما نسب إلى عائشة زوج النبي من أنها قالت: إن هذه السورة كانت مكتوبة في صحيفة في بيتها "فأكلتها الداجن، أي الشاة". ونحن نميل مع ابن عاشور في اعتراضه على هذا بقوله: "ووضع هذا الخبري ظاهر مكشوف فإنه لو صدق هذا لكانت هذه الصحيفة قد هلكت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أو بعده والصحابة متوافرون وحُفاظ القرآن كثيرون فلو تَلِفت هذه الصحيفة لم يتلفْ ما فيها من صدور الحفاظ".

 

وحتى إذا استبعدنا فكرة "الوضع" فإنه من الجائز أن يكون ما اعتبر "محذوفاً" من سورة الأحزاب هو نفسه ما ورد في سور أخرى، كما ذهب إلى ذلك ابن عاشور نفسه حين قال: "وأنا أقول: إن صح عن أبيّ ما نُسب إليه -حول سورة الأحزاب- فما هو إلا أن شيئاً كثيراً من القرآن كان أُبيٌّ يُلْحقه بسورة الأحزاب وهو من سور أخرى من القرآن، مثل كثير من سورة النساء الشبيه ببعض ما في سورة الأحزاب أغراضاً ولهجة مما فيه ذكر المنافقين واليهود، فإن أصحاب رسول الله لم يكونوا على طريقة واحدة في ترتيب آي القرآن، كما ولا في عِدّة سور وتقسيم سوره".

 

وخلاصة الأمر أنه ليس ثـمة أدلة قاطعة على حدوث زيادة أو نقصان في القرآن كما هو في المصحف بين أيدي الناس، منذ جمعه زمن عثمان. أما قبل ذلك فالقرآن كان مفرقاً في "صحف" وفي صدور الصحابة. ومن المؤكد أن كثيراً مما كان يتوفر عليه هذا الصحابي أو ذاك من القرآن –مكتوباً أو محفوظاً- كان يختلف عما كان عند غيره، كماً وترتيباً. ومن الجائز أن تحدث أخطاء حين جمعه، زمن عثمان أو قبل ذلك، فالذين تولوا هذه المهمة لم يكونوا معصومين، وقد وقع تدارك بعض النقص كما ذُكر في مصادرنا.

 

وهذا لا يتعارض مع آية "الحفظ" وهي قوله تعالى: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" (الحجر 9)، فالقرآن نفسه ينصُّ على إمكانية النسيان والتبديل والحذف والنسخ. ففي إمكانية "النسيان" قال تعالى مخاطباً رسوله الكريم: "سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى، إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ" (الأعلى 3-7)، وفي "التبديل" قال: "وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ" (النحل 101)، وفي نسْخ التمني قال: "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ" (الحج 52)، وفي النسخ والنسيان قال: "مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا" (البقرة 106)، وفي المحو قال: "يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ" (الرعد 39).

 

ومع أن لنا رأياً خاصاً في معنى "الآية" في بعض هذه الآيات، فإن جملتها تؤكد حصول التغير في القرآن وأن ذلك حدث بعلم الله ومشيئته، (أضف إلى هذا أن ذلك لا يتعارض مع آية "الحفظ". ذلك أن ما حصل من التغيير في القرآن وفق ما نصت عليه الآيات السابقة حدث قبل جمع القرآن الجمْع النهائي في مصحف واحد. أما آية "الحفظ" فهي من سورة الحجر التي نزلت في مكة، ربما في مرحلة مُبكرة، إذ فيها آية: "فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ" (الحجر 94) التي يعتبرها جل المفسرين أنها تدعو النبي عليه الصلاة والسلام إلى الانتقال بالدعوة من السرية إلى العلانية. وقد وردت في سياق الجدل مع المشركين. وباعتبار تاريخ نزول السورة التي فيها قوله تعالى : "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" فإن هذه الآية تكون منسوخة، قد نسختها آيات "النسيان"، "التبديل"، و"التمني" و"النسخ" و"المحو"، لكون هذه الآيات نزلت بعدها وهي مدنية. لكن القول بالنسخ في هذا الموضع لا يستقيم، وبالتالي فلا تعارض بين هذه وتلك، خصوصاً وقوله تعالى "وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" يشعر بأن الأمر يتعلق بالمستقبل، أي أن حفظ القرآن ككل سيتم بعد اكتمال نزوله وجمعه. وهذا ما حصل.

 

ملاحظة: ما كتبناه هنا ابتداء من فتح القوس الأخير عند قولنا: "أضف... أضفناه على أصل هذه المقالة التي نختم بها المقالات التي نشرنا هنا حول القرآن والتي توجد الآن ضمن كتاب صدر لنا بعنوان "مدخل إلى القرآن الكريم". وابتداء من الأسبوع القادم سننشر مقالات في تحليل النص الكامل لخطاب البابا والرد عليه.

 

 

Link to comment
Share on other sites

ربما يثير مقال الدكتور العابدي الكثير من الاستياء وخصوصا عند اؤلئك الملتزمين من المؤمنين الذين يرون في ملاحظاته تجريحا بقدسيه القران الذي لاياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه

ولكن دعونا ننقاش هذا المبدأ , فالاصل في عدم التحريف عند اصحاب هذا الراي هو عدم المساس بالكتاب كقران منزل من عند الله تعالى لايمسه التحريف واي ادعاء يتحريفه انما يمس بقدسيته. ومن هنا فكل ما ينزل من عند الله ياخذ صفه القدسيه وليس في ذلك للقران من اختصاص وحيد. فجميع ما ينزل الله يصبح له قدسيه النزول .

 

وهنا يبرز تساؤل اجده مشروعا, لو كان ما يعتقده هؤلاء المؤمنين صحيحا فكيف يفسرون قول الله تعالى في كتابه ان اليهود حرفوا التوراه . او ليس التوراه كتابا سماويا مقدسا انزل على نبيه موسى . واذا قلنا ان التوراه ليس بقدسيه القران فهل هناك ما يدعم هذا القول قرانيا.. وهل هناك درجات في القدسيه عندما يكون الامر متعلق بما يمليه الخالق على احد من عبيده

 

سؤال اتمنى ان اجد من يجيبني عليه

Link to comment
Share on other sites

  • 1 month later...

بسم الله الرحمن الرحيم

و الصلاة و السلام على خاتم الأنبياء و المرسلين .. نبينا و سيدنا و قرة أعيننا محمد صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم تسليما كثيرا ..

أما بعد ..

 

يا سالم .. هاهي أمنيتك تتحققق بحمد الله و منه و فضله .. و هذه هي الإجابة بإذن الله :

لاشك أن التوراة و الإنجيل من الكتب المقدسة ..كيف لا و الله تعالى يقول في القرآن الكريم عن التوراة ( إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ) .. و يقول عن الإنجيل ( وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ) ..

 

و هذه الكتب السابقة لله سبحانه و تعالى قادر على حفظها و هو على كل شيء قدير .. إلا أن الله لم يتعهد بحفظها ، بل أوكل أمر حفظها إلى أهلها فقال تعالى : ( إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء ) ( المائدة : 44 ) أي بما طلب إليهم حفظه..

 

فأمر الله عز وجل - كما رأينا - بني اسرائيل بحفظ التوراة و الإنجيل .... فخانوا عهد الله و قاموا بالتحريف فيها و التبديل .. ففي القرآن الكريم نجد قول الله تعالى ( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ) ( وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ )

 

بل إن مثل هذه الشواهد - الدالة على وقوع التحريف - موجودة في كتبهم أصلا .. و هذه أمثلة :

اعترف كاتب سفر ارميا بأن اليهود حرفوا كلمة الله لذلك فهو ينسب لإرميا في ( 23 : 36 ) توبيخ النبي إرميا لليهود :

( أما وحي الرب فلا تذكروه بعد لأن كلمة كل إنسان تكون وحيه إِذْ قَدْ حَرَّفْتُمْ كلام الإله الحي الرب القدير )

 

و كاتب المزمور ( 56 : 4 ) ينسب إلى داود عليه السلام بأن أعدائه طوال اليوم يحرفون كلامه :

( ماذا يصنعه بي البشر. اليوم كله يحرفون كلامي. عليّ كل افكارهم بالشر ) ترجمة الفاندايك

 

 

إن الله تعهد بحفظ القرآن الكريم قال تعالى ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) ( الحجر : 9 ) وقد مرت بالقرآن أحداث عظيمة ، وأهوال جسيمة ، وعوامل خطيرة ، وتكالب عليه الأعداء ، وتداعت عليه الأمم ولو مر بعض ذلك على غير القرآن لأصابه ما أصاب الكتب السابقة من التحريف والتغيير والتبديل . أما القرآن فقد مر بهذه الأحوال المتماوجة والدواعي المتكالبة ولم تنل مه بغيتها ، بل وصل إلينا كما أنزله الله لم يتغير ، ولم يتبدل ، ولم يتغير ما طالته الأفواه النافخة ، ولا نالته الأصوات اللاغية . ليتم الله نوره ولو كره الكافرون .

 

والسر في هذه التفرقة، أن هذه الكتب السماوية السابقة للقرآن جيء بها على التوقيت، لا التأبيد، وأن هذا القرآن جيء به مصدقا لما بين يديه، من الكتب، ومهيمنا عليها

( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ) ،

 

فكان جامعا لما فيها من الحقائق الثابتة، زائدا عليها بما شاء الله زيادته، وكان ساداً مسدها، ولم يكن شيئا منها ليسد مسده، فقضى الله أن يبقى حجة إلى يوم قيام الساعة، وإذا قضى الله أمرا يسر له أسبابه، وهو الحكيم العليم .

 

و الحمد لله رب العالمين ..

Link to comment
Share on other sites

شكرا لخادم الدعوه تلك المساهمه القيمه ذات الاساس الموسوعي في تحليل واداره التوضيح

الذي استخلصه من الرد ان الكاتب يرى ان الاصل في حفظ القران ليس في قدسيه النزول وانما في النص على الحفظ كما جاء في الايه المذكوره

وان التنزيل لوحده ليس ملزما لضروره الحفظ فالكتب السماويه الاخرى كانت قابله للتحريف

 

الذي لم استوعبه هو الفقره التي اشار اليها الكاتب الكريم

أن هذه الكتب السماوية السابقة للقرآن جيء بها على التوقيت، لا التأبيد، وأن هذا القرآن جيء به مصدقا لما بين يديه،

راجيا تاكيد الفقره الاولى وتوضيح المقصود في الثانيه

 

مع جزيل امتناني

Link to comment
Share on other sites

بسم الله الرحمن الرحيم

و الصلاة و السلام على خاتم الأنبياء و المرسلين .. نبينا و سيدنا و قرة أعيننا محمد صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم تسليما كثيرا ..

أما بعد ..

 

بالنسبة للنقطة الأولى كما ذكرت .. أن التوراة و الإنجيل و القرآن الكريم هي كتب مقدسة منزلة من الله سبحانه و تعالى .. إلا أن الله سبحانه وكل بحفظ التوراة و الإنجيل إلى أهلها ..- و لا يعني هذا أن الله سمح أو أمر بتحريفها - .. و تكفل سبحانه بحفظ القرآن الكريم من التحريف و الزيادة و النقصان ..

 

أما بالنسبة للنقطة الثانية .. فهي تماما تعني كما يعني الإيمان بالأنبياء .. فنعلم مثلا أن بني إسرائيل بعث الله إليهم موسى عليه السلام وكانوا على شريعة التوراة ثم بعث الله تبارك وتعالى إليهم المسيح عليه السلام ووجب عليهم الإيمان به ومن لم يؤمن به كان كافرا وإن قال إني متمسك بالكتاب الذي أنزل إلي ، فكذلك إذا أرسل الله رسولا بعد المسيح وجب الإيمان به ومن لم يؤمن به كان كافرا كما أن من لم يؤمن بالمسيح من بني إسرائيل كان كافرا ..

 

و على التوقيت لا على التأبيد .. و هذا - حسب فهمي - يتضح من قدوم شريعة بعد شريعة .. فاليهودية و التوراة كانت على التوقيت .. أي إلى وقت و أجل معلوم عند الله .. ثم جاء بعد موسى عبد الله و رسوله عيسى ابن مريم عليه السلام و أنزل معه الإنجيل .. و أيضا كانت هذه الشريعة إلى أجل و وقت معلوم عند الله حتى بعث الله عبده و رسوله حبيبنا محمد صلوات ربي و سلامه عليه و أنزل القرآن الكريم .. و كانت هذه الشريعة على التأبيد لأنها آخر الشرائع و آخر الأنبياء كما قال ربنا تبارك و تعالى (

إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ ) .. و قال سبحانه ( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً )

 

 

قلت ما قلت .. فما كان صوابا فهو من الله و الحمد لله .. و ما كان خطأ فمن نفسي و الشيطان ..

و صلى الله و سلم على رسوله محمد ..

Link to comment
Share on other sites

الأخ العزيز خادم الدعوة... السلام عليك ... تقول: " إلا أن الله سبحانه وكلًّ بحفظ التوراة و الإنجيل إلى أهلها". كيف توصلت إلى هذه المعلومة الدقيقة ؟ ما منا أحد كان في السماء يبصر ويستمع ثم ينزل ليلقن الناس اليقين.

أنا لست متأكداً أن هناك الاه أرسل للناس رسل. أنا بشر وقد أرسل بشرا لبشر ليبلغ عني لهم رسالة (لو كنت عشت في ما قبل البريد و التلفون والإي ميل)، لأنني بشر أتخاطب مع بشر، ولكن الكامل، هل يضطر إلى أسلوب البشر؟ الأولى أن يزرع رسالته في أذهان البشر كما زُرعت فطرة الخير والشر وبقية الغرائز. ثمّ، لماذا يرسل كل هذه الرسل إلى أمة صغيرة ويفضلها على العالمين ويهمل بقية الأمم؟ وفجأة يبعث رسولاً للعالمين؟ هل عندما يأس من بني إسرائيل غيرَ الإستراتيجية؟ وما الخير الذي جاء به تعدد الرسل والرسالات غير الاختلاف والخلاف الذي يربكنا والتناحر والحروب التي لا نجد اليوم لنا منها مخرجا!

Link to comment
Share on other sites

اعتراض " انسان" لااراه مناسبا , فالموضوع يتعلق بتفسير قراني بحت . الكاتب كان اكثر من واضح في تعليل رايه مستندا الى النص القراني .الاعتراض يكون منطقيا ضمن النص والا فالاولى عدم النقاش لان الاصل المنطقي مختلف. ولكن تساؤل "انسان" حول

ولكن الكامل، هل يضطر إلى أسلوب البشر؟ الأولى أن يزرع رسالته في أذهان البشر كما زُرعت فطرة الخير والشر وبقية الغرائز. ثمّ، لماذا يرسل كل هذه الرسل إلى أمة صغيرة ويفضلها على العالمين ويهمل بقية الأمم؟ وفجأة يبعث رسولاً للعالمين؟ هل عندما يأس من بني إسرائيل غيرَ الإستراتيجية؟

 

اجده منطقيا ويحتاج الى حوار عميق

Link to comment
Share on other sites

أنا قصدت بمداخلتي الأنفة أنه لا يوجد نص في القرآن يفيد بأن الله عهد إلى أحد بحفظ التوراة أو الإنجيل أو حتى القرآن. وهذا في غاية الأهمية إذ قد يعني أن الأديان قاطبة جاءت لأجيال في فترة زمنية محددة. وقد يكون معنى "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" هو الحفظ من لدن الله وللفترة المستهدفة وليس من خلال التدوين البشري.

ولو كان عهد بحفظ ماسبق من التنزيل إلى أحد فمن باب أولى أن يعهد بذلك إلى الرسل. فإن لم يفعلوا فما أدوا الأمانة. أفيعجز موسى – صاحب الخوارق- عن حفظ ما أنزل إلية بينما قدر أفلاطون وجماعته من المفكرين المساكين على حفظ فلسفتهم عبر القرون؟

 

وإن كانت التوراة لم تحفظ (محرفة) فكيف يقول القرآن " وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ "؟ إن كانت محرفة غير -محفوظة- فكيف يحيلهم القرآن إليها؟

وكيف يقول القرآن " لَّكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ “ إن كان ما أنزل من قبل محرف غير محفوظ فما جدوى التنويه بأيمانهم به؟

Link to comment
Share on other sites

كنت اتمنى ان يكون "خادم الدعوه "سباقا في التعليق على الالتفاته الذكيه من "انسان" و تساؤله المنطقي فهو المعني اصلا بالفكره, ولكن ذلك لايمنع من اخذ المبادره فالموضوع مفتوح للجميع ونحن هنا انما نحاول الوصول الى فهم افضل يخدم الجميع بمختلف خلفياتهم وتوجهاتهم بعيدا عن الاراء المسبقه والاحكام المجحفه

 

انا لاارى تناقضا بين الفكره التي طرحها "خادم الدعوه " وبين مضمون الايه

" وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ" -المائده 43

 

التحريف لا يعني كون التوراه المتداوله غير مطايقه للاصليه برمتها. فالتحريف في اللغه هو تغير او نقصان او زياده بعض النص وليس كله بينما التغيير هو الغاء الاصل. والدليل ان طوائف المسلمين تتهم نعضها بالتحريف من خلال القول ان مخالفيهم غيروا او زادوا او انقصوا بعض من اياته او حتى تحريك كلماته

والقران هنا يتفق بذلك مع الحقيقه المعروفه تاريخيا من كون نسخه التوراه المتداوله هي نسخه ما جمعه عزرا وبأذن من "كورش" ملك ايران بعد تحريرهم في بابل من اسر البابليين والاذن لهم بالرجوع الى فلسطين وتعمير الهيكل , وهي التي كانت متداوله بايديهم في زمن النبي محمد وهي التي بايديهم اليوم. فالقران يصدق ان فيها حكم الله, وهو ايضا بذكر ان فيها تحريفا او زياده او نقصان. ولكن هذا لا يمنع الاعتراف بها كنسخه تنطلق في اساسها من النص الاصلي ولكن بفهم اهل بابل من اليهود وذاكرتهم بعد حرق توراتهم على يد البابليين و استعبادهم لمئات السنين و من دون نسخه مدونه معترف بها لديهم. تستطيع مراجعه كتا ب كارين ارمسترونك

" A history of God"

لمزيد من التفاصيل في موضوع اعاده كتابه التوراه والذي جرى بعد محنتين لليهود الاولى على يد البابليين والثانيه على يد

الاشوريين.

 

يقى تساؤل " انسان " المشروع

لماذا يختص الله ا القران لوحده بمسوؤليه الحفظ دونا عن بقيه الكتب المنزله. سؤال ساعلق عليه لاحقا ولكن بانتظار تعليقكم على ما ورد اعلاه

Link to comment
Share on other sites

العزيز Safa

أشكر لك كريم اهتمامك بتساؤلاتي. يبدو أنك تتمتع بثقافة تاريخية تستحق التقدير. جد.
ولكن الجواب قد يخلق أحيانا سؤال.إذا كانت التوراة حتى بعد التحريف مازالت تحمل حكم الله فما الجدوى من إرسال عيسى ومحمد؟
كثرة الأديان تزيد من أسباب الاختلاف ومن ثمَّ الخلاف بين البشر
لست مجبولا في الحقيقة على حب الجدل ولكن مثل هذه الأسئلة تلح على الذهن.
لك تحياتي
Link to comment
Share on other sites

العزيز "انسان"

 

سؤالك يختصر كل المسافات, انه بالتاكيد كل الاسئله. نستطيع اختصاره ليتحول الى حوار طرشان او نسترسل فيه حوارا عميقا. انا افضل الثاني ولامانع من الاول

قبل ان ندخل في حوار ممتع دعني اسألك :على اي من الاسس يجب ان نبنيه. اقصد الاساس الديني ام الفلسفي ام الانساني ام الاكاديمي. فلكل منحى و مذهب

انا افترض ومن خلال معرفتي المتواضعه بكتاباتك الملفته وتساؤلاتك المنطقيه وتجلياتك المحلقه في سمو التصوف , ان منطقك روحي انساني اكاديمي منطقي بعيد عن المسلمات الدينيه و الطروحات الفلسفيه الميتافيزيقيه, فهل نتخذ من ذلك اساس نعتمده حكما في حوارنا

ساكون سعيدا ان نطلق لافكارنا العنان في بحر حريه الراي , فهل انت مستعد

Link to comment
Share on other sites

من يسرف في التفكير فيما يتعلم وما يمر به من خبرات يتحول إلى كائن معقد التركيب ذهنيا، ولا بأس في ذلك لأنه ينسجم مع طبيعة الحياة المعقدة. لو نظرنا إلى التراث ووقائع الحاضر بطريقة تبسيطية لأصبحت مواقفنا ساذجة وتستوجب الرثاء. نحن بحاجة إلى مقادير من النقد الذاتي فهذا هو السبيل إلى الإصلاح (الانتقال إلى وضع أفضل).

والحق أن نظرتك إلى ما اقترفت من الكلام نظرة ثاقبة وتعكس ثقافة وتَفَهُم واتساع أفق تحسد عليها.

الفلاسفة أخذت منهم على قدر ما يستوعب ذهني الضئيل وأُجِلّهم منتهى الإجلال لأنهم أتقياء ولكن بما يملي عليهم منطقهم ونواياهم الصادقة. هم أيضا يؤمنون بالذات الإلهية (أو النظام الخلاق المسيطر) ولكنهم ينزهونها عن التشبيه بصفات وسلوكيات البشر التي ألصقته بها مختلف النصوص الدينية.

أما عن أهل التصوف فإني أحب الصالحين ولست منهم إلّا أنهم يحلون في ذهني بشكل مفاجئ أو بالأحرى أدبياتهم. وأما عن أهل التقليد فهم أقرب إلي من حبل الوريد. أحترمهم، لكن أخافهم لأنهم أقرب إلى البطش منهم إلى العقل.

وأما عن الحوار فالحوار جيد. والقصد منه تبادل الأفكار ليس إلاّ. المشكلة أنّ مشاركاتي في الحوار هي مجرد أسأله فأنا لا أملك من الحقيقة إلا ما يشبه السراب. لست معلم، أنا تلميذ يتساءل.

Link to comment
Share on other sites

 

العزيز "انسان"

يصعب علي اختيار نقطه بدايه ولكني ساحاول سرد افكار تبدوا متباعده ولكنها قد تلتقي لاحقا عند نقطه بدأ بها تساؤلك المهم.

النظريه الدينيه تنطلق من مبدأ يتمثل في كون الانسان هو مركز اهتمام هذا الكون الهائل والامتناهي في التعقيد حتى بمقاييس الانسان نفسه. من هنا تنشا اشكاليه تحتاج الى فهم , لماذا يهتم خالق هذا الكون , في حاله وجوده, بالعلاقه المباشره بالبشر. وعلى افتراض ان هناك اهتمام خاص فهل ممكن للعقل البشري ادراك ماهيه هذا الخالق وطبيعه ارادته ومن ثم توصيفه من خلال المعرفه الانسانيه.

لااريد الدخول في بحث فلسفي هنا ولكن وجدت هذه الاسئله مهمه قبل الولوج الى الاشكاليه الاخرى التي طرحتها. وكما ذكرت , السؤال انما يطرح اسئله.

 

انا اعتقد ان هناك صفه خاصه للبشر تجعلهم متميزين عن كل ما ادركناه ,لحد الان, من موجودات كونيه . هذه الصفه تتمثل بالقدره الغير متناهيه على الابداع والخلق. وما اقصده هنا الخلق الذهني وليس الفيزياوي. ولكي لا اكون مثل الذي يحاول فرض افكاره تعسفا , دعني اشرح هذه الفكره البسيطه

اليوم عندما نقارن الموجودات , حيه او غير حيه, انما نقارن حجمها و طاقتها. فالجبل اكبر من الصخره والاسد اقوى من الثعلب . والخالق اقوى من الجميع. اذن ميزه الخالق هي القوه. ولكن ماهو نوع هذه القوه. انها ببساطه القدره على الفعل بنفسه. اي ان منتهى العظمه هي القدره على الفعل وليس الفعل فقط. فالخالق اقوى من القنبله النوويه لانه قادر , حسب النظريه الدينيه, على الاتيان باكبر منها . حتى ولو لم نرى ذلك

 

لننظر حولنا و من خلال هذا القياس البسيط , ماهو الموجود الكوني الفيزياوي , المعروف لدينا , الاكثر قدره على الفعل بنفسه. انه بلا شك الانسان المجبول الى قدره العقل . ربما يقال ان كل الكائنات الحيه لديها قدره الفعل بنفسها وان هناك من الحيوانات ما يستطيع محاكاه البشر وان هناك اجهزه كومبيوتر تفوق قدرات العقل الانساني, ولكن كل تلك لا تصل الى القدره على الخلق بنفسه وبارادته كما يفعل الانسان. ربما نجد من يفوقه او يشاركه يوما من الموجودات الكونيه في امتلاك مثل هذه القدره ولكنه بدون شك يتميز بها

 

توضيحا للفكره , دعني اضرب لك مثلأ

طاقه الاسد هي ان ينتقل الى مسافات ربما لاتتجاوز حدود طاقه عضلاته وستكون نفسها بعد الالاف السنين ولكن ماهي حدود طاقه الانسان. اليوم وصل الى القمر , الى اين سيصل بعد الف سنه وفي ضل ثوره العقل الجمعي؟ . واين سيصل بعد مائه الف سنه. هل هناك حدود لتلك الطاقه المتراكمه جذريا تصاعديا. الانسان بدون شك الاقوى والاهم حتى يثبت العكس

 

ماعلاقه ذلك بالسؤال الاول اعلاه الذي طرحته؟ العلاقه ربما تكون من خلال سؤال اخر . اذا افترضنا وجود خالق حكيم لهذا الكون المعقد , فما الحكمه في اعطاء الانسان هذه الميزه. وهل امتلك الانسان هذه القوه المسماه "العقل" بالتطور الطبيعي ام باراده ربانيه خصته بذلك؟ ربما يختلف البعض ولكني من خلال قرائتي الشخصيه ومعلوماتي المتواضعه اؤومن بان هذا التطور العقلي لم يكن تسلسلا طبيعيا . ولااقصد هنا التطور الفيزياوي , فالقرد فيزياويا لايكاد يختلف عن الانسان . انما اقصد موهبه العقل. من يتعرف على الجوانب التشريحيه للمخ الانساني ربما لايجده مختلفا بصوره جذريه عن القرد ولكن مواهب هذا العقل وقدرته عند الانسان تفوق ذلك الذي يتمتع اخوه القرد بعدد مضاعف من الاضعاف بما لايسمح للتطور الطبيعي تفسيره , اخذين بنضر الاعتبار مده حياه الانسان المكتشفه على الارض. بالنسبه لي لابد وان تكون هناك لحظه زمنيه تم فيها ابداع هذه القدره في المخ البشري. انها مثل عمليه تحميل نفس جهاز الكومبيوتر بمشغل انظمه اكثر تطورا, مما يجعل فعاليته اكبر . من يقارن جهاز محمل بنظام "دوس" باخر محمل بنظام " وندوز" مثلا , ربما لا يجد فارقا في المحتوى الفيزياوي فكلاهما عباره عن مجموعه تقنيات ماديه و بيانات وقواعد ولكنه بالتأكيد يجد القدرات مختلفه جذريا بين الجهازين. من هنا فلابد لهذه القدره الانسانيه الهائله ان تكون قد تم امتلاكها كنتيجه لفعل تحميلي غير طبيعي.

 

قبل ان نتقدم للخطوه اللاحقه اريد ان امتحن هذه الفكره من خلال تعليقك او تساؤلك او رفضك لها. فهي في نظري اساس ما يتحصل لاحقا من خطوات حواربه

Link to comment
Share on other sites

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
Reply to this topic...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...
×
×
  • Create New...