Jump to content
Baghdadee بغدادي

ديوان الكوفة


Recommended Posts

صدقات وأي صدقات!

 

خالد القشطيني

 

هاتان ظاهرتان طالما حيرني أمرهما في أمتي. ما من دين يحث على النظافة كالدين الإسلامي. إنها ركن أساسي في سائر فرائضه. ومع ذلك فطوال أسفاري العديدة والمديدة لم أجد ديرة تختنق بالأوساخ والأزبال كديار المسلمين. هل من ابن حلال يعطيني تفسيرا لذلك؟ متى نفيق لذلك ونبادر لعلاجه؟

 

نحن الآن في شهر رمضان الكريم وعلى أبواب عيد الفطر المبارك. كلاهما المناسبتان الرئيسيتان في تقاليدنا وديانتنا. وهذه فرصتي لأنفس فيها عن همومي في هذا الصدد. ما من دين يحث على فعل الخير والصدقة وعمل المعروف كالدين الإسلامي. ومع ذلك فأرجو ألا أبالغ إذا قلت إنني لم أجد أمة تبخل في عمل الخير كأبناء أمتي، وبصورة خاصة كأبناء بلدي. قلما سمعت عن أحد منهم يقوم بفعل خير بدون طمع بمردود. إذا تبرعوا لمشروع خيري أو علمي، فعلوا ذلك طمعا بالحصول على عقود اسمن وأكبر مرباحية، أو بالنفوذ في الدولة أو الشهرة في المجتمع. وحتى في الصدقات تراهم يقدمونها كعربون لمكان لائق في الجنة. لا شيء بدون عوض.

 

حدثني زميل إنجليزي ممن أضاعوا عمرهم في دعم القضايا العربية، فعبر عن خيبته وقال إنه وجد حتى الكرم العربي الذي كثر الكلام عنه وهما وخرافة. قال: إنكم لا تقدمون هدية أو تستضيفون أحدا بدون أن تحسبوا ما ستجنونه من ورائها.

 

كتبت قبل أسابيع أناشد أغنياءنا ومترفينا، ولا سيما العراقيون منهم ممن جمعوا الملايين مما سرقوه أو اختلسوه أو كسبوه من عهد صدام حسين وعهد العم سام، في أن يسدوا هذا المعروف البسيط في إنقاذ ديوان الكوفة في لندن بمبلغ لا يتجاوز المليون والنصف باوند ثمنا للبناية برمتها. ولم يتقدم أي منهم لإنقاذ هذا المركز الحضاري المشرف لكل العرب وكل المسلمين. تحدثت حتى مع المسؤولين العراقيين بشأنه ولم أجد غير أذن صماء. وكل ذلك في البلد الذي سرقت وما زالت تسرق منه الملايين سنويا إن لم اقل يوميا.

 

متى نسمع عن ملياردير عربي أو مسلم يتبرع بثروته لأمته كما يفعل أغنياء الغرب الذين يقضون حياتهم في السعي والمغامرة وإقامة المشاريع وبناء الصناعات والكسب والجمع حتى إذا وصلوا الى الشيخوخة ونطروا المليارات في حساباتهم، تبرعوا وأوصوا بها وبكل ما يملكون، لا لأولادهم ولا إخوانهم ولا نسائهم وإنما لشعبهم وبلدهم ولمؤسسات العلم والطب والفن حول العالم.

 

أكثر هؤلاء المحسنين لا يؤمنون بالآخرة أو الجنة، وما هم بحاجة الى الشهرة أو النفوذ، ولا يتطلعون الى مقاولات وعقود من جورج بوش أو توني بلير. إنهم يؤمنون فقط بمسؤوليتهم تجاه أمتهم، لا بل مسؤوليتهم تجاه بني الأنسان عموما، فالكثير من تبرعاتهم يذهب الى بلدان غير بلدهم وشعوب غير شعبهم.

Link to comment
Share on other sites

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
Reply to this topic...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...
×
×
  • Create New...