Jump to content
Baghdadee بغدادي

هل تجوز الصلاة يوم الاحد بدل الجمعة في البلدان عير الاسلامية


Recommended Posts

وقفة يستدعيها هذا العبث في الفتوى

 

حمد الماجد

 

كما أن للموضة صرعات للفتوى أيضا صرعات، ولعل من أغرب ما قرأته مؤخرا عن الصرعات الفقهية، فتوى أطلقها هذه المرة مفكر (متنور..!) فكرة من عيار 500 شمعة، فقد طالب في ندوة ثقافية أن تنقل صلاة الجمعة إلى يوم الأحد، لحل مشكلة ولفك حرج يواجه الموظفين المسلمين العاملين في الدول الغربية، التي تجعل عطلة نهاية الأسبوع يومي السبت والأحد، بسبب استثقال بعض الإدارات والشركات الغربية أن تستقطع لموظفيها المسلمين سويعات يوم الجمعة لأداء صلاة الجمعة، رأى هذا المتنور أن يقيم هؤلاء الموظفون المسلمون صلاة الجمعة بخطبتها وشعائرها وفضائلها يوم الأحد، ولا أدري إن كان في باله أن يطلب من الإمام إحداث تغيير في آية سورة الجمعة (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة) ليتلوها أئمة المراكز الإسلامية، بذكر الأحد بدل الجمعة، بل إن محمد عشماوي ذهب في كتابه (أصول الشريعة) إلى أن الخمر غير محرمة، وقصارى ما ذكره القرآن الكريم أنه أمر باجتنابها فقط.

تذكرت هذه الفتاوى الغريبة، وأنا أرقب هذه الأيام جدلا في الفضائيات والمنتديات حول الحاجة الى التيسير، الذي ينشده كل الناس، ولكن يجهل ضوابطه الكثير من الحريصين عليه، كالفتوى الأحدية الآنف ذكرها، والمشكل أن الفضائيات أحدثت ثورة غير طبيعية في مصادر تلقي الفتاوى، فبعد أن كان الناس يتلقون الفتاوى من شيوخهم المحليين عبر الاتصال المباشر، وهؤلاء الشيوخ في الغالب يلتقون مع المستفتين في الانتماء المذهبي الفقهي، صار الوضع مع الفضائيات متشابكا، فالمستفتي المالكي في المغرب يسأل شيخا حنبليا في المشرق، والشيخ الشافعي في مصر يسأله مستفت حنفي، وصار هؤلاء المشايخ يتعرضون بسبب فتاواهم إلى تصنيف قاس، إذ لا يخلو هؤلاء الشيوخ ممن حلق وتنقل بين الفضائيات من أن ينتمي في نظر العامة إما إلى معسكر المتشددين، الذين يلازمون التحريم لا يفارقهم، أو الانتماء إلى معسكر تحليل كل شيء.

 

أتصور أن ثمة حاجة ملحة لبث الوعي بين الناس، خاصة الأجيال الجديدة حول كيفية التعامل مع الخلاف الواقع بين العلماء، فإن إدراكه ومعرفة أسبابه يقود إلى إعذار العلماء، كما نص على ذلك، ابن تيمية في رسالته الشهيرة (رفع الملام عن الأئمة الأعلام)، فلا يمكن للعلماء أن ينعتقوا من طبائعم البشرية وتأثرهم ببيئاتهم، فهناك الذي ينزع إلى التشديد ومنهم الذي يحرص على التيسير، ومنهم الذي يركز على النص ومنهم الذي يأخذ في الاعتبار المآلات والمقاصد، ولعل المثل الأشهر للتباين الطبيعي بين البشر حتى بين الصحابة رضي الله عنهم عبد الله بن عمر، الذي يأخذ بالأحوط وابن عباس الذي ينزع للتسهيل، ولهذا اشتهرت عبارة تشديدات ابن عمر وتسهيلات ابن عباس، ولقد بلغ الأخذ بالأحوط عند ابن عمر أنه كان يرى وجوب غسل باطن العينين في الوضوء، بل كان رضي الله يبعد الأطفال عنه حتى لا يسيل شيء من لعابهم تحرزا ممن يشتبه في نجاسته، وأما ابن عباس فكان يضم الأطفال إليه ويقول: هم رياحين نشمها، وأما تأثير البيئات فمثاله واضح في ندرة من يرى بجواز كشف المرأة وجهها في وسط السعودية، وندرة من يوجب تغطية الوجه من علماء مصر مثلا، وندرة من يحرم القات في علماء اليمن.

 

وأخيرا المفترض فينا ليس أن نرفع الملام عن الأئمة الأعلام، بل نرفع الملام حتى عن معشر الكتاب والمفكرين والمثقفين، ما داموا لم يتجرأوا على المسلمات أو يعيثوا في الثوابت، كما فعل مفتي نقل صلاة الجمعة للأحد والجريء على إباحة الخمرة ، وإن كان ثمة تباين في وجهات النظر فلا يجوز أن تند العبارة ولا أن يشط القلم نحو التفسيق والتكفير والتخوين، وليكن غاية الجميع البحث والاختلاف والجدل حول الأفكار لا أصحاب الأفكار.

Link to comment
Share on other sites

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
Reply to this topic...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...
×
×
  • Create New...