Jump to content
Baghdadee بغدادي

هل مازلنا في دائرة تأثير القوى الكبرى؟


Recommended Posts

هل مازلنا في دائرة تأثير القوى الكبرى؟

GMT 20:45:00 2006 الأربعاء 3 مايو

الجمهورية المصرية

 

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

 

الخميس: 200605.04

 

جولة الفكر

 

 

أحمد عباس صالح

 

يبدو لي أحياناً أن التفاصيل أغرقتنا وأبعدتنا بشكل كامل عن الصورة العامة. فاليوم أقف متسائلاً بيني وبين نفسي هل بالفعل قمنا بثورة تحررية وهل تحررنا بالفعل من تأثير القوي الاستعمارية التي كانت توجه الحياة السياسية في مصر منذ الاحتلال البريطاني في سنة .1882 لقد أخذتنا الحوادث وجرفتنا معها في أمواجها المختلفة. وأظن أننا أو قل علي الأقل إن شخصاً مثلي اندفع مع التيارات طوال الخمسين سنة الماضية دون أن يتبين لحظة من أين أخذته هذه التيارات وإلي أين ستصل به. كنت مثل غيري من أبناء جيلي أحلم بالاستقلال وخرجت في المظاهرات طفلاً ثم شاباً وأنا أهتف بالاستقلال وانتعشت بقوة في سنة 1951 وأنا أتابع الحركات الفدائية ضد معسكرات الانجليز وأنا أري رئيس الحكومة الوفدية مصطفي النحاس وهو يلغي معاهدة سنة 1936 وقبلها بقليل تفهمت الغاء الامتيازات الأجنبية والغاء نظم الشهر العقاري أو التسجيل باللغة الفرنسية إلي اللغة العربية التي ستصبح اللغة الوحيدة الرسمية في البلاد وفرحت بقوانين العمال الجديدة التي أصدرتها حكومة الوفد في هذا الوقت وفيها شيء غير قليل من انصاف العمال وحماية حقوقهم ومع أني كنت علي يسار الطليعة الوفدية إلا أني كنت سعيداً بها وباتجاهاتها الاشتراكية الديمقراطية التي كانت تبشر بتغيير أساسي في حزب الوفد.

 

يبدو لي أحياناً أن التفاصيل أغرقتنا وأبعدتنا بشكل كامل عن الصورة العامة. فاليوم أقف متسائلاً بيني وبين نفسي هل بالفعل قمنا بثورة تحررية وهل تحررنا بالفعل من تأثير القوي الاستعمارية التي كانت توجه الحياة السياسية في مصر منذ الاحتلال البريطاني في سنة .1882 لقد أخذتنا الحوادث وجرفتنا معها في أمواجها المختلفة. وأظن أننا أو قل علي الأقل إن شخصاً مثلي اندفع مع التيارات طوال الخمسين سنة الماضية دون أن يتبين لحظة من أين أخذته هذه التيارات وإلي أين ستصل به. كنت مثل غيري من أبناء جيلي أحلم بالاستقلال وخرجت في المظاهرات طفلاً ثم شاباً وأنا أهتف بالاستقلال وانتعشت بقوة في سنة 1951 وأنا أتابع الحركات الفدائية ضد معسكرات الانجليز وأنا أري رئيس الحكومة الوفدية مصطفي النحاس وهو يلغي معاهدة سنة 1936 وقبلها بقليل تفهمت الغاء الامتيازات الأجنبية والغاء نظم الشهر العقاري أو التسجيل باللغة الفرنسية إلي اللغة العربية التي ستصبح اللغة الوحيدة الرسمية في البلاد وفرحت بقوانين العمال الجديدة التي أصدرتها حكومة الوفد في هذا الوقت وفيها شيء غير قليل من انصاف العمال وحماية حقوقهم ومع أني كنت علي يسار الطليعة الوفدية إلا أني كنت سعيداً بها وباتجاهاتها الاشتراكية الديمقراطية التي كانت تبشر بتغيير أساسي في حزب الوفد.

كنت أقرأ محمد مندور وعزيز فهمي في صحف الوفد فتفيض نفسي رضي وتمتليء بالأمل في مستقبل قريب ناصع كانت السلطة الحكومية في مصر تتجاوب لأول مرة في حياتي الواعية مع طلبات الناس وترسم وتنفذ سياستها علي أساس هذه المطالب ومن اللحظات الغريبة التي مرت بي وأظنها مرت بالكثيرين أنني وأنا أعبر شارعاً من شوارع مدينتي القاهرة وقبيل الغروب بقليل ولأمر ما وجدتني آخذ نفساً عميقاً وأشعر بسعادة غامرة وأن الحياة شيء جميل وأن كل شيء طيب. وهي حالة لا أظن أنني شعرت بها بعد ذلك مطلقاً علي الرغم من اللحظات السعيدة التي مرت بي. يبدو أنها كانت متعلقة بما يمكن أن نسميه بالسعادة العامة.

لم تكن هناك طريقة لوقف هذا التحول الرائع في الحياة السياسية والاجتماعية المصرية. كان القصر الملكي الرجعي والمعادي للشعب عاجزاً عن وقف التيار الجديد أما الاحتلال البريطاني فلم يكن أمامه شيء ليفعله إلا الصدام العسكري بقواه العسكرية الضخمة التي كانت مازالت معسكرة في قواعدها حول قناة السويس وهو أمر لم يكن سهلاً علي أي حال بسبب اندفاع الناس نحو تأييد حكومتهم الوطنية وهي صورة ربما كانت أقوي من ذكريات ثورة سنة 1919 التي أحدثت ثورة مصر الكبري في ذلك الوقت وثار الناس في كل المواقع المصرية بحيث عجزت قوات الاحتلال عن وقفها إلا بالاستجابة إلي طلبات زعمائها. وكانت طلبات المصريين الأخيرة هي جلاء القوات الأجنبية والاستقلال.

ولكن ها هي ذي المؤامرة ففي صباح 26 يناير سنة 1952 أتوقف أنا وصديقي نعمان عاشور في الشارع وأنا أري القاهرة تشتعل كيف ذلك؟ وما السبب؟

 

كانت الحادثة كما لو كنت ضربت شخصاً رأسه فاختل توازنه وفقد الوعي فلم يكد يدري بالضبط ما حدث. مشينا نجوب الشوارع ونكشف ما فعله الحريق في مدينتنا وفي هذه الأثناء وجدنا الكاتب والشاعر عزيز فهمي. توقفنا قليلاً ورحنا نحملق في وجوه بعضنا البعض حتي أنني أذكر أن الكلمات التي تبادلناها كانت قليلة جداً وقبل أن ينصرف كل منا إلي طريقه قال فهمي: انها مؤامرة دنيئة.

نعم انها مؤامرة. ولكن ما المقصود بها؟ هل المقصود هو اسقاط حكومة الوفد لوقف مدها وتحولاتها الشعبية؟ ثم ماذا بعد؟

الآن ونحن نعود بالذاكرة إلي الوراء نري أنه لم يكن هناك مفر من تغيير النظام تغييراً كلياً وربما كان اسقاط النظام الملكي هو مسألة أساسية وكان هذا يعني أن تصبح مصر جمهورية ديمقراطية كما كان يحلم الكثيرون ولكن هل هذا كان يتفق مع المصالح الكبري.

ثم ما هي تلك المصالح الكبري؟ كانت بريطانيا قد خرجت من الحرب العالمية منهكة وغير قادرة علي مواجهة المعسكر الجديد الناشيء الذي كون الاتحاد السوفيتي بأيديولوجيته الاشتراكية ومعاداته للغرب وكانت الولايات المتحدة ترث الاستعمارين العالميين السابقين: بريطانيا وفرنسا ان بالرضا وبالاتفاق وان بمقتضي الأمر الواقع وكانت مصر مركزاً استراتيجياً حيوياً بالنسبة للقوتين الجديديتين المتصارعتين. وكان المستحيل أن تذهب إلي تحالفات المعسكر الفتي والجديد في هذا الوقت.

 

وفي خلال الشهور الستة اللاحقة كان علي القوي الكبري أعني الولايات المتحدة وبريطانيا. أن تقرر من من القوي الوطنية المصرية المتصارعة هي التي يمكن أن تقف إلي جانبها وتساعدها للوصول إلي السلطة بشرط أن تتجنب الوقوع في أيدي القوي الديمقراطية الجديدة التي كانت ذات أهداف اجتماعية أيضاً كما أن مسعاها الديمقراطي - لو حدث - سوف يجعلها عصية علي الطاعة العمياء بسبب تعدد السلطات واختلاف الآراء.

وبالقطع نحن نعلم الآن أن الولايات المتحدة كان لها الدور الأساسي في تثبيت أركان ثورة 23 يوليو ومنع القوات البريطانية من التدخل. هناك الكثيرون ممن يزعمون أنهم يؤرخون لهذه الفترة وقد عبروا علي هذه الوقائع البالغة الخطورة وراحوا يتفلسفون يميناً ويساراً لتجنب هذه الحقيقة والقفز عليها.

ليس من الضروري أن يكون الذين قاموا بثورة 23 يوليو عملاء للأمريكان بل هم بالتأكيد ليسوا كذلك إنما عرضت عليهم المؤازرة الأمريكية في وقف قوي الاحتلال المعسكرة في الأراضي المصرية بعدة شروط لم يجد هؤلاء الضباط صعوبة في قبولها ذلك أن الأمريكان حين اختاروا قوي الضباط الأحرار كانوا يعلمون اتجاهات الأغلبية العظمي منهم. نعم كانت هناك قوي سياسية عديدة في المجتمع المصري مثل الاخوان المسلمين وقوي اليمين الأخري التي ظهرت في بعض الحركات القومية أو الحزبية الصغيرة ولكن الأمريكان كان لديهم خبرة بانقلابات الجيوش في أمريكا اللاتينية وكانوا يعرفون كيف يتعاملون مع تنظيمات الجيوش السياسية.

 

كانت الشروط بسيطة وهي البعد عن أي تفكير ديمقراطي واشتراكي وبالتالي تصفية الحركة من أعضائها ذوي الاتجاهات اليسارية وبالفعل تمت تصفية سريعة لرجلين لعبا دوراً رئيسياً في الانقلاب العسكري هما خالد محيي الدين ويوسف صديق وثانياً وربما أولاً البعد مطلقا عن التفكير في عودة الأحزاب السياسية و.إنهاء حزب الوفد بشكل نهائي. ولم تكن هذه طلبات ليرفضها ضباط في الجيش كانت طلباتهم الأولي هي مجرد إصلاح الأوضاع في الجيش وبعض الإصلاحات السياسية.

بالطبع لم تتم الأمور بسهولة ومثل أي عمل سياسي تدخلت فيه حوادث ونوازع ومصالح عديدة ولكنه ظل فترة طويلة بعيداً عن الدائرة الديمقراطية في الأساس. علي أن مصر لم تترك لحظة واحدة لتتأمل حياتها وتصلح أوضاعها توالت عليها الضغوط والمطالب وتعرضت للعدوان العسكري من جانب إسرائيل التي كانت حمايتها والقبول بها في المنطقة أحد الشروط الأساسية للموافقة علي القيام بالتغيير منذ 23 يوليو سنة .1952

هل استطاعت مصر الخروج من هذه البوتقة بعد كل هذا الجهاد؟ بعد حروب ثلاث مع إسرائيل وبعد افساد متعمد في المجال السياسي والاقتصادي وبعد الجرائم السرية التي فضح القليل منها فقط؟

ولعل الأهم من كل ذلك هل من الممكن لأي دولة صغيرة أن تتمرد علي نفوذ القوي الكبري؟

لقد حاولنا ذلك في صراعنا الطويل من أجل استقلال قرارنا السياسي وكذلك تفعل الدول الأخري المماثلة لنا. انظر إلي ما تحاوله إيران الآن.

هل لم نقرأ خريطة العالم الذي نعيش فيه قراءة جيدة؟ وكيف يكون الخلاص بأقل الخسائر الممكنة؟

Link to comment
Share on other sites

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
Reply to this topic...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...
×
×
  • Create New...