Jump to content
Baghdadee بغدادي

Two years after libar-ocation


Recommended Posts

بعد سنتين على سقوط الصنم ... شيء من الأمل ... شيء من الخوف

وجهان للصورة العراقية لا يمكن الاكتفاء بأحدهما

كتب زهير الدجيلي ـ القبس ـ :

بغداد ـ 9/4 ـ من مصادفات الزمن ان تشهد الذكرى الثانية لسقوط نظام صدام مشهدين مثيرين، الأول انتخاب أول رئيس عراقي كردي على خلاف الاعتبارات السائدة منذ نشأة العراق الى الآن، والمشهد الثاني هو مشاهدة صدام حسين وعشرة من أركان نظامه وهم في السجن وقائع اجتماعات الجمعية الوطنية العراقية وهي تنتخب الرئيس الجديد جلال الطالباني والتي ينقلها التلفزيون. انها الأيام، يوم لك ويوم عليك، ولو دامت لغيرك ما اتصلت اليك.

بعد تسعة عشر يوماً من بدء الحرب، وفي التاسع من ابريل 2003 وصلت القوات الاميركية دون صعوبات كبيرة الى ساحة الفردوس قرب فندق فلسطين في قلب بغداد ـ الرصافة. حيث تمثال كبير للدكتاتور صدام حسين يتوسط الساحة.

أقتربت دبابة اميركية من النصب، وصعد احد الجنود الاميركيين لمساعدة مئات من العراقيين لوضع الحبل حول رقبة تمثال الدكتاتور ليربطه بالدبابة، فاقتلعته وسط صيحات تهليل وراح الحضور يحطمون مفاصل التمثال بعد اقتلاعه معبرين عن كراهية دفينة قمعها صدام طوال 35 عاماً من حكمه.

ومنذ ذلك التاريخ اصبح هذا المشهد في عين العالم وذاكرته رمزاً لسقوط نظام صدام وتأريخا لنهايته، فيما اعتبره العراقيون عيداً وطنياً.

وفر صدام حسين الى جهة مجهولة بعيداً عن تماثيله وقصوره، فيما اختفت وتلاشت خلف حيطان وبيوت المدن وتحت سطح الأرض كل قواته وميليشياته.

وفي 21 ابريل وصل الجنرال الاميركي المتقاعد جاي غارنر الذي عينته واشنطن حاكماً مدنياً مؤقتاً لعراق ما بعد الحرب، ثم أعقبه بول بريمر.

هل انتهت الحرب حقاً؟

ولكن الحرب لم تنته كما أعلن الرئيس الاميركي بوش، إذ ان مشهد سقوط الصنم في ساحة الفردوس كان مشهداً اعلامياً واحتفالياً، لكن الحقيقة كانت فيما حصل بعد ذلك من أحداث، رغم القبض على صدام وبقية رموز نظامه فيما بعد. كما ان خسائر العمليات العسكرية لغاية اعلان الرئيس بوش عن توقف الحرب لم تقف عند 139 جندياً اميركياً و33 جندياً بريطانياً كما كانت تلك النتائج في ذلك اليوم، إذ ان تداعي الأحداث فيما بعد اثبتت ان الحرب لم تنته، وأوصلت الخسائر الى أكثر من 1500 جندي اميركي، وأكثر من 200 جندي من قوات التحالف الاخرى لغاية شهر مارس الماضي. فيما تشير احصائيات تقريبية الى ما يقارب الـ19 الف عراقي قتلوا منذ الحرب لغاية الآن، وجرح 16 الف آخرين وتم اختطاف ما يفوق الـ5 آلاف.

لقد اتخذ نظام صدام قبل سقوطه قراراً يلزم قواته وميليشياته العسكرية والحزبية بالتواري والاختفاء خلف الحيطان وانتظار الفرص والاستعداد لشن حرب تخريب وتدمير شاملة في البلاد تعيق تحقيق الهدف الذي جاءت من اجله قوات التحالف، وهو هدف تغيير النظام ومساعدة الشعب العراقي في اقامة نظام ديموقراطي بديل.

ومر شهران اكملت فيهما القوى التي يقودها حزب البعث استعداداتها بالتعاون مع مجموعات ارهابية مع تنظيم القاعدة وغيرها من التنظيمات التكفيرية المتشددة، لتبدأ في شن عمليات تفجير سيارات واغتيال وتدمير للمباني والمنشآت المدنية والاقتصادية العراقية، واشعال الحرائق في المنشآت النفطية باعتبارها مصدر التنمية، وكانت تلك العمليات تركز في البداية على القوات الاميركية والأخرى المتعددة الجنسيات، لكنها في السنة الثانية اصبحت تركز أكثر على أجهزة الجيش والشرطة والحرس الوطني العراقي التي اعيد تشكيلها مما أدى الى مقتل 1650 شرطياً وجندياً عراقياً لغاية مارس الماضي. كما شملت آلاف العراقيين بحملة خطف واغتيالات يومية مستمرة طالت النخب المتعلمة والمثقفة من العراقيين. ونشطت عصابات اجرامية متنوعة جراء قيام نظام صدام قبل سقوطه بإطلاق سراح ما يقارب 110 آلاف من السجناء المحكومين بجرائم جنائية، مما ادى الى توفير عدة كاملة لفقدان الامن الذي اعاق الاعمار، وعطل اعادة البناء، وادى الى زعزعة الاستقرار في البلاد. وقد ساعد ذلك كثرة مخازن السلاح من مخلفات النظام السابق. كما ان سياسة بعض دول الجوار مثل سوريا وايران اللتين بنتا موقفيهما من العراق على مبدأ العداء للولايات المتحدة فقط دون النظر لمصلحة الشعب العراقي في التغيير، ادت الى المشاركة في زعزعة الامن بنشاط ودعم متنوعين.

 

إشكالية الأرباح والخسائر

لا يمكن اعتبار ما حصل في العراق من تغيير ذي وجه واحد. فالنظرة الموضوعية للاوضاع في العراق بعد سنتين من سقوط نظام صدام لا بد ان تقودنا الى حساب الخسائر والارباح في آن واحد.

انها بالنسبة للعراقيين، حالة فيها شيء كبير من الامل في بناء عراق ديموقراطي محكوم بقوانين الحرية والمدنية والمساواة، وفيها شيء كبير من القلق ايضا على هذا الامل والخوف من ضياعه جراء سلبيات كثيرة تعيق عملية البناء والاعمار.

فولادة عراق جديد كانت اشبه بالعملية القيصرية الصعبة، حيث ما كان بالامكان اسقاط نظام صدام من الداخل بسهولة ومن دون دعم خارجي. كما ان اسقاطه بالدعم الخارجي للمعارضة العراقية، وبالطريقة التي تمت كان عملية مكلفة للغاية، جعلت المشهد يبدو اشبه بتقويض دولة بأكملها لصالح غاية سياسة محفوفة بالمخاطر مما خلق اشكاليات كثيرة للوضع العراقي القائم الآن.

 

وجهان للصورة العراقية

فأنصار الوجه الاول هم غالبية الشعب العراقي الذين صمدوا ودفعوا الكلفة العالية لسقوط نظام صدام، وبدأوا بتجربة الديموقراطية التي جعلت العراق ينتقل من حاكمية الاحتلال الى حكومة عراقية منتخبة ديموقراطيا.

اما انصار الوجه الثاني من الصورة فهم يرون العراق مقبلا على كارثة، ينظرون اليه من زاوية ما يحدث يوميا فيه من تفجيرات واغتيالات وحرائق، متجاهلين الايجابيات والمنجزات في قطاعات الحياة المختلفة، غير معترفين بالتجربة الديموقراطية التي يمارسها الشعب العراقي، متهمين القوى المشاركة في العملية السياسية في العراق بالعمالة لأميركا والصهيونية، والكثير منهم يشجع القوى الارهابية التي تمارس العنف والقتل ضد العراقيين، معتبرين ذلك مقاومة، وهؤلاء تتحكم فيهم عقيدة ترى الامور من منظار سلفي غير واقعي ظل يلازم الفكر العربي مدة طويلة.

 

تحسن الوضع المعيشي

فالناتج المحلي ارتفع بنسبة 65% مما كان عليه في آخر عامين من حكم صدام، وارتفع دخل المواطن العراقي بين ثلاثين الى اربعين ضعفا، فبينما كان متوسط الدخل الشهري لا يتجاوز الثلاثة دولارات اصبح الآن بين 120 الى 150 دولارا، وهناك شرائح كثيرة في الدولة والمجتمع تحصل على دخل يفوق الـ 500 دولار. يقابل ذلك صدور عملة عراقية جديدة عوضا عن دينار صدام الذي كان لا يساوي قيمة الورق المطبوع عليه، وارتفعت قيمة الدينار العراقي الجديد نسبة 35% عن سعره السابق، فيما انشئت مصارف وبنوك محلية عديدة وصل عددها الى 24 بنكا، وجراء الانفتاح التجاري الواسع الذي شهده العراق تأسست آلاف الشركات، وعادت بورصة بغداد للعمل بحيث ارتفعت اسعار اسهم شركاتها 100% خلال السنتين. وانتعش قطاع الاستيراد والتصدير، وتمكنت الحكومة من وضع ميزانية لعام 2005 تصل الى 24 مليار دولار. ووصلت معدلات انتاج البترول الى معدلاتها السابقة في زمن صدام، حيث اصبح انتاج النفط يتجاوز المليوني برميل يوميا، لكنه تراجع الى ما لا يقل عن ذلك بسبب عمليات التخريب.

 

حريات لا مثيل لها في العالم العربي

يقابل ذلك ممارسات غير مسبوقة للحريات في العراق، فعلى الصعيد الاعلامي والتعبير عن الرأي والعقيدة والمذهب لا توجد قيود على ذلك مطلقا، وليس بمقدور اجهزة السلطة ان تتدخل، او تمنع اي ممارسة لهذه الحقوق والحريات. وبمقدور اي مواطن ان يبدي رأيه في اي كان من المسؤولين دون تحفظ او قيود. كان صدام حسين يمنع عن العراقيين كل وسائل الاتصال او حرية التعبير عن الرأي، ويحكم بالاعدام اي شخص ينتقده او ينتقد النظام. لقد ولى ذاك العهد تماما، تمكن العراقيون الآن من تحقيق الاتصال بالعالم الخارجي بإقبالهم على وسائل الاتصال الحديثة والتوسع في استخدام الستلايت والانترنت ووسائل الاتصال الاخرى التي كان يحظر عليهم استعمالها، واضافة الى حرية تشكيل الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني التي شرعت بتنفيذ مئات المشاريع في المجتمع، صدر في العراق خلال السنتين ما يزيد على 350 مطبوعا بين صحيفة يومية واسبوعية ومجلة، فضلا عن عشرات الاذاعات ومحطات التلفزة المحلية ووكالات الانباء، ان حرية الاعلام والنشر والتظاهر والتعبير عن الرأي في العراق لا مثيل لها في البلدان العربية والاسلامية قاطبة، وتحظى المرأة بمكانة متفوقة، فلا يوجد بلد عربي احتلت فيه النساء نسبة 30% من البرلمان، ففي العراق الآن 85 نائبة وست وزيرات و14 وكيلة وزارة وعشرات من النساء في مراكز قيادية في مجالس المحافظات، الى جانب ذلك قامت أكثر من ثلاثين رابطة ومنظمة أدبية وثقافية، وشهدت الحياة الثقافية العراقية نشاطا متنوعا في مختلف مجالات الفنون، فيما تمكنت الجامعات العراقية من استعادة دورها ونشاطها وحصلت على فرص كثيرة ومنح دولية تتيح لها تطوير علاقاتها التعليمية بالعالم الخارجي والحصول على تقنية المعلومات وتحديث المناهج.

 

مشاريع الإعمار

ورغم تعطل الكثير من مشاريع الإعمار بسبب الوضع الأمني المتدهور، ورغم عدم الايفاء بالوعود من الدول التي تعهدت بتقديم الدعم المالي للعراق، فإن العراق تمكن من اعادة بناء الكثير من الوزارات ومؤسسات الدولة وادارات الخدمات، وبذلك تمكن من تنفيذ مئات المشاريع خلال السنتين. فكل وزارة من وزارات الدولة لديها الآن موقع على الانترنت تنشر فيه ما انجزته من مشاريع وما حققته طوال هاتين السنتين. فوزارة التربية مثلا، اعادت ترميم وبناء ما يفوق على 3500 مدرسة لكل مراحل التعليم، وواظب مئات الآلاف من الطلبة في مدارسهم ومعاهدهم، وتم توفير الكثير من مستلزمات الدراسة مجانا للطلبة، واعيد الآلاف من المدرسين المفصولين سابقا للخدمة في التعليم، يقابل ذلك منجزات مشابهة في مجال الصحة والزراعة والنقل والمواصلات.

ورغم الانقطاع المستمر للكهرباء بسبب الاعمال الارهابية التي تستهدف هذه المنشآت الحيوية، فإن وزارة الكهرباء تمكنت من توفير نسبة أعلى من المعدلات السابقة أيام صدام من الطاقة الكهربائية. وتشير تقارير وزارة التنمية والتخطيط العراقية، وكذلك تقارير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية التي تدعم مشاريع الإعمار في العراق ان هناك ما يقارب الـ 3400 مشروع اعماري تم تنفيذ 1300 مشروع منها، اي ان الإعمار تعطل بنسبة الثلثين تقريبا.

 

متغيرات مهمة

بعد سقوط نظام صدام واجه العراق صدودا عربيا ودوليا واضحا لاسباب كثيرة، لكن العراق تمكن خلال السنتين من تحقيق تقدم في علاقاته العربية والاقليمية والدولية وحاز تغييرا واضحا في مواقف الدول لمصلحته، واضافة الى دعم الأمم المتحدة عبرت الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمات دولية كثيرة عن دعمها ومساندتها للحكومة العراقية الانتقالية واظهرت استعدادها لمزيد من الدعم للعراق.

ولو نظرنا إلى الأوضاع الأمنية، فإننا نرى تقدما ملحوظا في توفير الأمن والقضاء على مصادر العنف والارهاب، بسبب تنامي قدرات الاجهزة الأمنية واعادة بناء الجيش والحرس الوطني وجهاز الشرطة، ورغم وجود مناطق عديدة تشهد تدهورا أمنيا يوميا، فإن هناك الكثير من مناطق العراق تشهد أيضا استقرارا أمنيا.

 

السلبــيـات والمســـاوئ

لا يمكننا ونحن نرسم الوجه الجميل لعراق الغد ان نتجاهل السلبيات والسيئات والأخطاء التي تتحمل مسؤوليتها إدارة الاحتلال والحكومة العراقية والقوى السياسية المشاركة في العملية السياسية، فإدارة غارنر وبريمر السابقة تركت للحكومتين المؤقتة والانتقالية مشاكل كثيرة تتمثل في قرارات ارتجالية واجراءات ذات مردود سلبي اتخذتها تلك الحاكمية، اضافة الى تركة ثقيلة من الفساد المالي والإداري.

فالتقارير التي صدرت اخيرا من هيئات تحقيقية ورقابية وما توفر لدى هيئة مكافحة الفساد في العراق من تقارير، كلها تكشف عن وباء كبير متفش في العراق اسمه «الفساد» وهو يهدد الى حد كبير كل هذه المنجزات، ويشكل مصدرا نشطا لطاقة التخريب في العراق، لقد شارك في تنمية الفساد في العراق طوال السنتين موظفون عراقيون عملوا في الإدارة المؤقتة والمستشارون والخبراء الاميركيون والاجانب التي استخدمتهم ادارة بريمر أو اناطت بهم مقاولات اعادة البناء، اضافة الى ضلوع مسؤولين عراقيين تولوا مسؤولياتهم في إدارة الدولة طيلة هاتين السنتين، لذلك يستوجب على الحكومة الانتقالية والجمعية الوطنية فتح ملفات الفساد والتحقيق بها وفق خطة تسير باتجاه مكافحة الفساد في الدولة والمجتمع.

وبالطبع، لا يمكن هنا أيضا تجاهل مشكلة البطالة المتفاقمة التي هي ايضا من نتائج قرارات خاطئة اتخذتها سلطة بريمر بتشجيع من قوى سياسة، مثل قرارات حل الجيش العراقي ووزارة الإعلام ومؤسسات كثيرة في الدولة مما سبب تحويل ما يقارب المليون عراقي الى جيش من العاطلين عديمي الدخل، وهذا ما دفع نسبة كبيرة منهم للانخراط في اعمال مخالفة للقانون وزعزعة الأمن في البلاد.

ان اتجاه الحكومات العراقية القادمة نحو توفير المزيد من الخدمات والعمل، يجعل الناس تلتفت أكثر فأكثر نحو بناء حياتها بعيدا عن العنف والتعصب، كما ان اتجاه الحكومة العراقية نحو محاربة التعصب والتطرف الديني والتوجه نحو الاعتدال أكثر فأكثر، لتقوية سلطة القانون، يوفر الكثير من مستلزمات الوحدة الوطنية، ويجعل الأمل يكبر عند العراقيين في عراق يستحق ان يمنحوه كل الحب والولاء.

Link to comment
Share on other sites

Guest Mustefser
الراشد وعطوان يتصادمان حول العراق الجديد

 

    إيلاف  GMT 12:00:00 2005 السبت 9 أبريل 

ملفات "إيلاف": التاسع من نيسان ..سقوط التمثال

الراشد : فجر ديموقراطي عطوان: أي عراق جديد يدعون

 

 

مظاهرات حاشة في الذكرى الثانية لسقوط التمثال طالبت بجلاء القوات الاجنبية

نصر المجالي من لندن: واصل صحافيان عربيان معروفان بمواقفهما المتناقضة والمتعارضة تماما في شأن التطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط الكبير ابتداء من الحرب ضد الإرهاب في أفغانستان وفي كل مكان وصولا إلى الحرب في العراق، واصلا تمسكهما في حديثين منفصلين مع "إيلاف" بتلك المواقف التي عبرا عنها كل في ميدانه الصحافي، وقالاإن لا تراجعات.

وكانت "إيلاف" احدثت للزميلين عبد الرحمن الراشد رئيس التحرير السابق لصحيفة (الشرق الأوسط) اللندنية وكاتب المقال السياسي اليومي فيها حاليا والمدير العام لقناة "العربية" الإخبارية التي تبث من دبي، وعبد الباري عطوان رئيس تحرير (القدس العربي) التي تصدر من لندن للوقوف على آرائهما ومدى التزام كل منهما بالثبات على ما عبر عنه من مواقف طوال السنوات الأربع الماضية، مع توجيه سؤال محدد وواضح :هل هناك من تراجع أو إعادة النظر في ما كتباه أو قالاه في حوارات تلفزيونية وإذاعية وصحفية كثيرة؟.

 

ولقد كانت الذكرى الثانية لإسقاط تمثال صدام حسين الذي يرمز في كل المعايير إلى بزوغ فجر جديد على العراق، مناسبة للوقوف على رأي الكاتبين الصحافيين الزميلين، وإلى ما طرحه كل منهما، حيث في إجابتيهما، تأكيدات من كليهما أنهما لا يزالان في معسكريهما المتضادين المتخاصمين.

 

ولقد أعرب عبد الرحمن الراشد عن سعادته لسقوط نظام بوليسي إرهابي نكل لعقود طويلة بالشعب العراقي تدميرا وتشريدا وقتلا وأسرا واعتقالا وعزلة عن العالم،، وقال إن الذين يتشدقون بالحديث عن سقوط ضحايا جراء الحرب التي حررت العراق وأعادته إلى الاسرة الدولية من بوابات الديموقراطية وحقوق الإنسان عليهم مقارنة عديد هؤلاء بضحايا النظام الساقط التي تجاوزات كل الأرقام القياسية اعتقل الشعب العراقي في سجن واحد وشرد ما لا يقل عن مليونين من البشر لاذوا بالفرار إلى دول العالم القصية والقريبة طلبا للنجاة، وهي تقل بأضعاف الأضعاف عن ضحايا الحرب الأهلية في السودان وهي لا تتجاوز ضحايا العنف والإرهاب في الجزائر على أيدي الجماعات الدينية المتشددة ولا تتعدى ربع أو خمس ضحايا الحرب العراقية الإيرانية التي شنها وخطط لها النظام الذي سقط وانتهي إلى غير رجعة، هذا أيضا مع غض النظر عن ضحايا الإرهاب الموجه الذي يعصف باستقرار العالم كله.

 

يشار إلى أن الصحافي السعودي عبد الرحمن الراشد ظل عرضة على الدوام لهجمات إعلامية وكلامية وتهديدات من جانب مؤيدي ومناصري النظام المنهار والجبهات المتطرفة المتشددة بسبب مواقفه وأطروحاته الجريئة في آرائه التي يكتبها في عمود اليوم في صحيفة (الشرق الأوسط) سواء حين كان رئيسا لتحريرها أو حين انتقل إلى مكان آخر، حيث استمر في كتابة عموده اليومي من دون تراجع في الغوص بالقضايا الساخنة عبر مواقف وآراء سلسة واضحة اللغة بعيدا عن الألغاز وليّ الكلمات والمواقف، وأكد الراشد في كلامه أمام "إيلاف"     

عبر الهاتف من لندن إلى مقره في دبي قوله إن تحرير العراق من حكم صدام حسين في وجهة نظري أهم بكثير من تحرير قناة السويس، وأهم من تحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة.

 

وقال الراشد نعم أهم، وهنا لا بد من تفسير موقفي في هذه النقطة، إذ تحرير الأراضي المحتلة مسألة لا خلاف عليها ولكن تحريرها لن يغير في العقلية العربية المتخلفة أماماً، فالأرض يجب أن تعود أساسا لأصحابها الأصليين طال الزمن أو قصر بكل الوسائل المتاحة حتى السلمي منها، أما تحرير العراق فإنه حرر العالم العربي كله من الرباط حتى بوابات دمشق، فالخاسرون هم السياسيون المدعون  والصحافيون الانتهازيون وتلك الجبهات التي ظلت تثرثر بالشعارات مستخدمة الله والقومية والشعب لتحقيق أهدافها بالكذب والتزوير والخداع،،، نعم كل هذا الذي شهدناه ونشهده في وجهة نظري يعد "كذبا وتزويرا".

 

وشدد مدير عام قناة العربية الإخبارية التي تبث من دبي، على القول "لذلك أرى أن تحرير العراق، هو تحرير للعالم العربي كله، ولهذا يواجه مشروع التحرير العراقي حملة شعواء من قبل الخاسرين والمهزومين والمأزومين لإثبات عكس ما هو على الأرض"، وأضاف الراشد "ومن هنا أقول "هل يمكن أن تتخيلوا أن يسقط صدام حسين أعظم الأصنام في التاريخ من دون أن تهتز ثقافات يائسة عاشت خمسين عاما على الكذب والتزوير والابتزاز".

 

وقال عبد الرحمن الراشد "أرى أن العراق المستقبلي سيكون مدخل السلم الاجتماعي لداخله ضاربا بذلك مثالا لغيره، وهذا العراق الآتي الذي تجري صياغته على هذا النحو الحضاري ليستعيد دوره الكبير إسهاما في بناء الحضارة الإنسانية، وهذا السلم بدأ يحقق الوحدة والتجانس والتناغم بين الطوائف والقوميات والأعراق واللهجات والاتجاهات وما يتحقق هو الخطوة الأولى على طريق بناء العراق الواعد".

 

وختم مدير عام قناة العربية الإخبارية حديثه بالقول "العراق المحرر سيكون فيه حكم ديموقراطي يمارس صلاحياته استنادا إلى دستور وهذا الدستور يحمي هذا الخليط من اللغات واللهجات والأعراق وجميع الأطياف التي تعيش على الأرض العراقية، ولا يوجد أي نظام سياسي في جوار العراقي أو المحيط العربي والشرق الأوسطي كله قادر أن يعطي هذه الفرصة التاريخية لمواطنيه عبر ديموقراطية ومشاركة شعبية واسعة فاعلة وفوق ذلك مدعوم دوليا مثلما سيحققه الحكم في العراق الجديد".

 

* عبد الباري عطوان

 

على النقيض تماما من موقف عبد الرحمن الراشد، يقف عبد الباري عطوان رئيس تحرير صحيفة (القدس العربي) اللندنية، وفي حديثه لـ "إيلاف" قال إنه بعد تفجيرات 11 سبتمبر 2001 ، وبالتحديد في نوفمبر (تشرين الثاني) كتبت مقالا قلت فيه إن الحرب ستصل إلى العراق وسيحقق بوش الإبن ما فشل في تحقيقه بوش الأب العام 1991 ، وأثار هذا المقال ردات فعل واسعة، حتى إن مؤسسة أميركية تعني بعلم المستقبليات في العالم اتصلت بي متسائلة عن توقعاتي وكيف بنيتها، حتى إن المفكر العربي خير الدين حسيب ايضا جادلني في رؤياي حين قال لي :كيف تتوقع ذلك بينما روسيا وقعت عقودا قيمتها 45 مليار دولار للتنقيب عن النفط مع العراق،، ثم إن كريس ديكي من مجلة (نيوزويك) الأميركية قبلني على صفحته الأخيرة ليسأل عن تلك التوقعات وأجبته آنذاك بأن الحرب حتمية.

 

وذكّر عطوان  بأسئلة وجهت إليه من محطات تلفزة عالمية عن كيف يقرأ خطاب صدام حسين في عيد الجيش العراقي الذي احتفل به في فبراير (شباط) السابق للحرب بشهر واحد في العام 2003 ، وقال لمست أن صدام حسين  يتوقع الحرب وأنها وشيكة وكذلك يتوقع احتلال بغداد وخيانة بعض المسؤولين العراقيين، كما أن صدام لمح إلى الدفاع عن بغداد وانطلاق المقاومة.

 

وأضاف رئيس تحرير القدس العربي القول "رغم اقتناعي بأن الحرب آتية إلا أن المفاجأة لدي كانت أنه لم تكن هناك مقاومة للدفاع عن بغداد" وهو هنا حين عبر عن صدمته حين سقط تمثال صدام قال "أدركت أن مرحلة جديدة بدأت في التاريخ العربي،، لقد شعرت بالخوف والقلق،، لكن قلت في نفسي شيئا واحدا وهو "والله سيندم الأميركيون ومعها العالم على هذه اللحظة، لأنني كنت مدركا أن العراق لن يكون مستسلما أو هادئا أو جديدا كما كانوا يتوقعون".

 

وتابع كلامه ردا على سؤال ما إذا كان بعد كل هذه التطورات التي تجري على الأرض ميال لأن يغير رأيه، بقوله "لم أغير رأيي ولن أغيره، رغم كل السهام التي وجهت إلي وبعضها كان مسموما،". وقال "تمر اليوم الذكري الثانية لسقوط بغداد تحت الاحتلال الاميركي، وبدء العد التنازلي لقيام العراق الجديد عراق الديمقراطية والرخاء والمساواة وحقوق الانسان، إذ في مثل هذا اليوم، وقبل عامين، شاهد العالم بأسره الدبابات الاميركية وهي تُسقط تمثال الرئيس العراقي صدام حسين، مثلما شاهد احتفالات عارمة في بعض شوارع بغداد احتفالا بهذه اللحظة التاريخية، وجنديا اميركيا يضع علم بلاده فوق وجه صاحب التمثال".

 

وتساءل عبد الباري عطوان ماذا كانت النتيجة؟ وأجاب هو ذاته على ذلك بالقول "الأكثر غرابة من كل هذا هو إن العمليات التي سبقت لحظة سقوط التمثال تكلفت مائة ألف شهيد، و300 ألف جريح من أبناء الشعب العراقي، هذا فضلا عن أن نفقات الحرب بما فيها خسائر العراق تجاوزات مائتي مليار دولار، وهذه الولايات المتحدة تخسر أيضا خمسة مليارات دولار شهريا ولا تزال،، فلو أنفقت هذه المليارات على مشروع ما يسمى الشرق الأوسط الكبير أو لمواجهة مرض الأيدز لكانت أجدى".

 

ويشير عطوان في كلامه إلى أن الانتخابات جرت فعلا في العراق، والديمقراطية ترسخت، ولكن في المنطقة الخضراء فقط التي لا تزيد مساحتها عن بضعة اميال مربعة، اما بقية الشعب العراقي فما زال يبحث عن الماء والكهرباء والبنزين وهو الذي يجري في ارضه نهران، ويعوم علي احتياطات نفطية تزيد عن 190 مليار برميل.

العراق الجديد بلا هوية، مقطع الاوصال، تسوده الفوضي والانعدام الامني، وتحتله قوات اجنبية يزيد تعدادها عن مئة وسبعين الف جندي، وتحكمه جماعات عادت علي ظهر الدبابات والطائرات الاميركية المغيرة.

 

وأضاف "لقد اتهموا النظام السابق بالعمالة لأميركا، وقالوا ان المخابرات الاميركية هي التي اوصلته الي الحكم، وها هم يصلون الى الحكم على ظهر الدبابات الاميركية وبعد ان تعاملوا مع المخابرات الاميركية ورضعوا من ثدي مساعداتها لأكثر من عشر سنوات"، وقال إن العراق الجديد عراق طائفي تحكمه المحاصصة الطائفية والعرقية، كمقدمة للتقسيم الجغرافي، فالذين يطالبون بالفيدرالية هم الذين يضعون خرائط التفتيت والتقسيم، حتى لا تقوم لهذا البلد قائمة، وحتى يذوب انتماؤه العربي والاسلامي، ويتلاشى كخطر على الدولة العبرية، ويفتح النفط وآباره امام الهيمنة الاميركية المطلقة.

 

واستطرد يقول "لقد غزوا العراق واحتلوه على اساس اكاذيب اسلحة الدمار الشامل، وعندما انفضحت هذه الاكذوبة قالوا انهم جاءوا من اجل الديمقراطية، فجاءت هذه الديمقراطية اكذوبة اخري، فاي ديمقراطية هذه التي يصوت فيها الناخب لارقام، واي ديمقراطية هذه التي يشارك ويفوز فيها من جاء علي دبابات الاحتلال؟ فجميع المناصب الكبرى والصغرى في العراق الجديد، من رئيس الجمهورية مرورا برئيس مجلس الوزراء وانتهاء برئيس البرلمان ذهبت الى القيادات التي تعاملت مع اجهزة المخابرات الاميركية عندما كانت خارج العراق، أما الذين صمدوا لسنوات تحت الحصار التجويعي غير القانوني فلم يحصلوا على اي شيء غير الجوع والفقر والموت والبطالة وفقدان الكرامة".

 

وقال علينا أن نتساءل "ماذا يفعل المواطن العراقي بديمقراطية المنطقة الخضراء اذا كان لا يجد الامن والطمأنينة ولقمة الخبز لاولاده، وما فائدة الديمقراطية اذا كانت عمليــات الخطف والقتل هي الروتين اليومي في عاصمة العراق الجديد؟"، وأضاف "إنهم يتحدثون عن حقوق الانسان، ويقولون انهم جاءوا للعراقيين بالعدالة والطمأنينة، فأي عدالة وطمأنينة وحقوق انسان والعراق فقد اكثر من مئة الف شهيد واربعة اضعافهم من الجرحى نتيجة لعمليات القتل والتدمير على يد المحررين الجدد؟".

 

علينا أن ندرك إلى اللحظة أن الحرب لم تحقق الديموقراطية ولا إصلاح ولم تحسم أزمة الشرق الأوسط، وتصاعد الإرهاب، وتوسعت دائرته، ووجدت شبكة (القاعدة ) ملاذا آمنا في العراق، وإذ كنا في أسامة بن لادن وأيمن الظواهري صرنا نطارد أبو مصعب الزرقاوي في العراق!. 

 

وإلى هذا، يتابع رئيس تحرير (القدس العربي) حديثه بالقول "كل هذا الذي يجري ورئيس الرئيس العراقي الجديد السيد جلال الطالباني يفتخر بانه حقق سابقة تاريخية بانه اصبح اول كردي رئيسا للعراق، وهذا امر جيد ينفي صفة العنصرية عن العرب التي يرددها الاكراد دائما. ولكن هل يتصرف السيد الطالباني كرئيس لكل العراقيين ويتخلى عن عنصريته مثلا؟ فهل يحل السيد الطالباني الميليشيات الكردية ويدمجها في الجيش العراقي اسوة بالميليشيات الاخرى، وهل يرفع العلم العراقي في كردستان وعلى السليمانية عاصمته، وفوق البرلمان الكردي والحكومة الكردية التي تجسد انفصالا حقيقيا عن البلد الأم؟"،

 

وأخيرا يقول الزميل عبد الباري عطوان "العراق الجديد عراق فاسد عنصري طائفي مسخ هوية العراق، وقسم شعبه وفتت وحدته الوطنية، وقتل مئات الآلاف من ابنائه، العراق الجديد بني على اكذوبة وعلى باطل اسلحة الدمار الشامل. وما بني على باطل فهو باطل".

 

Link to comment
Share on other sites

Guest mustefser
العرب يقتلون العراقيين

 

    مجدي خليل  GMT 6:00:00 2005 السبت 9 أبريل 

إيلاف: مر عامان على سقوط نظام صدام حسين، وجرى كثير من الماء والدم تحت الجسر. يقين ان خليطا من المشاعر انتابك يوم سقوط هذا النظام، ولربما لا تزال هذه المشاعر هي عينها التي تشعر بها حتى اليوم. فما هي هذه المشاعر إزاء هذا الحدث الكبير؟ وهل حصل فيها تغيّر.. سلبيٌّ... إيجابيٌّ؟

 

***

 

مجدى خليل: بعد عامين على سقوط تمثال صدام حسين فى ساحة الفردوس فى قلب بغداد بدأت ملامح الصورة  تتضح اكثر وبدا الصراع يظهر بوضوح بين الماضى والمستقبل. بعض الانظمة العربية المعروفة  عبر اجهزة مخابراتها تدفع بكل ادواتها لفرملة عجلة المستقبل، ويدفع الشعب العراقى الثمن من ارواحه فى اللحظة الراهنة ولكن حركة التاريخ لن يستطع احد ايقافها  فقط الضريبة التى يدفعها العراقيون ثقيلة.الحقيقة المؤلمة ان العرب بعد مساندتهم لنظام صدام الفاشى والتستر على جرائمه، الان يواصلون نفس الدور بقتل العراقيين بشكل مباشر عبر اجهزتهم والمرتزقة والارهابيين الذين يرسلونهم للتخريب داخل العراق.

الولايات المتحدة وقوات التحالف بعد اسقاطهم نظام صدام، والذى كان لا يمكن اسقاطه الا بعملية عسكرية كبيرة، يعتبرون العراق المنطلق الاساسى لتحرير المنطقة كلها من الفاشية ولهذا يصرون على ان تسير الخطوات الديموقراطية العراقية وفقا لخطتها المرسومة وحتى هذه الحظة العملية تسير بشكل معقول وحسب التوقيت الزمنى المرتب لها.

ان اهم ما يدعو للتفاؤل ان الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين رفعوا ايديهم عن مساندة الانظمة العربية المستبدة وهذا فى حد ذاته كان العامل الاساسى وراء تجرؤ العامة على هذه الانظمة البالية الفاسدة.

لولا امريكا لكان من الصعوبة الشديدة اسقاط نظام صدام بواسطة المواطنيين العزل، ولولا امريكا تصبح المعارضة المسيحية فى لبنان صفرية، فالسنوات طويلة وهم يصرخون ولا مجيب، ولولا امريكا ما خرجت سوريا من لبنان التى تدعى انها جزء منها ولم تفتح سفارة بها حتى الان وكانت تحرك عربة وجنديين كل عدة سنوات وتسميها اعادة انتشار ، اما الان فتم نزحها هى واجهزة مخابراتها غير ماسوفا عليها، ولولا امريكا لسحق مبارك مجموعة الاشخاص الذين لا يتعدون العشرات والتى تسمى كفاية، ولولا امريكا ما كنا راينا انتخابات فى السعودية، ولولا امريكا ما كان جنوب السودان يقتسم السلطة والثروة مع الشمال الظالم، ولولا امريكا لاستمر القذافى فى غيه وارهابه، ولولا امريكا لاستمر توريث الحكم فى العالم العربى بشكل طبيعى بعد نجاحه فى سوريا والان هذا المشروع فى طريقه للتصدع التام، ولولا امريكا ما راينا كرديا يحكم العراق وشيعيا يمسك بتلاليب السلطة التنفيذية.

امريكا ادركت ان المستبدين العرب يعملون على تخريب التجربة العراقية فكان الهجوم الايجابى بتحريك الوضع داخل هذه الدول ، والمستقبل يحمل الكثير من الامال بسقوط كثير من الثمار العفنة.

فقط على الشعوب ان تدرك ان الانظمة لن تسلم بسهولة وان الحركة المضادة للديموقراطية تتشكلل لتبد المقاومة بشراسة ونشر الفوضى.

كل سنة والعراق بخير وانا ارى انه تعدى مرحلة الخطر عبر الديموقراطية التوفيقية والتى ارى انها الحماية الحقيقية للنموذج العراقى وبناء مستقبل زاهر له.

Link to comment
Share on other sites

Guest Mustefser
القيادة السياسية أسقطت بغداد

 

  د. أسامة مهدي  GMT 4:30:00 2005 الأحد 10 أبريل 

 

أسامة مهدي من لندن: بعد عامين من سقوط نظام بغداد ودخول القوات الاميركية الى العاصمة العراقية بغداد بالسهولة التي اذهلت العالم برغم حشد قوات النخبة في الجيش العراقي ذو النصف مليون مسلح للدفاع عنها .. بدأت تظهر تحليلات عسكرية علمية عقلانية بعيدة عن الانفعالات التي رافقت الاحتلال لتقدم اسبابا لما حدث .. وهنا يقدم اللواء الركن حميد عباس محمود من المقر العام لوزارة الدفاع العراقية خلال الحرب الاخيرة شهادته في حديث مع "ايلاف" على شكل انطباعات استلها  من كتاب مخطوط له يحمل عنوان "9 نيسان – اسرار وخفايا" سينشره في "وقت مناسب" كما يقول . 

 

وفي هذا الكتاب يعرض الضابط الكبير الاستعدادات والخطط العسكرية التي وضعها عسكريون محترفون لحماية بغداد والكيفية التي افسدت فيها القيادة السياسية وضباط غير كفوئين من الحرس الخاص لراس النظام هذه الخطط .. اضافة لما نتناوله من شهادات اخرى لضباط من صنوف عسكرية اخرى في الجيش العراقي حول القرارات الطائشة التي اصدرها المشرف على الحرس الجمهوري قصي صدام حسين والتي اربكت القادة العسكريين ودفعتهم لتوجيه قواتهم الى ترك ساحة المعركة حفاظا على ارواح افرادها وتجنيبها مزيدا من الخسائر غير المبررة  دفاعا عن نظام كان سقوطه محتما.

 

يقول اللواء الركن محمود:

م 

جنود أميركيون يخلون جريحا لهم وسط بغداد (أرشيف)

ن خلال معايشتي لما حدث في التاسع من نيسان (ابريل) عام 2003 والفترة التي سبقته وانا اتحدث كعسكري محترف بعيدا عن اهتماماتي وقناعاتي الفكرية والسياسية استطيع ان اؤكد ان سبب السقوط السريع لبغداد كان سوء تطبيق خطة حمايتها التي وضعها ضباط اركان وقادة اصحاب خبرة وكفاءة في التخطيط العسكري .. فالخطة هذه كانت قد اخذت في الحسبان القوة الاميركية الهائلة واسلحتها ومعداتها المتطورة وكيفية التعامل معها وسد المنافذ عليها كمرحلة اولى ومن ثم تبدا المرحلة الثانية في تطوير المواجهة لارغام العدو على نشر قواته على اكبر مساحة ممكنة بالشكل الذي يشتت جهدها وفاعليتها .  كعسكريين فاننا نعرف جيدا ان القوات البرية هي التي تحسم نتائج الحروب والمعارك وعلى هذا الاساس وضعت خطة الدفاع عن بغداد وانا اتحدث عن هذه الخطة بالتحديد على تقديرات ترى بان القوات الاميركية التي ستباشر الهجوم على العاصمة ستكون بحدود 80 الف جندي من مشاة البحرية (المارينز) والفرق الالية والمدرعة من اصل 160 الف هو مجموع القوات التي زج بها البنتاغون لاحتلال العراق واسقاط نظامه.

 

ولان الحديث عن هذه الخطة التي تضمنتها 60 صفحة من القطع الكبير اضافة الى ثلاثة ملاحق ومجموعة خرائط اوامر للتعبئة والحركة والمناورة يتطلب شرحا مستفيضا وايضاحات وافية لايسع المجال لذكرها بهذه العجالة الا انني اشير فقط الى ابرز المحاور فيها:

 

بداية فان المخططين العسكريين العراقيين كانوا يعرفون ان الارض حول بغداد مستوية وليست فيها موانع طبيعية تعيق عمليا الانزال الجوي والنقل البري ويدركون ايضا ان شبكة الطرق المعبدة جيدا التي توصل الى العاصمة من ناحيتي الجنوب والغرب ستتدفق منهما القوات الاميركية صوب العاصمة لذا فان الخطة ركزت على سد المنافذ بثلاثة خطوط دفاعية على شكل نصف دائرة تبدأ من معسكر التاجي (شرق) مرورا بمعسكر ابي غريب (غرب) وتنتهي بخان بني سعد (40 كم شمال شرق العاصمة) في محافظة ديالى.

 

وفعلا فقد تم في الخط الاول نشر بطريات مدفعية من مختلف العيارات وراجمات صواريخ لمقاومة الدبابات والمدرعات معززة بمنظومات دفاع جوي ضد طائرات الهيلكوبتر . . فيما توزعت على الخط الثاني سبع فرق مدرعة اخرى من الحرس الجمهوري وثلاث فرق مدرعة اخرى من الجيش ..

 

واضطرت القيادة العسكرية الى الاستعانة بدبابات تي 54 وتي 55 السوفيتية القديمة لسد النقص من دبابات تي 72 المتطورة والاكفأ قتاليا .. اما الخط الثالث فقد خصص للاشتباك المباشر وزجت فيه قوات من الصاعقة والمغاوير والمشاة وحملة قاذفات "ار بي جي" وكانت المسافة بين خط واخر تتراوح بين 8 و 10 كيلومترات .. وللتذكير فقط فإن الخط الثالث كان يلامس ضواحي العاصمة اي خارج حدود امانة العاصمة.

 

ولم تاخذ هذه الخطة في اعتبارها قوات الجيش الشعبي وجيش القدس وفدائيي صدام ادراكا من القيادة العسكرية ان هذه الوحدات لاتصلح للحروب التقليدية والاشتباكات البرية المفتوحة فعهد اليها مجتمعة مهمة الانتشار في داخل بغداد لتامين الحماية في حال حدوث حركات تمرد اوشغب كما قالت الخطة.

 

ولكن الذي حدث لاسباب عديدة يمكن مناقشتها في المستقبل وفي اجواء طبيعية حصلت تدخلات في الخطة وادخلت عليها ما سمي بالتعديلات في الاسبوع الثاني للقتال وبالتحديد في الثلاثين من اذار (مارس) بعد ان اعتمدت القوات الاميركية خطة الالتفاف على المدن من منطقتي الجنوب والفرات الاوسط . وكانت القيادة السياسية العراقية تعتقد ان هذه الخطة دعائية وليست عملياتية .. فما دامت المدن لم تسقط ولم يتم احتلالها والسيطرة عليها من قبل القوات المهاجمة فان المسالة ليست في صالح العدو وعلى هذا الاساس تم تغيير خطة امن بغداد والدفاع عنها .. وسمعت ولم ارى بنفسي ان الفريق سلطان هاشم وزير الدفاع المعتقل حاليا حاول الابقاء على الخطة الاصلية كما هي وتحفظ على التغييرات التي ادخلت عليها من القيادة السياسية غير ان محاولاته هذه باءت بالفشل .

 

لقد سقطت بغداد ودخلت الدبابات الاميركية من مداخل ابو غريب الغربية والدورة الشمالية والصويرة وسلمان باك الجنوبية بعد ان تهاوت خطوط الدفاع وانقطع الاتصال وانفقد التنسيق بينها نتيجة تخلخل الخطة والتغييرات التي ادخلت عليها واستياء القادة والضباط وغياب الانضباط .. وقد عرفت بعد انتهاء الحرب ان قطعات عدة لم تقاتل واخرى لم تتحرك من مواضعها عندما صار العدو خلفها .. فسادت اللامبالاة في اوساط القادة والآمرين في وقت لم يعد ينفع معه الحساب والعقاب .. فلم يعد هناك من يأمر ويوجه.

 

لقد كانت القوات الاميركية التي احتلت مطار بغداد الدولي في الثامن من نيسان قليلة العدد ونقلت يالهيلكوبترات وكان من الممكن معالجتها بسهولة من خلال الاشتباك المباشر .. وكان من الممكن اعاقة تقدم الدبابات الاميركية في قاطع سلمان باك ومنع انتشارها باتجاه شرقي بغداد .. خاصة وانها سلكت طرقا معبدة واستخدمت جسورا ثابتة .  فعندما تتحرك 16 دبابة اميركية من الدورة الى مطار بغداد على الطريق السريعة في مناورة تكتيكية في الرابع من نيسان دون ان تحاصر وتؤسر ولايتطلب ذلك جهدا كبيرا او قوات ضخمة فيمكن وضع مركبات عدة او سيارات ثقيلة في الطريق الذي سلكته والاشتباك معها فان ذلك يعني خلالا عسكريا احدث اثرا نفسيا سلبيا هائلا .. كانت نتيجته انهيار الخطة العراقية التي لم يتم التقيد بها جملة وتفصيلا .

 

ان ماحدث في بغداد خلال الاسبوع الاخير من الحرب وابتداء من الاول من نيسان وحتى التاسع منه شيء يخالف كل القواعد العسكرية تتحمل مسؤوليته يالدرجة الاولى القيادة السياسية التي تصرفت من دون ان تعي النتائج المترتبة على النجاحات الاميركية في التقدم السريع من الجنوب والغرب .. ومن ثم القيادة العسكرية التي خضعت لاملاءات واوامر القيادة السياسية والتزمت بها .. وعندما يحين الوقت المناسب لتناول وقائع الحرب ومجرياتها ويستطيع القادة الميدانيون الحديث بحرية وصراحة من دون ضغوط نفسية لاعتبارات كثيرة فان الكثير من الاسرار ستتكشف ويتم تبرئة ساحة الجيش العراقي المتهم بانه لم يحارب.

 

اوامر بالانسحاب من الجنوب

وفي شهادات اخرى عن ايام سقوط النظام ادلى بها ضباط اخرون الى وسائل اعلام عربية ودولية ذكرالعقيد هيثم من "الدفاع الجوي" وكان مسئولا عن أحد بطاريات صواريخ جو - جو من نوع سام في منطقة أبو غريب  انه في يوم 30 أو 31 من آذار (مارس) أمرت القيادة الحرس الجمهوري بالانسحاب من كربلاء والكوت والارتداد إلى بغداد. وأضاف كانت خطة الدفاع عن بغداد في صورة حزامين من المدافعين المنتمين إلى الجيش أقيم أحدهما على بعد 100 كيلومتر عن المدينة والآخرعلى بعد 50 كيلومترا بينما كانت قوات الحرس الجمهوري تتمترس خلف قطعات الجيش حول بغداد مشكلة خطا دفاعيا ثالثا. وعندما سمع الجيش في الجنوب بالانسحاب بدأت مقاومته بالانهيار.

 

 

هيلكوبتر اميركية فوق جسر في بغداد

في السادس من نيسان  تلقى الجيش أوامر بالتخلي عن جنوب العراق وإعادة الانتشار للدفاع عن بغداد. وأكد العقيد هيثم أن فرق الحرس الجمهوري بكاملها جرى سحبها من مواقعها. ويشير إلى انه رأى قوات الحرس الجمهوري التي كانت موجودة غرب بغداد تنسحب يوم 7 نيسان بناء على أوامر صادرة من قصي نجل صدام الذي كان مشرفا عليها ثم قام جنود تلك الفرق بالتخلص من ملابسهم العسكرية، وانطلقوا إلى بيوتهم. أما بطاريتي فلم يبق بها سوى صاروخ واحد من نوع سام -3 عند ذلك طلبت من جنودي الذهاب إلى منازلهم، وذلك فجر الثلاثاء 8 نيسان .

 

الملازم نصير هاشم يقول إن وحدته التابعة لفرقة من الحرس الجمهوري تلقت الأوامر يوم 5 نيسان  بالانسحاب من الصويرة والارتداد إلى بغداد من دون أن يحدد لها موقع للمرابطة فيه"، ويضيف  "عندما وصلنا بغداد انتشرنا في منطقة الدورة "16 كيلومترا عن مركز بغداد" ولكن لاحظنا الارتباك يحل ببقية الوحدات القريبة .. وفي يوم 7 نيسان  تلقينا الأوامر بالذهاب إلى منازلنا ولانزال نجهل ماذا حدث" وهي اوامر اصدرها قادة الوحدات بدون الرجوع الى القيادة وذلك حفاظا على ارواح الجنود من منتسبي وحداتهم .

 

قد تكون الحرب النفسية الأميركية نجحت في التأثير على معنويات القوات المسلحة العراقية، إذ قامت القوات المهاجمة بإلقاء المنشورات على المواقع العراقية وكانت مكبرات الصوت الصادرة عن القوات الأميركية تنادي بعض القادة في الحرس الجمهوري وبالأسماء أحيانا وتطلب منهم عدم القتال وتؤكد أن مصلحتهم في عدم المقاومة. كما أن القصف الجوي المكثف أثر بدوره على معنويات المقاتلين ولاسيما أن الأسلحة الأميركية كانت دقيقة التصويب باتجاه أهدافها.

 

ويقول ضابط الأمن النقيب محمد الدليمي كان واجبه ومجموعته إسناد الحرس الجمهوري في منطقة أبو غريب لكن مجموعته والمقاتلين من عناصر فرقة القدس والحزب كانوا يقصفون خطأ من قبل المدفعية التابعة للحرس الجمهوري التي كانت موجودة في منطقة الغزالية، وهذا دليل على غياب التنسيق والارتباك. ويؤكد المقدم الركن طه علي حسين الدوري انه على رغم القصف الجوي الأميركي الكثيف تمكنت قوات كبيرة من الحرس الجمهوري من البقاء قريبا من المواقع المحددة لها لحمايتها. على الأقل كان هناك دافع واحد لهؤلاء، وهو الخلاص من الإعدام الذي كان عقوبة الهاربين من الخدمة مادام صدام في الحكم. ويشير المقدم الركن الدوري "أن قلة نسبية من جنود الحرس الجمهوري قتلوا في المعارك  بينما نجت القوات العراقية من القصف الجوي أساسا ببقائها بعيدا عن الدروع التي كان الطيارون الأميركيون يستهدفونها، وحين بدأ تقدم المدرعات الأميركية، كانت قوات الحرس الجمهوري في معظمها تهرب. الكثيرون منهم تصرفوا من تلقاء أنفسهم بدافع الخوف والحرص على السلامة".

 

وقال اللواء الركن مزهر طه الغنام ضابط ركن في وزارة الدفاع العراقية خلال الحرب " من خلال منصبي في هيئة الركن بوزارة الدفاع اتيح لي الاطلاع على الشيء الكثير خلال الحرب، انا اؤكد ان الانهيار المفاجيء كان مفاجأة لنا في وزارة الدفاع. 

 

واضاف الغنام " لم يسمح لوزارة الدفاع ان تخطط للدفاع عن بغداد ولا ان تدير معركتها لذلك كان دور لوزارة ثانويا واوكلت هذه المهمة الى الحرس الجمهوري الذي كان يشرف عليه ويقوده قصي نجل الرئيس السابق وهذا الرجل لم يكن عسكريا انما هو خريج كلية القانون".  واشار الى انه " قبل اكثر من سنة من الحرب اعدت وزارة الدفاع العدة وحولت مدن العراق الى وضع يسهل الدفاع عنه من ناحية التعبئة والاعداد على الارض وتهيئة مواضع دفاعية متعاقبة وتوزيع اكداس العتاد ومواد تموين القتال ووضعت الخطط الدفاعية للدفاع عن جميع مدن العراق وحسبت حسابات كثيرة من ضمنها التخلي عن بعض المدن ذات الاهمية الثانوية والتركيز على الدفاع عن المواقع ذات الاهمية الاستراتيجية المهمة وحسب اهمية هذه المدن وقسم العراق الى مناطق لتلافي حالة انقطاع الاتصالات وتم تعيين قادة لهذه المناطق ولكن مع الاسف ان هؤلاء لم يكونوا قادة عسكريين انما كانوا يتمتعون بصفة سياسية".

 

واوضح الغنام "هناك مبدأ عسكري بعدم زج القطعات قبل تنظيمها وتدريبها وتهيئة الاسناد الاداري والناري لها فعندما لاتكون هذه الامور مهيأة تجد القطعة العسكرية نفسها في حرج ولا تتمكن من ان تؤدي واجبها وهذا ما حصل، ان القوات المهاجمة تقدمت من محاور لاتوجد فيها القطعات بكثافة واستفادت من قدراتها على الاستطلاع كذلك كان لديها متعاونون بشكل كبير من خارج العراق او داخله، القطعات العسكرية للحرس الجمهوري وجدت نفسها مشلولة ولم تتمكن من تأدية دورها في الدفاع عن بغداد ووزارة الدفاع كانت ممنوعة من قبل القيادة السياسية ان تدير معركة بغداد".

 

واشار الغنام الى ان ما حصل من تناقضات في القيادة السياسية ومنع القادة العسكريين المحترفين من اداء دورهم يعود الى اسباب امنية لان صدام كان يخشى من الانقلاب العسكري لذلك لم يقوموا بواجباتهم الرئيسية في الدفاع عن بغداد وقال " ان الحرس الجمهوري لم يكن له قائد وهو تشكيلة غريبة علينا كعسكريين كان للحرس الجمهوري رئيس اركان وعين قصي صدام مشرفا عليه باعتبار هو القائد وحسب معلوماتي ان رئيس الاركان لايمتلك القرار الحقيقي للتصرف بالحرس وانما القرار الحقيقي بيد المشرف وهو رجل مدني يمتلك خبرات قليلة وفي تقديري ان الحرس الجمهوري لم تتوفر له القيادة المناسبة ولم تهيأ له الظروف المناسبة للدفاع عن بغداد ووزير الدفاع لم يكن يمتلك الصلاحيات اللازمة ولا يستطيع ان يصدر امرا يتعارض مع توجيهات قائد المنطقة الجنوبية علي حسن المجيد او قائد المنطقة الشمالية عزة الدوري او غيرهم لذلك فان القادة العسكريين كانوا مقيدين ومهمشين".

 

وواصل حديثه قائلا " حسب علمي ابلغ قصي وزير الدفاع بان الدفاع عن بغداد مهمة الحرس الجمهوري وان وزارة الدفاع ما عليها الا ان تكون متفرجة في هذا الجانب مشددا على ان وزارة الدفاع كانت على ثقة ان الاجراءات المناسبة لم تتخذ للدفاع عن بغداد وهذه حقيقة" . وعن معركة المطار التي اعتبرت بداية الانهيار قال الغنام "في وزارة الدفاع ومنذ الايام الاولى قلنا لهم في القيادة ان اول هدف سيهاجم في بغداد هو المطار الدولي وكان لدينا وضوح تام بهذا الموضوع لاننا كنا نضع انفسنا مكان المهاجم". 

 

معركة المطار..

يقول النقيب محمد من الحرس الخاص: أعلمونا أن الجيش الأميركي استحل منطقة الرضوانية ومطار صدام الدولي .. يوم الجمعة حضر السيد الرئيس إلى منطقة (السويف)، والتقى بالأشخاص المسؤولين عن هاي العملية وعن الشخص المسؤول الأول عن معركة المطار والرضوانية، ووصى الأشخاص المسؤولين عن المطار، قال لهم خلي يحافظ الجيش بالليل من الساعة من واحدة لتنتين يدخلو المواضع، لأنه من واحدة لتنتين راح تنطلق صواريخ كثيفة على منطقة الرضوانية وعلى المطار  وبثلاثة أنطيكم إشارة بدلالة طلقة تنوير حمراء تبدءون الهجوم على الجيش الأميركي.

 

ويضيف النقيب أحمد من الحرس الخاص ايضا : بدت القصف المدفعي زاد من صواريخ أرض أرض القطاعات العراقية ضربت الأميركان داخل المطار حوالي 40 صاروخ أرض أرض وزن الصاروخ كان 1600 كيلو. 

 

كما سبّب السقوط المفاجئ والسريع للعاصمة العراقية بغداد في أيدي القوات الأمريكية صدمة للكثيرين  بقدر ما مثّل الصمود غير المتوقع لمدن مثل البصرة والناصرية مفاجأة لآخرين. فقد ساعدت عوامل عدة على إعطاء انطباع بأن معركة بغداد ستطول أو أن المدينة ستشهد حصاراً كلاسيكياً ومن ثم حرب شوارع، تدفع خلالها القوات الغازية ثمناً فادحاً قبل تحقيق أهدافها. والواقع أن أياً من هذه التصورات لم يحدث إذ بدا أن معظم التحليلات التي عززت هذه التصورات اعتمدت على تفكير عاطفي حركّه التمني. 

 

لقد اختار الجيش العراقي أن يتقوقع حول المدن وينسحب من الحدود ويترك المجال للقوات الغازية لاحتلال السواد الأعظم من بلاده بما في ذلك المطارات والموانئ التي تسهل عمل الغزاة وتحل مشاكلهم اللوجستية. كما اختار الجيش الاختلاط مع المدنيين لتحاشي الضربات الجوية فيما امتنع تماماً عن استخدام سلاحه الجوي وخصوصاً المروحيات الهجومية التي كان يمكن استخدامها في مهاجمة طوابير المدرعات المصطفة على محاور التقدم في الصحراء المكشوفة.

 

إضافة إلى هذا فقد أدارت القيادة العراقية معظم العمليات في ظل غياب كامل للمعلومات الاستخباراتية الميدانية كما كان هناك غياب كامل أيضاً للتنسيق لم يحد من أثره استباق القيادة الحرب بتقسيم البلاد إلى أربع مناطق عسكرية بقيادات منفصلة للتخلص من مشكلات المركزية واحتمالات قطع الاتصالات. كان الهدف العراقي يتلخص ببساطة في "امتصاص الضربة الأولى وسحب القوات الغازية إلى حرب مدن" اعتماداً على معطيات ثبت خطؤها وقصورها التام فيما كان الهدف الأميركي واضحاً ومتكافئاً مع إمكانيات تنفيذه على الأرض ما أثمر نجاحاً واضحاً.

Link to comment
Share on other sites

Guest مستفسر

ا

لعراق في العام الثاني بعد الميلاد

 

  د. شاكر النابلسي  GMT 9:45:00 2005 السبت 9 أبريل 

-1-

اليوم يحتفل العراق الديمقراطي الحر بمرور عامين على ميلاده الجديد.

Happy birthday to you

مرَّ عامان  على ميلاد العراق الجديد، وكأنهما قرنان من الزمان.  ما أطول هذان العامان، وما أكثر ما تحقق بهما من انجازات!

ربما شعرنا بطولهما لكثرة ما تحقق فيهما من خطوات لم تتحقق في العالم العربي خلال قرنين من الزمان.

جولوا بأبصاركم في العالم العربي بلداً بلداً، وتفرّجوا على ما تحقق فيها خلال القرنين الماضيين من عـام (1805-2005)؟

جولوا بأبصاركم في العراق بعيداً عن صور الفضائيات التي لا ترى كاميراتها في العراق غير القتل والذبح وتقطيع الأوصال ونسف المباني وتفجير أنابيب البترول (أكل عيش العراقيين)، وتفرّجوا على ما حصل في العراق خلال هذين العامين بعد الميلاد في التاسع من نيسان المجيد 2003؟

 

-2-

 

في العامين الماضيين شُغلنا وشُغل معنا كل المهتمين بالشأن العراقي في المسألة السياسية العراقية فقط، دون الالتفات إلى الإنجازات التنموية الهائلة التي تمّت في العراق في هذين العامين رغم التهديد بالموت والخطف والدمار من قبل الارهابيين الفاشيين القوميين والدينيين لكل من يُقدم على إعمار العراق.

لقد خطفت الإنجازات السياسية الكبيرة التي حققها العراق الأضواء، وكان آخرها الانتخابات التشريعية التي بهرت العالم، وألقمت أعداء العراق من الفاشيين القوميين والدينيين أحجاراً كبيرة وأخرستهم. كما كان آخرها اختيار رئيس جمهورية العراق الكردي (العم جلال) جلال الطالباني (حفيد صلاح الدين الأيوبي) وهي بادرة تتم لأول مرة في تاريخ العرب منذ 1400 سنة إلى الآن حيث كان الخلفاء والسلاطين من العرب ومن قريش على وجه الخصوص (الأئمة من قريش) و (الأئمة منّا أهل البيت) وباستثناء العهد العثماني وعهد المماليك وعهد الأيوبيين وملوك وأمراء الطوائف الحاليين وغيرهم.

وكان حقاً لهذه الإنجازات السياسية العراقية أن تخطف الأبصار، وتأخذ بالألباب، وتخفق لها الأفئدة، نتيجة للمعاناة السياسية العصيبة التي عاشها العراق في الثلاثين سنة الماضية. فالسياسة في الثلاثين عاماً الماضية هي التي أفسدت كل شيء في العراق. وأحرقت الأخضر واليابس، واقتلعت النخيل، وجفّفت دجلة والفرات والأهوار، وتركت العراق غابة للغربان والثعالب والذئاب والضباع وقُطّاع الطرق.

 

-3-

 

من حق الفاشيين القوميين والدينيين أن لا يحتفلوا بالعيد الثاني لميلاد العراق الجديد الديمقراطي الحر. ومن حقهم أن يشعروا بالهزيمة المنكرة وبالخيبة الكبيرة والانكسار والاندحار والعار. فما تمَّ بالعراق في هذين العامين من انجازات سياسية وتعليمية وصحية وإعلامية وخدماتية عامة، كان دليلاً قاطعاً على أنهم هزموا هزيمة منكرة في العراق، ودحروا دحراً لا أمل لقيامة بعده، إلا إذا تغيرت نواميس الطبيعة، وقوانين الحياة، وموازين الحق، وشروط المستقبل.  فما تحقق على المستوى السياسي الذي لا يخفى عن كل ذي بصر وبصيرة، كان بمثابة الهزيمة المنكرة لفلول الفاشيين من القوميين والدينيين الذين كانوا يسعون لاعادة عقارب ساعة الشعوب إلى العبودية والطغيان.

وما تحقق على المستوى الاجتماعي ومحاربة البطالة، حيث تمَّ توظيف مليون و 200 ألف عاطل عن العمل خلال هذين العامين، كان بمثابة الهزيمة المنكرة لفلول الفاشيين من القوميين والدينيين الذين كانوا يسعون لابقاء العراق في حظيرة الدولة المتخلفة.

وما تحقق على مستوى التعليم، بحيث تم ترميم وتعمير 3100 مدرسة، وبناء 300 مدرسة جديدة، وإعادة الحرية الأكاديمية لعشرين جامعة و 46 معهداً عالياً وأربعة مراكز للبحث العلمي، وابتعاث عشرات الطلبة العراقيين للدراسة في الخارج بمنح دراسية مجانية، كان بمثابة الهزيمة المنكرة لفلول الفاشيين من القوميين والدينيين الذين كانوا يسعون لابقاء العراق في ظلام الجهل وظلمة التخلف.

وما تحقق على المستوى العسكري بحيث تمت اعادة تأهيل وتدريب وتنظيم البحرية العراقية، وسلاح الجو العراقي وتزويده بالأسلحة اللازمة، وإنشاء فرق خاصة لمكافحة الارهاب، وإعادة تنظيم الشرطة العراقية بحيث أصبح هناك 55 الفاً من قوات الأمن المدربة والمزودة بأحدث التجهيزات، وأن هناك خمس أكاديميات للشرطة تُخرّج 3500 ضابط شرطة كل ثمانية أسابيع. وهذا كله كان بمثابة الهزيمة المنكرة لفلول الفاشيين من القوميين والدينيين. ولذا، فهم يقتلون كل يوم أفراداً من هذه القوة الأمنية الوطنية.

وما تحقق على المستوى الإنشائي والإعماري، بحيث يوجد هناك 1100 مشروعاً انشائياً وإعمارياً تحت التنفيذ منها: 346 مدرسة، 67 عيادة طبية، 15 مستشفى، 83 محطة قطار، 22 مرفقاً للوقود، 93 مرفقاً للمياه، و 69 مرفقاً للكهرباء.. الخ. وهذا ما أثار غضب الفاشيين من القوميين والدينيين وراحوا ينسفون هذه المنشآت، ويختطفون ويقتلون المقاولين والعمال.

وما تحقق على مستوى رعاية الأطفال الذين كانوا يموتون بالمئات كل يوم في عهد الديكتاتورية المقبورة، بحيث تم تطعيم 96 بالمائة من أطفال العراق الآن ضد شلل الأطفال. وأن أربعة ملايين و 300 ألف طفل عراقي قد التحقوا بالمدارس. ولذا، فقد جُنَّ جنون الفاشيين القوميين والدينيين وأخذوا يدمرون المدارس ويمنعون الطلبة من التوجه اليها.

وما تحقق على مستوى الاتصالات والإعلام كاد أن يكون أشبه بالخيال. فبعد أن كانت كلمة "آلو" من المحرمات السبع ومن المنكرات السياسية في العهد البوليسي الديكتاتوري، أصبح عدد المشتركين بالهاتف الخليوي مليون و 192 ألف مشترك. وزاد عدد المشتركين بالهواتف الأرضية 158 بالمائة. وفي مجال الإعلام انشئت 75 محطة إذاعة وعشر محطات تلفزيونية، وانتشرت الأطباق اللاقطة في معظم البيوت العراقية وانفتح العراق على العالم، وصدرت 180 صحيفة ومجلة جديدة، واختفت إلى غير رجعة صحف الحزب الواحد والقائد الواحد والزعيم الأوحد. وكان كل هذا بمثابة الهزيمة المنكرة لفلول الفاشيين من القوميين والدينيين الذين كانوا يسعون لاعادة عقارب ساعة الشعوب إلى العبودية والطغيان.

وما تحقق على المستوى الاقتصادي من اسقاط 90 بالمائة من ديون العرق للدول الأوروبية وأمريكا وروسيا وغيرها، وانشاء بورصة بغداد للأوراق المالية في يونيو الماضي 2004 ، وتحسن ميزان المدفوعات العراقية وانتعاش الاقتصاد العراقي عامة، كان مثار غضب فلول الفاشيين من القوميين والدينيين الذين كانوا يريدون للعراق أن يبقى فقيراً ومتخلفاً اقتصادياً لكي تكون يد الساحر الديكتاتور هي يد العناية الإلهية المنقذة للعراق من جوعه وعريه.

لقد تمت كل هذه المنجزات تحت نيران الارهاب وحراب الفاشيين، فما بالكم لو أن العراق كان في العامين الماضين خالياً من الارهاب وخالياً من حراب الفاشيين، ماذا كان يمكن له أن يفعل؟

  سوف يفعل المعجزات بالتأكيد.

 

-4-

 

غابت العواطف المتدفقة نحو العراق في هذا المقال. وتعمّدنا أن تكون تحيتنا للعراق في هذه المناسبة، وتهنئتنا للعراق في عيد ميلاد الثاني تهنئة بالأرقام والحقائق، لكي يعرف الأطرش والأعمى والأخرس. فإن (في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) (سورة قَ، 37) .

 

فأليس من حق العراقيين الآن أن يناصبوا جزءاً كبيراً من الإعلام العربي العداء والكراهية، وهو الذي لم يذكر طوال العامين الماضين أية حقيقة عمرانية وتنموية عراقية ايجابية مما ذكرنا الآن، واقتصرت أخبار العراق على القتل والذبح ومناظر الارهابيين الملثمين، ومناظر الدماء اليومية في شوارع العراق؟

أليس من حق العراقيين الآن أن يعتبروا أن جزءاً كبيراً من المثقفين العرب من مفكرين وشعراء وكتاب ومعلقين كانوا كما قال فيهم القرآن (ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة) (البقرة،7) إلى جانب الارهابيين وعملياتهم الاجرامية في العراق دون أن يبحثوا عن حقيقة ما يجري في العراق من بناء سياسي واقتصادي وانساني. (فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء) (الأحقاف، 26).

بئس ما فعل العرب بالعراق.

وهنيئاً للعراق بعيد ميلاده الثاني، الذي سيشهد الانتخابات التشريعية القادمة في ديسمبر القادم والدستور الدائم، ومزيداً من البناء والإعمار لكي تستطع شمس العراق ليس على لبنان ومصر كما قلنا سابقاً ، ولكن على كل أنحاء العالم العربي، رغم إنكار المنكرين، وجحود الجاحدين، وحقد الحاقدين الفاشيين من القوميين والدينين.

 

Shakerfa@Worldnet.att.net

Link to comment
Share on other sites

Guest Mustefser

ا

لعراق الجديد بعد عامين

 

  د. محمد سعيد الشكرجي  GMT 16:15:00 2005 الأحد 10 أبريل 

 

 

 

ما اكتشفناه بعد سقوط صدام يشكل أهم تحديات البناء

 

 

لم يصدق العراقيون انفسهم عندما تحققوا من سقوط نظام صدام التكريتي، باسقاط صنمه يوم 9 نيسان (ابريل) عام 2003، في ساحة الفردوس (الجندي المجهول سابقاً) لان قوة هذا النظام على ابناء وطنه وبطشه بهم كان قد بلغ درجة لم يكن يضاهيها الا ضعف ابناء البلد في مواجهة تعدياته وامتهانه لكراماتهم.

 

ولكن الامر لم يقف عند هذا الحد فقد اكتشف العراقيون ومعهم العالم اجمع عددا من الوقائع على الساحة العراقية او تخصها. وحتى لو كان المتابعون على علم بها او ببعضها فهم، على الأغلب، لم يتصورا انها سـتـطـفو على السطح بهذه القوة، ونجمل هذه الأمور كما يأتي، ضمن تحليلنا لمكاسب ومصاعب او تحديات فترة العامين هذه :

 

- ان نظام صدام الذي تهاوى امام تقدم القوات الامريكية والبريطانية، كان قد أعد العدة لمحاربة اعدائه العراقيين ومعهم القوات الأجنبية من خلال تغلغل جماعات استخباراته وفدائييه السيئي الصيت في مدن العراق التي لهم جذور قوية فيها، كما حصل في بعض مدن محافظات الانبار وصلاح الدين وديالى. ثم ان اوامره التي انكشفت فيما بعد، وجّـهت أزلامه للتنكر والانضمام الى مختلف النشاطات الاجتماعية والحوزات الدينية، سنية وشيعية، في بغداد ومدن العراق لا سيما في الجنوب والفرات الأوسط التي لا يمتلك فيها مواقع مهمة. لقد اكتشف العالم قوة هذه الأجهزة ليس بما لديها من خبرة تنظيمية اكتسبوها خلال العقود الماضية فحسب، بل وما لديهم من سلاح خطير في مستودعات سرية لا يُحصى عددها، وايضا بما لديهم من ملايين الدولارات. ولا زالت الأخبارتتوالى، ومنذ سنتين، عن انكشافها في هذه المدينة او تلك. ويتذكر العراقيون جيدا مقولة صدام السيئة الصيت وفي بداية السبعينات : من يريد القضاء علينا، سنعطيه ارضاً بلا شعـب. انهم يطبقون الآن سياسة "اما أمسك الجميع بقبضتي أو عليّ وعلى أعدائي يارب".

 

- - ان تأثير عشرات السنين من ارهاب الدولة المنظم وافقار ابناء البلد ماديا وثقافياً ترك آثارا فاقت التوقعات، فمن جهة ظهر للعيان تركة النظام السابق بوجود فئات كاملة عودت نفسها على السلب والنهب والخطف لتحقيق مطلبها في الثراء على حساب الآخرين، وقد ساهم عفو صدام عن المجرمين، اواخر عام 2002، في إمداد هذه الفئات بعشرات الألاف من المحترفين هذا المجال. وهؤلاء هم الذين اغتنموا "الاهمال" الامريكي المُـدان للمسألة الأمنية فنهبوا المخازن والدوائر والمتاحف، وتسلل معهم ايتام مخابرات صدام فأحرقوا الكثير من الوثائق الرسمية لتضييع الحقائق التي تدين عناصرهم الذين بداوا يتسللون بين ضحاياهم ويتكلمون بكل ثقة، حتى على شاشات التلفاز، مستفيدين من تعاطف وسائل الاعلام ومستغلين اوضاع الديمقراطية الجديدة العهد.

 

ومن جهة ثانية، فان الكثيرين من ابناء العراق تعودوا على السلبية التي فرضتها أوضاع النظام السابق، إذ فقدوا القدرة على المبادرة الاجتماعية والسياسية واصبح الكثير منهم، ومنذ صيف 2003، في موقع المتفرج امام التفجيرات وجرائم القتل والاختطاف والمواجهات بين القوات الأجنبية وجماعة صدام. وتمثل انتخابات 30 كانون الثاني 2005 انعطافاً واضحاً في السلوك الاجتماعي حيث بدا للعيان ان العراقيين عموماً قد تخلصوا من هذه السلبية. وبالتأكيد فان عوامل عديدة تجذرت لتعطي أكلها في هذا اليوم المجيد، حيث بدأ العراقيون يتكيفون مع الأوضاع الجديدة وتخلصون مع الوقت من سلبيتهم، واعتقد ان اهم عوامل هذا التغيّر تكمن في 1- تكريس منجزات التحرر من حكم الطاغية(زيادة القوة الشرائية والتخلص من حالات البؤس المستشرية سابقاً والتخلص من الخوف والدخول الى عالم الحرية وعفوية العطاء) 2- انجلاء مَـواطِـن المصلحة شخصياً (في الحفاظ على المكتسبات) ووطنيا (التوجه نحو البناء الديمقراطي وتعزيز مستلزمات السيادة)، 3- ما توضح لديهم من الاخطار المباشرة للارهاب عليهم وعلى مستقبلهم، 4- اضافة للدور المباشر الذي مارسه آية الله السيد علي السيستاني، كما سنذكره في محله.

 

ومن جهة ثالثة، قدم سكان بعض المدن، ممن ارتبطوا بفلول نظام صدام بروابط الدم والمصالح، خدمة هائلة لعصاباتهم من خلال ايوائهم ومساعدتهم او استنهاض عوائل وعشائرهذه المدن لمناصرتهم ومحاربة الوضع الجديد. ولم يكن لهؤلاء المجرمين طبعا الا ان يعلنوا زورا وبهتانا انهم يدافعون عن العراق ضد الغزو الاجنبي، وقد استفادوا كثيرا من بعض المغرر بهم ممن رفعوا هذه الراية فعلاً، ضاربين عرض الحائط الاجماع الوطني. لقد استفاد المجرمون الصداميون من هؤلاء المغامرين "الدون كيشوتية" للتغطية على نواياهم الدنيئة، وساعدتهم وسائل الاعلام العربية كثيرا في الترويج لدعايتهم الباطلة.

 

- الظاهرة الأخرى تتمثل في تكون تيار سلفي في العراق، كان صدام قد شجع انتشاره، لا سيما منذ بداية التسعينات، لينشر الفرقة والطائفية المستعرة ضد الشيعة. ورغم ما يشاع من انه ضربهم فيما بعد، الا ان جذورهم ظلت قوية الى حد ما في بعض مناطق غرب بغداد (مثل الرمادي، الفلوجة، هيت وغيرها) وكذلك في منطقة ديالى. هذه الشرائح التي تعتبر ولي الأمر واجب الطاعة والشيعة والاكراد الذين تحرروا منه مارقين يحل فيهم القتل، تقمصوا ايضا دور المجاهدين بينما هم تناسوه ايام كفر صدام بكل القيم الاسلامية والانسانية. واحتضن هؤلاء السلفيون "اخوانهم" من الجماعات الوافدة من الخارج، من الذين نسوا او تناسوا قضية فلسطين وما يجري في بلدانهم وجاؤا "محاربين للمحتل الأمريكي" على ارض العراق. وساهمت الجماعات السلفية العراقية المخترقة اصلاً من مخابرات صدام بتسهيل التنسيق بين بقايا هذه المخابرات والجماعات الاسلاموية الوافدة.

 

- اكتشف العراقيون ومعهم العالم اجمع مقدار تحكم العروش بحكام العرب والمسلمين، إذ أهملوا بالكامل كل ما تكشّـف من جرائم صدام ومقابره الجماعية والحروب التي شنها ضد شعبه وجيرانه، وتمسكوا بقميص عثمان العروبة والاسلام وضرورة محاربة الغزو الاجنبي ليبقوا هم في السلطة وقصورها الباذخة على حساب مصالح العرب والمسلمين. ووقفت معهم وسائل اعلامهم و"مثقفوهم" المأجورون من انصاف المثقفين وكذلك المرتبطون بهم وبخطابهم، او "المثقفون العضويون"، كما يسميهم انطونيو غرامشي. اكتشف العالم اذن كيف تمادى هؤلاء جميعا في رؤية اشلاء العراقيين كطبق يومي على موائد شاشاتهم، خلال السنتين الماضيتين، دون ان يرفعوا صوتهم بالاستنكار او بالتضامن مع الضحايا بل طالما شمتت وسائل اعلامهم بهذا الشعب الذي لا زال يدفع ثمن حريته غالياً. الغريب الذي لم يعد كذلك هو ان العديد من الدول الغربية التي فقدت مصالحها في العراق وتشعر بالتهديد الأكبر القادم مع رياح التغيير، هذه الدول المتشدقة بحقوق الانسان وحرية الشعوب وقفت نفس موقف المتفرج والشامت ازاء المأساة العراقية. بعبارة اخرى، اكتشفنا ان نظام صدام هو حلقة متصلة من سلسلة اكبر تكبل ايادي الشعوب وتكم افواهها وتعطل عقولها. كل ما تقدمه لشعوبها الشعارات وادعاء التمسك بالمبادئ، الآن، عندما قررت الادارة الأمريكية ان مصالحها، هي، لم تعد معهم بل مع انظمة جديدة قائمة على اسس اخرى.

 

- لقد اكتشفنا ايضاً ان الاحزاب السياسية ذات التاريخ الطويل لم تعد بتلك الشعبية التي كانت عليها أيام الستينات والسبعينات، ولا سيما بعد عهود الارهاب الطويلة وما انتجته ايضاً من سلوك سلبي وآثار مدمرة اخرى للشخصية العراقية. لذلك لم يظهر لهذه الاحزاب نشاط جماهيري ملموس ومؤثر على الساحة طوال عام 2003. ولا يغير من هذا الواقع محاضرات الجمعة لسماحة السيد محمد باقر الحكيم وتأثيره الشخصي الذي بدى كارسمياً، وباعتباره شخصية عالماً كبيراً واماماً لصلاة الجمعة في صحن الامام علي (ع) قبل اغتياله، في نهاية آب (اغسطس) 2003. وبالضبط اذا كانت الأحزاب والحركات الاسلامية تأمل خيرا بفضل بقاء الناس على اعتزازهم بدينهم ووجود تربة مهيئة للاستماع اليهم، واذا كانت الاحزاب الكردية تتمتع باستمرارية التفاف الأكراد حول شخصياتها الكبيرة، فان الاحزاب العلمانية المحضة والليبرالية اضحت لا تلوي على شيء، ومن دون قواعد جديرة بهذا التسمية، حيث ان ايديولوجيتها قد انهارت، في عيون الناس، بفعل تجربة العهود السياسية التي اوصلت العراق الى مذبح افظع الدكتاتوريات واكثرها دموية في تاريخه.

 

- في المقابل، ظهرت على المشهد العراقي وامام العالم اجمع زعامة آية الله السيد السيستاني، حيث

رغم ان القواعد التي اسست استقلالية علماء النجف الأشرف تمتد بعيدا في اعماق التاريخ الا ان الكثيرين لا يعرفون عنها شيئاً. وقد استغرب الناس في كل مكان لوجود عالم ديني متواضع الشخصية والمظهر، يتمتع بهذه الشعبية وبهذا القدر الكبير من التماسك الفكري والسياسي في بلد مزقه الطغيان وافقرته السياسات المتعاقبة اقتصاديا وثقافيا. ورغم الموقف العام السلبي لصحيفة اللوموند الفرنسية، فقد خصصت للسيد السيستاني مقالاً اكد كاتبه - باتريس كلود- فيه (انظر عدد 17 آذار/مارس 2005) على هذه المواصفات وعلى احترامه من قبل مختلف العراقيين، باديانهم واعراقهم المختلفة وكيف ثبّت السيد مرجعيته من خلال المواقف التي اتخذها، لاسيما بتأكيده على السلم الأهلي والاعتماد على القضاء وتحريم اللجوء الى القوة مع البعثيين السابقين، وتحريمه الانتقام من عمليات الارهابيين بالهجوم على المشكوك فيهم في مناطق السنة وعلى ضرورة اجراء الانتخابات باسرع وقت.

 

هذا وقد اشتدت مطالبة السيد السيستاني باجراء الانتخابات، في خريف 2003، ولكن بعد تحرك الامم المتحدة ومجئ الأخضر الابراهيمي، تقبل فكرة التأجيل لموعد ثُبـّت بقرار مجلس الامن 1546. وكانت مواقفه بالتشجيع على المشاركة في الانتخابات وعلى ضرورة التهدئة والحفاظ على الأمن في البلاد، من أهم العوامل التي ساهمت، في نظرنا، خلال العشرين شهراً، في تطوير موقف العراقيين، لاسيما بين الشيعة، من السلبية الى المتابعة، ومن المتابعة الى المشاركة الواسعة في الانتخابات، رغم التهديدات المتكررة من قبل فلول النظام السابق وارهابيي الخارج. وهنا تقفز الى الذهن، المقارنة مع ابناء السنة، حيث ان عدم وجود شخصية ومؤسسة بمثل هذا الوزن لديهم ساهم في النجاح النسبي لمن اراد تحييدهم ومقاطعتهم، كانت الأكثرية تريد المشاركة لكن ليس امامها الا تهديد هؤلاء الارهابيين ومن يبرر شعاراتهم الزائفة من "مثقفين ورجال دين" بدا واضحا منذ البداية ضعف مصداقيتهم، وهذا ما وضح الآن للجميع. يضاف الى ذلك تردد بعض السياسيين السنة بين المشاركة وعدمها. فبين الخوف والتردد، فضل الكثير من ابناء السنة البقاء في بيوتهم وعدم المشاركة.

 

يبقى ان نذكر ان اهم التحديات التي واجهها العراق في هذه المرحلة تتركز في مجال البناء الديمقراطي وضرورة التقدم فيه، وهو ما يقوم به ابناء العراق وقادتهم السياسيون بشكل جيد عموما، حيث تبنّت قيادات القوائم الفائزة مبدأ إشراك الجميع ولا سيما العرب السنة في العملية السياسية بكل تمفصلاتها. وتم بناء على ذلك انتخاب رئاسة الجمعية الوطنية ومجلس رئاسة الجمهورية. ونذكّر هنا بصعوبات المرحلة واننا بصدد تأسيس الدولة بعد تحطم المؤسسات وخراب البنى المختلفة وتدمير الانسان العراقي. اما التحدي الثاني الأساس فيتمثل برد الارهابيين وتثبيت دعائم الأمن. لم نعرف في هذا المجال الا تقدما نسبيا ولكن مهما. ان تكالب بقايا النظام السابق على وأد التجربة بقتل وارهاب الانسان العراقي اينما ظفروا به، ثم لهاث بعض دول الجوار ووسائل الاعلام العربية على مساعدتهم، كل ذلك أخر في التمكن من وأدهم تماماً وتخليص العراقيين من شرهم. ولكن النجاحات التي تحققت لحد الآن سترسخ اكثر مع مجي الحكومة الجديدة المنتخبة والمصممة على النجاح في هذا المجال وبداية تخوف دول الجوار من التمادي في غيهم، كل ذلك يعطينا الامل في الوصول بهذا البلد الى بر الأمان، في القريب العاجل.

 

وفي نفس الوقت، ننتظر من الجمعية الوطنية المنتخبة ان تقوم بدورها المنشود في تعميق وصياغة دستور البلاد، بمشاركة جميع مكونات الشعب العراقي بفاعلية وروح وطنية عالية.

 

ان تحديات البناء الديمقراطي ووأد الارهاب، لا تنسينا الملفات الأساسية الأخرى مثل ضرورة القضاء على الفساد في دوائر الدولة وتحسين الخدمات (مثل الماء والكهرباء وتوزيع الوقود) وتوفيرالسكن والقضاء على البطالة او تقليصها بشكل واضح وتنقية سوق العمل وحل مشكلات المؤسسات الوطنية امام اجتياح البضائع الأجنبية، والاستمرار في تحسين وضع المرأة وتنمية الأرياف وتقوية المجتمع المدني. صحيح ان كل هذه الملفات مثقلة بتركة النظام السابق وما يضيفه الارهاب من تقوية لأزماتها، الا ان الشعب ينتظر، ومعه العالم أجمع، ان تقوم الحكومة بدورها في حل هذه المعضلات او على الأقل التقدم الواضح على طريق حلها، باتباع سياسة فاعلة تُحرج الأعـداء وتُســر الأصدقاء.

 

 

د. محمد سعيد الشكرجي

علوم سياسية - باريس

Link to comment
Share on other sites

  • 11 months later...

Amir Tahiree is evaluating the three years through a question of which is better Sadam or the current democratic chiotic process..

After listing three issues that are not going fine , he think it is still better than the old days, at least they provide an experiment dicsuss! as he put it..

 

 

 

العراق الحالي وعراق صدام: أيهما أفضل؟

 

بينما يشهد العالم الذكرى الثالثة للحرب على العراق، يدور الجدل، والذي يبدو بعيدا عن وصوله لنهاياته، حول ما اذا كانت تلك الحرب مبررة أم لا. فأولئك الذين عارضوا الاطاحة بصدام حسين لأسباب عدة يواصلون الجدل بأنه كان من الخطأ بالنسبة لقوى أجنبية ان تفرض تغيير نظام في دولة ذات سيادة.

أما أولئك الذين ايدوا الحرب، في الغالب على اساس أن العراقيين كانوا بحاجة الى من يساعدهم على تحرير أنفسهم من نظام اجرامي، لا يبدو انهم غيروا موقفهم نتيجة لإراقة الدماء المستمرة في كل يوم تقريبا.

 

ومن غير المحتمل أن ينتهي الجدل في وقت قريب. وكما اشار رئيس الوزراء البريطاني توني بلير مؤخرا فقد يكون الله هو الذي يقرر، في خاتمة المطاف، ما اذا كانت الاطاحة بصدام عملا خاطئا أم صحيحا.

 

وما يهم الان هو مستقبل العراق الذي سيؤثر أيضا، كما يعترف المؤيدون والمعارضون للحرب، على صيغة التطورات التي ستجري عبر الشرق الأوسط.

 

فمؤيدو الحرب، بمن فيهم كاتب هذا المقال، ظلوا موحدين في طرح زعم واحد: العراق يمكن ان يتحول الى دولة حديثة، وبالتالي نموذج للشرق الأوسط برمته.

 

ولنا أن نتساءل بعد ثلاث سنوات: ما مدى مصداقية ذلك الزعم؟

 

لقد افلحت الحرب التي لم يخطط لها لفرض ديمقراطية بالقوة في ازالة معظم العوائق البنيوية أمام عملية الدمقرطة. فقد جرى تفكيك دولة الحزب الواحد مع مؤسساتها مثل أجهزة الأمن. وجرى رفض النظام الذي أقام عبادة شخص الزعيم لصالح حقوق المواطن الفرد. وللمرة الأولى تتوفر لدى العراقيين فرصة حقيقية لإقامة نظام تعددي يستند الى حكم القانون.

 

والسؤال هو ما اذا كانوا قد استثمروا على نحو جيد تلك الفرصة أم لم يفعلوا ذلك؟

 

أما الجواب فهو مزيج من الايجاب والنفي. فعلى الجانب الايجابي بدأ العراقيون تعلم قواعد التعددية السياسية عبر القبول، ان لم يكن الترحيب، بتنوع من ذلك النمط القائم في معظم الدول الاسلامية. كما أنهم أجروا سلسلة من الانتخابات العامة والمحلية واستفتاء على الدستور، شهد معظم المراقبين على انها كانت حرة ونزيهة.

 

ولكن على الرغم من انه لا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية بدون انتخابات، فانه يمكن اجراء انتخابات بدون ديمقراطية. وبذلك المعنى تعاني عملية الدمقرطة في العراق من ثلاث نقاط ضعف اساسية يمكن، ان لم تجر معالجتها، ان تقوض نجاحها.

 

النقطة الاولى تتمثل في فشل القيادة الجديدة في تطوير قواعد سياسية تتجاوز الحدود الاثنية والطائفية.

 

رئيس الجمهورية المؤقت جلال الطالباني، على سبيل المثال، لن يكسب أي اصوات في البصرة لأنه كردي. وبالمقابل، لن يجد ابراهيم الجعفري، رئيس الوزراء المؤقت، مؤيدين كثيرين في السليمانية لأنه عربي شيعي.

 

لا يمكن بناء الديمقراطية على اساس قواعد اثنية وطائفية فقط. فالديمقراطية تعتبر نظاما فاعلا وناجحا لأن الأقلية يكون لديها الأمل باستمرار في ان تصبح اغلبية في يوم من الايام، وذلك من خلال إقناع عدد اكبر من الناخبين بحجج سياسية قوية وسياسات جاذبة ومشجعة. ولكن اذا صوت الناخبون على اساس الاعتبارات الاثنية والطائفية فقط، فإن المجموعة الأكبر هي التي ستشكل الاغلبية بصورة مستمرة، وهذا بدوره سيعني ان المجموعات الاصغر حجما لن يكون لديها مصلحة في تطويل امد التجربة الديمقراطية.

 

ما يحتاجه العراق هو تشكيل احزاب سياسية او تحالفات احزاب من مختلف المجموعات الاثنية والطائفية. وهناك حركة في هذا الاتجاه ظهرت في الانتخابات السابقة عندما طرحت ثلاث قوائم انتخابية غير طائفية، إلا ان ربع الناخبين فقط صوت لمرشحين دون النظر الى أي اعتبارات اثنية او طائفية.

 

نقطة الضعف الثانية في التجربة العراقية تتمثل في فشل الدولة في فرض احتكارها للقوى المسؤولة عن بسط النظام والقانون. فالتقديرات تشير حاليا الى وجود 11 ميليشيا مسلحة على الاقل يصل عدد افرادها الى حوالي 150000 شخص، أي بحجم الجيش الوطني العراقي الجديد. ونجحت هذه الميليشيات في تشكيل مناطق نفوذ في المناطق التي لا تتمتع فيها الحكومة المركزية بوجود فاعل. ولا يعرف على وجه التحديد حجم دور هذه الميليشيات في العنف الذي يشهده العراق حاليا. إلا ان ثمة ادلة محدودة تشير الى ضلوع بعض هذه الميليشيات في التهديد والابتزاز والتهريب وحتى القتل على طريقة عصابات المافيا.

 

نقطة الضعف الثالثة في التجربة العراقية، والأكثر اثارة للقلق، تتلخص في محاولة بعض السياسيين البارزين عرقلة العملية السياسية من خلال الزج برجال الدين في عملية اتخاذ القرار.

 

ليس ثمة شك في ان رجال الدين العراقيين السنة والشيعة لعبوا دورا ايجابيا خلال فترة ما بعد الحرب بلجم المتطرفين المحسوبين عليهم ومنع تطور الاشتباكات والمواجهات الطائفية الى حرب اهلية. فحتى الذين لا يؤمنون بمعتقدات يكنون احتراما لرجل الدين الشيعي آية الله علي السيستاني الذي برز كمؤيد قوي للمشروع الديمقراطي.

 

وبالرغم من ذلك فإن بعض الساسة الشيعة يصرون على تحويل السيستاني الى صورة معتدلة من اية الله الخميني، رجل الدين الذي فرض نظاما دينيا استبداديا على ايران عام 1979. وربما يعجب المرء او لا يعجب بالخميني، ولكن ليس من العدل القول انه وحده كان مسؤولا عن فرض «ولاية الفقيه» التي دفعت ايران نحو مأزق.

 

فبعد الثورة في عام 1979، استقر الخميني في مدينة قم وحاول استئناف عمله كمدرس للفقه. الا ان الصفوة السياسية الجديدة، بداية برئيس الوزراء مهدي بازركان، اخذت في السفر الى قم لاستشارة اية الله في كل تفاصيل نشاط الحكومة. وأوضحت المعلومات التي تم الكشف عنها مؤخرا ان بازركان اصر على ضرورة تعديل الدستور الجديد، الذي كان في البداية ترجمة حرفية تقريبا لدستور الجمهورية الخامسة الفرنسية، لمنح الخميني الكلمة الاخيرة في قضايا الدولة الرئيسية. وكانت وجهة نظر بازركان انذاك هو انه يمكنه استخدام نفوذ الخميني كأب للثورة ضد الملالي الاخرين والمنافسين السياسيين الذين يريدون اسقاط الحكومة المؤقتة. وللتوصل الى نصر تكتيكي، ارتكب بازركان خطأ استراتيجيا.

 

ويرتكب بعض الساسة الشيعة، ومن بينهم الجعفري وجواد المالكي واحمد جلبي خطأ مماثلا. فبزياراتهم المتكررة الى النجف للقاء السيستاني والادعاء بأنه يقر خططهم فإنهم يروجون لنظام «ولاية الفقيه» بكل اشكاله فيما عدا الاسم.

 

وكشفت لي اتصالاتي مع السيستاني انه مصر على عدم التدخل في الشؤون السياسية، وانه لا يؤيد جناحا على حساب الاخر. ويعلم السيستاني بتجربة ايران المأسوية ولا يريد ان يسير العراق على طريق مماثل. وبالرغم من ذلك فإن السياسيين الذين لا يمكنهم حل مشاكلهم يصرون على تقديمه كطرف في الساحة السياسية.

 

وهو امر سيئ بالنسبة للعراق وخطر بالنسبة للشيعة كمذهب ديني. ولكن مهما قيل، فإن العراق اليوم افضل مما كان عليه في عهد صدام حسين. فلو لم يتم التخلص منه لما كنا اجرينا مناقشة حول نقاط قوى وضعف التجربة العراقية الديمقراطية حتى الان. ولما

Link to comment
Share on other sites

ربما يصعب تقييم ماجرى في العراق خلال السنوات الثلاث ولكن لن نختلف في القول انها كانت فتره صراع بين جانبين, اؤلئك اللذين عملوا بكل جهدهم على اجهاض المشروع الديمقراطي وبين اؤلئك اللذين حملوا الاكف على السيوف كي يدافعوا عنه. وفي ضل معركه حاميه الوطيس واوراق اختلطت فيها الالوان, تتعدد الاراء و تختلف الرؤى . كل من موقعه يحاول ان بخرج بنتيجه تلبي هدف ربما لايبدو واضحا للوهله الاولى

اولئك اللذين سعوا لتدمير الحلم العراقي يقفزون اليوم كي يدافعوا عن رؤيتهم من ان بلادنا لاتحكم الا بالحديد والنار, اما ضحايا هذا التدمير فانهم منقسمون , بين من يقول انه ماضي حتى ولو كلفه ذلك الاعز والاثمن ومنهم من تعب ليقول تعالوا نجد طريقا اخر.

 

وللحديث صله....ساحاول اكمال المقال لاحقا

 

Link to comment
Share on other sites

http://edition.cnn.com/2006/WORLD/meast/03...sary/index.html

 

صحفي عراقي يكتب عن العراق بعد ثلاث سنوات. اجده من اكثر ما قرات تعبير عن واقع العراق

 

"

An Iraqi journalist writing from Iraq about Today's life and thinking.. I find him the most expressive that I ever read

 

 

ولكن الان وامام عيني ارى الناس يقتلون .لم نتوقع ابدا ان نمر بمثل هذه الحاله من الخوف و الياس.

اتذكر في احدى المرات امي تشاهد برنامجا تلفزيونيا اخباريا عن انفجار اخطأ قافله عسكريه مشتركه فقتل ثلاثه مدنيين.

سالت الدموع من عينها في صمت. اقتربت منها وحضنتها وسالتها في تلك اللحضه " امي, مارايك هل ترغبين لو لعدنا الى ايام ماقبل الحرب ؟ "

نظرت الي للحضات ولازالت باكيه هازه لراسها "لآ"

But now before my eyes, I am seeing my people killed. We never expected to live through an era of such fear and anxiety. I cannot accept what is happening now, but still I do not want to turn back.

 

I remember one day when my mother was watching news on local TV as they showed the aftermath of an explosion that missed a joint U.S. and Iraqi military convoy, but killed two nearby children.

 

Tears ran down her face, as she cried in silence. I approached her, hugged her shoulder and asked her in this moment as she sat there crying, "Hey Mom, if you could return to the days before the war, would you?"

 

She looked at me for a while -- and still crying, shook her head slowly and said, "No."

Link to comment
Share on other sites

  • 4 weeks later...

 

جابر حبيب جابر

 

ثلاث سنوات على سقوط التمثال: كوابيس المربع الأول

 

تمر اليوم ثلاث سنين على سقوط النظام الشمولي، وهذه من الحسنات القليلة التي تركتها هذه الاعوام، وهي التخلص من نظام دكتاتوري هو الاسوأ في تاريخ الشعوب الحديثة، الا انه وبخلاف ذلك، فأن حصيلة التغيير عندما تحسب على المستوى الانساني والخدمي وعلى مستوى الاستقرار وحكم القانون، تظل ضئيلة لا تكاد ترى بالعين المجردة.

 

فهل ذهبت الآمال ادراج الريح تلك التي تصورت بأن العراق سينجح في اقامة تجربة ديمقراطية تشع على المنطقة، وتصبح فنارا يستدل ويستنار به في اكثر المناطق استعصاء على التغيير ومناعة ضد رياحه؟ العراق الذي ظننا بأن انسانه سيكون اثمن رأسمال بات عرضة للموت اليومي الرابض عند الزوايا، سواء ذلك الاتي عبر مفخخات الموت او القنابل البشرية او جماعات الموت والجريمة المنظمة، وبدل ان يتصدر البلد الخارج من تحت رماد السنين الاخبار في منجزه الاقتصادي والتنموي ومشاريع الاعمار والبناء، فإذا هو لا يبارح الصدارة ولكن بمسلسل قتلاه ودماره اليومي وعمليات تخريب بناه التحتية.

 

مع كل هذه الظلامية وأجواء اليأس المطبق وتسرب الاماني وانزوائها، كنا نعزي النفس ونرقبها بالآمال بأن العملية السياسية تسير وتتنامى وهي على السكة، ويزداد راكبوها في كل محطة. هذه العملية التي تمت بتضحيات الشعب العراقي الذي تحدى اكبر قوى القتل ظلامية وبشاعة ورغبة في تعويق تقدمه، وخرج لثلاث مرات لارسائها، وتمت بدعم ومباركة مرجعية دينية رشيدة اعطت من رصيدها لانجاحها، واذا بالعملية السياسية هي الاخرى تصل اليوم الى عنق زجاجة خانق وتصاب بالشلل. فهل يعقل بأن هذا البلد ذو الارث الذي سطره ملايين الضحايا والمظلومين لا ينجح وبعد ثلاث سنين في انتاج طبقة سياسية ذات خطاب وبرنامج وطني؟ وإذا كان العالم اجمعه منشغلاً، سواء تلك القوى المحتلة التي يراد لها ان تظل في حدود دفع اموال وخسائر بشرية دون التدخل وإبداء الرأي، وكأنها جاءت كجمعية خيرية، او الدول الاوروبية التي باتت تدرك بان الارهاب الذي اصبح العراق ميدانه الاول، فأنها لن تكون مستقبلاً بمنأى عنه، ولذا فهي تتطلع الى حكومة عراقية شرعية لكي تساعدها وتتعاون معها، الى دول الاقليم التي يريد البعض منها ان يتعاطى ايجابياً مع الوضع العراقي، الذي لا يمكن لانشطاره او تفتته او اقتتاله الا ان يعود بهزات ارتدادية على المنطقة برمتها. فإذا كان هذا شأن العالم بعيده وقريبه وهو الانشغال بالازمة السياسية، وقد ضاق ذرعاً بعدم اتفاق فرقائها، فما بالك بالإنسان العراقي الذي لم يعد يفكر في أي حق تجلبه له الديمقراطية الا حق الحياة.

 

أربعة أشهر مضت على الانتخابات وشهران على اختيار الائتلاف لمرشحه لم تثمر عن تشكيل حكومة في بلد لو وزعت ازماته وكوارثه وعدد القتلى فيه وضحايا التهجير على كل حكومات الارض لسقطت جميعاً، هذه الازمات التي تستلزم بديهياً حكومة قوية وجهازي قضاء وتشريع فاعلين لاخراج البلد من مأزقه وشبح مخاوفه الممتدة وأقربها التقسيم وليس ابعدها الحرب الاهلية، في حين ان ما لدينا لا يعدو حكومة تصريف اعمال وبرلمان معطل وقضاء مشلول.

 

ومن هنا فليس من الحكمة الاتكاء على تفويض الشعب وتناسي دور ممثليه، فمن الذي يعبر عن ارادة الشعب بعد الانتخاب غير برلمانه، برغم أن دور البرلمانات في العالم المتقدم بدأ يتدهور لصالح السلطة التنفيذية من جهة فيما تدهور من جهة اخرى لصالح الاحزاب والكتل التي باتت تتخذ القرارات وتعقد الاتفاقات خارجه، ثم تأتي للبرلمان للتصويت والمصادقة. ولكن المفارقة ان يبدأ اول برلمان عراقي دائم منتخب في تاريخه بهذا المرض الذي استلزم من برلمانات العالم عشرات ومئات السنين من الممارسة.

 

انها بوضوح مشكلة الائتلاف، اذ انه لا يقدم رئيس وزراء للشيعة فقط بل للعراق وهذا يستلزم ان يحظى برضا الاطراف الاخرى. لذا بات على الائتلاف الذي هو صاحب المشكل والحل ايضاً ان يتفق على طريق للخروج، فدعوات حفظ وحدة الائتلاف لا تتقدم على حفظ العراق الذي وجد الائتلاف لخدمته وليس العكس. ان نظرية النيابة القديمة التي تعتبر النائب ممثلاً لمنطقته ويتحدث بأسمها قد انتهت لصالح نظرية ان النائب ممثلا لكل الامة، ولذلك فأن النائب ايا كان انتماؤه الحزبي او القومي او الديني او المذهبي يفترض ان يمثل الشعب العراقي، وهو الذي اقسم يمين الحفاظ على مصالحه، فليس من المصلحة ان يعطل الدستور وتشل البلاد ويحدث الفراغ الامني الذي سارعت وتسارع القوى المنفلتة لملئه.

 

اذا فشلت جهود الائتلاف في ان ينجح بالتمسك بمرشحه واقناع الاخرين به او باستبداله او بالذهاب بخيار اخر الى جواره، فعليه أن يدفع بالمسألة الى البرلمان والذي سيلجأ الى آليات التكليف التي ثبتها الدستور، والتي تقتضي بعد رئاسة البرلمان اختيار مجلس لرئاسة الدولة بأغلبية الثلثين، والذي عليه ان يختار خلال خمسة عشر يوماً مرشحاً عن الكتلة الاكبر ليكلفه بتشكيل الوزارة، وسيمنحه شهرا اخر لتقديم اسماء حكومته. ومن مزايا هذا الخيار بأن اي مرشح اذا سقط فأنه سيكون بأيدي الكتل الاخرى ونتيجة لعدم حصوله على ثقة البرلمان، وهذا ما يجنب الائتلاف الانشقاق من داخله، الا ان من مساوئ هذا الخيار انه اولاً سينفق زمناً طويلاً لا تحتمله اوضاع البلد. وثانياً تأتي مشكلة غموض الدستور في التكليف الثاني، وهل سيكون لمرشح من نفس الكتلة او اغلبية اخرى. وثالثاً وذلك هو الاهم والأصعب، انه لكي نصل الى لحظة تكليف مرشح الائتلاف لرئاسة الوزارة علينا ان نجتاز عقبة تأليف الرئاسة، وهذا ما ستصر الاطراف على عقدها جميعاً بصفقة واحدة ، اذ انها لا تريد ان تخسر اقليتها المعوقة وعند ذاك نعود للمربع الاول.

 

 

 

Link to comment
Share on other sites

  • 1 year later...

المأزق السياسي في العراق.. وماذا بعد؟!

 

 

 

كتابات - نجاح محمد علي

 

 

 

عادت المخاوف من اندلاع موجة جديدة من العنف الطائفي في العراق في أعقاب التفجير الجديد الذي تعرضت له مئذنتي المسجد الذهبي بسامراء يوم 13 يونيو الجاري بعد أن تعرضت مساجد سنية للحرق في البصرة و جنوبي بغداد.

 

 

 

يأتي ذلك قبل يوم واحد من اكتمال عدد القوات الامريكية الاضافية في سياق التعزيزات لحملة أمنية تشمل 28 ألف جندي أمريكي وترمي الى تأمين العاصمة حتى يتسنى لحكومة رئيس الوزراء نوري المالكي تحقيق أهداف سياسية حددتها واشنطن بهدف تعزيز المصالحة الوطنية.

 

فماذا بعد؟!

 

 

 

ليس جديدا القول بأن إسقاط نظام صدّام في أبريل عام 2003 تم ونُـفِّـذ بدون برنامج سياسي واضح، عدا ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر لندن، الذي عُـقد منتصف شهر ديسمبر 2002.

 

 

 

في تلك الأيام، كان كلا من رايان كروكر، السفير الأمريكي الحالي في بغداد، وسلفه زلماي خليل زادة في طليعة الأمريكيين العاملين على تنظيم اصطفافات المعارضين العراقيين (وفيهم عدد كبير ممن كان إلى وقت قريب يقاتل إلى جانب السلطة القائمة آنذاك) لصالح المشروع الأمريكي، وهو إسقاط نظام صدّام كمُـقدمة إلى إيجاد شرق أوسط كبير أو جديد.

 

 

 

قد تمكن زلماي، الذي عيّـنه الرئيس الأمريكي جورج بوش سفيرا مفوّضا في القضية العراقية، من فرض رؤيته في المحاصصة الطائفية، والتي صارت فيما بعد ورقة الحكم في العراق الجديد.

 

 

 

قبل ذلك، كانت صيغة المشروع الأمريكي للعراق لمرحلة ما بعد سقوط النظام، قد تبلورت منذ زيارة زلماي خليل زادة إلى أنقرة ولقائه في عام 2002 بعدد من قادة وممثلي المعارضة العراقية هناك، عندما قام بإبراز الخطوط العريضة للمشروع الأمريكي، وذلك بالتأكيد عليه خلال تلك المباحثات والإصرار على إمضائه وتطبيقه حالما يسقط نظام صدّام، ممّـا يعني أنه شكّـل المحصِّـلة النهائية للإستراتيجية الأمريكية في التغيير في العراق.

 

 

 

المشروع الأمريكي!

 

 

 

ووِفق ما تسرّب من تلك المباحثات (آنذاك)، يمكن تلخيص الخطوط العريضة للمشروع الأمريكي بما يلي:

 

 

 

 

 

 

 

أولا، بدء تصريف الأمور في العراق بعد إسقاط نظام صدّام من خلال حاكم عسكري مباشر، يساعده عدد من جنرالات الحرب ومسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية من المعنِـيين في الملف العراقي، بالإضافة إلى دور مؤثِّـر لجِـهاز المخابرات المركزية السي آي إي، لتثبيت وتركيز سلطة الحكم العسكري.

 

 

 

ثانيا، معارضة أيّـة فكرة لإقامة حكومة مؤقتة أو مجلس إنقاذ وطني، من قبل المعارضة العراقية وتقديم بديل أمريكي مُعد بعناية لإقامة إدارة مدنية مؤقتة من العراقيين، الذين تختارهم واشنطن، تستمر من سنتين إلى ثلاث سنوات، لحين إجراء انتخابات حُـرة في البلاد.

 

 

 

ثالثا، إلغاء أي دور للمعارضة العراقية التي كانت في الخارج، وهذا ما أصاب بعض جهات المعارضة بالإحباط، بالرغم من أن واشنطن سعَـت إلى تجميع أكبر عددٍ مُـمكن من فصائل المعارضة في لندن، من خلال تفويضها لمجموعة من ستّـة فصائل معارضة (المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق والحزبان الكرديان والوفاق الوطني والمؤتمر الوطني والحركة الملكية الدستورية)، للتحضير لذلك المؤتمر، وهذا الإلغاء يتجسِّـد في تصميم الإدارة الأمريكية على "اختصار" دور هذه المعارضة في حدود "الاستشارة"، وهذا تعبير في مضامينه السياسية واللغوية، لا يعدو أن يكون تهميشا جادّا لقِـوى المعارضة العراقية من كل الاتجاهات، ولاسيما مجموعة الستّـة، التي كانت تعوِّل على اعتراف واشنطن بها كممثل للمعارضة العراقية لدى استقبالها لممثليهم في أغسطس 2002 في أجواء مُـبالغة فيها في الاحتفاء، سياسيا وإعلاميا.

 

 

 

رابعا، خلال هذه الفترة، من سنتين إلى ثلاث، ومن خلال حكم عسكري مباشر وغياب لقِـوى المعارضة العراقية، إلا من مجموعات "متناثرة" تعوِّل واشنطن على تعاوُنهم معها ليكونوا بمثابة أدوات فنية تساعدها في إدارة شؤون البلاد، سيقوم الأمريكيون برسم الخطوط العريضة، وحتى التفصيلية للسياسة الخارجية للعراق مع العالم، وتحديدا مع الدول العربية وبشكل خاص مع دول الجوار، كما أن هذه الفترة الطويلة ستسمح للأمريكيين برسم خارطة إنتاج وتسويقٍ للنّـفط، بما يتلاءم ويتطابق مع مصالحهم بالدرجة الأولى، وهذا يعني بالضرورة، أنه سيكون على حساب المصالح الأوروبية في النفط العراقي، وأيضا على حِـساب روسيا في هذا المجال.

 

 

 

وهنا، لابد من الإشارة إلى المجموعات، التي تعاونت مع واشنطن من العراقيين، وبعبارة أدق "سخرتهم" أمريكا لتنفيذ برامجها، هؤلاء، في غالبيتهم شاركوا في الدورات التأهيلية التي عقدتها وأشرفت عليها وزارة الخارجية الأمريكية، والتي يصطلح عليها بمجموعات العمل، وهؤلاء في أغلبهم من الليبراليين الذين لم تكن المعارضة الإسلامية (الشيعية أساسا) تصنِّـفهم في قائمة المعارضين. ويبدو أن الخارجية الأمريكية تعمّـدت أن يكون هؤلاء من هذا النوع، حيث غاب عن أغلبها الإسلاميون، إلا من شخص أو شخصين ممن لُـوحِـظ عليهما المُـشاركة في أكثر من مجموعة.

 

 

 

وكان المخطط هو أن الإفادة من هؤلاء العراقيين في المرحلة الانتقالية تحت إدارة أميركية مباشرة، من شأنه أن يخفِّـف من اللّـون القاتم لصرامة الحُـكم العسكري (الذي كان مقترحا للعراق) أمام الرأي العام، الداخلي والخارجي.

 

 

 

ومما سبق، فان ملامح "التحرير" في العراق، الذي دعت إليه الإدارة الأمريكية وبشّر به الرئيس جورج بوش، لا يعدو أن يكون مطابقة للشعار الشهير، الذي أطلقه البريطانيون عند غزوهم العراق عام 1917 وهو: "جئنا محرّرين ولسنا فاتحين"، ولكن السنين العجاف التي تلت من بعد، أكّـدت حِـرصا أمريكيا على تطبيق عكسي لذلك الشعار، مثلما فعلت بريطانيا بالضبط.

 

 

 

 

 

عراقيون.. وماذا بعد!

 

 

 

أما بالنسبة للعراقيين (المعارضة سابقا)، فإنهم أيضا لم يكونوا يملكون أي برنامج واضح لما بعد سقوط صّدام، مُـكتفين آنذاك بالرّفض القاطع، الذي أعلنته بعض الشخصيات والأحزاب العراقية لفِـكرة الحكم العسكري ورفضها لتهميش دور المعارضة وإسناد دور استشاري لها، ما اعتبر في حينه تحدّيا جدّيا منها للمشرع الأمريكي بالتفصيلات الآنفة الذكر.

 

 

 

وقيل في تلك الفترة، أن الوزير العراقي الأسبق عدنان الباجه جي رفض مقترح زلماي خليل زادة بشأن الدور الاستشاري للمعارضة العراقية، وطالب بقيام حكومة مؤقتة لإدارة شؤون البلاد بعد سقوط النظام، كما أن المجلس الأعلى للثورة الإسلامية (تغير اسمه حاليا إلى المجلس الإسلامي الأعلى العراقي)، هو الآخر أعلّـن رفضه لهذا المقترح، وكذلك أحمد الجلبي وكنعان مكية، رغم تناغمهما المفرط مع التوجهات الأمريكية في العراق، حيث كانوا يرون ضرورة قيام حكومة مؤقتة من المعارضة، تتولّـى إدارة شؤون العراق.

 

 

 

كما أن الفصيلين الكُـرديين، الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، كانا رضخا للضغوط الأمريكية وقبِـلا بما طرحه السفير خليل زلماي زادة ونسّـقا معه من أجل أن لا يخرج اجتماع أربيل، الذي عُقد بعد مؤتمر لندن، بالإعلان عن حكومة مؤقتة.

 

 

 

في هذا الواقع، إسقاط نظام صدّام من دون برنامج محدّد، عكسه فشل المشروع الأمريكي وتخبّـط الساسة العراقيين وكل الفعاليات المؤيدة للتغير والمعارضة له، وما تسمّـى بالمقاومة، فالجميع لا يملك أي برنامج محدّد يجمع العراقيين على مشترك أعظم ويوحِّـدهم.

 

 

 

 

 

محافظات آمنة!

 

 

 

فالحكومة تربط بقاء قوات "الاحتلال" بجهوزية القوات العراقية ومدى الاستعداد لتسلم الملف الأمني، إلا أن الأمن في المحافظات التي تسلّـمت الملف الأمني حتى الآن، وهي المثنى (السماوة) والنجف والقادسية (الديوانية) وذي قار (الناصرية) وميسان (العمارة)، في حال لا يُحسد عليه، ماعدا المحافظات الكردية الثلاث أربيل والسليمانية ودهوك، فهي تعيش ومنذ عام 1991 خارج الزمن العراقي (!).

 

 

 

فعلى سبيل المثال، لا الحصر، نقِـلت مسؤولية الملف الأمني في محافظة النجف من القوات متعددة الجنسيات إلى القوات العراقية، لكن هذا التطور أثار مخاوف النجفيين من أن تُـصبح المحافظة ساحة مفتوحة لصراع الأحزاب، التي تُـسيطر على جميع الأجهزة الأمنية، خاصة الشرطة والاستخبارات وغيرها من المؤسسات الأمنية، بالإضافة إلى تغلغُـل أفراد المليشيات إلى الأجهزة الأمنية وشحّـة الكفاءات الأمنية العالية، إذ أن معظم الرُّتّـب الموجودة، مُـزوّرة أو معطاة على أساس الانتماءات السياسية، وهو ما يشكِّـل خطراً كبيراً على مستقبل القوات الأمنية، مع ملاحظة أن الإدارة المدنية في المحافظة تسلّـمت الملف الأمني بشكل تدريجي، بدأت باستلام القواعد الأمريكية في النجف، وهي (قاعدة هوتك على مسافة عشرة كيلومترات إلى الشمال من مركز مدينة النجف) وقاعدة ديوك (40 كلم إلى الغرب من مركز المدينة)، قبل تسلم الملف الأمني بشكل نهائي وبحضور القيادات المدنية والأمنية في وقت لاحق.

 

 

 

ومدينة النجف من مدن الفُـرات الأوسط، ويتجاوز عدد سكانها المليون نسمة، حسب آخر الإحصائيات الرسمية، وتقع على مسافة نحو 160 كلم جنوب غرب بغداد، وتعتبر من المُـدن الهادئة نسبياً، حيث تنفق على الجانب الأمني مليارين و530 مليون دينار عراقي شهرياً، حسب مصدر في وزارة المالية، طلب عدم الكشف عن إسمه، وهو رقم لا يُـستهان به.

 

 

 

وهذه المحافظات أيضا تشكو من تدهور الخدمات، وهي لم تتحسن رغم كلّ الضجة التي أثارتها السلطة حول استلام الملف الأمني في المحافظات الآمنة.

 

 

 

ففي النجف، وبعد تسلّـم الملف الأمني، يعبِّـر المواطنون وزوار هذه المدينة المقدّسة عن عدم ارتياحهم لانهيار الخدمات إلى الصفر. فالكهرباء تزور النجف ساعتين فقط كل 12 ساعة أو أكثر، أما سعر وقود المولدات فقد وصل إلى 220 ألف دينار عراقي، وحركة السيارات شِـبه متوقِّـفة بسبب ارتفاع أسعار الوقود، كما أن أزمة النفط والغاز السائل متفاقمة وتدفع باتجاه تدهور الحالة الأمنية عبر الاصطدام بالإدارة المدنية.

 

 

 

أما البصرة، التي تستعد لتسلّـم الملف الأمني، فإن الأمن فيها تكتبه الاغتيالات المستمِـرة وتُـسجّـل دائما ضد مجهول، ويزيد من قتامة مستقبله، التوتر الذي تشهده المدينة على خلفية خلافات حول منصب "محافظ البصرة" والخلافات السياسية الحادة، وما يقال عن فساد في أجهزة وزارة الداخلية.

 

 

 

 

 

"وماذا بعد"؟

 

 

 

أما المجموعات المسلحة، التي تُـطلق على نفسها "مقاومة"، فهي أيضا تعيش أحلام اليقظة وليس لها برنامج عمل، ولكنها تدّعي أنها تملكه. وما يسمّـى ببرنامج عمل، فهو مجرد شعارات وتمنِّـيات، تلك التي ترِد أحيانا في خطابات مُـمثلي هذه المجموعة أو تلك، خصوصا تلك التي ترفع شعارات فضفاضة لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع ما بين "دولة إسلامية سُـنية"، أعلنتها القاعدة، ومطالبة منظمات مقاتلة بخروج المحتل وكل من جاء معه من العراقيين، خصوصا الفصائل الستّـة، وهذه باتت رقما صعبا له قواعده الشعبية.

 

 

 

وبينما تجد العديد من المجموعات المسلحة نفسها مطالبة بطرح برنامج سياسي، إذا منحت ضمانات للبحث في شروطها، ترفع منذ فترة نغمة التفاوض مع الأمريكيين، وحتى مع الحكومة العراقية، التي قادها اللابرنامج إلى التفاوض مع البعثيين وإلى إعادة النظر في قانون اجتثاث البعث.

 

 

 

لم يتوقّـف التخبّـط الأمريكي، الذي تجسّـد في أصل فكرة غزو العراق، ومن ثم طريقة إدارته والخطط الأمنية والسياسية المتعثرة، والتأرجح في دعم الشيعة والسنة، وهذه الحكومة العراقية أو تلك، بل وحتى في ما تقوله واشنطن بشأن حربها المفتوحة مع القاعدة، إذ تعمل القوات الأمريكية وسلطتها الحاكمة في العراق على تسليح عشائر العراق ضد القاعدة، ولكنها لم تجب على سؤال خطير يقف شاخصا هذه الأيام بعد أن تعدّدت حلقات مسلسل مجالس إنقاذ الأنبار وصلاح الدين ونينوى وديالى، التي شكّـلتها العشائر لمقاتلة القاعدة، وهو في ضوء تعزيز قوة المؤسسة العشائرية كسلطة منافسة، بل مهددة لسلطة الدولة الضعيفة أصلا: ماذا بعد القضاء على القاعدة؟!

 

 

 

ويبقى سؤال "وماذا بعد"؟ هو الذي يُـحيط بكل المعنيين في الشأن العراقي الملتهب، من سلطة أمريكية وعراقية وقوى وجماعات سياسية ومسلحة وفاعليات دينية وعشائرية وملايين المواطنين العاديين الذين وجدوا أنفسهم بين المطرقة والسندان.

 

 

 

 

 

دبي

 

Link to comment
Share on other sites

  • 1 month later...

واشنطن ومراجعة الذات.. أولوية المصلحة الأمريكية

جابر حبيب جابر

 

الجدل الأمريكي الداخلي يعكس مجددا، وكما في الكثير من لحظات التاريخ الأمريكي، وعند مفترقات طرق السياسة الخارجية الامريكية، صراعا بين رؤيتين ومنهجين، هو أولا صراع بين الرؤية المثالية التي تعتقد أن أمريكا يجب أن تنهض بمهمة رسالية تتمثل بنشر الديمقراطية والمثل الأمريكية في انحاء العالم، وأخرى واقعية تعتقد ان السياسة الامريكية يجب ان تحكمها الاعتبارات البراغماتية وحسابات الربح والخسارة، وهو ايضا صراع بين منهج التدخل الذي يعتبر ان مسؤوليات القوة العظمى لدى امريكا ترتب عليها ان تتدخل عسكريا وسياسيا في مناطق العالم المختلفة، ومنهج الانكفاء الذي يعتقد ان اي تحرك عسكري امريكي خارج حدود الامريكيتين، يجب ان يرتبط بوجود عدوان حقيقي على الأرض الامريكية.

 

لقد تبادل الحزبان الجمهوري والديمقراطي المواقع طوال التاريخ الامريكي في تبني الرؤيتين والمنهجين بحسب اعتبارات التنافس السياسي الداخلي، ورغم ما يبدو من طابع تاريخي في الصراع الراهن داخل الكونغرس الامريكي حول موضوع العراق الذي بات يجسد رمزيا وواقعيا احتدام الصراع بين المثاليين والواقعيين وبين التدخليين والانكفائيين، ورغم ما قد يتركه العراق من اثر ممتد زمنيا على رؤية الامريكيين للسياسة الخارجية وأثمان التدخل الخارجي وشروط الانغماس العسكري، الا أن كلا الحزبين الرئيسيين سينتهيان في لحظة ما الى ادراك ان انكفاء الولايات المتحدة قد يكون ثمنه اكبر من اندفاعها، وان الحفاظ على منزلة القوة العظمى ليس هبة مجانية، بل انه يتطلب صراعا لا يقل حدة وخطرا عن صراع التسلق الى هذه المنزلة.

 

قد ينتهي الجدل حول العراق في مرحلة ما الى صفقة مؤقتة كما هو حال التسويات السياسية التي تحكم النظام السياسي الامريكي، وعندما سيصل الديمقراطيون الى السلطة، سيكونون في وضع مختلف، فهم سيتجردون عندها من عبء منافقة الشارع لكسب تأييده، ومن القوة التي يمنحها منبر المعارضة في مواجهة حكومة تتآكل مصداقيتها، سيكون عليهم ان يتصرفوا كأمريكيين اكثر من كونهم ديمقراطيين، وقد يختارون الانسحاب من العراق، ولكن في الغالب بطريقة مختلفة عن ما يدعو اليه بعضهم الآن Cut and Run، وقد يختارون بقاء محدودا لأنهم عندها سيحملون عبئا مشابها لذلك الذي حملته ادارة بوش: الحفاظ على تفوق القوة العظمى الامريكية. في لحظة ما سيغدو الموضوع العراقي مسألة تكتيكية وهيمنة امريكا قضية استراتيجية، وعندها قد يصبح الديمقراطيون دعاة للتدخل، وقد يعيد الجمهوريون تبني الرؤية الانكفائية.

 

جزء مهم خاف من الجدل الراهن لا يدور حول مبدأ التدخل بل حول ادارته، وهذا الجزء يعبر عن مكنون الاختلاف الحقيقي، فاللوم يقع عادة على فشل الادارة بوضع استراتيجية واضحة لمرحلة ما بعد احتلال العراق، وعن اخفاقها في تحديد سلم للأولويات: مكافحة الارهاب، دمقرطة الشرق الاوسط، البحث عن اسلحة الدمار الشامل، الحفاظ على منابع النفط. قد تغير امريكا وقد فعلت سلم اولوياتها، الا انها ستجد صعوبة في المجازفة بالتنازل عن هيمنتها ومصالحها. ان الفرق بين امريكا التي يقودها بوش وتلك التي سيقودها خلفه هو الفرق بين امريكا التي تفترض لنفسها رسالة اخلاقية وتعتنق لأجلها رؤية ايديولوجية يعاب عليها عدم اتساقها الكامل مع المصلحة الامريكية، وامريكا الاقل التزاما بالمقولات الايديولوجية والأكثر اخلاصا لـ«المصلحة الوطنية»، انه اختلاف حول الاولويات اكثر من كونه اختلافا حول الهدف.

 

لقد دخلت امريكا المنطقة في مرحلة انفرادها بالزعامة العالمية ونمو تيارات العولمة التي باتت تفرض تحدياتها الخاصة على قدرة التفرد تلك، ولم يكن هناك انسب من جمهوريي بوش للترويج ايدولوجيا لمثل هذه الخطوة الثورية التي غلفت بمنطق الحرب الوقائية، كان هناك ادراك مفاده ان هذه المنطقة ظلت عصية على التغيير والانفتاح امام مشروع العولمة المتمثل بالديمقراطية السياسية واقتصاد السوق، وهي تهيمن في الوقت نفسه على عصب رئيس في الاقتصاد العالمي، فالتقت المنظومتان الاخلاقية والمصلحية الامريكية في تبرير التدخل وإعطائه زخما شعبيا في بدايته بسبب بروز المشروع الجهادي ـ الاسلاموي الذي اصبحت منظمة القاعدة رمزا له، قبل ان يؤدي الفشل في ادارة الوضع العراقي الى عرقلة هذا الاندفاع.

 

كان التدخل خلطا غير مسبوق لأوراق المنطقة وتقاليدها، البعض عارضه بسبب كراهية منهجية تم ارضاعها للعقل العربي تجاه امريكا، والبعض رأى فيه بداية خلاص من أنظمة حكم غير ديمقراطية، والغريب ان السلوك الشعبي العربي اظهر تناقضا صارخا بين تعويله على ان ترفع امريكا يدها عن دعم النظم غير الشعبية، وربما ان تسعى لإسقاط هذه النظم، وبين التصويت للتيارات والأحزاب المعادية لامريكا وإيصالها الحكم عندما تسنح الفرصة، ثم بعد ذلك مطالبة امريكا والغرب بدعم هذه التيارات عندما تصل للسلطة، تناقض يبرزه عدم القدرة على ادراك ان امريكا الساعية الى دمقرطة المنطقة هي امريكا الساعية وراء مصالحها، وهي ربما ستقبل الممارسة الديمقراطية، لأن ذلك ينسجم مع مثلها المعلنة، لكنها ليست مضطرة لقبول نتائجها عندما لا تكون منسجمة مع مصالحها.

قد تكون نظم المنطقة نجحت الى حد ما في ايقاف الاندفاع نحو دمقرطتها، وفي استثمار التوجس الشعبي من التدخل الامريكي والتخوف من تكرار النموذج العراقي لإضعاف المطالب بالتغيير الديمقراطي، وربما فعلت ميكانيزمات الثقافة العربية ومقولاتها المهيمنة فعلها في اضعاف اي تقبل لمنطق التدخل الأمريكي الجديد، لكن دفع امريكا، ديمقراطية كانت أم جمهورية، الى التخلي عن مصالحها سيكون اكثر صعوبة، وانفاذ الخزين الأيديولوجي لمواصلة التدخل ليس سهلا، اذ ان تنامي دور الجهاديين وظهورهم في مواقع جديدة بات يعطي مبررا «اخلاقيا» ربما اكثر قوة لتواصل التدخل الامريكي ولمزيد من الضغط على أنظمة المنطقة، فليس من المحتمل ان يقرر الأمريكيون المغادرة، وترك خزين النفط الهائل تحت رحمة الجماعات الجهادية والأصوليين المتشددين.

 

قد تتغير التكتيكات ومناطق الانتشار وطبيعة المواجهة وحجم الجرعة «المثالية» في السلوك الأمريكي، لكن ما يصعب تغييره هو النزعة الامريكية نحو البقاء في موقع القوة العظمى المتحكمة، والاعتقاد ان مثل هذا البقاء يشترط أشياء من بينها الوجود القوي والمهيمن في الشرق الأوسط، طالما كان للرحيل تكلفة أكبر.

Link to comment
Share on other sites

  • 9 months later...
  • 1 month later...

عملية أميركية سرية لنقل ما تبقى من البرنامج النووي العراقي السابق إلى خارج البلاد

 

عسكريون أميركيون ينقلون كميات من مادة اليورانيوم المركز من إحدى المنشآت في العراق

 

06/07/2008 15:28 بتوقيت: غرينتش الجزائر البحرين تشاد دجيبوتي مصر العراق الأردن الكويت لبنان ليبيا موريتانيا المغرب عمان السلطة الفلسطينية قطر السعودية الصومال السودان سوريا تونس الامارات اليمن أميركا الشمالية (EST) أميركا الشمالية (CST) أميركا الشمالية (PST) المملكة المتحدة السويد ألمانيا أستراليا روسيا الصين

 

 

 

كشفت وكالة أسوشيتدبرس في تقرير لها السبت أن السلطات الأميركية قامت بعملية سرية لنقل ما تبقى من البرنامج النووي العراقي السابق إلى خارج البلاد، مشيرة إلى أن 550 طنا متريا من اليوارنيوم الطبيعي المركز وصلت إلى كندا السبت قادمة من مطار بغداد الدولي.

 

وذكر التقرير الحصري للوكالة أن العملية السرية التي بدأت في نيسان/ أبريل وانتهت في الثالث من حزيران/ يونيو الماضي، أزاحت عن كاهل السلطات الأميركية والعراقية عبئاً ثقيلاً خشية وقوع تلك المخزونات النووية في أيدي عناصر مسلحة أو تهريبها إلى إيران لمساعدتها في تحقيق طموحها النووي.

 

ونقلت الوكالة عن مسؤول أميركي بارز لم تشأ ذكر اسمه قوله إن الجميع مغتبط للغاية لإخراج هذا المخزون النووي بأمان من العراق.

 

وأوضح المصدر الأميركي أن الحكومة العراقية باعت 550 طناً مترياً من مادة اليورانيوم أو ما يسمى بالكيك الأصفر، وهي مادة تدخل في تخصيب اليوارانيوم عالي الجودة، إلى شركة "كامكي كورب" الكندية لإنتاج اليورانيوم مقابل عشرات الملايين من الدولارات، مشيرا إلى أن الشركة الكندية ستعالج المادة لاستخدامها في مفاعلات إنتاج الطاقة.

 

وتابع تقرير الأسوشيتدبرس أن السرية التامة أحاطت بمباحثات دبلوماسية وعسكرية مكثفة على مدى أكثر من عام للتخلص من اليورانيوم، مخافة تعرض شحنات نقل تلك المواد النووية لهجمات أو كمائن للمسلحين.

 

وأوضح التقرير أن الشحنات تضمنت نقل 3500 برميل من مجمع التويثة النووي عبر البر إلى بغداد، ثم تم نقلها لاحقاً على متن 37 طائرة عسكرية إلى جزيرة "دييغو غارسيا" في المحيط الهندي ومن ثم على متن سفينة ترفع العلم الأميركي إلى مونتريال في كندا.

 

ولفت التقرير إلى أن عملية النقل السرية اعترضها العديد من العقبات، منها نظر المخططين العسكريين والدبلوماسيين في نقلها عبر البر إلى الكويت وشحنها عبر الخليج، إلا أن المسار البري كان يقتضي مرورها بمناطق شيعية ما يعني سهولة وقوعها بأيدي فصائل متشددة تتهمهم واشنطن بتلقي دعم من إيران.

 

وذكرت الأسوشيتدبرس أن السلطات الكويتية عارضت فتح حدودها لتلك الشحنات رغم المساعي الأميركية.

وأضاف التقرير أن برنامج إزالة المخلفات النووية من العراق سيكتمل بتنظيف البقايا النووية في مجمع التويثة باستخدام طواقم تتضمن خبراء عراقيين تلقوا تدريبات في أوكرانيا.

Link to comment
Share on other sites

×
×
  • Create New...