Jump to content
Baghdadee بغدادي

هل يمكن تلافي التعليم الديني في المدرسة العراقية الجديدة؟


Recommended Posts

هل يمكن تلافي التعليم الديني في المدرسة العراقية الجديدة؟

GMT 22:30:00 2007 الخميس 19 أبريل

غالب حسن الشابندر

 

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

 

الدين جزء جوهري في تركيبة المجتمع العربي / الإسلامية، وتجاهل هذه الحقيقة ضرب من العناد الفكري الذي لا طائل من ورائه، حتى قيل إن الثقا فة العربية / الإسلامية ثقافة نص، ونص ديني بالدرجة الاولى. من الصعب بل من المستحيل إلغاء مادة التعليم الديني من مناهج التربية والتعليم في العراق أو في أي بلد عربي إسلامي، الأمنيات شي والواقع شي أخر. ويبلغ هذا المقترب غاية في الخيال وعدم المعقولية ونحن نرى إن التعليم الديني يشكل أحد العناصر الأساسية في مناهج التعليم في أشهر وأرقى الأنظمة الديميقراطية، فهذه السويد وهي من أشهر وأرقى الانظمة الديمقراطية تدرس في مدارسها الابتدائية والمتوسطة المادة الدينية بشكل مثير للدهشة حقا، فهذه المناهج تقوم على فكرة عرض التصورات والمذاهب الدينية بالاستناد إلى المصادر الرئيسية المعتمدة من قبل أصحابها ، ولكن من دون إنحياز لهذا الدين أو ذاك، لهذا المذهب أ و ذاك، مجرد شاشة عار ضة، ولا تدرج في الاثناء أي دليل إيجابي أو سلبي طالما يستند إليه هذا الدين أو ذاك، أو هذا المذهب أو ذاك! مجرد عرض، بيان، وباختصار مفيد، يركز على القواعد العقدية والاخلاقية والتشريعية لكل دين، وربما مع شي من تحليل فلسفي وروحي لبعض النقاط الجوهرية، من دون استعراض الجانب الدليلي والبرهاني ، وبذلك يحقق هذا المنهج قفزة موضوعية في التعليم الديني.

الدين اليوم عالمي ، وهناك من يرى أن معادلة الصراع التي تحكم العالم هي معادلة أديان، وإن كانت متلبّسة بأردية سياسية، أو إن الدين من أحد أبرز معالم الصراع الذي يسود العالم، وسلام العالم كما ترى بعض الطروحات من تحقيق مستوى راق من التسامح الديني في العالم، فلا سلام بلا حوار أديان، ولا حوار بلا إعتراف متبادلة وفهم متبادل، يدخل الدين في حياتنا اليومية شئنا أم أبينا، ثم الدعوات الدينية تنتشر بشكل مدهش حتى في العالم الذي يدعي إنه تخلى عن الدين، أو أبعده عن الدائرة الزمنية لحياة الانسان، ولا يمكن أن ننسى دعوة بعض كبار العاملين على الاتحاد الاوربي ضرورة إستلهام الانجيل في توجيه هذاالاتحاد أخلاقيا وروحيا!

هناك فرق بين إلغاء التعليم الديني وبين ترشيد التعليم الديني، وهناك فرق بين تحويل المدرسة العراقية الجديدة إلى غرفة بث ديني وبين عرض الدين بشكل موضوعي شفاف يسهم في تعمير الذات العراقية وتهذيب مواقفها من الاخر، وهناك فرق بين إلغاء الدين من المناهج وبين تحرير الدين من الخرا فات والاساطير والانحياز ، هناك فرق بين إلغاء التعليم الديني وبين الحيلولة دون استخدامه مادة قتل، ووسيلة فوضى، وآلية نفي. بالعكس، فإن تولي المدرسة العراقية الجديدة تدريس المادة الدينية وفق خطة منهجية، هادفة، ترمي إلى تنشيط الروح، وتجذير الحس الا خلاقي، وتوطين النفس على عمل الخير، وتعميم القيم المشرقة، إنما يساهم ذلك دون إستغلال الدين لأغراض شخصية وطائفية وسياسية، ويعدم فرصة تحويل الدين إلى بضاعات سياسية مبتذلة، ويخلق وعيا ساميا باهداف الدين البعيدة وأغراضه المتالقة، أقصد الجانب الروحي.

أعترف ليست المهمة سهلة، بل هي معقدة، تحتاج إلى جهود متضافرة، يقوم عليها عقال متفهمون، كما أن النظام السياسي له دور في تحقيق هذه الإنجاز الحضاري الكبير.

إن المدرسة هي الحاضن الحقيقي للطالب، وربما تأثيرها يفوق تأثير البيت والشارع والمسرح والتفلزة، وعليه، عندما تتبنى المدرسة تعليما دينيا شفافا، يركز على الجانب الروحي من الإنسان، ويتعامل مع المعنى العام للدين، إنما نهيئ تعليما مضادا لذلك التعليم الديني القائم على فهم دموي ورجعي للدين، يكون مثابة ترياق فكري يقاوم تلك السموم التي تزرَّق في ضمائر أبناءنا المساكين باسم الدين والشرع، حيث يتولى ذلك مؤسسات وأحزاب ذات قدرات مادية وروحية وا جتماعية ضخمة.

نعم، إن النظام السياسي مسؤول عن تنظيف البيئة الاجتماعية من هذه السموم، ولكن من ميادين المواجهة هي المدرسة، وعبر تعليم ديني مُرَشًّد، يصعّد من التسامي الروحي لأبناءنا، ويبني في داخلهم ا لوجداني بنيات روحية مفعمة بالحب والتسامح والتعاون واالاحسان والاحترام.

شي مهم أريد أن أشير إليه هنا، لا أقصد بحديثي هذا (الدين ) كمادة علمية، أي كمادة خاضعة للتحليل العلمي، فذاك من شأن علم الاجتماع الديني، ومن شأن علم مقارنة الاديان، بل أعني هنا ( الدين ) كمنهج تربوي أو كمادة تربوية، تلك قضية وهذه قضية أخرى.

شي مهم آخر بودي أن أنوه إليه، لا أقصد في حديثي هذا دينا بعينه، فإن العراق بلد متعدد الا ديان، الاسلام والمسيحية واليهودية والمندائية واليزييدية وغيرها من الاديان التي لها أهلها ومعتنقوها في هذا البلد الجريح، ليس العراق ملكا لأهل دين بيعنه، بل هو عراق الجميع، وبالتالي، فإن التعليم الديني في المدرسة العراقية الجديدة يجب أن يراعي هذه الحقيقة ا لقوية.

شي ثالث ينبغي أن أبينه هنا أيضا، أني اطمح في أن تكون مناهج التعليم الديني في المدرسة العراقية الجديدة ليست تربوية تقريرية، بل تربوية إصلاحية، أي تصحح المفاهيم، وتجبر الكسر الذي أحدثته القراءات الخاطئة لجوهر الدين بشكل عام، وذلك لما نرا ه اليوم من تصورات مرعبة جهلا وشعوذة واستغلالا للدين المسكين، رغم إن كل الاديان تؤكد أنها جاءت لخدمة البشرية، وعلى رأس مهامها تأسيس السلام، سلام الروح، وسلام المجتمع، وسلام الاسرة، وسلام العالم، وسلام البيئة...

إن دعاة إلغاء التعليم الديني من المناهج الدراسية ، وترك الامر للجامع او الكنيسة أو البيت أو الشارع أو الجمعيات الخيرية أو مجالس الذكر أو الاحزاب الدينية إنما يرتكبون خطا مفجعا، أمر سيئ في تصوري، فهو أقل ما يعنيه ترك ابناءنا لخيارات غير مدروسة، في قضية من أدق القضايا حساسية وخطورة، تلك هي القضية الدينية. بل المطلوب أن تكون المدرسة هي الغرفة الواقية، هي المحاولة التصحيحية للفهم المشوش للدين، الذي طالما يتلقاه أبناءها في مثل هذه الميادين، حتى المساجد!! وهل نسينا دور بعض المساجد في زرع ثقافة العنف الديني و المذهبي في ضمائر طلبة في عمر الورود ؟

أعترف أن الامر ليس بهذه السهولة، وأعترف أن الإنجاز لا يحتاج فقط إلى علماء متنورين لكتابة منهج التعليم الديني المسؤول، بل نحتاج أيضا إلى الكادر التعليمي المتفاعل مع الفهم المشرق للدين، وقبل هذا وذاك، نحتاج إلى نظام سياسي ديمقراطي حقا.

 

Link to comment
Share on other sites

العرض المحايد للدين في المدرسة العراقية الجديدة

GMT 20:30:00 2007 الثلائاء 24 أبريل

غالب حسن الشابندر

 

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

 

العرض المحايد للدين في المناهج التربوية والتعليمية ثورة فكرية وأخلاقية وروحية وبنائية، تنم عن احترام العقل والاختيار وقبل ذلك الحرية بمجالها الجوهري، ذلك هو الحرية الفكرية. ولكن ما المقصود بالعرض المحايد هنا ؟

أقصد بذلك أن نقدم الدين، أي دين، سواء الإسلامي منه او المسيحي أو اليهودي، كذلك الاديان التي تسمى أحيانا أديانا بدائية، نقدمها للتلميذ العراقي كما هي، مستلة من مصادرها المعتبرة، المصادر المعترف بها، أو لنقل مصادرها الرئيسية، وبالاستعانة بعلماء كل دين ومذهب وملة ونحلة، بدون إي إ نتصار لهذا الدين او ذاك، لهذا المذهب أو ذاك، نقدمها مجردة من الادلة والبراهين التي يستند إليها أصحابها في نصرة دينهم أو مذهبهم أو ملتهم أ و نحلتهم.

هذا هو العرض المحايد كما أريد بيانه، أنه ليس عرضا للدعوة المسبقة، بل عرض للقراءة الإختيارية، عرض يضع الاختيار كممارسة حية، وليس نظرية وحسب، ليس كلاما فقط، بل واقع مجسّد، وليس مجرد إدعاء، وهو بلا شك منحى أخلاقي، لانه لا يتدخل بشكل مسبق.

العرض المحايد يعلم بل يربي على الموضوعية، يساهم في إنقاذنا من الحماس العاطفي للفكر والطروحات والاديولجيات والاديان، لانه يوفر أرضية خصبة للتامل والتفكير، والدين الواثق من نصوصه وخطابه وافكاره وتصوراته وطموحاته وبنوده ومتونه وتاريخه يفرض قبوله. ومن الأمثلة الناضجة التي يمكن الاسترشاد بها في العرض الموضوعي للدين، الكلمة التي ألقاها جعفر بن أبي طالب رحمه الله بين يدي النجاشي عن النبي الكريم ورسالته. لقد صعق النجاشي من تلك الا فكارا لتي طرحها جعفر حول الاسلام، كان مجرد عرض، التوحيد، والتحرر من عبادة الاصنام، وإشاعة الصدق في القول والعمل، والإ يمان بكل الرسل والانبياء، وإشاعة العدل، وتسوية الخلافات بالعدل أو الإحسان، والتسامح، والنفرة من الظلم والدم...

كان جعفر يعرض فقط، ولم يبرهن، اللهم إلا بشكل عرضي سريع، وإلا كانت مهمته تشريح القواعد الاولى لهذا الد ين الحنيف.

العرض المحايد للاديان كمنهج تربوي في المدرسة العراقية الجديدة يتحاشى التفاصيل، فإ ن الشيطان يكمن في التفاصيل كما يقولون، يتم عرض العناصر الجوهرية في الدين، مستلة كما قلت من المصدر الأساسي، المصدر المعترف به رسميا.

 

التفاصيل ليست ضرورية اصلا، فإن الطالب يمكنه أن يراجع التفاصيل خارج المدرسة، وما اكثر المصادر والوسائل والطرائق لتحصيل التفاصيل.

العرض المحايد خال من الادلة والتفاصيل، فإن إبراز أو طرح الادلة سواء من قبل كتّاب المنهج أو هي الادلة المنقولة من كتب الاديان والمذاهب والملل والنحل لا يتناسب مع العرض المحايد، مع الطرح المجرد. وبإمكان الطالب أيضا أن يستحصل على الادلة وبكل سهولة، فهي متوفرة في الكتب الدينية، أكثر الكتب الدينية تستعرض ادلتها وبراهينها على سلامة وجمال عقائدها وتصوراتها وافكارها وطموحاتها. فلماذا نورط المنهج التعليمي الديني الرسمي بذلك ؟

 

العرض المحايد للمادة الدينية في المنهج التعليمي والتربوي يستبعد الاستهانة باي دين، والانتقاص من كل ملة، والتهجم على أي مذهب، بل هو عرض محايد بكل معنى الكلمة، مأخوذ كما قلت من المصادر الرئيسية لكل دين، بلا تحيز أو تمييز او تفضيل، بل هي بضاعة مطروحة، مطروحة كما هي، بدون تزويق أو زخرفة، عرضا أمينا، عرضا مجردا.

العرض المحايد للمادة الدينية في المدرسة العراقية الجديدة يخلق اجواء رائعة للتعارف والتعاون والتفاهم بين العراقيين على اختلاف اديانهم ومذاهبهم ومللهم ونحلهم. يحول المدرسة العراقية الجديدة إلى نموذج للتعايش والتسامح والتفاهم بين أبناء الوطن الواحد رغم الاختلاف في الانتساب الديني والمذهبي.

إن أي استعراض لدليل أوحجة يستند إليها هذاا لدين أو ذاك المذهب هو خروج على فلسفة العرض المحايد، العرض الموضوعي، العرض العلمي الامين.

إن مهمة المنهج هي التعريف وليس الانتصار، الإراءة وليس الدعوة، نعم، دعوة لتشغيل العقل، وتفعيل الفكر، وتمكين الضمير من الحقيقة مجردة.

كم هو جميل أن يحتوي كتاب التعليم الديني او التربية الدينية على القواعد الرئيسة للاسلام، وكذلك للمسيحية، وكذلك لليهودية، وكذلك للبوذية، والزرادشتية، والبرهمية، من دون تفاصيل تثقل على العقل، والفكر، وقد تؤول إلى إشتطاط بهذا الدين أو المذهب أو الملة أو النحلة، ومن دون أدلة وحجج وبراهين ترجيحية ودعائية وإثباتية.

قد نحتاج بعض التفصيل، ولكن ليس التفصيل الذي يثقل، والذي ينطوي على دعوة مبطنة، أو دليل مستتر، بل نريد التفصيل الذي من شانه زيادة في الاطلاع على الدين، وليس من شأنه التزود بالادلة والحجج والبراهين، أي تفصيل بالمضمون وليس تفصيل بالزائد على المضمون.

نقرا الكثير من الكتب الفيزيائية الممتعة حيث تستعرض نظريات العلماء الفيزيائيين عن الضوء مثلا وذلك من دون بيان الادلة المثبتة أو النافية، كذلك نريد منهج ا لتربية أو منهج التعليم الديني، وبهذا نخلق ثورة خلقية وروحية وفكرية ونقدية كما قلت.

 

العرض المحايد للمادة الدينية يستوجب معلما مرشدا، يؤمن بالديمقراطية والحرية، لا يجوز للمعلم أن ينحاز في الطرح لهذا الدين أو ذاك، لهذا المذهب أو ذاك، بل مهمته استعراض المادة و القيام بتوضيحها، من دون ان يؤدي دور الداعية أ و المبشر، يصحيح الفهم، يقدم المزيد من الايضاحات، ولكن أن يتحول على محام أو داعية، يحبذ هنا ويهاجم هناك، فذاك يفسد نظرية العرض المحايد للمادة الدينية.

أعترف أن مثل هذا الطرح صعب، يحتاج إلى مستوى راق من التطور الاجتماعي، ومستوى راق من الفهم للدين، ومستوى راق من الإ يمان بالحرية و الاختيار بل ومستوى راق من الايمان بذات الدين، ولكن يجب أن نجرب، ويجب أن نبدا مهما كانت النتائج في البداية.

الدين مادة معروضة، هذا هو الدين، الاسلامي، المسيحي، اليهودي، البوذي، الزرادشتي، وهذه هي المذاهب، سنية وشيعية وكاثولكية وبروستانتية، وهكذا، وما على الطالب سوى أن يختار، بين قبول أو رفض، وربما يشمل ذلك الدين نفسه من حيث المبدأ.

هكذا نقرا المادة الدينية في مناهج الدول المتقدمة....

يتبع

 

 

 

 

 

 

 

Link to comment
Share on other sites

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
Reply to this topic...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...
×
×
  • Create New...