Jump to content
Baghdadee بغدادي

لماذا نجح السيستاني وفشل الاخرون


Recommended Posts

لماذا نجح السيستاني وفشل الاخرون

 

هذا السؤال كثيرا ما يتبادره العراقيون والاجانب على حد سواء ,فمنهم من هو مستفهم ومنهم من هو متعجب .

فبينما فشلت كافه الاطراف السياسيه المشاركه في الحكم او غير المشاركه من فك فتيل الاحداث الداميه ، نرى ان السيد السيستاني وبأشاره صغيره منه استطاع ان يحل الكثير من اجزاء المعادله السياسيه العراقيه المـأ زمه .

فلا الاحزاب الاسلاميه (شيعيه او سنيه) ولا العلمانيه ولا الديمقراطيه ولا القوميه ( المعارضه منها او التي تحت المؤسسه الحكوميه) استطاعت ان تصل لما وصلت اليه لمسات السيد السيستاني السحريه لحل المشكله كما لم تستطع قوات الشرطه والقوات العسكريه المدعومه من قبل قوات التحالف من حسم المعركه.

بمراجعه بسيطه للوضع العراقي الحالي نرى انه نتاج قرون من القهر السياسي والذي ادى بدوره الى تكوين (مناعه) شعبيه ضد أي قياده سياسيه , فالمواطن العراقي بفطرته البسيطه استطاع ان يصل لنتيجه مفادها ان كل من يعتلي كرسي الحكم ما هو الا طاغ او باغ يريد استعباد العباد والبلاد ولذلك فهم يقفون بالضد منه طالما لم يقدم يد (الثقه) التي تؤهله للقيام بواجباته .

وهذا الامر جاء عبر قرون وقرون من القهر والاضطهاد السياسي والاجتماعي وحتى الاقتصادي منه, ولكون العراق كان مقرا لعدة حضارات قامت على اسس ديكتاتوريه متراكمه لاتؤمن بحريه الفرد في التعبير عن افكار مخالفه للحاكم لذلك ما كان على الفرد الا ان يحصن نفسه اما بالابتعاد عن السياسه او الوقوف ضد النظام بما يسمى بالكفاح المسلح والذي كلف العراقيين غاليا على مر السنين .

وقد جاءت فرصه ذهبيه عندما وعدت قوات التحالف برئاسه الولايات المتحده الشعب العراقي بمساعدته لاخذ حريته وتمتعه بنظام ديمقراطي , استبشر هذا الشعب خيرا واخذ هذه الوعود بمحمل الجد عندما وجد جديه عمل (بوش الابن) لجعل العراق بلدا ديمقراطيا!! وتناسى بسرعه نفس الوعود التي اطلقها (بوش الاب ) والتي سرعان ما تنكر لها لتكلف العراقيين الالاف المقابر الجماعيه ابان الانتفاضه الشعبانيه .

وبذلك فقد العراقيون املا وثقة كبيرتين كان يعول عليهما سبيلا للخلاص .

الا ان (بوش) الابن قد اوفى بعهده الا ان العراقيين بدوا وكأن الامر لايعنيهم وقد فوجئ الامريكان لهذا التردد من قبل الشعب العراقي او هكذا يبدو بالصوره ومما زاد من عزله العراقيين عن السياسه هو حين شكل مجلسا للحكم الانكلوامريكي الذي (لا يهش ولا ينش) كما يقول المثل المصري , ومما زاد الطين بله انه قد فرضت على العراقيين حكومه علاوي بشكل مسرحي هزيل لايخفى على حاسه الشم العراقيه والاسوء من ذلك ان حكومه علاوي قد عالجت الامور المستعصيه في العراق بشكل مماثل لاحكام صدام القمعيه مبتعدا عن المحاولات الانسانيه او القيم الديمقراطيه في حل الامور والتي رفض الاستماع لها عندما تبرع بها كثيرون وبذلك صار الامر سيان عند المواطن العراقي في حكومه علاوي او حكومه صدام في الحكم.

اذا مس الانسان ضر فهو في دعاء عريض هكذا يصف الله الانسان في كتابه اما اذا ما استمر هذا الخوف والضر فانه سيجد نفسه قريبا من الله اكثر في المناطق الاسلاميه عموما وفي العراق خصوصا, ربما لم يكن ليشابهه ضر في العصر الحديث فلذلك كان توجهه الى مرجعياته الدينيه اكثر وبما ان هذه المرجعيات منقسمه الى قسمين رئيسين الاولى تؤمن بالابتعاد عن السياسه كما هو الحال مع مرجعيه النجف وقسم اخر يؤمن بالعمل السياسي حتى لو تطلب الامر كفاحا مسلحا. توجهه المسلمون الشيعه الى مراجعهم ليلتصقوا بهم اكثر ولذلك كان دور المرجعيه دورا مهما ورقما صعبا في المعادله السياسيه العراقيه , وقد حاول صدام مرارا ان يخترق هذا الخط اوذاك ليكسبه لجانبه على الاقل الا ان خبره السنوات الطوال للشيعه من الاضطهاد جعلتهم في حاله حذر وترقب كبيرين من أي حاكم وخصوصا شخص مثل صدام , ولذلك فشلت محاولات صدام المتكرره للقضاء على الشيعه بالرغم من رفعه شعار (لاشيعه بعد اليوم) .

ان التفاف عامه الشعب للمرجعيه انما جاء عبر سنوات كثيره من عمليه بناء ومد جسور الثقه المتبادله ولذلك كان لرجل الدين تأثيرا كبيرا على المواطن في صياغه مستقبله .

من هذا كله نستنتج ان السيد السيستاني انما نجح في خطوته تلك لثقه الجماهير به وايمانهم بانه لا يطمع لتولي منصبا سياسيا او مركزا على حسابهم كما فعلت كثير من الحركات الاسلاميه السياسيه التي تخلت عن مشروعها المسلح الذي لطالما نادت به ابان فتره حكم صدام حالما سنحت الفرصه لتولي مركزا سياسيا حتى وان كان امريكيا .

Link to comment
Share on other sites

لموضوع اعلاه كتب بسرعه ولم يتسنى لس تصحيح اخطاءه او مراجعته ولذلك وجدت من المناسب ان اعيد صياغه بعض المواضيع الوارده به, امع الاعتذار

 

بهلولهذا السؤال كثيرا ما يتبادره العراقيون والاجانب على حد سواء ,فمنهم من هو مستفهم ومنهم من هو متعجب .

فبينما فشلت كافه الاطراف السياسيه المشاركه في الحكم او غير المشاركه من فك فتيل الاحداث الداميه ، نرى ان السيد السيستاني وبأشاره صغيره منه استطاع ان يحل الكثير مما عجزت عنه اطراف عراقيه عده معنيه بالشأن العراقي المتـأ زم .

فلا الاحزاب العلمانيه ولا الديمقراطيه ولا القوميه ولا الاسلاميه (شيعيه او سنيه) ( المعارضه منها او التي تحت المؤسسه الحكوميه) استطاعت ان تصل لما وصلت اليه لمسات السيد السيستاني السحريه لحل المشكله كما لم تستطع قوات الشرطه والقوات العسكريه المدعومه من قبل قوات التحالف من حسم المعركه.

بمراجعه بسيطه للوضع العراقي الحالي نرى ان هذا الواقع هو نتاج قرون من القهر السياسي مما ادى بدوره الى تكوين (مناعه) شعبيه ضد أي قياده سياسيه , فالمواطن العراقي بفطرته البسيطه استطاع ان يصل لنتيجه مفادها ان كل من يعتلي كرسي الحكم ما هو الا طاغ او باغ يريد استعباد العباد والبلاد ولذلك يتجهه مفهومه الخاص لان يقف بالضد منه طالما لم يقدم يد (الثقه) التي تؤهله للقيام بواجباته تجاه المواطن.

وهذا الامربطبيعه الحال قد جاء عبر قرون وقرون من القهر والاضطهاد السياسي والاجتماعي وحتى الاقتصادي منه, ولكون العراق كان مقرا لعدة حضارات قامت على اسس ديكتاتوريه متراكمه لاتؤمن بحريه الفرد في التعبير عن افكار مخالفه للحاكم لذلك ما كان على الفرد العراقي الا ان يحصن نفسه اما بالابتعاد عن السياسه او بالوقوف ضد النظام ضمن ما يسمى بالكفاح المسلح والذي كلف العراقيين غاليا على مر السنين .

وقد جاءت فرصه ذهبيه للشعب العراقي عندما وعدت قوات التحالف برئاسه الولايات المتحده الشعب العراقي بمساعدته لاخذ حريته ليتمتع بنظام ديمقراطي يزيح عنه سمهوم الماضي , وقد استبشر هذا الشعب خيرا واخذ هذه الوعود بمحمل الجد عندما وجد جديه عمل (بوش الاب) لجعل العراق بلدا ديمقراطيا!! ولكن تنكر بوش الاب لوعوده كلف العراقيين الالاف المقابر الجماعيه ابان الانتفاضه الشعبانيه .

وبذلك فقد العراقيون املا وثقة كبيرتين كان يعول عليهما سبيلا للخلاص من جهه ويعزز ثقته من ان السياسه تعني المصالح على مستوى الفرد او الدول ولاشأن للعبد الفقير بها فلذلك فهي لاتعنيه بشئ .

وجاء (بوش) الابن وقد اوفى بعهده بازاله كابوس صدام عنهم الا ان العراقيين بدوا وكأن الامر لايعنيهم وقد فوجئ الامريكان لهذا التردد من قبل الشعب العراقي او هكذا يبدو بالصوره.

ا زداد العراقيون عزله عن السياسه والثقه بها (احزابا واشخاص) حين شكل مجلسا للحكم الانكلوامريكي الذي (لا يهش ولا ينش) كما يقول المثل المصري ليزيدهم سخريه وتهجما حيث ان هذا المجلس لم يكن باستطاعته ان يحقيق الامور التي تساعد على انتشال المواطن العراقي من البؤس الذي عاشه ايام صدام والذي استمربعده من خراب للبنى التحتيه التي تهم المواطن , ومما زاد الطين بله انه قد فرضت على العراقيين حكومه علاوي بشكل مسرحي هزيل لا يمثل أي خيارا ديمقراطيا حقيقيا والذي لايخفى على حاسه الشم العراقيه والاسوء من ذلك ان حكومه علاوي قد عالجت الامور المستعصيه في العراق بشكل مماثل لاحكام صدام القمعيه مبتعدا عن المحاولات الانسانيه او القيم الديمقراطيه التي وعد الشعب العراقي بها في حل الامور حتى انه رفض الاستماع لهكذا اراء عندما تبرع بها كثيرون وبذلك صار الامر سيان عند المواطن العراقي في حكومه علاوي او حكومه صدام في الحكم.

اذا مس الانسان ضر فهو في دعاء عريض هكذا يصف الله الانسان في كتابه اما اذا ما اضيف لهذا الضرخوفا وتشككا وفقدانا للامل فان الانسان سيجد نفسه قريبا من الله اكثر في طريقه تفكيره في المناطق الاسلاميه عموما وفي العراق خصوصا, ربما لان الضرالذي عاشه العراقيون لم يشبهه أي ضر في العصر الحديث فلذلك كان توجهه الى مرجعياته الدينيه اكثر لاعتقاده بانهم باب يؤدي الى الله , ولكن هذه المرجعيات منقسمه فكريا الى قسمين رئيسين الاولى تؤمن بالابتعاد عن السياسه كما هو الحال مع مرجعيه النجف ممثله بالسيد السيستاني والذي يريد حقن دماء المسلمين والحفاظ عليها بعيدا عن الثوريات الفارغه والعنتريات الطائشه وقسم اخر يؤمن بالعمل السياسي المستمر حتى لو تطلب الامر كفاحا مسلحا وصولا للاهداف المنشوده حتى لو تطلب الامر ازهاق ارواح كثيره.

توجهه المسلمون الشيعه الى مراجعهم ليلتصقوا بهم اكثر ولذلك كان دور المرجعيه دورا مهما ورقما صعبا في المعادله السياسيه العراقيه , لقد حاول صدام مرارا ان يخترق هذا الخط اوذاك لينال منه او ليكسبه لجانبه على الاقل الا ان خبره السنوات الطوال للشيعه من الاضطهاد جعلتهم في حاله حذر وترقب كبيرين من أي حاكم وخصوصا شخص مثل صدام , ولذلك فشلت محاولات صدام المتكرره للقضاء على الشيعه بالرغم من رفعه شعار (لاشيعه بعد اليوم) .

ان التفاف عامه الشعب للمرجعيه انما جاء عبر سنوات كثيره من عمليه بناء ومد جسور الثقه المتبادله ولذلك كان لرجل الدين تأثيرا كبيرا على المواطن في صياغه مستقبله .

من هذا كله نستنتج ان السيد السيستاني انما نجح في خطوته تلك لثقه الجماهير به وايمانهم بانه لا يطمح لركوب ظهر الشعب لتولي منصبا سياسيا او مركزا قياديا على حسابه كما فعلت كثير من الحركات الاسلاميه السياسيه التي تخلت عن مشروعها المسلح الذي لطالما نادت به ابان فتره حكم صدام حالما سنحت الفرصه لتولي مركزا سياسيا حتى وان كان انكلوامريكيا منكره للكثير من ارائها السابقه حول سياسه التثقيف بالعماله ووجود الاجنبي الكافر !! بارض الوطن !!

او لحركه كانت اكثر ضررا من سابقتها على الشيعه لتبنيها مواقف غير متزنه واهداف غير واضحه ومحاولات نزقه تسترخص دماء ومقدسات نحن احوج ما نكون لحفظها .

 

 

بهلول الحكيم

Bahlol_58@yahoo.com

Link to comment
Share on other sites

Guest Guest_tajer

Bahlol..

The link is not going to an article..It goes to the main page of the newspaper..

To get the right link to the article, You might need to right click on the article then on the new window , copy the field in front of properties..

Link to comment
Share on other sites

ادناه نص مقاله الدتور علي الدباغ المنشوره في جريده الشرق الاوسط

السيستاني.. سؤال لم تكتمل الإجابة عليه ..!

علي الدباغ *

 

 

يطالعك بوجهه الهادئ ، ونظراته العميقة بأن وراءهما جبلاً من الغموض، ، فيدفعك الفضول لأن تستنطقه لتكتشف بماذا يفكر الرجل؟ وماذا يريد ؟ وكيف يقلب الأمر في رأسه الذي امتلأ بأكثر من ستين سنة بعلوم تبدو أحياناً انها لا تترابط مع بعضها، ابتدأها بالقرآن ولم ينته من القراءة منها ، وهو معصوب من احدى عينيه عند اجراء عمليه جراحية لها مؤخرا في لندن ، وينظر بواحدة كفاءتها أقل من 70% ، وهذا الرجل ينام قليلاً ، ويقرأ اكثر مما ينام ، ويفكر أكثر مما يقرأ، فبماذا يفكر؟

ليس من السهل أن تفك رموز هذا الغموض لأنك تحتاج الى ان تتسلح بعدة ادوات، هذه الادوات هي الغوص في تاريخ الف سنة من الحوزة الشيعية برجالها ، واسلوب التدريس فيها ، ومراحل الصعود فيها، ومناهج التدريس والجلوس على الأرض، والعيش في حياة متقشفة يُجبر عليها من يطلب هذا العلم ، لأن كل ما يصل يديه من مال لا يكفي غير رغيف خبز ، وبعض من نبات الأرض ، ولا يؤكل فيها اللحم الاّ في المناسبات أو الولائم . وان كان هذا التقشف ليس زهداً ولا اختياراً، لكنه في النتيجه يروض النفس في يوغا إلزامية أشبه بالحرمان ، لتنتج قوة نفس تعاند الهوى والترف ، وتنتج روحاً خفيفة تقترب من الشفافية ، وأحيانا تلامسها .

ومع هذه الروح يصل الرجل منهم الى بحوث من العلم متقدمة لا يرقى اليها قبل سن الأربعين ، فاذا اجتمعت شفافية الروح واكتساب العلم ، فانه يصبح آية الله . والقليل منهم يرتقي لآية الله العظمى ، وباقي القليل يطلق عليهم «فضلاء» ، وكثير منهم يسقط في رياضة النفس ولا يستطيع ان يعاند ويخالف هواه ، وبذلك يبقى في موضعه يدور ولا يرتقي الى العظمى ، بل يبقى استاذاً في الحوزة العلمية.

آية الله العظمى هذا يتبعه مقلدون واتباع يأخذون فقه العبادات والمعاملات من كتاب يوزعه يطلق عليه اسم «الرسالة العملية»، ويدفعون له 20% من مالهم، ويجتهد فيها في موارد لم ترد فيها نصوص. ولا يقترب من الشأن السياسي بل يتركه لأهل السياسة، وهذا تقليد فرضه غياب الامام المعصوم «المهدي المنتظر» الذي غاب عام 329 هـ، ، وينتظر الشيعة ظهوره من بعد غياب. أما السنة فعندهم انه أحد الاشخاص الموجودين على الأرض وقت ان يأذن الله.

هذا السيستاني يعود الى مدرسة تقليدية ابتعدت عن الممارسة اليومية للسياسة ، وظلت تراقب الوضع عن بعد ولا تتدخل . ولكنها عندما ترفع يدها، معترضة على سلوك الحاكم ، فمعنى ذلك ان الأمر قد تجاوز حداً لا يمكن السكوت معه، واذا وجد ان الأمر لا يجدي معه رفع الصوت ، أو ان صوته احياناً يكون غير مسموع ، فيحني رأسه للعاصفة وينكفئ ليحافظ على ما تبقى له من قوة، لذلك فهو يمارس أقسى درجات الضبط في حديثه ، وفي رأيه ، لئلا يفسر كلامه على نحو لا يريده .

ولكنه عندما يتكلم في الشأن العام فانه يتكلم احياناً في عموميات تستطيع ان تجد لها تفاسير مختلفة ليبقي لنفسه منفذاً يخرج منه. هذه الرمادية في القول أنقذت هذه المدرسة من بطش الحكام و تربصهم لأن ينزلوا ضربة قاضية بهم.

هذا السيستاني الذي لا يقبل ان يتم تصويره ، ولا يخرج على الملأ ليخاطب العموم أو كما يسمونهم العوام ، يبقي هذا الغموض صنو حركته، وسكوته صنو حديثه، أعطاه قوة اضافية لم تمنح لأولئك الذين يظهرون ويتحدثون عبر الشاشات الصغيرة.

هذا السيستاني امتنع عن الخروج لعتبة بيته احتجاجاً على المحتل الذي قدم العراق . ورفض ان يلتقي ممثل المحتل حتى لدقائق معدودة عادة ما يلتقي بها زواره ، فأشاع نمطاً جديداً في مفهوم المقاومة وهي المقاومة المدنية التي استعار فيها من المهاتما غاندي ، الذي يعجبه نموذج مقاومته للانكليز في توجيه الشيعة في العراق لمقاومة محتل لم يفهم ثقافة شعب عريق ، اجتمعت فيه كثير من مقومات الحضارة . وقد ظل يكرر على زائريه اسألوا جنود هذا المحتل متى تغادرون ارضنا ؟ في موازنة متعقلة وحكيمة وواعية ، توازن متطلبات مقاومة الاحتلال أو الانزلاق لفوضى اقتتال لا تعرف نهاياته وسط عدم تكافؤ في القوة.

هذا الذي يبدو صامتاً ، تفاجأ ان تم نقل القتال اليه والى مدينته التي يعتبرها الشيعة عاصمتهم الروحية، لوجود زوج فاطمة وابن عم رسول الله في جنباتها ، ووجود انبياء الله آدم و نوح يتقاسمون قبره ، وهود وصالح يجاورونه ، وفيها اكبر مقبرة في العالم يحرص الشيعة على أن يناموا نومتهم الابدية تحت ترابها لينجوا من حساب القبر.

هذه المفاجأة التي داهمت الرجل عند ابواب بيته ، من شاب في مقتبل عمره ، اسمه مقتدى محمد صادق الصدر ، يجاهد لأن يأخذ شكل آية الله، ويعبر كل حلقات الدرس ويختزل زمنها بثورية عنيفة توظف اسم الأب والعائلة والزي الديني ، ومفردات الحوزة الناطقة في مشروع لا تتضح معالمه. ويبدو انه بدون نهايات ، حيث نهاياته مفتوحه لاحتمالات شتى ليس منها بناء الامة أو بناء الوطن. وهذه المفاجأة لم يقرأها السيستاني في تاريخ النجف ، لانها لم تكتب ولم تحصل ، فكيف يتعامل معها؟ وهذا الشاب يدعي انه يأتمر بأمر المرجعية ، ولا يصرح من هي تلك المرجعية . هل هي التي تبعد عنه أمتاراً حيث يجلس ، أو تلك النائية في قم تنظر (كاظم الحائري) ، وهي جالسة على أريكة مريحة ، تعتقد بأنها تملك بعضاً من المفاتيح لأقفال غير موجودة على أبواب من الوهم.

هذا الشاب جاء بلحمه ودمه يطرق باب السيستاني ، يلوذ به في أكتوبر 2003 لينقذ مجموعة من أتباعه أرادت أن تأخذ حرمين في كربلاء ، لهما مثل قدسية حرم النجف وهما حرم الحسين والعباس ولدَي علي بن ابي طالب، لكنه رجع بيد خالية لم تسعفه لأن ينتمي فيها الى هذا الصرح العالي ، يجالس فيه آيات الله، فعاد يجول ويصول ليسمع صوته لبغداد التي أدارت له ظهرها بمجلس حكمها ومحتلها . وظل يقول ويقول، ثم يقول ويضرب ، ثم بدأ يضرب ويضرب الى ان كبر حجمه وامتد جنوباً وجنوباً ، وجاء ثانية في ايار 2004 الى السيستاني شاكراً ، وابناً يريد أن يطيع ما يأمره به أبوه ، فوجد النصيحة تحرمه من صولجان يخطف البصر، ومال يتدفق على أعتابه من الجار والأخ، ورباط خيل لم يعهده من قبل ودفع للمقاومة والجهاد من هذا الجار لموت يٌشترى بورق من الدولار.

ودارت رحى قتال لا يبقي ولا يذر ، بين وزير دفاع يستهويه عرض عضلات خاوية ، ويبدو حازماً وهو يحمل من الحزم اسماً فقط ، وبين مقتدى الصدر، والسيستاني يحزم حقائبه ليصلح شرياناً انغلق في قلبه ، وليس له الا لندن لتفتح له هذا الشريان ، وعين امتلأت بماء أبيض لم يعد يرى بها ، واضطر معها لأن يغادر مدينة النجف التي بدأ فيها الحريق ، مما فتح شهية تأويلات خصبة عن سبب هذا السفر، لم يرقَ أي منها الى كبد الحقيقة التي آلمه ان يسمعها وهو يدخل الى غرفة العمليات. وفتح عينه بعدها يسأل من حوله عن النجف وعن العراق ومتى يستطيع ان يرجع اليها ما دام قد خرج من تلك الغرفة ، وجلس في دارة متواضعة بعيدة عن الانظار والعيون ، يرى عبر شاشة صغيرة لهيب النار تقترب من ذلك الحرم العلوي الذي كان سبب قدومه للعراق . ويطلب من بغداد ان تحترمه وان لا تجتاحه ، وان لا تصبغ أرضه بالدم.

وانتظر اياماً وليالي يبدو من خارج ذلك البيت وكأنه ساكت لا يكترث. وعندما فحصه الطبيب آخر مرة سأله: هل سأعود اليك ثانية ؟ فقال له كلا ، بل ترتاح في بيتك . وعندها قال : اريد الرجوع وفوراً وبدون تردد ، وبقرار كان يقلبه في ليل لا ينام منه الا سويعات قليلة ، ويحسب فيه كيف ينقذ ما يمكن انقاذه . وأراد ان يكون رجوعه صرخة مدوية ، وصوتاً يجمع فيه الفقراء الذين طحنهم موت يومي ، ويوقف زحف الدبابة التي تزأر في شوراع النجف الوديعة، ويقول لعلاوي إن الحل عنده وان الصبر قد نفد.

ولكن يبقى جرح العراق ينزف في أنحاء جسده المتعب، لأن العلاج هو حبوب مهدئة فقط لا تبرئ ولا تشفي.. ويبقى السيستاني سؤالا لم تكتمل الإجابة عنه.

 

* خبير في المرجعية الشيعية

Link to comment
Share on other sites

Archived

This topic is now archived and is closed to further replies.

×
×
  • Create New...