Jump to content
Baghdadee بغدادي

Safaa

Members
  • Posts

    258
  • Joined

  • Last visited

Everything posted by Safaa

  1. حسين كامل انقضّ على البرنامج النووي وصدام قال لجعفر أريد سلاحاً نووياً (3 من 7) الحياة 2005/05/11 سرنا حثيثاً في تطوير الورشة الميكانيكية في موقع التويثة ثم أنشأنا ورشة كبيرة متكاملة ومتطورة في موقع الزعفرانية وعلى بعد خمسة كيلومترات جنوب موقع التويثة أسميناها معمل الربيع. ومع بداية المراحل الأولى من تنفيذ البرنامج إرتأى نائب رئيس اللجنة أن نستند إلى إمكانات منشآت المؤسسة العامة للصناعات الفنية لتنفيذ التصنيع الميكانيكي للقطع الكبيرة وحجته في ذلك أن هذه المنشآت ذات إمكانيات كبيرة ولها مجالات واسعة في استيراد مكائن جديدة ومتخصصة دون جلب انتباه أي راصد لمشتريات العراق على عكس الطاقة الذرية التي إن حاولت شراء مكائن متخصصة ستجلب انتباه الشركات المجهزة وقد تجتهد الأجهزة المخابراتية المعادية في التحقق عن سبب استيراد هذه المكائن وبالتالي تتعرف على برنامجنا النووي الوطني وهذا ما يجب أن نجتنبه. ففاتح رئيس الجمهورية بالأمر فصدرت أوامره إلى المؤسسة العامة للصناعات الفنية بتنفيذ جميع متطلبات الطاقة الذرية في مجال التصنيع الميكانيكي وتطوير ورش منشآت المؤسسة لتفي بهذه الالتزامات كلما تطلب الأمر ذلك. ومع تطور العمل بالبرنامج وتعدد مشاريعه وازدياد عدد منتسبيه كان لابدّ من تطوير العمل التنظيمي والإداري فوضعنا تصورات عدة لأسلوب إعادة التنظيم وعقدنا ندوة موسعة لقياديي البرنامج في منتجع الحبانية حيث سافرنا إلى هناك مع عوائلنا وناقشنا الموضوع وتوصلنا إلى إعادة هيكلة الدائرة بما يمكننا تسميته الآن: هيكلية البرنامج لعام 1987 اقتصر التنظيم الجديد على التشكيلات التالية: - إدارة البرنامج وتضم رئيس الدائرة والمستشار (مؤلفي هذا الكتاب) والسكرتارية. - المجموعة الأولى والتي عرفت لاحقاً بالمختصر (G1) وتضم جميع أنشطة التخصيب على وفق تكنولوجيا التنافذ الغازي. - المجموعة الثانية (G2) وتضم جميع أنشطة التخصيب على وفق تكنولوجيا الفصل الكهرومغناطيسي. - المجموعة الثالثة (G3) وتضم جميع الأنشطة الساندة (تخطيط ومتابعة، المشتريات الخارجية، الإدارة، التصميم الميكانيكي والإلكتروني، التصنيع الميكانيكي، التصنيع الإلكتروني. وفي بدايات عام 1988 صدر قرار بإلغاء لجنة الطاقة الذرية وإعادة تنظيم برامج الطاقة الذرية العراقية ضمن ما عرف باسم منظمة الطاقة الذرية وتم تعيين همام رئيساً لها وجعفر نائباً للرئيس وانتهى بذلك إرتباط اللجنة بنائب رئيس مجلس قيادة الثورة عزت ابراهيم الدوري وغَدَا ارتباط المنظمة بالسكرتير الشخصي لرئيس الجمهورية، كما كانت تسير الأمور من قبل. لم يكن لتغيير التسمية هذه وقع يذكر على سير أمور البرنامج الوطني النووي ولم يكن أكثر من ترقية لهمام وجعفر إلى مستوى وزير ووكيل وزارة، لكن سرعان ما بدأت الأمور تتغير بعدئذ بتأثير من حسين كامل حسن المجيد الذي بدأ نجمه بالصعود السريع منذ اقترانه بابنة الرئيس العراقي رغد صدام حسين عام 1983. وبعد ذلك سيطرته على تنظيم الأمن الخاص (المعني بحماية الرئيس العراقي وتنظيم تحركاته) مع الإشراف على الحرس الجمهوري (الذي تطور ليصبح قوة ضاربة توازي الجيش العراقي لا بل تتفوق عليه بالرعاية والامتيازات والصلاحيات) ثم استولى حسين كامل على جميع فعاليات التصنيع العسكري بما في ذلك تصنيع الأسلحة الكيميائية والبيولوجية (أسلحة الدمار الشامل) وعلى برنامج تطوير الصواريخ لا سيما زيادة مدى فعالية صواريخ سكود من خلال زيادة قدرة النقل على حساب تقليل كتلة شحنة التفجير ولم يبقَ سوى البرنامج النووي ليشبع طموح هذا الشاب الممتلئ حيوية ونشاطاً والرجل الثاني في السلطة بعد صدام حسين والإبن المدلل له. نعمان الفرصة: الذهبية وتمثال الذهب جاءت الفرصة الذهبية لحسين كامل ليثب على البرنامج النووي عندما قرر رئيس منظمة الطاقة الذرية العراقية في مطلع 1987 مع توليه ذلك المنصب أنه آن الأوان للبدء ببرنامج تطوير صنع السلاح النووي لا سيما بعد اقتناعه بأن برنامج تخصيب اليورانيوم اقترب من النجاح فأخذ يفكر بِما سيفعله حين نكون قد أنتجنا كمية من اليورانيوم عالي التخصيب. هل نخزنه ونتباهى بقدرتنا على إنتاجه؟ أم نستغله؟ وفضل استغلاله باتجاه السلاح النووي وهو المبتغى وأيقن أن الحصول عليه سيرفع من مكانته أمام الرئيس العراقي وسيضعه موضع بطل وطني لا سيما أنه كان شاهداً للقاء جمعه وجعفر مع صدام حسين في حين قال صدام لجعفر "لو أنتجت القنبلة النووية سأصنع لك تمثالاً شخصياً من ذهب". فبدأ همام يلح على جعفر أن يبدأ برنامج البحث والتطوير لأنشطة صنع سلاح نووي غير أن جعفر أخبره بأن نشاطاً كبيراً كهذا سيؤخر بالضرورة تقدم العمل في برنامج التخصيب في هذا الوقت الحرج الذي يتطلب الانتقال به من طور التجريب إلى طور الإنتاج.. والانتقال بالغ الحساسية ويحتاج إلى حشد الطاقات العلمية والهندسية وطاقات التصميم والتصنيع وتحتاج أيضاً إلى طاقة إدارة علمية متفرغة لهذا النشاط فتقدم جعفر بمشورته إلى همام واقترح عليه أن يكلف أحد منتسبي مركز البحوث النووية ليقدم له دراسة أولية حول متطلبات برنامج التسلح النووي كما اقترح عليه أن يجري ذلك النشاط في موقع بعيد عن موقع التويثة بحيث يكون محصناً أمنياً وبعيداً عن أنظار الفضوليين والأعداء. فتحدث همام معنا في الموضوع وأخبرناه بقرب انشغالنا في الإشراف على المراحل النهائية من نصب وتشغيل معدات مشروعي موقع الجزيرة قرب الموصل وأولهما مشروع إنتاج مسحوق ثنائي أوكسيد اليورانيوم ذي النقاوة النووية بدءاً بمادة كعكة اليورانيوم غير النقية المنتجة ضمن مجمع القائم للأسمدة الفوسفاتية وثاني المشروعين هو إنتاج رباعي كلوريد اليورانيوم ذي النقاوة العالية لاستخدامه كمادة تغذية في فاصلات التخصيب وفق تكنولوجيا الفصل الكهرومغناطيسي. واقترحنا على همام أن يؤجِّل البدء ببرنامج التسلح لحين اكتمال مشروع نصب الفاصلات الإنتاجية ولحين الحصول على كمية محسوسة من اليورانيوم عالي التخصيب. يبدو أن مقترحينا لم يروقا لهمام التوّاق أبداً للبدء بنشاط التسلح النووي فبعث بمذكرة إلى صدام حسين تتضمن مقترحاً بالبدء ببرنامج التسلح النووي في موقع جديد غير موقع التويثة يكون محصناً أمنياً وخاضعاً للتكتم الشديد وأن تنفذه مجموعة غير مجموعة برنامج التخصيب التي يقودها جعفر واقترح أن يسمى البرنامج الجديد باسم (برنامج الحسين) ولم نعرف إن كانت التسمية تيمناً بالإمام الشهيد الحسين بن علي بن أبي طالب عليه سلام الله. حسين كامل وضربة الحظ وصَلَت المذكرة إلى صدام وأحالها إلى النجم الصاعد والصهر المدلل حسين كامل لإبداء الرأي والمشورة فجاءت إليه كهبة من السماء ورأى في المقترح فرصته الذهبية لركوب قطار البرنامج النووي في أفضل عرباته فاقترح على (عمه) صدام أن تنتقل مجموعة همام المتخصصة ببرنامج الحسين هذا لتعمل بإشرافه المباشر وتحت مظلة جهاز الأمن الخاص الذي يشرف عليه أيضاً وأنه بذلك سيوفر للبرنامج السرية العالية والتحصين الكبير الذي اقترحه همام. وجد صدام رأي نجمه الجديد صائباً فأصدر الأمر بالعمل وفق مقترح حسين كامل الذي لم ينتظر كي يجف حبر الأمر الرئاسي فأبلغ همام هاتفياً وبلهجة الطفل المبتهج أن يرسل إليه مجموعة مشروع الحسين المقترحة في مذكرة همام لتعمل بأمرته. فوقع هذا التبليغ على همام وقع الصاعقة في غير ما كان يأمله وهو المباشرة بهذا البرنامج ضمن أنشطة منظمته (منظمة الطاقة الذرية) وتوجَّس خيفةً مما قد يخبئ له القدر من هذا الإجراء وجاءه أمر صدام مدوناً بعد ساعات قلائل من مكالمة حسين كامل الهاتفية وأصبح واجب التنفيذ فأوامر صدام يجب تنفيذها خلال 24 ساعة وإلاّ فالويل كل الويل لمن يتلكأ لساعة واحدة. وكان همام، حين بدأ يفكر بالبرنامج، قد كلف الدكتور خضر عبد العباس، وهو فيزيائي نظري مغمور قليل النشاط العلمي ومن منتسبي مركز البحوث النووية، أن يُعدَّ له دراسة أولية عن برنامج التسلح النووي فاعتكف خضر في مكتبة التويثة أياماً قلائل وقرأ عدداً من المقالات السطحية حول تصميم السلاح النووي فنقلها نقلاً آلياً ووضعها ضمن دراسة مقتضبة شارحاً لهمام تصميم السلاح النووي الذي لا يزيد عن ما يعلمه القارئ العادي أو ما يكتب في الكتب المنهجية للتدريس الجامعي الأولي في علوم الفيزياء النووية. استدعى همام خضر حمزة إلى مكتبه وطلب منه أن يسمي بعض المنتسبين ممن يستطيعون تقديم العون له لتنفيذ ما ورد في دراسته الأولية فاقترح عليه إسمي الدكتور غازي الشاهري وصالح الخفاجي وعدة أشخاص من الفيزيائيين والمهندسين الشباب. بادر همام حالاً بإرسال كتاب رسمي إلى حامد يوسف حمادي السكرتير الشخصي لصدام بشأن إلحاق مجموعة (مشروع الحسين) بجهاز الأمن الخاص وأرسل نسخة من كتابه إلى حسين كامل الذي طلب منه هاتفياً أن يبعث بهذه المجموعة إليه فوراً وعند التحاق هذه المجموعة بحسين كامل قال حسين لخضر حمزة: من اليوم فصاعداً سيكون اسمك السري محمد حازم ووفر له موقعاً في بناية نقابات العمال التي كان قد استولى عليها وضمها إلى مملكته الجديدة "هيئة التصنيع العسكري" وأخذ يغدق على خضر حمزة أو محمد حازم الهبات وأولها بوضع سيارة وسائق تحت تصرفه فانتشى هذا العالم المغمور زهواً مثل ديك رومي ووجد بوناً شاسعاً بين غرفته المتواضعة في مركز البحوث النووية ومكتبه الجديد الواسع ذي الأثاث الفاخر وعدد من الهواتف مع تخصيص خادم له وسائق يخدم عائلته إضافة لسائقه الشخصي فبدأ يتخيل أنه سيكون حقاً صانع القنبلة النووية لصدام حسين وأنه سيحظى بجوائز التكريم مؤملاً أن جميع أعمال مجموعة جعفر ليست أكثر من تقديم المادة الأولية (اليورانيوم عالي التخصيب) لقنبلته. الاجتماع الحاسم والمفاجأة الهزيلة في صباح يومٍ ممطر من أيام أيلول (سبتمبر) 1987 إتصل حامد يوسف حمادي السكرتير الشخصي لصدام بهمام (رئيس المنظمة) طالباً منه الإعداد لاجتماع عاجل في موقع التويثة برئاسته وحضور المعنيين بشؤون التسلح النووي. فكان له ما أمر، وعقد الاجتماع في قاعة في الطابق العلوي من مكتبة التويثة وترأس الاجتماع حامد وحضره الفريق عامر السعدي ممثلاً شخصياً لحسين كامل وحضر الاجتماع من المنظمة همام وجعفر ونعمان وخالد ابراهيم سعيد (الذي كان يشغل منصب مدير مركز البحوث النووية آنذاك) كما حضر الاجتماع خضر حمزة. طلب حامد حمادي من عامر السعدي أن يعرض على المجتمعين خلاصة لتقرير مجموعة مشروع الحسين (مجموعة خضر حمزة) عن متطلبات برنامج التسلح النووي. فقرأ عامر السعدي بنبرة السخرية أن البرنامج يحتاج إلى تخصيص بليون دولار وإلى تعيين ثلاثمئة عالم من حملة الدكتوراه بتخصصات نادرة للعمل ضمن البرنامج الذي سيستغرق عشر سنوات بعد تأمين هذه المتطلبات لإنجاز البرنامج وتجهيز القنبلة النووية (قنبلة خضر حمزة/محمد حازم صانع قنبلة صدام!). كان خالد ابراهيم سعيد يجلس قبالة عامر السعدي فتبسم ضاحكاً وقال بنبرة التحدي أنا أستطيع أن أنفذ البرنامج بأقل من نصف المدة هذه وبإمكانات مركز البحوث النووية الذاتية ومن دون أي تخصيص إضافي. عندها نظر جعفر إلى همام ونعمان متعجباً بينما ابتسم عامر السعدي بابتسامته المعروف بها وحوّل وجهه نحو حامد يوسف حمادي وقال: "المسألة انتهت... البرنامج عاد إلى المنظمة وننتظر التنفيذ من قبلكم وبما اقترحه خالد ابراهيم سعيد" وانفض الاجتماع المصيري بهذه العجالة بينما كنا معتادين حين مناقشة موضوع بسيط كتصاميم بناية لمشاريع الهندسة الكيميائية كان النقاش يبدأ بعد صلاة المغرب ولا ينتهي إلاّ عند أذان الفجر. استدعى حسين كامل خضر حمزة وأمره أن يغادر فوراً ليلتحق بوظيفته السابقة هو وجماعته في منظمة الطاقة الذرية. فغادر مهرولاً ونسي أن يصطحب معه أوراقه الشخصية ومن بينها نسخة من تقريرٍ كان قد أعده لحسين كامل صبّ فيه جام حقده وغضبه على قياديي المنظمة بدءاً بهمام رئيس المنظمة وانتهاء بظافر سلبي مدير عام إدارة مجموعة البرنامج الوطني النووي (أي مجموعة جعفر) متهماً إياهم باحتكار الامتيازات وتجاهلهم باقي منتسبي المنظمة من أمثاله، علماً أن همام أمر موظفاً إدارياً بعد يومين أو ثلاثة للذهاب إلى مقر نقابات العمال وجلب ما تركته مجموعة خضر حمزة هناك حين غادرت مهرولة إلى موقع التويثة تحت مطرقة حسين كامل. فوقعت نسخة تقرير حمزة إلى حسين كامل بيد رئيس المنظمة واطلع وآخرون على ما تحتويه من تشنيع وافتراءات. جعفر: انتقال المجموعة الأولى إلى خارج المنظمة لم ننتظر طويلاً لنواجه إجراءات حسين كامل المباغتة إلينا فبعد أيام قلائل أصدر صدام أمراً بنقل المجموعة الأولى (G1) بكامل منتسبيها ومشاريعها ومعداتها من المنظمة إلى جهاز الأمن الخاص وبارتباط مباشر بحسين كامل.. غضب رئيس المنظمة همام من هذا التصرف التكتيكي الذي يتناقض مع استراتيجية المنظمة في أسلوب تنفيذ البرنامج النووي الوطني، غير أنني لم أُظهِر أي رد فعل، وعندما أظهر لي نعمان عدم ارتياحه من هذا القرار وتوقعه وصول قرارات أخرى على شاكلة هذا قلت له "نحن نعمل لإنجاح البرنامج ولا يهمنا الارتباط الإداري الذي يقرر لنا، وعلينا التركيز على الجوانب العلمية والفنية والمضي قدماً بمشاريعنا". لم يكن نعمان معتاداً على هدوء أعصاب مثلي ولكنه أيقن أن ليس بمقدور أحد أن يعترض على قرارات صدام فهو الآمر الناهي ومن لا يروق له ذلك فليشرب ما شاء من البحر. جعفر: تأسيس البتروكيمياويات 3 لم يتوقف طموح حسين كامل في السيطرة على البرنامج النووي الوطني عند عتبة استيلائه على إحدى تكنولوجيات ذلك البرنامج بل أخذ يتحين الفرص للاستيلاء على البرنامج بأكمله. وجاءته الفرصة الذهبية مرة أخرى في النصف الثاني من عام 1988 عندما عرض رئيس المنظمة همام عبدالخالق على صدام تقدم العمل في البرنامج النووي الوطني فذكر أن ثمة تأخراً في خطة تجهيز ثلاث ورش تابعة لمنشأة عقبة بن نافع بالمكائن المتخصصة، وأشار في مذكرته إلى وجود عثرات ضمن خطة تنفيذ أبنية ومرافق موقع الطارمية المخصص للمرحلة الإنتاجية من برنامج التخصيب بطريقة الفصل الكهرومغناطيسي علماً أن هذا الموقع تنفذه الشركة الفدرالية للمشاريع المتخصصة (شركة حكومية يوغسلافية) بعقد مع منشأة عقبة بن نافع التابعة لوزارة الصناعة والتصنيع العسكري نيابة عن منظمة الطاقة الذرية. كان طبيعياً أن يحيل صدام حسين هذه المذكرة إلى حسين كامل بصفته وزير الصناعة والتصنيع العسكري وهي الوزارة التي اتهمها رئيس المنظمة بالتقصير. طار صواب حسين كامل حين قرأ المذكرة فهو يعتقد أن وزارته لا تخطئ ولا تتوانى في تنفيذ خططها، فأعاد المذكرة إلى الرئيس العراقي معلقاً: "إذا كانت معظم الفعاليات التصنيعية والإنشائية للمنظمة تتم في وزارتنا وإن كنا نحن سبّبنا التأخير فلماذا لا ينتقل البرنامج النووي الوطني بالكامل إلى وزارتنا كي نحكم سيطرتنا على حُسن تنفيذ فعالياته كلها ولا نكون الجهة الملامة في التأخير والتقصير". اقتنع الرئيس بمنطق حسين وأمر رئيس ديوان الرئاسة أحمد حسين خضير أن يترأس اجتماعاً للطرفين ويتوصل معهم إلى توصية تعرض عليه. وتم عقد هذا الاجتماع في تشرين الأول (اكتوبر) من عام 1988 وحضره من وزارة الصناعة والتصنيع العسكري الوزير نفسه ووكيل الوزارة الأقدم لشؤون التصنيع العسكري عامر السعدي والمدير العام للدائرة الفنية في التصنيع العسكري نزار جمعة قصير العاني والمدير العام لمنشأة عقبة بن نافع أحمد مرتضى أحمد والمدير العام لمنشأة الفاو عبد الفتاح بينما حضره من جانب المنظمة رئيسها همام عبدالخالق وكذلك المدير العام للمجموعة الثالثة المهندس ظافر رشيد سلبي (اضافة لحضوري شخصياً). وبعد أن افتتح الجلسة أحمد حسين خضير بدأ حسين كامل الحديث بانفعال وصوت عال صاباً جام غضبه على رئيس المنظمة همام عبدالخالق متهماً إياه بتعليق إخفاقات برنامجه على شماعة منشآت التصنيع العسكري فغدا الوضع متشنجاً وبدا واضحاً للجميع أن المنظمة قد خسرت في الجولة الأولى ولا تستطيع الصمود أمام حجج حسين كامل ومقترحه الذي بدا منطقياً في معطيات الحدث، وكان رد همام متشنجاً وضعيفاً وهكذا انتهى الاجتماع. قرارات ومراسيم في صباح اليوم التالي اتصل بي حسين كامل هاتفياً وأخبرني بصدور قرار صدام حسين بنقل البرنامج النووي الوطني بجميع مشاريعه ومنتسبيه ومعداته إلى وزارة الصناعة والتصنيع العسكري. وطلب مني بأن يستمر العمل كما هو عليه وأن يكون الارتباط في كل الأمور به شخصياً. وفي مطلع عام 1989 صدر مرسوم جمهوري بتأسيس كيان اسمه مشروع البتروكيماويات 3 وهو اسم وهمي برئاستي وفي الوقت نفسه تم تعييني في منصب وكيل وزارة الصناعة والتصنيع العسكري وأن يرتبط هذا الكيان بالوزير حسين كامل. وقبل أن ننتقل إلى قصة تقدم العمل في البرنامج ليصل إلى ما وصل إليه وما اكتنفه من مصاعب علمية وهندسية وتصنيعية كبيرة تم التغلب عليها واحدة إثر الأخرى بالجهد الخلاق والعمل الجماعي المنظم وبنكران الذات، نجد من الأهمية بمكان أن ندون هنا الجهد الخلاق الذي بذل لتأمين الحصول على التجهيزات اللازمة والحساسة من الأسواق العالمية المتاحة للجميع وما رافق ذلك من عراقيل وإجراءات للتغلب على المحددات الدولية والمراقبة المخابراتية العالمية المشدّدة وكيف تمكنّا من تجاوز هذه المحددات ببراعة لا تقل عن براعة البحث والتطوير والاختراع الذي أنجزناه خلال المسيرة الخلاّقة في تنفيذ البرنامج. لقد تم الحصول على المعدات والمكائن والتجهيزات من الأسواق العالمية بأسلوب التخفي والتمويه ومن خلال أغطية تكنولوجية مموهة وعبر قنوات تجهيز ثلاث هي: - قناة التجهيز من خلال دوائر وأقسام المشتريات في وزارات ودوائر الدولة، مثل الشركة العامة للمشاريع النفطية (سكوب) والمنشأة العامة للصناعات الكهربائية والمنشأة العامة للصناعات الهندسية الثقيلة. - تأسيس أقسام مشتريات وهمية في وزارات معينة تعمل خصيصاً لتجهيزات البرنامج النووي الوطني، لا سيما التجهيزات بالغة الحساسية وشملت هذه الأقسام مديرية الأجهزة الفنية والمديرية العامة للتجهيزات الصناعية وقسم الخدمات الهندسية. - تأسيس شركات وهمية ضمن القطاع الخاص لتتولى تصريف مشتريات البرنامج مثل شركة أحمد رشيد أحمد ومشروع تطوير الوحدات الصناعية وكنا نستعرض حاجتنا للمشتريات الخارجية فإن وجدناها تجهيزات اعتيادية نستوردها عبر قناة مشتريات الطاقة الذرية أما عندما نجد أن جهازاً ما أو معدة محددة متخصصة وقد تجلب الانتباه وتحرك جرس مراقبة الشركات المجهزة أو الأجهزة المخابراتية الدولية المعنية بمراقبة مشتريات العراق كنا ندرس مواصفات المعدة ونجتهد لإيجاد استخدام صناعي غير الاستخدام الحقيقي ضمن برنامجنا وعندئذ نحدد قناة المشتريات التي تتولى استيرادها، وعلى سبيل المثال أردنا استيراد نحو 210 مضخات تفريغ عملاقة من النوع الانتشاري لاستخدامها في إحداث تفريغ وتأمين استقراره بحدود 10-7 ملي تور ضمن وعاء الفاصلة الكهرومغناطيسية الإنتاجية وهو وعاء بحجم (10)متر مكعب لموقع الطارمية ومثلها لاحقاً لموقع الشرقاط. (اجتهدنا بأننا سنستخدم هذه المضخات ضمن مشروع صناعي لفصل حامض الأولييك من الزيوت النباتية.. ولكي نظهر صحة هذا التمويه أعددنا التصميم الأساس والتفصيلي لمنظومة إنتاجية لهذا الحامض وأعددنا برنامجاً تدريبياً نظرياً للمهندسين حول أسلوب تنفيذها ونصبها وتشغيلها كل ذلك كي يكون نقاشهم مع الشركة المجهزة مقنعاً انطلاقاً من مبدأ (الاقتناع قبل الإقناع) وفاتحنا العديد من الشركات المصنعة في دول مختلفة لشراء هذا العدد الكبير من المعدات وسافر مهندسونا المدرَّبون لمفاوضة الشركات المجهزة ووجدوا هناك أن برنامج تدريبهم النظري أعطى ثماره حيث استطاعوا محاورة الشركات المجهزة حول شكوكهم بعدم حاجة المنظومة الإنتاجية (التمويهية) لمضخات بهذه المواصفات وتمكنا من استيراد العشرات من هذه المضخات قبل أن نجابه بحجز 27 مضخة في الولايات المتحدة الأمريكية ومنع الشركة المجهزة (CVC Products Inc.) من بيعها للعراق. وعندئذ حاولنا تصنيع مثل هذه المضخة بأسلوب الهندسة العكسية وتمكنا من تصنيع أنموذج تجريبي واحد. وحين أردنا استيراد زيت الفومبلين لاستخدامه في هذه المضخات وهو زيت يقاوم التعرض لغازات الهالوجينات مثل الكلور أو الفلور أو لمركباتهما وجد مهندسونا الموفدون لمفاوضة الشركات المجهزة صعوبة في إقناع المجهزين بضرورة استخدام هذا الزيت المتخصص جداً لمنظومة إنتاجية بسيطة مثل إنتاج حامض الأولييك فعلق مدير مبيعات إحدى الشركات المجهِّزة قائلاً: (إذا كانت لديكم مبالغ كثيرة لشراء زيت لا تحتاجونه لمنظومة صناعية بسيطة فهذا شأنكم ولابأس لنا من الاستفادة من فائض أموالكم) وعندها التزم مهندسونا الصمت لأن الغاية كانت شراء الزيت وبالكميات الكبيرة المطلوبة. وبأسلوب المشتريات هذا كنا نبذل جهداً ضائعاً كبيراً لجوانب خارج مسلكنا الأساس ولكنها كانت ضرورية ضمن مسلسل الغش والتمويه. غير أننا لم نكن موفقين في جميع مشترياتنا بهذه الطريقة فعندما أرادت المجموعة الرابعة المعنية ببرنامج التسلح النووي شراء أفران متخصصة لتستخدم في مصبوبات فلز اليورانيوم اتصلت عام 1989 بشركة كونسارك (Consarc Corporation, New Jersy, USA ) لشراء فرن من نوع شكل الجمجمة يعمل عند درجات حرارة عالية ولغيره من الأفران فكان المخطط المقرر أن تشترى من فرع الشركة في سكوتلاندا تحت غطاء تمويهي لاستخدامها في صب أطراف صناعية لمعوقي الحرب ولم نتمكن من الحصول عليها إذ تدخّل البيت الأبيض الأمريكي ومنع عملية الشراء في حزيران من عام 1990. وحتى لو لم يحصل هذا المنع فلم يكن بمقدورنا تسلُّمها لأن إجراءات الحصار دخلت حيز التنفيذ بعد ذلك بشهرين إثر غزو صدام لدولة الكويت. =====
  2. إعتقال جعفر والشهرستاني .... وبرزان طلب تصنيع سلاح نووي قبل قصف الاسرائيليين المفاعل (2 من 7) الحياة 2005/05/10 نعمان: والحكاية مستمرة... كنتُ في تلك الأيام السوداء في الجزائر العاصمة أنعم بهدوئها وجوها العذب وطيبة أهلها فلم أتمالك نفسي من شدة الغضب مع أنني لم أكن على بيِّنة من حقيقة البرنامج النووي العراقي المدمَّر، فكل ما سبق أن قرأته عنه في وسائل الإعلام المضلِّلة يروي تهويلات الآلة الحربية الإسرائيلية، لكن عملي السابق في معهد البحوث النووية كان دليل حب لتلك المؤسسة العلمية الرائدة. وأقسمتُ على نفسي أن أعود إلى الوطن وأضع إمكاناتي وحياتي رهناً لخدمة أي برنامج جديد تتبناه لجنة الطاقة الذرية العراقية، ليس حباً ورغبة في وضع مزيد من القوة بأيدي أركان النظام الحاكم، ولكن لقناعتي بأن السبيل الوحيد للتطور العلمي والتكنولوجي للعراق ولأي بلد من بلدان العالم الثالث هو أن يعمل ضمن برنامج طموح ومتطور كالبرامج النووية. جلستُ في أحد مقاهي شارع العربي بن مهيدي في قلب مدينة الجزائر سارحاً في تأملاتي وأنا أرتشف الشاي الأخضر وأتذكر ما كنت قد قرأته عام 1980 في المجلة العلمية البريطانية ذات الطابع العلمي والإعلامي من نداءات العلماء في بريطانيا لإنقاذ كل من الدكتور جعفر ضياء جعفر والدكتور حسين الشهرستاني من إرهاب نظام صدام وهما معتقلان في أحد سجونه، وتذكرت زمالتي الحميمة لهما، لا سيما جعفر فهو من خيرة علماء العراق لما يمتاز به من حب للبحث العلمي وعلم غزير وحصافة في التفكير. وأخذتُ أحدثُ نفسي: - هل يمكن أن أعاود العمل في معهد نووي في بغداد؟! - وهل أستطيع العمل وزميلي جعفر قابع في سجن صدام؟! ولكن صدمة العدوان الإسرائيلي أجابتني بنعم وطردت من مخيلتي كل الهواجس، وقررت العودة الى الوطن فلا شك أنه بحاجة الى خدمتي ويدعوني. وأتوقف الآن عن الكلام فلا بد من الإصغاء إلى محدِّثُكم جعفر فهو أولى مني بوصف معاناته وحكاية اعتقاله في الفصل التالي من هذا الكتاب. جعفر: هكذا أُعتُقِل وهكذا أُعتُقِلت لقد قرأت الكثير من الروايات في الصحف ووسائل الإعلام المختلفة عن قصة اعتقالي للفترة من 17 كانون الثاني (يناير) 1980 وإلى 31 آب (غسطس) 1981 وكثير مما كُتِب لا يمت للحقيقة بصلة. سأنتهز فرصة هذا الكتاب لأروي وقائع تلك الحقبة المظلمة من حياتي أنشرها للمرة الأولى. لقد أثرت تلك الحادثة كثيراً في حياتي الخاصة وحياة عائلتي وعلى توجهاتي العلمية، وأجد لزاماً عليّ أن أذكر الحقيقة كلها من دون رتوش ولا تعليق تاركاً للقارئ الكريم أن يستقرئ منها ما يشاء. تولى همام عبدالخالق إدارة مركز البحوث النووية في عام 1978، فهو عسكري برتبة رائد في الصنف الكيميائي حاصل على شهادة الماجستير في فيزياء المفاعلات من كلية وست فيلد في جامعة لندن. وحيث أنه كان منتمياً لحزب البعث منذ صباه أصبح ضابط الارتباط بين مكتب صدام حسين، نائب رئيس مجلس قيادة الثورة وبين سكرتارية لجنة الطاقة الذرية. خلال عام 1979 كان مقر همام في بناية صغيرة ضمن موقع التويثة وكنت أشاركه المبنى إضافةً إلى مكتبه ومكتب حسين الشهرستاني حيث كنتُ والشهرستاني بمرتبة مستشار بدرجة مدير عام. وكنت أتولى الشؤون الفنية لمشروع 17 تموز (يوليو) مع الجانب الفرنسي بينما كان الشهرستاني يتولى شؤون مشروع 30 تموز مع الجانب الإيطالي. وفي يوم 4 كانون الأول (ديسمبر) 1979 كنت جالساً في غرفة همام نناقش شؤون العمل كعادتنا كل يوم، ورن جرس الهاتف فردّ همام على المتكلم وفهمتُ من فحوى الحديث والوجوم الذي أصابه أن أمراً غير حميد ينتظرنا. وحال إغلاقه الهاتف طلب مني أن أذهب وأجلس في غرفة الشهرستاني وخرج مسرعاً ثم عاد بعد فترة قصيرة مصطحباً معه خالد ابراهيم سعيد وشاركانا الجلوس في الغرفة. وفجأة دخل إلينا النقيب جار الله حاجم وهو ضابط الأمن العام المقيم في التويثة ومسؤولٌ أمنيٌ عن شؤون الطاقة الذرية. وبعد أن أدى التحية العسكرية طلب متجهماً من حسين الشهرستاني أن يرافقه إلى خارج المبنى ما يعني أنه معتقل. كان وقع كلامه علينا كالصاعقة، ولكن بدا لي أن همام وخالد كانا على علم بالأمر فلم تكن مفاجأتهما بالحدث كمفاجأتي والشهرستاني. ونظرت من شباك الغرفة لأرى زميلي جالساً بين عنصري أمن في المقعد الخلفي من سيارة تحمل رقماً مدنياً انطلقت بهم مسرعة خارج موقع التويثة. وكانت تلك آخر مرة أرى فيها الشهرستاني ولغاية كتابة هذه السطور. انزعجت كثيراً لاعتقال زميلي في العمل وأخذت أسرح بتفكيري بمصيره ومصير برنامجنا الذي كان أملنا وطموحنا كبيرين لإنجازه واستغلاله في البحث العلمي. ولا بد لي من إلقاء الضوء على ظروف العراق في تلك الفترة فلقد سبق في أوائل ذلك العام أن حدثت ثورة في إيران وأطيح بنظام الشاه وخلفه حكم رجال الدين بقيادة آية الله الخميني ولم يُخفوا منذ اليوم الأول لاستلامهم الحكم تطلعاتهم لتصدير الثورة الإسلامية الشيعية إلى العراق حيث يسكنه عدد كبير من المسلمين الشيعة. وطبيعي أن لا يروق للبعثيين ذلك بعد أن استولوا على حكم العراق قبل إحدى عشرة سنة وبعد أن وطدوا نظام حكمهم العلماني. ولم يكن لصدام حسين أي تحمل للمعارضة مهما قلّت قدرتها فاقتنع أن حزب الدعوة الشيعي يعمل في العراق بتنسيق مع نظام خميني وبناءً عليه قرر أن يقضي على تنظيمه ويجتثه من جذوره خوفاً من أن يثير ذلك الحزب حرباً أهلية أو يستولي على الحكم بانقلاب مماثل لما فعله عندما أسهم بانقلاب 1968 ضد حكم عبدالرحمن عارف. كان حسين الشهرستاني متمسكاً بشعائر الطائفة الشيعية ومتديناً فلا بد أن يكون ذلك قد جعله تحت الشبهة في انتمائه لحزب الدعوة أو على أقل تقدير دعمه لذلك الحزب. مع أنني أستبعد ذلك تماماً ولم أسمع منه أبداً ما يثير الشك في ذلك. غير أنني لمست من همام أنه كان يساوره ظن بأن حسين الشهرستاني ينتمي إلى ذلك الحزب وقد يكون أحد أقطاب قيادته لما يتمتع به من إمكانات علمية ولما يحمله من شهادة عليا ولكونه متزوجاً من كنَدية مسلمة متزمتة. واعتقدت بأن اعتقال الشهرستاني لا بد من أن يكون قد حظي بموافقة صدام كون الأمن العام مرتبطاً بمكتبه مباشرة وكونه مسؤولاً عن برامج الطاقة الذرية ويعرف جميع قياديي الطاقة الذرية العراقية. كما اعتقدت أن الأمن العام لا يجرؤ على اعتقال مدير عام في لجنة الطاقة الذرية من دون الاستحصال على إذن من صدام حسين شخصياً. وبدأتُ أتحدث مع زملائي همام وخالد ورحيم وظافر عن هذا الحدث في الأيام التي أعقبت اعتقاله، لا سيما أثناء تناولنا وجبة الغداء سويةً. وكنت لا أخفي قلقي عليه واعتقادي بخطورة مثل هذا السلوك وأثره السلبي على المنتسبين وبالتالي على برامج لجنة الطاقة الذرية. غير أنني لم أجد منهم أي تعاطف مع آرائي وكانوا يقابلون حديثي بصمت. رأيتُ أن من واجبي زيارة عائلته للاطمئنان عليها وللتخفيف من روعها وقلقها فاتصلت هاتفياً بالسيدة برنيز زوجة الشهرستاني ولم أكن قد التقيت بها من قبل، ورتبت زيارة صباح اليوم التالي إلى دارها، وحين طرقت الباب لم تفتح هي الباب كما كنتُ أتوقع بل فتحه رجلان بملابس مدنية شاهرين مسدسيهما في وجهي وطلبا مني أن أطلعهم على هويتي وقاداني وسائقي عمران إلى داخل الدار الذي لم أجد فيه غيرهما ووجدت الكتب والأوراق مبعثرة على أرضية الدار. ذهب أحدهما إلى جهاز الهاتف واتصل بجهة أجهلها وبدأ يسرد المعلومات عن هويتي وهوية سائقي ثم أقفل الهاتف... وبعد صمت دام لبضع دقائق حسبتها دهراً رنّ جرس الهاتف ولم أسمع من المجيب غير الاستجابة بنعم سيدي... نعم سيدي... وعندها أعاد كل من الشخصين سلاحيهما إلى أغلفتهما المرتبطة بأحزمتهما وقال أحدهما لي: يمكنك المغادرة الآن، فأجبته بأنني باقٍ هنا لحين مجيء صاحبة المنزل. وبعد دقائق فقط دخلت زوجة الشهرستاني مع طفليها ودُهِشَت لوجود الغرباء في منزلها ثم ذُعِرَت لحالة موجودات المنزل وكأن سارقاً قد عاث بمحتوياته مفتشاً عن شيء مخبأ هنا أو هناك. والحق أقول أنني وجدت زوجة زميلي تتصرف بحشمة وكبرياء. وعندما غادر ضابطا الأمن العام المنزل من دون أن يأخذا معهما أي شيء من محتويات المنزل أيقنتُ أنهما لم يعثرا على ضالتهما من وثائق تثبت الجرم المتهم به زميلي. هدأتُ من روع السيدة وقلتُ لها طالما أن رجلي الأمن لم يعثرا على وثيقة إدانة فلا بد من أن يبرأ زوجها ويعود إلى عائلته سالماً إن شاء الله. ولم أكن أعرف حينئذ أن نظام الحكم لا يحتاج إلى أدلة ثبوتية لتجريم من يعتقد النظام أنه ليس على وئام معه. وبعد أربعة أيام فقط من اختفاء زميلي الشهرستاني في أقبية الأمن العام تجرأت فبعثت برسالة إلى صدام ذاته راجياً الإفراج عن الشهرستاني وموضحاً أن اختفاءَه سيؤثر سلباً في برامج الطاقة الذرية العراقية. وفي تلك الأيام كانت زوجتي البريطانية فيليس تُعالج في لندن من مرضٍ ألمّ بها في بغداد فقررت أن أرسل ولدي صادق (14 سنة) وأمين (13 سنة) للدراسة في مدرسة داخلية في (كلية سيفورد) البريطانية وهي الكلية ذاتها التي سبق أن أكملت دراستي الثانوية فيها قبل عقدين من الزمن. ودّعت ولدي قبل عيد الميلاد المجيد على أمل أن يحضرا احتفال زوجتي بعيد ميلادها في 26 كانون الأول وليتمكنا بعد ذلك من الالتحاق بالكلية مطلع العام 1980. وبقيت لوحدي في داري بصحبة مدير الدار أبو داؤد وزوجته أم داؤد وهما الرفيقان الوفيان لعائلتي لسنين خلت. لم أحصل على جواب لرسالتي إلى صدام حسين فبدأت أتحدث متذمراً مع زملائي في العمل همام وخالد ورحيم عبد الكُتَل موضحاً أن هذه الأساليب لن تخدم برامج اللجنة... ولم أكتفِ بهذا القدر من الحديث بل بعثت برسالة ثانية إلى صدام في مطلع العام 1980. المفاجأة القاسية جاءني الجواب بأسلوب غير ما كنت آمل، ففي يوم الخميس 16 كانون الثاني (يناير) من عام 1980 اتصَلَت بي سكرتيرة نائب رئيس لجنة الطاقة الذرية العراقية لتبلغني أن أبقى في موقعي بعد انتهاء الدوام الرسمي ليجتمع بي الدكتور عبدالرزاق الهاشمي في مكتبه في موقع التويثة، وحين ذهبت إلى غرفته وجدت عنده رجلاً من المخابرات العامة طلب مني مصاحبته لبضع دقائق، وهو أسلوب المخابرات في اعتقال من يقرروا اعتقاله. وفعلاً أخذني بسيارته إلى مبنى حاكمية المخابرات في شارع النضال وسط بغداد قرب القصر الأبيض الذي كان داراً لضيافة زوار العراق الكبار منذ العهد الملكي. دخلت مبنى الحاكمية الكئيب (وهو بناية محورة من كنيس يهودي سابق) فأعطوني ملابس النوم وفراشاً وقادوني إلى غرفة صغيرة خالية من النوافذ ومنافذ التهوية... افترشت الأرض بجوار أربعة محتجزين آخرين. وبعد تناولنا وجبة العشاء المقرفة بدأ كل منا يحدث الآخرين عن قصة احتجازه فأباح إثنان منهما بعدم معرفتهما بتاتاً بتهمة اعتقالهما، والإثنان الآخران كانا يشكان بسبب اعتقالهما، فأحدهما كان الحلاق الخاص لصدام، يظن أنه تأخر عن موعد دوامه الصباحي لبضع دقائق فكانت تلك جريمة لا تُغتفر إذ كيف سيحلق صدام ذقنه قبل تناوله وجبة الإفطار الصباحي فهو معتاد أن يغسل وجهه ويحلق ذقنه ويصبغ شعره قبل مجيء سكرتيره الشخصي كي يراه في أبهى صورة. وأخبرني الزملاء الجدد أنه لم يتم التحقيق معهم منذ اعتقالهم ولم يخضعوا لأي نوع من التعذيب فجاء كلامهم مريحاً لي لأنني كنت أمقت أي قدر من التعذيب أو الإساءة من أزلام المخابرات المشهورين بلا أخلاقيتهم. بدأت الأيام في المعتقل تطول فلا خبر يصلني من أهلي أو من زملائي ولا أجد غير النزلاء يُستبدلون دائماً فهذا يخرج وذاك يأتي فتتكرر القصص ونسمع أخبار الشارع من الوافدين الجدد. ولم ألحظ في ذلك الوقت أي حادثة تعذيب ولا أي أثر للتعذيب على أي من زملاء المعتقل وتوالت الأيام. وبعد مضي شهرين على اعتقالي تم نقلي إلى غرفة لوحدي مساحتها 3×4 متر مربع ذات شباك مطل على الممر ومحكم بقضبان حديد سميكة، وتحتوي على سرير وخزانة للملابس ومنضدة عليها مجموعة من الأوراق البيضاء مع بعض الأقلام وملحوظة تقول إن باستطاعتك الكتابة لمن ترغب ومتى ترغب. كانت هذه الحال نقلة كبيرة في حياتي الرتيبة في هذا المعتقل الذي لا علم لي لماذا كنت فيه وما هو الذنب الذي اقترفته. وكان بمقدوري الاتصال هاتفياً بأخي يحيى في بغداد مرة واحدة كل أسبوعين وتحسن نوع الأكل فكان يأتيني من المطاعم المجاورة وغالبيته عبارة عن لحم مشوي وكباب. وفي يوم من أيام حزيران (يونيو) 1980 نُقِلنا جميعاً إلى مبنى الحاكمية الجديد في شارع 52 قرب دائرة السفر والجنسية فأُودعت في غرفة جديدة مطلة على باحة المعتقل. وبعد أيام قلائل جاء مدير المعتقل النقيب وضاح الشيخ إليّ واصطحبني بسيارته لمواجهة مدير جهاز المخابرات برزان ابراهيم حسن التكريتي - الأخ غير الشقيق لصدام حسين - وحين دخلت غرفته وجدت نائب رئيس لجنة الطاقة الذرية العراقية الدكتور عبدالرزاق الهاشمي جالساً قرب مكتب برزان. حاورني برزان: كيف حالك؟ - لا بأس. هل تعرضتَ لاساءة؟ - لم أتعرض لاساءة في المعاملة ولكنني أجهل سبب اعتقالي. نحن حريصون فقط على سلامتك ونخشى عليك من الأذى. - ولكن صحتي البدنية والنفسية تردّت بسبب اعتقالي من غير سبب. لا بأس عليك... سآمر بنقلك إلى بيت مريح في بغداد وستجد فيه ما يخفف عنك. - أفضل العودة إلى داري. إن الرئيس يريد منك أن تعمل على إنتاج سلاح نووي للعراق. - ولكنني باحث فيزيائي ولا تجربة لي في هذا المجال. إنه واثق أنّ بمقدورك العمل بهذا التكليف. - (لم أجب). وبعد أيام قلائل تم نقلي إلى دار فسيحة في منطقة المسبح الراقية قرب نهر دجلة، احتوت على جهازي تلفزيون وتلفون وحديقة واسعة ووجدت خمسة حراس في الدار لمراقبتي بقيادة عبدالغني مدحي فيصل الدوري وكان الطباخ وليد مهدي من مدينة الموصل بينما كان حسن صالح وجميل عيّاش وشويش حسين من منطقة محافظة صلاح الدين ومركزها تكريت. وبعد أيام من انتقالي إلى هذه الدار زارني مانع عبد رشيد مدير أمن جهاز المخابرات حيث جلب لي بعضاً من ملابسي وعدداً من الكتب من مكتبة الطاقة الذرية في التويثة. وساعدتني أحوالي الجديدة على دراسة الكتب بدءاً بالكتاب الموسوم "الوصف النظري لفصل النظائر وتطبيقاتها لإنتاج كميات كبيرة من اليورانيوم 235 لمؤلفه كارل كوهين، فتوليت اشتقاق جميع العلاقات الرياضية المذكورة في هذا الكتاب والذي منحني فهماً معمقاً للمبادئ الأساسية لهذا العلم كما دونت قائمة بالأخطاء المطبعية في الكتاب لا لسبب إلاّ لاستغلال الوقت الرتيب الطويل. وأخبرني حراسي بأن زميلي حسين الشهرستاني موجود في دار ثانية قريبة من داري هذه غير أنهم لم يخبروني عن أحواله أي شيء. وعند قدوم شهر أيلول (سبتمبر) من عام 1980 احتدم نظام صدام مع الجارة المسلمة إيران بحرب ضروس فكنت أسمع صوت قاذفات القنابل واصوات المدافع المضادة للطائرات من غرفتي وأشاهد مآسي الحرب على شاشة التلفزيون وألحظ أغاني تمجيد صدام لأفكاره وشجاعته النادرة كما يحلو للشعراء "الغاوين" أن ينعتوه بها ليل نهار. استمرت حالي على هذه الشاكلة، وكان يزورني بين الحين والآخر مانع عبد رشيد، وذات مرة زارني وبصحبته عبدالرزاق الهاشمي فأغاظتني رؤيته وجعلته يشعر بأنه غير مرحب به في معتقلي هذا إذ كنت على قناعة أن له "الدور" الأكبر في اعتقالي، وليس باستطاعة غيره أن يخبر صدام بأن أحاديثي لا تنم عن حبي للنظام. ولقد أبلغت زائري مدير أمن جهاز المخابرات أكثر من مرة بأنني غير مستعد للعمل مرة أخرى مع لجنة الطاقة الذرية العراقية طالما بقي عبدالرزاق الهاشمي أحد مسؤوليها. واستطعت خلال مكوثي في هذه الدار من ممارسة بعض الحركات الرياضية المحدودة تحت مراقبة الحراس وإحكام اقفال الأبواب المؤدية إلى خارج الدار. ضربة غادرة وإصرار على البناء خلال وجودي في المعتقل في 7 حزيران (يونيو)1981 علمتُ بنبأ العدوان الإسرائيلي على مفاعل تموز-1 القريب إلى قلبي حيث عملت جاهداً على وضع مواصفاته. وكنت قبل اعتقالي أتطلع لاكتماله وأعد العدة وأضع الخطط لبحوث علمية تستند إلى إمكاناته، والآن جاءت آلة العدوان الإسرائيلية لتحيله إلى حطام وتقضي على كل آمالي وتطلعاتي العلمية، فآليت على نفسي أن أُجَنِّد كل خبرتي لبرنامج بديل يعيد إلى العراق آماله وتطلعاته لمستقبل يرفد فيه الحضارة الإنسانية بعطاء أبنائه الغيارى ويعيد أمجاد تاريخه الذي يمتد إلى آلاف السنين. في صيف ذلك العام توفي العالم الفيزيائي العراقي الدكتور سلمان رشيد سلمان اللامي في جنيف بمرض غامض يؤشر علاقة الموساد جهاز المخابرات الإسرائيلي المتمرس بالأعمال الدنيئة والمعروف بحقده الكبير لكل إشعاعة علمية وحضارية تبزغ في أرض العرب. وكنتُ قبل اعتقالي قد أسهمتُ في إيفاد المرحوم الدكتور سلمان اللامي إلى جنيف ليطلع على البرامج التصميمية لجهاز كهرومغناطيسي يمكننا تصميمه وتصنيعه محلياً بهدف استغلاله للحصول على بضع غرامات من النظائر المستقرة لعدد من فلزات الأتربة النادرة (المعروفة أيضاً باسم عناصر اللانثانات) لاستخدامها في تجارب لدراسة مستويات الطاقة لانحلال هذه النظائر بعد تشعيعها في مــفاعل تموز-1 وهي دراسات علمية ذات أهمية أكاديمية كبيرة في مجال الفيزياء النووية. وبعد أسابيع قليلة من هذه الأخبار المحزنة وتحديداً في مطلع أيلول (سبتمبر) من العام نفسه جاءني مانع عبد رشيد فأخذني بسيارته إلى القصر الجمهوري حيث كان برزان التكريتي بانتظاري في مكتب السكرتير الشخصي لصدام حسين. ولم ننتظر سوى دقائق قليلة حتى أدخلنا المقدم صباح مرزا محمود كبير مرافقي صدام آنذاك إلى غرفة الرئيس العراقي (السابق) فوجدته جالساً خلف مكتبه الفخم فنهض وصافحني وطلب مني ومن برزان أن نجلس على كرسيين أمام مكتبه وبعد تناولنا عصير البرتقال الطازج وقدح الشاي العراقي بادر صدام بالقول أنه مهتم بسلامتي (ولم أكن أتوقع أكثر من ذلك) إذ ليس من طبيعته أن يعتذر عن قرارٍ سبق أن اتخذه بحقي أو بحق أي شخص آخر. ثم تحدث بمرارة عن الاعتداء الإسرائيلي على مفاعل تموز-1 وقال: "كيف يجوز لإسرائيل أن تمتلك السلاح النووي ولا يحق للعرب أن يمتلكوا برنامجاً للأبحاث النووية ذات الطابع العلمي والسلمي الصرف" ثم قال: "لا بدّ لنا من أن نبني بسواعد وعقول العراقيين برنامجاً نووياً بديلاً - ولا بدّ من امتلاكنا للسلاح النووي ليكون رادعاً لاعتداءات إسرائيل واعتداءات من يحمي دولة إسرائيل ويقدم لها الدعم والإسناد المتواصل"، ثم ختم حديثه بالقول: "علينا أن نعمل منذ اليوم لامتلاك ناصية التكنولوجيا النووية". ثم وجّه كلامه لبرزان: "إمنح هذا الرجل كل ما يطلبه من أجل العراق ومستقبل العراق" فلم أشأ إلاّ أن أقول: "سأحاول ما بوسعي يا سيدي القائد". وفي اليوم ذاته أطلق سراحي فعدت إلى بيتي واحتفلتُ مع عائلة أخي يحيى. وبعد يومين أو ثلاثة عدت إلى عملي بدرجة مستشار وعضو متفرغ في لجنة الطاقة الذرية، وشعرتُ بالراحة حين علمتُ بأن عبدالرزاق الهاشمي قد غادر هذه المؤسسة وأصبح وزيراً للتعليم العالي وتذكرت ما قاله لي برزان قبيل دخولنا مكتب الرئيس من أنه (أي برزان) لم يكن مرتاحاً لتصرفات عبدالرزاق الهاشمي وأنه غير مقتنع بكفاءته كعالم عراقي من المستوى الرفيع كما كان يحاول أن يوحي للآخرين. نعمان : بداية فورية وخط أحمر كان أمر صدام في لقائه مع جعفر واضحاً جداً وهو البدء الفوري ببرنامج بديل للبرنامج السابق الذي توقف وانتهى بالعدوان الإسرائيلي. غير أن أمره تضمن خطاً أحمر لا ينبغي تجاوزه هو ألا نستعين في برنامجنا الجديد بأية جهة أجنبية. وبمعنى آخر علينا تنفيذه بالجهد الوطني الخالص وأن نحرص على شراء الأجهزة والمعدات والمواد من الأسواق المفتوحة للجميع وفي حالة عدم تمكننا من ذلك علينا تصنيعها محلياً. وعلى رغم هذه الشروط المحددة انطلقت لجنة الطاقة الذرية العراقية لتنفيذ الأمر فطلبت من جعفر أن يتقدم بمقترحه وكان جاهزاً لذلك فلقد أمضى فترة طويلة في المعتقل أتاحت له فرصة التفكير في جميع الخيارات، فتقدم بخيارين اثنين: أولهما: يستند إلى إنتاج البلوتونيوم 239 بكميات تُقدر بالكيلو غرامات بغية استخدامه كمادة انشطارية للسلاح النووي وهذا يستوجب بناء مفاعل نووي بقدرة نحو 20 ميكاواط يستخدم اليورانيوم الطبيعي وقوداً والماء الثقيل مهدئاً أو يستخدم اليورانيوم المخصب لدرجة واطئة LEU وقوداً والماء الاعتيادي مهدئاً. ثانيهما: يستند إلى إنتاج كميات تُقدر بالكيلو غرامات من عنصر اليورانيوم المخصب بدرجة عالية أي يحتوي على نسبة من اليورانيوم 235 تصل إلى 93 في المئة أو ما يزيد على ذلك (وهو ما يسمى اختصاراً HEU) بغية استخدامه مادة انشطارية للسلاح النووي. وواضح أن أياً من هذين المسارين يوفر المادة الانشطارية الأساسية للسلاح النووي. وبعد مناقشة مستفيضة قررت لجنة الطاقة الذرية تبني خيار تخصيب اليورانيوم وعدم التفكير بخيار إنتاج البلوتونيوم لكونه ليس فقط يحتاج إلى جهد بحثي وتصميمي وتصنيعي كبير، ولكنه أيضاً يستوجب بناءه في مساحة كبيرة نسبياً تصلح لإنشاء مفاعل نووي وسيكون الموقع في هذه الحال عرضة للكشف من أجهزة التجسس النائية التي يمتلكها العدو الإسرائيلي وقد يكون هذا الموقع هدفاً مكشوفاً لعدوان جديد. جعفر: الإجراء الأول حال استلامنا قيادة البرنامج طلبنا من همام التعجيل بدعوة نعمان للعمل بمعيتنا ويتولى الإشراف على الجوانب الكيماوية للبرنامج لما يتمتع به من كفاءة علمية وقدرة إدارية وخلق رفيع وإخلاص للعمل فوعد همام ببذل قصارى جهده لإقناع نعمان بالالتحاق بهذا البرنامج الوطني والطلب من رئيس الجمهورية تعيينه بمنصب مستشار بدرجة مدير عام. واستناداً إلى قرار اتخذه صدام حسين عام 1974 عندما كان نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة بأن يكون رئيس اللجنة هو ذاته نائب رئيس مجلس قيادة الثورة أصبح رئيس اللجنة حكماً هو عزت ابراهيم الدوري الذي أصبح نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة منذ تموز 1979 عندما اعتلى صدام حسين جميع المناصب الأولى الرسمية والحزبية. غير أن عزت ابراهيم الدوري لم يكن يهتم ببرامج الطاقة الذرية العراقية سواء الاعتيادية منها أو تلك المتفرعة من البرنامج النووي الوطني. وكان نائب رئيس اللجنة يعلمه بتطورات البرنامج أولاً بأول غير أن المتابعة الحثيثة والقرارات الأساسية كانت تصدر من صدام حسين ومن خلال سكرتيره الشخصي حامد يوسف حمادي. ولا بدّ من قول الحقيقة هنا أن صدام كان يستمع باهتمام كبير عند لقائه بنائب رئيس اللجنة وأحياناً بأعضاء آخرين وحتى إن لم يكن ليعلق على تقدم العمل فقد كان يجعل المجتمعين به على قناعة كبيرة من إدراكه لكل ما عرض عليه إذ كان يأمر أثناء اللقاء به أن ينفذ هذا الإجراء أو ذاك أو كان يؤجل إصدار القرار إلى يوم آخر، أما عزت ابراهيم فكان يلجأ إلى تغيير موضوع الحديث عندما يصبح علمياً أو تكنولوجياً ليتحدث بمواضيع أخرى مثل تجربته في إدارة الحزب أو آرائه الدينية أو تجربته في قيادة شؤون الزراعة في العراق وذات مرة عندما عرضت عليه الموافقة على مشروع بكلفة أربعة ملايين دولار بالعملة الصعبة قال ألا تخجلون من عرض أمر تافه كهذا علينا؟ فنحن دفعنا مبلغاً مقداره عشرة ملايين دولار لكل مدفع بعيد المدى. بعد عودتنا وفي الأسبوع الأول من عملنا التقينا بزملائنا الدكاترة... وقبلهم تعرفنا الى الدكتور همام عبد الخالق نائب رئيس اللجنة ذي الخلق الرفيع والسريرة الطيبة والمقدرة الإدارية الممتازة والابتسامة المخلصة. ففي أول لقاء بيننا قال لنا همام "عليك أن لا تفكر بأي إيفاد خارج العراق كما كنت تحصل عليه في الجامعة فنحن في الطاقة نتحفظ على إيفاد منتسبينا إلى خارج العراق ولا سيما ذوي المناصب العليا" فتقبلنا ذلك على مضض وعللنا النفس بمتعة إنجاز البرنامج تفوق فوائد جميع الإيفادات. =====
  3. هكذا بنينا «مفاعل تموز-1» وهكذا دمره الاسرائيليون واغتالوا علماءنا في أوروبا ( 1 من 7) الحياة 2005/05/9 رأينا أن من واجبنا تسجيل الحقيقة كما نعرفها ولا سيما في مجال التسلح النووي فقد كنا على مدى تسعة أعوام نطوي الليل بالنهار مع مجموعة طيبة من العلماء والمهندسين والفنيين العراقيين نسعى لإنجاح برنامج نووي عراقي بجهد وطني خالص ثم قضينا أربعة عشر عاماً أخرى نتصارع مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية (وهي واجهة من تنظيمات الأمم المتحدة أوكل إليها أن تكون شرطي مراقبة للبرامج النووية التي تضطلع بها الدول التي وقَعت على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية لتتحقق من عدم سعي تلك الدول لامتلاك السلاح النووي ولكي يبقى هذا السلاح حكراً على الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن) ولقد سعينا جاهدين لإثبات عدم امتلاك العراق لسلاح نووي قبل عام 1991 ولنوضِّح للوكالة الدولية حقيقة البرنامج النووي العراقي السابق ونؤكد بالأدلة الدامغة عدم إعادة النشاط لهذا البرنامج مطلقاً بعد عام 1998 ولكن الوكالة أبت أن تتقبل الحقيقة إرضاءً لضغوط الجبروت الأميركي وعلى رغم توصلها للحقيقة إلاّ أنها لم تعلن ذلك صراحة لمجلس الأمن الدولي الذي استمر في عناده وعدم رفعه للحصار الجائر الذي ضربه على الشعب العراقي إثر غزو صدام للكويت إذ كان مجلس الأمن قد وضع في أعقاب حرب 1991 شروطاً قاسيةً لرفع الحصار ضمن قراره المرقم 687 (لسنة 1991) ومنها ضرورة اقتناع المجلس بأن العراق قد نزع أسلحة الدمار الشامل وتخلى عن جميع برامجه في ذلك المجال... واشترط أن تتولى الوكالة الدولية للطاقة الذرية واللجنة الخاصة (الأونسكوم) التي شكلها المجلس بموجب هذا القرار الإعلان صراحةً عن إغلاق ملفات أسلحة الدمار الشامل العراقية... وبذلك وضع المجلس مصير الشعب العراقي كله بيد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية ويد الرئيس التنفيذي للأونسكوم. عشنا والمعنيون ببرامج أسلحة الدمار الشامل السابقة مرارة علاقتنا مع الوكالة الدولية والأونسكوم إذ كانت هذه العلاقة غير متكافئة، فالمفتشون الدوليون كانوا يتمتعون بالإسناد التام من مجلس الأمن في حين وقع المعنيون في الجانب العراقي بين مطرقة المفتشين وعنجهيتهم وأساليبهم الاستخباراتية والسادية وبين سندان قسوة النظام العراقي الذي لم يكن ليغفر أية زلة مهما صغرت من أيّ مواطن من أبناء العراق المنكوبين. أما نحن والحقيقة فقد بلغنا قمة عطائنا في فترة الثمانينات إبان عملنا ضمن البرنامج النووي وعشنا مرارة فترة التسعينات حيث شهدنا تدمير ما بنته سواعدنا وعقولنا من صرح علمي جبار، لكننا كنا قبل ذلك قد شاركنا مع غيرنا في بناء منظمة الطاقة الذرية العراقية منذ التحاقنا بها في أواسط ستينات القرن العشرين. نعمان: بدايتي مع العلوم النووية شاركت في الفترة من شباط (فبراير) إلى آذار (مارس) من عام 1958 بدورة تدريبية في الجوانب النظرية والتطبيقية للاستخدامات السلمية للطاقة الذرية في معهد تدريب العلميين من العراق وإيران وتركيا وباكستان (وهي الدول الأعضاء في حلف بغداد) وهو معهد أنشأته في بغداد مؤسسة هارول لأبحاث الطاقة الذرية البريطانية (هدية من الحكومة البريطانية باعتبارها عضواً في حلف بغداد) يديره منتسبون من المؤسسة البريطانية ذاتها، وتولى ترشيحي لهذه الدورة التدريبية البروفسور وولي رئيس قسم الفيزياء في كلية العلوم في جامعة بغداد آنذاك، إذ كنت قد عُيِّنتُ فيها مدرساً معيداً بعد عودتي من انكلترا صيف عام 1957 وحصولي على شهادة البكالوريوس بدرجة شرف في الكيمياء من جامعة ريدنك. وكان البروفسور وولي يسعى من وراء اشتراكي في هذه الدورة أن أعمل لاحقاً ضمن مشروع يخطط لتنفيذه مستقبلاً في العراق لتعيين أعمار اللقى الأثرية (بطريقة قياس نظير الكاربون 14) في هذه المنطقة من العالم والتي تمتلك امتداداً عظيماً لستة آلاف سنة ويزيد. وكان يُخطَّط للمشروع أن يعمل بالتعاون مع المتحف البريطاني العريق في لندن. وجاءت هذه الدورة لتعرفني بالعلوم النووية التطبيقية فربطتها بما كنت قد درسته من هذه العلوم نظرياً في مرحلة البكالوريوس فأحببت هذه العلوم وقررت إكمال دراستي في هذه المجالات فالتحقت بجامعة أوكسفورد في انكلترا في تـــشرين الأول (اكتوبر) من عام 1960 وحصلت على شهادة الدكتوراه في آذار (مارس) من عام 1964 بعد بحث دام ثلاث سنوات ضمن حقل استخدام النظائر المشعة في دراسات الكيمياء اللاعضوية وتحديداً في موضوع ظاهرة التعاظم في الاستخلاص السائلي للنظائر، وعدت بعدها إلى العراق فعملتُ مدرساً في كلية علوم الموصل التي كانت ملحقة آنذاك بجامعة بغداد. جعفر: أريد أن أصنع قنبلة ذرية في عام 1956 افتتح الملك فيصل الثاني معهد تدريب حلف بغداد على الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية بحضور رئيس مؤسسة هارول لأبحاث الطاقة الذرية البريطانية، العالم الفيزيائي جون دوغلاس كوكروفت الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء لعام 1951. وفي مساء يوم افتتاح المعهد المذكور، أقام والدي (الدكتور ضياء جعفر - وزير الإعمار العراقي آنذاك) دعوة عشاء في دارنا على شرف العالم البريطاني وكان عمري في وقتها ثلاث عشرة سنة. وبعد أن سلمتُ على المدعوين قدمني والدي إلى الضيف العالم البريطاني فسألني مداعباً: - ماذا تريد أن تفعل عندما تكبر يا جعفر؟ فأجبته ببراءة الصبيان بما يناسب اختصاصه: - أريد أن أصنع قنبلة ذرية. كان جواباً عفوياً من صبي لم يعلم من الذرة غير ما سمعه عن اختصاص الضيف السائل وكون خبر القنبلة الذرية في ذلك الوقت قد شغل الأسماع. سكت العالم البريطاني برهةً لهذا الجواب وقطب حاجبيه ناظراً إليّ باستغراب فلم يجد تعليقاً مناسباً على ما قلته فتشاغل بالتعرف على المدعوين من الضيوف. في عام 1956 أرسلني والدي لإكمال دراستي الثانوية في بريطانيا ثم انتقلت إلى جامعة برمنغهام لدراسة الفيزياء وأكملتها في عام 1962 بدرجة شرف ثم واصلت دراستي في الجامعة نفسها في موضوع الفيزياء النووية وحصلت على شهادة الدكتوراه عام 1965 وعُينت بعدها زميلاً باحثاً في الجامعة وأجريت بحوثي في فيزياء الطاقة العالية وموضوع الدقائق الأساسية للمادة باستخدام المعجل في برمنغهام وكذلك في مختبرات رذرفورد قرب أوكسفورد ثم عدت إلى بغداد في أواخر عام 1966. حُسن اللقاء.. وكلمات تعريفية لا بد منها تكونت بين المؤلفَين زمالة علمية وصداقة حميمة على رغم كونهما متباينين في مستوى ثراء عائلتيهما، فوالد جعفر كان وزيراً في وزارات عدة للفترة 1947-1958، وهو أول مهندس عراقي يحمل شهادة الدكتوراه في الهندسة الميكانيكية حيث كان قد أتم دراسته الأولية والعليا في جامعة برمنغهام البريطانية وحصل على الدكتوراه من الجامعة ذاتها عام 1936، أما نعمان فيتحدر من أسرة ذات تاريخ ديني، وكان لجده تكية دينية وهو سيد حسيني من آل النعيم المعروفين بنسبهم وشعائرهم الدينية. جعفر: والحكاية مستمرة... نعود إلى بداية عقد السبعينات لنلقي نظرة على وضع العراق السياسي والاقتصادي بهدف التعرف على أثر ذلك على برامج لجنة الطاقة الذرية المستقبلية. يمتلك العراق ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم وكان نفطه ينتج وتسوقه شركة نفط العراق IPC التي تمتلكها بحصص متساوية كل من حكومات الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا وهولندا فضلاً عن حصة 5 في المئة تمتلكها مؤسسة كولبنكيان. وكانت هذه الشركة تسوق نفط العراق المنتج من حقول الشمال بما في ذلك حقل كركوك، وقد ساءت العلاقة بين حكومة العراق وإدارة الشركة بعد ثورة 14 تموز 1958 فأوقفت الشركة جميع نشاطات الاستكشاف عن حقول جديدة التي تفضي إلى زيادة الإنتاج وتسويق كميات إضافية من النفط وهو ما كانت تطمح إليه حكومة العراق بغية زيادة إيراداتها إذ كانت أحوج ما تكون إليها لتنمية البلاد. وفي ضوء تلكؤ الشركة في الاستجابة لمطالب العراق أصدرت الحكومة في عام 1960 القانون رقم 80 الذي لم يبق لشركة نفط العراق سوى 0.5 في المئة من مساحة الامتياز في أرض العراق، مما يعني منحها حق العمل في الحقول التي كانت منتجة للنفط آنذاك فقط، ومنحت شركة النفط الوطنية امتياز استغلال جميع ما تبقى من الأراضي العراقية ولم يرق ذلك لشركة نفط العراق فزادت من عدم تعاونها مع حكومات العراق المتعاقبة. ولحين حزيران من عام 1972 حين أعلنت حكومة البعث تأميم حصص شركة نفط العراق على أمل ازدياد عائدات العراق من 50 في المئة إلى 100 في المئة من صافي أرباح التسويق. فدخلت الحكومة في أول مجابهة لها مع كارتل شركات النفط العالمية وتوقف تصدير النفط العراقي مما أدى إلى انخفاض الإيرادات من العملة الصعبة فعاش أهل العراق أزمة اقتصادية خانقة طالت جميع شرائح المجتمع بما في ذلك الجامعات ومراكز البحث العلمي ولجنة الطاقة الذرية. وفي آذار من عام 1973 أُعلن نجاح التأميم وعاود العراق تصدير نفطه ثم بدأ الاقتصاد بالتحسن والانتعاش التدريجي.. وفي أعقاب حرب تحرير سيناء في خريف عام 1973 واستخدام سلاح النفط في الصراع العربي - الصهيوني ارتفعت أسعار النفط عالمياً وازدادت عائدات العراق زيادة كبيرة شأنها في ذلك شأن الدول الأخرى المصدرة للنفط. ومن المفيد هنا قبل المضي قدماً بالحديث عن انعكاسات السياسة الداخلية على برامج الطاقة الذرية أن ننظر إلى السياسة الجغرافية في المنطقة آنذاك، إذ كان شاه إيران يتمتع بدعم غير محدود من الغرب وكان يتصرف بمثابة شرطي منطقة الخليج فأراد أن يجعل من إيران قوة إقليمية يحسب لها الحساب وتبنى مشاريع طموحة من بينها التخطيط لإنشاء محطات لتوليد الطاقة الكهربائية باستخدام المفاعلات النووية وتقضي الخطة أن تصل قدرة الكهرباء المنتجة من المحطات النووية إلى 20 ألف ميغاواط سنوياً بحلول عام 2000. ولترجمة أهمية هذه الخطة أصدر الأوامر بأن يكون رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بمستوى نائب رئيس وزراء. فتعاقدت إيران مع شركة KWU الألمانية لبناء محطتين نوويتين لتوليد الطاقة قدرة كل منها 1200 ميغاواط وهي (بوشهر1 وبوشهر2 ( وتعاقدت مع شركة Framatome الفرنسية لإنشاء محطتين نوويتين أخريين بقدرة 900 ميغاواط لكل منهما. وفي الجانب الغربي من العراق كانت إسرائيل تتصرف كقوة إقليمية تتفوق في قدراتها العسكرية على جميع الدول العربية، فلقد أنشأت إسرائيل بمعونة فرنسية في أواخر الخمسينات وأوائل الستينات من القرن الماضي مفاعلاً نووياً يستخدم اليورانيوم الطبيعي في منطقة ديمونا. إذ تم تزويد إسرائيل أيضاً بمنظومة معالجة الوقود المستنفد لاستخلاص البلوتونيوم منه بهدف استخدامه لتصنيع سلاح نووي. ولم يعد سراً امتلاك اسرائيل كميات من البلوتونيوم تكفي لصنع مئات من القنابل النووية التي تعتمد البلوتونيوم مادة انشطارية. في ظل هذه الأجواء الإقليمية وفي وقت توافرت فيه للحكومة العراقية مبالغ طائلة من العملة الصعبة من إيرادات النفط فضلاً عن تصاعد نجم صدام حسين عربياً ودولياً، بدأ رجل حزب البعث العراقي القوي في محاولة جعل العراق قوة إقليمية تقف نداً لند مع قوتي إيران وإسرائيل وقادرة على تصدير فكر البعث إلى الدول العربية، فاتجهت طموحات القوة لديه إلى الطاقة الذرية فأعاد تشكيل لجنة الطاقة الذرية في عام 1974 ليكون رئيسها نائب رئيس مجلس قيادة الثورة (وهو منصب صدام ذاته) لكي تضم أعضاء متفرغين لا يشترط أن يمثلوا وزارات محددة. وكلف ثلاثة من أعضاء اللجنة وهم د.خالد ابراهيم سعيد ود.همام عبدالخالق ود.ميسر الملاح بإعداد استراتيجية جديدة لعمل اللجنة فتقدموا ببرنامج يستند إلى علوم وتكنولوجيا دورة الوقود النووي من خلال تأسيس مشاريع بأسلوب "المفتاح الجاهز" ويسبق ذلك إنشاء منظومات بحثية متطورة مستوردة للنهوض بمستوى الكادر الوطني في هذه المجالات. وتبنى البرنامج رئيسُ اللجنة وهو صدام حسين ذاته وصدرت الأوامر إلى أعضاء اللجنة للمحافظة على سرية المعلومات التي بحوزتهم وسرية مشاريع اللجنة. وبهذا التنظيم الجديد دَخَلتْ الطاقة الذرية العراقية مرحلة جديدة إذ انتقلت من البحث العلمي في العلوم الأساسية إلى تنفيذ مشاريع كبيرة ذات أهداف استراتيجية. وكنتُ في هذه الفترة أقضي أياماً هادئة في جنيف أجري بحوثاً علمية ضمن الحافات المتقدمة في علم الفيزياء النووية وبدأت تصلني مكالمات هاتفية من زملائي القدامى في مركز البحوث النووية تحثني على العودة لرفد مسيرة الطاقة الذرية في العراق غير أنني لم أكترث كثيراً بها، ولكن في يوم ما طلب قنصل العراق العام في جنيف نبيل نجم التكريتي لقاءً وأبلغني تحية صدام حسين ورغبته في عودتي إلى العراق فجاءت هذه الدعوة من جهة عليا في وقت كانت تراودني فكرة العودة لتمكن ولدينا صادق (وعمره 9 سنوات) وأمين (وعمره 8 سنوات) من دراسة اللغة العربية والتشرب بتراث أمة آبائهم وأجدادهم. انتهزت لجنة الطاقة الذرية العراقية فرصة تنظيمها للمؤتمر الدولي الأول للجنة في بغداد في نيسان (ابريل) 1975 ودَعتني لإلقاء إحدى محاضرتَي افتتاح المؤتمر في موضوع التطورات الحديثة في فيزياء دقائق المادة الأساسية، ويلقي محاضرة الافتتاح الأخرى العالم الفيزيائي الشهير عبدالسلام (الباكستاني المولد والبريطاني الجنسية) تتناول محاولات إيجاد نظرية توحد بين مفاهيم القوى الأساسية الأربع في الكون وهي قوة الجاذبية والقوة النووية الضعيفة والقوة النووية القوية والقوة الكهرومغناطيسية علماً أن هذا العالم الجليل حاز على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1979 تقديراً لجهوده في توحيد القوة النووية الضعيفة والكهرومغناطيسية. عدت إلى بغداد مع أفراد عائلتي فاشتركت في المؤتمر وبعد ذلك أعيد تعييني رئيساً للباحثين العلميين في لجنة الطاقة الذرية. وعلى رغم هذا التغيير الكبير في حياتي حيث انتقلتُ من الأجواء العلمية المتطورة في جنيف ومن متعة الحياة الهادئة إلى عمل شاق تعتريه عقبات كثيرة وإلى حياة بغداد الحبيبة والمليئة بالمطبات ولكن... بلادي وإن جارت علي عزيزةٌ وقومي وإن ضنوا عليّ كرامُ لم تكن لطموحات صدام حدود ففي كانون الأول (ديسمبر) من عام 1974 رأس وفداً حكومياً كبيراً إلى باريس بدعوة من رئيس وزراء فرنسا آنذاك جاك شيراك فتمثلت لجنة الطاقة الذرية ضمن هذا الوفد بثلاثة أشخاص هم الدكتور همام عبدالخالق والدكتور خالد ابراهيم سعيد والمهندس أحمد بشير النائب (رئيس المؤسسة العامة للكهرباء) وطلبت هذه المجموعة من لجنة الطاقة الذرية الفرنسية CEA تزويد العراق بمفاعل نووي للقدرة الكهربائية من النوع المبرّد بالغاز والمهدأ بالغرافيت، غير أن الجانب الفرنسي اعتذر عن ذلك بحجة أن فرنسا قد تخلت عن إنتاج هذا الصنف من المفاعلات واستعاضت عنه بمفاعلات من صنف مفاعل مبرد بالماء الخفيف المضغوط PWR. واتفق الجانبان على قيام فرنسا بتزويد العراق بمفاعلات نووية للأبحاث وأخرى لإنتاج القدرة الكهربائية. تمخضت زيارة صدام إلى فرنسا عن توقيع عقد شراكة تجارية دامت حتى عام 1990 فتولت فرنسا تصدير طائرات ميراج المقاتلة لتعزيز إمكانات القوة الجوية العراقية كما أنشأت مؤسسة لإنتاج العدد الإلكترونية ومكونات الرادار التي تم بناؤها في منطقة الدور قرب تكريت وكذلك أنشأت مجمع الحديد والصلب في منطقة خور الزبير قرب البصرة وغير ذلك من المشاريع الكبيرة. وتم في 18 تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 1976 توقيع العراق عقداً بمبلغ 450 مليون دولار مع تجمع من الشركات الفرنسية وبموافقة لجنة الطاقة الذرية الفرنسية CEA لبناء مشروع 17 تموز المتكون من مفاعل تموز-1 وهو من نوع حوض سباحة مخصص لفحص المواد MTR بقدرة 40 ميغاواط حراري ومولد فيضاً من النيوترونات الحرارية (...) وهو مفاعل يستخدم لبحوث الفيزياء النووية وفيزياء الحالة الصلبة ولفحص المواد (بما في ذلك الوقود النووي) المستخدمة في تصنيع أجزاء محطات الطاقة النووية. ويمكن استخدام هذا المفاعل لإنتاج النظائر المشعة علماً أن الوقود المستخدم لتشغيل هذا المفاعل هو من نوع سبيكة اليورانيوم والألومنيوم ويحتوي على يورانيوم بتخصيب 93 في المئة. ويتضمن مشروع 17 تموز أيضاً بناء مفاعل تموز-2 وهو مفاعل ذو قدرة 500 كيلو واط حراري فقط وينتج فيضاً نيوترونياً حرارياً (...) ويستخدم كنموذج نيوتروني لمفاعل تموز-1 ولتعيير قضبان السيطرة وتوزع الفيض النيوتروني ويستخدم أيضاً لدراسة تأثير التجارب في المفاعل على فاعليته. ثمة شبه كبير بين مفاعلي تموز-1 وتموز-2 من جهة، وبين مفاعلي أوزيريس وآيزيز الفرنسيين والمستخدمين في ساكلي قرب باريس منذ عام 1966. وقد يفسر هذا التشابه سبب تسمية مفاعل تموز-1 في وسائل الإعلام الدولية باسم مفاعل أوزيراك (وهي كلمة منحوته من كلمتين OSIRIS و RAK) والفوارق بين مفاعل أوزيريس وتموز-1 هو أن قدرة الأول 70 ميغاواط حراري بينما قدرة الثاني 40 ميغاواط حراري وأن مفاعل تموز-1 يحتوي على قنوات أفقية لاستخراج النيوترونات، ويتضمن خزاناً للماء الثقيل بسعة 700 ليتر ذا مصدر نيوتروني ساخن وآخر بارداً يستخدم للتجارب الفيزيائية. كما يحتوي المــفاعل على أنابيب نقل مسارات النيوترونات الباردة إلى منطقة تحت الأرض لإجراء تجارب فيزيائية متخصصة. وتضمن مشروع 17 تموز مختبراً لفحص المواد سمّي (لاما) وقد خُصِّصَ لإجراء فحوصات إتلافية ولا إتلافية على المواد قبل وبعد تشعيعها في مفاعل تموز-1، وتضمن المشروع ورشة اختصاص لتجميع وفحص التجارب التي ستجرى في قلب المفاعل كما احتوى على محطة سميت RWTS مخصصة لمعالجة النفايات السائلة ذات النشاط الإشعاعي الواطئ والمتوسط والناتجة ضمن حلقة تبريد المفاعل وكذلك لمعالجة نفايات أخرى تنتج عن تشغيل وإجراء التجارب في مجمع 17 تموز. وقمنا مع زملائنا بدور كبير في المناقشات الفنية مع الجانب الفرنسي لتحديد المواصفات الفنية التفصيلية للعقد وتولى حميد يونس (المدير العام للدائرة القانونية بوزارة التخطيط) إجراء المفاوضات ذات الجوانب القانونية التجارية مع الجانب الفرنسي، وهو خبير في قوانين العقود ويتمتع بذكاء حاد وخبرة واسعة من خلال المفاوضات التجارية لمعظم العقود التي وقعها العراق مع شركات عالمية لمشاريع متعددة. وتوطدت الصداقة والاحترام المتبادل بيننا أثناء مشاركتنا في التفاوض مع الجانب الفرنسي. وثمة اتفاقية أخرى تم توقيعها في 13 كانون الثاني من عام 1976 بين لجنتَي الطاقة الذرية العراقية والإيطالية CNEN للتعاون المشترك في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية وكنتيجة لهذه الاتفاقية تم توقيع عقد مع شركة سنيا تكنت الإيطالية وبموافقة CNEN لبناء مختبر صغير لأبحاث الراديوكيمياء يستخدم لاستنباط مخطط سير العمليات لاستخلاص مقادير بمستوى الغرامات من عنصر البلوتونيوم من أعمدة وقود تشعع لهذا الغرض وثمة عقد آخر تم توقيعه مع الشركة ذاتها بكلفة 250 مليون دولار أميركي لبناء مشروع سمي مشروع 30 تموز يتكون من مختبر لتصنيع وقود لمفاعلات إنتاج الطاقة من نوع PWR ويتضمن قاعة تكنولوجية لبحوث الهندسة الكيماوية ومختبر فحص المواد وورشة ميكانيكية صغيرة وأخرى كهربائية ومختبراً لإنتاج النظائر المشعة وعُدد التشخيص الطبية. وبالتوافق مع هذه المشاريع كانت وزارة الصناعة والمعادن قد وقعت عقداً خلال 1975- 1976 مع شركة سيبترا البلجيكية Sebetra لاستغلال الفوسفات من منجم عكاشات لإنتاج الأسمدة الفوسفاتية وأن العمليات تسير عبر إنتاج حامض الفوسفوريك فطلبت لجنة الطاقة الذرية من وزارة الصناعة التعاقد لإنشاء وحدة معالجة حامض الفوسفوريك لاستخلاص اليورانيوم منه قبل استغلال الحامض لإنتاج الأسمدة الفوسفاتية محققة بذلك توصية نعمان في عام 1972، والمذكورة آنفاً بذات الموضوع. وتم فعلاً إنشاء هذه الوحدة ضمن مجمع القائم من شركة مبشم البلجيكية Mebshem وهي وحدة مصممة لإنتاج 103 اطنان من اليورانيوم سنوياً أي 146 طناً من مادة ثنائي يورانات الأمونيوم ADU المعروفة باسم (الكعكة الصفراء) واكتملت الوحدة عام 1984 وتم تشغيلها لغاية حرب 1991 عندما دمرتها قنابل الجيوش المتحالفة ضد العراق وأنتجت طيلة تلك الفترة ما مجموعه 109 اطنان يورانيوم (أي 169 طن من الكعكة الصفراء) وسبب نقصان الإنتاج هو تشغيل الوحدة بما معدله 214 يوماً في السنة بدلاً من 317 يوماً وبسبب كون النسبة الواقعية لليورانيوم في حامض الفوسفوريك كانت ثلثي النسبة المحسوبة في التصميم وبسبب معالجة 50 في المئة من إجمالي حامض الفوسفوريك لهذا الغرض إضافة إلى أن كفاءة استخلاص اليورانيوم كانت 93 في المئة من الكفاءة المحسوبة في التصميم. كان مشروع 17 تموز يسير سيراً حثيثاً حتى تبنت اسرائيل عمليات لتخريب المشروع. ففي 7 نيسان (ابريل) 1979 كان قلب المفاعل جاهزاً للشحن إلى بغداد من ميناء سين سورمير (الفرنسي) قرب مدينة تولون (على البحر المتوسط) حين اخترق سبعة عملاء لمخابرات اسرائيل باب المخزن العائد لشركة CNIM (إحدى الشركات المتقاولة لتنفيذ المشروع) وفتشوا عن هدفهم ثم وضعوا فيه المتفجرات بهدف تحطيمه لغرض القضاء على المشروع غير أن تقويم الأضرار أثبت أنها لم تكن كبيرة فأُصلحت ولم تؤثر الحادثة سوى في تأخير اكتمال المشروع لأسبوع واحد فقط. أخذت الأحداث السياسية تتسارع وتتغير في العراق حيث قرر الرئيس العراقي أحمد حسن البكر التنحي عن سلطاته الحزبية والرسمية وأعلن ذلك في احتفالات 17 تموز من عام 1979 بحجة مرضه وكبر سنه فقفز صدام حسين إلى كرسي الحكم وتولى منصب رئيس مجلس قيادة الثورة والقائد العام للقوات المسلحة ومنصب الأمين العام للقيادة القطرية لحزب البعث إضافة إلى منصب رئيس الجمهورية. ولم تمضِ على تسلمه مقاليد السلطة سوى أيام قلائل حتى اعتقل أكثر من عشرين رجلاً من كبار قياديي الحزب والدولة بتهمة مؤامرة الإطاحة به. وبعد محاكمة صورية سريعة تم إعدام 19 منهم رمياً بالرصاص وتولى أعضاء في الحزب تنفيذ الحكم لتتوزع مسؤولية إعدامهم على أكبر مجموعة من الحزبيين وكان من بين المعتقلين السيد حميد يونس المشاور القانوني الذي سبق أن أسهم في التفاوض على عدد كبير من عقود المشاريع المهمة مع الشركات الأجنبية. صعَّدت إسرائيل، بإسناد الإعلام العالمي المسيّر من المؤسسات الصهيونية، من حملة افتراءاتها وهجومها على مشروع 17 تموز وعلى مفاعل تموز-1 قيد الإنشاء مدّعيةً أن المفاعل سيستغل لإنتاج البلوتونيوم لأغراض التسلح النووي، وهي ذات الصفة التي تنطبق على مفاعل ديمونا، وحيث أن إسرائيل تتبنى شعار "حلال عليها... حرام على غيرها" استمرت في غيّها وارتكب عملاء الموساد أولى جرائمهم البشعة بحق العاملين بالبرنامج النووي العراقي حين اقتحموا غرفة المهندس النووي المصري الدكتور يحيى المشد في فندق ميريديان بباريس حيث كان في فرنـسا لتفحص بعض التفاصيل الفنية لمشروع مفاعل تموز-1 وساعدتهم في غدرهم مومس فرنسية تعمل لحسابهم فاغتالوا المرحوم المشد في غرفته مساء يوم 13 حزيران (يونيو) من عام 1980. وكي لا يتركوا أثراً لجريمتهم قتلوا المومس الفرنسية بعد يومين بدهسها بسيارة مسرعة عندما كانت تتسكع في أحد شوارع باريس. وعندما لم تجد إسرائيل من يقول لها افاً زادت من غيِّها ففجرت في 7 آب (أغسطس) 1980 أربع قنابل: اثنتان منها في مقر شركة سنياتكنت الإيطالية في روما وثالثة في دار مدير فرع الشركة في ميلانو بإيطاليا والرابعة في بيت خبير فرنسي متخصص بالمفاعلات النووية في باريس فأصابته وزوجته بجروح بليغة. وفي 13 كانون الأول من عام 1980 اغتالت في باريس المهندس المدني الاستشاري العراقي الأستاذ عبدالرحمن رسول. وفي 9 حزيران من عام 1981 توفي الفيزيائي العراقي الدكتور سلمان رشيد سلمان اللامي في جنيف في ظروف غامضة. =====
  4. الإعتراف الأخير... قصة البرنامج النووي العراقي يرويها المسؤولان عن انشائه وتطويره نشرت "الحياة" سبعة حلقات من كتاب جديد للمسؤولين الأبرزين في البرنامج النووي العراقي في عهد الرئيس المخلوع صدام حسين، وكتاب "الاعتراف الأخير" الذي كتبه جعفر ضياء جعفر و نعمان النعيمي سيصدر قريباً عن "مركز دراسات الوحدة العربية" في بيروت في اواخر الشهر الجاري http://www.daralhayat.com/special/05-2005/...5aec/story.html (part 1) http://www.daralhayat.com/special/05-2005/...d1f3/story.html (part 2) http://www.daralhayat.com/special/05-2005/...7021/story.html (part 3) http://www.daralhayat.com/special/05-2005/...31ea/story.html (part 4) http://www.daralhayat.com/special/05-2005/...5414/story.html (part 5) http://www.daralhayat.com/special/05-2005/...ca1c/story.html (part 6) http://www.daralhayat.com/special/05-2005/...457c/story.html (part 7) الإعتراف الأخير... قصة البرنامج النووي العراقي يرويها المسؤولان عن انشائه وتطويره نشرت "الحياة" سبعة حلقات من كتاب جديد للمسؤولين الأبرزين في البرنامج النووي العراقي في عهد الرئيس المخلوع صدام حسين، وكتاب "الاعتراف الأخير" الذي كتبه جعفر ضياء جعفر و نعمان النعيمي سيصدر قريباً عن "مركز دراسات الوحدة العربية" في بيروت في اواخر الشهر الجاري.
  5. محاضرة متميزة للدكتور محمد الشنقيطي حول الخلاف بين السنة والشيعة وامكانية التواصل او القطيعة ، ضمن عدة محاضرات
  6. اقتراحات لفتره المائه يوم المهندس صفاء الحكيم اذار 2011 مرفقه في ادناه بعض المقترحات التي اجدها ضروريه التنفيذ ضمن سقف المائه يوم الاولى والتي الزمت الحكومه نفسها بها. ربما تجدون فيها الكثير من النقاط غير الجوهريه ولكنها تنطلق من فهم خاص تعلمناه وعايشناه في المهجر. فمن اول مستلزمات الحكومات الديمقراطيه هو الحرص على حيازه ثقه المواطن التي عاده ما تتمثل بما يحتك به من دوائر . فمن مراجعات رسميه الى طرق المنافسه في التعيين الى تعقيد في الاجرائات كل ذلك يوصل المواطن الى ما يستشفه من قناعه بفساد الحكومه من خلال عدم ثقته بها او عدم احترامها له او لوقته. لذا فان الكثير من هذه النقاط ادناه لاتشمل المعالجه الحقيقه التي بالتاكيد تتطلب وقتا اطول بكثير من المائه يوم ولكنها تحاول تقليل الفجوه بين الحكومه والمواطن من خلال اجرائات صادمه بينما تعمل الاجرائات الاخرى على تنفيذ الاصلاحات الجذريه لائحه ببعض الاجرائات العمليه الممكن تحقيقها خلال المئه يوم الاولى من عمر الوزاره المالكيه الثانيه وذلك من خلال قيام الحكومه بالزام نفسها بها بالاعلان عنها ثم محاسبه الوزارات المعنيه على تنفيذها. اقدمها كمقترحات محاوله مني للمساهمه في مساعده الحكومه لتحديد افضل الخدمات الممكن تقديمها للمواطن بخصوص علاقته بدوائر الدوله و التي اجد فيها واحد من اهم نقاط الاحتقان والانتقاد اولا:تحسين طريقه التعامل الحكومي اختيار اسوء عشر دوائر حكوميه من حيث معدل مده انتظار استلام ملفات المراجعين وذلك بتوسيع عدد نوافذ استلام المعاملات بما يضمن مده استلام لاتزيد عن ما معدله خمسه عشر دقيقه. على ان يتم التحول الى بقيه الدوائر الاخرى ضمن سقف زمني مناسب من اجل تقليص فتره الانتظار في كافه دوائر الدوله الى ما لايزيد عن سقف الخمسه عشر دقيقه. اهم مايوفره المقترح هو القضاء على الابتزاز و تقليل معاناه المراجع, صاحب الحق الاول اصدار التعليمات وتنفيذها ضمن سقف المائه يوم بان تكون قاعه المراجعيين لاي دائره حكوميه بمستوى خدمات غرفه مدير الدائره من ناحيه النظافه و الراحه والمرافق العامه وتخصيص المبالغ اللازمه لها من ميزانيه صيانه هذه الدوائر كـأسبقيه البدء بتنفيذ فتح مراكز النافذه المركزيه الواحده في كل منطقه ولغايه مستوى المحله او الناحيه, تكون مهمه المركز مساعده من يرغب من المراجعين وذلك باستلام و ضمان تعقيب المعاملات لدى كافه الدوائر بوصل رسمي دون الحاجه الى مراجعه الدائره المعنيه و خلال فتره لا تتجاوز سقف محدد تاسيس دائره لحمايه مصالح المواطنين في رئاسه الوزراء ترتبط بها دوائر مشابهه في كافه المؤسسات والوزارات مهمتها استلام المقترحات و مراجعه شكاوي المواطنين بما يتعلق بتاخر تمشيه المعاملات والاعتراض على الاجرائات الحكوميه و شبهات الرشوه على ان تكون بمتابعه مباشره من قبل الوزراء المعنيين من خلال تشكيل فرق متابعه سريه ترفع تقارير عن مستوى اداء الدوائر في مجال التعامل مع المراجعيين والتحقق من صحه الشكاوي واعطاء ذلك اهميه خاصه. على ان يرافق ذلك حمله اعلاميه وطنيه لحث المواطن على التقدم بشكواه من خلال صناديق خاصه تعد لهذا الغرض فقط يكون التعيين على الوظائف الحكوميه مما تتطلب شهاده جامعيه من خلال مركز رئيسي به فروع في كل محافظه وعلى مستوى القضاء بما يشبه دائره التعيين المركزي يقوم بترشيح المؤهلين حسب تسلسل سنه التخرج و درجه التخرج دون الرجوع الى المقابله الشخصيه , على الاقل في الفتره القادمه. اما التعيين على الوظائف الحكوميه مما لاتتطلب شهاده جامعيه فيكون الترشيح على اقدميه التقدم الى لائحه المركز وبتسلسل معلن وشفاف.اي انه لايحق للدوائر تعيين الموظفين الجدد الا من خلال المركز الرئيسي على ان يعلن المركز اسماء المرشحين وتسلسلهم بشكل شفاف وعلى الانترنت كي يعرف كل متقدم تسلسله واحقيته. يمكن دراسه تقديم معونه شهريه على شكل قرض لكل منتسب الى الائحه لحين تعيينه ثانيا: انجازات معاشيه اعلان سنه 2011 سنه اعفاء ضريبي من كافه انواع الضرائب. الهدف من ذلك تنشيط القطاع الخاص وحركه السوق العقاري بما يخدم توفير فرص افضل للمستثمرين الصغار غير المشمولين بقوانين الاستثمار بما يخدم تقليل مستوى الاسعار كما يعطي فرصه للحكومه كي ترى جدوى العمل بالضريبه من خلال حساب الفرق بين المنافع و الكلف من اجل الوصول الى اسلوب ضريبي امثل للعمل به في العراق الذي يعتمد في ميزانيته بصوره اساسيه على الواردات النفطيه والتي لاتمثل فيها الضرائب سوى عائدا هامشيا مقارنه بما يسببه من ضرر على الافراد و الهياكل الاقتصاديه ربط الاجور بارتفاع مستوى المعيشه بحيث تكون زياده الراتب والحد الادنى للاجور متناسبه مع الارتفاع السنوي وحسب ما تقرره وزاره التخطيط تنفيذ مشروع الكهربه الدائمه لمراكز المحافظات من خلال عزلها عن الشبكات الوطنيه وتغذيتها بمولدات مركزيه موسميه مناسبه يتم التعاقد حولها مع القطاع الخاص بما يوفر خدمه دائمه خلال فتره ذروه الصيف والشتاء على تتولى الكهرياء الوطنيه مهمه تغذيه الاطراف وحسب المتوفر. اهم ما يحققه ذلك هو تنشيط الحياه الاقتصاديه في المراكز بما يوفر حياه طبيعيه للمحافظات وبما يوفره من بدائل للناس من ناحيه الخدمات وخصوصا في فتره الاحمال القصوى ثالثا: انجازات معنويه تحديد مراكز حريه تعبير محميه ومخدومه من قبل الحكومه المركزيه في جميع المحافظات, يضمن فيها لكافه الناس حريه التظاهر و التعبير في ايام العطل من دون الحاجه الى موافقات مسبقه. الهدف منها هو اطلاق العنان لفتح قنوات التعبير عن كافه انواع الاحتقان الشعبي في جو صحي بما يخدم المواطن والحكومات المركزيه والمحليه فتح باب التسجيل على امتلاك قطعه ارض مجانيه لكل عراقي ممن بلغ سن الثامن عشر ضمن تسلسل معلن وشفاف وعلى ان تقوم الدوله بالعمل على توفير هذه القطع وتوزيعها حسب المتوفر في مناطق التولد و بتسلسل يضمن الاسبقيه من خلال ضوابط واضحه مثل عدد الاطفال والدخل يتم الاعلان عن اسماء مستلمي منحه المعونه الاجتماعيه وفي كل منطقه لغرض تشجيع الرقابه الاجتماعيه على صحه المعلومات التي يقدمها المشمولين
  7. وجهه نضر ييلماز جاويد - الثورةُ لا تُستَورَد http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?t...&aid=247175
  8. ونحن نقبل على عرس جماهيري يوم 25 شباط متمثلا بيوم الغضب العراقي , اقترح ان تتخذ الحكومه العراقيه خطوه استثنائيه ربما تتميز بها عن كافه دول المنطقه. فمن المعلوم ان من سيخرج مطالبا بحق او ناقدا لوضع انما له من حكومته التي انتخبها واجبات, اولها حمايته وثانيها دعمه. وحيث ان العراق وخصوصا العاصمه تمر بوضع امني خاص , اقترح ان يصار الى اعلان منطقه حديقه الامه و رصيف نصب الحريه منطقه محميه وحره بما يشبه الهايد بارك في لندن وبشكل دائم يضمن فيها حريه التعبير حتى لاتباع النظام السابق ولتتوفر فرصه النقاش الحر في الهواء الطلق لمن اراد من دون اجازه مسبقه و على ان تقوم امانه العاصمه بتوفير كافه المستلزمات الخدميه المناسبه اثناء المناسبات الخاصه مثل يوم 25 شباط. وياحبذا لو استطاعت الجهات الحكوميه تحويل الحدث الى عرس وطني باستقدام الفرق الموسيقيه لعزف الاناشيد والالحان البغداديه الشجيه و تامين التغطيه الاعلاميه المباشره من دون تحفظ لكل مايجري من تضاهرات وشعارات ومناظرات وخصوصا التي لا تتوافق مع سياسه الحكومه أن مثل هذه الخطوه ستعكس القيمه الحقيقيه لوجه هذه الحكومه المنتخبه وثقه النظام الجديد بنفسه وشعبه وستكون فرصه لتاسيس المناخ الصحي لنمو معارضه وطنيه كما ستؤمن الجمهور و الممتلكات من عبث العابثين وصيادي الفرص قد يظن البعض ان هذه دعوه مثاليه لا تتصل بالواقع اليومي المـأساوي المعاش ولكن لنتذكر ان تنظيم وتوجيه هذا الكم من الغضب الجماهيري نحو خير البلاد و العباد هو بحاجه الى افكار خلاقه ولن يحل ازمات الناس الهروب الى الامام باجرائات مسكنه من خلال قطع راتب هنا وزيادته هناك
  9. 1- الناس غير منطقيين و لا تهمهم إلا مصلحتهم ، أحِبهم على أية حال 2. إذا فعلت الخير سيتهمك الناس بأن لك دوافع أنانية خفية ، افعل الخير على أية حال 3. إذا حققت النجاح سوف تكسب أصدقاء مزيفين و أعداء حقيقين ، انجح على أية حال 4. الخير الذي تفعله اليوم سوف ينسى غداً ، افعل الخير على أية حال 5. إن الصدق و الصراحة يجعلانك عرضة للانتقاد ، كن صادقاً وصريحاً على أية حال 6. إن أعظم الرجال و النساء الذي يحملون أعظم الأفكار يمكن أن يوقفهم أصغر الرجال و النساء الذي يملكون أصغر العقول ، احمل أفكاراً عظيمة على أية حال 7. الناس يحبون المستضعفين لكنهم يتبعون المستكبرين ، جاهد من أجل المستضعفين على أية حال 8. ما تنفق سنوات في بنائه قد ينهار بين عشية و ضحاها ، ابن على أية حال 9. الناس في أمس الحاجة الى المساعدة لكنهم قد يهاجمونك إذا ساعدتهم ،ساعدهم على أية حال 10. إذا أعطيت العالم أفضل ما لديك سيرد عليك البعض بالإساءة ، أعط العالم أفضل ما لديك على أية حال " إذا قامت الساعة وفى يد أحدكم فسيلة فليغرسها " الرسول الكريم محمد ين عيد الله --------------------------------------------------------------------------------
  10. تعليقا على تصريح بعض المدافعين عن فرض الرسوم من المسوؤليين كونها اتت لتشجيع الصناعه الوطنيه القانون الجديد لا بفرض رسوما على الملابس الجاهزه ولكنه يفرضها على مستلزمات الخياطه
  11. الف مبروك لكل الاحرار نجاح مصر وشعبها في مسيرتها لاحتلال موقعها الذي تستحق في نادي الامم الحره الف مبروك لنا ونحن نرى بلد عربي اخر يحقق اراده شعبه في التحرر من طغيان الحاكم المستبد
  12. عزيزي استاذ مصدق مداخلتكم تفتح الابواب على مصارعها وهي من دون شك تاتي عن خبره و معايشه حقيقيه لواقع نسعى جميعا لتغييره نحو الافضل اسمح لي ان اوضح بعض ما جاء في تعليقي على القرار تشجيع الصناعه المحليه والانتاج الزراعي موضوع حيوي ومصيري فهو يصب مباشره في التنميه القوميه و الامن الغذائي و الرفاه الاقتصادي. حتى الدول الراسماليه تلجا الى اجرائات تحمي بها صناعتها وزراعتها السؤال هو من يجب ان يدفع الفاتوره جميل انك ذكرت تجربه النظام السابق في دعم الصناعه , بربك اين اوصلت تلك السياسه صناعتنا الوطنيه لقد حولت الصناعه العراقيه الى قطاع طفيلي يعتاش وينتعش من خلال اجازات الاستيراد وتجارتها لذلك وبمجرد توقف هذا الغطاء انكشفت حقيقه هذا القطاع هل يعقل ان منتوج الصناعه في المنطقه الحره الاردنيه او الاماراتيه و التي لاتتمتع باي دعم حكومي استطاع اكتساح منتوج مثيلاتها العراقيه جوده وسعر ما تحتاجه الصناعه العراقيه هو برامج دعم حكوميه جديه من قروض ميسره الى افضليه تسويقيه لدى الجهات الحكوميه الى اعفائات ماديه ا الى توفير للطاقه الكهربائيه الى شمولها بامتيازات قوانين الاستثمار التي استغرب اقتصارها على الاستثمار الاجنبي و لكن اخر ما تحتاجه هو اعادتها الى مربع تجاره اجازات الاستيراد وفساد الاجهزه الحكوميه وعلى حساب المستهلك ولاتختلف الزراعه عن الصناعه واذا كانت كل الاجرائات التشجيعيه لم تنجح في تفعيل هذا النشاط فان الطريق لايتم من خلال الهروب الى فرض الرسوم بل من خلال زياده الدعم و محاوله ايجاد وسائل اكثر نجاعه شاكرا لكم اهتمامكم راجيا ان تكون الفصليه صندوق من منتوجكم ذو الجوده العاليه وهذه ليست دعايه
  13. وصلني الرد التالي من صديق كريم اعتز برايه
  14. العراق يعيد العمل بضريبة الاستيراد لااملك كافه المعطيات التي تعطيني صوره واضحه عن خلفيه هذا القرار ولكن وبكل مقاييس الاقتصاد الحديث فان هذا القرار سياتي لصالح عصابات مافيا الكمارك اولا و زياده اسعار التكلفه على المستهلك ثانيا فاسحا المجال لبؤر الفساد بالمتاجره باجازات الاستيراد و التلاعب الكمركي كما كان الحال ايام الحكم السابق و بما يزيد مصاعب المستهلك المعيشيه .فهذا القرار ياتي تعزيزا لذلك الانفصال المتعاظم بين الطبقه السياسيه المتنفذه اليوم وتلك الشرائح الاجتماعيه الواسعه الاقل حظا من الناحيه الاقتصاديه . ليس لدي اي نشاط تجاري ولكني اتسائل ترى كم ستشكل عائدات الكمارك في نسبه زياده الميزانيه وهل تعادل تلك الزياده ما ستعكسه من بطء في الدوره الاقتصاديه نتيجه زياده السعر على المستهلك وما سينتج عنها من زياده في حجم البطاله ولمعاناه ذوي الدخل المحدود. درس اذكر به الاخوه في مراكز القرار العراقي الديمقراطي و اللذين ربما يعتقدون ان تسونامي تونس سيصيب الانظمه الديكتاتوريه فقط , انتفاضه بوعزيزي لم تكن تجاه الاستبداد السياسي بل كانت اساسا ضد الظلم الاجتماعي . ان من اقر العمل بهذا القانون انما يريد ان يصيب شعبيه المالكي وحكومته بالصميم ولااريد ان اكون مالكيا اكثر من الرئيس ولكن هذا ما اراه لم افهم كيف سيساهم مثل هذا القرار في تحسين نوعيه المستورد كما جاء في تصريح لاحد المسؤولين. ولو كان هذا هو الهدف فلماذا لاتفرض شروط رقابه اكثر فعاليه بدلا عن زياده الرسوم التي ستسهم في تحول المستورد الى المصدر الاقل سعرا ونوعيه فالتخمين الكماركي المعمول به في العراق لا يعتمد على جوده النوعيه او سعر المنشاء بل على القائمه الثابته . واذا كنا نتحجج بصعوبه فرض مثل هذه الرقابه بسبب الفساد الاداري فكيف نتوقع شفافيه عمليه استحصال التعرفه وان لاتتحول الى فساد اكبر تستفاد منه الطبقه الطفيليه المتنفذه و المنفذه. وكيف نضمن عدم تحول هذا القانون الى وسيله لتشجيع التهريب عبر اقليم كردستان الذي لاتستطيع الحكومه الفدراليه ضمان التزامه الحرفي به في منافذه الحدوديه لانه قد يتعارض مع خطط حكومه الاقليم التنمويه . لماذا ندعو الى رفع التعرفه عن المستثمر الاجنبي بينما نزيدها عمليا على المواطن العراقي ربما يعتقد البعض ان هذه القرارات سوف تشجع المنتوج المحلي وهو امر منطقي ولكن السؤال هو على حساب من؟. ان هناك وسائل عديده اخرى يمكن من خلالها تشجيع المنتج الوطني ولنا في تجارب ناجحه كثيره نبراسا نقتبس منه وليس اقرب من تجربه دوله الامارات دليلا و في امريكا البلد الراسمالي يتم تشجيع زراعه بعض المحاصيل الاساسيه بتقديم الدعم للمزارعين لما يبقي اسعارها على المستهلك في حدوده الدنيا . عالمياانني من اشد الداعيين الى تشجيع القطاعين الصناعي و الزراعي لانهما صمام امان للامن الاقتصادي الاحادي حاليا بسبب اعتماده على النفط ولكني ارى ان هناك وسائل كثيره اخرى بدأت بها الحكومه و يجب زيادتها و دراسه اسباب عدم فعاليتها . أنا عرف ان البعض ممن وصل الحكومه الجديده هم من كبار ملاك الاقطاعيات الزراعيه التي حصلوا عليها بامتيازات خاصه ايام النظام السابق وان فرض التعرفه الكمركيه على المنتج المستورد سيصب في صالحهم وبالعافيه عليهم فانا لست ضد استفادتهم طالما يساهمون في بناء البلد ولكن يجب ان لا يكون ذلك على حساب المستهلك ففي ذلك مقتلا للاجرائات نفسها و لنراعي الاخرين وخصوصا الضعفاء في مكسبنا لكي نحفظ هذه النعمه من الزوال وبالمناسبه اذا كان فرض التعرفه سيشجع المنتوج المحلي فهل ان غايه المشرع هي تشجيع صناعه المشروبات الكحوليه محليا التي ستشهد اعلى نسبه رسوم.اما اذا كانت الغايه هي من اجل زياده كلفتها على المستهلك لزياده موانع تداولها وهو امر مفهوم دوافعه بالنسبه للكحوليات فهل ان هذا يعني اننا نريد تشجع الناس على عدم ارتداء الملابس لانها الاخرى ستخضع لرسوم عاليه وكذا الحال مع بعض الفقرات الزراعيه التي كان لنا تجربه قاسيه في العام الماضي مع فرض زياده رسوم الاستيراد على بعض فقراتها مما زاد السعر في السوق المحلي بشكل خيالي الامر الذي ادى الى تذمر شعبي كبير اضطر الحكومه الى التراجع عن ذلك لو كان الامر ولابد فلماذا لا نتعلم من الدرس الايراني كما نجتهد في امور كثيره اخرى . ايران انشأت صندوق لتعويض المواطنين وبدفعات ماديه مباشره قبل رفع اسعار البنزين لذا جائت الاصلاحات الاقتصاديه من دون عواقب اجتماعيه تذكر بالرغم من الحشد الاعلامي المعارض و حجم الضرر الذي اصاب عموم المواطنين. على ا لاقل, اقترح ان يصدر قرار بان توجه عائدات الكمارك الى صناديق اعانه اجتماعيه للعاطلين ومن هم تحت خط الفقر صفاء الحكيمكانون ثاني2011
  15. رد على تعليق باسمه شكرا عزيزتي باسمه تاكيدا لما تفضلت به انا ارى ان هناك نظريتين في تعاملنا مع الدوله ككيان الاول يعتبرها مؤسسه لا معنى لان يكون لها دين او قوميه او حتى اهداف ايديولوجيه والثاني يرى ضروره ان تقوم على احد او كل هذه الاهداف يبدو اننا نعيش مرحله التحول من النموذج الثاني الى الاول لانه الاكثر تلبيه لمتطبات الدوله المعاصره الحديثه بما تتطلبه من وسائل اكثر فعاليه لاداره المجتمع ورفاهيته وتقدمه ومنها سياده القانون و ظمان حريه المعتقد والديمقراطيه في اداره الدوله لقد شهدنا انحسار نموذج الدوله الدينيه في القرون الماضيه و تحول الدوله القوميه الى خيار الدوله المدنيه في القرنين الماضيين وكذلك بدايه سقوط نموذج الدوله الايديولوجيه المركزيه في القرن الماضي ما اراه هو اننالازلنا نعيش النموذج الثالث للدوله المتمثل بالهجين الذي ينتقل من النموذج الثاني الى الاول حتى مع اكثر التجارب عمقا فامريكا الاقرب الى النموذج الاول لازال دستورها ينص على الايمان بالله والعراق خير مثل على بدأ التحول نحوهذا النموذج الثالث منتقلا من نموذج الدوله القوميه المؤدلجه المركزيه. العراق يحكمه اليوم دستور يعتبر الاكثر قربا من النموذج الاول من بين كل دساتير المنطقه ولكنه بحاجه الى تطوير وتعديل لضمان عدم الانتكاس في ظل ما نعيشه من احوال مضطربه. فصل الدوله ليس مطلوبا فقط عن الدين وانما ايظا عن القوميه والايديولوجيا.مامعنى ان تكون الدوله عربيه ومامعنى ان يكون الاقليم كرديا او ان يكون للدوله دين بالمقابل افهم ضروره ان يكون للدوله او الاقليم لغه او لغات رسميه وان للمواطنين دين او معتقدات وان يتم احترام الهويه الثقافيه والدينيه للمواطنين و ان تكفل لكافه المواطنين حريه التعامل مع الايديولوجيات و الافكار الاصل هو الانسان فالناس من يصنع الدوله صفاء
  16. نصت الماده 2 على ان دين الدوله هو الاسلام وهو امر يعتبر مدخلا للنقاش في موضوع العلاقه بين الدوله والدين الدعوه للفصل تعني وجوب توضيح هذه الفقره والتي تتبعها وهو امر لايقل حساسيه عن ما ادعو له صفاء رابط للدستور المادة ( .
  17. بدون شك نحن بحاجه الى مبادره من هذا النوع ولكنه يجب التنبه الى اننا ندعو للفصل كون الدين يمثل حاله من فرض الايديولوجيا على الدوله واضعا احكامه المسبقه فوق القانون والدستور من هنا يجب تطوير الدعوه لتشمل كل حالات الفرض الايديولوجيه الاخرى من قوميه او فكريه لذا فبدلا من الدعوه للفصل التي هي دعوه دفاعيه اتفق مع دوافعها حفاظا على الدين و احتراما للدوله التي نسعى جميعا لبنائها, يمكننا الدعوه لدوله مدنيه تكون فيها المواطنه والقانون و الدستور اساسا وحيدا حيث يكون للدين او القوميه او الايديولوجيا الحزبيه موقعهم واحترامهم المناسب في اطار الحريات الشخصيه ولكن من دون اسبقيه دستوريه او قانونيه نحن مقبلون على استحقاق التعديلات الدستوريه تلك المرحله الاهم في بناء العراق الجديد وانه سيكون مناسبا جدا ان تبدا مثل هذه الحمله لحشد الراي العام من اجل بناء الدوله المدنيه الحديثه من خلال حذف كافه الفقرات الوارده في الدستور الحالي والتي تتعارض مع ذلك صفاء
  18. ملحمة جلجامش والنص القرآني للمفكر القصدي عالم سبيط النيلي ادناه محاضره مهمه في تحليل متميز لتشابه قصه كلكامش كما وردت في الملحمه البابليه والنص القراني لقصه ذو القرنين يمكن تمرير الدقائق الخمسه الاولى في حاله عدم الاهتمام بالمقدمه http://video.google.com/videoplay?docid=-1...37397630512707#
  19. بلال الصالحي الشهيد بارادته اليوم يعود لنا عثمان شهيد جسر الائمه ولكن باسم اخر انه الشهيد البطل بلال واذا كانت الاقدارقد اختارت لعثمان الشهاده بموته غرقا وهو ينقذ اخوته فان بلال قد اختار الخلود مخيرا وهو يلقي بنفسه على مهووس حاول تفجبر نفسه في جموع العراقيين عثمان و بلال اشتركا في الكثير كلاهما من اهل السنه حمو بارواحهم اخوانهم من العراقيين الشيعه كلاهما يحمل اسماء شخصيات اسلاميه كان لها فضل السبق في صحبه الرسول الكريم كلاهما رضعا من ماء الرافدين وحملا نخوه ارض لن اجد مثيلا لها في كل بقاع الدنيا كلاهما اجتازا الامتحان الاكبر فالجود بالنفس اغلى غايه الجود حسنا فعل المالكي بتكريم بلال وعائلته كما فعل الجعفري مع عثمان في حينه, المطلوب اعطاء حجم اكبر لتخليد بقيه صور العطاء والوحده العراقيه ولتاكيد تلك اللحمه العراقيه التي ربما نحن جميعا بحاجه الى تذكيرنا بها مؤسف ان نرى وسائل اعلام عالميه تهتم بهذا الدرس بينما يغيب عن وسائلنا فهذه تضحيه ربما لايقل مستواها عن تضحيه الحر الرياحي يوم عاشوراء كيف لا وقد ارتفع بلال شهيدا دفاعا عن محبي الحسين كيف لا وقد غطس عثمان في عبق الشهاده انقاذا للسائرين نحو حفيد الحسين مقال النيويورك تايمز حول بلال http://www.nytimes.com/2010/12/17/world/mi...ast/17hero.html . ترجمه بتصرف للمقال . وتقول والدته علاهن حسن، وعلى حجرها بنتان من بناته، في حجرة تمتلئ بالكثير من السيدات اللاتي كن يولولن حزنا: "لقد وهب روحه إلى البلد. لقد كان يؤمن بالله وهذا ما جعل منه رجلا عظيما".
  20. http://www.akhbaar.org/wesima_articles/art...1027-99162.html ألخطاب الالحادي لدى السيد أحمد القبانجي 27/10/2010 أ. د. حسين حامد حسين
  21. تعليق من دون شك فان هذا الموضوع واحد من اهم المواضيع المعاصره التي تواجه المسلمين حاليا لنستعرض ما قد يثيره من ردود فعل اولا بين المسلمين من يعتقد باسبقيه السنه من بعد القران في تحديد الاحكام الشرعيه, وهم غالب المسلمين اليوم, لابد ان يعتبر عمر مقصرا وذلك ان صحت هذه الروايات وهي منقوله من امهات الكتب والمصادر الموثوقه بينما من يرى ان هناك فسحه منحها الشارع في اصدار الاحكام المتعلقه بتغيير الظروف , وهم قله من المثقفين الاسلاميين, فسيرى ان عمرا قد سبق عصره باكثر من اربعه عشر قرن عندما سن سنه اثبت الواقع صحتها ولكن لنناقش كلا الطرفين بالنسبه للطرف الاول سيبقى السؤال قائما, هل فعلا ان الشريعه بكليتها وكما سنها الرسول او على الاقل كما جاء في ما نسب له من احاديث , هي فعلا امر يصلح لقيام دوله عصريه تقوم على افضل ماتوصلت له التجربه الانسانيه من نظم. ربما مجرد السؤال سيكون كفرا لدى البعض ولكني اشير الى احكام مثل اخذ الجزيه و جواز الرق و حرمه الفائده المصرفيه العامه وصحه الدخول بما ملكت الايمان ولو كانت متزوجه وهي امور اضطر المسلمين في مختلف انظمتهم على ايقاف العمل بحدودها جمعا او على الاقل البعض منها و من زمن طويل بالنسبه للطرف الثاني, لو اخذنا المصلحه وتغيير الظروف عذرا كافيا لتغيير الاحكام , ترى ماذا سيبقى من شريعه الدين امرا ثابتا غير العقيده . الا يدفعنا هذا الى مراجعه جميع احكام الشريعه بما فيها ما افتى بها عمر نفسه وذلك لتغيير الزمان و الظرف اسئله بحاجه الى وقفه جاده لا يدفعها رد الفعل بل التأني في الاجابه ا
  22. http://www.elaph.com/Web/technology/2010/9/593713.html مراجعه اخترت متعمدا عنوان احد المقالات المنشوره في احد وسائل الاعلام العربيه كمدخل لموضوع يثير حاليا جدلا قديما جديد الا وهو المتعلق بالاجابه على سؤال ازلي رافق الانسان على مدى التاريخ. ففي كتابه الجديد يثير العالم الفيزيائي المرموق هذا السؤال حول حاجه الكون الى خالق محاولا الاجابه عليه من خلال اخر معطيات ما توصل اليه العلم الانساني التجريبي و النظريات العلميه المتعلقه باصل نشوء الكون كل ذلك ليصل الى استنتاج شخصي ينص على ان العلم التجريبي اصبح متمكنا من وضع نظريه التفسير الموحد و استطاع اخيرا حل معضله ظلت تواجهه في اطار مايعرف بالانفجار العظيم الذي يعتبر حاليا من اكثر الفرضيات احتوائا لمعطيات المعلومات المتوفره للبشريه واقربها الى تفسير الظاهره الكونيه ومن خلال نظريه الاوتار المتعدده والتي كانت تعتبر ولحد وقت قريب جدا النظريه الوحيده المتوفره لتفسير تلك الظاهره بعد الانفجار يبشر هويكنغ بنظريه " الحرف ام" والتي جائت لتكمل الصوره التي رسمتها نظريه الاوتار المتعدده و لكن لتضع النموذج الرياضي لمرحله ماقبل الزمن اي مرحله الانفجار العظيم ولتسد تلك الثغره التي ولدتها عدم قدره النظريه السابقه على استيعاب تلك المرحله من هنا يصل العالم الفيزيائي الى استنتاج ان المعرفه البشريه لم تعد بحاجه الى " خالق" لتفسير العله الاولى في ظاهره نشؤ الكون. وعوده الى عنوان المقال اعلاه فان هذا الاستنتاج لم يصل الى حد نفي وجود الخالق كما يفهمه صاحب المقال اعلاه وكثير اخرين بل انه يؤكد وبوضوح في كتابه ان ذلك يقع خارج الاطار العلمي فهذه النظريه لاتؤكد ولا تنفي وجود خالق ولكنها تطرح تصورا متكامل لاصل نشوء الكون ,وبشكل ينفي الحاجه الى تدخل خارجي و بما يجعلها متميزه عن سابقاتها من النظريات المماثله في تكاملها في تغطيه كافه المراحل و المدعم بنموذج رياضي بما يجعلها نظريه علميه فيزيائيه وليس تصورا فلسفيا او دينيا محضا وبالتالي فان الجديد هنا ليس في التصور نفسه الذي تطرحه النظريه "ميم" فقد بشر بها عالم فيزياء امريكي منذ اكثر من عشر اعوام ولكن الجديد هو اكتشاف النموذج الرياضي الرصين المدعم ببعض نتائج التجارب الاخيره والتي تؤيد توقعات ذلك النموذج ربما يتسائل البعض عن مدى الفرق بين تاثيرهذا التصور وبين ما عكسه اكتشاف قوانين نيوتن من رد فعل مماثل حول حاجه المعرفه البشريه الى خالق لتفسير الظواهر الكونيه بعد ان استطاع ذلك الاكتشاف في حينه حل لغز التماسك الكوني والذي كانت النظريه الدينيه السائده تفسره ضمن المعرفه الاغريقيه القديمه والتي ثبت بطلانها قبل الاجابه فان المرء بحاجه الى فهم ولو اولي لهذه النظريه وابعادها وهو امر ساحاول التطرق له لاحقا ولكن يجب الاشاره الى نقطه مهمه تتعلق بنظريه الحرف "ميم", فهذه النظريه ربما تفتح المجال واسعا لمرحله عوده العلم التجربي الى اطار الميتافيزيقيا ولو من خلال النموذج الرياضي بديلا عن النموذج الفلسفي او الديني صفاء الحكيم كاليفورنيا يتبع .و
×
×
  • Create New...