salim Posted July 5, 2006 Report Share Posted July 5, 2006 http://kitabat.com/i17892.htm يوميات عراقي في سوريا كتابات - عراقي مغترب من المعروف ان الأوضاع العامة في العراق قد دفعت الكثير من ابناءه الى مغادرته خوفا على حياتهم التي اصبحت اثمانها دونا عن اثمان الخيار والطماطة في سوق منطقتنا بل اصبح البعض ممن يتفنون في ازهاقها لا يكلفون انفسهم لشراء اطلاقات رصاص لذلك فأخذوا يستخدمون ادواتا لا تكلف شيئا سوى بعض المجهود العضلي وينتهي الأمر بسفك دم عراقي لا يجد له اي عرض او طلب في اسواق الدم العالمية ناهيك عن حوادث التفجير والتفخيخ والأشتباكات المسلحة التي لا تكاد تمر ساعة الا وتسمع بواحدة منها … لن اخوض في هذه التفاصيل لأنها اصبحت مملة جدا ولن يؤدي الخوض فيها الى اية حلول لأنها اصبحت معضلة تشكل في مجملها واقعا يوميا يعيشه العراقيون بكل مآسيه واحزانه بحيث ان الأغلب الأعم من العراقيين يعتقدون ان الحل الوحيد لوضع العراق يكمن في معجزة من الخالق الباري يُنزلها على هذا البلد الجريح ليخلصه من آلامه واحزانه ولو كان بصورة تسونامي عظيم جبار يكون بمثابة رصاصة رحمة يتلقيها لينام بعد ذلك نوما ابديا دافئا لا يعكره صوت رصاص او مفخخة او عبوة …على العموم انا احد الذين قرروا ترك البلد والهجرة الى احد البلدان القريبة منه لحينما تستقر احوال البلد ولو نسبيا فكان اختياري منصبا على سوريا نظرا لقربها وقرب اجواءها العامة من العراق وكذلك لقلة تكاليف المعيشة فيها مقارنة مع دول الجوار العراقي الأخرى وعليه توجهت اليها بصحبة زوجتي حاملا معي بضعة مئات من الدولارات تؤمن لي بضعة اشهر اقضيها هناك على وفق ميزانية خاصة اعددتها بنفسي مستندا الى شهادات اناس كانوا قد اقاموا في دمشق لفترات متفاوتة كما استندت الى مشورات معارف لدي في سوريا لم يبخلوا علي بإجابات على اسئلتي طالما كانت فواتير الأتصال الدولي على حسابي …ولن اخوض ايضا في تفاصيل اصدار الجوازات او الأجراءات الرسمية الأخرى لأنه سأخرج بذلك تماما عن صلب موضوعي الرئيس ولكن بعد جذب من ضابط الجوازات وشد من موظفي الدائرة الآخرين اتممت تلك العملية وخرجت منها منتصرا مزهوا سابقا المئات بل الآلاف من المراجعين لدائرة الجوازات ليس لحنكتي او لدرايتي او لوساطاتي فيها ولكن ( بصاية ) المئين دولار التي دفعتها عن كل جواز للضابط …وحانت لحظة الفراق قبل ايام وانا عين لي على بلدي يصحبها كل من عقلي وقلبي وفكري وعواطفي وحنيني والأخرى كانت بأتجاه الحدود وكانتا كلتاهما دامعتان لفراق وطن احببناه بصورة اقرب الى الخرافة او الخيال على الرغم من كل ما مررنا به فيه ، وبمساعدة حبتين من (الألرمين) المضاد لحساسية استغرقت في نوم طويل نسبيا لم يوقظني منه صراخ منتسبي منفذ الوليد الحدود الا بعد ان زادوه وضاعفوه واشترك معهم السائق وزوجتي وراكبي السيارة الآخرين وفيما كنت منتظرا عناقا اخويا من الأخوة السوريين في الحدود ليرحبوا بي في بلدي الثاني نسبة الى لافتة كانت تحمل عبارة تتضمن ذلك على بناية المنفذ قال لي احد الجنود هناك: شو بَك يا زَلَمة ؟شو ما بَدّكْ تِتفتّشْ ؟ فأعتذرت بكل هدوء منه واعطيته جوازاتي واذا به يدخل الى البناية ولا يخرج منها الا بعد ساعتين وهو يشير الي لأثنين من المدنيين الذين علمت من السائق فيما فيما بعد انهما من الأستخبارات السورية العامة …لا مشكلة …قلت ذلك لنفسي وانا اذهب معهم الى احدى اركان البناية ودار فيما بيننا الحوار التالي : - شو اسمك ؟؟؟ ( مع تنغيم الكلام واطالة نهايات الجملة على الطريقة السورية) - فلان فلان فلان الفلاني . - اسم امك شو ؟؟؟ - فلانة فلان الفلاني . - ليش بدّكْ تْروح عالشااام ؟؟؟ - آني متزوج جديد وناوي اسوّي شهر العسل بسوريا . - وإشمِِعنه بالشام بدك تساوي شهر عسلكْ ؟؟؟ - يعني عجبني اسويه اهنا ...شنو اكو مشكلة ؟؟؟ - لا يا خيو ما في مُشكِلْ ..وين بتنزِلْ بالشام ؟؟؟ - ولله ما مقرر وين اوصل وبعدين اقرر . - لا يا خيو ما بيصير لازم تئولِلْنا وين بتنزِلْ مشان نعرف انته وين ... - يعني هُمّه كُلّ المسافرين اللي يجون يكولولكُم وين راح ينزلون ؟؟؟ ... واذا به ينظر اليّ نظرة تذكرت من خلالها نظرة منتسبي الأجهزة الأمنية في العراق سابقا وحاليا فقلت له بكل لطف سأنزل في الشيراتون وخفت حينها ان يسألني عن الحجوزات او ما شابه ذلك الا انه لم يفعل ذلك وقال لي ان ذلك هو اجراء روتيني عادي ولا يدعو الى التخوف او الخوف واهلا وسهلا بك في سوريا ...فأعطاني جوازي واستقليت السيارة الجي إم سي مرة اخرى وانطلق بنا جميعا الى دمشق وانا غارق في تفكير طويل صاحبه خوف من المجهول الذي ينتظرني هنا حيث لا يوجد اصدقاء او احباب او معارف وفجأة واذا بشحنة من الأدرينالين تخترق جسدي سببت لي اختلالا بالتوازن الداخلي افقدتني معها كل مقدرة على التفكير او الأستيعاب او حتى التخيل فعدت مرة اخرى الى النوم الذي وجدته افضل طريقة اهرب فيها من الوضع الجديد الذي احتواني بكاملي وخصوصا بعدما رأيت شيء من الحزن الممزوج بالخوف على وجه زوجتي الحبيبة التي لم يكن لديها شيء تقدمني اياه سوى ابتسامة جميلة طالما كنت قد عهدتها في اوقات الضيق والكرب فخلدت الى النوم مجددا ليكمل السائق طريقه نحو دمشق ... ومزيد من تفاصيل ذلك ستأتيكم غدا في كتابة اخرى . Quote Link to comment Share on other sites More sharing options...
salim Posted July 6, 2006 Author Report Share Posted July 6, 2006 تتمة للمنشور في العدد السابق وبعد رحلة طويلة دامت اكثر من ثلاث عشرة ساعة وصلنا الى مشارف مدينة دمشق بعد ان مررت بمدن أسماؤها متطابقة لأسماء عدة عراقية منها الرمادي والحلة وشارع بغداد الا أن المفاجأة الأكبر كان في محطة تعبئة وقود اسمها (الكيلاني) ولكنها كانت تمتاز عن محطتنا بأنها احدث نسبيا وفارغة تماما حيث لم ينتظم في طوابيرها الستة سوى اربع سيارات كانت الجي ام سي خاصتنا خامسها وبعد ان تزودنا بالوقود انطلقنا مرة اخرى نحو دمشق او الشام كما يحلو للأخوة السوريين ان يسموها ،وماضير ذلك طالما انها تسمية تعبر عن اعتزاز ابناءها بها ولكن اليس غريبا ان لا نجد احدا من العراقيين يسمي بغداد او يشير لها بكلمة دار السلام او الزوراء لا في العراق او خارجه ؟ على العموم بدأ تفكيري وانا ادخل دمشق ينحصر في قضية ايجاد شقة فارغة متواضعة للأيجارافرشها بنفسي لتؤويني انا وزوجتي وبكلفة لا تتجاوز المئة وخمسين دولار او اكثر بقليل استنادا الى الأحصائيات والدراسات الأقتصادية المعمقة التي كنت قد تكلمت عنها في كتابة يوم امس وبعد سؤال عن مستويات الأحياء وكلف السكن والمعيشة فيها تبين لي ان الأغلب الأعم من العراقيين المتوسطي الحال يقصدون ضاحية (جرمانا) في الريف الدمشقي نحو خمسة كيلومترات وذلك لقلة تكاليف المعيشة بها ولقرب اجواها العامة من احياء بغداد فنزلنا في منطقة تسمى مساكن برزة وهي شبيهة بمنطقة الكرادة بمحالها وشققها وطبيعتها التجارية بعدها استقلينا انا وزوجتي سيارة اجرة بعدما طلبت منه ان يوصلني الى احد محال العقار او كما يسمون بالدلالين العقاريين في منطقة جرمانا وهنا بدأت رحلة من المعاناة بدأت مع دخولي اول محل دلالية حيث اوضح لي ان الشقق الموجودة حاليا في تلك المنطقة مؤثثة او مفروشة ولا يمكن ان اجد فارغا منها الا بعد جهد او تعب مضنيين بداعي ان البلد يمر في فترة سياحة واستجمام نظرا للمواقع السياحية التي يزخر بها فدخلت محلا تلو الآخر وانا لا اسمع من الدلالين سوى كلمة (ما في فاضي ولله يا اُستاز لكن لو بدّكْ مفروش فيْ ) كردٍ على سؤالي في عندك شقق فاضية للأيجار ؟؟؟الا ان المفاجأة الأكبر بالنسبة لي كانت في عرض قدمه لي احد الدلالين او السماسرة عندما سألني حول اذا ما كان بمقدوري ان ادفع له مبلغ مئتين وخمسين دولارا عن ايجار شقةٍ ليُخرجَ منها مستأجراً سوريا من بني وطنه يدفعُ عنها مبلغ مئة وخمسين دولارا حاليا فوقعت حينها في صراع مع مبادئي التي تلقيتها في وطني الكريم ومجتمعي العراقي النبيل وبين وضعي الذي اصبح في حال لا يحسدني عليه لا صديق ولا عدو فحسمت امري برفض العرض امامه مشيرا للدلّال ان ذلك ليس من اخلاقي او شيمي ان ابني راحتي على حساب غيري ولو كان من غير ابناء جلدتي وهذا هو حال العراق والعراقيين منذ ازل الدهر كما تعلمون ولكن في الحقيقة كان مبرر رفضي الشخصي يكمن في عدم تمكني من دفع ذلك المبلغ مضافا اليه قيمة العمولة بمعدل ايجار شهر كامل زائدا كلفة تصديق العقد في الدائرة البلدية التي تصل الى اكثر من خمسين دولارا ..واستمر مشوار بحثي عن شقة للأيجار لأكثر من سبع ساعات وانا اكاد لم اترك مكتبا عقاريا الا ودخلته الا ان اكثر ما زاد اهتمامي هو حجم وكم العراقيين المتواجدين هناك واكثرهم يعمل في مصالح تجارية خاصة به فهناك يوجد مطعم اكلات شعبية عراقية كالفلافل والشاورمة وغيرها وهنا يوجد مطعم للأكلات العراقية الخالصة كالبرياني والدولمة والقوزي ومن الممكن ان تجد فرن صمون مكتوب في لافتته فرن صمون عراقي او مخبز عراقي وحتى محال حلاقة تقرأ على لافته بأدارة فلان العراقي ومكاتب نقليات تحمل اسماءً لمناطق العراقية او بغدادية بل اني وجدت مهىً معلقا فيه صورا لنادي الزوراء العراقي ناهيك عن محال المواد الغذائية والأسكافيين ومحال العطور ومخازن بيع المشروبات الكحولية وغيرها فزاحمتني اسئلة كثيرة كان ابرزها لماذا لجأ هؤلاء الى بلد غريب عنهم ليمارسوا فيه تجاراتٍ واشغالٍ بلدهم فيها اولى واهم فلم اكلف نفسي عناء الأجابة لأنها معروفة للكل ...ففضلت اللجوء الى احد اقاربي لأقضي لديه حينا من الوقت حالما يتيسر لي ايجاد مطلبي فرحب بي ترحيبا خاصا مع تمنيات لي بقضاء وقت سعيد ومريح لديه مضمنا في طيات كلامه ان لا يكون طويلا وبما أن الحليم تكفيه الأشارة إستجمعت كل قواي وبعد حمام سريع نزلت مرة اخرى الى شوارع جرمانا لأسأل عن شقة للأيجار والأجابة كالعادة ( مافي يااُستاز) ، وحلّ الليلُ سريعا يُسابق ساعات النهار التي ما فتئت ان كشفت واقعا افتقدناه طويلا منذ اكثر من اربع سنوات فالناس والعوائل والشباب و(الصبايا) يملئون الشوارع والساحات العامة بملابسهم الملونة والزاهية القصيرة منها والطويلة الكاشفة منها والساترة والأطفال يجرون في الساحات العامة ويلعبون فيها بعيدا عن اي منغص او مكروه حيث لا يوجد ارهابيون ولا ميليشيات ولا قوات احتلال وانا اهيم بينهم واتساءل ما الذي ينقص بلدي ليكون بهذه الصورة ؟؟؟ مالذي جنيناه على انفسنا ليُحكم علينا بالموت ونحن احياء ؟؟؟ هل ان الفرد العراقي كُتِبَ عليه ان يعيش حياته دون المستوى الطبيعي للحيوات في البقاع الأخرى من الأرض ؟؟؟ تساؤلات كثيرة انستني وضعي وانشغالي بموضوع الشقة ووضعتني في دوامة كبيرة خطفتني من مكاني هناك واعادتني الى العراق الجريح وانا اتذكر حوادث التفجير والأختطاف والأرهاب والقتل اعادني الى رشدي من تلك الدوامة صافرة سيارة اسعاف مرت سريعا بالقرب مني لتزيدني هما وشجونا وانا اتذكر مثيلاتها وهي تجوب شوارع بغداد الحزينة على فقد احد او مجموعة من ابناءها بأحدى العمليات الآنفة الذكر ...على العموم لم يُقَدّرْ لي ان اجد شقة في هذا اليوم وسأحاول غدا ذلك مجددا وسأطلعكم على ذلك وأطلب منكم قرائي الأعزاء ان تدعون لي بالموفقية ...والى اللقاء . Quote Link to comment Share on other sites More sharing options...
salim Posted July 7, 2006 Author Report Share Posted July 7, 2006 يوميات عراقي في سوريا - 3 كتابات - عراقي مغترب تتمة للمنشور في العدد السابق آه يا وطني ما احلاك وما اغلاك ...كل شيء هنا يدعوك لأن تردد ذلك بقلبك قبل شفتيك بمخيلتك قبل عينيك ولكن كيف السبيل اليك مجددا بعد الأهوال والمصائب التي مررنا بها سوية حيث امسينا كالقرابين المذبوحة للآلهة الجديدة الصمّاء التي انتشرت صورها وتماثيلها في زواياك وهي تفرض عبادتها علينا بالرصاص والسيف والدريلات بل انها صمّاء للحد الذي عجزت عن سماع صرخة ام ثكلى ببكرها وزوجة فقدت سندها وابنة دفنت والدها ... آه يا وطني ما اذلُنا ونحن بعيدين عنك ... آه يا وطني قد صدق من قال :إللي مضيِّع وطن وين يلكاااه... لعل هذه المقدمة ترسم لكم صورة عن بعض الواقع المعاش هنا فالعراقيون هنا هاجسهم الوحيد هو العراق ومطلبهم الوحيد هو الأمن وللأسف فأن هذان الصنوان لا يلتقيان هذه الايام فيه ، فعندما تجلس مع احدهم وتتجاذب معه بعض اطراف الحديث فأنك ستكتشف انه قد فقد احد اخوانه بعدما كان قد تلّقى تهديدا من جماعة معينة لأنه يعمل في قاعدة عسكرية عراقية او امريكية او ترى ان احدهم ينتمي لطائفة او لمذهب في منطقة ذات غالبية من مذهب آخر ترك منطقته وجاء هنا ليفلت من قبضة اتباع المذهب الغالبية ولكن ان الطامة الكبرى التي تكتشفها ان العديد الذين يتجاوزون العشرات هم من الأساتذة او المفكرين او المثقفين الذين هربوا من البلاد بعدما طالت ايادي الغدر زملاء لهم في الجامعة او المستشفى او الدوائر الخدمية والهندسية وتجد ان اكثر هؤلا قد قُدِّمَتْ لهم عروضاً من دول عربية او اجنبية للعمل في مجال التدريس او الأشراف او ادارة وحدات انتاج معينة وضمن اختصاصات عالية المستوى كالنفط والكهرباء او الصناعة والتعدين وأنك لسوف تتحسّرَ على هذه الكفاءات التي بلدنا بها اولى وخاصة في هذه المرحلة من تأريخه طالما ان الأجنبي لا يفضل الذهاب اليه وفي حال تم ذلك فأنه سيكلف الدولة العراقية مبالغ طائلة ناهيك عن كلف توفير الأمن والحراسات الشخصية المشددة والسكن في المنطقة الخضراء التي اصبحت صفراء بفعل الفساد والفوضي والكسل واللامبالاة التي انتابت زوارها واجتاحتهم بحق ابناء البلد ...ومع هذا العدد الهائل من الكفاءات الموجودة هنا فضلا عن الذين لجئوا الى بلدان اوربية وامريكية ستكتشف مدى الخسارة في الأستثمار البشري والكفاءاتي الذي يعاني منه العراق منذ العقدين الأخيرين فبعملية حسابية بسيطة تجد ان استاذا في مجال التخطيط مثلا حاصل على شهادة الدكتوراه في اختصاصه قد كلّفَ الدولة العراقية ملايين الدولارات منذ دخوله المدرسة الأبتدائية ولحين حصوله على شهادته العالمية مرورا بكلف البعثات الدولية وورش العمل المشتركة بين الدول الأجنبية والعربية في حين تجد ان احدى الدول كاليمن مثلا او ليبيا او غيرها تستقدم هذا الدكتور الهارب من العراق وتدفع له الفين او ثلاثة من الدولارات مع مسكن وسيارة للعمل فيها والأنتاج لها وفي المحصلة النهائية تجد ان مشروع الأستثمار البشري في هذا الشخص قد شكل خسارة كبيرة جدا للدولة العراقية في حين أنه يُعَدُّ مشروعا ناجحا مئة بالمئة للدولة المُضَيِّفَةِ له ومن غير مجازفات لأنها استقبلته بجاهزية عالية المستوى للخدمة والأنتاج ...وحينما تتساءل عمالذي دفع هذا الخبير الى مغادرة العراق قد لا تجهد كثيرا لمعرفة السبب الا وهو انه لا يريد ان يُدرَجَ اسمه في قوائم الكفاءاءت التي تم اختطافها وتصفييتها وقتلها بعد ان اُجبروا على دفع فدية ما او ان يكون قد هُدِّدَ من قبل مجموعة من طلبته الذين ينتمون الى احدى الجماعات الدينية المتنفذة او غيرها مما يتعرض له الأساتذة والخبراء في العراق وهذا معلوم للقاصي والداني ، قد لا اكون خبيرا في مجال الأستثمار البشري الوطني ولكن ادراك هذه الامور ليس بحاجة الى قدرات خارقة ...كما التقيت عن طريق الصدفة بعدد من الشعراء الذين لجئوا الى هذا البلد هربا من الفتاوى التي تم فيها تكفيرهم مالم يُكرسوا قدراتهم الأبداعية الشعرية في مجال ما فتراهم في مقاهي العراقيين يجادلون بعضهم تارة حول نسب احد الشعراء الشعبيين او تراهم يدخلون في مواجهة شعرية حادة لا تقل شأنا عن المجالس الشعرية في ايام عكاظ او المربد يكون العراق هو المحور الذي تدور فيه اشعارهم في الغالب وحالما تدخل عليهم ملقيا عليهم السلام بالطريقة البغدادية متبعا اياه بكلمة (شون الشباب ؟؟) يبادرونك هم بالسؤال ( منين انته ؟؟؟ من بغداد ؟؟ منين من بغداد ؟؟) حتي يخيل اليك انك في منطقة البتاويين او شارع الرشيد مع بعض الفارق الطفيف بالنظافة والهيئات المطلة عليك ،على العموم قد عرضت مشكلتي اليوم ( الشقة الأيجار)على بعض العراقيين الذين التقيتهم بالصدفة ووعدوني بأن يبذلوا قصارى جهودهم لمساعدتي في حلها الأمر الذي زودني بشحنة امل اضافية لمواصلة مشواري في هذا البلد الذي لم يستطع لهذه اللحظة ان ينسيني دجلة بغداد ورشيدها وبابها الشرجي وابو نواس الذي احمل له ذكريات محفورة على جدار قلبي لن تمحيها آثار الغربة والأبتعاد عن الوطن طالما حييت ...وللكلام بقية ... Quote Link to comment Share on other sites More sharing options...
abusadiq Posted January 27, 2008 Report Share Posted January 27, 2008 [size="4] الشاعر المعروف الصافي النجفي غادر العراق الى سوريا ولبنان دون عودة، هذا مقال طريف حول الموضوع الصافي النجفي بين القط والفأر خالد القشطيني أحمد الصافي النجفي من أرق شعرائنا وأرهفهم حسا، لا في عصرنا هذا وانما في كل عصور الأدب العربي. له حكايات كثيرة تروى عن مدى رقته وعمق انسانيته. سمعت منها أن أحد الأدباء رآه جالسا على دكة في شارع الرشيد وهو يبكي. قصده وسأله، ألست الشاعر الصافي النجفي؟ قال نعم، أنا هو. عاد الرجل فسأله ولماذا تبكي؟ هل فقدت أحدا من أحبائك؟ أجابه قائلا وهو يكفكف دموعه، لا. كنت فقط أراجع هذه الدائرة لتجديد جواز سفري. فنهرني الموظف. لا عجب ان بادر الى ترك العراق وراءه في باكورة حياته وقضى أيامه بين الشام ولبنان. تجلت رقة مشاعره بصورة خاصة في تعلقه بالحيوانات، بل وحتى الحشرات، وعطفه عليها. لم يتزوج ولم يتبادل الهوى مع اي امرأة واكتفى بقط شاركه حياته وحرك قريحته فقال فيه: * وكم عانيت من خجل لقط - بحضني قد أقام كأنه ابني * يراه الناس حينا لاصقا بي * وحينا لاحسا كفي وذقني - يخال عباءتي ملكا لديــه * فيدخل تحتها من غير إذن - وكم قد خال غارا ردن ثوبي * فأقبل واختفى ما بين ردني - يموء فليس يفهمني مرادا * فينصب عينه بإزاء عيني - يحك بذقنه كفي ارتياحا * ويقفز لاعبا من فوق متني - يعض أناملي عضا لطيفا * ويخدشها دعابا دون ضغن - فهل هو شاعر القطط التقى * بي فألف بينه طبع وبينـي - يرى قلمي على القرطاس يجري * فيمسكه ترى ما كان يعني؟ وهذه إشارة طريفة ان يتصور قطه شاعر القطط. ربما كان أمير شعراء القطط. ويظهر ان قطة هذا كان شاعري المزاج مثله فتعايش مع فأرة في ذات البيت. بيد ان هذه الفأرة نغصت منام الصافي النجفي فقال فيها: * ورب فأرة في القرض ليلا - متى ما رمت نوما ازعجتني * اذا شعرت بيقظتي استكانت - وإن شعرت بنومي أيقظتني * اقول لها اقرضي وكلي نهارا - وفي الليل اتركيني واستكيني * فإني في النهار أخو عناء - واطرح العنا ليلا بكنــي اخيرا لم يملك الشاعر غير ان ينصب لها مصيدة فاصطادتها. راحت الفأرة تئن وتوصوص لتستعطف الشاعر فلم يستطع غير ان يخلي سبيلها ويطلقها من أسرها. وكما قلت أحاط بعطفه حتى الديدان والحشرات فقال: * ولست أرد ضيفا قد أتاني - من الحيوان او أنس وجن * ولست بمخرج ديدان بيتي - وأخجل حين دفع البق عني[/size] Quote Link to comment Share on other sites More sharing options...
Recommended Posts
Join the conversation
You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.