Jump to content
Baghdadee بغدادي

سيف محمد


Safaa

Recommended Posts

بينما يستغرق الكثير من عامه الناس وخاصتهم في تلك الموضوعه التي اثار زوبعتها الحبر الكاثوليكي الاعظم , لابد لنا من وقفه علميه . فالامر لايتعلق بنظره شخصيه او فهم خاص انما يتعلق بأيات قرانيه معروفه كان المفسرون قد اشبعوها بحثا

لذا ارتأيت ان اقدم مساهمه بسيطه تتمثل في ادراج اراء الفقهاء الذين تصدوا لتفسير هذه الايه ومن مختلف الطوائف الاسلاميه والخلفيات, عسى يكون ذلك مدخلا اكثر عقلانيه في ذلك النقاش المهم الذي اثاره حديث بابا الفاتيكان

 

في البدايه سادرج ماقاله البابا من حديث ثم احاول نشر ما استطيع جمعه من اراء الفقهاء الاسلاميين المحدثين والقدماء حول الايه 256 من سوره البقره التي استدل بها سياده البابا

 

ورد في حديث البابا وحسب الترجمه الوارده في موقع بغدادي وطبقا لمعرفتي بالنص الاصلي المنشور باللغه الانكليزيه

ا

في المحاوره السابعه التي نقلها بروفسر خوري , لمس الامبراطور موضوع الحرب المقدسه. الامبراطور كان كما يبدوا ملما بالسوره 2 -256 :

 

" لا اكراه في الدين "

.

طبقا لما يقوله المختصون , هذه السوره القرأنيه هي من سور المرحله الاولى للاسلام " سوره مكيه" عندما لم يكن لمحمد القوه وكان مهددا

طبعا كان الامبراطور عارفا بالاسس , التي تطورت وسجلت فيما يتعلق بالحرب المقدسه. من دون الخوض بالتفاصيل , مثل المعامله التميزيه لاصحاب الكتاب عن المشركين, وقد اضهر لمحدثه تاكيدا واضحا على السؤال الاساسي حول العلاقه بين الدين والعنف بصوره عامه قائلا

ا :

"راجع ما ماجاء به محمد من تعاليم جديده وسترى كل ماهو غير انساني و مكروه, مثل اوامره بنشر ديانته بالسيف"

بعد ان وضح الامبراطور افكاره بتشدد, تطرق باسهاب الى شرح لماذا يعتقد ان هذا المبدأ المتمثل بنشر المعتقد بالسيف هو امر غير عقلاني. فالعنف لايتناسب مع طبيعه الخالق وطبيعه النفس الانسانيه, " الخالق " كما قال ,"لن يكون مسرورا بالدماء تسيل وان اي تصرف لاعقلاني هو امر لايتماشى مع طبيعه الرب". المعتقد يولد مع النفس البشريه وليس مع الجسد. من يقود الناس الى الدين عليه ان يعرف كيف يتكلم بشكل جيد و يكون صاحب منطق, من دون عنف او تهديد.. لكي نقنع الروح المنطقيه, لن يكون هناك حاجه للسلاح من اي نوع او اي تهديد شخصي من اي نوع.."

 

المعنى الواضح من هذا الاعتراض على الاجبار في نشر الدين هو مايلي: عدم اتباع المنطق هو امر مخالف لطبيعه الخالق

 

 

فيما يلي سأبدا بالتفسير المشهور والمعتمد لاحد أئمه الشيعه المسمى بالميزان لصاحبه ايه الله السيد محمد حسين الطاباطبائي

المتوفي سنه 1402 ه المصادف لحوالي 1981 ميلاديه وحسب ما منشور في موقعه على الانترنت

الميزان في تفسير القرآن

سورة البقرة

256 - 257

 

لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257)

بيان

 

قوله تعالى: لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي، الإكراه هو الإجبار و الحمل على الفعل من غير رضى، و الرشد بالضم و الضمتين: إصابة وجه الأمر و محجة الطريق و يقابله الغي، فهما أعم من الهدى و الضلال، فإنهما إصابة الطريق الموصل و عدمها على ما قيل، و الظاهر أن استعمال الرشد في إصابة محجة الطريق من باب الانطباق على المصداق، فإن إصابة وجه الأمر من سالك الطريق أن يركب المحجة و سواء السبيل، فلزومه الطريق من مصاديق إصابة وجه الأمر، فالحق أن معنى الرشد و الهدى معنيان مختلفان ينطبق أحدهما بعناية خاصة على مصاديق الآخر و هو ظاهر، قال تعالى: «فإن آنستم منهم رشدا»: النساء - 6، و قال تعالى: «و لقد آتينا إبراهيم رشده من قبل:» الأنبياء - 51، و كذلك القول في الغي و الضلال، و لذلك ذكرنا سابقا: أن الضلال هو العدول عن الطريق مع ذكر الغاية و المقصد، و الغي هو العدول مع نسيان الغاية فلا يدري الإنسان الغوي ما ذا يريد و ما ذا يقصد.

 

و في قوله تعالى: لا إكراه في الدين، نفى الدين الإجباري، لما أن الدين و هو سلسلة من المعارف العلمية التي تتبعها أخرى عملية يجمعها أنها اعتقادات، و الاعتقاد و الإيمان من الأمور القلبية التي لا يحكم فيها الإكراه و الإجبار، فإن الإكراه إنما يؤثر في الأعمال الظاهرية و الأفعال و الحركات البدنية المادية، و أما الاعتقاد القلبي فله علل و أسباب أخرى قلبية من سنخ الاعتقاد و الإدراك، و من المحال أن ينتج الجهل علما، أو تولد المقدمات غير العلمية تصديقا علميا، فقوله: لا إكراه في الدين، إن كان قضية إخبارية حاكية عن حال التكوين أنتج حكما دينيا بنفي الإكراه على الدين و الاعتقاد، و إن كان حكما إنشائيا تشريعيا كما يشهد به ما عقبه تعالى من قوله: قد تبين الرشد من الغي، كان نهيا عن الحمل على الاعتقاد و الإيمان كرها، و هو نهي متك على حقيقة تكوينية، و هي التي مر بيانها أن الإكراه إنما يعمل و يؤثر في مرحلة الأفعال البدنية دون الاعتقادات القلبية.

 

و قد بين تعالى هذا الحكم بقوله: قد تبين الرشد من الغي، و هو في مقام التعليل فإن الإكراه و الإجبار إنما يركن إليه الأمر الحكيم و المربي العاقل في الأمور المهمة التي لا سبيل إلى بيان وجه الحق فيها لبساطة فهم المأمور و رداءة ذهن المحكوم، أو لأسباب و جهات أخرى، فيتسبب الحاكم في حكمه بالإكراه أو الأمر بالتقليد و نحوه، و أما الأمور المهمة التي تبين وجه الخير و الشر فيها، و قرر وجه الجزاء الذي يلحق فعلها و تركها فلا حاجة فيها إلى الإكراه، بل للإنسان أن يختار لنفسه ما شاء من طرفي الفعل و عاقبتي الثواب و العقاب، و الدين لما انكشفت حقائقه و اتضح طريقه بالبيانات الإلهية الموضحة بالسنة النبوية فقد تبين أن الدين رشد و الرشد في اتباعه، و الغي في تركه و الرغبة عنه، و على هذا لا موجب لأن يكره أحد أحدا على الدين.

 

و هذه إحدى الآيات الدالة على أن الإسلام لم يبتن على السيف و الدم، و لم يفت بالإكراه و العنوة على خلاف ما زعمه عدة من الباحثين من المنتحلين و غيرهم أن الإسلام دين السيف استدلوا عليه: بالجهاد الذي هو أحد أركان هذا الدين.

 

و قد تقدم الجواب عنه في ضمن البحث عن آيات القتال و ذكرنا هناك أن القتال الذي ندب إليه الإسلام ليس لغاية إحراز التقدم و بسط الدين بالقوة و الإكراه، بل لإحياء الحق و الدفاع عن أنفس متاع للفطرة و هو التوحيد،، و أما بعد انبساط التوحيد بين الناس و خضوعهم لدين النبوة و لو بالتهود و التنصر فلا نزاع لمسلم مع موحد و لا جدال، فالإشكال ناش عن عدم التدبر.

 

و يظهر مما تقدم أن الآية أعني قوله: لا إكراه في الدين غير منسوخة بآية السيف كما ذكره بعضهم.

 

و من الشواهد على أن الآية غير منسوخة التعليل الذي فيها أعني قوله: قد تبين الرشد من الغي، فإن الناسخ ما لم ينسخ علة الحكم لم ينسخ نفس الحكم، فإن الحكم باق ببقاء سببه، و معلوم أن تبين الرشد من الغي في أمر الإسلام أمر غير قابل للارتفاع بمثل آية السيف، فإن قوله: فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم مثلا، أو قوله: و قاتلوا في سبيل الله الآية لا يؤثران في ظهور حقية الدين شيئا حتى ينسخا حكما معلولا لهذا الظهور.

 

و بعبارة أخرى الآية تعلل قوله: لا إكراه في الدين بظهور الحق: و هو معنى لا يختلف حاله قبل نزول حكم القتال و بعد نزوله، فهو ثابت على كل حال، فهو غير منسوخ.

 

 

أما العلامه الشهير الفيلسوف صدر الدين الشيرازي " الملا صدرا" المتوفي سنه 1631 ميلاديه والذي يعتبر اليوم من اعظم فلاسفه الشيعه المحدثين فيرى

وكما منشور على موقع ال البيت

تفسير صدر المتألهين/ صدر المتألهين مصنف و مدقق مرحلة اولى

 

--------------------------------------------------------------------------------

قراءة الآية

فتح صفحة القرآن

الانتقال الى صفحة القرآن

{ لاَ إِكْرَاهَ فِي ٱلدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِٱلطَّاغُوتِ وَيْؤْمِن بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ لاَ ٱنفِصَامَ لَهَا وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }

 

 

المقالة الثانية عشرة:

 

في قوله سبحانه: { لاَ إِكْرَاهَ فِي ٱلدِّينِ }

 

وفيه أطوار:

 

الطور الأول

 

في اللَّفظ

 

" اللاَّم " في " الدين " إمّا أنه لام العهد كما ذهب إليه بعض، أو أنه بدل من الإضافة كما رآه آخرون، وهو مثل قوله تعالى:

{ فَإِنَّ ٱلْجَنَّةَ هِيَ ٱلْمَأْوَىٰ }

[النازعات:40]. أي: مأواه، والمراد " في دين الله ".

 

و " الدين " معناه في الأصل: العادة والشأن، ودانه: أذلّه واستعبده، يقال: دنته، فدان، ثم استعمل بمعنى الجزاء: دانه ديناً، أي: جازاه، يقال: " ما تُدين تدان " أي: كما تجازي تجازى بفعلك وبحسب ما عملت، وقوله تعالى:

{ أَإِنَّا لَمَدِينُونَ }

[الصافات:53]. أي: مجزّيون، ومنه: " الدَّيان " في صفة الله، و " قوم دين " أي: داينون، والمدين: العبد. والمدينة: الأمة كأنهما أذلّهما العمل ودنته: ملكته، ومنه سميَ المصر " المدينة " ثم استعمل بمعنى الطاعة، ودان له: أطاعه، ومنه " الدين " ، والجمع: " الأديان " وقد دان بكذا، ديانة وتديّن به، فهو دَيّن ومتديّن.

 

الطور الثاني

 

في المعنى

 

والتحقيق فيه: أنَّ " الدِّين " في الحقيقة، هو التسليم والرضا الحاصلين بسبب العقائد العلميّة التي وقعت بإفاضة الله على القلب المطمئن بالإيمان لمناسبة ذاتيّة، أو كسبية بمزاولة الأفكار والأنظار في طلب الكشف واليقين، وكما أنَّ العلوم الضروريّة تحصل في القلب بمجرّد الإفاضة من غير إكراه وجبر، فكذلك العلوم النظريّة والمعارف الإلهيّة إنَّما تحصل عقيب المبادئ والمقدمات الإلهاميّة، أو التعليميّة بمجرد الإلقاء في الروع، والتأثير في الباطن، والقذف في القلب من غير إجبار في الظاهر وإكراه في القالب.

 

وذلك لأن الدِّين أمر باطني، ولا تسلّط لأحد على باطن الإنسان وقلبه إلاَّ للواحد الحق، من جهة المناسبات الذاتيّة، والقربات المعنويّة، والمواجيد الذوقيّة، والمكاشفات الشوقيّة، والتجليّات الإلهيّة، وقد ورد في الخبر: " إنَّ الله تعالى إذا تجلّى لشيء خضع له باطنه وظاهره ".

 

وفي الحديث النبوي عليه وآله أفضل الصلوات والتسليم: " ليس الدين بالتمنّي ".

 

مع أن التمنّي نوع من الاختيار، فكيف يحصل بالإكراه - وهو الإجبار - وذلك لأنّ الدين هو الاستسلام لأوامر الشرع ظاهراً، والتسليم لأحكام الحق تعالى باطناً من غير حرج في الباطن، كقوله تعالى:

{ إِنَّ الدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلاَمُ }

[آل عمران:19]. وقوله:

{ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ }

[النساء:65].

 

الطور الثالث

 

فيما سنح لنا بالبال في تحقيق المرام وفي انتظامه بما سبق من الكلام

 

إنَّ الله سبحانه وتعالى بعدما بيَّن معارف التوحيد الذاتي، والصفاتي، والأفعالي بوجه شاف كاف متعال، أراد أن يشير إلى طريق العبودية لهذا المعبود الموصوف بغاية الجمال والجلال، المنزّه عن المماثل في الكمال والشريك في الأفعال، فأشار إلى " مقام الرضا " الذي هو من لوازم المعرفة، واليقين، والبصيرة التامة، في أمر الدين، وهو أعلى مراتب العابدين قبل حصول الفناء، وأجلَّ مراتب العارفين الصديقين في هذه الحياة الدنيا حين بقاء الوجود فيهم بعدُ، وعدم اندكاك جبل هويتهم في ملاحظ الهويَّة الأولى، فقال: { لاَ إِكْرَاهَ فِي ٱلدِّينِ }.

 

 

 

ثم لننتقل الى تفسير قديم للطبرسي المعتمد لدى الشيعه الاثني عشريه

وعلى نفس موقع اعلاه

تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى

 

--------------------------------------------------------------------------------

قراءة الآية

فتح صفحة القرآن

الانتقال الى صفحة القرآن

{ لاَ إِكْرَاهَ فِي ٱلدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِٱلطَّاغُوتِ وَيْؤْمِن بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ لاَ ٱنفِصَامَ لَهَا وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }

 

 

المعنى:

 

قيل في معنى قوله: { لا إكراه في الدين } أربعة أقوال: أولها - قال الحسن وقتادة والضحاك: إنها في أهل الكتاب خاصة الذين يؤخذ منهم الجزية. الثاني - قال السدي وابن زيد: إنها منسوخة بالآيات التي أمر فيها بالحرب نحو قوله:

{ واقتلوا المشركين حيث وجدتموهم }

وقوله:

{ فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب }

الثالث - قال ابن عباس وسعيد بن جبير: إنها نزلت في بعض أبناء الانصار وكانوا يهوداً فاريد إكراههم على الاسلام. الرابع - قيل { لا إكراه في الدين } أي لا تقولوا لمن دخل فيه بعد حرب إنه دخل مكرها، لأنه إذا رضي بعد الحرب، وصح اسلامه فليس بمكره، فان قيل كيف تقولون { لا إكراه في الدين } وهم يقتلون عليه! قلنا المراد بذلك لا إكراه فيما هو دين في الحقيقة، لأن ذلك من أفعال القلوب إذا فعل لوجه بوجوبه، فأما ما يكره عليه من إظهار الشهادتين، فليس بدين، كما أن من أكره على كلمة الكفر لم يكن كافراً.

 

وقوله: { قد تبين الرشد من الغي } معناه قد ظهر بكثرة الحجج، والآيات الدالة لانضمام ما أتى الرسول فيه الى ما في الفعل منه والالف واللام في قوله " في الدين " يحتمل أمرين:

 

أحدهما - أن يكون مثل قوله

{ فإن الجنة هي المأوى }

بمعنى هي مأواه فكذلك { لا إكراه في الدين } أي في دينه، لأنه قد تقدم ذكر الله كأنه قال: { لا إكراه في دين } الله.

 

والثاني - لتعريف دين الاسلام.

 

اللغة، والمعنى:

 

والغي ضد الرشد، تقول غوى يغوي غياً وغواية: إذا سلك خلاف طريق الرشد، وغوى: إذا خاب قال الشاعر:

 

ومن يغو لا يعدم على الغي لائما

أي من يخب. وغوى الفصيل يغوي غياً: إذا قطع عن اللبن حتى يكاد يهلك وقوله:

{ رب بما أغويتني }

يحتمل أمرين: أحدهما - خيبتنى. الثاني - بما حكمت بغوايتي، ومنه قوله:

{ أغويناهم كما غوينا تبرأنا إليك }

والأصل الغي سلوك طريق الهلاك.

 

.

Link to comment
Share on other sites

 

اما من المحدثين من اهل السنه والجماعه فلنبدأ بالعلامه الالوسي

تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ)

 

--------------------------------------------------------------------------------

قراءة الآية

فتح صفحة القرآن

الانتقال الى صفحة القرآن

{ لاَ إِكْرَاهَ فِي ٱلدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِٱلطَّاغُوتِ وَيْؤْمِن بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ لاَ ٱنفِصَامَ لَهَا وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }

 

 

{ لا إِكْرَاهَ فِى ٱلدّينِ } قيل: إن هذه إلى قوله سبحانه:

{ خَـٰلِدُونَ }

(752) من بقية آية الكرسي، والحق أنها ليست منها بل هي جملة مستأنفة جيء بها إثر بيان دلائل التوحيد للإيذان بأنه لا يتصور الإكراه في الدين لأنه في الحقيقة إلزام الغير فعلاً لا يرى فيه خيراً يحمله عليه والدين خير كله، والجملة على هذا خبر باعتبار/ الحقيقة ونفس الأمر وأما ما يظهر بخلافه فليس إكراهاً حقيقياً، وجوز أن تكون إخباراً في معنى النهي أي لا تكرهوا في الدين وتجبروا عليه وهو حينئذٍ إما عام منسوخ بقوله تعالى:

{ جَـٰهِدِ ٱلْكُفَّـٰرَ وَٱلْمُنَـٰفِقِينَ }

[التوبة: 37] وهو المحكي عن ابن مسعود وابن زيد وسليمان بن موسى، أو مخصوص بأهل الكتاب الذين قبلوا الجزية ـ وهو المحكي عن الحسن وقتادة والضحاك ـ وفي سبب النزول ما يؤيده فقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما «أن رجلاً من الأنصار من بني سالم بن عوف يقال له الحصين كان له ابنان نصرانيان وكان هو رجلاً مسلماً فقال للنبـي صلى الله عليه وسلم: ألا أستكرههما فإنهما قد أبيا إلا النصرانية؟ فأنزل الله تعالى فيه ذلك». وأل في (الدين) للعهد، وقيل: بدل من الإضافة أي دين الله وهو ملة الإسلام، وفاعل الإكراه على كل تقدير غيره تعالى، ومن الناس من قال: إن المراد ليس في الدين إكراه من الله تعالى وقسر بل مبني الأمر على التمكين والاختيار ولولا ذلك لما حصل الابتلاء ولبطل الامتحان فالآية نظير قوله تعالى:

{ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ }

[الكهف: 92] وإلى ذلك ذهب القفال.

 

{ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيّ } تعليل صدر بكلمة التحقيق لزيادة تقرير مضمونه أي قد تميز بما ذكر من نعوته تعالى التي يمتنع توهم اشتراك الغير في شيء منها الإيمان من الكفر والصواب من الخطأ و ـ الرشد ـ بضم الراء وسكون الشين على المشهور مصدر ـ رشد ـ بفتح الشين يرشد بضمها، ويقرأ بفتح الراء والشين، وفعله رشد يرشد مثل علم يعلم وهو نقيض ـ الغي ـ وأصله سلوك طريق الهلاك، وقال الراغب، هو كالجهل إلا أن الجهل يقال اعتباراً بالاعتقاد، والغي اعتباراً بالأفعال، ولهذا قيل: زوال الجهل بالعلم، وزوال الغي بالرشد، ويقال لمن أصاب: رشد، ولمن أخطأ غوى، ويقال لمن خاب: غوى أيضاً، ومنه قوله:ومن يلق خيراً يحمد الناس أمره ومن يغو لم يعدم على الغي (لائماً)

 

ثم لننتقل الى احد اهم التفاسير عند اهل السنه والجماعه والمعروف بتفسير القرطبي كما منشور على موقع اسلام الذي تشرف عليه وزاره الثقافه الدينيه في السعوديه

 

لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ

 

فِيهِ مَسْأَلَتَانِ : الْأُولَى : قَوْله تَعَالَى : " لَا إِكْرَاه فِي الدِّين " الدِّين فِي هَذِهِ الْآيَة الْمُعْتَقَد وَالْمِلَّة بِقَرِينَةِ قَوْله : " قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْد مِنْ الْغَيّ " . وَالْإِكْرَاه الَّذِي فِي الْأَحْكَام مِنْ الْإِيمَان وَالْبُيُوع وَالْهِبَات وَغَيْرهَا لَيْسَ هَذَا مَوْضِعه , وَإِنَّمَا يَجِيء فِي تَفْسِير قَوْله : " إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ " [ النَّحْل : 106 ] . وَقَرَأَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَن " قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْد مِنْ الْغَيّ " وَكَذَا رُوِيَ عَنْ الْحَسَن وَالشَّعْبِيّ , يُقَال : رَشَدَ يَرْشُد رُشْدًا , وَرَشِدَ يَرْشَد رَشَدًا : إِذَا بَلَغَ مَا يُحِبّ . وَغَوَى ضِدّه , عَنْ النَّحَّاس . وَحَكَى اِبْن عَطِيَّة عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ أَنَّهُ قَرَأَ " الرَّشَاد " بِالْأَلِفِ . وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَن أَيْضًا " الرُّشُد " بِضَمِّ الرَّاء وَالشِّين . " الْغَيّ " مَصْدَر مِنْ غَوَى يَغْوِي إِذَا ضَلَّ فِي مُعْتَقَد أَوْ رَأْي , وَلَا يُقَال الْغَيّ فِي الضَّلَال عَلَى الْإِطْلَاق .

 

الثَّانِيَة : اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَة عَلَى سِتَّة أَقْوَال :

 

[ الْأَوَّل ] قِيلَ إِنَّهَا مَنْسُوخَة ; لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَكْرَهَ الْعَرَب عَلَى دِين الْإِسْلَام وَقَاتَلَهُمْ وَلَمْ يَرْضَ مِنْهُمْ إِلَّا بِالْإِسْلَامِ , قَالَهُ سُلَيْمَان بْن مُوسَى , قَالَ : نَسَخَتْهَا " يَا أَيّهَا النَّبِيّ جَاهِدْ الْكُفَّار وَالْمُنَافِقِينَ " [ التَّوْبَة : 73 ] . وَرُوِيَ هَذَا عَنْ اِبْن مَسْعُود وَكَثِير مِنْ الْمُفَسِّرِينَ .

 

[ الثَّانِي ] لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ وَإِنَّمَا نَزَلَتْ فِي أَهْل الْكِتَاب خَاصَّة , وَأَنَّهُمْ لَا يُكْرَهُونَ عَلَى الْإِسْلَام إِذَا أَدَّوْا الْجِزْيَة , وَاَلَّذِينَ يُكْرَهُونَ أَهْل الْأَوْثَان فَلَا يُقْبَل مِنْهُمْ إِلَّا الْإِسْلَام فَهُمْ الَّذِينَ نَزَلَ فِيهِمْ " يَا أَيّهَا النَّبِيّ جَاهِدْ الْكُفَّار وَالْمُنَافِقِينَ " . هَذَا قَوْل الشَّعْبِيّ وَقَتَادَة وَالْحَسَن وَالضَّحَّاك . وَالْحُجَّة لِهَذَا الْقَوْل مَا رَوَاهُ زَيْد بْن أَسْلَم عَنْ أَبِيهِ قَالَ : سَمِعْت عُمَر بْن الْخَطَّاب يَقُول لِعَجُوزٍ نَصْرَانِيَّة : أَسْلِمِي أَيَّتهَا الْعَجُوز تَسْلَمِي , إِنَّ اللَّه بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ . قَالَتْ : أَنَا عَجُوز كَبِيرَة وَالْمَوْت إِلَيَّ قَرِيب ! فَقَالَ عُمَر : اللَّهُمَّ اِشْهَدْ , وَتَلَا " لَا إِكْرَاه فِي الدِّين " .

 

[ الثَّالِث ] مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ فِي الْأَنْصَار , كَانَتْ تَكُون الْمَرْأَة مِقْلَاتًا فَتَجْعَل عَلَى نَفْسهَا إِنْ عَاشَ لَهَا وَلَد أَنْ تُهَوِّدهُ , فَلَمَّا أُجْلِيَتْ بَنُو النَّضِير كَانَ فِيهِمْ كَثِير مِنْ أَبْنَاء الْأَنْصَار فَقَالُوا : لَا نَدَع أَبْنَاءَنَا فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى : " لَا إِكْرَاه فِي الدِّين قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْد مِنْ الْغَيّ " . قَالَ أَبُو دَاوُد : وَالْمِقْلَات الَّتِي لَا يَعِيش لَهَا وَلَد . فِي رِوَايَة : إِنَّمَا فَعَلْنَا مَا فَعَلْنَا وَنَحْنُ نَرَى أَنَّ دِينهمْ أَفْضَل مِمَّا نَحْنُ عَلَيْهِ , وَأَمَّا إِذَا جَاءَ اللَّه بِالْإِسْلَامِ فَنُكْرِههُمْ عَلَيْهِ فَنَزَلَتْ : " لَا إِكْرَاه فِي الدِّين " مَنْ شَاءَ اِلْتَحَقَ بِهِمْ وَمَنْ شَاءَ دَخَلَ فِي الْإِسْلَام . وَهَذَا قَوْل سَعِيد بْن جُبَيْر وَالشَّعْبِيّ وَمُجَاهِد إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : كَانَ سَبَب كَوْنهمْ فِي بَنِي النَّضِير الِاسْتِرْضَاع . قَالَ النَّحَّاس : قَوْل اِبْن عَبَّاس فِي هَذِهِ الْآيَة أَوْلَى الْأَقْوَال لِصِحَّةِ إِسْنَاده , وَأَنَّ مِثْله لَا يُؤْخَذ بِالرَّأْيِ .

[ الرَّابِع ] قَالَ السُّدِّيّ : نَزَلَتْ الْآيَة فِي رَجُل مِنْ الْأَنْصَار يُقَال لَهُ أَبُو حُصَيْن كَانَ لَهُ اِبْنَانِ , فَقَدِمَ تُجَّار مِنْ الشَّام إِلَى الْمَدِينَة يَحْمِلُونَ الزَّيْت , فَلَمَّا أَرَادُوا الْخُرُوج أَتَاهُمْ اِبْنَا الْحُصَيْن فَدَعَوْهُمَا إِلَى النَّصْرَانِيَّة فَتَنَصَّرَا وَمَضَيَا مَعَهُمْ إِلَى الشَّام , فَأَتَى أَبُوهُمَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُشْتَكِيًا أَمْرهمَا , وَرَغِبَ فِي أَنْ يَبْعَث رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يَرُدّهُمَا فَنَزَلَتْ : " لَا إِكْرَاه فِي الدِّين " وَلَمْ يُؤْمَر يَوْمئِذٍ بِقِتَالِ أَهْل الْكِتَاب , وَقَالَ : ( أَبْعَدَهُمَا اللَّه هُمَا أَوَّل مَنْ كَفَرَ ) فَوَجَدَ أَبُو الْحُصَيْن فِي نَفْسه عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين لَمْ يَبْعَث فِي طَلَبهمَا فَأَنْزَلَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ " فَلَا وَرَبّك لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شَجَرَ بَيْنهمْ " [ النِّسَاء : 65 ] الْآيَة ثُمَّ إِنَّهُ نَسَخَ " لَا إِكْرَاه فِي الدِّين " فَأُمِرَ بِقِتَالِ أَهْل الْكِتَاب فِي سُورَة [ بَرَاءَة ] . وَالصَّحِيح فِي سَبَب قَوْله تَعَالَى : " فَلَا وَرَبّك لَا يُؤْمِنُونَ " حَدِيث الزُّبَيْر مَعَ جَاره الْأَنْصَارِيّ فِي السَّقْي , عَلَى مَا يَأْتِي فِي [ النِّسَاء ] بَيَانه إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى .

 

[ وَقِيلَ ] مَعْنَاهَا لَا تَقُولُوا لِمَنْ أَسْلَمَ تَحْت السَّيْف مُجْبَرًا مُكْرَهًا , وَهُوَ الْقَوْل الْخَامِس .

 

[ وَقَوْل سَادِس ] وَهُوَ أَنَّهَا وَرَدَتْ فِي السَّبْي مَتَى كَانُوا مِنْ أَهْل الْكِتَاب لَمْ يُجْبَرُوا إِذَا كَانُوا كِبَارًا , وَإِنْ كَانُوا مَجُوسًا صِغَارًا أَوْ كِبَارًا أَوْ وَثَنِيِّينَ فَإِنَّهُمْ يُجْبَرُونَ عَلَى الْإِسْلَام ; لِأَنَّ مَنْ سَبَاهُمْ لَا يَنْتَفِع بِهِمْ مَعَ كَوْنهمْ وَثَنِيِّينَ , أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا تُؤْكَل ذَبَائِحهمْ وَلَا تُوطَأ نِسَاؤُهُمْ , وَيَدِينُونَ بِأَكْلِ الْمَيْتَة وَالنَّجَاسَات وَغَيْرهمَا , وَيَسْتَقْذِرهُمْ الْمَالِك لَهُمْ وَيَتَعَذَّر عَلَيْهِ الِانْتِفَاع بِهِمْ مِنْ جِهَة الْمِلْك فَجَازَ لَهُ الْإِجْبَار . وَنَحْو هَذَا رَوَى اِبْن الْقَاسِم عَنْ مَالِك . وَأَمَّا أَشْهَب فَإِنَّهُ قَالَ : هُمْ عَلَى دِين مَنْ سَبَاهُمْ , فَإِذَا اِمْتَنَعُوا أُجْبِرُوا عَلَى الْإِسْلَام , وَالصِّغَار لَا دِين لَهُمْ فَلِذَلِكَ أُجْبِرُوا عَلَى الدُّخُول فِي دِين الْإِسْلَام لِئَلَّا يَذْهَبُوا إِلَى دِين بَاطِل . فَأَمَّا سَائِر أَنْوَاع الْكُفْر مَتَى بَذَلُوا الْجِزْيَة لَمْ نُكْرِههُمْ عَلَى الْإِسْلَام سَوَاء كَانُوا عَرَبًا أَمْ عَجَمًا قُرَيْشًا أَوْ غَيْرهمْ . وَسَيَأْتِي بَيَان هَذَا وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي الْجِزْيَة وَمَنْ تُقْبَل مِنْهُ فِي [ بَرَاءَة ] إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى

 

 

تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق

 

*

 

--------------------------------------------------------------------------------

قراءة الآية

فتح صفحة القرآن

الانتقال الى صفحة القرآن

{ لاَ إِكْرَاهَ فِي ٱلدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِٱلطَّاغُوتِ وَيْؤْمِن بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ لاَ ٱنفِصَامَ لَهَا وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }

 

 

فيه مسألتان:

 

المسألة الأولى: اللام في { ٱلدّينِ } فيه قولان أحدهما: أنه لام العهد والثاني: أنه بدل من الإضافة، كقوله

{ فَإِنَّ ٱلْجَنَّةَ هِىَ ٱلْمَأْوَىٰ }

[النازعات: 41] أي مأواه، والمراد في دين الله.

 

المسألة الثانية: في تأويل الآية وجوه أحدها: وهو قول أبي مسلم والقفال وهو الأليق بأصول المعتزلة: معناه أنه تعالى ما بنى أمر الإيمان على الإجبار والقسر، وإنما بناه على التمكن والاختيار، ثم احتج القفال على أن هذا هو المراد بأنه تعالى لما بيّن دلائل التوحيد بياناً شافياً قاطعاً للعذر، قال بعد ذلك: إنه لم يبق بعد إيضاح هذه الدلائل للكافر عذر في الإقامة على الكفر إلا أن يقسر على الإيمان ويجبر عليه، وذلك مما لا يجوز في دار الدنيا التي هي دار الابتلاء، إذ في القهر والإكراه على الدين بطلان معنى الابتلاء والامتحان، ونظير هذا قوله تعالى:

{ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ }

[الكهف: 29] وقال في سورة أخرى

{ وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِى ٱلأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ ٱلنَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ }

[الشعراء: 3، 4] وقال في سورة الشعراء { لَعَلَّكَ بَـٰخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ إِن نَّشَأْ نُنَزّلْ عَلَيْهِمْ مّنَ ٱلسَّمَاء ءَايَةً فَظَلَّتْ أَعْنَـٰقُهُمْ لَهَا خَـٰضِعِينَ } ومما يؤكد هذا القول أنه تعالى قال بعد هذه الآية { قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيّ } يعني ظهرت الدلائل، ووضحت البينات، ولم يبق بعدها إلا طريق القسر والإلجاء والإكراه، وذلك غير جائز لأنه ينافي التكليف فهذا تقرير هذا التأويل.

 

القول الثاني: في التأويل هو أن الإكراه أن يقول المسلم للكافر: إن آمنت وإلا قتلتك فقال تعالى: { لا إِكْرَاهَ فِى ٱلدّينِ } أما في حق أهل الكتاب وفي حق المجوس، فلأنهم إذا قبلوا الجزية سقط القتل عنهم، وأما سائر الكفار فإذا تهودوا أو تنصروا فقد اختلف الفقهاء فيهم، فقال بعضهم: إنه يقر عليه؛ وعلى هذا التقدير يسقط عنه القتل إذا قبل الجزية، وعلى مذهب هؤلاء كان قوله { لا إِكْرَاهَ فِى ٱلدّينِ } عاماً في كل الكفار، أما من يقول من الفقهاء بأن سائر الكفار إذا تهودوا أو تنصروا فإنهم لا يقرون عليه، فعلى قوله يصح الإكراه في حقهم، وكان قوله { لا إِكْرَاهَ } مخصوصاً بأهل الكتاب.

 

والقول الثالث: لا تقولوا لمن دخل في الدين بعد الحرب إنه دخل مكرهاً، لأنه إذا رضي بعد الحرب وصح إسلامه فليس بمكره، ومعناه لا تنسبوهم إلى الإكراه، ونظيره قوله تعالى:

{ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ ٱلسَّلَـٰمَ لَسْتَ مُؤْمِناً }

[النساء: 94].

 

أما قوله تعالى: { قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيّ } ففيه مسألتان:

 

المسألة الأولى: يقال: بان الشيء واستبان وتبين إذا ظهر ووضح، ومنه المثل: قد تبين الصبح لذي عينين، وعندي أن الإيضاح والتعريف إنما سمي بياناً لأنه يوقع الفصل والبينونة بين المقصود وغيره، والرشد في اللغة معناه إصابة الخير، وفيه لغتان: رشد ورشد والرشاد مصدر أيضاً كالرشد، والغي نقيض الرشد، يقال غوى يغوي غياً وغواية، إذا سلك غير طريق الرشد.

 

 

 

Link to comment
Share on other sites

 

 

اما تفسير الجلالين المعتمد هو الاخر لدى اهل السنه وكما ورد في نفس الموقع اعلاه

لا إكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ

 

"لَا إكْرَاه فِي الدِّين" عَلَى الدُّخُول فِيهِ "قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْد مِنْ الْغَيّ" أَيْ ظَهَرَ بِالْآيَاتِ الْبَيِّنَات أَنَّ الْإِيمَان رُشْد وَالْكُفْر غَيّ نَزَلَتْ فِيمَنْ كَانَ لَهُ مِنْ الْأَنْصَار أَوْلَاد أَرَادَ أَنْ يُكْرِههُمْ عَلَى الْإِسْلَام "فَمَنْ يَكْفُر بِالطَّاغُوتِ" الشَّيْطَان أَوْ الْأَصْنَام وَهُوَ يُطْلَق عَلَى الْمُفْرَد وَالْجَمْع "وَيُؤْمِن بِاَللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ" تَمَسَّكَ "بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى" بِالْعَقْدِ الْمُحْكَم "لَا انْفِصَام" انْقِطَاع "لَهَا وَاَللَّه سَمِيع" لِمَا يُقَال "عَلِيم" بِمَا يَفْعَل

 

أما تفسير ابن كثير فيذهب وكما منشور على نفس الوقع اعلاه ايظا

 

لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ

 

يَقُول تَعَالَى " لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّين " أَيْ لَا تُكْرِهُوا أَحَدًا عَلَى الدُّخُول فِي دِين الْإِسْلَام فَإِنَّهُ بَيِّنٌ وَاضِحٌ جَلِيٌّ دَلَائِله وَبَرَاهِينه لَا يَحْتَاج إِلَى أَنْ يُكْرَه أَحَد عَلَى الدُّخُول فِيهِ بَلْ مَنْ هَدَاهُ اللَّه لِلْإِسْلَامِ وَشَرَحَ صَدْره وَنَوَّرَ بَصِيرَته دَخَلَ فِيهِ عَلَى بَيِّنَة وَمَنْ أَعْمَى اللَّه قَلْبه وَخَتَمَ عَلَى سَمْعه وَبَصَره فَإِنَّهُ لَا يُفِيدهُ الدُّخُول فِي الدِّين مُكْرَهًا مَقْسُورًا وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ سَبَب نُزُول هَذِهِ الْآيَة فِي قَوْم مِنْ الْأَنْصَار وَإِنْ كَانَ حُكْمهَا عَامًّا وَقَالَ اِبْن جَرِير : حَدَّثَنَا اِبْن يَسَار حَدَّثَنَا اِبْن أَبِي عَدِيّ عَنْ شُعْبَة عَنْ أَبِي بِشْر عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : كَانَتْ الْمَرْأَة تَكُون مِقْلَاة فَتَجْعَل عَلَى نَفْسهَا إِنْ عَاشَ لَهَا وَلَد أَنْ تُهَوِّدَهُ فَلَمَّا أُجْلِيَتْ بَنُو النَّضِير كَانَ فِيهِمْ مِنْ أَبْنَاء الْأَنْصَار فَقَالُوا : لَا نَدَع أَبْنَاءَنَا فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّين قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْد مِنْ الْغَيّ " وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ جَمِيعًا عَنْ بُنْدَار بِهِ وَمِنْ وُجُوه أُخَر عَنْ شُعْبَة بِهِ نَحْوه وَقَدْ رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم وَابْن حِبَّان فِي صَحِيحه مِنْ حَدِيث شُعْبَة بِهِ وَهَكَذَا ذَكَرَ مُجَاهِد وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَالشَّعْبِيّ وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ وَغَيْرهمْ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ وَقَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد الْجُرَشِيّ عَنْ زَيْد بْن ثَابِت عَنْ عِكْرِمَة أَوْ عَنْ سَعِيد عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله " لَا إِكْرَاه فِي الدِّين" قَالَ : نَزَلَتْ فِي رَجُل مِنْ الْأَنْصَار مِنْ بَنِي سَالِم بْن عَوْف يُقَال لَهُ الْحُصَيْنِيّ كَانَ لَهُ اِبْنَانِ نَصْرَانِيَّانِ وَكَانَ هُوَ رَجُلًا مُسْلِمًا فَقَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلَا أَسْتَكْرِههُمَا فَإِنَّهُمَا قَدْ أَبَيَا إِلَّا النَّصْرَانِيَّة فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِ ذَلِكَ رَوَاهُ اِبْن جَرِير وَرَوَى السُّدِّيّ نَحْو ذَلِكَ وَزَادَ وَكَانَا قَدْ تَنَصَّرَا عَلَى أَيْدِي تُجَّار قَدِمُوا مِنْ الشَّام يَحْمِلُونَ زَبِيبًا فَلَمَّا عَزَمَا عَلَى الذَّهَاب مَعَهُمْ أَرَادَ أَبُوهُمَا أَنْ يَسْتَكْرِههُمَا وَطَلَبَ مِنْ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَبْعَث فِي آثَارهمَا فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَوْف أَخْبَرَنَا شَرِيك عَنْ أَبِي هِلَال عَنْ أَسْبَق قَالَ : كُنْت فِي دِينهمْ مَمْلُوكًا نَصْرَانِيًّا لِعُمَر بْن الْخَطَّاب فَكَانَ يَعْرِض عَلَيَّ الْإِسْلَام فَآبَى فَيَقُول " لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ " وَيَقُول يَا أَسْبَق لَوْ أَسْلَمْت لَاسْتَعَنَّا بِك عَلَى بَعْض أُمُور الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ ذَهَبَ طَائِفَة كَثِيرَة مِنْ الْعُلَمَاء أَنَّ هَذِهِ مَحْمُولَة عَلَى أَهْل الْكِتَاب وَمَنْ دَخَلَ فِي دِينهمْ قَبْل النَّسْخ وَالتَّبْدِيل إِذَا بَذَلُوا الْجِزْيَة وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هِيَ مَنْسُوخَة بِآيَةِ الْقِتَال وَأَنَّهُ يَجِب أَنْ يُدْعَى جَمِيع الْأُمَم إِلَى الدُّخُول فِي الدِّين الْحَنِيف دِين الْإِسْلَام فَإِنْ أَبَى أَحَد مِنْهُمْ الدُّخُول وَلَمْ يَنْقَدْ لَهُ أَوْ يَبْذُل الْجِزْيَة قُوتِلَ حَتَّى يُقْتَل وَهَذَا مَعْنَى لَا إِكْرَاه قَالَ اللَّه تَعَالَى" سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْس شَدِيد تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ " وَقَالَ تَعَالَى " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدْ الْكُفَّار وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ " وَقَالَ تَعَالَى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنْ الْكُفَّار وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه مَعَ الْمُتَّقِينَ" وَفِي الصَّحِيح عَجِبَ رَبُّك مِنْ قَوْم يُقَادُونَ إِلَى الْجَنَّة فِي السَّلَاسِل يَعْنِي الْأُسَارَى الَّذِينَ يُقْدَم بِهِمْ بِلَاد الْإِسْلَام فِي الْوَثَائِق وَالْأَغْلَال وَالْقُيُود وَالْأَكْبَال ثُمَّ بَعْد ذَلِكَ يُسْلِمُونَ وَتَصْلُح أَعْمَالهمْ وَسَرَائِرهمْ فَيَكُونُوا مِنْ أَهْل الْجَنَّة فَأَمَّا الْحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ حُمَيْد عَنْ أَنَس أَنَّ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِرَجُلٍ أَسْلِمْ قَالَ إِنِّي أَجِدُنِي كَارِهًا قَالَ وَإِنْ كُنْت كَارِهًا فَإِنَّهُ ثُلَاثِيّ صَحِيح وَلَكِنْ لَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيل فَإِنَّهُ لَمْ يُكْرِههُ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْإِسْلَام بَلْ دَعَاهُ إِلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ نَفْسه لَيْسَتْ قَابِلَة لَهُ بَلْ هِيَ كَارِهَة فَقَالَ لَهُ أَسْلِمْ وَإِنْ كُنْت كَارِهًا فَإِنَّ اللَّه سَيَرْزُقُك حُسْن النِّيَّة وَالْإِخْلَاص. وَقَوْله " فَمَنْ يَكْفُر بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاَللَّهِ فَقَدْ اِسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا اِنْفِصَامَ لَهَا وَاَللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " أَيْ مَنْ خَلَعَ الْأَنْدَاد وَالْأَوْثَان وَمَا يَدْعُو إِلَيْهِ الشَّيْطَان مِنْ عِبَادَة كُلّ مَا يُعْبَد مِنْ دُون اللَّه وَوَحَّدَ اللَّه فَعَبَدَهُ وَحْدَهُ وَشَهِدَ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا هُوَ " فَقَدْ اِسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى " أَيْ فَقَدْ ثَبَتَ فِي أَمْره وَاسْتَقَامَ عَلَى الطَّرِيقَة الْمُثْلَى وَالصِّرَاط الْمُسْتَقِيم قَالَ أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ : حَدَّثَنَا أَبُو رَوْح الْبَلَدِيّ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَص سَلَّام بْن سَلِيم عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ حَسَّان هُوَ اِبْن قَائِد الْعَبْسِيّ قَالَ : قَالَ عُمَر - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - إِنَّ الْجِبْتَ السِّحْرُ وَالطَّاغُوتَ الشَّيْطَانُ وَإِنَّ الشُّجَاعَةَ وَالْجُبْنَ غَرَائِزُ تَكُون فِي الرِّجَال يُقَاتِل الشُّجَاع عَمَّنْ لَا يَعْرِف وَيَفِرُّ الْجَبَانُ مِنْ أُمّه وَإِنَّ كَرَمَ الرَّجُلِ دِينُهُ وَحَسَبَهُ خُلُقُهُ وَإِنْ كَانَ فَارِسِيًّا أَوْ نَبَطِيًّا وَهَكَذَا رَوَاهُ اِبْن جَرِير وَابْن أَبِي حَاتِم مِنْ حَدِيث الثَّوْرِيّ عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ حَسَّان بْن قَائِد الْعَبْسِيّ عَنْ عُمَر فَذَكَرَهُ وَمَعْنَى قَوْله فِي الطَّاغُوت إِنَّهُ الشَّيْطَان قَوِيّ جِدًّا فَإِنَّهُ يَشْمَل كُلّ شَرّ كَانَ عَلَيْهِ أَهْل الْجَاهِلِيَّة مِنْ عِبَادَة الْأَوْثَان وَالتَّحَاكُم إِلَيْهَا وَالِاسْتِنْصَار بِهَا . وَقَوْله " فَقَدْ اِسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا اِنْفِصَام لَهَا " أَيْ فَقَدْ اِسْتَمْسَكَ مِنْ الدِّين بِأَقْوَى سَبَب وَشَبَّهَ ذَلِكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى الَّتِي لَا تَنْفَصِم هِيَ فِي نَفْسهَا مُحْكَمَة مُبْرَمَة قَوِيَّة وَرَبْطهَا قَوِيّ شَدِيد وَلِهَذَا قَالَ " فَقَدْ اِسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا اِنْفِصَام لَهَا " الْآيَة قَالَ مُجَاهِد : الْعُرْوَة الْوُثْقَى يَعْنِي الْإِيمَان وَقَالَ السُّدِّيّ : هُوَ الْإِسْلَام وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر وَالضَّحَّاك : يَعْنِي لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَعَنْ أَنَس بْن مَالِك الْعُرْوَة الْوُثْقَى الْقُرْآن وَعَنْ سَالِم بْن أَبِي الْجَعْد قَالَ هُوَ الْحُبّ فِي اللَّه وَالْبُغْض فِي اللَّه وَكُلّ هَذِهِ الْأَقْوَال صَحِيحَة وَلَا تَنَافِي بَيْنهَا وَقَالَ مُعَاذ بْن جَبَل فِي قَوْله " لَا اِنْفِصَام لَهَا " دُون دُخُول الْجَنَّة وَقَالَ مُجَاهِد وَسَعِيد بْن جُبَيْر " فَقَدْ اِسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا اِنْفِصَام لَهَا " ثُمَّ قَرَأَ " إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ " وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد : أَنْبَأَنَا إِسْحَاق بْن يُوسُف حَدَّثَنَا اِبْن عَوْف عَنْ مُحَمَّد بْن قَيْس بْن عُبَادَة قَالَ : كُنْت فِي الْمَسْجِد فَجَاءَ رَجُل فِي وَجْهه أَثَر مِنْ خُشُوع فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أَوْجَزَ فِيهِمَا فَقَالَ الْقَوْم هَذَا رَجُل مِنْ أَهْل الْجَنَّة فَلَمَّا خَرَجَ اِتَّبَعْته حَتَّى دَخَلَ مَنْزِله فَدَخَلْت مَعَهُ فَحَدَّثْته فَلَمَّا اِسْتَأْنَسَ قُلْت لَهُ إِنَّ الْقَوْم لَمَّا دَخَلْت الْمَسْجِد قَالُوا كَذَا وَكَذَا قَالَ سُبْحَان اللَّه مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُول مَا لَا يَعْلَم وَسَأُحَدِّثُك لِمَ : إِنِّي رَأَيْت رُؤْيَا عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَصَصْتهَا عَلَيْهِ رَأَيْت كَأَنِّي فِي رَوْضَة خَضْرَاء - قَالَ اِبْن عَوْن فَذَكَرَ مِنْ خُضْرَتهَا وَسَعَتهَا - وَفِي وَسَطهَا عَمُود حَدِيد أَسْفَله فِي الْأَرْض وَأَعْلَاهُ فِي السَّمَاء فِي أَعْلَاهُ عُرْوَة فَقِيلَ لِي اِصْعَدْ عَلَيْهِ فَقُلْت لَا أَسْتَطِيع فَجَاءَنِي مُنْصِف - قَالَ اِبْن عَوْن هُوَ الْوَصِيف - فَرَفَعَ ثِيَابِي مِنْ خَلْفِي فَقَالَ اِصْعَدْ فَصَعِدْت حَتَّى أَخَذْت بِالْعُرْوَةِ فَقَالَ اِسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ فَاسْتَيْقَظْت وَإِنَّهَا لَفِي يَدِي فَأَتَيْت رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَصَصْتهَا عَلَيْهِ فَقَالَ أَمَّا الرَّوْضَة فَرَوْضَة الْإِسْلَام وَأَمَّا الْعَمُود فَعَمُود الْإِسْلَام وَأَمَّا الْعُرْوَة فَهِيَ الْعُرْوَة الْوُثْقَى أَنْتَ عَلَى الْإِسْلَام حَتَّى تَمُوت قَالَ وَهُوَ عَبْد اللَّه بْن سَلَام أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَوْن فَقُمْت إِلَيْهِ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ بِهِ . " طَرِيق أُخْرَى وَسِيَاق آخَر " قَالَ الْإِمَام أَحْمَد : أَنْبَأَنَا حَسَن بْن مُوسَى وَعُثْمَان قَالَا : أَنْبَأَنَا حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ عَاصِم بْن بَهْدَلَة عَنْ الْمُسَيِّب بْن رَافِع عَنْ خَرَشَة بْن الْحُرّ قَالَ : قَدِمْت الْمَدِينَة فَجَلَسْت إِلَى مَشْيَخَة فِي مَسْجِد النَّبِيّ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَاءَ شَيْخ يَتَوَكَّأ عَلَى عَصًا لَهُ فَقَالَ الْقَوْم : مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُر إِلَى رَجُل مِنْ أَهْل الْجَنَّة فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا فَقَامَ خَلْف سَارِيَة فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَقُلْت لَهُ : قَالَ بَعْض الْقَوْم كَذَا وَكَذَا فَقَالَ : الْجَنَّة لِلَّهِ يُدْخِلهَا مَنْ يَشَاء وَإِنِّي رَأَيْت عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رُؤْيَا كَأَنَّ رَجُلًا أَتَانِي فَقَالَ اِنْطَلِقْ فَذَهَبْت مَعَهُ فَسَلَكَ بِي مَنْهَجًا عَظِيمًا فَعَرَضَتْ لِي طَرِيق عَنْ يَسَارِي فَأَرَدْت أَنْ أَسْلُكهَا فَقَالَ : إِنَّك لَسْت مِنْ أَهْلهَا ثُمَّ عَرَضَتْ لِي طَرِيق عَنْ يَمِينِي فَسَلَكْتهَا حَتَّى اِنْتَهَتْ إِلَى جَبَل زَلِق فَأَخَذَ بِيَدَيَّ فَدَحَا بِي فَإِذَا أَنَا عَلَى ذُرْوَته فَلَمْ أَتَقَارّ وَلَمْ أَتَمَاسَك فَإِذَا عَمُود حَدِيد فِي ذُرْوَته حَلْقَة مِنْ ذَهَب فَأَخَذَ بِيَدَيَّ فَدَحَا بِي حَتَّى أَخَذْت بِالْعُرْوَةِ فَقَالَ : اِسْتَمْسِكْ فَقُلْت نَعَمْ فَضَرَبَ الْعَمُود بِرِجْلِهِ فَاسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ فَقَصَصْتهَا عَلَى رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ رَأَيْت خَيْرًا أَمَّا الْمَنْهَج الْعَظِيم فَالْمَحْشَر وَأَمَّا الطَّرِيق الَّتِي عَرَضَتْ عَنْ يَسَارك فَطَرِيق أَهْل النَّار وَلَسْت مِنْ أَهْلهَا وَأَمَّا الطَّرِيق الَّتِي عَرَضَتْ عَنْ يَمِينك فَطَرِيق أَهْل الْجَنَّة وَأَمَّا الْجَبَل الزَّلِق فَمَنْزِل الشُّهَدَاء وَأَمَّا الْعُرْوَة الَّتِي اِسْتَمْسَكْت بِهَا فَعُرْوَة الْإِسْلَام فَاسْتَمْسِكْ بِهَا حَتَّى تَمُوت قَالَ فَإِنَّمَا أَرْجُو أَنْ أَكُون مِنْ أَهْل الْجَنَّة . قَالَ : وَإِذَا هُوَ عَبْد اللَّه بْن سَلَام وَهَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ عَنْ أَحْمَد بْن سُلَيْمَان عَنْ عَفَّان وَابْن مَاجَهْ عَنْ أَبِي بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة عَنْ الْحَسَن بْن مُوسَى الْأَشْيَب كِلَاهُمَا عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة بِهِ نَحْوه وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم فِي صَحِيحه مِنْ حَدِيث الْأَعْمَش عَنْ سُلَيْمَان بْن مُسْهِر عَنْ خَرَشَة بْن الْحُرّ الْفَزَارِيّ بِهِ .

 

اما الطبري فانه اورد ما يلي في تفسيره للايه الكريمه

لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ

 

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَا إكْرَاه فِي الدِّين } . اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى ذَلِك , فَقَالَ بَعْضهمْ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي قَوْم مِنْ الْأَنْصَار , أَوْ فِي رَجُل مِنْهُمْ كَانَ لَهُمْ أَوْلَاد قَدْ هَوَّدُوهُمْ أَوْ نَصَّرُوهُمْ ; فَلَمَّا جَاءَ اللَّه بِالْإِسْلَامِ أَرَادُوا إكْرَاههمْ عَلَيْهِ , فَنَهَاهُمْ اللَّه عَنْ ذَلِك , حَتَّى يَكُونُوا هُمْ يَخْتَارُونَ الدُّخُول فِي الْإِسْلَام . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِك : 4535 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ ابْن عَبَّاس قَالَ : كَانَتْ الْمَرْأَة تَكُون مِقْلَاتًا , فَتَجْعَل عَلَى نَفْسهَا إنْ عَاشَ لَهَا وَلَد أَنْ تُهَوِّدهُ ; فَلَمَّا أُجْلِيَتْ بَنُو النَّضِير كَانَ فِيهِمْ مِنْ أَبْنَاء الْأَنْصَار , فَقَالُوا : لَا نَدَع أَبْنَاءَنَا ! فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { لَا إكْرَاه فِي الدِّين قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْد مِنْ الْغَيّ } . 4536 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : كَانَتْ الْمَرْأَة تَكُون مَقْلَى وَلَا يَعِيش لَهَا وَلَد - قَالَ شُعْبَة : وَإِنَّمَا هُوَ مُقِلَّات - , فَتَجْعَل عَلَيْهَا إنْ بَقِيَ لَهَا وَلَد لَتُهَوِّدَنّه . قَالَ : فَلَمَّا أُجْلِيَتْ بَنُو النَّضِير كَانَ فِيهِمْ مِنْهُمْ , فَقَالَتْ الْأَنْصَار : كَيْفَ نَصْنَع بِأَبْنَائِنَا ؟ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { لَا إكْرَاه فِي الدِّين قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْد مِنْ الْغَيّ } قَالَ : مَنْ شَاءَ أَنْ يُقِيم أَقَامَ وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَذْهَبَ ذَهَبَ . 4537 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا دَاوُد , وَحَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ دَاوُد , عَنْ عَامِر , قَالَ : كَانَتْ الْمَرْأَة مِنْ الْأَنْصَار تَكُون مِقْلَاتًا لَا يَعِيش لَهَا وَلَد , فَتَنْذِر إنْ عَاشَ وَلَدهَا أَنْ تَجْعَلهُ مَعَ أَهْل الْكِتَاب عَلَى دِينهمْ . فَجَاءَ الْإِسْلَام وَطَوَائِف مِنْ أَبْنَاء الْأَنْصَار عَلَى دِينهمْ , فَقَالُوا : إنَّمَا جَعَلْنَاهُمْ عَلَى دِينهمْ , وَنَحْنُ نَرَى أَنَّ دِينهمْ أَفَضْل مِنْ دِيننَا , وَإِذْ جَاءَ اللَّه بِالْإِسْلَامِ فَلَنُكْرِهَنّهم ! فَنَزَلَتْ : { لَا إكْرَاه فِي الدِّين } فَكَانَ فَصْل مَا بَيْن مَنْ اخْتَارَ الْيَهُودِيَّة وَالْإِسْلَام , فَمَنْ لَحِقَ بِهِمْ اخْتَارَ الْيَهُودِيَّة , وَمَنْ أَقَامَ اخْتَارَ الْإِسْلَام . وَلَفْظ الْحَدِيث لِحُمَيْد . 4538 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت دَاوُد , عَنْ عَامِر , بِنَحْوِ مَعْنَاهُ , إلَّا أَنَّهُ قَالَ : فَكَانَ فَصْل مَا بَيْنهمْ إجْلَاء رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنِي النَّضِير , فَلَحِقَ بِهِمْ مَنْ كَانَ يَهُودِيًّا وَلَمْ يُسْلِم مِنْهُمْ , وَبَقِيَ مَنْ أَسْلَمَ . * - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عَامِر بِنَحْوِهِ , إلَّا أَنَّهُ قَالَ : إجْلَاء النَّضِير إلَى خَيْبَر , فَمَنْ اخْتَارَ الْإِسْلَام أَقَامَ , وَمَنْ كَرِهَ لَحِقَ بِخَيْبَر . 4539 - حَدَّثَنِي ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ أَبِي إسْحَاق , عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد الْحَرَشِيّ مَوْلَى زَيْد بْن ثَابِت عَنْ عِكْرِمَة , أَوْ عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله : { لَا إكْرَاه فِي الدِّين قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْد مِنْ الْغَيّ } قَالَ : نَزَلَتْ فِي رَجُل مِنْ الْأَنْصَار مِنْ بَنِي سَالِم بْن عَوْف يُقَال لَهُ الْحُصَيْن ; كَانَ لَهُ ابْنَانِ نَصْرَانِيَّانِ , وَكَانَ هُوَ رَجُلًا مُسْلِمًا , فَقَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَلَا أَسْتَكْرِههُمَا فَإِنَّهُمَا قَدْ أَبَيَا إلَّا النَّصْرَانِيَّة ؟ فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِ ذَلِك . 4540 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ : ثنا حَجَّاج بْن الْمِنْهَال , قَالَ : ثنا أَبُو عَوَانَة , عَنْ أَبِي بِشْر , قَالَ : سَأَلَتْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ قَوْله : { لَا إكْرَاه فِي الدِّين قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْد مِنْ الْغَيّ } قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ فِي الْأَنْصَار . قَالَ : قُلْت خَاصَّة , قَالَ : خَاصَّة . قَالَ : كَانَتْ الْمَرْأَة فِي الْجَاهِلِيَّة تَنْذِر إنْ وَلَدَتْ وَلَدًا أَنْ تَجْعَلهُ فِي الْيَهُود تَلْتَمِس بِذَلِك طُول بَقَائِهِ . قَالَ : فَجَاءَ الْإِسْلَام وَفِيهِمْ مِنْهُمْ ; فَلَمَّا أُجْلِيَتْ النَّضِير , قَالُوا : يَا رَسُول اللَّه , أَبْنَاؤُنَا وَإِخْوَاننَا فِيهِمْ , قَالَ : فَسَكَتَ عَنْهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { لَا إكْرَاه فِي الدِّين قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْد مِنْ الْغَيّ } قَالَ : فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَدْ خُيِّرَ أَصْحَابكُمْ , فَإِنْ اخْتَارُوكُمْ فَهُمْ مِنْكُمْ , وَإِنْ اخْتَارُوهُمْ فَهُمْ مِنْهُمْ " قَالَ : فَأَجْلَوْهُمْ مَعَهُمْ . 4541 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُونَ , قَالَ : ثِنَا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ قَوْله : { لَا إكْرَاه فِي الدِّين قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْد مِنْ الْغَيّ } إلَى : { لَا انْفِصَام لَهَا } قَالَ : نَزَلَتْ فِي رَجُل مِنْ الْأَنْصَار يُقَال لَهُ أَبُو الْحُصَيْن : كَانَ لَهُ ابْنَانِ , فَقَدِمَ تُجَّار مِنْ الشَّام إلَى الْمَدِينَة يَحْمِلُونَ الزَّيْت ; فَلَمَّا بَاعُوا وَأَرَادُوا أَنْ يَرْجِعُوا أَتَاهُمْ ابْنَا أَبِي الْحُصَيْن , فَدَعَوْهُمَا إلَى النَّصْرَانِيَّة فَتَنَصَّرَا , فَرَجَعَا إلَى الشَّام مَعَهُمْ . فَأَتَى أَبُوهُمَا إلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : إنْ ابْنَيَّ تَنَصَّرَا وَخَرَجَا , فَاطْلُبْهُمَا ؟ فَقَالَ : { لَا إكْرَاه فِي الدِّين قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْد مِنْ الْغَيّ } وَلَمْ يُؤْمَر يَوْمئِذٍ بِقِتَالِ أَهْل الْكِتَاب . وَقَالَ : " أَبْعَدَهُمَا اللَّه ! هُمَا أَوَّل مَنْ كَفَرَ " . فَوَجَدَ أَبُو الْحُصَيْن فِي نَفْسه عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين لَمْ يَبْعَث فِي طَلَبهمَا , فَنَزَلَتْ : { فَلَا وَرَبّك لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شَجَرَ بَيْنهمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنَفْسهمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْت وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } 4 65 ثُمَّ إنَّهُ نُسِخَ : { لَا إكْرَاه فِي الدِّين } فَأُمِرَ بِقِتَالِ أَهْل الْكِتَاب فِي سُورَة بَرَاءَة . 4542 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : { لَا إكْرَاه فِي الدِّين } قَالَ : كَانَتْ فِي الْيَهُود يَهُود أَرْضَعُوا رِجَالًا مِنْ الْأَوْس , فَلَمَّا أَمَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِجْلَائِهِمْ , قَالَ أَبْنَاؤُهُمْ مِنْ الْأَوْس : لَأَذْهَبَن مَعَهُمْ , وَلَأَدِينَن بِدِينِهِمْ ! فَمَنَعَهُمْ أَهْلُوهُمْ , وَأَكْرَهُوهُمْ عَلَى الْإِسْلَام , فَفِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة . 4543 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , وَحَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد جَمِيعًا , عَنْ سُفْيَان , عَنْ صَيْف , عَنْ مُجَاهِد : { لَا إكْرَاه فِي الدِّين } قَالَ : كَانَ نَاس مِنْ الْأَنْصَار مُسْتَرْضِعِينَ فِي بَنِي قُرَيْظَة , فَأَرَادُوا أَنْ يُكْرِهُوهُمْ عَلَى الْإِسْلَام , فَنَزَلَتْ : { لَا إكْرَاه فِي الدِّين قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْد مِنْ الْغَيّ } . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني الْحَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , قَالَ : قَالَ مُجَاهِد : كَانَتْ النَّضِير يَهُودًا فَأَرْضَعُوا . ثُمَّ ذَكَرَ نَحْو حَدِيث مُحَمَّد بْن عَمْرو , عَنْ أَبِي عَاصِم . قَالَ ابْن جُرَيْجٍ : وَأَخْبَرَنِي عَبْد الْكَرِيم , عَنْ مُجَاهِد أَنَّهُمْ كَانُوا قَدْ دَانَ بِدِينِهِمْ أَبْنَاء الْأَوْس , دَانُوا بِدِينِ النَّضِير . 4544 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : لَنَا إسْحَاق , قَالَ : ثِنَا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ الشَّعْبِيّ : أَنَّ الْمَرْأَة مِنْ الْأَنْصَار كَانَتْ تَنْذِر إنْ عَاشَ وَلَدهَا لَتَجْعَلَنّه فِي أَهْل الْكِتَاب فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام قَالَتْ الْأَنْصَار : يَا رَسُول اللَّه أَلَا نُكْرِه أَوْلَادنَا الَّذِينَ هُمْ فِي يَهُود عَلَى الْإِسْلَام , فَإِنَّا إنَّمَا جَعَلْنَاهُمْ فِيهَا وَنَحْنُ نَرَى أَنَّ الْيَهُودِيَّة أَفْضَل الْأَدْيَان ؟ فَلَمَّا إذْ جَاءَ اللَّه بِالْإِسْلَامِ , أَفَلَا نُكْرِههُمْ عَلَى الْإِسْلَام ؟ فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { لَا إكْرَاه فِي الدِّين قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْد مِنْ الْغَيّ } . * - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ دَاوُد , عَنْ الشَّعْبِيّ مِثْله , وَزَادَ : قَالَ : كَانَ فَصْل مَا بَيْن مَنْ اخْتَارَ الْيَهُود مِنْهُمْ وَبَيْن مَنْ اخْتَارَ الْإِسْلَام , إجْلَاء بَنِي النَّضِير ; فَمَنْ خَرَجَ مَعَ بَنِي النَّضِير كَانَ مِنْهُمْ , وَمَنْ تَرَكَهُمْ اخْتَارَ الْإِسْلَام . 4545 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : { لَا إكْرَاه فِي الدِّين } إلَى قَوْله : { الْعُرْوَة الْوُثْقَى } قَالَ : قَالَ مَنْسُوخ . 4546 - حَدَّثَنِي سَعِيد بْن الرَّبِيع الرَّازِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , وَوَائِل , عَنْ الْحَسَن : أَنَّ أُنَاسًا مِنْ الْأَنْصَار كَانُوا مُسْتَرْضَعِينَ فِي بَنِي النَّضِير , فَلَمَّا أُجْلُوا , أَرَادَ أَهْلُوهُمْ أَنْ يُلْحِقُوهُمْ بِدِينِهِمْ , فَنَزَلَتْ : { لَا إكْرَاه فِي الدِّين } . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِك : لَا يُكْرَه أَهْل الْكِتَاب عَلَى الدِّين إذَا بَذَلُوا الْجِزْيَة , وَلَكِنَّهُمْ يُقَرُّونَ عَلَى دِينهمْ . وَقَالُوا : الْآيَة فِي خَاصّ مِنْ الْكُفَّار , وَلَمْ يُنْسَ مِنْهَا شَيْء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِك : 4547 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثِنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَةَ : { لَا إكْرَاه فِي الدِّين قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْد مِنْ الْغَيّ } قَالَ : أُكْرِهَ عَلَيْهِ هَذَا الْحَيّ مِنْ الْعَرَب , لِأَنَّهُمْ كَانُوا أُمَّة أُمِّيّه , لَيْسَ لَهُمْ كِتَاب يَعْرِفُونَهُ , فَلَمْ يُقْبَل مِنْهُمْ غَيْر الْإِسْلَام , وَلَا يُكْرَه عَلَيْهِ أَهْل الْكِتَاب إذَا أَقَرُّوا بِالْجِزْيَةِ أَوْ بِالْخَرَاجِ , وَلَمْ يُفْتَنُوا عَنْ دِينهمْ , فَيُخَلَّى عَنْهُمْ . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان قَالَ : ثنا أَبُو هِلَال , قَالَ : ثنا قَتَادَةُ فِي قَوْله , { لَا إكْرَاه فِي الدِّين } قَالَ : هُوَ هَذَا الْحَيّ مِنْ الْعَرَب أُكْرِهُوا عَلَى الدِّين , لَمْ يُقْبَل مِنْهُمْ إلَّا الْقَتْل أَوْ الْإِسْلَام , وَأَهْل الْكِتَاب قُبِلَتْ مِنْهُمْ الْجِزْيَة وَلَمْ يُقْتَلُوا . 4548 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا الْحَكَم بْن بَشِير , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن قَيْس , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { لَا إكْرَاه فِي الدِّين } قَالَ : أَمَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقَاتِل جَزِيرَة الْعَرَب مِنْ أَهْل الْأَوْثَان , فَلَمْ يَقْبَل مِنْهُمْ إلَّا " لَا إلَه إلَّا اللَّه " , أَوْ السَّيْف . ثُمَّ أَمَرَ فِيمَنْ سِوَاهُمْ بِأَنْ يَقْبَلَ مِنْهُمْ الْجِزْيَة ; فَقَالَ : { لَا إكْرَاه فِي الدِّين قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْد مِنْ الْغَيّ } . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْله : { لَا إكْرَاه فِي الدِّين } قَالَ : كَانَتْ الْعَرَب لَيْسَ لَهَا دِين , فَكُرِهُوا عَلَى الدِّين بِالسَّيْفِ , قَالَ , وَلَا يُكْرَه الْيَهُود وَلَا النَّصَارَى وَالْمَجُوس إذَا أُعْطُوا الْجِزْيَة . 4549 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن عُيَيْنَةَ , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , قَالَ : سَمِعْت مُجَاهَدًا يَقُول لِغُلَامٍ لَهُ نَصْرَانِيّ : يَا جَرِير أَسْلِمْ ! ثُمَّ قَالَ : هَكَذَا كَانَ يُقَال لَهُمْ . 4550 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثَنِيّ أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ ابْن عَبَّاس : { لَا إكْرَاه فِي الدِّين قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْد مِنْ الْغَيّ } قَالَ : وَذَلِك لَمَّا دَخَلَ النَّاس فِي الْإِسْلَام , وَأَعْطَى أَهْل الْكِتَاب الْجِزْيَة . وَقَالَ آخَرُونَ : هَذِهِ الْآيَة مَنْسُوخَة , وَإِنَّمَا نَزَلَتْ قَبْل أَنْ يُفْرَض الْقِتَال . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِك : 4551 - حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي يَعْقُوب بْن عَبْد الرَّحْمَن الزُّهْرِيّ قَالَ : سَأَلْت زَيْد بْن أَسْلَم عَنْ قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { لَا إكْرَاه فِي الدِّين } قَالَ : كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّة عَشْر سِنِينَ لَا يُكْرِه أَحَدًا فِي الدِّين , فَأَبَى الْمُشْرِكُونَ إلَّا أَنْ يُقَاتِلُوهُمْ , فَاسْتَأْذَنَ اللَّه فِي قِتَالهمْ , فَأَذِنَ لَهُ . وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي خَاصّ مِنْ النَّاس , قَالَ : عَنَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى ذِكْره : { لَا إكْرَاه فِي الدِّين } أَهْل الْكِتَابَيْنِ وَالْمَجُوس , وَكُلّ مَنْ جَاءَ إقْرَاره عَلَى دِينه الْمَخَالِف دِين الْحَقّ , وَأَخَذَ الْجِزْيَة مِنْهُ . وَأَنْكَرُوا أَنْ يَكُون شَيْء مِنْهَا مَنْسُوخًا . وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا الْقَوْل أَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِك بِالصَّوَابِ لِمَا قَدْ دَلَّلْنَا عَلَيْهِ فِي كِتَابنَا كِتَاب اللَّطِيف مِنْ الْبَيَان عَنْ أُصُول الْأَحْكَام " مِنْ أَنَّ النَّاسِخ غَيْر كَائِن نَاسِخًا إلَّا مَا نَفَى حُكْم الْمَنْسُوخ , فَلَمْ يَجُزْ اجْتِمَاعهمَا . فَأَمَّا مَا كَانَ ظَاهِره الْعُمُوم مِنْ الْأَمْر وَالنَّهْي وَبَاطِنه الْخُصُوص , فَهُوَ مِنْ النَّاسِخ وَالْمَنْسُوخ بِمَعْزِلٍ . وَإِذْ كَانَ ذَلِك كَذَلِكَ , وَكَانَ غَيْر مُسْتَحِيل أَنْ يُقَال : لَا إكْرَاه لِأَحَدٍ مِمَّنْ أُخِذَتْ مِنْهُ الْجِزْيَة فِي الدِّين , وَلَمْ يَكُنْ فِي الْآيَة دَلِيل عَلَى أَنَّ تَأْوِيلهَا بِخِلَافِ ذَلِك , وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ جَمِيعًا قَدْ نَقَلُوا عَنْ نَبِيّهمْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَكْرَهَ عَلَى الْإِسْلَام قَوْمًا , فَأَبَى أَنْ يَقْبَل مِنْهُمْ إلَّا الْإِسْلَام , وَحَكَمَ بِقَتْلِهِمْ إنْ امْتَنَعُوا مِنْهُ , وَذَلِك كَعَبَدَةِ الْأَوْثَان مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَب , وَكَالْمُرْتَدِّ عَنْ دِينه دِين الْحَقّ إلَى الْكُفْر وَمَنْ أَشْبَهَهُمْ , وَأَنَّهُ تَرَكَ إكْرَاه الْآخَرِينَ عَلَى الْإِسْلَام بِقَبُولِهِ الْجِزْيَة مِنْهُ , وَإِقْرَاره عَلَى دِينه الْبَاطِل , وَذَلِك كَأَهْلِ الْكِتَابَيْنِ , وَمَنْ أَشْبَهَهُمْ ; كَانَ بَيِّنًا بِذَلِك أَنَّ مَعْنَى قَوْله : { لَا إكْرَاه فِي الدِّين } إنَّمَا هُوَ لَا إكْرَاه فِي الدِّين لِأَحَدٍ مِمَّنْ حَلَّ قَبُول الْجِزْيَة مِنْهُ بِأَدَائِهِ الْجِزْيَة , وَرِضَاهُ بِحُكْمِ الْإِسْلَام . وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْآيَة مَنْسُوخَة الْحُكْم بِالْإِذْنِ بِالْمُحَارَبَةِ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَمَا أَنْت قَائِل فِيمَا رُوِيَ عَنْ ابْن عَبَّاس وَعَمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ : مِنْ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي قَوْم مِنْ الْأَنْصَار أَرَادُوا أَنْ يُكْرِهُوا أَوْلَادهمْ عَلَى الْإِسْلَام ؟ قُلْنَا : ذَلِك غَيْر مَدْفُوعَة صِحَّته , وَلَكِنَّ الْآيَة قَدْ تَنْزِل فِي خَاصّ مِنْ الْأَمْر , ثُمَّ يَكُون حُكْمهَا عَامًّا فِي كُلّ مَا جَانَسَ الْمَعْنَى الَّذِي أُنْزِلَتْ فِيهِ . فَاَلَّذِينَ أُنْزِلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَة عَلَى مَا ذَكَرَ ابْن عَبَّاس وَغَيْره , إنَّمَا كَانُوا قَوْمًا دَانُوا بِدِينِ أَهْل التَّوْرَاة قَبْل ثُبُوت عَقْد الْإِسْلَام لَهُمْ , فَنَهَى اللَّه تَعَالَى ذِكْره عَنْ إكْرَاههمْ عَلَى الْإِسْلَام , وَأَنْزَلَ بِالنَّهْيِ عَنْ ذَلِك آيَة يَعُمّ حُكْمهَا كُلّ مَنْ كَانَ فِي مِثْل مَعْنَاهُمْ مِمَّنْ كَانَ عَلَى دِين مِنْ الْأَدْيَان الَّتِي يَجُوز أَخْذ الْجِزْيَة مِنْ أَهْلهَا , وَإِقْرَارهمْ عَلَيْهَا عَلَى النَّحْو الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِك . وَمَعْنَى قَوْله : { لَا إكْرَاه فِي الدِّين } لَا يُكْرَه أَحَد فِي دِين الْإِسْلَام عَلَيْهِ , وَإِنَّمَا أَدَلَّتْ الْأَلِف وَاللَّام فِي الدِّين تَعْرِيفًا لِلدِّينِ الَّذِي عَنَى اللَّه بِقَوْلِهِ : لَا إكْرَاه فِيهِ , وَأَنَّهُ هُوَ الْإِسْلَام . وَقَدْ يُحْتَمَل أَنْ يَكُون أُدْخِلَتَا عُقَيْبًا مِنْ الْهَاء الْمَنَوِيَّة فِي الدِّين , فَيَكُون مَعْنَى الْكَلَام حِينَئِذٍ : وَهُوَ الْعَلِيّ الْعَظِيم لَا إكْرَاه فِي دِينه , قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْد مِنْ الْغَيّ . وَكَأَنَّ هَذَا الْقَوْل أَشْبَه بِتَأْوِيلِ الْآيَة عِنْدِي .

 

قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ

 

وَأَمَّا قَوْله : { قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْد } فَإِنَّهُ مَصْدَر مِنْ قَوْل الْقَائِل : رَشَدْت فَأَنَا أَرْشُد رُشْدًا وَرَشَدًا وَرَشَادًا , وَذَلِك إذَا أَصَابَ الْحَقّ وَالصَّوَاب . وَأَمَّا الْغَيّ , فَإِنَّهُ مَصْدَر مِنْ قَوْل الْقَائِل : قَدْ غَوَى فُلَان فَهُوَ يَغْوِي غَيًّا وَغَوَايَة . وَبَعْض الْعَرَب يَقُول : غَوَى فُلَان يَغْوَى . وَاَلَّذِي عَلَيْهِ قِرَاءَة الْقُرَّاء : { مَا ضَلَّ صَاحِبكُمْ وَمَا غَوَى } 53 2 الْفَتْح , وَهِيَ أَفْصَح اللُّغَتَيْنِ , وَذَلِك إذَا عَدَا الْحَقّ وَتَجَاوَزَهُ فَضَلَّ . فَتَأْوِيل الْكَلَام إذًا : قَدْ وَضَحَ الْحَقّ مِنْ الْبَاطِل , وَاسْتَبَانَ لِطَالِبِ الْحَقّ وَالرَّشَاد وَجْه مَطْلَبه , فَتَمَيَّزَ مِنْ الضَّلَالَة وَالْغَوَايَة , فَلَا تُكْرِهُوا مِنْ أَهْل الْكِتَابَيْنِ , وَمَنْ أَبَحْت لَكُمْ أَخْذ الْجِزْيَة مِنْهُ , عَلَى دِينكُمْ , دِين الْحَقّ ; فَإِنَّ مَنْ حَادَ عَنْ الرَّشَاد بَعْد اسْتِبَانَته لَهُ , فَإِلَى رَبّه أَمْره , وَهُوَ وَلِيّ عُقُوبَته فِي مَعَاده

 

 

 

اما ابن الجوزي فيرى

* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق

 

--------------------------------------------------------------------------------

قراءة الآية

فت{ لاَ إِكْرَاهَ فِي ٱلدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِٱلطَّاغُوتِ وَيْؤْمِن بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ لاَ ٱنفِصَامَ لَهَا وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }

 

 

قوله تعالى: { لا إِكراه في الدين } في سبب نزولها أربعة أقوال. أحدها: أن المرأة من نساء الأنصار كانت في الجاهلية إذا لم يعش لها ولد، تحلف: لئن عاش لها ولد لتهوّدنّه، فلما أجليت يهود بني النضير، كان فيهم ناس من أبناء الأنصار. فقال الأنصار: يا رسول الله أبناؤنا، فنزلت هذه الآية. هذا قول ابن عباس. وقال الشعبي: قالت الأنصار: والله لنكرهن أولادنا على الإسلام، فإنا إِنما جعلناهم في دين اليهود إذ لم نعلم ديناً أفضل منه، فنزلت هذه الآية. والثاني: أن رجلاً من الأنصار تنصّر لهو ولدان قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قدما المدينة، فلزمهما أبوهما، وقال: والله لا أدعكما حتى تسلما، فأبيا، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية. هذا قول مسروق. والثالث: أن ناساً كانوا مسترضعين في اليهود، فلما أجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بني النضير، قالوا: والله لنذهبن معهم، ولندينن بدينهم، فمنعهم أهلوهم، وأرادوا إكراههم على الإسلام، فنزلت هذه الآية. والرابع: أن رجلاً من الأنصار كان له غلام اسمه صبيح، كان يكرهه على الإسلام، فنزلت هذه الآية. والقولان عن مجاهد.

 

Link to comment
Share on other sites

أما الصوفيه فان

 

 

تفسير البحر المديد في تفسير القران المجيد/ ابن عجيبة (ت 1266 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى

 

--------------------------------------------------------------------------------

{ لاَ إِكْرَاهَ فِي ٱلدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِٱلطَّاغُوتِ وَيْؤْمِن بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ لاَ ٱنفِصَامَ لَهَا وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }

 

 

قلت: { الرُشْد }: مصدر رَشُد، بالكسر والضم، رشداً ورشاداً، و { الغي }: مصدر غَوَى، إذا ضلَّ مُعْتَقَدِه، و { الطاغوت }: فعلوت من الطغيان، وأصله: طغيوت، فقلبت لام الكلمة لعينها فصار طيغوت، ثم قلبت الياء ألفاً. وهو كل ما عُبد من دون الله راضياً بذلك، و { العروة }: ما تستمسك به اليد عند خوف الزلل كالحبل ونحوه، ووثوقها: متانتها، وانفصامها أن تنفك عن موضعها، وأصل الفصم في اللغة: أن ينفك الخلخال ونحوه ولا يَبِين، فإذا بان فهو القَصْم - بالقاف - وهو هنا استعارة للدّين الصحيح.

 

يقول الحقّ جلّ جلاله: في شأن رجلًٍ من الأنصار، تَنَصَّر ولدَاه قبل البَعْثَة فلما جاء الإسلامُ قَدِمَا إلى المدينة فدعاهما أبوهما إلى الإسلام فامتنعا، فَلزمَهُمَا أبوهُما وقال: والله لا أدِعكما حتى تُسلما، فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله: { لا إكراه في الدين } ، فهو خبر بمعنى النهي، أي: لا تُكرهوا أحداً على الدخول في الدين. وهو خاص بأهل الكتاب.

 

قال البيضاوي: إذ الإكراه في الحقيقة هو: إلزام الغير فعلاً لا يرى فيه خيراً، ولكن { قد تبين الرشد من الغي } أي تميّز الإيمان من الكفر بالآيات الواضحة، ودلت الدلائل على أن الإيمان رشد يوصل إلى السعادة الأبدية، والكفر غيّ يوصل إلى الشقاوة السرمدية. والعاقل متى تبين له ذلك بادرت نفسُه إلى الإيمان طلباً للفوز بالسعادة والنجاة، ولم يحتج إلى الإكراه والإلجاء. هـ.

 

{ فمن يفكر بالطاغوت } أي: يبعد عنها ويجحد ربوبيتها { ويؤمن بالله } أي: يصدق بوحدانيته، ويقر برسله، { فقد استمسك بالعروة الوثقى } أي: فقد تسمك بالدين المتين، لا انقطاع له أبداً، { والله سميع } بالأقوال، { عليم } بالنيات، فإنَّ الدين مشتمل على قول باللسان وعقد بالجَنَان، فحسن التعبير بصفة السمع والعلم. والله تعالى أعلم.

 

الإشارة: قال في الحكم: " لا يخاف عليك أن تلتبس الطرق، إنما يخاف عليك من غلبة الهوى عليك ". وقال أحمد بن حضرويه: الطريق واضح، والحق لائح، والداعي قد أَسْمَع، ما التحير بعد هذا إلا من العمَى. هـ. فطريق السير واضحة لمن سبقت له العناية، باقية إلى يوم القيامة، وكل ما سوى الله طاغوت، فمن أعرض عن السَّوَى، وعلق قلبه بمحبة المولى، فقد استمسك بالعروة الوثقى، التي لا انفصام لها على طول المدى، وبالله التوفيق، وهو الهادي إلى سواء الطريق.

 

 

 

أما الفيلسوف العلامه ابن العربي فيذهب

 

تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ)

 

--------------------------------------------------------------------------------

قراءة الآية

فتح صفحة القرآن

الانتقال الى صفحة القرآن

{ لاَ إِكْرَاهَ فِي ٱلدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِٱلطَّاغُوتِ وَيْؤْمِن بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ لاَ ٱنفِصَامَ لَهَا وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَوْلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِّنَ ٱلنُّورِ إِلَى ٱلظُّلُمَاتِ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } * { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ ٱلَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِي بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِي كَفَرَ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ }

 

 

{ لا إكْرَاه في الدين } لأن الدين في الحقيقة هو الهدى المستفاد من النور القلبي، اللازم للفطرة الإنسانية، المستلزم للإيمان اليقيني. كما قال تعالى:

{ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ ذَلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّم }

[الروم، الآية: 30]، والإسلام الذي هو ظاهر الدين مبتن عليه وهو أمر لا مدخل للإكراه فيه. والدليل على أنّ باطن الدين وحقيقته الإيمان كما أن ظاهره وصورته الإسلام ما بعده { قد تبين } أي تميز { الرشد من الغيّ } بالدلائل الواضحة لمن له بصيرة وعقل، كما قيل: قد أضاء الصبح لذي عينين.

 

أما بالنسبه الى الزيديه

* تفسير تفسير الأعقم/ الأعقم (ت القرن التاسع هـ)

 

{ لا اكراه في الدين } أي ليس في الدين اكراه من الله تعالى ولكن العبد مخيَّرٌ فيه، وقيل: معناه ليس في الدين ما يكرهه اهله وانما يكرهه المنافق، وقيل: انها نزلت في رجل من الانصار كان له غلام اسود وكان يكرهه على الإسلام { قد تبين الرشد من الغي } قد تبين الايمان من الكفر بالدلائل الواضحة { فمن يكفر بالطاغوت } قيل: هو الشيطان نعوذ بالله منه، وقيل: هو الكاهن، وقيل: الساحر، وقيل: هو كعب بن الاشرف لعنه الله تعالى، وقيل: كل ما يُطغَى { فقد استمسك بالعروة الوثقى } العظيمة الوثيقة وهي الايمان بالله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) { لا انفصام لها } أي لا انقطاع لها وهذا تمثيل { الله ولي الذين آمنوا } أي ناصرهم { يخرجهم من الظلمات الى النور } قيل: يخرجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام، وقيل: من ظلمات الضلالة إلى نور الهدى، وقيل: من الذل إلى العز في الدارين، وقيل: من النار إلى الجنة { والذين كفروا اولياؤهم الطاغوت } قيل: الشيطان، وقيل: كعب بن الاشرف وحيي بن اخطب، وقيل: سائر رؤساء الضلالة

 

أما بالنسبه للاباضيه

 

* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن الثالث هـ)

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

قراءة الآية

فتح صفحة القرآن

الانتقال الى صفحة القرآن

{ لاَ إِكْرَاهَ فِي ٱلدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِٱلطَّاغُوتِ وَيْؤْمِن بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ لاَ ٱنفِصَامَ لَهَا وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَوْلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِّنَ ٱلنُّورِ إِلَى ٱلظُّلُمَاتِ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } * { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ ٱلَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِي بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِي كَفَرَ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ }

 

 

قوله: { لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ }. ذكروا عن سعيد بن جبير قال: كان قوم من أصحاب النبي عليه السلام استرضعوا لأولادهم من اليهود في الجاهلية، فكبروا على اليهودية؛ فلما جاء الإِسلام أسلم الآباء؛ فأرادوا أن يكرهوا أولادهم على الإِسلام، فأنزل الله: { لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ }.

 

ذكروا عن بعضهم أنه قال: أكرِه على الدين ولم يُكره فيه. أكره عليه العرب، إن هذه الأمة كانت أمة أمية ليس لها كتاب تقرأه أتى من عند الله، فأكرهوا على الإِسلام. أما من كان على ملة من يهودي أو نصراني فأقر بالجزية قُبِلت منه ولم يُفتن عن دينه. قال: وما كان سوى أهل الكتاب من المشركين ـ ما خلا العرب ـ فأقر بالجزية قبلت منه ولم يقتل.

 

وقال مجاهد: كانت النضير أرضعت رجالاً من الأوس؛ فلما أمر الرسول بإجلائهم قالت أبناؤهم من الأوس: لنذهبن معهم ولندينن بدينهم، فمنعهم أهلوهم، وأكرهوهم على الإِسلام ففيهم نزلت: { لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ }. الرشد الهدى، والغي الضلالة.

 

قوله: { فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ } الطاغوت هو الشيطان { وَيُؤْمِن بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }. قال مجاهد: العروة الوثقى الإِيمان. وقال بعضهم: العروة الوثقى لا إله إلا الله. { لاَ انفِصَامَ لَهَا } أي لا انقطاع لها. وقال الحسن: لا انفصام لها دون أن تهجم بأهلها على الجنة.

 

قوله: { اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ ءَامَنُوا } [قال الحسن: ولي هداهم وتوفيقهم] { يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ } أي يخرجهم من وحي الشيطان إلى وحي الله، ولم يكونوا في وحي الشيطان قط. { وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ } أي من وحي الله إلى وحيهم، ولم يكونوا في وحي الله قط، وهو كقوله:

{ إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا ءَامَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا }

[يونس: 98]، كشف عنهم عذاباً لم ينزل بهم أي صرف عنهم. وقال بعضهم: { يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ } ، أي من الضلالة إلى الهدى، لأنهم كانوا في ضلالة. قال: { أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } أي لا يموتون ولا يخرجون منها أبداً.

 

قوله: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ ءَاتَاهُ اللهُ المُلْكَ } أي آتى المُلك الذي حاجّ إبراهيم في ربه، وهو نمروذ. ذكر بعض المفسّرين قال: ذكر لنا أنه نمروذ، وهو أول ملك تجبّر في الأرض، وهو صاحب الصرح ببابل.

 

قوله: { إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ }. قال بعضهم: ذكر لنا أن نمروذ دعا برجلين فقتل أحدهما واستحيى الآخر فـ { قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ } أي أنا استحيي من شئت وأقتل من شئت.

 

{ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ المَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ المَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ }. قال: لا يهدي القوم المشركين الذين يلقون الله وهم مشركون [أي لا يهديهم إلى الحجة ولا يهديهم من الضلالة إلى دينه]، وقال بعضهم: لا يكونون مهتدين وهم ظالمون؛ وهو ظلم فوق ظلم وظلم دون ظلم. قال الحسن: هكذا حجة الله على ألسنة الأنبياء والمؤمنين.

Link to comment
Share on other sites

من خلال قراءة هذا الموضوع المهم الذي جمع أبرز الاراء حول تفسير (لا اكراه في الدين) يلاحظ ان البابا لم يأت بشئ من عنده، وهنا لا بد من التنبيه الى ان هذا لا يعني انه على حق، ولكن لا بد من الانتباه الى ما ذكره الكتاب والباحثون القدماء، ولا بد من تمحيصها ، ومن ثم نقدها بجرأة ، فكتب التراث ليست مقدسة، ولا بد من مناقشتها، ، من اجل اعطاء الصورة الصحيحة للاسلام، ولا بد ان ننتقد انفسنا قبل ان ننقد الاخرين، و ان ندرس ونحقق النصوص القديمة بكل حرية
Link to comment
Share on other sites

"لا أكراه في الدين ...." نص واضح وعادل ولا ينبغي أن يكون منسوخ. فالنسخ هو من طبيعة البشر كضرورة للتراجع عن الخطأ والتصحيح. وليت هذه الآية تطبق الآن في الدول الإسلامية وبالأخص في السعودية على من يرفض البرمجة والتلقين.

أما بالنسبة للجهاد، فهناك آيات كثيرة تحث على القتال ولكن حسب فهمي المتواضع كثير منها جاء في مشركي مكة أو اليهود الذين بدأوا بالمعاداة. ولا

ينبغي أن تأخذ هذه الآيات بمعنى مطلق. لكن الأساس – على ما أعتقد- لفهم معنى الجهاد هو الآية "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين" (لا أذكر رقم الآية ولكنها في سورة البقرة). وهذه الآية تنسجم في معناها مع فطرة الناس في وجوب الدفاع.

وحين استند على هذه الآية من أجل مراجعة الحروب التي حدثت في فجر التاريخ الإسلامي أنتهي بالآتي:

• حروب محمد جاءت كضرورة

• حروب أبي بكر مع مانعي الزكاة أو من اختاروا النكوص باطله، " لا أكراه في الدين"

• حروب المسلمين مع الروم والفرس كانت ضرورة إذا صح ما قيل من أنهم كانوا ينوون أو يرتبون للهجوم على الدولة الفتية (قيل أن عمر قال "والله لو أن بيني وبينهم جبل فلا يصلون إلي لما قاتلتهم").

• غزوات بني أمية كانت اقتصادية بحتة (في سبيل الغنائم لا في سبيل الله). وما كان لهم أن يضعوا الأمم الآمنة أمام 3 خيارات (الإسلام أو الجزية عن يد وهم صاغرون أو القتل. يعني إذا تعطونا شي مادي نخليكم لحالكم!)

أنا أعلم أن الإسلام في أحوال قليلة أنتشر من خلال تعامل التجار مع الأمم الأخرى ولكن هذا جاء كشيء عفوي غير مخطط له.

كان بإمكان من هيمنوا على الأمة أن يسخروا قدرات الصالحين لنشر الدين بالتي هي أحسن ولكن لا يجنى من الشوك العنب.

Link to comment
Share on other sites

أن

ا أعلم أن الإسلام في أحوال قليلة أنتشر من خلال تعامل التجار مع الأمم الأخرى ولكن هذا جاء كشيء عفوي غير مخطط له.

كان بإمكان من هيمنوا على الأمة أن يسخروا قدرات الصالحين لنشر الدين بالتي هي أحسن ولكن لا يجنى من الشوك العنب.

 

أغلبيه المسلمين اليوم هم من بلاد لم يدخلها الفاتح الاسلامي .. عليك من الصين الى اندنوسيا الى ماليزيا الى الفلبين الى افريقيا السوداء .

Link to comment
Share on other sites

نعم قد أكون مخطأ يا صديقي العراقي. ولكن لو نظرت إلى علم السعودية فسوف ترى سيف مشهور وفوقه العبارة "لا أله إلا الله محمد رسول الله". هذا التصميم لا ريب تفتقت عنه عقلية تربط وبشدة بين الإسلام والسيف بحيث يكون شعار دوله. أنا واثق أنهم يتمنون إزالته من العلم الآن ولكن المسألة في غاية الإحراج. :o
Link to comment
Share on other sites

انا افهم ان اغلب المسلمين استفزوا من الاشاره الاولى لانهم يؤمنون ان الاسلام الذي يعتقدونه قام وسيقوم على العقل و الادراك وان السيف انما استخدم اما للدفاع او من قبل اللذين تسلطوا على رقاب المسلمين انفسهم ليبرروا اطماعهم وحبهم للسيطره. المشكله التي استصعبت فهما هي في رده فعل ذلك البعض الذي يؤمن اصلا بما قاله البابا و الذي لم يكن سوى ليردد صدى افكارهم في ملاحظاته.. عجبت لماذا استفزوا.. اليس علم السعوديون هو شعار لاالله الا الله وتحته السيف؟ فلماذا يغضب علمائها؟ او اليست افكار ابن حزم في مساله " الانسان مخير ام مجبر" هي اساس معتقداتهم ؟ لماذا ينتفض الظواهري وهو يعرف ان عقيدته في الاسلام هي الارهاب و القتل, قتل المسلمين قبل الاخرين. اسئله لم ارى لها جواب وانا ارى كل تلك الجموع الغاضبه يمتلئ قلبها حزنا وهي ترى معتقداتها تهان ولكن ربما كان عليها اولا ان تتسائل عن من اعطى الاخرين فرصه اهانه تلك الرساله الانسانيه التي تحدث بها محمد, رساله" من دخل بيت ابو سفيان فهو أمن" تلك الرساله التي عفت حتى عن من اكل اكباد احباب رسول الله عند مقدرته من دون اجبارهم على اعتناق الاسلام . فاين السيف في اجبار الناس على الاسلام. ربما استخدم ذلك السيف لاحقا ولكن السؤال هل كان سيفا محمديا ام من سيوف الغدر بمحمد وبال محمد وبصحابته المنتجبين..

 

From Salim's on the other post

Link to comment
Share on other sites

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
Reply to this topic...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...
×
×
  • Create New...