Jump to content
Baghdadee بغدادي

abusadiq

Members
  • Posts

    405
  • Joined

  • Last visited

Posts posted by abusadiq

  1. الشيعة» و«السنة» «غير مقتنعين» بنتائج الانتخابات.. ويتجهون إلى القضاء

     

    لندن : معد فياض

    عبر الدكتور عدنان الدليمي، رئيس قائمة «جبهة التوافق» العراقية السنية، عن عدم قناعته بنتائج الانتخابات التي اعلنتها امس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية، مشيرا الى ان «المفوضية لم تتخذ الاجراءات الحقيقية والصادقة من اجل مراجعة الخروقات التي قدمناها، وان هذه النتائج ليست حقيقية ولا تمثل التوجهات السياسية لدى الشعب العراقي».

    ومن جهته انتقد عمار الحكيم، نجل عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق زعيم قائمة «الائتلاف العراقي الموحد» الشيعية، توزيع المقاعد الانتخابية معتبرا بانه لم يراع القانون. وقال الدليمي في حديث لـ«الشرق الاوسط» عبر الهاتف من مكتبه في بغداد أمس «إن المفوضية لم تنظر بجدية وحرص للخروقات التي قدمناها وكنا نأمل ان تكون (المفوضية) اكثر نزاهة مما هي عليه الان».

     

    وصعّد الدليمي من لهجته قائلا «سنبقى نطالب بحقوقنا بالطرق المشروعة لاسترجاع 11 مقعدا خصمتها من حقوقنا المفوضية العليا للانتخابات في اربع محافظات هي الانبار وديالى وصلاح الدين ونينوى، وقد اقمنا دعوى في المحكمة الاتحادية العليا ضد المفوضية وتم تحديد 22 من الشهر الجاري موعدا للنظر في الدعوى».

  2. نشر الاستاذ صالح القلاب مقالا لم افهم منه اذا كان الكاتب متحيزا لايران أام انه ضدها،

    ماهو راي القاري

     

     

    إنها الحقيقة المرة .. لقد أصبحت إيران دولة نووية!

     

    صالح القلاب

     

    حتى الذين لا يؤيدون سعي إيران المحموم لتطوير قدراتها النووية، فإنهم بالتأكيد لا يستطيعون إخفاء إعجابهم بالدهاء التفاوضي، الذي اتبعه الإيرانيون، والذي ما زالوا يتبعونه، فهم مرة يضربون على الحافر، ومرة أخرى يضربون على المسمار، كما يقال، ومرة يتراجعون، ومرة يتقدمون ولقد اتبعوا أساليب في المناورات، وفي الكر والفر، أثبتت أنهم لا يتصرفون عشوائياً، وإنما وفق خطط مدروسة، وضمن حلقات متتابعة كل حلقة منها تفضي الى حلقة لاحقة جديدة.

     

    عندما وضع معممو إيران برنامجهم النووي، الذي سيفضي حتماً الى أغراض عسكرية، اختاروا واجهة لهم وجهاً صبوحاً، هو وجه الرئيس السابق محمد خاتمي، الرجل الذي سحر بلطف كلامه وهندامه الجميل، وعذوبة نبرة صوته وباعتداله حتى الغرب الكاره للثورة الإيرانية، والمتوجس خيفة منها، والذي لم يتورع في مراحل السعي لاستيعاب هذه الثورة واستهلاكها إقليمياً عن وضع يده في يد صدام حسين الذي كان فرس الرهان في المنطقة، والذي أُسقط نظامه بعد أن انتهت مهمته ووضع في السجن ليحاكم، كمجرم وسفاك دماء، بلا شفقة ولا رحمة.

     

    كان العالم، الذي يرغي ويزبد ويهدد ويتوعد في هذه الأيام، عندما ينظر عن بعد وعن قرب، ومن خلال طائرات التجسس والأقمار الإصطناعية، الى المشروع النووي الإيراني، والى مفاعلاته المشرئبة الأعناق، يرى وجهاً باسماً هو وجه محمد خاتمي، وكان عندما كانت تقال له كلمة في المفاوضات التي شهدتها بعض العواصم الغربية يصدقها.. وهكذا وبينما القناعة تترسخ بأن إيران على وشك رفع يديها وإلقاء أسلحتها، كان العمل في الجانب المظلم من المشهد يتواصل بهمم عالية لإنجاز ما تقرر إنجازه ولمباغتة العالم في لحظة غفلة، ووضعه على نحو مفاجئ أمام واقع لا يمكن تغييره ولا يمكن الإلتفاف عليه.

     

    لا يوجد أداء أفضل من أداء الإيرانيين خلال معركة المفاوضات المستمرة منذ أعوام عدة سابقة، فهم رغم كرههم الشديد لمعاوية بن أبي سفيان ولابنه يزيد وللأمويين وعهدهم وخلافتهم بصورة عامة، إلا أنهم اتبعوا طريقته المعروفة في العمل السياسي، التي كان لخصها بتلك الجملة الشديدة البلاغة والاختصار التي تقول: «والله لو أنه بين الناس وبيني شعرة لما قطعتها، فإن هم أرخوها شددتها، وإن هم شدّوها أرخيتها».

     

    وربما أيضاً ان المفاوض الإيراني، البهي الطلة، الذي كان العالم يشاهده على شاشات الفضائيات هاشاً وباشاً ،والذي سار على خطى رئيسه السابق محمد خاتمي في الإعتدال وإظهار الملمس الناعم وإتقان لعبة المظاهر الخادعة، وقول شيء والتصرف عكسه.. ربما أن هذا المفاوض، قبل النزول بأسلحته وحججه وكرِّه وفرِّه الى ميدان المفاوضات، كان قد راجع ملفات المفاوضات الفيتنامية ـ الأميركية التي جرت في باريس في بدايات عقد سبعينات القرن الماضي والتي أذاق فيها الفيتناميون مفاوضيهم المـُرَّ نفسه الذي أذاقوه للأميركيين في أدغال فيتنام الموحلة.

     

    كان اللبناني الأصل فيليب حبيب، الذي ورث عن والده، بائع السجاد، الصبر والمثابرة، هو الذي ترأس الجانب الاميركي الى المفاوضات وكانت تجلس في مواجهته على الطرف الآخر من المائدة، سيدة فيتنامية فضية الشعر كانت تبدو وباستمرار جاهزة ومتيقظة لا تهمل شاردة ولا واردة، وكانت تأتي بملفات حبلى بالأوراق والوثائق والقضايا وكانت بعد ان تمطر هذا الأميركي الفذ، الذي جاءت عائلته من بلاد الأرز للبحث عن الفرص المتاحة في القارة الجديدة، بابتسامة سامة وخبيثة، تبدأ بالقراءة ثم تستمر في قراءتها بدون كلل ولا ملل، الى أن يبدأ السأم يتسلل الى رأسه، ويبدأ النعاس يغزو عينيه، فتهاجمه بالشروط والاقتراحات، وتشن عليه غارات عاصفة كالغارات التي كان يشنها رجال «الفيتكونغ» في الوقت ذاته على جنود بلاده، الذين كانت معنوياتهم قد انحدرت الى الارض، وغرقت في تلك الأدغال الموحشة والرطبة والبعيدة.

     

    إن هذا ما فعله المفاوض الإيراني بالضبط، فقد كان يلتقي المفاوضين الأوروبيين حول مائدة المفاوضات، إن في فيينا أو في أي عاصمة أوروبية أخرى، فيسمعهم كلاماً حلواً وعذباً، ويملأ أصابع أيديهم بالوعود الوردية، وذلك في حين أن زملاءه من السياسيين والعسكريين والعلماء، كانوا ينهمكون كعاملات النحل في عمل دؤوب لا يعرف الراحة ولا التوقف لتغيير المعادلات على الارض، وليذهب مفاوضهم في المرة القادمة الى مائدة التفاوض، وهو يملك أوراقاً جديدة ومعادلات مستجدة.

     

    لقد بقي الإيرانيون يلعبون مع الأوروبيين، ومع الأميركيين أيضاً، لعبة الفأر والقط لعدة أعوام، وكانوا خلال هذه الاعوام ينهمكون في تغيير المعادلات على الارض وفي المعامل وفي منشآت المفاعلات النووية، ولعل ما يجب قوله الآن ان طهران تسللت من بين أصابع الغفلة والانشغال، وضربت ضربة هائلة كان على دول هذه المنطقة، التي تقع على الطرف الغربي من الخليج والمتاخمة لهذه الدول، أن تدركها وتعرف أبعادها، وذلك إذا كانت الولايات المتحدة المنشغلة في هوس استعادة أمجاد الامبراطورية الرومانية العظيمة لم تتنبه إليها، أو أنها تنبهت إليها لكنها صمتت ظناً منها ان الصمت في مصلحتها ومصلحة مخططاتها.

     

    إنها ضربة مزدوجة فهي، أي طهران، استطاعت بعد تخطيط هادئ وطويل النفس، أسدلت فوقه أردية المكر والتخفي بمهارة دهاقنة الفرس القدماء، أن تصطاد عصفورين بحجر واحد: العصفور الأول هو التخلص من نظام صدام حسين بأيدي غيرها، والعصفور الثاني هو إغراق الولايات المتحدة في أوحال العراق، واستيعابها استيعاباً كاملاً في أزمته المتفاقمة، وجعلها غير قادرة إلا على تصريحات وبيانات التنديد والاستنكار، وإلا على اللجوء الى السيد كوفي عنان وهيئته الدولية، عندما حانت لحظة الحقيقة ووضع الإيرانيون العالم كله أمام الأمر الواقع والحقيقة المرة.

     

    لم تكن إيران في أي يوم من الأيام، أقوى مما هي عليه الآن فهي تخلصت من خصم عنيد حاربها وحاربته لثمانية أعوام متواصلة، وهي استطاعت ان توجد في أرض العراق موطئ قدم ثابت، لم يستطع أن يوجده حتى «نادر شاه» في ذروة قوة الدولة الصفوية، وهي الى جانب هذا كله، تمكنت من إنشاء هلال نفوذها السياسي، الذي يبدأ أحد طرفيه بحركة «الحوثي» في اليمن السعيد في الجنوب، وينتهي طرفه الآخر ببوابة «فاطمة» المحروسة بحراب «حزب الله» في الجنوب اللبناني في الشمال.

     

    وأيضاً فإن إيران قد تمكنت ببراعتها السياسية، التي لا يمكن إنكارها أو إغماض العيون عنها، بينما هي تسعى سعياً حثيثاً وتواصل الليل بالنهار والنهار بالليل، لإنجاز مشروعها النووي من استدراح الأميركيين الى أوحال دجلة والفرات، واستيعاب قوتهم العسكرية هناك، وجعلهم أسرى هذه الحالة، بل وجعلهم كبيضة خداج في يدها، يستطيعون هرسها عندما تحين لحظة ضرورة الهرس هذه.

     

    لا تستطيع الولايات المتحدة، المستوعبة عسكرياً في العراق، والتي تقع قواتها تحت رحمة ميليشيات العمائم السوداء، التابعة لمرجعية «قم»، والملتزمة التزاماً صارماً بأي إشارة من مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي، ان تفعل شيئاً، ولذلك ولأن أوروبا قد قالت بدورها و«بعظمة لسانها» إنها لا تستطيع ان تفعل أكثر من إحالة ملف إيران النووي الى مجلس الأمن الدولي، فإن طهران التي باتت على أتم الاستعداد لمواجهة أي قرار بالمقاطعة والعقوبات الدولية، أصبحت مطلقة اليد، وغدت قادرة على تحمل تبعات كل ما يقوله محمد أحمدي نجَّاد ويهدد به.

     

    ستصل إيران الى اللحظة الحاسمة قريباً، وهي بالتأكيد ستعلن امتلاكها للقنبلة النووية، أسوة بالهند والباكستان وإسرائيل، إن ليس الآن، ففي المستقبل القريب جداً، وعندها لن تستطيع الولايات المتحدة ان تفعل أكثر من بيانات التنديد، ولن تجد أوروبا «المسكينة»، سوى أن تضع يدها على خدها، وتقول وعلى الطريقة المغاربية: «الله غالب». أما إسرائيل، فإنها إن هي حاولت لعب دور كلب الحراسة المعهود، فإنها ستكون الخاسر الأكبر، فالأيام التي كانت فيها يدها طويلة وقبضتها تستطيع الوصول الى حيث تشاء، ويشاء الأميركيون، قد ولت بلا رجعة.

     

    لقد أصبحت إيران دولة نووية بالفعل، وعلى من لا يزال لم يصدق هذا أن يصدق، فالإيرانيون استطاعوا أن يلعبوا لعبتهم بتفوق، وها هو محمد أحمدي نجاد يضع إصبعه في عين أميركا متحدياً ومهدداً ومتوعداً، بينما الأميركيون مستوعبون تماماً في أوحال دجلة والفرات، وتبدو عينهم بصيرة ويدهم قصيرة.

  3.  

    والآن.. في العراق.. أزمة التحول من الخطاب الانتخابي إلى خطاب الشراكة

    جابر حبيب جابر

     

    خلال عام واحد الذي ابتدأ بانتخابات 30 يناير 2005 وانتهى بالانتخابات العامة في 15 ديسمبر شهد الموقف السني تغيرات هامة، بدءًا من الرفض المطلق والمقاطعة الى المشاركة ذات الموقف السلبي الرافض للدستور في 15 اكتوبر الى المشاركة الايجابية في الانتخابات العامة الاخيرة.

     

    هذا التدرج من الرفض المطلق الى المشاركة السلبية الى الايجابية، يمثل انتقالات هامة في فترة زمنية قصيرة نسبياً تقل عن العام، رغم بقاء الاجواء العامة نفسها، وهي وجود الاحتلال، ونأخذ بالحسبان مرونة الشارع والجمهور السني، وأنه يستجيب للتثقيف السياسي والضخ الاعلامي، ومتبنيات المنابر الدينية، وهذا يدلل على انه شارع ديناميكي وحيوي ويستجيب لهاجس المصلحة.

     

    إلا أن هذا التطور في التعاطي مع العملية السياسية لم يصحبه آخر في تطويق او على الاقل تقليل بيئة العنف، لا بل إن بعض القوى التي غازلت خطاب العنف وباركت «المقاومة» هي التي تصدرت المشهد الانتخابي، وهنا الشارع السني ليس نشازا بل هو مثل الشارع الشيعي في توجهاته، إذ ان الناخب في ظرف عدم الاستقرار والخوف يتجه يميناًً ويعود الخطاب المتشدد هو الاكثر رواجاً وينال الصقور الحظوة على حساب اولئك ذوي الخطاب الوسطي المهادن.

     

    وهذا يقود الى اولى المقيدات على السياسيين السنة، اذ انهم عندما يدخلون العملية السياسية فإنه يجب ان يدركوا أن لهذه العملية استحقاقاتها، ومعها يجب الاصطفاف مع فرض القانون والاستقرار حتى وان بدا ذلك قاسياً، اذ لا احد يستطيع ان يبقى جزءاً من الحكومة وفي الوقت نفسه مع تقويضها، او مع من يحرضون عليها. لهذا فإن التحدي الاول هو النزول من الخطاب الانتخابي الذي تبنى التطرف بغية الجذب الى اجواء المشاركة السياسية.

     

    تظل السياسة في جانب منها مجموعة مقايضات، فمقابل ان تحصل على ثمار الاشتراك في السلطة وصنع القرار، المطلوب ان تعمل على ازالة العنف او تحديده، خصوصا عندما برهنت القوى السياسية والدينية السنية عن قدرتها في احداث نقلات سياسية هامة، بجانب سابقة الهدوء الذي ساد لاول مرة خلال ايام الانتخابات وقيام المسلحين بحماية مراكز الاقتراع وهذا يشير الى قدرة هذه القوى السياسية وصلاتها القادرة على مد هذا الاتفاق.

     

    وفي الجانب الآخر فإن المراقب لخارطة العنف في العراق يعرف بأن جزءاً مهما منها يعود الى منظمة «القاعدة» بفرعها العراقي، وهذه ترفض اي عمل سياسي وتهدد من ينخرط به، ولكن عددا من القوى السياسية كانت في حواراتها مع القوى الاقليمية والدولية النافذة في العراق، ما فتئت تعرض بانه لو تم تطمين مطالبنا ودخلنا العملية السياسية باثمان عادلة او مجزية فانه ستنقلب الجماعات المسلحة العراقية ضد تلك الوافدة، هذا التعهد بات بحاجة الى شواهد واقعية، في حين أن القوى السياسية السنية تعرف بان هذا القرار مخطوف وهو مرتهن بيد الفرقاء المسلحين الذين تتقاطع وتختلف مطالبهم واجنداتهم، لذا فإن اشارة الايقاف هي ليست بمقدور اي قوة سياسية داخلية، نتيجة تشعب مراكز التمويل وامتدادها الى الخارج، ولغلبة مناخ التشدد حتى باتت المجاهرة بالاعتدال في اوساط رجال السياسة والدين ضربا من المغامرة المفضية للقتل، نظرا للبيئة الضاغطة في اتجاه العنف.

     

    الازمة الاخرى تتصل بنوع هذا الخطاب، الذي درج على وصف السياسيين في الاحزاب الاسلامية بالايرانيين وبانهم ينفذون المخططات الايرانية، لا شك ان هذا الخطاب يستبطن الحصول على فوائد اقليمية ودولية وقبلها للشحن الداخلي، فهو يحاول ان يستدرج الدعم المالي والسياسي العربي بإخافته من النفوذ الايراني في العراق وبجعل اللوبي السياسي العربي ضاغطا على امريكا لتعديل سياستها تجاه الكتلة السنية وللحد من تحالفاتها مع القوى الشيعية، ويستبطن دوليا اخافة امريكا من ان تكون ثمرة تضحياتها واستراتيجيتها في العراق مقطوفة من قبل ايران، ولكن في الحين ذاته فان استمرار هذا الخطاب يهدد بتمزيق اللحمة الوطنية ويشكل استمراراً لإرث التخوين الذي حكم العقلية السابقة، فضلاً عما يحدثه من القطيعة مع القوى المنشود مد الجسور معها والتي لا يمكن احداث التعديلات الدستورية المبتغاة من دونها.

     

    والمشكلة الاخرى هي في انتقاء الحليف، إذ ان هنالك تحالفا تاريخيا بين القوى السياسية الشيعية والكردية ارتكز على ارث المظلومية المشتركة وتأييد التغيير، بجانب سنين من العمل السياسي المشترك اثناء المعارضة، لهذا فإن الكتلة السنية التي لا تمتلك هذه الارضية المشتركة مع هذين العاملين عليها ان تجد مشتركات، فهي تعيش مع المكون الشيعي في القسم العربي من العراق والمصلحة تقتضي العمل على خلق بيئة آمنة واخراجه من مربع الصفر والدمار الذي لا يزال يراوح فيه، ومن ناحية اخرى فإن لها مشكلات مع الكرد برزت اثناء فترة الدستور لجهة نوع السلطات وحجمها التي يبغيها الكرد في فيدراليتهم، لافتين ايضا الى ان المناطق السنية هي المحاددة للكرد سواء في كركوك او الموصل او صلاح الدين، وهناك تكمن المشكلات المختزنة، وهذه لا يستطيع العرب السنة ان يقووا على مواجهتها تفاوضيا بدون الاتكاء على القوى الشيعية.

     

    ثم إن للاخرين اوراق ضغطهم، فالكرد مستقلون باقليمهم ويلوحون اذا ساءت المآلات بانفصالهم، والشيعة بفيدرالية مناطقهم، والسنة، مع محدودية الخيارات، فإنهم يملكون أبوتهم للعراق وريادة التأسيس، ولكن دوامة العنف التي ميدانها مناطقهم باتت مُهددة.

     

    العنف يلغي كل ما عداه من دولة ومجتمع واقتصاد وتنمية، وهنا يلجأ الاخرون الى اقصى الحلول.

  4. لو ان الشيعة صرفوا أموال الدنيا كلها من اجل التقريب بينهم، لما استطاعوا ان يكونوا مقتربين وموحدين كما هو الان ، والسبب واضح، السبب هو الطريقة التي يدير بها جماعة الزرقاوي هجوماتهم، فالهجمات ضد الشيعة لم تفعل إلا على اتحادهم، وتذليل عوامل الفرقة بينهم، والسؤال هو لماذا اذن تقوم جماعة الزقاوي بهذه الاعمال؟

    السبب هو انهم لم يقرؤوا التاريخ، فالمجتمعات الحية عندما تتلقى ضربات قوية، لا تعمل هذه الضربات الا تقوية هذه المجتمعات واتحادها، ولو ان جماعة الزرقاوي درسوا التاريخ لما قاموا بهذه الضربات التي أكدت فشلها على مدى التاريخ،

  5. أحمد الجلبي.. هاجس الريادة والمكانة

    رشيد الخيون

     

    برز أحمد الجلبي نجما في المعارضة العراقية أثناء مؤتمر بيروت (1991)، يوم تآلفت النقائض، العمائم والأفندية، من كل الاتجاهات. بعدها حقق الشهرة عبر الخصوم، وما حبرته الصحافة العربية ضده، وما زال أحد كُتاب الأعمدة اليومية يسد فراغ عموده بتجريحه. نال هو التعاطف، ونالت هي سأم القارئ. كان يرد ببرودة على اتهامات موالها: سرقة المال والعمالة. كان الجلبي، في زحمة ما يقال ويكتب ضده، مشغولاً بإقناع الأمريكان لإسقاط دولة البعث عسكرياً، وبالنظر في سِفر إعادة أعمار ألمانيا بعد النازية. وربما كانت فكرة اجتثاث البعث من إيحاءات ذلك السِفر.

     

    ولهول الهجاء والتعريض، لم يتمالك أحدهم نفسه عندما شاهد الجلبي في حفل تأبين، صاح: «لا لعملاء أمريكا»! لحظتها التفت الجمهور صوب الهتاف، إلا الجلبي استرسل بكلمته التأبينية غير مكترث. ومن المفارقة عاد الهاتف إلى بغداد، ورشح نفسه في الانتخابات، وقدم قائمته أسوة بالجلبي، وأسس مؤسسة أفاد بها البغداديين. قال صاحبنا، بعد الفراغ من التأبين: «أول مرة أرى الجلبي على الطبيعة، فما تمالكت».

     

    ربما يشعر الجلبي في سيرته بالغبن، وهو ينظر إلى الآخرين يقطفون ثمار مشروعه في إسقاط دولة البعث عسكرياً. وأمسى نائباً لمَنْ ظل يعترض على المشروع حتى قُبيل الحرب. هذا وقد جرت العادة أن يتبوأ قائد الانقلاب المركز الأول، ثم يأتي الأقربون. لكن هذه المرة حصل شذوذ في السياسة العراقية، ومن المحتمل أن يكون قائد الانقلاب بلا مقعد في البرلمان القادم! حسب الجلبي حسابه وجرب اعتلاء منصة الطائفة، رغم علمانيته واطلاعه على حقيقة الخلاف المذهبي وما يحويه من ملفقات.

     

    أخذ يتحدث في الحقوق الشيعية من دون الرغبة بدولة دينية، مبادراً إلى تأسيس البيت الشيعي، ثم هندسة الائتلاف العراقي الموحد، الذي أُخرج منه، وهو صاحب الفضل بوجوده. ولم يسمع استجارة آل الخوئي، وهو يجالس قاتلي عميدهم، ويظهر على الشاشة يجاريهم في الضرب الأرستقراطي على الصدور في عاشوراء. غير أن السعي الطائفي المحسوب لم ينسه تذكير الطرف الآخر. لهذا سبق إلى مجالسة هيئة علماء المسلمين، ومواجهة تعصب رئيسها بما كان بين أخيه رشدي وخميس الضاري من وشائج، وهما المرشحان في قائمة واحدة أوان العهد الملكي.

     

    إن حاول الجلبي جعل الحق الشيعي ممراً إلى بلوغ المرام، ربما العراقي لا الشخصي فقط، نسى مكانة أسرته في عهد مارس الطائفية، من سن قانون الجنسية والتمييز الملموس، حتى وصلت ذروتها في ما بعد. كان جده عبد الحسين الجلبي وزيراً مزمناً وعضواً في مجلس الأعيان حتى وفاته (1939)، ووالده عبد الهادي الجلبي (ت1988) وزيراً ونائباً لرئيس مجلس الأعيان حتى (تموز 1958)، كذلك توزر أخوه رشدي الجلبي (ت1998) عدة مرات. وخلع العثمانيون لقب الجلبي الأرستقراطي (كلمة تركية تطلق لتعظيم الأعيان) على عائلته، لمركزها المالي والاجتماعي، رغم سلوكهم الطائفي ضد الشيعة. ولحظوة الأسرة نزل الملك فيصل الأول، أول وصوله بغداد، قصر جده.

     

    كانت لآل الجلبي أملاك واسعة، حتى أن مدينة الحرية، غربي بغداد، عُرفت سابقاً بمدينة الهادي، نسبة لوالده، الذي نجا مما حصل في صبيحة 14 تموز 1958 (ثورة بزعامة عبد الكريم قاسم) لتواجده صدفة بطهران. أخبرني أحد الكسبة المؤجرين من أملاك آل الجلبي بشارع الرشيد، أن والد أحمد طرده من محله، وعمد إلى إهانته وتهديده عندما راجعه بمكتبه، وبذلك أغلق باب رزقه الوحيد. إلا أن صاحبنا، وهو شيعي متضرر من قانون الجنسية الملكي ومن التهجير البعثي، راح يبحث عنه يوم الثورة ضد العهد الملكي ليقتص منه، ومعلوم ماذا يعني القصاص في تلك اللحظات المجنونة!

     

    تطرح هذه الخلفية أن تفاعل الجلبي الطائفي لم يؤخذ بجدية حتى داخل الائتلاف الشيعي، مثلما لم يؤخذ عداؤه المفاجئ للأمريكان بجدية، بعد أن رمى بكل ثقله لإقناعهم بالحل العسكري، ثم حاول تغيير الصورة أمام العراقيين بافتعال مواجهات معهم! والهتاف ضد الاحتلال.

     

    يعلم الجلبي، وهو من أذكياء العراق، أن العراقيين أسرع إلى الطاعة وأسرع إلى العصيان أيضاً، ولا بد من مجاراة أمزجتهم. جاء في وصية معاوية بن أبي سفيان لولده يزيد: «انظر أهل العراق، فإن سألوك أن تعزل عنهم كل يوم عاملا فافعل، فإن عَزْلَ عامل أحب إليّ من أن تشهر عليك مائة سيف» (تاريخ الأمم والملوك). أجد في هذه الوصية اعترافا، سبق زمانه، بأن عدم تأبيد الحكومات علاج لأمزجة العراقيين، الذين قال فيهم ابن أبي الحديد: «شبه معترضة في المذاهب» (شرح نهج البلاغة).

     

    قد راود الجلبي أنه صاحب ريادة في النصر على دكتاتورية عاتية القسوة، وهذا صحيح. وأن تأبيد الحظوة الحكومية من حقه. فلم يمر على نشر قصة «زبيبة والملك»، التي تنبأت أن جلبياً سيقود الجيوش، سوى شهور حتى طل الجلبي على صدام بسجنه وجهاً لوجه. ولا ندري ماذا جال في الدواخل من هواجس في تلك اللحظة؟ ولا يهم إن كانت الإطلالة بصحبة الحاكم المدني الأمريكي أم من دونه، ألم يرفع الأمريكان صداماً وشيوخه إلى السلطة! وقبلها، ألم يأت البريطانيون بفيصل بن الحسين ملكاً! ويتملقهم طالب النقيب من أجل العرش!

     

    وبما أن الاستحقاق الانتخابي ليس هو الأمثل بالعراق، فلا بد أن يحسب الجلبي حسابه خارج صناديق الاقتراع، التي لم يؤثر فيها الترغيب بقائمته: «كل عراقي يأخذ حصة من النفط». كان صاحب الفضل في التذكير بهذا الحق صاحب العِمامة الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء (ت1954)، قالها لنوري السعيد: «لكل عراقي حصة من نفط العراق، وما أخذته لبناء مدرستنا العلمية من الحديد هو جزء ضئيل من حصتي» (أساطين المرجعية العليا).

     

    لقد تنازلت مكانة الجلبي كثيراً وهو يناقض لبراليته وخطابه في وحدة العراق، بهندسة الضرر الطائفي الإقليمي، وباعتماده على حاشية أسرعت إلى اغتنام الغنائم، هزت صورته بين العراقيين، مع أنه صاحب رصيد علمي وثقافي وحظوة دولية، قلما امتلكها سواه، ومن رجال المرحلة بحق.

  6. في ما وراء كلام الساسة .. أزمة الانتخابات العراقية

    جابر حبيب جابر

     

    الأزمة التي اثيرت حول نتائج الانتخابات تدل في جانب منها على فقر الممارسة والثقافة الديمقراطية لغالب الطبقة السياسية، والى افتقارها الآخر الى القراءة الواقعية للساحة وللمحركات الاساسية للمجتمع، والقوى الرافضة لنتائج الانتخابات توزعت على ثلاث كتل:

     

    الاولى: بعض القوى والكيانات الصغيرة التي لم تحصل على اي مقعد في البرلمان والتي انتظم منها في الجبهة الرافضة ما يقارب من ثلاثين كيانا من مجموع 317 كيانا اشتركت في الانتخاب، وعندما يحصل من بينها أحد عشر كيانا فقط على مقاعد، وعندما تكون المقاعد موضوعة التنافس عددها 275 والمتنافسون عليها 7600 مرشح، فانه يغدو من الطبيعي ألا يكون بعض الفرقاء الخاسرين سعيدين بالنتائج.

     

    الثانية: القائمة العراقية برئاسة اياد علاوي وهي القوة الاساسية المحركة لجبهة الرفض لنتائج الانتخابات، جزء من مآخذها واقعي، وهي قد طالت مؤيدي واعضاء للقائمة ومقراتهم، والجزء الآخر جاء من قراءة غير واقعية للمشهد العراقي الذي غلب عليه الاستقطاب الطائفي والعرقي، وجاء العنف لكي يعمق ويوسع التخندق الذي حفره النظام السابق بين المكونات الرئيسية.

     

    ولو ركنا الى الارقام، فنجد انه في الانتخابات الماضية في بداية العام حصلت القائمة العراقية على 40 مقعدا، وفي هذه الانتخابات على ما يقارب 25 مقعدا اي بخسارة 15 مقعدا في حين ان الائتلاف حصل في الانتخابات الماضية على 148 مقعدا في حين في هذه الانتخابات حصد ما بين 130 – 132 مقعدا بخسارة 18 مقعدا، والاكراد حصلوا في الانتخابات الماضية على 75 مقعدا وفي هذه الانتخابات على 57 مقعدا بخسارة 18 مقعدا، ويلاحظ ان ما خسره كل كيان يكاد يكون متقاربا، وان ما خسروه مجتمعين 51 مقعدا التي كان حصولهم عليها في الانتخابات الماضية بسبب من المقاطعة السنية للانتخابات، وهي تقارب ما حصلت عليه الان الكتل السنية مجتمعة (التوافق والحوار والمصالحة) 57 مقعدا.

     

    وهناك معطى رقمي آخر يشير إلى ان ما حصلت عليه القائمة العراقية هي اربعة مقاعد في المحافظات السنية الثلاث نينوى وصلاح الدين والانبار، وهي تطابق النسبة التي حصلت عليها في المحافظات الشيعية 10 مقاعد في تسع محافظات.

     

    ربما من الصعب ان تسلم القائمة العراقية بخسارتها تجاه الائتلاف الشيعي، ولكن بماذا تبرر خسارتها تجاه الكتلة السنية؟ كيف لجبهة التوافق التي لم يمض على تشكيلها الا اسابيع قبل الانتخابات ان تكتسح التمثيل السني؟ وما الذي جعل الناخب السني يصوت لقائمة حديثة العهد لا تحتوي على أية رموز سياسية بارزة ويترك قائمة علاوي التي ضمت ابرز السياسيين السنة مثل رئيس البرلمان حاجم الحسني والباجه جي ونائب الرئيس الياور وغيرهم؟ هل يوجد تفسير اخر غير ان التصويت قد اخذ منحى طائفيا؟ والدليل المضاف على ذلك ان هذه الخسارة طالت ايضا القوى الليبرالية الشيعية التي خسر كل رموزها كأحمد الجلبي وليث كبة والاخرين.

     

    ثالثا: الكتلة السنية (التوافق، الحوار، المصالحة) وهي اعترضت بدرجات متفاوتة على نتائج الانتخابات وتراوح منسوب الخطاب ما بين من هدف للحصول على تعويض سياسي مجزي في التشكيلة الحكومية وما بين من صعد التهديد باغراق البلاد بحرب اهلية، هذه الكتلة حصلت على غالب الاصوات في المناطق السنية، وستكون واهمة فيما لو تصورت بان من الممكن ان تحصل على مقاعد في المحافظات الشيعية، لذا فان الخلاف تركز على بغداد لما تمتلكه من رمزية كبيرة ولادراك الاطراف بان النتائج الانتخابية تمثل مرآة لحجم كل مكون، وهذا ما ترفض الاعتراف به الاطراف ظنا بان ذلك يرتب حقوقا سياسية.

     

    وسنركن هنا ايضا الى معطيات رقمية مأخوذة من الاستفتاء الذي جرى على الدستور في 15 سبتمبر الماضي، حيث كان من قال نعم للدستور في بغداد 1.647.763 أي بنسبة 70.77 % في حين ان عدد الذين رفضوه 472.852 أي بنس بة 22.30 % وهذه النسب نجدها تماثل تقريبا النسب التي حصلت عليها الكتل في الانتخابات النيابية الاخيرة، بافتراض ان مؤيدي الائتلاف الشيعي وقائمة علاوي هم الذين قالوا نعم للدستور وبنسبة 77.70 % ، فنجد ان ما حصلت عليه القائمتان في الانتخابات هو 74 % ، وبافتراض ان الذين قالوا لا للدستور وبنسبة 22.30 % هم نفس الذين صوتوا للكتل السنية وكانت نسبتهم 20.83%، ربما يرد اعتراض ولكن الحزب الاسلامي وهو القوة الاهم في التوافق ايد الدستور، والواضح ان تأييده لم يتعد مستوى القيادة، والدليل الاول ان مناطقه رفضت الدستور بنسبة 97% والدليل الاخر انه خاض الانتخابات الحالية تحت شعار صوتوا لنا لنلغي الدستور.

     

    هذه القوى المعترضة صبت اتهاماتها على الكتلة الفائزة الاكبر وايضا على مفوضية الانتخابات التي بات يظن السامع للقوى الرافضة ولمؤتمراتها اليومية بانها كيان متآمر ومنحاز لجهة معينة ويتدبر الامور بليل، هذه المفوضية تم اختيارها قبل ان تشكل الحكومة العراقية اصلا من قبل الامم المتحدة والتي اختارت سبعة مفوضين يشكلون مجلسها من بين اكثر من 1800 متقدم ومنحوا امتيازات تقارب تلك التي للوزراء لكي يكونوا محصنين تجاه أي تأثير، وهي توخت ان يمثلوا تنوعات الطيف العراقي، فكان اثنان سنة عربا وواحد كرديا والاخر تركمانيا والاخر مسيحيا واثنان شيعة.

     

    المفوضية التي اصبحت ككيس الملاكمة بين القوى المتشاحنة والذين تناسوا انها ادارت ثلاثة انتخابات وطنية واخرى لاقليم كردستان وتسعة عشر انتخابا على مستوى المحافظات في ظرف عام واحد منجزة ذلك وسط اجواء التهديد والقتل الذي تعرض اليه كثير من كوادرها يوم كانت الانتخابات رجسا من عمل الشيطان قبل ان تصبح واجبا دينيا ووطنيا، انها تعمل باشراف مراقبين دوليين وتحت توجيه الامم المتحدة الذي وصف مستشارها الانتخابات بانها «نزيهة وشفافة ووفقا للمعايير الدولية».

     

    هل اريد ان اخلص الى ان الانتخابات لم تخدشها الخروقات وربما التزوير? لا بل ان ذلك وارد في بلد حديث العهد بالديمقراطية وواقع تحت سطوة المنظومات غير السياسية، ولكن مجال ذلك هو عبر الطعون والاليات القانونية وليس بلغة التهديد والتصعيد وتيئيس المواطن الذي بات يضع يده على قلبه عند كل مؤتمر صحافي ولا يدرك ان للسياسيين لغتين احداهما للاعلام والشارع، والثانية للصفقات السياسية.

     

    اما الذين يعترضون على سلوك الناخب فعليهم جميعا، ونحن نستقبل العام الجديد بحزمة من الاماني المعطلة، ان يعملوا معا على ايقاف العنف لكي يتحول العراقي الى كائن سياسي بدل ان يكون خائفا لائذا بطائفته او قوميته، عند ذاك فقط ستتغير الاصطفافات.

  7. بعد «تقرير خدام»... ما هو المطلوب?

    احمد الربعي

     

     

    المتحدث هذه المرة ليس «الحاقد» وليد جنبلاط، ولا المعارضة اللبنانية «العميلة»، ولا هو متحدث صهيوني، ولا علاقة له بلجنة التحقيق الدولية. المتحدث هو عبد الحليم خدام، نائب رئيس الجمهورية العربية السورية، وأحد رفاق الراحل حافظ الاسد، وأحد صانعي السياسة السورية لعقود من الزمن.

     

    الحديث الذي أدلى به خدام لقناة «العربية» هو أقوى من كل المقالات والتحليلات. وما قاله في لقائه التلفزيوني أقوى بكثير من تقرير ميليس. والحديث يتعلق بفساد مالي يصل الى مليارات الدولارات ودولة، بل دول داخل الدولة وعمليات بلطجة، وشكوك وعلامات استفهام. وواضح لكل من شاهد «تقرير خدام» ان التلميحات فيه كانت أخطر من التصريحات، وان التهديد بكشف المزيد يجعل المسألة اكبر بكثير مما يتوقع المراقبون، وان ما في الفخ أكبر من العصفور.

     

    كل الذي قاله المحللون وتحدث عنه تقرير ميليس اكده خدام. وحديثه كان قنبلة من الوزن الثقيل تحتاج الى مراجعة وقراءة واعية. ما الذي سيفعلونه في دمشق أمام هذا الحدث، الزلزال، لن ينفع حديث الوجوه التي تدافع عن الموقف السوري ببلاده، الى درجة ان الناس تعرف ما سيقولونه قبل ان يتحدثوا. ولن يستطيع الاعلام الرسمي السوري الرد على كل هذه المعلومات الخطيرة.

     

    اكثر من مرة قلنا ان طريق النجاة وحماية سوريا هو بشيء أقرب الى الانقلاب الذي يجب ان يقوده الرئيس بشار الاسد ضد الطاقم القديم، وسوريا لا تستطيع ان تتحمل المزيد بعد كلام خدام. وفي سوريا لا احد غير الرئيس بشار يستطيع ان يفعل شيئا، ونقصد شيئا كبيرا بحجم الانقلاب على النظام وأجهزته وعقليته والمستفيدين منه. ونقول هذا الكلام، مفترضين حسن النية، وان اجهزة قمعية ومافيات في دمشق ورطت الدولة السورية في مسلسل من الاخطاء والخطايا، ومعتمدين على كلام نقدي للنظام سمعناه شخصيا من الرئيس بشار في أكثر من مناسبة، وحان الأوان ان يطبقه وينقذ سوريا من ورطتها، فهل سيفعل؟

  8. نتائج الانتخابات العراقية

    احمد الربعي

     

     

    الاعتراضات على نتائج الانتخابات العراقية طبيعية ومفهومة ومبررة، لكن غير المبرر وغير المفهوم تعطيل العملية السياسية تحت هذه الحجة، كما أن الدعوة إلى إعادة الانتخابات هي دعوة تعسفية.

     

    دعوة الرئيس العراقي لتشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها كافة الأطراف بما فيها القوى المعترضة على نتائج الانتخابات، والسعي لعدم استبعاد أي طرف سياسي من خلال إشراك الجميع في حكومة وحدة وطنية تتحمل المسئولية المشتركة لإعادة بناء العراق هو احد الآليات التي يمكن استخدامها في البرلمان.

     

    هناك آلية أخرى وهي أن تقوم القوائم المعترضة بتشكيل جبهة معارضة قوية وفاعلة مهما صغر حجمها، وتمتنع عن دخول الحكومة، وهي آلية أخرى ربما تكون مفيدة إذا التزمت بقواعد اللعبة الديمقراطية واحترمت رأي الأغلبية وأصبحت معارضة بناءة هدفها كشف كل الفساد والتلاعب ، والتأكد من إدارة الدولة بطريقة حديثة ومتحضرة ، وهذه المعارضة ستنجح في حالة إدارتها للعملية السياسية بشكل ايجابي في تحويل الأقلية البرلمانية إلى أغلبية في الشارع وستحرج الحكومة وأغلبيتها البرلمانية وأحزابها وستكون صمام أمان لإدارة الدولة.

     

    القوى السياسية العراقية يجب أن تخرج من دائرة الاعتراض على العملية الانتخابية إلى دائرة الفعل السياسي وهذا يتطلب أن تتذكر كل الأطراف العراقية أن المعركة في العراق ليست بين أطياف العمل السياسي بل مع قوى الإرهاب ، ومع الفوضى والتسيب ، وأن هناك أهدافا مشتركة على رأسها إعادة بناء الدولة على أسس إنسانية ، وإعادة الاعتبار للمؤسسات السياسية والأكاديمية ومؤسسات المجتمع المدني وخلق مجتمع اقتصاد متنافس يعيد العراق إلى المنافسة الإقليمية والدولية.

     

    لدى العراق فرصة تاريخية ، فالبلد غني ومنتج للنفط ، ولديه موارد كثيرة أضاعها النظام السابق في حروب عدمية ، ولديه طبقة واسعة من العلماء التكنوقراط والأطباء الذين غادروا وطنهم مكرهين.

     

    المهم أن تتعاون القوى المتضررة من الانتخابات مع بقية القوى فإما أن تدخل معها في حكومة وحدة وطنية تعيد بناء العراق، أو تخلق لنفسها كتلة معارضة برلمانية تراقب وتحاسب وتحشد الناس من ورائها. لكن المهم الخروج من دائرة الاحتجاج والانفعال إلى دائرة الفعل.

  9. وحدة العراق.. قَوَّضها التعريب ولا شيعية بعد اليوم

    رشيد الخيون

     

    يحتاج العراق اليوم إلى ترميم النفوس، قبل ترميم الطرق والجسور، بعد زمن قوَّض وحدته، وهلل نسيجه الاجتماعي. عاش العراقي مهدداً برأيه ورزقه، يتنازل عن كل شيء للسلطة. هذه هي السُنَّة التي سنَّتها دولة البعث، ودولة كل جبار عنيد من قبلها. لا تعني عبارة «العراقي بعثي وإن لم ينتم»، غير مصادرة الولاء للوطن. قالها صدام تزامناً مع صدور قانون مجلس قيادة الثورة رقم (107) لسنة 1974: «يعاقب بالإعدام: (أ) كل مَنْ ينتمي إلى حزب البعث العربي الاشتراكي إذا أخفى عن عمد انتماءاته وارتباطاته الحزبية والسياسية السابقة. (ب) كل مَنْ انتمى أو ينتمي إلى حزب البعث العربي الاشتراكي إذا ثبت أنه يرتبط اثناء التزامه الحزبي بأية جهة حزبية أو سياسية أخرى أو يعمل لحسابها أو لمصلحتها». وحسب تعميم الانتماء للبعث، الذي أُخذ بجدية في ما بعد، يكون كل عراقي محكوماً بالإعدام. وقد أعدم أخوة وأقارب وأصحاب بجريرة خيانة الحزب. إنها واحدة من خلفيات أن يعيش العراقي مشكوكاً بولائه، بل ويعيش تحت هاجس الخوف من الآخرين.

     

    كان هذا زمن الخير، قياساً بما تقادم على العراق من حصر الولاء بالبعث، ثم برجل واحد. لقد حصل أن تقدمت دبابات ومصفحات الحرس الجمهوري، أوان انتفاضة مارس 1991، إلى مداخل كربلاء والنجف، حاملة شعار «لا شيعة بعد اليوم». وهذا يعني إبادة جماعية لأكثر من نصف العراقيين. ومعلوم تحقق جزء من الشعار في المقابر الجماعية، وتفجير الأحياء من الشباب، ثم التأصيل الثقافي بنشر سلسلة مقالات على صفحات جريدة «الثورة»، تطعن في عراقية الشيعة، وفي أخلاقهم الشخصية.

     

    ما حصل في ربيع 1991 ليس جديداً، فقبل ما يزيد على ثلاثة قرون (1623) عرفت بغداد «لا شيعة بعد اليوم»، لكن بفعل معكوس، يوم استباح شاه عباس الصفوي المدن العراقية رافعاً شعار «لا سُنَّة بعد اليوم». هدم مزار الإمام أبي حنيفة، وهو يعلم قربه من العلويين والشيعة، ومزار الشيخ عبد القادر الكيلاني، «ثم وزع دفاتر لتسجيل أسماء أهل السُنَّة من سكان بغداد، بقصد القضاء عليهم جميعاً»(تاريخ العراق بين احتلالين). بيد أن رجلاً صفا قلبه من الكراهية، ونظف فكره من النزعة الطائفية، حال دون ذلك، وهو السيد دراج، الوجيه الشيعي سادن ضريح الإمام الحسين، عندما سجل في دفاتره مواطنيه من أهل السُنَّة على أنهم من الشيعة، ومن «محبي أهل العبا»، وبهذا أوهم شاه عباس، وأنقذهم من الهلاك.

     

    تزامن مع «لا شيعة بعد اليوم» طرح شعار «التعريب» ضد المنطقة الكردية، وصدرت قرارات تفسح المجال لتبديل القومية، لكن إلى العربية فحسب. شرع ذلك مجلس قيادة الثورة في قراره (199) لسنة 2001: «انسجاماً مع مبادئ حزب البعث العربي الاشتراكي في أن العربي هو مَنْ عاش في الوطن العربي، وتكلم اللغة العربية، واختار العروبة قومية له... لكل عراقي أتم الثامنة عشرة من العمر الحق في طلب تغيير قوميته إلى القومية العربية...». أصبحت القومية بفعل هذا القرار انتماءً بالقوة لا طبيعة، إذا علمنا ماذا يعني قرار مجلس قيادة الثورة في دولة البعث!

     

    وحسب القرار أعلاه، اعتبرت دولة البعث الكُرد عرباً، أنستهم متاهات الجبال والأودية لغتهم العربية. وربما اقتبس هذا الرأي مما أورده أبو الحسن المسعودي. قال: «اعتصموا بالجبال طلباً للمياه والمراعي، فمالوا عن اللغة العربية» (مروج الذهب). وعليه ورد في قرارات النظام السابق تصحيح القومية من الانتماء الخطأ بفعل التيه والنسيان. مثل: «تعاد للذين صححوا قومياتهم إلى العربية كافة حقوقهم ويعاملون معاملة العرب» (محافظ التأميم، في 18 ديسمبر 1997).

     

    ممارسات أخرى صاحبت شعار لا شيعة بعد اليوم، وقوانين التعريب، اقتلعت العراقي بالقوة من مذهبه أو قوميته. كان أقساها ممارسة التهجير من داخل إلى داخل العراق، أو رمياً على الحدود. ومَنْ يقرأ عذابات الأديب عبد الغني الخليلي، في رحلة التهجير المريرة، لا يتردد من لعن ذلك الزمن. حمل والدته ذات الثمانين على ظهره، يهبط ويصعد بها عبر خطوط نار الحرب العراقية الإيرانية. قضى الخليلي بعد فقد والدته بقية حياته باكياً، حتى عرفه الأقربون ببكاء المنافي. فما هو إذن عمق الجرح الذي تركته تلك الممارسات في الذات العراقية! ألا ترى أنها «قسمة ضيزى» أن يتساوى، في الشعور والتفكير تجاه وحدة العراق، مَنْ احتفظ بداره وقوميته ومارس التسلط بمَنْ شمله شعار «لا شيعة بعد اليوم»، وطبقت عليه قوانين التعريب!

     

    على خلفية الماضي القريب، تتجاذب وحدة العراق النزعات الطائفية بأعلى مستوياتها. نعم، هناك فورة شيعية بالجنوب والوسط، تسخرها كيانات وشخصيات لمصالحها الذاتية، وهناك توجس سني بالغرب والشمال الغربي، وأوجاع كردية محفورة في الذاكرة، حتى غدت كركوك بؤرة اختلاف قومي عصي على الحل في ظل سياسة المأسورين بمآسي الماضي. نفوس مشككة في بعضها البعض، وكأن ما يجري من مباحثات بين أحزاب وكيانات عراقية يجري بين دول لا بدولة واحدة.

     

    شكوك تُغذى بالتخويف من الآخر، فحسب الخطاب والممارسة السائرين بعراق اليوم كل سنَّي (بعثي)، وكل شيعي (إيراني)، والكردي يتآمر على العروبة، والعربي يتأبط غاز الخردل ضد الكرد.. وهَلُمَّ جَرَّا! هذه هي صورة ما يجري علناً وخفية، فعندما تختلي الأحزاب لنفسها، لا تتحدث بمشروع وطني عراقي يوازن بين ثروة البلاد وعوز العباد. ما العمل؟ والعراق في تيه طائفي، غير حيلة عاجلة يتبناها عقلاء البلاد للخروج من محبس الذاكرة، والبدء بترميم النفوس. أقولها متحسراً: لو كان الائتلاف عراقياً وليس شيعياً صرفاً، ولو كان التوافق عراقياً وليس سُنَّياً، ولو كان التحالف عراقياً وليس كردياً لاستطاع كل منهم في حالة فوزه إدارة البلاد، ويرمم ما قوَّض من وحدة العراق. وإلا لا عصمة من تقسيم البلاد، أو حرب أهلية ـ هدد بها البعض بصوت عالٍ ـ ستأتي بما أتى به شاه عباس وصدام حسين، فاعصموا البلاد من الشرّين إن كنتم من «أُوْلي الألباب».

  10.  

    انتخابات العراق: خارطة القوى بين المذهبية والقومية والليبرالية

    جابر حبيب جابر، الشرق الاوسط

     

    أكتب مقالتي هذه في يوم الخميس 15 ديسمبر يوم الانتخابات بينما العراقيون متوجهون للتصويت. وهذا ما يقيني من الاصطفاف أو التأييد لقائمة معينة، أو أن أكون ضد أخرى عبر الإيحاء بكيفية او اتجاه التصويت. ومن ناحية اخرى فإن ذلك يعطيني فسحة لممارسة التوقع والتنبؤ بحصيلة الانتخابات دون أن تكون التوقعات توجيها غير مباشر بالتصويت.

     

    رغم اشتراك أكثر من ثلاثمائة حزب وكيان في هذه الانتخابات إلا أن المنافسة ستنحصر بين أربع كتل رئيسية تأتي بعدها بضعة كيانات لن يزيد ما ستحصل كل منها عليه عن مقعد لرئيس الكيان وربما مقعد مجاور له يشغله أحد أعضاء كيانه وفي أحسن الفروض مقعدين.

     

    لن يتوقف الناخب كثيرا أمام البرامج الانتخابية ولن تكون معيارا للمفاضلة لديه بل سيهتم بالشخصنة أكثر من اهتمامه بالبرامج، إذ أن الهويات الفرعية للمكونات هي التي ستحدد سلوكهم الانتخابي، فالناخب يرى أن هذه المرحلة تتطلب الحفاظ على هويته وتثبيت حقوقها ثم بعد ذلك وفي مرحلة لاحقة يتم الالتفات والاهتمام بالبرامج وأداء المرشحين، يتم ذلك في ظرف رسوخ وتثبيت معالم خارطة القوى السياسية – المجتمعية وفي أجواء اكثر أمنا واستقرارا.

     

    من اجل ذلك فإن البرامج الانتخابية حتى وإن كان لها اثر، وجهدت وسائل الاتصال لايصالها والترويج لها، إلا أن أثرها سيظل على الشرائح النخبوية المتعلمة، وليس على اولئك الذين لا يملكون خبرة قراءة الرؤى والسياسات الانتخابية، وهم الغالب في مجتمعنا والنسبة المؤثرة في حسم نتائج الانتخابات. وهذه الشرائح بطبيعتها عندما لا تفهم او لا تكترث بالبرامج المعلنة فانها بطبيعة الحال تتبع مشاعرها الدينية او القومية، بخلاف ذلك فان قراءاتنا ستكون قريبة من الاماني بعيدة عن الواقع عندما تنشغل بما يجب ان يكون لا بما هو كائن.

     

    النظرة الاولية قد تكون محقة عندما تتصور انخفاضا حادا في مقاعد (الائتلاف) بسبب ضعف الاداء الحكومي وفساد مجالس المحافظات التي هيمنت عليها احزاب الائتلاف، وهذا ما سيدفع بالناخب المحبط إما الى رفضهم وتصويته لبدائل اخرى او الى العزوف عن المشاركة. بجانب غياب دعم المرجعية او الفتاوى الساندة، فضلا عن الخسارة المحتملة للشارع الليبرالي الشيعي نتيجة خروج الوجوه الليبرالية القليلة من قائمة الائتلاف وهيمنة الاسلاميين عليها.

     

    إلا أنه من زاوية أخرى فإن إرث المخاوف المتبادلة والرغبة في تثبيت حقوق الهوية الذاتية وإظهار حجمها السكاني، وبجانب ذلك هيمن عامل آخر أظنه بات الأهم في تحديد خيارات الناخب وهو العنف والارهاب، والذي سيدفع الجمهور الشيعي بغالبيته الى التخندق مع الائتلاف رغم سخطه عليه، إذ أن هذا الجمهور لا يستطيع أن يختزل قراره ويوقفه على أداء الحكومة وإخلالها بتوفير الخدمات الاساسية عندما يكون وجوده برمته كانسان مهددا، وعندما يستهدفه العنف الاصولي التكفيري لهويته، هذا العنف الذي لم يكن لينشط وينمو لو لم يجد البيئة الحاضنة والافتاء المساند او المهادن، لذا فإنه، وفي ظل هذ العنف الاعمى الذي يجاهر بافتخاره في تنفيذ التفجيرات في المساجد والاسواق لاجتثاث (الروافض)، يصبح ليس من المستغرب أن يجعل ذلك اصطفافهم وتخندقهم مع الائتلاف مصيرا وليس خيارا، ولو كان الظرف غير ذلك، ولو غابت عنه قوى العنف، لتحرر ناخب الائتلاف من مخاوفه ولربما اخذ تصويته منحى آخر.

     

    أخذا بكل هذه المعطيات فإنه من المتوقع أن يتصدر الائتلاف البرلمان القادم، الا أن الخلاف هو بحجم هذا التصدر والذي أرجح بأنه سيظل كبيرا وربما يتراوح حول مئة وثلاثين مقعدا من مجموع مئتين وخمسة وسبعين مقعدا تليه القوائم الثلاث وبحجوم متقاربة، التحالف الكردستاني، وجبهة التوافق (السنية) والقائمة العراقية.

     

    القوائم الثلاث الاولى تتوجه الى ناخب مذهبي او قومي محدد، في حين أن قائمة علاوي هي التي تسبح ضد التيار، إذ ضمت تيارات عديدة يجمعها القاسم العلماني، لذلك فإن توجهها سيكون الى نخب معينة، وستحصل ايضا على الصوت الاحتجاجي المتذمر من الاداء الحكومي وذلك الرافض لهيمنة القوى الدينية، يساعده في ذلك حملة اعلامية فائقة التميز والانفاق، واتكاء على ايحاءات اقليمية ودولية داعمة لها.

     

    على الجانب الاخر هناك عوامل اضرت بحملته وستضر بمحصلته الانتخابية، أولها صعوبة استقطاب القاعدة العريضة من الناخبين الذين باتوا يخلطون ما بين إيمانهم الديني وخيارهم السياسي، وثانيها نجاح خصومه في تصوير أن نجاحه سوف يكون بابا لعودة البعثيين الى مواقع المسؤولية، وهذا ما اشاع الذعر لدى ضحاياهم، وثالثا لا أدري: هل بخل أحد بإسداء النصيحة لعلاوي بأن الكاريزما التي يملكها تتيح له أن يستقطب وجوها افضل لقائمته بدلا من تلك التي شدته الى الوراء وجعلته يدافع عن بعضهم حتى الساعات الاخيرة من حملته الاخيرة بدل أن ينتفع بهم انتخابيا.

     

    قائمة التوافق التي ستستحوذ على غالبية الصوت السني ستتنافس مع قائمة علاوي على الموقع الثالث وهي تشكل إيذانا بالدخول السني الى المشهد السياسي بعد إدراك خطأ وعدم جدوى المقاطعة. ومن شأن هذا الاشتراك المستند على دعم اكثر من ألف رجل دين داخل العراق باستثناء (الهيئة) مع مباركة الاخوان المسلمين في الاردن الذين طالما كانوا يخونون العملية السياسية ومن يشترك فيها، ومع إفتاء الشيخ القرضاوي الذي نأمل من قناة (الجزيرة)، بالمناسبة، أن تأخذه بنظر الاعتبار عندما تقيم شرعية الانتخابات.

     

    إن من شأن هذه المشاركة السنية أن تخدم مستقبل ووحدة العراق وتلغي قضية التهميش وتعيد التوازن الى البرلمان القادم وتخلص الساحة السياسية من ادعياء ومتنازعي التمثيل السني.

     

    واخيرا على الرغم من ان تركيب غالبية القوائم بدا مذهبيا او عرقيا الا ان هذا لا يعني انها لا تحمل مشروعا وطنيا، او ستفشل لاحقا عن ايجاد مشتركات التلاقي او في ترميم هوية وطنية اصابها من العطب الكثير.

  11. انسحاب أمريكي فوري أم مجدول أم مرن .. هذا هو تحدي العراق

    جابر حبيب جابر ، الشرق الاوسط

     

    لم يعد الحديث يدور عن ضرورة الانسحاب الأميركي من العراق، بل عن فيما اذا كان الانسحاب يجب أن يكون فوريا أو وفق جدول زمني أو انسحابا مرنا، الانسحاب الفوري يكاد يكون مستبعدا من كل الاطراف المتحمسة او المترددة او الرافضة له، إذ ان بديله سيكون الفراغ الذي يستلزم سده، سواء من قبل دول الاقليم الطامعة او قوى التمرد المسلحة، او بانكفاء كل مكون عراقي بشطره الجغرافي.

     

    إذ تدرك الاطراف الداخلية، بعيدا عن مزايداتها السياسية وعن خطابها الاعلامي التعبوي وعن توظيفاتها الانتخابية، ان الانسحاب لا يمكن ان يتم الا عبر مسارين بديهيين مترافقين: الاولُ استقرار وترسيخُ العملية السياسية والثاني بناء اجهزة الجيش والأمن الداخلي، إذ أن أيا من هذه الاطراف لا يستطيع ان يقنع اقرب اتباعه او مريديه بانسحاب قبل تحقق هذين الهدفين، بل أكاد اقطع بأنه حتى لو سأل آخر من يظن بأنه يرضى بالاحتلال، واعني صداما، فإنه يقينياً سيرفض انسحابهم اذ ما كان ليكون له ان يحظى بهكذا محكمة، ويجعلها سياسية بامتياز بدون وجود «الغزاة» ويدهم الضامنة، إذ لا حكومة تستطيع ان تحميه من غضب الملايين من ذوي ضحاياه وهم يرونه يسكب الملح على جراحهم.

     

    بل، وايضا، إن اشد القوى عداء للأميركان، وهي السلفية الجهادية، فإنها على عكس مشروعها المعلن وعكس ما يظن فهي واقعا لا تريد الانسحاب، فالعراق وفر لها قاعدة للقتال بعد ان فقدت افغانستان، هذه القاعدة التي فيها وفرة من الأميركان كأهداف سهلة مع ميدان منازلة مثالي في قلب العالم العربي والاسلامي بعد ان كان على اطرافه، مع ما يوفره ذلك من نقطة استقطاب اعلامي واستدراج للدعم المالي وتحفيز كبير على «الجهاد» وكلها عوامل تديم الخزان البشري الرافد لهذه الفصائل.

     

    بدأت بالابعدين والاشد ضراوة فكيف بالمواطن العادي، لهذا فإن الحديث عن «الانسحاب المرن» هو المرجح اذ ان الادارة الأميركية ترفض تحديد جدول زمني لكي لا تعطي اشارة للجماعات المسلحة، تجعلها تدخر اسلحتها وجهدها انتظارا لهذا التوقيت, فضلا عن انها لا تريد ان تظهر أنها انهزمت امام الجماعات المسلحة ومن تسميهم بالارهابيين، اذ ان الهزيمة مكلفة بل كارثية لاستقرار المنطقة ولأمن الولايات المتحدة ومصالحها، ولأي من يفكر أن يركن او يتكل على الدعم الأميركي مستقبلا.

     

    أما الجماعات المسلحة وأجنحتها الدينية والسياسية فستسارع الى جعل اي انسحاب ثمرة لنهجها، ولكن هذا النهج كانت له «اعراض جانبية» كمقتل وذبح عشرات الآلاف من العراقيين، ونقلهِ من ثاني دولة مختزنة للنفط الى مستوردة وبثلث ميزانيتها الخاوية لمشتقاته، مع تقويض منظم لأجهزة الدولة وتدمير بنية البلد التحتية من استهداف متواصل للطاقة الكهربائية وشبكاتها، الى استهداف طرق نقل الاغذية، الى منع اي فرصة استثمارية، الى احجام الدول المانحة عن القيام بمشاريعها، الى تفجير المساجد والاسواق والمستشفيات، رافق ذلك تهجير للطبقه المهنية العليا في المجتمع مع عدم نسيان الدنيا منها من عمال بناء وغيرهم.

     

    إن المقبول وممكن التحقق هو انسحاب مرن مقترن باتمام العملية السياسية التي شارفت على انتهائها بانتخاب حكومة مرتكزه على دستور دائم ومنبثقة عن برلمان ممثل للجميع ومقترنا بقدرتها على حماية الأمن والاستقرار. والجدول الزمني واقعا، موجود جزء منه متعلق باتمام هذه العملية السياسية والشق الآخر بقرار مجلس الأمن 1546 الذي اوجب مراجعة لوجود القوات من قبل المجلس، وجعل بقاءها مرتهنا بطلب الحكومة العراقية.

     

    لهذا فإنه لا يمكن فهم التحرك العربي الاخير واحتضانه وانجاحه لمؤتمر الوفاق العراقي، الا كونه متسقا مع الاستراتيجية الأميركية الجديدة التي حثت الاطار العربي على التعاطي ايجابيا مع الواقع العراقي وعبر ضغطهم على حلفائهم المحليين لكي يندرجوا ضمن العملية السياسية وينبذوا العنف، واستكمل ذلك بالبعد الاقليمي بالعمل على فتح الحوار الأميركي مع ايران لضمان دعمها الجاد لاستقرار العراق وعدم تدخلها لاحقا لملئ الفراغ، ومن الراجح ان ايران ستكون ايجابية في ذلك اذ انها ستكون الاسعد بالوعد بالمغادرة الأميركية والتخلص من جوار طالما أرقها، وستكون مستعدة لاعطاء الضمانات مشفوعة بأغلظ الايمان على تفاعلها الايجابي اذ انها تدرك بان هذا الوجود لن ينتقل بعيدا، وانما سيكون في المياه القريبة مراقبا صدقية الافعال.

     

    اما القوى والفرقاء الداخليون، فإنه لا أحد سيستفرد بانتهاز الفرصة المتاحة عن هذا الانسحاب، اذ ان توازن القوى بين المكونات العراقية بل توزان قوة التدمير تجعل لا احد يفكر بالاستئثار واعادة عجلة الزمن الى الوراء، فضلا عن دعوة السيد البارزاني في انه سيستقل عن العراق في حالة نشوب حرب اهلية، والتي كررها في اكثر مناسبة لتعويد اذن الجوار المسترق السمع على مفردة «الاستقلال»، وكون من ناحية اخرى لا أحد يستطيع ان يمنعه من أن ينأى بإقليمه عندما تشتعل الحرب في جواره، او ان يلزمه بالبقاء في سفينة في طريقها للغرق.

     

    لهذا فإن على عرب العراق الذين جعلوا وحدته سنام اهدافهم وغاياتهم المفترض فيهم ان لا يجازفوا بالالحاح على انسحاب غير مكتمل المستلزمات يكون انفراط عقد العراق ثمنه.

     

    على الجميع ان يعمل على تهيئة المقدمات الموضوعية التي تعجل بالانسحاب، وان يتضافر معهم الاطار الاقليمي والدولي الراغب والحاث على ذلك عبر توفير افق استقرار اقتصادي واجتماعي، يسهم في حصر العنف ويضع الشعب في صف العملية السياسية، وحكومته القادمة التي نأمل في أنها سترمم المعادلة الداخلية.

  12. ياريت لو ان بغدادي تزودنا بالمزيد من هذه الاراء’ ه فهي وان لم تكن قطعية ولا تحدد اتجاه الناخب النهائي ولا تؤثر في الانتخابات لكنها مهمة لمعرفة الاراء ، آراء كل الناس، وقد قد يفوز بعض الاشخاص الذين ترد اساؤهم هنا وقد لا يفوزون ولكن المهم معرفة رأي الشارع، وهموم الناس، وامنياتهم/ والدافع الذي يدفعم لاختيار هذا او ذاك، وقد ينبهونا على اشياء غفلنا عنها، قد نتفق معهم او قد لا نتفق ولكن المهم ان نطلع على ارائهم

  13. هجوم علاوي

     

    هجوم علاوي على الحكومة الحالية جاء في غير محله، لاسباب عديدة، اولها انه كان رئيسا للوزراء ويعرف جيدا متاعب هذه الوظيفة في العراق، كما انه اشار الى نواقص في الدولة العراقية ، وهو محق في انتقادها ومنها انتشار الفساد المالي، ولكن هذا الفساد لم يأت بيوم او ليلة، كما انه يعرف جيدا من هم الذين قاموا بسرقة اموال الشعب، وفي ظني ان السيد علاوي يريد التغطية على مشكلة وزيره السابق الشعلان، الذي لا تزال قضيته محرجة، ولا نتهم الشعلان لان المسألة الى الان لم تثبت عليه ولكن كان على علاوي ان يطلب تكوين لجنة للتحقيق في هذه المسألة لانها حدثت ابان حكمه، وكان على الشعلان نفسه ان يطلب اجراء تحقيق في الامر كي يثبت براءته،

    ان هجوم علاوي يخفي اشياء اخرى ستبدو بمرور الزمن

  14. في حقل الألغام (الحلقة السابعة) ـ علاوي: نعم.. أنا أسير وسط حقل ألغام

     

    "الشرق الأوسط" تنشر مذكرات أول رئيس للحكومة العراقية بعد سقوط صدام

     

     

    بغداد: معد فياض

    يعترف الرئيس السابق للحكومة العراقية الدكتور اياد علاوي في الحلقة ما قبل الاخيرة من سيرته كأول رئيس حكومة للعراق بعد الاحتلال بانه يمشي في حقل الالغام وانه يتجاوز بصعوبة هذا اللغم او ذاك، متحدثا عن الاتهامات التي شنت على وزارته التي تتعلق بالفساد الاداري وكيف وقف بوجه هذا الفساد قائلا:

    في اللجنة الاقتصادية اتخذنا قرارا مهما وهو عدم توقيع اي عقد يزيد مبلغه عن الخمسة ملايين دولار الا بعد دراسته من قبل اللجنة والموافقة عليه. اما ما قيل عن الفساد الاداري والمليار دولار في وزارة الدفاع، فأنا لا اعتقد ان هناك تجاوزا بمليار دولار. انا وقعت الميزانية التي قدمها وزير المالية والتي تناقش من قبل مجلس الوزراء كما تناقش من قبل اللجنة الاقتصادية العليا، هناك ضوابط صرف في الدولة وتعليمات من وزارة المالية والمصرف المركزي، بالتأكيد لا يستطيع اي شخص ان يعمل(يشتغل بكيفه) مثلما يشاء. لكن هناك وزارات وقعت عقودا تجاوزت فيها تعليمات اللجنة الاقتصادية والحد المتفق عليه ولهذا قمت باحالة هذه الوزارات الى التحقيق بعد ان تواردت معلومات حقيقية لكنني رفضت نشر هذه التحقيقات في الاعلام، والوثائق موجودة كلها في مجلس الوزراء.

     

    انا رفضت تسريب الموضوع للصحافة حفاظا على سرية التحقيقات التي كلفت باجرائها الاخ برهم صالح، ثم ان القضايا كانت في طور التحقيق ولم تتكشف نتائجها، بعد فكيف نعلنها اعلاميا؟! وما كنت أهتم به هو كرامة العراق والمواطن العراقي امام العالم، ووجدت انه لا يليق بالعراق ان نفضح مثل هذه الامور التي تسيء الى سمعة بلدنا ومواطنينا، ولم اخف هذه الحقائق التي يعرف تفاصيلها جيدا برهم صالح وزير التخطيط الان، والاوراق كلها محفوظة، نعم انا اول من حاربت الفساد الاداري من خلال دعمي لديوان الرقابة المالية وتشكيلي لهيئة النزاهة واللجنة الاقتصادية، لكنني لم اخرج للناس واقول: فلان عمل كذا وكذا، ثم انه يفترض ان هناك قوانين تحمي المشتبه فيهم اذ قد تتوصل التحقيقات الى براءة هذا الشخص او ذاك وقد تثبت التهم عليهم فلماذا اقوم بتشويه سمعة هذا الوزير او ذاك المسؤول، هذه قضايا تعالج في ساحات القضاء وامام المحاكم وليس فوق صفحات الجرائد، لكنني فوجئت بنشر المعلومات على صفحات الصحف البريطانية قبل اشهر.

     

    تصوروا انا كنت اراسل رؤساء دول وحكومات وهذه الرسائل محفوظة في وثائق مجلس الوزراء وبعد خروجي من الحكومة تسربت هذه الرسائل الى الصحافة (يضحك ساخرا) يعني كيف يحدث هذا؟ رسائل بعثتها الى الرئيس حسني مبارك او الى توني بلير يأخذونها من سجلات ديوان رئاسة الوزراء ويوزعونها على الصحافة.

     

    بالتأكيد هناك جانب تسييسي في مسألة الحديث عن قضايا الفساد الاداري في حكومتي واستخدام هذه القضايا لاغراض انتخابية، وبالتأكيد ايضا كان هناك فساد في حكومتي و(ماكو) شك لذلك انا عندما احلت وزارات للتحقيق لم يكن ذلك اعتباطا، وعندما دعمت ديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة ليس من فراغ وانما لوجود فساد اداري وكنت اقف بوجهه وقررت القضاء عليه.

     

    هذا الفساد يعشش منذ سنوات طويلة في الادارة العراقية منذ حكم صدام حسين والحصار ثم النظام السابق نفسه عندما بدأ بشراء الذمم بواسطة ما عرف بكابونات النفط وبسبب سوء الاوضاع الاقتصادية استشرى الفساد.

     

    كلنا كنا نعرف قبل الحرب وسقوط نظام صدام حقيقة الاوضاع المعيشية التي كانت تعصف بالمواطن العراقي، وكيف آلت اليه امور الدولة حتى اننا في المعارضة كنا نشتري جوازات سفر عراقية مزورة من مسؤولين في الدولة العراقية. وحجم هذا الفساد تضاعف الى ارقام خيالية عندما جاءت قوات التحالف واشرفت على الامور وعينت مسؤولين عن الدولة وعينت موظفين في الدوائر، هذا كله موجود وحتى نقضي عليه يجب ان نحقق نوعا من التوازن بين ايقاف الفساد وبين الاحتفاظ بكرامة الدولة وكبريائها وبين معاقبة المسيئين الحقيقيين والفصل بينهم وبين الناس الأبرياء، ما ذنب الموظف البسيط الذي يزج في مثل هذه القضايا من غير ان تكون له اي يد فيها.

     

    الفساد مشكلة لا يمكن ان تقضي عليها بساعات او بأيام. عندما اكتشفنا ان هناك تجاوزات في حكومتنا احلنا المتجاوزين الى التحقيق وطلبت من نائب رئيس الوزراء برهم صالح ان يبقي هذا الموضوع قيد السرية، هناك كرامة بلد، في عهد النظام السابق كان صدام يتهم كل اشراف العراق باعتبارهم عملاء للاستخبارات الاميركية، وكل يوم يشتم شخصيات مهمة في البلد، حتى انه اهدر كرامة العراق والمجتمع العراقي. عندما تكون هناك قضية فساد يجب احالتها الى القضاء وهكذا نحفظ الحق العام ونعاقب المسيء ونبحث عن الاسباب. يعني الموظف الذي ارتشى بمائة او مائتي دولار علينا ان نعالج سبب لجوئه الى هذه الرشوة او السرقة عن طريقة زيادة الرواتب او زيادة القوة الشرائية للدينار, وهذا ما عملت عليه ووضعته في مقدمة المهام الاساسية عندما تسلمت الحكومة، فقمنا بزيادة رواتب الموظفين وحافظنا على القوة الشرائية للدينار حتى لا يلجأ الموظف الى الرشوة وطلب مائة دينار من هذا او ذاك مثلما كان يحدث في عهد صدام.

     

    موضوع الفساد بدأ الخروج عن طبيعته ووصل الى وسائل الاعلام العراقي والعربي والغربي. هذا لا يليق بالعراق ولا بكرامة المواطن العراقي، ماذا سيقول عنا الآخرون وهم يتفرجون علينا: ان العراقيين مجرد سراق وعملاء للاميركيين ولاسرائيل، وهكذا عندما تأتي الحكومة القادمة سوف تقول ان الحكومة السابقة كانوا سراقا وعملاء.. وتستمر التهم حتى ما لا نهاية.

     

    *** غالبا ما نفى علاوي، ان تكون حكومته قد اساءت استخدام اموال النفط، حسبما جاء في تقرير لهيئة مكلفة من الامم المتحدة، واكد ان مجلسا وزاريا ادار السياسة النفطية واشرف على العائدات في عهده، مكونا من عدة وزراء، بينهم نائب رئيس الجمهورية الحالي عادل عبد المهدي (من الائتلاف الشيعي)، الذي كان وزيرا للمالية. وابدى علاوي عدم معرفته بالتقرير الذي صدر عن اللجنة الاستشارية للمراقبة، وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» في 25 مايو (ايار) الماضي «لم أطلع على التقرير ولم اسمع به». وقال علاوي «معلوماتي حول النفط في عهد حكومتي انه كان هناك وزير نفط جيد وخبير، وتشكل مجلس اعلى للنفط بعضوية نائب رئيس الوزراء ووزير المالية ووزير النفط ووزير الدولة، وهؤلاء كانوا يديرون السياسة النفطية»، واكد ان «هذا المجلس كان يبيع النفط ويودع عائداته في البنك المركزي».

     

    ووصف علاوي الحملة الاعلامية التي تشهر ببعض وزراء حكومته بأنها «غير لائقة»، وقال «الفساد الاداري موجود منذ زمن صدام، وفي زمن بريمر معظم الوزراء كانوا متورطين بالفساد الاداري، وانا أحلت 3 وزراء للتحقيق، لكننا لم نطبل ونزمر اعلاميا، لان هذا الموضوع يتعلق بكرامة البلد والوزراء». واضاف «ان توجيه الاتهامات مسألة سهلة، ولكن يجب التحقق منها، وبعد ان تثبت التهمة يكون لكل حادث حديث، ولكن قبل اثبات التهمة يكون من العيب التحدث عنها في الصحافة. توجيه التهم جزافا احد اساليب صدام الذي كان يتهم الناس جزافا وعن غير حق. كان يتهم هذا بانه عميل وذاك بانه مختلس، يجب الابتعاد عن اساليب صدام. اذا كانت هناك تهم ضد وزراء فيجب التحقق منها وبدقة قبل اطلاقها في وسائل الاعلام». وعن برامجه السياسية قال علاوي الذي يتزعم حركة الوفاق «ذهبت في جولة عربية شخصية لا علاقة لها بالحكومة، وتوصلت مع هذه الدول الى اتفاقيات تتعلق بالوضع العراقي ومكافحة الارهاب والارهابيين وقدمت رسالتين للاخ رئيس الجمهورية ولرئيس الوزراء حول ما جرى من تثبيت نقاط تخدم العراق واتمنى منهما متابعتها». واضاف «نحن نريد بناء البلد ودعم المواطن العراقي سواء كنا في السلطة او خارجها، ونحن نشير الى الخطأ عندما يقع ونثمن ما هو صحيح». وقال ايضا: «برنامجنا المقبل هو الاعداد للمرحلة المقبلة والاستعداد للانتخابات ومرحلة الدستور واقامة تحالفات متينة وقوية مع عدد من التيارات والاحزاب السياسية الفاعلة في المجتمع العراقي، وخاصة التي تتجاوز القضايا المذهبية والعرقية، والتأكيد على الجانب الوطني العراقي». واضاف «هناك توتر طائفي قائم للاسف بين السنة والشيعة، ونأمل في ذوبان هذا التوتر لانه معيب. كان هناك على الدوام توافق وطني، منذ ثورة العشرين وحتى اليوم، ومن العيب ان تطرح المسائل السياسية اليوم على أسس مذهبية وعرقية وطائفية، لان هذا فيه تهميش واضعاف وتجن على الوضع العراقي».

     

    ويرى علاوي ان ملف مكافحة الفساد المالي والاداري يتم تحريكه وفقا لاهداف سياسية، في وقت تتحدث فيه وسائل الاعلام عن عمليات فساد واسماء وزراء خدموا في حكومة علاوي، على الرغم من عدم توجيه تهمة صريحة لاي منهم. ويقول «انا ضد توجيه التهم عبر وسائل الاعلام». ويشدد «متى كان هناك دليل قاطع عليك ان تتقدم به الى المحاكم»، مضيفا ان ثمة مؤشرات تقول ان حكومة الجعفري تسلط الضوء على الحكومة السابقة. ويتابع «لقد عرفت البلاد الفساد منذ عقود، كما انه استمر حتى بعد التحرير في ابريل (نيسان) 2003، تحت سلطة الائتلاف المؤقتة». ويتساءل «بربك لماذا يمكن ان يكون هناك فساد فقط في حكومة علاوي؟ ولا يكون ايضا في فترة الـ18 شهرا التي سبقت تلك الحكومة؟ هذا امر في غاية الغرابة». ويؤكد علاوي انه كان قد دعا، شخصيا، الى استجواب ثلاثة من وزرائه رفض تسميتهم. ويضيف «اشعر بأن هناك نوعا من الرغبة في الانتقام (...)، لماذا لا يصار الى استدعاء مدير البنك المركزي العراقي الاسبق او مدير بنك الرافدين الاسبق ممن عرفوا بفسادهم الكبير؟».

     

    وفي حديث ادلى به برهم صالح وزير التخطيط العراقي، وعضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني لـ«الشرق الاوسط» في 27 يوليو(تموز) الماضي اعترف فيه بتفشي ظاهرة الفساد الإداري والمالي في المؤسسات العراقية، رافضا تسييس هذه المشكلة، مشيرا الى ان«هناك فسادا إداريا وماليا خطيرا جدا، وأبعاد هذه المشكلة معروفة وهناك حالات مرصودة حول التلاعب بموارد العراق». واشار الى ان هذه المشكلة «لا تقل خطورة عن الإرهاب الذي يتعرض لعملياته العراق كل يوم».

     

    ورفض صالح تحميل الحكومة السابقة التي ترأسها الدكتور اياد علاوي، وكان (صالح) نائبا لرئيسها، مسؤولية الفساد الاداري والمالي، وقال «هذه مغالطة كبيرة، فمن تسلم الحكم بعد سقوط النظام السابق، وهو مجلس الحكم ومن ثم الحكومة المؤقتة، هي نفس الوجوه التي تحكم اليوم.. الدكتور ابراهيم الجعفري كان نائبا للرئيس، وكذلك روز شاويش وأنا كنت نائبا لرئيس الوزراء وكان هناك فساد اداري وقد كان رئيس الحكومة (علاوي) حاسما بمواجهة هذا الفساد وكلفني شخصيا للتحقيق في عدد من القضايا التي أحيلت الى القضاء». واوضح الوزير «ان مجابهة بعض ملفات الفساد اصطدمت بمن يقف وراء هذه الملفات، وهي بحاجة الى إجراءات رادعة، وكان يجب ان تكون الاجراءات اكثر حسما وفعالية، ونأمل من الحكومة الحالية مواجهة هذه المشكلة»، مشيرا الى انه «من الخطأ تسييس موضوع الفساد واستخدامه ورقة ضد الخصوم السياسيين حتى ان الجعفري، رئيس الحكومة، يؤكد على ان يكون التعامل مع ملفات الفساد اكثر جدية لاجتثاث هذه الظاهرة من اصولها».

     

    وأكد صالح ان موضوع «مكافحة الفساد الاداري يحتاج الى اتباع آلية قانونية بعيدا عن المعالجات السياسية او الاعلامية لانها مسألة تتعلق بهدر اموال الدولة والتلاعب بها وهناك اجهزة قانونية مسؤولة عن هذه القضايا، وابرزها جهاز الرقابة المالية الذي يعمل بمواصفات قانونية عالية للغاية وبكفاءات متخصصة رفيعة وبعيدة عن التأثيرات السياسية».

     

    وقال صالح «هناك صراعات سياسية خطيرة تدور في العراق تحاول استغلال قضايا الفساد الاداري والمالي وقد طرحنا تصوراتنا حول هذه الموضوع، وانا ارى ان تطبيق القوانين المختصة هو العلاج الحقيقي».

     

    *** الدكتور علاوي كان يعمل وما يزال في حقل الغام، ترى كيف كان يتجاوز هذا اللغم او ذاك؟ في حكومته المؤقتة كان هناك من يتربص به، وكذلك من خارج الحكومة.. والآن يتربصون به كي لا يصل الى رئاسة الحكومة مرة ثانية.

     

    يؤيد دولة الرئيس هذه الافكار ويعجب بوصفنا لوضعه بأنه يسير في حقل للالغام، ويجيب مباشرة: صح..صح.. هذا صحيح جدا. ويواصل حديثه قائلا:

     

    اقول لكم صراحة.. واقول لك كأخ، انا غير مهتم ان اصير مسؤولا في الدولة العراقية.. حقيقة.. الان اذا جاء حكم يريد ان يبني العراق كدولة مؤسساتية، دولة حقيقية، ديمقراطية بعيدة عن الطائفية والجهوية وفيها يسود القانون وتحافظ على كرامة وحرية وحقوق المواطن، سأكون سعيدا وليست لي اية مشكلة بترك مسؤولياتي، عندما يصان البلد وتصان حقوقه ووحدته وكرامته وكرامة وحقوق مواطنيه وتكون السيادة فيه للقضاء ويحافظ على تراثه وقيمه، لا تبقى عندي وعند اي عراقي اية مشكلة، وهذا ما دفعني لان اعمل في السياسة منذ فتوتي، لهذا يخطىء الاخوة عندما يعتبروني خصما لهم ويعملون على ابعادي عن المسؤولية الاولى للبلد. اقول لهم انا لا اريد منصبا حكوميا لكنني اريد عراقا حضاريا ومتقدما يحترم تراثه الاسلامي وقيم الاسلام، لا اريد عراقا ينتمي الى الشيعة او الى السنة او الى اي دين آخر، اريد عراقا لجميع العراقيين بكل اطيافهم الدينية والمذهبية والقومية، عراقا موحدا وغير مجزأ. لكن هناك من لا يعجبهم هذا الكلام. بالتأكيد كانت هناك الغام كثيرة وكانت هناك تجاذبات كثيرة ومعقدة لا تعد ولا تحصى خاصة في ظروف تعبانة. تصور في تلك الظروف وعندما كان هناك تمرد في مدينة النجف يصرح وزير الدفاع الروسي يقول نريد تنظيم مؤتمر دولي عن النجف في روسيا.. تصور روسيا تهتم بموضوع النجف؟! فأنا بدوري صرحت للاعلام باننا سننظم مؤتمرا دوليا عن الشيشان في العراق وسندعو مسؤولا روسيا كبيرا لحضور المؤتر.. الغام كثيرة.. وصعبة.

     

    *** لقد واجه علاوي الذي اشتهر بتعامله الصارم مع المسلحين، اصعب امتحان له خلال فترة حكومته، بعد ان اصدر امرا بشن هجوم شامل على مدينة الفلوجة التي تعتبر معقلا للمسلحين. وقد تعهد علاوي، البعثي السابق المعروف بتصريحاته الصارمة، عند توليه رئاسة الوزراء في يونيو (حزيران) الماضي بجعل احلال الأمن في البلاد الممزقة اولويته الرئيسية، الا انه ومنذ تولي الحكومة المؤقتة مسؤولياتها، شهد العراق هجمات دموية يومية ضد القوات الاميركية والشرطة العراقية والمدنيين، كما شهد موجة من عمليات خطف الاجانب. ويقال ان معظم الاعمال المسلحة تخرج من الفلوجة، معقل المسلمين السنة ومقر الموالين لابي مصعب الزرقاوي، المطلوب الاول في العراق.

     

    وكانت مسالة اعاقة الانتخابات الماضية من ابرز الالغام التي تحاشاها علاوي وكانت الاعمال الارهابية تهدد باعاقة المسيرة نحو اجراء الانتخابات الماضية.

     

    واعلن علاوي في 10 نوفمبر 2004 ان المسلحين يرغبون في اعاقة العملية السياسية ونشر الدمار والموت في البلاد. وقال «لا افهم ما يسعون اليه، اذا كانوا يسعون للسلطة فبإمكانهم المشاركة في الانتخابات». وتأكيدا لصورته كقائد حازم، قام علاوي بزيارة مفاجئة للقوات العراقية المشاركة في الهجوم عشية المعركة على الفلوجة وحثهم على القبض على المسلحين احياء او امواتا. وقال «يجب ان توقفوا القتلة واذا اردتم قتلهم فليكن لكن لا تؤذوا المدنيين والابرياء في الفلوجة، لاحقوا فقط الارهابيين والمجرمين».

     

    وكان علاوي، قد تولى مسؤولياته في الاول من يونيو (حزيران) 2004 بعد عام على عودته من المنفى. وقد قوبل تعيين الحكومة العراقية بموجة من العنف اسفرت عن مقتل المئات، كما دعا بيان نسب الى الزرقاوي الى قتل علاوي. ولم تكن هذه اول مرة يتلقى فيها علاوي تهديدا بالقتل، فقد تعرض لمحاولة قتله بفأس عام 1978 بيد من يشتبه في انهم عناصر من النظام السابق. ووقعت المحاولة اثناء اقامته في بريطانيا التي امضى فيها عدة سنوات في التخطيط للاطاحة بالرئيس العراقي السابق صدام حسين. وعلاوي مسلم شيعي علماني وله الكثير من الصلات في عالم الاعمال وتولى رئاسة مجلس الحكم الذي سبق تشكيل الحكومة العراقية. وكان ابن عمه علي علاوي وزيرا سابقا للدفاع، بينما شغل عمه منصب وزير الصحة خلال الحكم الملكي الذي اطيح به عام 1958، كما شغل صهره نوري بدران منصب وزير الداخلية قبل استقالته عام 2004. وكان جد علاوي عضوا في الفريق الذي تفاوض على استقلال العراق من بريطانيا في الثلاثينات من القرن الماضي. وكان علاوي، الطبيب الجراح، عضوا في حزب البعث العراقي بين العامين 1961 و1971، قبل ان يغادر العراق الى بيروت ولندن. وقد استهدفه النظام السابق وكاد ان يفقد ساقه اليمنى في هجوم وقع اثناء نومه الى جانب زوجته في منزله في احدى ضواحي لندن، الا ان ذلك لم يفت في عضده، فقد ساعد في انشاء حركة الوفاق الوطني العراقي في مارس (اذار) 1991، بالاشتراك مع عدد من الاعضاء السابقين في حزب البعث والعسكريين السابقين، الا ان محاولات الحزب للاطاحة بصدام حسين باءت بالفشل. وقام علاوي بمباركة اميركية بالتخطيط لانقلاب عسكري في 1996، الا ان الشرطة السرية لصدام حسين كشفت المخطط واعتقلت المسؤولين الرئيسيين عنه وتم اعدامهم.

     

    * غدا الحلقة الاخيرة:

     

    ـ علاوي: الاميركيون كانوا يعالجون الامور بلا تخطيط وبسطحية ـ التخطيط لدرب العودة الى حقل الالغام ـ نريد تحقيق عراق موحد

  15. لا ادري لماذا اهتم بالانتخابات المصرية ، ولكني أشعر بأن ما سيحصل في مصر سيعصف بكل الدول العربية، ان العاصفة التي بدات في مصر ستعصف بالجميع، ليس على المستوى الاقليمي بل الدولي ايضا، وما نخشاه هو ان تحاك المؤامرات ضد الشعب المصري، ويدخل دوامة المنازعات والمشاجرات،

    ان الديمقراطية هي الخطر الاكبر على كل المستغلين والمسيطرين على مقدرات الشعوب، والرئيس العاقل هو الذي يبدأ من الان باحلال الديمقراطية، فيسجل له التاريخ فضلا ما بعده فضل، والا فان العاصفة قادمة لا محالة

  16. مصر: انتخابات الإعادة إعادة للتدخل والبلطجة

    القاهرة - محمد صلاح الحياة - 27/11/05//

     

    عكست جولة الإعادة للمرحلة الثانية للانتخابات البرلمانية المصرية أمس إلى أي مدى وصل الصراع بين الحزب الوطني الحاكم وجماعة «الإخوان المسلمين». وحفل يوم الاقتراع بكل أنواع المخالفات، وألقى كل طرف باللائمة على الآخر، إذ اتهم الوطني ومعه وزارة الداخلية «الإخوان» بممارسة أعمال بلطجة ومحاولة اقتحام لجان الاقتراع للتأثير على الناخبين والقضاة والاعتداء على رجال الأمن المكلفين تأمين العملية الانتخابية، وتجهيز «ميليشيات» مزودة سيوفا وزجاجات حارقة وعصيا لاستخدامها عند الضرورة. كان ذلك هو المبرر الذي أعلنه الناطق باسم وزارة الداخلية اللواء إبراهيم حماد عندما سئل عن أسباب القبض على عشرات من «الإخوان» قبل أن تبدأ عملية الاقتراع، والمئات منهم خلاله.

     

    وفي المقابل تحدث قضاة ومنظمات حقوقية عن تدخلات حكومية لمصلحة مرشحي الحزب الحاكم، وعن إغلاق لجان اقتراع في وجه الناخبين ومحاولة التأثير على قضاة في لجان أخرى، واقتحام بعض اللجان بواسطة بلطجية وتهديد القضاة إلى درجة أن بعضاً منهم أوقفوا الاقتراع حفاظاً على حياتهم، واستنجد آخرون بالمحافظين أو المنظمات الحقوقية أو رجال الأمن. ودخل نادي القضاة على الخط واصدر بياناً طالب فيه بحماية القضاة المشرفين على الانتخابات في دوائر عدة ورصد تجاوزات هائلة.

     

    أما «الإخوان» فتحدثوا عن إلقاء القبض على مئات من عناصرهم ومرشحين ومنع المقترعين في قرى ومناطق لهم فيها نفوذ من التوجه إلى اللجان، وأعادوا الحديث عما حدث في الجولة الأولى من تلك المرحلة في دائرة دمنهور، وتوقعوا تبديلاً للنتائج بعد فرز الأصوات. وكانت اللجنة المشرفة على الانتخابات أحالت أمس وقائع دمنهور على النيابة العامة للتحقيق فيها، خصوصاً بعدما شهدت المستشار نهى الزيني التي أشرفت على إحدى لجان الاقتراع الفرعية بأن فرز الأصوات في تلك الدائرة انتهى إلى فوز مرشح «الإخوان» الدكتور جمال حشمت على منافسه مرشح الوطني الدكتور مصطفى الفقي الذي اعلن فوزه لاحقا. وقال الفقي لـ «الحياة» إن «الإخوان يجهزون لخوض الانتخابات المحلية حتى يفوزوا في اختيار مرشحي الانتخابات الرئاسية المقبلة». ورددت دوائر الحزب الوطني معلومات عن علاقات لعائلة الزيني بجماعة «الإخوان المسلمين»، ما جعلها تشهد بوقائع تزوير ضد الفقي.

     

    ومع بدء عمليات فرز الأصوات مساء أمس زادت الاتهامات المتبادلة بين أطراف الانتخابات: قضاة تحدثوا عن تدخلات دوائر حكومية، واتهم «الوطني» الإخوان بحشد مؤيديهم خارج لجان الفرز والهتاف للضغط عصبياً على القضاة، وشكت منظمات حقوقية من إخراج مراقبيها وعدم السماح لهم بحضور عمليات الفرز. أما الإخوان فلم يتوقفوا عن الشكوى من محاولات إسقاط مرشحيهم بمن فيهم مرشح الجماعة في دائرة كفر شكر عبدالغني تيمور الذي نافس الزعيم التاريخي لحزب التجمع السيد خالد محيي الدين على مقعد الفئات، اذ قالت الجماعة إن «الحزب الوطني ساند محيي الدين بكل الوسائل سعياً إلى نجاحه وحرمان الجماعة من مقعد تسعى إلى إضافته إلى حصيلتها التي بلغت مع نهاية الجولة الأولى من المرحلة الثانية 47 مقعداً».

  17. مصر: اعتقال 20 من قادة «الإخوان» قبل يوم من جولة الإعادة في الانتخابات

     

     

     

    القاهرة: عبده زينة وانتصار حسن ، الشرق الاوسط

    قبل يوم من اجراء جولة الاعادة في المرحلة الثانية من الانتخابات التشريعية المصرية، قال متحدث باسم جماعة الاخوان المسلمين المحظورة في مصر ان الشرطة اعتقلت 20 من قادة وأعضاء الجماعة صباح امس. وتزامنت الاعتقالات التي من المرجح ان تزيد التوترات بين الجماعة والسلطات، مع جدل اثاره تحقيق اجراه قضاة يشرفون على الانتخابات وجد ان النتائج التي اعلنت رسميا بمدينة دمنهور التابعة لمحافظة البحيرة في دلتا مصر تختلف عن نتائج الفرز الذي قاموا به بأنفسهم.

    وأعلنت جماعة الإخوان المسلمين أمس أن 20 من أعضائها اعتقل منهم 15 في الإسكندرية و5 في محافظة قنا بصعيد مصر. وأشارت الجماعة إلى أن قوات الأمن داهمت منازل أنصار مرشح الإخوان في محافظة قنا لترويع الأهالي ومنعهم من الخروج من منازلهم والمشاركة في العملية الانتخابية اليوم. وقال المتحدث عبد المنعم محمود ان الاعتقالات التي حدثت في مدينة الاسكندرية هي محاولة من الحزب الحاكم لعرقلة حملة الاخوان الانتخابية بعد أن فاز مرشحون مستقلون تابعون للجماعة بسبعة مقاعد هناك في الجولة الاولى من المرحلة الثانية للانتخابات.

  18. رسالة أهالي الزرقاء لـ«الابن الضال»: ندعوك للتوبة

     

    السيدة القتيل ليست «انتحارية»

     

    عمان: محمد الدعمة وفارس شرعان وسامي محاسنه وهالا الحديدي الشرق الاوسط

    أكد الاردن رسميا ان تحقيقاته كشفت أن تنظيم «القاعدة» في العراق بزعامة ابو مصعب الزرقاوي يقف وراء التفجيرات الانتحارية التي تعرضت لها ثلاثة فنادق في عمان الاربعاء الماضي، موضحا ايضا ان الانتحاريين ثلاثة عراقيين ، وليس بينهم امرأة كما ذكر في السابق, قد وصلوا من العراق الى الاردن قبل الاعتداء بيومين. ونقلت وكالة انباء «بترا» الاردنية عن رئيس الفريق المكلف الكشف على جثث ضحايا الاعتداءات قوله ان «رأس المرأة تم الكشف عليه، يعود لامرأة معروفة النسب كانت قريبة من موقع احد الانفجارات».

    الى ذلك, وجه سكان بلدة الزرقاء الصناعية الاردنية، مسقط رأس أبو مصعب الزرقاوي رسالة اليه تحمل عنوان ..التوبة. وقال بعض السكان لوكالة رويترز ان الزرقاوي يستحق الموت لشنه هجمات ضد وطنه وتوعد البعض بتسليمه شخصيا لقوات الامن اذا وطأت قدماه مسقط رأسه.

     

    وذكر حازم المدادحة الذي يقول انه كان جارا للزرقاوي في طفولته «اذا رأيته فسأطالبه بإعلان توبته وتعلم الدين الصحيح الذي يحرم قتل الابرياء»، وأضاف وهو جالس في محل بقالة يتجاذب اطراف الحديث مع اثنين من اقارب الزرقاوي في حي معصوم الذي نشأ فيه «اكن له مشاعر سيئة. شوه اسم الزرقاء والاردن والاسلام».

  19. بعد ان وضع الزرقاوي السنة والشيعة على المحك من ناحية قبول اعمالة او رفضها، تأتي تفجيرات الاردن لتضع الان الشيعة والسنة معا في خندق واحد، وليتضح للجميع بان المستهدف ليس فقط الشيعة وانما السنة ايضا، ومثلما ساعد الزرقاوي على ان يتناسى الشيعة خلافاتهم، ليقفوا ضد الزرقاوي ، نرى الان يتناسى الشيعة والسنة خلافاتهم ليواجهوا اعمال الزرقاوي،

    ان الزرقاوي الذي اراد التفرقة بين الشيعة والسنة هو الان يساعد على وحدتهم دون ان يعلم، رب ضارة نافعة

  20. ان مشاهد بسيطة لسير عملية الاستفتاءالتي شاهدها كل العالم مثل تلك الام التي تحمل ولدها الى مركزالاستفتاء او ذلك الشخص المقعد الذي يصر على الادلاء بصوته، وغيرها وغيرها من الامثلة شاهد على مدى تحدي العراقيين للارهاب، ولابد للارهابيين ان يتعلموا منه درسا، فهذا الشعب لا تخيفه السيارات المفخخة ولا العبوات الناسفة والدليل على ذلك هو هذا الزخم الهائل الذي ادلى بصوته، ، متحديا أكثر من اي شعب عرفناه، انه يتحدى االتحدي نفسه، في تضحيته واندفاعه الى التصويت ، ولا شك في ان الارهابيين سوف يفكرون بطرق جديدة ، بعد فشلهم, ولكنهم لن يلقوا غير شعب قهر التحدي مهما كان بل وقهر التاريخ أيضا

  21. المعارضون أهل الشقاق

    عبد الرحمن الراشد

     

    طلبوا أن يميز الدستور البعثيين العاديين من الاشرار، فحصلوا عليه، وطمأنة لهم وضعت لجنة دستورية لمراقبة العملية. طلبوا تسمية اللغة العربية مع الكردية بدل كلمة اللغتين في إقليم كردستان، فحصلوا عليه. طلبوا ان يؤكد الدستور على ان العراق عربي وينتمي للجامعة العربية، فحصلوا عليه. طلبوا التأكيد على وحدة العراق، فكتب لهم في الدستور ان العراق «دولة اتحادية واحدة» كما طلبوا. أرادوا تعديل قانون الجنسية فعدل الدستور بناء على طلبهم بأن العراقي كل من ولد لأب عراقي ولأم عراقية، بعد أن رفضوا احتساب الأم مصدرا واحدا للنسب. طلبوا تأجيل البت في الفقرات المختلف عليها الى ما بعد الانتخاب، على اعتبار ان التركيبة البرلمانية والحكومية الحالية لا تعجبهم، فحصلوا عليه.

     

    كل هذه المطالب التي كانت شبه تعجيزية ومستحيلة قبل أسبوع مضى، تمت الموافقة عليها من اجل ارضائهم وإدخالهم في العملية الديمقراطية، فلماذا هذه المناكفة؟

     

    الجواب ان المعترضين من فئتين، واحدة فوضوية تريد تخريب العملية السياسية لا الأمنية فقط، ظنا منها انها قادرة على الحصول على تنازلات أكثر، بمزيج من السلاح والصراخ بدلا من الانتخاب. ونجحت عمليا في الحصول على التغييرات الأخيرة بسبب ذلك، وتظن انها قادرة على تحقيق الأكثر.

     

    اما الفئة الثانية فهي جاهلة تقود مواطنيها الى المزيد من المشاكل، وتفوت فرصا ثمينة في الانخراط في عملية سياسية جماعية من صالحها، كونها أقلية في ظل حماية دولية وعناية الامم المتحدة، وهما أمران قد لا تحصل عليهما مستقبلا.

     

    الى قبل أيام، كانت هذه الجماعات تطالب بكل ما عدل شرطا للمشاركة، وعندما لبيت رغبتها استمرت تعارض وتهدد وتطلق الاحكام السلبية ضد خصومها وضد المشروع الجديد. ومع انني أفهم موقف بعض هذه الجماعات التي راهنت على التغيير بقوة السلاح، لكنني أعجب بسذاجة الطرف الآخر وفي اي اتجاه يوصلهم الرفض.

     

    ان الاستمرار في المعارضة بهذا الشكل العبثي سيقود الى نتيجة واحدة أكيدة، الى الانفصال المحتوم. الانفصال يرضي حاجات فريق من ساسة الجنوب وغالبية ساسة الاكراد، ولا يخدم اهل الوسط. فلماذا يقودون انفسهم اليه؟

     

    بكل بساطة هو جهل سياسي عربي تكرر في الماضي في التعامل مع القضية الفلسطينية، وعضت الاصابع بسببه حتى أدمت، ولا نزال ندفع الثمن بسبب تلك الأخطاء.

     

    المعارضون من السنة العرب خدعتهم النشاطات المساندة لهم، فصاروا يعتقدون انها ستدعمهم دائما وستحميهم لاحقا، وهو والله وهم كبير.

     

    المعارضون اليوم بكل تأكيد يقودون العراق الى الانفصال ان جاء التصويت بلا، كما يريدون، لأنه لن يوجد حل آخر، وهذا سيعني انهم سيعيشون في صحراء قاحلة، أقل حظا من أرض الصومال.

  22. عندما تكون المسائل غامضة ستكون النتائح غامضة ايضا، ، ويبقى كل شيئ في حيز التكهنات، لان القضية متشابكة كتشابك الوضع الحالي في العراق، وهنا اود ان اقول ان كل هذه الاشياء ممكنة ، بسبب فوضى الحرية الاعلامية التي خرجت عن نطاق االمعقولية والعقلانية، وهنا اذكر هذه الحادثة التي حدثت قبل سنوات، ففي برنامج يطهر فيه اشخاص من النساء والرجال يعيشون في بيت واحد ، والبرنامج يتابع ماذا يجري في هذا البيت، ومن علاقات وتصرفات هؤلاء الاشخاص، وفي احدى المرات يقوم احد الاشخاص بضرب فتاة ، وعندها تثير القناة التلفزيونية سؤالا هل توافق على ما قام به هذا الرجل وهل كان على حق ، ويبدأ المشاهدون في الرد والتعليق ومنهم من كان متحمسا لدرجة كبيرة ، واخرون طالبوا باخراجه من البرنامج ، ، ثم طرح بعد ذلك سؤال هل توافق على طرد هذا الرجل من البرنامج، وهنا اثير هذا السؤال، بين مؤيد ومعارض ، وكانت الاغلبية تصوت لصالح طرد الرجل، فقررت القناة نزولا عند رغبة الجمهور الكريم طرد الرجل من البرنامج، طبعا بعد ان شغل الرأي العالم مدة ، بسبب تصرفه هذا، واستطاعت القناة ان تتفوق على القنوات الاخرى في مقياس عدد المشاهدين، وبعد ذلك استطاعت احدى الصحف فضح هوية هذا الرجل وحقيقته ، وتبين انه موظف في تلك القناة التلفزيونية ، وان القناة ادخلته للقيام بهذا الدور ليس غير،

    اقول في هذا العالم اصبح كل شيئ ممكن،

  23. المثقفون العرب.. والتصفيات الجسدية

    هاشم صالح

     

    لا أعرف لماذا شعرت بأني أصبت في الصميم عندما سمعت بمحاولة اغتيال الإعلامية اللبنانية السيدة: مي شدياق. ربما لأنها امرأة؟ أو ربما لان وجهها صبوح كعنوان برنامجها: نهاركم سعيد؟ أو ربما لأنها أعادتني سنوات إلى الوراء عندما احترقت أمي أمام عيني وأنا صغير ولكن لأسباب اخرى لا علاقة لها بالاغتيال.. فمن يغتال امرأة تقول لك: نهارك سعيد؟ من هو الذي بلغت به النذالة إلى حد السقوط إلى مثل هذا الدرك الأسفل من الوحشية البربرية؟ ثم ان النساء لا تُقْتَل عادة في العالم العربي. والاغتيال على حد علمي، محصور بالرجال. وبالتالي فهو مخالف للتقاليد العربية ـ الاسلامية أو المسيحية الأصيلة. فهل هو من صنع الخارج يا ترى؟ لا أعرف. مهما يكن من أمر فإن هذا يعني ان آخر وازع اخلاقي يمسك الكون ويتحكم بالعلاقات البشرية قد سقط. كل شيء مباح بعد الآن.. ولا زائد لمستزيد..

     

    أكتب هذه الكلمات على الرغم من اني لم اسمع باسم مي شدياق إلا في يوم الاغتيال ولم أر برنامجها حتى الآن ولو مرة واحدة. فقط رأيت صورتها في الصحف أو على شاشات التلفزيون. ولكن هذا لا يغير في الأمر شيئاً. فالخطوط الحمر في لبنان انتهكت كلها بمحاولة تفجير الجسد الغض لامرأة حسناء تقول لنا جميعاً بوجه بشوش: نهاركم سعيد. فمن الذي يستطيع ان يشوه جسد المرأة أو وجهها ويديها؟!..

     

    ربما كانت مي شدياق زوجة أو أماً حنوناً أو أي شيء آخر، لا أعرف.. كل ما أعرفه هو ان آخر وازع أخلاقي كان لا يزال صامداً حتى هذه اللحظة قد سقط. فالمرأة يمكن ان تغتال بعد الآن. ويُغتال معها الوطن والجمال والأنوثة والمحبة. يُغتال معها الوجه المشرق للكون.

     

    هناك كابوس أسود مرعب يلاحق لبنان والوجود الانساني في العالم العربي كله. هذا الكابوس هو عبارة عن قوة جهنمية اخطبوطية سوف تظل تفتك بنا فتكاً ذريعاً حتى تشبع منا.

     

    العالم العربي كله يتحول إلى أشلاء في فلسطين إلى لبنان إلى العراق الى الجزائر حتى الأمس القريب، الى السودان.. والحبل على الجرار.

     

    ويتساءلون: لماذا يحصل بنا ما يحصل؟ أما لهذا الليل من آخر؟ والجواب: هو اني اخشى ان يكون آخره طويلا والا نستطيع الخروج من النفق المظلم قبل ان تسقط آلاف الضحايا ـ هل أقول الملايين؟ ـ على الطريق. الخبراء يقولون لك: لن تستقر أوضاع المنطقة قبل ان يُحَلّ الصراع العربي الاسرائيلي ويحصل التطبيع مع اسرائيل أو تندمج في المنطقة بشكل طبيعي. فما دام العرب يرفضونها بهذا الشكل القاطع المانع فلن يناموا قريري العين لحظة واحدة. وهذا صحيح إلى حد كبير. ولكن هذا شيء لا يتوقف أمره على العرب فقط وانما على القوى الكبرى التي تتحكم بالعرب وغير العرب: أي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالدرجة الأولى. والشيء الذي نسيه الخبراء هو ان التطبيع لن يحصل الا بعد تحقيق الحد الأدنى من العدل والانتصاف للمظلوم. وقد كنا سائرين على هذا الطريق من خلال النيات الطيبة والتوجهات الشجاعة لحكومة الرئيس محمود عباس لولا ان حماس والقوى الارتكاسية الاخرى كانت له بالمرصاد.

     

    أقول ذلك دون انسى خطورة اليمين المتطرف الاسرائيلي وتوجهاته العدوانية. ولكن التطرف يدعم التطرف موضوعياً ويشد من أزره.

     

    وهناك شيء آخر نسيه الخبراء: هو ان التطبيع الخارجي على أهميته لا يكفي لكي تستقر أمور المنطقة وانما ينبغي ان يحصل ايضاً تطبيع داخلي: أي بين المسلمين والمسيحيين، بين السنة والشيعة، بين العرب والبربر، الخ.. وبالتالي فهناك تطبيعات تنتظرنا على الطريق لا تطبيع واحدا وان كان التطبيع الأول هو الأخطر لأنه من نوعية مختلفة.

     

    والسؤال المطروح الآن هو التالي: هل يمكن ان تحصل هذه «التطبيعات» الداخلية بدون تصفية حسابات أو «فشة خلق» على الأقل؟ وجوابي هو ان تجربة الأمم المتحضرة التي عانت سابقاً من نفس المشاكل تقول لنا: لا. من هنا الخوف من ان يحصل سفك دماء كثير ومجازر قبل ان تستقر الأمور ونصل إلى بر الأمان. وأكبر دليل على ذلك تجربة العراق. فكل الاحتقانات التاريخية تنفجر دفعة واحدة. ولكن هناك «عراقات» اخرى على الطريق. وبالتالي فالخروج من النفق المظلم له ثمن ينبغي ان يُدفع والا فلن نخرج منه. وكفانا مراهقات فكرية ومزاودات وشعارات سطحية لم تعد تقنع احداً.

     

    قد يقول قائل: ولكن لبنان دفع الثمن باهظاً من خلال حرب أهلية مدمرة استمرت خمسة عشر عاماً. ألا يكفيك ذلك؟ والجزائر ذبحت بعضها بعضاً على مدار «العقد الأسود» كما يسمونه هناك وسقطت مئات الآلاف من الضحايا. وكان في طليعتهم المثقفون والصحافيون والكتَّاب. واحياناً كانوا يُذبحون أمام أطفالهم ذبح النعاج. ألا يكفيك ذلك ايضاً؟ ألم يشبع التاريخ انفجاراً في العالم العربي؟ وأكاد أقول: آسف ايها السادة! أعتقد ان احتقانات التاريخ العربي لم تنفجر كلها بعد. وأعتقد اننا لا نزال في بداية البدايات..

     

    وبالتالي فهناك كابوسان يجثمان على صدرنا أيها السادة لا كابوس واحد. من هنا سر شقائنا وعذابنا وليلنا الطويل. فكابوس واحد اكان يكفي لكي يكسر ظهرنا، فما بالك بالاثنين معاً؟

     

    ولكن الشيء الذي يحزّ في نفسي أكثر من كل ذلك، الشيء الذي يشلّ عزيمتي ويجعل الدنيا تسود في عيني هو اني لا أرى فكراً آخر جديداً يتراءى في الأفق. أقول ذلك وأنا اعتذر لبعض المثقفين العرب المتناثرين في الأوطان والمنافي فهم منارات المستقبل. ولكنهم لا يزالون أقلية حتى الآن. فالتيار العام الطاغي لا يزال هو تيار القومويين والأصوليين، والغوغائيين والديماغوجيين. لهذا السبب أقول بأن المعركة لا تزال طويلة ونهاية النفق المظلم لا تزال بعيدة. ولهذا السبب ايضاً فإن اغتيال المثقفين ـ الإعلاميين سوف يستمر. فما دامت مجتمعاتنا لا تزال تعيش مرحلة انتقالية عسيرة: أي مرحلة العبور التاريخي الذي ينتقل بنا من حالة الوحشية والهمجية الى حالة الحضارة والمدنية فإن نزيف الدم لن يتوقف. وسوف يصيب المثقفين وغير المثقفين. لقد دهشت عندما اطلعت على أفكار الفيلسوف الفرنسي «ميشيل سير» والتي يقول فيها ما معناه: لم ينم مفكر فرنسي واحد قرير العين طيلة القرون السابقة على انتصار الحداثة: أي طيلة القرون السادش عشر، والسابع عشر، والثأمن عشر، بل وحتى التاسع عشر. كلهم تعرضوا للضغط، أو التهديد، أو النفي، أو الاعتقال في سجن الباستيل، أو الاغتيال والتصفية الجسدية. كلهم عاشوا مذعورين بشكل أو بآخر. كلهم كانوا ملاحقين وبالاخص المسكين روسو. وبالتالي فلا ينبغي ان يستغرب المثقفون العرب ما يحصل حالياً. فهذا شيء طبيعي ما دمنا لم ننجح بعد في تحقيق العبور الحضاري الكبير: أي في الانتقال من حال الى حال. ولو انهم قرأوا سيرة توماس مور، أو هوبز، أو جيوراد نوبرينو، أو غاليليو، أو ديكارت، أو فولتير، أو ديدرو، أو جان جاك روسو، أو حتى كانط وهيغل، الخ لما استغربوا ما يحصل بنا حالياً. فهل يشكل لهم ذلك عزاء يا ترى؟ لا اعرف. كل ما اعرفه هو انه يشكل لي أكبر وأعظم عزاء ويزيد من عزيمتي على مواصلة المسيرة حتى النهاية.

  24. مبادرة خليجية تجاه العراق

    احمد الربعي

     

    العرب كلهم خائفون على العراق، ويتحدثون عن خطر الحرب الأهلية والتقسيم والطائفية، ولكنهم كلهم متفرجون. ليست هناك مبادرة عربية واحدة تجاه العراق، ليست هناك علاقات حقيقية مع الحكومة العراقية لمساعدتها، ليس هناك استثمار لعلاقاتهم مع أطراف فاعلة في المجتمع العراقي، وجامعة الدول العربية تكتفي بالتشكيك بكل ما يفعله العراقيون والتصريحات السلبية تجاه العراق.

     

    قلنا وكررنا إن ترك العراق يواجه مصيره منفردا هو عمل غير مسؤول، ومخطئ من يعتقد أن عراقا غير مستقر هو لمصلحته، فالكل متضرر، وكل استقرار للعراق سيكون استقرارا للعرب وتحديدا للإقليم الخليجي.

     

    تصريحات وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل بشأن تدخلات إيران في العراق تعبر عن مخاوف حقيقية طالما تحدثنا عنها واتهمنا بالمبالغة، لكن الحقيقة هي أن هناك عملا منظما لخلق كانتون إيراني في الجنوب العراقي وتحديدا في مدينة البصرة، وهناك ملايين تصرف، ومقرات حزبية بأسماء عديدة هي واجهات للمخابرات الإيرانية، ووصلت الأمور إلى درجة التدخل في تعيين ونقل الموظفين.

     

    نعتقد أن دول الخليج معنية مباشرة بالمسألة، ونعتقد أن دعوة خليجية للأطراف العراقية على طريقة اتفاق الطائف اللبناني ستكون أمرا في غاية الأهمية وربما تحفظ العراق من التدهور، ونعتقد أن الكل يدرك أن الانسحاب الأجنبي من العراق في هذه الظروف سيؤدي إلى مأساة، وربما إلى دخول العراق في نفق مظلم، والكل يدرك أن هناك صراعا على السلطة وصراعا حزبيا وصراع مصالح، وإرهابا دوليا، وبقايا من أجهزة نظام صدام، والكل يتسابق في طريق المجهول في ظل صمت وتفرج وشماتة عربية واضحة.

     

    مطلوب مبادرة خليجية عاجلة، فالدول الخليجية تربطها علاقات جيدة بأغلبية القوى السياسية العراقية، والدول الخليجية ساعدت العراق في الظروف الصعبة التي مر بها على مر السنين. والعراق المتحارب المتشتت هو نزيف في الخاصرة الخليجية، ولا يعرف إلا الله أين ستصل الأمور إذا استمرت حالة اللامبالاة العربية تجاه العراق.

     

    من يعلق الجرس؟ لا ندري. لكن أمام الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي فرصة لتحريك المسألة مع الدول الأعضاء، وبالتأكيد فإن الأمين العام الحالي لمجلس التعاون يدرك حجم المخاطر، ويستطيع أن يتحرك مع الدول الأعضاء.

  25. طالباني يطالب السنة بموقف صريح من الإرهاب

     

    «القاعدة» تتهم هيئة علماء المسلمين بـ«الدندنة»

     

     

    البصرة: جاسم داخل بغداد: نعمان الهيمص وحيدر نجم ـ لندن: «الشرق الأوسط»

    ناشد الرئيس العراقي، جلال طالباني، العرب السنة باتخاذ موقف صريح وواضح من «الإرهاب»، ودعا الى عدم الاكتفاء بإرسال البيانات التي من شأنها تقديم العذر «لهذه الفئة الضالة».

    إلى ذلك، هاجم تنظيم «القاعدة في بلاد الرافدين» الذي يترأسه أبو مصعب الزرقاوي، المطلوب الأول أميركيا في العراق، هيئة علماء المسلمين التي أصدرت بيانا انتقدت فيه تصريحات الزرقاوي الرامية إلى إشعال الفتنة الطائفية في العراق. وفي بيان على الانترنت لا يمكن التحقق من صحته, تهكم أبو ميسرة العراقي، المسؤول الإعلامي لـ «القاعدة» على بيانات هيئة علماء المسلمين قائلا انها «طالما دندنت على قضية ، تمزيق البلاد وإشعال الفتنة في العراق».

×
×
  • Create New...