Jump to content
Baghdadee بغدادي

abusadiq

Members
  • Posts

    405
  • Joined

  • Last visited

Posts posted by abusadiq

  1. الخلاف على علم العراق يؤجج نزاع الأقاليم!

    سليم نصار الحياة - 09/09/06//

     

    عقب إسقاط نظام البعث في العراق (نيسان/ ابريل 2003) باشر المواطنون في إزالة صور وتماثيل صدام حسين.

     

    ومع ان مراسلي الصحف وشبكات التلفزيون اهتموا بتتبع عملية اسقاط التمثال المنتصب في وسط «ساحة الفردوس» ببغداد، إلا أن إزالة تمثال صدام من «ساحة اربيل» كان حدثاً مختلفاً. والسبب ان الرئيس العراقي السابق تعمد إبراز شخصيته العربية في تمثال يعبر عن هذا الانتماء كمظهر من مظاهر التحدي للأكراد. لذلك طلب من المثّال إظهاره في اربيل بالدشداشة والغطرة والعقال، بخلاف سائر التماثيل التي تظهره وهو يرتدي البذلة ويعتمر القبعة.

     

    المراسلون في اقليم كردستان وصفوا يومها عملية اسقاط وتحطيم تمثال صدام حسين، بأنها محاولة انتزاع الخوف المتجذر في نفوس سكان المناطق الشمالية. وقد أظهر سلوك الكبار والصغار وهم يجرون القطع البرونزية في الطرقات، عمق الجراحات النفسية التي حفرها نظام البعث في ذاكرة الأكراد الجماعية. ذلك ان عراق صدام حسين كان يمثل خلال تلك الحقبة، مرجعية انتماء للقوميين العرب الذين شكلت دعوتهم تهديداً متواصلاً لقيام دولة كردية مستقلة. وعلى رغم موافقة صدام حسين على اتفاق 1970 الذي كرس اعتراف بغداد بهوية كردية متميزة، إلا أن ذلك الإقرار كان مشوباً بالحذر وروح الانتقام. تشهد على ذلك أعمال القيادة المركزية في بغداد لكونها مارست ضد الأكراد سياسة شبيهة بسياسة «الترويس» التي اعتمدها ستالين في اوكرانيا وكازاخستان واوزباكستان، أي سياسة تغيير طبيعة التركيبة الاجتماعية والعرقية بحيث يصبح مزج الأقوام عاملاً مشجعاً على هجرة السكان الاصليين. وبهذه الطريقة تمت عمليات تهجير آلاف الأكراد من كركوك، ثم حل محلهم حزبيون نقلوا من العاصمة والأماكن النائية.

     

    في 16 آذار (مارس) 1988، استخدم علي حسن المجيد السلاح الكيماوي لضرب سكان «حلبجة»، البلدة الكردية العراقية المتاخمة لايران. وفي حادثة مشابهة أطلق عليها نظام البعث اسم «الانفال»، تعرض الأكراد لعمليات إبادة جماعية وصل عدد ضحاياها الى أكثر من 180 ألف نسمة. وهكذا استمر نظام البعث في اضطهادهم وتهجيرهم حتى بعد اخراج قواته من الكويت سنة 1991. ويبدو أنهم اخطأوا في قراءة الموقف الأميركي عقب تحرير الكويت، فإذا بهم يعلنون حركة التمرد والانفصال بالتزامن مع حركة شعبية مماثلة قام بها الشيعة في الجنوب ايضاً. وبما ان الولايات المتحدة في عهد الرئيس جورج بوش الأب، كانت معارضة لتفكيك العراق، فقد سمحت لقوات صدام بسحق المتمردين ومنعهم من تحقيق الانفصال في الشمال والجنوب. ولكن هذا لم يمنع مجلس الأمن من اتخاذ قرار يحظر وجود قوات صدام حسين في كردستان العراق، الأمر الذي أعطى مسعود بارزاني (الحزب الديموقراطي الكردستاني) وجلال طالباني (حزب الاتحاد الوطني الكردستاني) الفرصة المناسبة لإعادة بناء المنطقة وتوفير مستلزمات العيش الآمن.

     

    خلال فترة الحظر أقامت الادارة المحلية في كردستان نظاماً شبه مستقل ساهمت واشنطن في توفير ظروفه بالتعاون مع دول الاتحاد الأوروبي. وكان من الطبيعي ان تنتعش تلك المنطقة المحشورة وسط أربع دول معادية، خصوصاً بعد اسقاط النظام البعثي العراقي وانشغال ايران وتركيا وسورية بمحاولات ملء الفراغ السياسي والأمني الذي أحدثه انهيار السلطة في بغداد. ويعترف زعماء كردستان بأنهم استفادوا من التجارب المؤلمة السابقة التي خبروها منذ زوال «جمهورية أهاباد» واعلان الملا مصطفى بارزاني حركة التمرد. لذلك حصروا اهتماماتهم في تطوير الشمال العراقي المهمل، وراحوا يؤسسون لحكم ذاتي وفق رغبات المجتمع وخصوصياته الثقافية والعرقية واللغوية.

     

    واستغلت القيادات الكردية سيطرة الجيش الأميركي ونفوذ الحاكمين جي غارنر وبول بريمر، كي تبسط نفوذها السياسي والعسكري في الشمال. وقد ساعدها على تثبيت هذه الخطوات، انشغال القوات الأميركية والبريطانية بضبط الأمن في مواقع التوتر والتفجير مثل بغداد وتكريت والنجف والبصرة.

     

    وفي الانتخابات الأخيرة اتفقت الأحزاب الكردية على الاشتراك بأعلى نسبة في عملية الاقتراع بحيث فازت بـ75 مقعداً في برلمان يضم 275 نائباً. ومع ان الأكراد لا يشكلون أكثر من 17 في المئة من عدد سكان العراق، إلا أنهم تمثلوا بخمسة مراكز مهمة في الحكومة بينها رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية. وذكرت الصحف يوم اختيار طالباني رئيساً للجمهورية ان الحاكم الأميركي بول بريمر سمح لصدام حسين بمشاهدة وقائع الجلسة التاريخية. ولم يستطع صدام كبت انفعاله وغيظه وهو يرى كيف احتل مقعده في رئاسة الجمهورية الكردي المطارد جلال طالباني!

     

    في مذكراته عن العراق كتب الحاكم الأميركي بول بريمر يقول انه نصح الأكراد بألا يرفعوا سقف المطالب كثيراً، وألا يستغلوا حماية قواته من أجل تحقيق مشاريعهم المستقلة. ولكن نصحه لم يمنعهم من مواصلة توسيع مساحة منطقتهم التي حددها الجيش الأميركي عند الخط الأخضر حيث أوقف الطيران تقدم قوات صدام حسين. وعقب سقوط نظام البعث، وسعت ادارة اقليم كردستان العراق جغرافية المنطقة بنسبة عشرين في المئة تقريباً. وشمل التوسع عمليات التبدل الديموغرافي لمدينة كركوك التي تعمد صدام تهجير أعداد كبيرة من سكانها الأكراد وإحلال بعثيين مكانهم. وعندما تولى اياد علاوي رئاسة الحكومة سمح لمئة ألف من سكانها السابقين بالعودة. وكان ذلك أثناء قدومهم الى كركوك بغرض تسجيل اسمائهم في مراكز الاقتراع.

     

    يقول مسعود بارزاني، رئيس اقليم كردستان، ان مسألة كركوك ستحل وفق المادة 140 من الدستور الجديد الذي سمح باجراء استفتاء عام من أجل تقرير مصير مستقبل المدينة. وهو يعتبر كركوك «قدس الأقداس» بالنسبة لشعب الاقليم. ويبدو انه كرر هذا الوصف مراراً أمام الحاكم الأميركي بول بريمر، الذي انتقده على هذا التشبيه قائلاً: ألا يكفي ما أحدث الخلاف حول قدس واحدة من حروب ومشاكل حتى تشغل العالم بقدس ثانية!

     

    «قدس كردستان» بالنسبة الى مسعود بارزاني ليست أكثر من محطة تاريخية وهدف معنوي يتطلع اليهما كل كردي في العالم. ثم تحولت الى عامل توحيد بين مختلف الفئات منذ اندلاع الثورة التي قام بها والده الملا مصطفى ضد حكام بغداد. كما تحولت عزلة الأكراد داخل منطقة جبلية بحجم سويسرا تقريباً، الى ملجأ آمن تحميه قوات تدعى «البيشمركة». وهي ميليشيا مشكلة من الحزبين، الديموقراطي والاتحاد الوطني، ويقدر عدد أفرادها بثمانين ألف مقاتل. وكلمة «بيشمركة» باللغة الكردية تعني «الذين يواجهون الموت»، لذلك يطلقون صيحات «كردستان أو الموت» أثناء العرض العسكري.

     

    مسعود بارزاني يرفض اعتبار «البيشمركة» ميليشيا، ويقول ان الدستور حسم أمرها بطريقة لا تتعارض مع تشكيل الجيش العراقي النظامي. وهو يرى ان فصائل البيشمركة ستصبح جزءاً من الجيش بحيث تناط بها مهمة حماية اقليم كردستان والدفاع عنه. ومعنى هذا انه يستبعد الإقدام على حل هذه القوات وضمها الى جيش موزع على مختلف المحافظات. وربما استند بارزاني في الدفاع عن موقفه الى دعم القيادة الاميركية التي ايدت انتشار هذه القوات الخاصة في مدن الشمال بهدف التصدي للمتمردين. وهذا ما شجع المراسلين الاجانب على التحدث عن احتمال تحول العراق الى نظام أمراء الحرب على شاكلة النظام الذي أفرزته الحرب اللبنانية، والسبب ان المجلس الأعلى للثورة الاسلامية يرفض هو الآخر حل «قوات بدر» وضمها الى الجيش النظامي. اي القوات التي دربتها ايران، ويقدر عددها بأكثر من 15 ألف مقاتل. ويرفض الحكيم ذوبانها داخل الجيش النظامي، علماً بأنه ممثل في الحكومة. وهو يفضل ان يطبق المفهوم الفيديرالي على المستوى السياسي في حين يحتفظ بـ «قوات بدر» على المستوى الأمني لحماية منطقتي الوسط والجنوب، أي المنطقتين اللتين اشار اليهما، واعتبرهما مهيأتين لتطبيق النظام الفيديرالي الفوري. لذلك، اضطرت وزيرة الخارجية البريطانية مارغريت بيكيت للاجتماع به هذا الاسبوع بهدف اقناعه بضرورة تأجيل تطبيق الفيديرالية الى ما بعد استكمال نشر القوات الأمنية العراقية المقدر عددها بـ115 ألف جندي و130 ألف شرطي. وقد ابلغته ان قوات بلادها ستنسحب في نهاية 2007 شرط تحسن الوضع الأمني.

     

    ولكن هذا التطمين لم يقنع عبدالعزيز الحكيم والائتلاف الشيعي والتيار الصدري ومختلف تيارات الشيعة واحزابها. والسبب ان السفير الاميركي في بغداد زلماي خليل زاد حضر جلسة ولادة الحكومة الكردية الموحدة الخامسة وأيد خطواتها. وهي الحكومة التي نالت «ثقة المجلس الوطني الكردستاني (البرلمان) وجمعت حزبي بارزاني وطالباني في حكومة ائتلافية تمثل الادارتين في اربيل والسليمانية، علماً بأن طالباني يشغل في الوقت ذاته منصب رئيس الجمهورية في العراق الموحد. وفي حفلة الافتتاح (7-5-2006) تحدث نيجيرفان بارزاني رئيس حكومة الاقليم الموحد، عن برنامجه لانعاش الاقتصاد والاكتفاء الذاتي، وضمان استخدام اللغة الكردية كلغة رسمية، ثم تحدث ممثل الامم المتحدة ليؤكد دعم المنظمة لحكومة اقليم كردستان التي تشكل - حسب كلامه - أول حكومة عراقية فيديرالية جديدة.

     

    بانتظار نجاح مشروع المصالحة والحوار الوطني الذي دعت اليه حكومة نوري المالكي، يتوقع المراقبون في بغداد ان يجدد عبدالعزيز الحكيم دعوته لتطبيق الفيديرالية في منطقتي الجنوب والوسط، خصوصاً بعد اصدار جوازات سفر باللغة الكردية، الأمر الذي يشجع دعاة المشاريع العرقية والمناطقية والمذهبية.

     

    ويتسلح الاكراد في دفاعهم عن هذا العمل بالقول ان حقوق الفيديرالية منحتهم حق استخدام لغتهم كلغة رسمية لحظها الدستور. وفي تقدير بعض الوزراء ان انزال علم العراق عن ابنية اقليم كردستان، كان بمثابة السبب المباشر الذي فجر المشاعر المكبوتة، علماً بأن رئيس الجمهورية جلال طالباني أيد موقف حليفه مسعود بارزاني، وأعلن ان العلم الحالي هو علم الصداميين الذي ارتكبت في ظله كل جرائم صدام حسين، بدءاً بعمليات الاضطهاد في الجنوب والشمال، وانتهاء بعملية غزو الكويت.

     

    ورد عليه النائب صالح المطلك، زعيم «جبهة الحوار الوطني» مذكراً بأن انتخابه رئيساً للجمهورية العراقية، تم في ظل العلم الذي أمر بارزاني بإنزاله عن المباني الرسمية في اقليم كردستان.

     

    وانهى طالباني الجدل القائم بالقول انه يفضل اعتماد علم فترة حكم عبدالكريم قاسم (1959 - 1963) الى حين الاتفاق على قرار بشأن تصميم علم جديد يمثل مرحلة الوحدة الوطنية.

     

    ويستدل من مراجعة هذا الموضوع ان رئيس الوزراء السابق اياد علاوي كان قد كلف وزارة الثقافة باعلان مسابقة لتصميم علم عراقي ونشيد وطني جديدين، وبسبب قصر فترة الحكومة الموقتة، انتقل هذا الامر الى عهدة مجلس الحكم الذي كلف بدوره المهندس المعماري المعروف رفعت كامل الجادرجي بتصميم علم جديد.

     

    ومعروف ان رفعت الجادرجي كان قد حكم عليه وعلى عقيلته بلقيس بالسجن المؤبد أمضيا منها سنتين في عهد أحمد حسن البكر، ثم خرجا لينشرا كتابهما الشهير «جدار بين ظلمتين». ويعتبر رفعت من خيرة المهندسين المعماريين الذين قدموا للعراق أهم الانجازات واجمل الأبنية. وعليه قرر ان يضع لتصميم العلم الجديد معايير مستوحاة من طبيعة المرحلة كالليبرالية والتجدد والتعددية. لذلك باشر عمله بوضع قطعة بيضاء كمؤشر على الدخول في عهد ليبرالي جديد.

     

    وبما ان العراق يرمز اليه ببلاد الرافدين، فقد تعمد اختصارهما في خطين ازرقين، ثم رسم الهلال في الوسط، اي انه باختصار صمم ستة نماذج بوحي من طبيعة المرحلة من دون ان يتطرق في ألوانه الى المسائل الحساسة كالدين والقومية والعنصرية وخلافها.

     

    وهو يأمل ان يتبنى مجلس الحكم أحد النماذج قبل ان يستفحل الخلاف ويصبح علم الماضي حجة لنسف الحاضر والمستقبل، خصوصاً ان 16 الجاري يمثل موعد انتهاء المدد المقررة لانشاء الاقاليم.

     

    ويخشى المراقبون ان يشهد هذا التوقيت بداية النهاية بالنسبة الى حكومة نوري المالكي وكل ما تمثله من مبادرات تتعلق بالمصالحة والحوار الوطني ووحدة المواقف.

     

     

    * كاتب وصحافي لبناني.

  2. اضافة على ما قاله سالم في تعليقه حول العلم العراقي، ، أقول انني اؤيده تماما في تعليقه وان ذلك لابد ان يتم ضمن الدستور، وليس ان يتصرف كل واحد حسب هواه

    يقول سالم.

     

    نعم نحن مع سرعه استبدال العلم وخصوصا وان العراق يحكمه اليوم اهله ولكن لسنا مع الخطوات الاحاديه غير الدستوريه

    والى ان يحصل ذلك دستوريا لايجوز لاي منا اهانه ما نسميه علمنا العراقي

     

    وهنا اود ان اضيف حادثة لطيفة حدثت في اسبانيا عند ولادة بنت ولي عهد اسبانيا (ليونور) بنت الامير فيليبي ملك اسبانا، حيث يرغب والدها ان تكون هي ولية العهد من بعده ، اي ان تكون ملكة اسبانيا في المستقبل ، ولكن المشكلة هي اذا جاء بعدها ولد ذكر ففي هذه الحالة فانه سيكون أحق من اخته بالعرش ، حسب الدستور الاسباني، الذي يمنح هذا الحق للذكر حتى لو كان اصغر من اخته الانثى، والامير فيليبي بالرغم من انه ابن الملك لا يستطيع ان يتصرف حسب هواه، ، ولحل هذه المشكلة فانهم االان يدرسون تعديل الدستور ، كي ينص على ان الانثى لها حق وراثة العرش حتى لو كان لها اخ ذكر، ولكن المشكلة هي ان التصويت على الدستور يجب ان يتم باستقالة الوزارة والدعوة الى انتخابات عامة، ، وهذا غير عملي الان، لهذا تأجل مشروع تعديل الدستور، حتى انتهاء ولاية الحكومة ثم سيدعون الى انتخابات عامة والى تعديل الدستور،

     

    من كل هذا يمكن القول ان الدول التي تحترم نفسها عليها ان تحترم دستورها اولا ، لان احترام الدستور يعني احترم حقوق المواطن اولا واخيرا

  3. الحلقة المفقودة بين الغرب والإسلام

    GMT 20:15:00 2006 الخميس 7 سبتمبر

    الاتحاد الاماراتية

     

     

     

    --------------------------------------------------------------------------------

     

     

    الجمعة: 2006.09.0

     

    محمد السماك

     

     

    ترتفع في الاتحاد الأوروبي علامة استفهام كبيرة حول ما إذا كانت أوروبا في مواجهة مع الإسلام، أو ما إذا كانت تدفع ثمن سوء العلاقات الإسلامية- الأميركية؟

     

    الأوروبيون يقولون إن هدف التطرف الإسلامي هو الولايات المتحدة لا الاتحاد الأوروبي. وإن مرد ذلك يعود إلى أن بعض الدول الأوروبية مثل بريطانيا وإيطاليا وأسبانيا تحالفت عسكرياً وسياسياً مع الولايات المتحدة في احتلال العراق وأفغانستان، وإن سلسلة الأعمال الإرهابية التي استهدفتها كانت انتقاماً من نتائج هذا التحالف.

    أما الآن فقد تغيّر الحزب الحاكم في كل من إيطاليا وأسبانيا فيما لا يزال رئيس الوزراء توني بلير وحزبه الحاكم يترنحان تحت ضربات الرفض الشعبي البريطاني لتبعيتهما العمياء للرئيس الأميركي جورج بوش.

    هناك دول أخرى تحالفت مع الولايات المتحدة ولكن لم تتعرض لردّ الفعل الإسلامي ذاته، ومنها دول في أوروبا الشرقية التي اعتبرت هذا التحالف بمثابة ورقة دخول إلى حلف شمال الأطلسي. ولكن لا توجد في هذه الدول أعداد كبيرة من المسلمين كما هو الأمر في دول أوروبا الغربية. وبالتالي ما كان باستطاعة المتطرفين أن يقوموا في وارسو أو بودابست أو صوفيا مثلاً بما قاموا به في لندن أو مدريد، وقبل ذلك في باريس من أعمال انتقامية. ربما تكون تلك الأعمال قد أثرت على القرار الفرنسي بمعارضة قرار الحرب الأميركية على العراق، وربما تكون قد ساهمت بالتغيير الحكومي الذي حصل في أسبانيا وإيطاليا، ولكن مع ذلك فإنها تبقى أعمالاً إرهابية لا يمكن تبريرها دينياً أو أخلاقياً. ذلك أنها كأي عمل إرهابي آخر تستهدف الأبرياء وتتوسل العنف أداة للتعبير عن الرأي. ويعرف العالم العربي جيداً النتائج الفظيعة والمروعة المترتبة على تحميل الأبرياء أوزار جريمة كبرى يرتكبها فريق ثالث. فالمحرقة التي ارتكبتها النازية في أوروبا أودت بحياة الملايين من الأبرياء اليهود وغير اليهود. إلا أن العالم العربي، وخاصة الشعب الفلسطيني هو الذي دفع -ولا يزال يدفع- ثمن تلك الجريمة من خلال تهجير الفلسطينيين من وطنهم، وإقامة إسرائيل على أرض فلسطين، تعويضاً لليهود عما لحق بهم من جرائم.

    من هنا، فإذا كان هناك صراع بين العالم الإسلامي والسياسة الخارجية الأميركية لإدارة الرئيس الحالي جورج بوش، فليس من مصلحة المسلمين استعداء لا الولايات المتحدة ولا الاتحاد الأوروبي من خلال القيام بردود فعل انتقامية تدفعهم إلى أن يكونوا طرفاً في هذا الصراع. فإذا لم يكن ممكناً كسب الأوروبيين إلى جانب عدالة القضية العربية والإسلامية، فإنه بالإمكان تحييدهم في الأزمة الراهنة مع الولايات المتحدة.

    فالأعمال الانتقامية التي قام بها متطرفون إسلاميون روّجت لمقولات المحافظين الجدد الأميركيين التي تعتبر الإسلام عدواً للغرب (أميركا وأوروبا معاً) ولحضارته المسيحية.. والتي تدعو إلى وحدة الغرب في وجه ما تسميه هجمة "الصحوة الإسلامية". وتطرح هذه المقولات الأميركية المتطرفة تحذيرات من خطر الإسلام على أوروبا(؟) حتى أنها تصل في ذلك إلى حد التخويف من أن تتحول القارة الأوروبية إلى قارة إسلامية. وتبرر ذلك بالأمور الثلاثة الآتية:

    أولاً: انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي بسكانها المسلمين الذين يزيد عددهم على 70 مليوناً.

    ثانياً: استمرار تدفق هجرة المسلمين إلى الدول الأوروبية وارتفاع نسبة تكاثرهم عن طريق الولادة وكذلك عن طريق سياسة جمع شمل العائلات. ذلك أن نسبة عالية منهم في سنّ الشباب. وفي كتاب جديد عنوانه: "عندما تنام أوروبا: كيف يدمر الإسلام الراديكالي الغرب من الداخل"، يذهب مؤلف الكتاب "بروس بروير" (وهو هولندي شاذ، يدافع عن الحرية الجنسية المطلقة) إلى حدود قصوى من المبالغة فيزعم أن عدد المسلمين في سويسرا مثلاً وصل إلى 20 في المئة، علماً بأن آخر الإحصاءات السويسرية الرسمية التي جرت في عام 2000 تقول إن نسبتهم لا تتعدى 4.3 في المئة فقط!!. ويذهب "بروير" إلى حدّ وصف عدم تصدي الليبراليين الأوروبيين للإسلام الراديكالي بأنه انتحار للديمقراطية.

    ثالثاً: انخفاض نسبة المواليد في أوروبا، حيث تصل إلى الصفر في دول مثل إيطاليا وألمانيا مثلاً.

    إن الإحصاءات الرسمية الأوروبية تؤكد أن عدد المسلمين فيها يبلغ 20 مليوناً أي ما يعادل 4 في المئة من الأوروبيين غير المسلمين. ومن المقدر أن يرتفع هذا العدد في عام 2025 إلى 10 في المئة، وهي نسبة أقل كثيراً من الأرقام التخويفية التي تفبركها جهات معادية للإسلام ولعلاقات بناءة بين المسلمين ومجتمعاتهم الأوروبية الجديدة. ومما يزيد في تسفيه الأرقام التخويفية، الزواج المختلط الذي تتوسع قاعدته بين الأوروبيين المسلمين وغير المسلمين.

    وبالعودة إلى كتاب "بروير" فإنه يربط بين ظاهرتي تزايد عدد المسلمين في أوروبا وتناقص عدد المواليد الأوروبيين. فيقول إن أوروبا توقفت عن إنتاج الشباب للدفاع عن مستقبلها، وتركت هذه المهمة للمسلمين الذين لهم أهداف وتطلعات خاصة بهم.

    وفي محاولة للتوفيق بين أوروبا والولايات المتحدة (أي الغرب) في مواجهة الإسلام(؟) صدر كتاب جديد آخر عنوانه "هلع في أوروبا: لماذا تعتبر مشكلة القارة مشكلة أميركا أيضاً ؟"، وفي هذا الكتاب تقول المؤلفة كلير بيرلنسكي: "ليس المهم عدد المواليد بين المسلمين في أوروبا، بل المهم هو عقيدتهم". وتعتبر الكاتبة أن الموقف الإسلامي معادٍ عقائدياً وحضارياً للولايات المتحدة ولأوروبا معاً، من دون أن يكون لفترات الاستعمار الغربية الطويلة للعالم الإسلامي أو للحرب على العراق وأفغانستان أو للحرب على الإرهاب التي تحت شعارها تنتهك كرامات وحقوق المسلمين، أي تأثير.. أو حتى أي إشارة في الكتاب.

    ولعل كتاب "ميلتون فيورست" من بين أسوأ الكتب التي تعالج موضوع علاقة الإسلام بالغرب. فعنوان الكتاب يدل على محتواه، وهو: "عاصفة من الشرق، الصراع بين العالم العربي والغرب المسيحي".

    فالكتاب يضع الصراع في إطار ديني وينهج أسلوباً تحريضياً على العرب والمسلمين رغم أن مؤلفه صحفي يعرف الشرق الأوسط جيداً. إلا أن ثمة جانباً موضوعياً من الكتاب يقول فيه المؤلف إنه خلال المئة سنة الأخيرة تبنّى العرب إيديولوجيات مختلفة لاستعادة موقعهم في العالم ولتقرير مصيرهم. ولكن كل تلك الإيديولوجيات فشلت. وحدها إيديولوجية التهديد الخارجي والتخويف منه حققت بعض النجاح. ويرى أن العالم العربي رغم إدراكه أنه عاجز عن مواجهة التفوق العسكري الأوروبي، سيستمر في المواجهة الدموية إلى أن يعترف له هذا الغرب، بحقه في أن يقرر مصيره بنفسه.

    من هنا فإن أمام الغرب طريقين أساسيين للتعامل مع العالم العربي والإسلامي:

    إما طريق إحياء روح حروب الفرنجة (الحروب الصليبية)، وإما طريق إحياء القيم الغربية بما فيها وثيقة حقوق الإنسان وشرعة الأمم المتحدة التي تؤكد على حق الشعوب في السيادة وتقرير المصير.

    لقد جرب الغرب الوسيلة الأولى وعادت عليه -وعلى العرب والمسلمين- بأسوأ العواقب. ولم يجرب -حتى الآن- الوسيلة الثانية، خاصة وأن القيم الغربية هي في جوهرها قيم عالمية تلتقي في معظمها مع القيم الدينية الإسلامية والمسيحية.

    في ضوء ذلك لابد من طرح السؤالين التاليين على ما بينهما من تناقض ظاهري: السؤال الأول هو: ماذا تفعل أوروبا لتحديد مستقبل الإسلام في دول القارة ؟

    أما السؤال الثاني فهو: ماذا يفعل المسلمون الأوروبيون لرسم مستقبل القارة الأوروبية؟

    القاسم المشترك بين السؤالين هو دور الإسلام المعتدل الوسطي والسمح الذي تميزت به الدعوة الإسلامية منذ بداياتها الأولى على يد النبي محمد صلى الله عليه وسلم. ولكن هذا القاسم المشترك لا يخلو من جدلية أيضاً. ذلك أنه يطرح من جهة أولى دور الاعتدال الإسلامي ليس كأساس لتجريد التطرف العنفي من مقوماته ومن مبررات ردات فعله فحسب، ولكنه يطرح هذا الدور كأساس أيضاً لإنقاذ الإسلام نفسه من التهم والافتراءات الظالمة التي توجَّه إليه وتستعدي عليه شعوب العالم على اختلاف ثقافاتها وعناصرها. ومن جهة ثانية فإن الإسلام المنفتح يساهم في إنقاذ أوروبا من الوقوع في فخ التحريض الاستدراجي إلى عقلية الحروب الصليبية مرة أخرى.

    ومن هنا فإن أمام العالم العربي وأوروبا معاً مهمة إنسانية مشتركة -ومصلحة مشتركة أيضاً- لكبح جماح التطرف والغلو سواء كان ذلك باتجاه استعداء الغرب على الإسلام، أو باتجاه استعداء الإسلام على الغرب. وهي مهمة ممكنة جداً -وإن لم تكن سهلة- إذا ما توفر الحد الأدنى من تبادل النوايا الحسنة!..

     

  4. كثير من العراقيين بدؤوا يسأمون من الحالة التي وصلت اليها الامور حتى ان لسان حال بعضهم يقول حاكم ظلوم خير من فتنة تدوم،،

    ان المواطن العالدي لا يطمح الى اكثر من الامان وتوفير لقمة العيش لاهله واطفاله، وهذا ما لم يعد يتحقق له، فالامان مفقود، واصبح الحصول على الطعام مهممة صعبة ، وأخذت الزوجة تودع زوجها قبل ذهابة الى العمل ولا تعرف سيعود لها او لا، ويذهب الاطفال لمدارسهم ولا يعرفون أيعودون سالمين او الى البيت، من هنا فان حاكم ظلوم خير من فتنة تدوم تستهوي الكثيرين، ومن حقهم الشعور بهذا ، لان ابن الشعب لا يريد غير الامان،

    ولكن سيطرة هذا الشعور هو أخطر ما يمر به تاريخ الامة، لانه سيمهد الطريق للغئة ما او جماعة ما السيطرة على الحكم والانفراد بالسلطةوضرب الفئات الاخرى والحكم بالحديد والنار بحجة القضاء على الفوضى ، ولكن هذا في الحقيقة يعني العودة الى نقطة الصفر، ومن ثم تمر عشر او عشرون عاما ،يفقد فيها الشعب حريته وخيراته، وسيكون من الصعب حدا بناء الحرية من جديد

    ان كل من لهم سلطة في العراق مسؤولون اذا ما ماسيطر( الاعتقدا بحاكم ظلوم خير من فتنة تدوم)، لان الثمن الذي سيدفع اذا ما وقع هذا سيكون كارثة للجميع وسيعود بالعراق عشرات السنين الى الوراء اضافة الى عشرات السنين التي عاد بها الى الوراء

  5. لماذا لم يندمج المسلمون في الغرب مع المجتمع الاوربي او الامريكي.؟:

    هذا سؤال مهم، والاجابة عنه طويلة ومتشعبة ، وهناك اراء كثيرة في هذا الشأن

    ،ثم هل من الافضل الاندماج أم لا،

    والى اي حد يمكن للمسلم ان يندمج،

     

    لا بأس ان يكتب كل مهاجر ملاحظاته الشخصية وكيف تعامل ويتعامل مع الاخرين، وهل كانت تجربته صحيحة ام خاطئة، وما هي طبيعة هذه الاخطاء لابد من تبادل الاراء والكتابة حول هذه المسألة التي تهمنا جميعا، وبشكل خاص ابناءنا

     

    ها هنا احد الاراء حول اندماج المسلمين في الغرب

     

    الإسلام الأوروبي والإسلام الهندي !

     

    مشاري الذايدي، الشرق الاوسط

     

    دعا المفوض الاوروبي للشؤون الداخلية فرانكو فراتيني في لندن، الاربعاء الماضي، الى «اسلام اوروبي». وصرح فراتيني للصحافيين في اعقاب اجتماع للوزراء الاوروبيين عقد بعد ستة ايام على مخطط ارهابي في بريطانيا لتفجير طائرات في الجو «نريد اسلاما اوروبيا». قال ذلك وهو يعلق على مشكلة مسلمي اوروبا وعقدة استعصاء الاندماج الايجابي في مجتمعاتهم الجديدة في مهاجر الغرب. مع أن هناك تفاوتا في مقدار هذا الاستعصاء، ونواة الاستعصاء الصلبة تكمن في العقدة الباكستانية، حسبما يبدو، وكما سيأتي معنا في السطور التالية.

     

    لكن قبل ذلك دعونا نتوقف عند حكاية الاسلام الاوروبي هذه.

     

    ربما يرى البعض منا ان هذه الدعوة تدخل في اطار الاعتداء على الهوية الاسلامية، منذ كارثة 11 سبتمبر، وذلك الهجوم الذي أراد تذويب «إسلامنا» وتدويره ليصبح ألعوبة بيد الشرق والغرب.

     

    ربما يصلح هذا الكلام لو أنه لا توجد مشكلة فعلية، لها مظاهر امنية واجتماعية خطيرة تتعلق بوضع الجاليات المسلمة في الغرب، تعرضهم لمخاطر حقيقية، مع تزايد الاعمال الارهابية التي يقوم بها بعض ابناء المسلمين في مهاجرهم الغربية.

     

    إضافة الى زاوية اخرى في النظر، زاوية تاريخية وعلمية، وهي ان ما جرى على الارض منذ فجر الاسلام، لم يكن قراءة واحدة للاسلام. الاحداث السياسية الكبرى، وصراعات الخلفاء والسلاطين والملوك والدول، ومن قبلها احداث الفتنة الكبرى، وما جرى بعد ذلك، وبسبب ذلك، من تشعب الفرق والاتجاهات داخل خيمة الاسلام، كل ذلك ترك بصماته الواضحة على اتجاهات التفسير والقراءة للاسلام بين المسلمين انفسهم.

     

    وكل يعتبر قراءته وتفسيره هما الاسلام الحق الصريح. فأصبح لدينا إسلام شيعي واسلام سني واسلام معتزلي، وداخل كل اسلام من هذه الاسلامات ألوان تصل الى حد انشاء قراءة جديدة تختلف تماما عن الاولى، كما حصل مع الاسلام الباطني الاسماعلي داخل الوعاء الشيعي.. وكما حصل من خلافات قرائية كبرى بين المنتمين للسنة ما بين اشعرية وماتوريدية وسلفية اهل حديث، وايضا داخل الاطار المعتزلي، ناهيك من قراءة الخوارج، التي تمثل اقصى الراديكالية الاسلامية، وداخلها هي ايضا يمين ويسار ووسط، تفرعت عنها الاباضية التي اخذت من المعتزلة كثيرا من اصولها، كما الزيدية (الشيعية) في أصلها، ونفس الشيء، اعني التنوع والانقسام الدائم، كما هي آلية الحياة في الخلية الحياة، آلية الانقسام والانتشار، حصل هذا الشيء داخل القراءة السنية، ويكفي ان نقرأ عن الخلافات الحادة بين اهل الرأي (تيار ابي حنيفة) واهل الحديث في صدر الاسلام، للدرجة التي جعلت بعض صقور اهل الحديث الأُوَل يفتون بمروق وظلال ابي حنيفة، اول امام من أئمة المذاهب السنية الرسمية! ونجد هذه النصوص في كتاب مثل كتاب السنة لعبد الله بن احمد بن حنبل، او كتاب الضعفاء للعقيلي .. وحتى لحظة الفقيه الشامي ابن تيمية في القرن السابع الهجري الذي حاربه علماء سنة اخرون، وهو الفقيه الحنبلي، واتهموه بالضلال، وحرضوا عليه السلطان، ونفس الشيء حول الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الذي حورب من علماء سنة اخرين، بل وعلماء حنابلة.

     

    إذن، كانت هناك دوما خلافات وتنوعات، تحدث باسباب الاختلاف الثقافي الذي يتحكم بنظر الفقيه وجماعته التي يمثلها، او بسبب اختلاف وتضاد المصالح السياسية، كما يحصل الان في العراق من انبعاث الادبيات الطائفية المقيتة، وصرنا نسمع بمصطلح «الامويين الجدد» على سبيل اللمز من السنة، كما يفعل عبد العزيز الحكيم، او مصطلح الصفويين الجدد كما يصنع طائفيون سنيون في سياق وصف شيعة العراق كلهم، والحق ان كلا الفريقين ينعش هذا الهجاء الطائفي ويعمقه مدفوعا، شعر او لم يشعر ، بدافع المصلحة السياسية التي يعتقد ان الطرف الاخر يهددها وينتقص منها. اي ان اشخاص مثل الحكيم او حارث الضاري، هما المستفيدان من بقاء اجواء الشحن الطائفي، لانهما يذوبان ويتبخران في ظل خطاب فوق طائفي، خطاب وطني. وتلك حكاية أخرى.

     

    الغرض، ان القول بأن الحاجة تدعو الى إسلام اوروبي، ليس امرا يعني هدم الاسلام نفسه، لأن خطوط الاسلام العامة واصوله الاساسية ستظل محفوظة، ولا تنازل عنها، فمثلا لن يلغى القرآن او تطرح سيرة نبي الاسلام، بل يعني ان يأخذ الفقيه وزعماء الجالية بنظر الاعتبار كونهم يعشيون في اوروبا وهم محكومون بقانون غير قانون بلدانهم، وألا يصبحوا هم النشاز الوحيد في المجتمع. والبعض يسأل: لماذا يستطيع الصيني او الهندي او المكسيكسي او غيرهم ان يعيشيوا في هذه المهاجر الغربية، من دون ان يفقدوا هوياتهم الاصلية، وهذا ما لم يطلب من المسلمين اصلا، وهو سؤال قاس وخشن، ولكن يجب ان نطرحه على انفسنا قبل ان يطرحه الاخرون، الذين يتحرجون من طرحه حتى لا يتهموا بالعنصرية.

     

    تفكرت في هذه المسائل وأنا أقرا عن حياة المجموعة التي اتهمت بالضلوع في مؤامرة تفجير الطائرات في بريطانيا الايام الماضية، والتي تكشفت عن تورط حلقة باكستانية من مسلمي بريطانيا، تزعمتهم العائلة الباكستانية رشيد وأخوه ووالدهما عبد الرؤوف، او رؤوف من برمنغهام.

     

    التقارير الصحافية تقول إن رشيد رؤوف مرّ بحياة معقدة ناجمة عن وقوعه بين ثقافتين، إذ ظلت باكستان تشكل إغراء قويا بالنسبة له حيث هرب إليها عام 2002 بعد أن طُعِن عمه بطريقة غامضة في برمنغهام وهناك انتمى إلى مجموعة إسلامية متطرفة.

     

    وأن الابن الأصغر، طيب، زار باكستان ايضا. العائلة البريطانية ـ الباكستانية، كانت تعيش في جراب عازل من الانشطة والتقاليد والهموم يعزلها تماما عن إيقاع المجتمع البريطاني، يعزلها «عزلة شعورية» على حد التعبير الاثير لسيد قطب. أناس موجودون في ضواحي لاهور، وروالبندي، او بيشاور، اكثر من برمنغهام او لندن او مانشستر.

     

    هل هذا بسبب وجود عنصرية ضدهم في بريطانيا ؟ لا أدري، ربما، لكن هناك ايضا عنصرية ضد السود وضد الآسيان .. وضد غيرهم، لماذا تختلف ردة فعل الجالية الباكستانية بالذات ؟

     

    حسب تقرير لـ«لنيويورك تايمز» نشرته «الشرق الاوسط» فإن مسؤولا من الشرطة البريطانية قال: «إن استهداف أفراد أسرة رؤوف كان بسبب العلاقة بالجماعات المتطرفة في باكستان وظلت هذه لسنوات تعمل يدا بيد مع القاعدة».

     

    والصورة التي رسمها الأصدقاء والجيران والعاملون مع عبد الرؤوف الاب هي لرجل شديد التدين مع تصميم بعدم التخلي عن الأواصر بباكستان أو بتقاليدها وسط الحياة العلمانية البريطانية.

     

    وحسب التقرير فعبد الرؤوف يمثل نموذجا للمهاجرين الناجحين في عملهم من أصل باكستاني، حيث أدار فرناً لصنع الخبز وبيع الحلوى القادمة من باكستان. وكان مشاركا بشكل عميق في تشكيل جمعية «إعانة الهلال» الخيرية التي تبرعت بالنقود لضحايا الزلزال الأخير في كشمير وضحايا تسونامي في آسيا عام 2004، وطرحت اسئلة لاحقا حول مصير تلك الاموال.

     

    رؤوف، شأن كثير من المهاجرين الباكستانيين في بريطانيا، قام بصورة متكررة بزيارة قريته الأصلية «هافيلي بيغال» حيث يحتفظ ببيت ويمول حسب التقارير بناء جامع. ويقول أصدقاء انه كان هناك لحضور حفل زفاف عندما اعتقل أبناؤه. وكان راسخا في معتقداته بحيث انه اقام مركز دراسة صغيرا للأطفال المسلمين في غرفة في الجزء الخلفي من بيته في شارع سانت مارغريت في برمنغهام. وقالت جارة لهم هي جون ليثبريدج، ان ما يتراوح بين 12 و20 من الصبيان كانوا يحضرون الدروس ثلاث الى اربع مرات اسبوعيا. وكانت زوجة رؤوف، التي لم تغادر البيت من دون حجاب على رأسها ووجهها، تعطي دروسا في القرآن للبنات.

     

    ولو رجعنا الى حياة الشبان الباكستانيين الذين كانوا وراء تفجيرات 7/7 العام الماضي في قطارات لندن، لوجدنا نفس القصة، أناس يعيشيون في معازل تامة عن المجتمع ، فما السبب يا ترى في استعصاء الجالية الباكستانية، على الاندماج لا الذوبان ! مع أننا لا ننفي وجود المشكلة لدى جاليات اخرى، لكنها لافتة في هذه الجالية بالذات.

     

    حتى العرب المهاجرون، الذين هوجموا كثيرا بعد احداث 11 سبتمبر، نجدهم أيسر اندماجا واقل استعصاء من الباكستانيين!

     

    هل نحن ازاء «عقدة باكستانية» تتعلق بالجاليات المسلمة في اوروبا؟

     

    وهل بمقدورنا القول إن «لاسلام الهندي»، بالمعنى الشامل لكلمة الهند، هو السبب في تجذر الشعور بالهوية والتخندق حولها، واستعداد المزاج الباكستاني الدائم للتطرف الاسلامي، آخذين بالاعتبار انفجار الجماعات الاسلامية في باكستان، التي وضعت حكومة مشرف على صفيح ساخن ، لا ندري عقباه.

     

    هل السبب يكمن في قصة تاريخية، أقدم، منذ انهيار سلطة الحكم المغولي الاسلامي في امارة دلهي بعد ان تعاقبت الاسر الملكية المسلمة على حكم الهند طوال قرون، لتأتي شركة الهند الشرقية الانجليزية وتفرض الاستعمار، ويتحكم البريطانيون في شبه القارة الهندية بما فيها باكستان، قبل انشائها الحديث، لتصبح البنجال تحت حكم بريطانيا في عام 1757 وتلحق بها السند في 1843 ثم البنجاب في 1849. واستمر وجود أباطرة المغول في دلهي ولكنهم كانوا مجرد أداة في يد البريطانيين. وفي عام 1857 اندلعت ثورة سيبوي (الجندي الهندي) ضد الحكم البريطاني كآخر محاولة لاعادة حكم آخر إمبراطور مسلم «بهادور شاه» الثاني للحكم ولكن الثورة أخمدت وانتهى عهد المغول، ومعه عهد «الحكومة الاسلامية» وتذكروا هذا المصطلح جيدا : الحكومة الاسلامية.

     

    بعد هذا الانهيار تحولت موازين القوى السياسية في الهند واصبح الامر مداولة بين الهندوس والمسلمين، ومع أن المسلمين كانوا يتقاسمون النصاب السكاني، بالنصف تقريبا مع الهندوس، لكن تطورات الاحداث وصعود خطاب الهوية، مع جرح سقوط امبراطورية المغول (وهذا يفسر نشوء حركة إعادة الخلافة العثمانية بالهند اول شيء، وهذا ايضا موضوع آخر) الى ان انفصل المسلمون بباكستان، وبقي بعضهم في الهند مشكلين ما نسبته 25% من سكان الهند، ويتحولوا الى اقلية.

     

    هل كل هذه الاحداث، التي مر بها المسلمون الهنود / الباكستانيون، وانهيار سلطة الحكم الاسلامي، ومرارة الاستعمار التي جربوها قبل المنطقة العربية بنحو قرن، هي التي اورثتهم ذلك المزاج المتعصب المتخندق حول الهوية الاسلامية، وبالتالي طرحت سؤال: الحكم الاسلامي، بعد الهجوم على حكمهم، لنصل الى لحظة ابي الاعلى المودودي، الوالد الشرعي لمفهوم «الحاكمية» الذي يعتبر حجر الزاوية في خطاب الحركات الاسلامية المسيسة كلها؟

     

    اسئلة يجب التوقف عندها كثيرا لنتفحص ملامح الاسلام الهندي هذا، ومنتجاته، التي لم تتوقف عند طالبان، ولن تنتهي عند رشيد رؤوف الاخير، وربما تسنح الفرصة لذلك.

  6. فرصة ذهبة ضاعت من يد الرئيس الامريكي بوش في الازمة بين لبنان واسرائيل، وهذه الفرصة تتلخص في ان تكون الولايات المتحدة القاضي وليس المدعي او المدعى عليه، بمعنى ان تستمع وهي الدولة الكبرى في العالم، الى وجهات نظر جميع الاطراف، من اصدقائها وغير اصدقائها، ولكن الرئيس بوش فضل ان يكون طرفا في النزاع وليس وسيطا لحل النزاع،

    وباعتبار الولايات المتحدة كبرى دول العالم ، اذن عليها مسؤوليات وواجبات،، ففي بداية الاحداث كان يمكن للرئس بوش ان يستغل الفرصة، وهي فرصة لا تتكرر، ويجري محادثات مع جميع الاطراف من أصدقاء واعداء، ويحاول التوفيق بينها باعتبارة رئيس اكبر دولة في العالم، وكانت له فرصة ذهبية كي يستمع الى وجهات نظر الاخرين، على الاقل الاستماع اليها، وبذلك يحقق عدة أشياء في آن واحد لعل أهمها تهدئة الشيعة في العراق، الذين غضبوا من موقف الولايات المتحدة المؤيد لاسرائيل، كما انه كان يستطيع ان يسترضي كثير من اللبنانيين، بل وحتى كثيرين في الدول الاخرى من تلك التي تعتبر من اعداء الولايات المتحدة

    قد يبدو هذا الكلام نظريا، باعتبار ان الولايات المتحدة لا يمكن لها ان تقوم بهذا الدور ، او ان مثل هذه المحادقات ستكون فاشلة مسبقا أومستحيلة عمليا، وقد تكون كذلك، ، لكنه كان ممكنا اجراء محادثات، مجرد محادثات، ، خاصة في الايام الاولى من الازمة، على الاقل لتسجيل موقف بأن الرئيس بوش قد حاول، او بذل جهدا، او أراد حل النزاع، بل كان يمكن للرئيس بوش ان ينجح في تحييد بعض الاطرافب، وحتى شق اطراف اخرى، الا انه لم يفعل، حتى استفحل الموقف ، واستاء كثيرون في مختلف انحاء العالم من هذا الموقف ، خاصة في مناطق حساسة بالنسبة للولايات المتحدة مثل الشيعة في العراق، ، ووقفت البنانيون مع حزب الله،، والادهى من هذا ان الولايات المتحدة اخذت تتبنى مواقف تصطدم فيها مع فرنسا وهي دولة غربية، اي انها دولة تفضل المصالح الغربية على العربية، وليست دولة عربية او اسلامية،

    من هنا نظن ان الرئيس بوش قد ضيع فرصة ذهبة من يده قد لا تتكرر

  7. الحرب في لبنان تضع الفكر الشيعي أمام مفترق طرق، فاذا ما تم تدمير حزب الله في هذه المعركة فانه يعني ضربة قاصمة للفكر الشيعي وتوجهاته ونظرياته، والعكس تماما لو ان حزب الله استطاع الاستمرار في المقاومة، فانة بلا شك فان الحركة الشيعية سوف تقوى وتتجذر، ليس فقط في لبنان وانما سوف تؤثر على كل المنطقة

     

    ان الفكر السيعي الان يمر في حالة حاسمة، ولهذا فانه يدفع بكل ما لديه من قوة للاستمرار في مقاومة الجيش الاسرائيلي ويبذل كل طاقاته لانجاح هذه المقاومة، لانه يعرف مسبقا بأنها معركة حياة او موت ، ولا مجال للحل الوسط فاما ان يُـنـهي واما ان يَنتَهي، ، وهذا هو امتحانه الصعب الذي يمر فيه الان

     

     

  8. Risks Escalate as Israel Fights a Ground War

    By GREG MYRE

    Published: August 5, 2006

    JERUSALEM, Aug. 4 — After resisting a major ground offensive for three weeks, Israel now has an estimated 10,000 troops in southern Lebanon trying to build a buffer zone free of Hezbollah, and the risks are already evident. Seven Israeli soldiers have been killed in two days of brutal battles on territory the guerrillas know far better than the Israelis.

    A crowd gathered Friday near the bodies of 28 farm workers killed when Israeli missiles hit a warehouse at Qaa, near the Syrian border.

    The plan of the country’s military chief of staff, Lt. Gen. Dan Halutz, an air force man, to destroy Hezbollah from the air has proved wanting, and now, nervously, Israel is sending the country’s young men into the forbidding hills of southern Lebanon, where its forces battled Hezbollah for 18 years before pulling out in May 2000.

     

    “We certainly hope that some international resolution will come before another 18 years passes,” Brig. Gen. Ido Nehushtan said.

     

    In the past few days the troops have crossed the border by the thousands — with seven brigades, including reserve units, totaling around 10,000 troops — now in Lebanon, according to army radio and other Israeli news reports.

     

    “In the first days, we concentrated very much on the air campaign,” said General Nehushtan, who declined to comment on the reported figures on ground troops in Lebanon. “Now we want to clear Hezbollah from all areas near the border. Our plan is to push north on a much larger scale.”

     

    The Israeli forces are now positioned in or around more than a dozen villages and towns in Lebanon and are up to four miles inside Lebanon in some regions, according to the Israeli news media.

     

    The ground operation poses acute dangers for Israel and will severely complicate international efforts to end the fighting.

     

    For one thing, Hezbollah is fighting on terrain that it knows best.

     

    During Israel’s occupation of southern Lebanon from 1982 to 2000, its long-term presence and the allied — largely Christian — militia, the South Lebanon Army, gave Israel an extensive intelligence network that is no longer present. And in the six years since Israel left, Hezbollah has built military posts, bunkers and tunnels that have strengthened its ability to resist an invader.

     

    As the ground offensive picked up pace, Israel has encountered stiff resistance in several towns and villages. Four soldiers were killed Thursday and three more on Friday, all by antitank missiles, one of Hezbollah’s most potent weapons.

     

    Over all, more than 40 Israeli military personnel have been killed since July 12, most of them on the ground in Lebanon.

     

    A large presence of Israeli troops in southern Lebanon could also make a cease-fire more difficult to achieve. Israel insists it does not want to stay in southern Lebanon for long, but it also says it does not want to withdraw until an international force can take its place.

     

    However, Hezbollah has said it will not agree to a cease-fire until Israeli troops have left Lebanon.

     

    Israel is operating on the premise that a large, muscular international force will come soon to take control of southern Lebanon. But it is not clear when that force will materialize, and what its mandate will be.

     

    And Israel faces the prospect that it will again be viewed as an occupier in Lebanon if its ground forces stay for an extended period. Whether they stay for long, their plans have expanded quickly and substantially over the past few weeks.

     

    In the first few days after Hezbollah’s July 12 raid, Israel said it intended to send only a limited number of troops into Lebanon on brief, specific missions against Hezbollah strongholds.

     

    A few days later, Israel said it intended to create a small buffer zone along the border perhaps a mile or two wide where no Hezbollah forces would be allowed. Israeli officials said they hoped to patrol this zone from the air and with artillery fire from Israel’s side of the border.

     

    Now Israeli military commanders are talking about a zone similar in scale to the one that existed in the 1980’s and 1990’s: thousands of troops stretched nine miles deep across southern Lebanon.

     

    Maj. Zvika Golan, a spokesman for Israel’s northern command, said Thursday that the zone could cover nine miles of southern Lebanon in the next few days.

     

    The defense minister, Amir Peretz, told the army to begin preparing to push to the Litani River, about 15 miles north of the border, according to the newspaper Haaretz. It is not clear whether Prime Minister Ehud Olmert, who is said to be wary of such an extension, will approve such plans. The security cabinet has so far approved plans for only a five-mile zone, the newspaper reported.

     

    The point of such a border zone, of course, is to significantly reduce Hezbollah’s ability to attack northern Israel.

     

    Hezbollah has powerful, long-range rockets that can be fired from well behind the zone. But because those rockets are large and cumbersome, the launchers are relatively easy to spot and destroy, military officials say.

     

    The short-range Katyusha rockets and launchers are small and nimble, and Israeli aircraft and artillery have had difficulty in finding them, even though they are close to the border, the military officials said. A large ground presence is seen as the best way to limit that kind of fire.

     

    Michael Oren, a senior fellow at the conservative Shalem Center in Jerusalem, said Israel’s ground campaign had been slow to develop for three reasons.

     

    “There is the historical, psychological level,” he said. “No one wants to go back. We spent 18 years there.”

     

    The second is the diplomatic, strategic layer. “We could go in and wait for an international force,” he said. “But what if the international force doesn’t come?”

     

    And there are also military limitations, he said. The army had to call up reserves, who have not seen this kind of combat in years, and they needed at least a few days of training before they could be sent into Lebanon, Mr. Oren added.

     

    The army has focused its training on the kind of urban combat it has waged with the Palestinians in recent years, and not the tank warfare of earlier conflicts.

     

    Mr. Oren, 51, who served as a paratrooper in the Israeli military, said his training was very different from that of his son, who recently finished his army service.

     

    “I was trained to take out Syrian tanks,” Mr. Oren said. “My son was trained to go into a house in Hebron at 2 in the morning and grab a terrorist.”

    More Articles in International »
  9. أخطاء أميركية ... مكاسب روسية وصينية

    فادوتز - راغدة درغام الحياة - 14/07/06//

     

    أخطأت الإدارة الأميركية عندما افترضت أن العراق هو الحلقة الأسهل في تنفيذ تعهد الرئيس جورج دبليو بوش باسقاط «محور الشر» الذي ضم إيران والعراق وكوريا الشمالية. وهي تفاقم الخطر بإنكارها الخطأ.

     

    هذا «المحور» اخترعه كاتب من كتّاب خطب بوش ولاقى ترحيب الرئيس الأميركي الذي يعجبه أن يبدو مكلفاً إلهياً بمحاربة الشر. وها هو الآن المحور الذي يمتص العظمة الأميركية ويضع الولايات المتحدة في المقعد الخلفي للتطورات، فيما كان يجب أن تكون في مقعد القيادة.

     

    اليوم، تبدو الصين وروسيا أكثر نفوذاً ومتانة في ملفي إيران وكوريا الشمالية، وهما مستفيدتان من التورط الأميركي في حرب الاستنزاف في العراق. لكن الأخطاء الأميركية في العراق ليست وحدها ما يكبّل خيارات واشنطن، ذلك أن السياسة الأميركية نحو إسرائيل تبقى عنصراً رئيسياً في تقييد رؤى بوش وأحلامه وفي تكبيل يديه. والمثير للفضول أكثر فأكثر هو عنصر التهادنية في العلاقة الإيرانية - الإسرائيلية وآثاره على السياسات الأميركية نحو شتى الملفات في منطقة الشرق الأوسط وبينها العراق - المحور الأسهل نيلاً ظاهرياً إنما الأصعب والاكثر ارتداداً على بدعة «محور الشر».

     

    أزمة اختبار الصواريخ تجددت الأسبوع الماضي، وستتفاقم أكثر إذا نفذت كوريا الشمالية تعهدها باختبار الصواريخ البعيدة المدى قريباً في تحدٍ واضح للولايات المتحدة التي تبدو ضعيفة في نظر أكثرية الدول بسبب تورطها في العراق. هذه الأزمة قابلة للمعالجة إذا اتخذت الصين قراراً واضحاً وحازماً نحو كوريا الشمالية لابلاغها أنها لن تلاقي الحماية من الصين إذا استمرت في الاختبار، وإذا قررت كوريا الجنوبية أن الأزمة تستحق أن تؤخذ بجدية أكثر وأن تواجه باجراءات ديبلوماسية واقتصادية، وإذا توقفت الإدارة الأميركية عن رفضها المفاوضات وجهاً لوجه مع كوريا الشمالية وقامت بفرز استراتيجي لسياساتها ومقتضيات مكانتها عالمياً.

     

    اختبار الصواريخ القادرة على حمل الرؤوس النووية اثار الرعب بسبب أبعاده على المعادلة الأمنية في شمال شرقي آسيا. المحادثات حول برامج التسلح النووي كانت بدأت بصورة جماعية، وليس ثنائياً وجهاً لوجه بين واشنطن وبيونغيانغ، لكنها توقفت بسبب أزمة مصرفية منفصلة.

     

    البعض يرى أن ديكتاتور كوريا الشمالية كيم جونغ ايل، مارس التضليل والابتزاز والغش، وأنه يجب الكف عن «مكافأته» على خروقاته لالتزاماته عبر اغراقه بالمزيد من المال والديبلوماسية.

     

    البعض الآخر يعتقد أن ما يريده كيم جونغ ايل هو المفاوضات المباشرة وجهاً لوجه مع الإدارة الأميركية للتوصل الى اتفاق على ضمانات أمنية وتطبيع العلاقات وفك طوق العزل عن كوريا الشمالية اقتصادياً وديبلوماسياً. ويرى هذا البعض أنه يجب تقديم رزمة من الحوافز مع التلميح بالعقاب الى كوريا الشمالية كما تُقدم رزمة الحوافز المدعومة بخيارات العقاب الى إيران.

     

    الملفان سيكونان حاضرين في لقاء القمة للدول الصناعية الديموقراطية الغنية في سانت بطرسبورغ في روسيا غداً عندما يستضيف فلاديمير بوتين قمة مجموعة الثماني للمرة الأولى. ما يريده الرئيس الروسي هو إبعاد الانتقادات ضده بدءاً باتهامه بالدوس على الديموقراطية الجديدة في روسيا متذرعاً بالاعتبارات الأمنية ومكافحة الفساد. ما يُطالب به قادة الدول السبع الأخرى هو تذكير بوتين بأن الانتماء الى مجموعة الثماني يفترض عنصرين أساسيين هما الثراء والديموقراطية.

     

    لكن القوانين الجديدة التي صكتها حكومة بوتين بذريعة مكافحة التطرف والتي تُستخدم لتقييد المعارضين وتخويفهم، لها شبه «شقيق» في القوانين الجديدة التي صكتها الإدارة الأميركية تحت راية مكافحة الإرهابي وهي تقضم الكثير من الديموقراطية والحقوق المدنية. فقوانين «باتريوت آكت» تتطاول على هذه الحقوق وكذلك على الدستور الأميركي، وهي قد قزّمت الممارسة النزيهة للديموقراطية.

     

    قمة الثماني لن تطيل الحديث في هذه التجاوزات، بل الأرجح أنها ستتجنبها كلياً فيما تركز على الإرهاب وعلى صلاحية مواجهة هذا الخطر أمنياً بكل الوسائل المتاحة. بوتين يؤمن بذلك ويرفض المعالجة السياسية لمشكلة الشيشان، وبوش يؤمن بذلك ويصر على خوض حرب الإرهاب عسكرياً حصراً من دون أن يدقق في مواقف سياسية كتلك نحو القضية الفلسطينية من شأن ايجاد حل عادل لها يساهم في حشد الرأي العام العربي والمسلم وراء مكافحة الإرهاب.

     

    اقتران المسلمين والعرب بالإرهاب ليس اختراعاً غربياً أو يهودياً أو هندياً. إنه للأسف، واقع أتى على المسلمين والعرب بأفعال مسلمين وعرب. بالطبع هذا لا يبرر العنصرية والتجريح والاستفزاز بما يشبه العقاب والظلم الجماعي، إنما المطالبة الضرورية بالكف عن الحملات المشينة والتصرفات البذيئة ضد العرب والمسلمين، جماعة وأفراداً، تتطلب بدورها من الرأي العام العربي والمسلم أن يقف علناً ضد الإرهاب، وأن يحاربه بصراحة من دون شرح أسبابه ومبرراته كلما وقع وأينما وقع سواء في نيويورك أو مومباي.

     

    العرب بصورة خاصة يُلصق بهم الإرهاب بصورة شبه تلقائية. هناك مشهد في فيلم عن استهداف عائلة في كاليفورنيا وتخريب حانوت لها في عملية عنصرية وكراهية يليه مشهد للأم في العائلة تبكي وتتحسر، لأن الذين قاموا بالتخريب اعتقدوا خطأ أن العائلة عربية. العائلة كانت إيرانية والنقطة ذات أهمية ذلك أن الذين يلصقون الإرهاب تلقائياً وبصورة عمياء يفعلون ذلك بالعرب وليس بالعجم مهما قالت الإدارة الأميركية إن طهران ترعى الإرهاب وتموّله وتحتضنه في إيران وخارجها.

     

    حضور العرب في قمة الثماني سيكون على الأرجح عبر الإرهاب وعبر النفط، علماً بأن فلاديمير بوتين يريد للقمة أن تركز على الطاقة. غياب العرب عن القمة سيكون، كعادته، غياباً لمواقف استراتيجية وتغييباً لمساهمة ضرورية في القرارات العالمية التي تخص المنطقة.

     

    إيران من جهتها تريد منع القمة من بحث ملف إيران في غيابها، وأوضحت ذلك عبر وزير خارجيتها منوشهر متقي الذي أنذر قادة الدول الثماني ألا يتخذوا القرارات من دون «استشارة» إيران أولاً. فطهران تحسن فن الديبلوماسية واللعبة السياسية، وهي تمتلك أوراقاً حقيقية، ووهمية، تعتزم تشغيلها الى أقصى فوائدها لإيران.

     

    العالم في انتظار رد طهران على رزمة ترغيبها بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكن الحكومة الإيرانية ليست في عجلة ولن تسمح للآخرين باستعجالها. لذلك فشلت الجهود والضغوط الرامية الى استخراج رد ايراني قبل قمة الثماني. فإيران ردت بأن الرزمة معقدة وتحتاج ايضاح الغموض فيها. فرنسا قالت ان اصدار الانذارات والمواعيد الحاسمة قد يكون له رد عكسي غير مفيد. الصين، العملاق الغائب عن القمة، لاعب خارق الأهمية في ملف ايران وعضو فاعل ومؤثر في مجموعة الست التي قدمت الرزمة الى ايران وتضم الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن والمانيا. وغياب الصين عن القمة سيغيب أي قرارات حاسمة في شأن ايران كما الأرجح ان يُبعد احتمال تحديد مواعيد حاسمة للردود الايرانية.

     

    كل هذه الأمور راهنت عليها طهران، وتراهن، بحذاقة معهودة. تراهن على الأوروبيين الذين يريدون إرضاء ايران وليس استفزازها، وهم فرحون بالانخراط في الحوار والأخذ والعطاء لأن شراء الوقت حدث ولأنه رغبة أوروبية وأميركية وايرانية على السواء.

     

    وتراهن على روسيا والصين اللتين تشكلان العمود الفقري لثقة ايران بنفسها وتصرفها بصورة توحي بإيمانها بأنها معفاة من المحاسبة والاستحقاقات. فالمسألة من وجهة نظر طهران ليست رياضة ديبلوماسية في الأمم المتحدة على رغم اهمية نجاحها في اخراج الملف من مجلس الأمن الدولي في انتصار ديبلوماسي قاده وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ووافقت عليه وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس في صفعة واضحة للسفير الاميركي جون بولتون الذي كان جعل من إبقاء ملف ايران في مجلس الأمن ركيزة السياسة الاستراتيجية الاميركية. المسألة ترتكز في عمقها الى السياسة النفطية في استراتيجيات الدول الكبرى للعقود المقبلة وليس في حسابات اليوم حصراً.

     

    لكن طهران تراهن على حسابات اليوم عندما تدرس الوضع الاميركي في العراق والتحدي الآتي من كوريا الشمالية وبوادر الفشل في افغانستان حيث المؤشرات تفيد باحتمال عودة «طالبان» الى المشهد السياسي والمسرحي، بعدما ظنت الادارة الاميركية انها سحقت «طالبان» في حربها الانتقامية من «القاعدة» واسرعت الى مغامرتها في العراق. فذلك الساق من «محور الشر» الذي استعجلت اليه ادارة جورج دبليو بوش ، بدفع من زمرة المحافظين الجدد ومن أمثال نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد، بات موقع قدم انزلاق العظمة الاميركية. وايران تحسن الاستفادة من الفرص المواتية وبقدر اتقانها الرهانات مهما بدت مستبعدة.

     

    وبين ما تراهن عليه طهران الآن هو العلاقة التهادنية التقليدية بين ايران واسرائيل. فعلى رغم كل هذا التصعيد اللفظي الذي يتمتع به كل من الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد، ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت فإن التدقيق في أحداث المنطقة لا يوحي بأن المواجهة آتية بين ايران واسرائيل.

     

    أولمرت يحسن الانتقام من المدنيين الفلسطينيين ويتقن نسف الجسور والبنية التحتية مثل الكهرباء في قطاع غزة، انه يتصرف بصبيانية خطيرة ليبرهن ويثبت نفسه لاعباً يؤخذ بجدية. انه يستهدف الحلقة الاضعف، اي المدنيين الفلسطينيين، لأنه في الواقع قائد ضعيف. أولمرت يطالب باطلاق سراح الجندي الاسرائيلي من اسرائيل، وخالد مشعل متحدثاً باسم «حماس» يطالب بمقايضة الأسرى الفلسطينيين بالجندي الاسرائيل ويرد على اولمرت من سورية.

     

    سماح دمشق لمشعل بالرد من سورية ملفت ويفيد بثقة بالنفس على نسق النموذج الايراني. كلاهما يبدو واثقاً بأن اسرائيل لن تغامر لا في سورية ولا في ايران، أقله في هذا المنعطف. كلاهما يبدو مراهناً على العلاقة التهادنية ذات التاريخ البعيد بين ايران واسرائيل، قبل الثورة الخمينية وبعدها، وعلى ارتياح اسرائيل الى الوضع الراهن داخل سورية وفي لبنان حتى بعنصر «حزب الله» داخله.

     

    قد يكون هذا الرهان رابحاً، وقد يكون رهاناً خاسراً. ايهود اولمرت جديد على الساحة وقد يأتي بمفاجآت غير منتظرة، بالذات في الاطار السوري - الاسرائيلي وبعده الفلسطيني، على رغم اعتقاد البعض ان اسرائيل في حاجة الى ايران وسورية لكبح جماح «حزب الله» و «حماس» و «الجهاد الاسلامي».

     

    ايران تبقى حذرة في علاقتها مع اسرائيل لأنها تدرك اهمية الحلقة الاسرائيلية في العلاقة الايرانية - الاميركية لذلك، أن طهران تستخدم القضية الفلسطينية والميليشيات الفلسطينية واللبنانية في معادلة مصالحها الوطنية بكل حرص عليها وبكل حذر، معاناة الابرياء الفلسطينيين تصبح هامشية في حسابات المصالح الاستراتيجية، هكذا تقتضي اللعبة السياسية وهذا ما يتقبله معظم الذين يمارسونها، عرباً وعجماً.

     

    المحاور ليست جديدة على اللعبة السياسية، بعض منها واضح وبعضها خفي. لكن المحور الأكثر شهرة هو «محور الشر» الذي قد يكتب له التاريخ انه ذلك التعبير الذي اخترعه كاتب خطب ووجد فيه المحافظون الجدد واسرائيل باباً مشرعاً الى اختطاف رئيس اميركي امن بأنه مكلف بمهمة، وبقي مؤمناً حتى قضائه على مقومات التفرد الأميركي بالعظمة العالمية. انه الرئيس الاميركي الذي قد يصفه التاريخ بأنه كان مساهماً لا غنى عنه في ارتقاء روسيا والصين الى مرتبة العظمة.

  10. عودة الجن إلى ميسوبوتاميا

    علي الشوك الحياة - 11/07/06//

     

     

     

    لم يكن أمر الجن يعنيني في شيء، الى أن وقعت الواقعة في العراق، وغيرت رأيي بنسبة مئة وثمانين درجة. صرت أؤمن بهم كما آمن بوجودهم رئيس اتحادٍ للكتاب في أحد بلداننا العربية، حين سأله محاور عن دليله على وجود الجن، وكان ذلك قبل عشرين عاماً على ما أحسب، وأجاب بما مفاده: «ماذا تفسر الكلام في الراديو الترانزستور؟» فزادني ذلك اعجاباً برئيس الاتحاد، وقناعة بوجود الجن بين ظهرانينا، وفي واقع الحال، وصريح العبارة والمقال، كنت أنا أرتاح الى الجن عندما أقرأ قول القائل: «أتوا ناري، فقلت منون انتم؟/ فقالوا الجن، قلت عموا مساء». (ولا بد أن الشاعر استلهم لفظة «منون» من الجن، فقد تكون من بين مفرداتهم، وهذا انما يدل على ان لغتهم تتلون كما يتلونون هم).

     

    وفي سياق اهتماماتي الميثولوجية واستطراداتي اللغوية، بحثت عن أصل كلمة «الجن»، فعلمت أن العفريت، أو الروح الحارسة، أو الجني، يقال له باللاتينية genius، وتعني «عبقري» أيضاً، و «قرين»، أي الشخص الذي يورث في غيره تأثيراً صالحاً أو طالحاً. والجن عند السومريين والبابليين يسكنون في شقوق الأرض ويظهرون في البراري. وهم عند العرب يسكنون في شقوق الأرض أيضاً، وفي الصحارى. ومن «الجن» اشتقت كلمة «الجنون»، لأنهم كانوا يعتقدون أن المجنون هو من يسكن رأسه جني. وبعض الباحثين، بمن فيهم العرب، يردّون لفظة «جن» العربية الى كلمة genius اللاتينية. ومما يعزز هذا الرأي ان مفهوم «العبقرية» الذي تذهب اليه الكلمة اللاتينية، له ما يقابله في الميثولوجيا العربية حول الجن، فعبقر: موضع كانت العرب تزعم أنه كثير الجن، ونسبوا اليه كل حاذق أو جيد الصنع، ومنه جاءت كلمة «العبقرية» العربية.

     

    هذا عن أصلهم وفصلهم اللغوي. أما عن حقيقتهم، فجاء في المظان العربية ان الجن «أشخاص غير مرئية» (عن المسعودي)، وأن الجن «خلاف الإنس، وكل ما استتر عن الحواس من الملائكة والشياطين» (تاج العروس للزبيدي). وبما أن الجن ينتمون الى الماضي (لأننا لم نقف على أثر لهم اليوم إلا في الراديو الترانزستور، وحديثاً في العراق)، فقد رأيت ان احتكم أو أفزع الى مصادر الماضي ومظانه في البحث عن هويتهم وحقيقتهم. فنورني كتاب «عجائب المخلوقات» للقزويني بهذه النبذة عنهم: «زعموا أن الجن حيوان ناري، مشف الجرم، من شأنه أن يتشكل بأشكال مختلفة. واختلف الناس في وجود الجن، فمنهم من ذهب الى أن الجن والشياطين مردة الإنس، وهم قوم من المعتزلة (لا أدري ان كان يعني بذلك أنهم يعتزلون الناس، أو يقصد بهم طائفة المعتزلة أصحاب الكلام، فإذا كان يريد بهم الأخيرين، وهذا محتمل، فهو انما يعني ان القزويني أراد الإساءة الى المعتزلة، لأنهم لم يؤمنوا بالجن. ومعذرة لهذا الاستطراد الطويل) ومنهم (والقول للقزويني) من ذهب الى أن الله تعالى خلق الملائكة من نور النار، وخلق الجن من لهبها، والشياطين من دخانها، وان هذه الأنواع لا يراها الناظر، وانها تتشكل بما شاءت من الأشكال، فإذا تكاثفت صورتها، يراها الناظر».

     

    وأكد الدميري أيضاً في كتابه «حياة الحيوان الكبرى» ان الجن «أجسام هوائية قادرة على التشكل بأشكال مختلفة، لها عقول وأفهام، وقدرة على الأعمال الشاقة». واعترف بين قوسين بأن قدرتهم على الأعمال الشاقة هي التي جعلتني أؤمن بوجود الجن في العراق، فضلاً عن كونهم مردة الإنس.

     

    وروى أبو العلاء المعري في «رسالة الغفران» عن جني لعين صرع صبية مسكينة من صبايا الإنس، وتصور لها في صورة جرذ، ولما دعوا له الهررة، تحوّل صِلاًّ أرقم، ولما اكتشفوا مخبأ الصل، صار ريحاً هفهافة، وطار الى خشب السقف، ففقدوا أثره... ثم عاد، فلاحق الفتاة المسكينة، وهي في الكلة (الناموسية). فلما رأته أصابها الصرع. واجتمع أهلها من كل أوب، وجمعوا لها الرُقاة والأطبة، فلم يفلحوا في انقاذها، وأسلمت روحها. ثم ارتجل هذا الجني اللعين قصيدة عصماء، أثبتها أبو العلاء في رسالة الغفران، تباهى فيها بمقدرته الفائقة في ترويع بنات الأرض، من أتراب قرطبة، الى فتيات الصين، والى سوداوات الزنج، وحسان الروم والترك والسقلاب (أي الصقالبة الروس)، الخ. ولولا ضيق المكان لنقلت اليكم بعضاً من أبيات هذه القصيدة العصماء.

     

    وهذا التلون والتشكل يمارسه الغيلان أيضاً. قال كعب بن زهير: «فما تدوم على حال تكون بها/ كما تَلَوَّن في أثوابها الغول». والغول هو الداهية أيضاً، عند أجدادنا العرب. وهو الحرب أيضاً. قال الراجز: «والحرب غولٌ أو كشبه الغول/ تُزف بالرايات والطبول». لكنني علمت أن الغول كائن عراقي أباً عن جد، فهو بالسومرية Gallu، وكانت الكلمة تقال للعفريت عندهم.

     

    والغول في المظان العربية اسم لكل شيء من الجن يعترض طريق المسافرين، ويتلون في ضروب الصور والثياب، ذكراً كان أو أنثى. أما السعلاة، فهي «الواحدة من النساء الجن اذا لم تتغول لتفتن السُفّار (أي المسافرين)». وأذكر أن أمهاتنا حين كُنَّ يُردن إخافتنا (في طفولتنا)، يقلن لنا: «أنا السعيلو، بَيُمَّةْ/ آكل بعيلو، بَيُمِّةْ!».

     

    هذا ما كان من أخبار الجن في قديم الزمان. ويفهم من ذلك أنهم كانوا موجودين في معظم بلاد العالم، بما فيها ميسوبوتاميا، وبلاد العرب طبعاً، ورومية (أي روما)، التي أعارتنا الكلمة، أعني «الجن». ثم تواروا عن الأنظار، ابتداءً من أيام العباسيين، حيث شك المعتزلة في وجودهم، كما سبقت الإشارة الى ذلك، وكذلك الجاحظ (وهو معتزلي، كما تعلمون)، وابن سينا. أما الفارابي فقد تهرب من اعطاء رأي قاطع حول وجودهم أو عدمه. ونحن لا نلومه، لأن أمرهم التبس علينا.

     

    ودليلنا في ذلك اختباؤهم في الراديو، وظهورهم المضلل للحواس والعقول في التلفزيون. ولعل أكثر ما يدعونا الى اعادة النظر في موقفنا الشاك في وجودهم، ما يترامى الى أسماعنا من حوادث عجيبة تقع في العراق اليوم، يتعذر أو يصعب نسبتها الى الإنس، وفي واقع الحال، ان عودة الجن الى ديارنا سُجلت في أوائل السبعينات، عندما ظهر جني في بغداد مع فأسه الشهيرة التي روّع بها الناس، بمن فيهم كاتب هذه السطور، ولُقب يومها بـ «أبو طُبَرْ» (والطبر هو الفأس). ولم يصدق الناس يومها، بعد ما زُعم من إلقاء القبض عليه، ان الشخص الذي اعترف على شاشة التلفزيون هو «أبو طبر»، لأن أبا طبر كان يمتلك مقدرة على فك الأقفال المضاعفة تفوق مقدرة (هوديني) الساحر في فكها وهو مربوط بسلسلة من حديد داخل صندوق، وكان من بين المتشككين فيه كاتب هذه السطور أيضاً، على رغم ان القاضي الذي حقق مع الشخص الذي اعترف على شاشة التلفزيون بأنه هو أبو طبر الحقيقي، صديق لي. فمن المتعارف عليه في العراق ان الاعترافات كانت تؤخذ كلها تحت التعذيب (وتحت التعذيب يتنصل حتى كارل ماركس من ماركسيته، ويتخلى روكفلر عن ثروته).

     

    وللحق نقــول إن أثــر الــجن اخـــتفى بعـــد ذلك، مهما كان السبب. ويبدو أنه عاد بصورة مكشوفة وعلى نطاق واسع، كالذي تشهدونه، بعد حرب الخليج رقم (3). وإلاّ فما هو تفسير هذا الوجود الشبحي لأمة أخرى بين ظهرانينا، تشن حرباً شعواء علينا وتقاتلنا بأجسام هوائية لا مرئية؟ وأدهى ما في الأمر ان الخلق اختلط علينا، فلم نعد نستطيع التمييز بين الإنس والجن الآن، وتلك هي الداهية الدهياء.

     

  11. ماذا بعد غياب الزرقاوي ؟

    فوزي زيدان الحياة - 01/07/06//

     

    يتبادر الى الأذهان بعد القضاء على أبي مصعب الزرقاوي السؤال الآتي: هل ستتوقف العمليات الارهابية في العراق، ويعمّ الوفاق بين المجموعات المتناحرة؟ أم أن غيابه كوجوده ظرفي، تستمر من بعده المواجهات بين العرب السنّة والشيعة، ليثبت كل طرف وجوده ويرسخ مواقعه في الدولة الجديدة؟ فالشيعة الذين حُرموا من المواقع الرئيسة في الدولة العراقية الحديثة منذ قيامها عام 1920 حتى الاحتلال الأميركي، أتى سقوط نظام صدام هدية كبيرة لهم، للإمساك بمفاصل الدولة والاستئثار بالقرار الوطني، ثأراً لما أصابهم من تسلّط وتغييب في العقود الماضية. وتحالفوا مع جيش الاحتلال في سبيل ترسيخ موقعهم المستجد، وتعامل الأميركيون مع الأكراد بخصوصية، وثبتوا الكانتون الخاص بهم في الشمال، يديرون شؤونه باستقلالية تامة، ويُعتقد بأنهم ضايقوا السنّة وساندوا الشيعة للسيطرة على بقية العراق، ولما واجهوا مقاومة شديدة من العرب السنّة، تحوّلوا نحو انشاء كانتون خاص بهم. يطالب قادة الشيعة علناً بإقامة اقليم خاص بهم، يشمل وسط العراق وجنوبه، ويمتد من بغداد الى الخليج العربي. ويعتبر السيد عبدالعزيز الحكيم رئيس «المجلس الأعلى للثورة الإسلامية»، ان «إقامة إقليم جنوب العراق ووسطه امتياز عظيم وأكبر الحلول الناجحة لإصلاح واقع العراق ونيل الحقوق». يسيطر على القرار السياسي للشيعة رجال الحوزات الدينية وعلى رأسهم المرجع الأعلى لديهم السيد علي السيستاني، والقيادات المدنية للقوى والأحزاب الشيعية المنضوية في «الائتلاف العراقي الموحّد» الذي يشكّل الجسم السياسي للشيعة. وفي مقابل مطالبتهم بالكانتون الخاص بهم، يعتبر السنّة والعلمانيون الشيعة الفيديرالية خطوة نحو تقسيم العراق، وإقصائه عن محيطه العربي، وإلغاء دوره القومي، ويتمسكون به وطناً موحداً.

     

    ويدعم الأميركيون اقامة دولة فيديرالية في العراق، لأنها تتماشى مع سياساتهم في اضعافه وتفتيته. ومن أجل بلوغ هذا الهدف كان لا بدّ من وجود قيادة سنّية متعصّبة ومتشنجة كالزرقاوي، تعمل لتنفيذ هذا المخطط التقسيمي، بحجة اعادة الاعتبار الى السنّة والحفاظ على وجودهم وكيانهم.

     

    وتتطلب اقامة كانتون سنّي، تحديد حدوده وتأمين مصادر التمويل اللازمة لديمومته، إما من واردات النفط في مدينة كركوك بعد تثبيت هويتها العربية، أو تقاسمها مع الأكراد في حال ضُمت المدينة الى الكانتون الكردي، أو مع الشيعة الذين توجد حقول النفط بوفرة في مناطقهم، أو من بيع مياه الأنهار التي تمر في «المثلث» السنّي. ويعود تحرك السنّة الى دفع الظلم الذي تعرضوا له من المحتل الأميركي، بتسريحهم من الجيش وملاحقتهم بحجة الانتماء الى حزب «البعث»، علماً أنهم عانوا كغيرهم من العراقيين جبروت صدام وتسلّطه، ومن شيعة صبّوا غضبهم عليهم، انتقاماً للقهر الذي عانوه من صدام، فنكّلوا بكثيرين منهم، وحرموهم من حقوقهم، بعدما سيطروا بموافقة الأميركيين وتشجيعهم، على مواقع الدولة، ما ولّد لدى السنّة الغضب من الطرفين، فقاوموا الجيش الأميركي المحتل دفاعاً عن استقلال العراق وعروبته، والشيعة خوفاً على مصيرهم، ودرءاً لتهميش دورهم الوطني.

     

    عندما جاء الزرقاوي الى العراق، كان هدفه المعلن محاربة الأميركيين و «طردهم من بلاد المسلمين». واستحوذ إعلامه وإرهابه على الساحة العراقية، خصوصاً بعدما أعلن قيام تنظيم «قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين»، وهو رافد مستقل من تنظيم «القاعدة». وغابت عن الإعلام عمليات المقاومة الوطنية ضد الأميركيين التي ينفذها عرب سنّة من أبناء العراق، والتجاوزات والانتهاكات التي ترتكبها ميليشيات شيعية (فيلق بدر وجيش المهدي) بعد اندماجها في المؤسسات العسكرية والأمنية، ضد العرب السنّة. وبات حالة يومية اغتيال أبرياء وتصفية معتقلين في السجون العراقية.

     

    بدأ الزرقاوي عملياته ضد الأميركيين، وعندما استقرت له الأمور، بدأ يمارس الأعمال الإرهابية من قطع رؤوس بلا هوادة أو رحمة، وسفك دماء بريئة وتأجيج الحرب المذهبية. واستطاع اجتذاب بعض الشبان الى معتقداته، وهي أفكار متحجرة غير متسامحة تروّج زوراً أن ما يرتكبه تنظيم الزرقاوي هو في سبيل الدين.

     

    كان الزرقاوي ظاهرة وحظي بشعبية لدى بعض الجماعات في العالم العربي، لمحاربته جيش الاحتلال الأميركي. وأدّى تعاطفها معه الى دفعه لارتكاب مزيد من المجازر والأعمال الإرهابية، وتحويل أرض الرافدين الى أرض الخراب والمذابح والسيارات المفخخة والفتن الطائفية.

     

    وحاول الزرقاوي مدّ نفوذه الى لبنان والتدخل في شؤونه والتأثير في مجريات الأمور فيه، من خلال البيانات التحريضية والتهديدات لبعض المرجعيات الدينية والسياسية الشيعية، بهدف إثارة الفتنة بين المسلمين اللبنانيين، واذكاء التشجنات والتوترات المذهبية التي ظهرت بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وكان لتدخّل القيادات الروحية والسياسية الرئيسة للطائفتين الإسلاميتين، الأثر الكبير في تهدئة الأوضاع واطفاء نار الفتنة قبل اندلاع حريقها في البيت الإسلامي، وقبل أن تتمكن ثقافة الزرقاوي من السيطرة على العقول الضعيفة. ماذا كان الهدف الحقيقي للزرقاوي؟ هل كان مجاراة الأميركيين وغالبية الشيعة في اقامة كانتون سنّي في العراق؟ أو إقامة امارة له، تكون منطلقاً لإنشاء دولة «القاعدة»؟ الأكيد أن الحرب المذهبية التي ساعد في تأجيجها، وأدّت الى الشرخ الإسلامي الواسع والتهجير المتبادل بين السنّة والشيعة، كانت بهدف تحديد حدود دويلته.

     

    بين التساؤلات الأخرى: هل كان مقتل الزرقاوي نتيجة معاودة الأميركيين حساباتهم ومراجعة سياساتهم في العراق، بعد تقويم نتائج أعمالهم خلال السنوات الماضية؟ وهل بدأوا بتهدئة الأمور، خوفاً من تداعيات النفوذ الإيراني في العراق وتمكّنه منه؟ هل سيؤدي مقتل الزرقاوي الى فرض متغيرات على الوضع الميداني في العراق، تنعكس على صورة تنظيم «القاعدة» عبر تكثيف العمليات ضد الجيش الأميركي، وتخفيفها على المدنيين؟ هل يستعيد السنّة السيطرة على مناطقهم، ويتسلمون زمام الأمور فيها، ويتفاوضون مع الحكومة الحالية لتحقيق مطالبهم، وبذلك تضعف «القاعدة» وتتلاشى أعمالها الإرهابية بعد أن تفقد الغطاء المحلي لها؟ وهل يطوي موت الزرقاوي ملف الفتنة في العراق، ويفتح الأبواب للمصالحة الوطنية؟ وهل تعتبر دعوة رئيس الوزراء نوري المالكي الى المصالحة مع المسلحين السنّة، خطــوة في هذا الاتجـــاه؟

     

    ان الحل في العراق، كما في لبنان ودول أخرى عربية يكمن في إقامة الدولة المدنية القادرة والآمنة، على أسس العدالة والمساواة وكفالة الحريات، واعتماد الديموقراطية الصحيحة، بعيداً من الأجواء العرقية والطائفية، وأن يتولى العلمانيون قيادة العمل الوطني وادارة شؤون الدولة، ويبتعد رجال الدين عن التدخل في الشؤون السياسية، ويوجهوا جهودهم نحو الإرشاد الروحي وبث روح الإلفة والمحبة بين كل شرائح المجتمع.

     

     

    كاتب لبناني

  12. المالكي يبدأ في السعودية جولة خليجية تقوده الى الكويت والامارات ... السيستاني يرحب بالمصالحة والصدر و «العلماء» يرفضانها

    بغداد , لندن - مشرق عباس الحياة - 01/07/06//

     

    يبدأ رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، في السعودية، جولة خليجية تقوده الى الامارات والكويت، لشرح مبادرته للمصالحة الوطنية، فيما برزت خلافات شيعية - شيعية حول المبادرة، إذ رفضها الزعيم الشاب مقتدى الصدر، وأيدها المرجع آية الله علي السيستاني، كما رفضتها «هيئة علماء المسلمين».

     

    الى هذه المواقف المعلنة عن المبادرة، برزت أمامها عقبة أخرى، فالرافضون يطالبون رئيس الوزراء بالاعتراف بالمقاومة، ويعتبرون ذلك اساس نجاحها، فيما يطالب مؤيدوها، الفصائل المسلحة (المقاومة) بكشف نفسها، قبل الاعتراف بها طرفاً في اي حوار.

     

    وأعلن وزير الدولة لشؤون الحوار الوطني اكرم الحكيم ان المالكي سيناقش خلال جولته امكان مساهمة السعودية والكويت والامارات في دعم مشروعه للمصالحه.

     

    واكد الحكيم ان الحكومة «يحدوها الامل في الحصول على دعم الدول العربية لعملية المصالحة». وأضاف ان «هناك دولة خليجية كانت تعطي دعما ماليا لبعض المجموعات (المسلحة) أوقفته ودعت هذه المجموعات الى استثمار مبادرة رئيس الوزراء» والانخراط في حوار مع الحكومة.

     

    وكان المالكي شدد في تصريحات ادلى بها الاربعاء عبر تلفزيون العراقية على ان مبادرته تتضمن «بعداً مهماً» يتمثل في الحوار مع الدول العربية ودول الجوار لكسب دعمها وتأييدها لخطط حكومته.

     

    وأقر وزير الدولة لشؤون الحوار الوطني بأن «معظم المجموعات التي اتصلت بالحكومة عبر وسطاء ومن بينها مجموعات تضم ضباطا سابقين في الجيش العراقي المنحل لا يمكن قياس درجة قوتها ونفوذها في الواقع». غير انه اضاف ان «من بينها مجموعة واحدة مهمة».

     

    في الكوفة، أعلن الصدر في خطبة الجمعة رفضه المصالحة مع الاميركيين. وقال: «أرفض رفضاً قاطعاً المصالحة مع ثلاث شعب هي اميركا والنواصب (من نصب العداء للشيعة) والعفالقة البعثيين»، نسبة الى مؤسس حزب البعث ميشال عفلق.

     

    وطالب بـ «خروج المحتل او جدولة انسحابه وعدم التمديد لبقائه»، مؤكداً وجوب «تفعيل اجتثاث البعث وإعدام قائدهم» صدام حسين، ما يعني رفض مبادرة المالكي ضمنياً.

     

    كما طالب الحكومة بـ «الافراج عن المعتقلين الشرفاء من المقاومة الشريفة ممن وقفوا وقفة العز في محافظة النجف وباقي محافظات العراق»، في اشارة الى اتباعه الذين خاضوا معارك كبيرة ضد القوات الاميركية.

     

    من جهته رحب الشيخ عبد المهدي الكربلائي، ممثل السيستاني بمشروع المصالحة الوطنية.

     

    وقال: «نود ان نعبر عن ترحيبنا على نحو الاجمال باي خطوة تؤدي الى تخفيف حدة التوتر في بلدنا الجريح العراق (...) وتساهم في تخليص البلد من عمليات العنف والقتل والتعذيب للمواطنين الابرياء وتهجير العائلات القسري، حتى عاد اهل البلد غرباء في وطنهم وباتت التركيبة الاجتماعية لهذا الشعب مهددة بالتمزق والتفتت». وأكد ان «هذه الخطوة (المبادرة)، انما يعبر المواطن عن ترحيبه بها وتطلعه من خلالها الى تخليصه من الازمات التي يمر بها بلده وشعبه».

     

    الى ذلك، اعلنت «هيئة علماء المسلمين» التي تتمتع بنفوذ واسع في الاوساط السنية أمس رفضها المبادرة. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن الناطق باسم الهيئة حارث الضاري قوله: «اننا نرفض المبادرة» واعتبرها مجرد «حملة علاقات عامة لتلميع صورة الحكومة»، مؤكدا في الوقت ذاته ان «فصائل المقاومة الرئيسية» رفضت المبادرة في بيانات نشرتها على مواقعها على شبكة الانترنت.

     

    وأضاف ان «ما اعلنه المالكي ليس فيه الحد الادنى اللازم كي يوصف بالمبادرة والتفسير الجديد الذي اعطاه (رئيس الوزراء لخطته) والذي استبعد فيه من قاتلوا ضد الاميركيين نقض المبادرة تماما، وافرغها من اي مضمون»، موضحا انها لم تتطرق الى مسألة الجدول الزمني لانسحاب القوات الاجنبية من العراق.

     

    الى ذلك، يشكل مطلب معارضي المبادرة الاعتراف بالمقاومة عقبة رئيسية أمام تفعيلها، ونقطة خلاف أساسية بين سائر الأطراف.

     

    وتتباين الاراء حول هذا موضوع حتى داخل الكتل السياسية ولا تخضع لظاهرة الاستقطاب السياسي، فالتيار الصدري وهو جزء من «الائتلاف» الشيعي يعترف بالمقاومة ممثلة بالقوى التي «لم تتلطخ ايديها بدماء العراقيين» بحسب فلاح شنيشل، رئيس الكتلة في البرلمان، الذي يرى ان التيار قاوم الاحتلال ثم انضم الى العملية السياسية»، مؤكداً «وجود قوى ما زالت تقاوم ولا بد من الاعتراف بها».

     

    وتبدو وجهة النظر الكردية اقرب الى محاولة الجمع بين وجهات النظر المختلفة من دون التزام رؤية محددة وربما كان سعي الرئيس جلال طالباني الى فتح حوار مع جماعات مسلحة يندرج ضمن مسعى التوسط بين الفرقاء بعدما ساهم في الوصول بالعملية السياسية الى ما وصلت اليه.

     

    المجموعات المسلحة من جهتها ترى ان الاعتراف بها احد الشروط التي لا يمكن التنازل عنها. وتؤكد «كتائب ثورة العشرين» في بيان رفضت فيه مبادرة المالكي، ان «التعامل مع المقاومة باعتبارها ارهابا او في أحسن الحالات مجموعة خارجين عن القانون لا يمكن ان يكون منطلقا للحوار».

     

    والمنطق نفسه حكم بيانات جماعات مسلحة اخرى، رداً على المبادرة منها «جيش المجاهدين» الذي أعلن في بيان امس ان «المقاومة هي الممثل الشرعي للشعب العراقي». والقيادة العامة للقوات المسلحة «التي اكد بيان لها ان تجاوز الاعتراف بالمقاومة يشكل التفافا على الثوابت الشرعية والدولية التي منحت الشعوب حق مقاومة الاحتلال». فيما ذهب بيان لـ «الجيش الاسلامي» الى ان المقاومة ليست في الاساس في حاجة الى اعتراف احد وانها انتزعت الاعتراف الرسمي بحجم الدمار الذي ألحقته بالمشروع الاميركي الذي كان مهيأً للعراق والمنطقة والعالم».

     

    وتندرج ردود الفعل الشعبية في الاطار ذاته، إذ تنقسم الآراء بين مؤيد للاعتراف بالمقاومة ورافض لذلك. وقد خرجت عصر الخميس في الناصرية تظاهرة مسلحة نظمها تجمع «ثوار الانتفاضة» انطلقت من جسر خيون للاحتجاج على مبادرة المالكي، خصوصا ما يتعلق بالعفو عن المعتقلين الذي اعتبره المتظاهرون «اعترافا بقتلة العراقيين».

     

    أما المالكي الذي اعلن قبل ايام اتصال سبع جماعات مسلحة به في أخذ على محمل الجد البيانات التي تبثها جماعات أخرى ذات ثقل وتدعي ان من اتصل به لا يمثل سوى شريحة محدودة من الضباط السابقين الراغبين في العودة الى مناصبهم. لذلك ينوي رئيس الوزراء بحسب مقربين منه ارسال وفود وتوجيه شخصيات مستقلة لتفعيل المبادرة في المناطق الساخنة، والوصول الى قادة الجماعات المؤثرة عبر التأكيد لها ان المبادرة قابلة للتطوير، ونصوصها خاضعة للنقاش والتفاعل.

  13. نائب الرئيس العراقي: الحرب الطائفية لن تقع

     

    غالبية المقاتلين الأجانب مصريون يليهم السوريون والسودانيون والسعوديون

     

     

    باريس: ميشال أبونجم بغداد : «الشرق الأوسط»

    استبعد عادل عبد المهدي، نائب رئيس الجمهورية العراقي، وقوع حرب طائفية في العراق، فيما أعلن الجيش الأميركي أن غالبية المقاتلين الأجانب في العراق هم من المصريين يليهم السوريون فالسودانيون فالسعوديون.

    وتناول عبد المهدي في حديث لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته الأخيرة الى باريس، مسألة الفرز الطائفي الذي يشهده العراق في بعض المناطق، فرده الى مخططات المتشدد الأردني أبو مصعب الزرقاوي، الذي قتل في غارة أميركية اخيرا، فيما بدايته الحقيقية تعود الى أحداث سامراء وردات الفعل عليها التي كشفت عن «بعد طائفي خطير». غير أن عبد المهدي لا يبدو قلقا لإمكانية حدوث فرز طائفي واسع بسبب التركيبة الاجتماعية والسكانية للعراق، ومع ذلك يعترف بوجود «لعبة ازدواج» في الكلام والمواقف لجهة المسألة الطائفية. وقال «لا يجوز شرعنة الخطأ» أي التستر على الأعمال الطائفية من أية جهة أتت وعلى ردود الفعل عليها، من أجل تحصين العراق ضد الحرب الطائفية التي يستبعد حدوثها بين العراقيين.

     

    ووجه رسالة الى إيران وأميركا قائلا «نقول لإيران إن أي عمل معاد للأميركيين على أراضينا يمس المصلحة العراقية. وللأميركيين نقول: افتحوا حوارا مع الإيرانيين فهذه مصلحة أميركا والعراق وإيران والمنطقة». وقال إنه رغم التحسن الذي يلاحظه العراق في طريقة الرقابة على الحدود «ما زالت سورية معبرا للإرهابيين». من ناحية ثانية، أكد الناطق باسم القوة المتعددة الجنسيات في العراق، الجنرال الأميركي وليام كالدويل، أمس أن غالبية المقاتلين الأجانب الذين يشاركون في هجمات في العراق مصريون. ونسبت إليه وكالة الصحافة الفرنسية قوله في مؤتمر صحافي «إننا نحتجز المئات من المقاتلين الأجانب، ويشكل المصريون العدد الأكبر منهم». وأضاف إن السوريين والسودانيين والسعوديين يأتون في المراتب التالية بعد المصريين. وقال إن خطة المصالحة الوطنية، التي طرحها رئيس الوزراء نوري المالكي، «كسرت الحاجز النفسي» وفتحت الباب أمام العراقيين للبحث في «الممنوعات»، معتبرا أنها تفتح المجال أمام فرز المجموعات المسلحة. واعتبر عبد المهدي أن هذه الخطة «خطوة أولى»، وأن من حق الجميع أن يبدي الرأي فيها.

  14.  

    ماذا جرى بين الرئيس الامريكي بوش ورئيس الوزراء العراقي المالكي؟

     

    هناك اراء كثيرة ومنها ما ذكرته احدى الصحف العربية حيث

     

    ذكرت صحيفة الشرق الاوسط مايلي

     

    بوش للمالكي: التدخل الإيراني يجب أن يتوقف

     

     

    واشنطن: هند ابراهيم ـ عمان: نبيل حمدان وفارس شرعان وسامي محاسنة بغداد: «الشرق الأوسط»

    طالب الرئيس الأميركي جورج بوش, الذي وصل فجأة بغداد امس في ثاني زيارة له للعراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003, بوقف التدخل الإيراني.

    وقالت مصادر عراقية حضرت المحادثات بين بوش ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ان الرئيس الأميركي شدد على أن «تدخل» إيران في العراق يجب أن يتوقف. وقال أحد المصادر لـ«رويترز»: «قال بوش سمعنا تقارير عن أن إيران تتدخل في العراق وهذا يجب أن يتوقف».

     

    ++++++++++++++++++++++++++++++++

    هذا ماذكرته الصحيفة

     

    في ظني ان المسألة قد تكون ان

    الرئيس الامريكي يطلب من المالكي التوسط لدى ايران لحل التوتر بين البلدين، وقد يكون المالكي اكثر الشخصيات المؤهلة للحديث مع ايران ، فهو يمتلك الكثير من الخصائص التي تؤهله كي يقود الوساطة بين الدولتين،

    على كل حال المستقبل سيجيب على هذه التساؤلات

  15. صور الزرقاوي قاتلا... وصريعا،

    الشرق الاوسط،

    ديانا مقلد

     

    سريعاً ما ترافق الخبر العاجل ولاحقاً التغطيات المباشرة لخبر مقتل زعيم تنظيم «القاعدة» في العراق الأردني أبو مصعب الزرقاوي بتكرار بث استمر ساعات لمشاهد شريط الفيديو الذي ظهر فيه الزرقاوي قبل حوالي الشهرين. بقيت صور الزرقاوي الأخيرة التي بدا فيها منتشياً ومهدداً وملوحاً بسلاحه مع حوارييه مسيطرة على الشاشات المحلية والفضائية حتى تم توزيع صورة مكبرة لوجه الزرقاوي بعد مقتله فاستحوذت تلك الصور على الاهتمام كله.

     

    رغم أن المشاهد المتواترة من العراق يومياً تحوي الكثير من عنف الحرب وبربريتها لكن بلا شك فإن صوراً بعينها ستبقى عالقة في ذاكرتنا. من صور سقوط تمثال صدام حسين.. إلى صور نجليه عدي وقصي مقتولين.. إلى صور صدام خارجاً من حفرة.. إلى صور أبو غريب.. وصور كثيرة لجثث مقطعة أو محترقة.. واليوم صورة الزرقاوي قتيلاً.

     

    هذا الرجل الذي اعتبر أسطورة ظهر للعلن في المرة الأولى من العراق وهو يحز رقبة الرهينة الأميركي نيكولاس بيرغ رغم أنه لم يظهر وجهه حينها. فقد اعتمد الزرقاوي ومريدوه سياسة تصوير الضحية تذبح على خلفية صيحات «الله أكبر» من دون أن يظهر وجه الجلاد، مكرسين همجية ما يسمى اليوم في العراق مقاومة.

     

    لكن يبدو أن الزرقاوي لم يستطع أن يقاوم كثيراً نرجسية من يتباهى بحزّ الرقاب وتفجير الأجساد محاولا الاقتباس من معلمه زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، فظهر في شريطه الأخير على نحو حاول فيه تقليد بن لادن ومن ثم تم بثه على شبكة الانترنت. إلا أن سقطة الزرقاوي القاتلة كانت في عدم استفادته من خبرة بن لادن، الذي بات يغير في خلفية صور خطبه، وظهر في عدة أماكن صحراوية سهلت على ما يبدو لعلماء بيولوجيين تحديد مكانه في العراق. ويبدو أن هذا الشريط كان المدخل للوصول إلى الزرقاوي وتحديد رقعة وجوده وبالتالي القضاء عليه بحسب التحليلات المتعلقة بكيفية كشف مكانه.

     

    لا شك أن الزرقاوي هو المثال الأكثر فجاجة للإرهابيين الجدد الذين تمكنوا من الاستحواذ على نفس الأسلحة التي وفرتها العولمة. ورغم الحديث المتكرر عن انجذاب كثيرين إلى هذا النمط العنيف من المواجهة واستفادتهم تحديداً من تقنية الانترنت، ورغم أن عددا من المشاركين في المواقع الأصولية تبادلوا التعازي والرثاء على مقتل من يعتبرونه ملهمهم، أظهرت دراسة حديثة لبعض المتخصصين في الإعلام حقائق مغايرة لما هو سائد في الأذهان. فهذه الدراسة التي بحثت في مواقع الانترنت العربية والتي تشهد إقبالا أكبر من العرب تبين أن أول موقع جهادي حاز رتبة الـ72 من بين المواقع العربية. كما أن أول موقع إسلامي حل في المرتبة الـ34 وبالتالي فإن الحديث عن انجذاب شبان عرب كثيرين للـ«بن لادنيين» والزرقاويين يبدو مبالغا فيه.

     

    إنهم يملكون المال ويتقنون استعمال التكنولوجيا وجميع أدوات الحداثة من كاميرات وانترنت وهواتف، غير أن الهدف يبقى تحطيم هذه الحداثة وهذه العولمة ولو كلف الأمر حياتهم.

  16. المالكي والاختبار البصري

     

    جابر حبيب جابر

     

     

    غالباً ما يقوم الكتاب والمستشارون والباحثون بوضع عدد من المقتربات لمعالجة ازمة، وكذلك مشاهد او سيناريوهات محتملة لها، ثم يناقشون كل احتمال ويصفون ما يثار ضده، ويقترحون الخيارات والاخرى البديلة، ومحاسن كل منها وفي الكفة الاخرى مساوئه، حتى يحار صناع القرار وأولي الامر الذين يطلبون الرأي والمشورة الى اي السبل يذهبون واي القرارات يرجحون، وبدل معاونتهم فإن ذلك يفضي غالباً الى ترددهم وشل ارادتهم.

     

    لذلك سنجرب ان نتجنب ذلك وان نحاول ترجيح حلٍ واحدٍ للمشكل العراقي المتفاقم وفي كل اوجه الحياة الامنية منها والسياسية والاقتصادية ولم تسلم منه حتى الاجتماعية، انه ببساطة وبعبارة واحدة في «عودة هيبة الدولة» .

     

    ان الظروف دفعت الى ان يكون الاختبار الاول لدولة العراق الدائمية دستوراً وحكومة في البصرة، البصرة التي ارتبطت بالفكر في ذاكرة الشعوب الاسلامية والمنجز الحضاري الانساني تأريخياً، فيوم كان للنحو والبلاغة، وهي ام ابداع العرب، مدرستان كانت البصرة احداهما، ويوم كان للاعتزال وهو اكثر التيارات الاسلامية عقلانيةً وثراءً فكرياً ومضموناً انسانياً مدرستان، كانت البصرة احداهما، واستمرت في ان تكون خزانة فكر العرب وحاضرة ابداعهم وادبهم وعلومهم وثقافتهم وفقههم وعلم كلامهم، وصولاً الى ادب العرب الحديث الذي ابت البصرة إلا ان تنتزع ايضاً ريادته، وفي الجانب الاخر من تأريخها القريب فقد انهكتها الحروب التي كانت دائماً ميدانها، وشردت حروب العبث والدكتاتورية ابناءها والتي عاقبتها بحرمانها وهي التي تطفو فوق الثروات ويلتقي فيها نهرا العراق ظلت ظمآنة لماء صالح للشرب، فتطلعت الى ان تعوض عن سنين القهر والتنكيل والطغيان. وإذ يواصل الحرمان والاهمال فيها سيرته، فقد فشلت حكومات ما بعد التغيير ان تعوضها صبرها، ولا الديمقراطية التي ارتوت ولعقود من دماء ابنائها حققت لها الخير والرفاه، فظلت وهي التي تمثل مصدر دخل العراق المتأتي من نفطها تشكو الفقر والحاجة، إذ لم تنجح حكومات العهد الديمقراطي في ان تجعل من هذه المدينة التي تمتلك كل مقومات وفرص النجاح مثالاً واجب الاحتذاء والتطلع لباقي العراقيين، حيث انها تمتعت والى عهد قريب بالهدوء النسبي في الوقت الذي بقيت فيه كثير من مدن العراق تغلي، مع ذلك لم تقم فيها المشاريع ولا شرع بحركة إنماء بل ظلت حظوظها كحظوظ مدن واظبت على تدمير انابيب نفطها والإجهاز على بناها التحتية، فهل كان عسيراً جعل هذه المدينة مثالاً للعراق المأمول؟ وهي التي تعيش بالقرب من قصص النجاح الخليجي، والمفارقة انها رئة العراق على العالم، ولكنها تشكو من ذات الرئة، فكيف يراد لباقي الجسم ان يتعافى؟

     

    لقد طرأت على البصرة ظواهر وامراض لم تألفها بل هي مناقضة لطبيعتها، التي طالما اجمع العراقيون، رغم قلة ما يجمعون عليه، على وصف اهلها بالطيبة والتسامح، واذ يغيب عنها ذلك ويحل الإقصاء بدل التسامح، والخوف والتقتيل والعنف بدل رهافة الروح والمشاعر، وتوقع تمزق بنيتها المجتمعية التي طالما كانت نسيجاً واحدا بمسلميها ومسيحييها، ناهيك من شيعتها وسنتها، فإذا بها تصبح ميداناً لحوادث عنف طائفية مفتعلة، ويحل الرأي الاحادي ويستبدل عنف الدولة بعنف القوى الاجتماعية المنفلتة. لقد هيمنت على مشهدها قوى واحزاب وميليشيات متعددة، باتت لكل منها مصالح ضخمة، وقاربت في سلوكها اساليب المافيات، حيث تعيش وتزدهر على تهريب النفط الذي بات للقوى النافذة اليد الطولى عليه حيث درجت على ممارسة تهريب النفط الخام عبر موانئها وكذلك تهريب مشتقاته، والمتاجرة بها، لمصلحة احزابها وقياداتها المستقوية بأذرع مسلحة، إذ هل يعقل ان يترك بلد مصدر ثروته الوحيدة النفط لثلاث سنين بدون عدادات لضبط كمية المصدر والمباع منه؟

     

    ان تصاعد العنف والاغتيالات والصراعات بين القوى السياسية والمحلية والتي رافقت خطوات تشكيل الحكومة واخذت منحى خطيرا بعدها لدوافع حزبية ومصالح وضغوطات لا يمكن إغفالها، دفعت بالمالكي وكذلك نائب الرئيس الهاشمي، وقبلهما عبد المهدي، الى الذهاب الى المنطقة الساخنة للاطلاع على الامور عن كثب بدلاً عن بعد وعبر الموفدين، لذا فالبصرة تمثل مختبرا مثاليا لقياس نجاح الحكومة الذي يمكن ان ينعكس على باقي العراق وللاسباب التالية: اولاً، ان القوى السياسية المسيطرة على المشهد في البصرة هي القوى الاسلامية الشيعية وهي نفسها التي تمثل الجزء الاكبر من الدولة وهذا من شأنه ان ييسر الحل وايضاً ينزع اي ذريعة من القوى الناشزة، ثانياً، ان غالبية البصرة هي شيعية ونسيجها الاجتماعي منسجم، وان السنة فيها لا يمكن ان يشكلوا لا حاضنة للارهاب ولا بيئة متعاطفة معه، لذا لا يمكن تحميل اي طرف آخر دوافع العنف الطائفي او وزر الفشل، وثالثاً، ان اعادة السيطرة وضبط موارد البلد النفطية وايقاف التلاعب بمقدراته لا يمكن ان تلاقي إلا التأييد، وكذلك تحجيم القوى التي باتت بسبب الفساد تستقوي على الدولة، ورابعاً، ان اعادة السيطرة هناك يمكن ان تصطدم بالنفوذ الاجنبي الحقيقي او المضخم مما يستلزم كبحه، وهذا ما سيعطي المصداقية للتوجهات الوطنية للحكومة، واخيراً فإن البدء في البصرة سيسقط اي دعوات طائفية عند الاتجاه الى معالجة الاوضاع في مدن اخرى، ومن جهة اخرى فإنه سيلقي المسؤولية على القوى السياسية الممثلة لمناطق الاضطراب التقليدي للإتيان بمعالجات مماثلة وإلا سيدب التشكيك الى تمثيلها لشارع لا تستطيع ضبطه.

     

    وعود على بدء فإن مفتاح الحل في البصرة ـ كما هو في غيرها من مدن العراق ـ يظل في قدرة الدولة على إعادة هيبتها التي طال افتقادها.

  17. للترجمة مسخراتها أيضا

    خالد القشطيني

     

     

    كرجل مارس الترجمة لسنين طويلة، مررت بالكثير من مطباتها ومهازلها، بل وسخرياتها ايضا. كلفني يوما ناجي الحديثي (وزير خارجية صدام حسين فيما بعد) بترجمة خطب القائد. وعندما شرعت شركة لونغمان بطبع الكتاب وضعوا اسمي على الغلاف بحروف أكبر من حروف صدام حسين. أثار هذا حفيظة ملحقهم الصحافي فطلب مني الناشر تصحيح العيب فورا. يبدو ان غلطة لونغمان كانت من نوع ما يسمى بالخطأ الفرويدي. فصدام حسين كالعصفور المهلوس في قفص الاتهام الآن، وخالد القشطيني حر ويكتب.

     

    وهذا مقلب ترجماني آخر يدل على مدى تأخرنا عن مواكبة الحضارة، كنا شلة من المترجمين نعمل على ترجمة وثيقة قانونية. توقفنا عند كلمة Container في النقل البحري، وكانت كلمة جديدة ظهرت بظهور استعمال الحاويات، رحنا نتناقش بانتقاء مرادف لها بالعربية، اقترح أحدنا كلمة «حاوية» واقترح آخر كلمة خازنة وهلمجرا. كنا نستمع لنشرة الاخبار واذا بنا نسمع المذيع يتكلم عن اضراب عمال الموانئ بسبب شيوع أسلوب Containerisation، انفجرنا بالضحك. العرب يحاولون العثور على مرادف لكونتينر والانجليز لحقوا يصرفون الكلمة ويستخرجون منها فعلا وفاعلا ومفعولا به.. الخ

     

    بيد ان طرائف الترجمات تتوالى عند محاولة المترجمين القيام بترجمة حرفية، وهو ما وقع به أحد الصحافيين العراقيين عندما أشار الى شغف الملكة اليزابيث بأكل النقانق المعروفة بالهوت دوكز، فقال ان ملكة بريطانيا تحب أكل الكلاب الحارة.

     

    ولا لوم عليه، فاللوم يقع على الامريكان، فعندما كانوا في فيتنام، استطاب جنودهم أكل نوع من النقانق هي في الواقع من لحم الكلاب (سكان شرق آسيا يأكلون الكلاب ويعشقون لحمها) وعندما سألوا الباعة عن هذه النقانق اللذيذة اجابوهم بأنها لحم كلاب. فعادوا الى بلادهم وراحوا يسمون كل النقانق المقلية بأنها هوت دوكز.

     

    يروي الدكتور عبد العزيز داغستاني، عندما كان رئيس تحرير مجلة عالم الاقتصاد، أن أحد المترجمين قام بترجمة مؤسسة النقد العربي السعودي الى Saudi Arabian criticism Establishment وشرع مترجم آخر بترجمة نص قانوني تضمن عبارة «ظروف قاهرة» فترجمها الى Cairo Envelopes.

     

    يقع في مثل هذه الأخطاء باستمرار اللاجئون والسياح العرب نتيجة محاولتهم الترجمة الحرفية لما يعرفونه بلغتهم العربية كذلك الزائر الحديث للندن الذي أصيب بالاسهال فذهب للطبيب وقال له My Stomach Is Walking، وهي الترجمة الحرفية لبطني تمشي، فقال له الطبيب: تمشي الى أين؟ وعلى الجانب الآخر يقع المتعلمون في خطأ الاعتماد الأعمى على القاموس فيختارون المرادف الذي لا ينطبق على الحال. كصاحبنا الذي ترجم عبارة «الأقمار الصناعية العربية» الى Arab Industrial Moons.

  18.  

    في ظل برنامج حكومة المالكي.. إلى أين يتجه العراق أمنيا؟

    جابر حبيب جابر، الشرق الاوسط

     

     

    انطلاقا من الايمان بأن ما يعيشه ويشهده العراق في ظل هذه الظروف الصعبة هو ليس قدرا محتوما على الانسان العراقي الذي أصبح رهين دوامة العنف والارهاب التكفيري والتي وجدت لنفسها دفعا قويا جعلها أكثر شراسة في الايام الاخيرة بسبب الرؤى المتباينة بين الكتل البرلمانية حول افضل السبل لمعالجة اكثر الملفات تعقيدا، وهو الملف الأمني الذي اصبحت ادارته وتوليه والاشراف عليه عرضة للمهاترات السياسية التي لا طائل منها سوى مزيد من دماء الضحايا من المدنيين الابرياء الذين اصبح جل همهم الحصول على لقمة العيش التي يسعون اليها صباح كل يوم، فإذا بهم يعودون الى اهلهم اشلاء مزقتها وحشية ودموية الارهاب التكفيري الذي يستهدف الفقراء لإنسانيتهم ولحبهم أكل رغيف الخبز من عرق جبينهم، ويستهدف الأغنياء أيضا لوفرة أموالهم ولقدرتهم على دفع جزء كبير من الاموال التي تذهب لشراء ادوات القتل البشعة من نفوس مريضة ومتفجرات واسلحة وسيارات وغيرها.

     

    لا نبالغ اليوم اذا ما قلنا ان مصير البلاد ومستقبلها معلقان بآلية ادارة الملف الأمني ومدى فاعلية وجدية ووطنية من سيشرف بشكل مباشر وغير مباشر عليه والذي لا يمكن النجاح فيه وإدارته بما يتلاءم وحجم التحديات الأمنية الخطيرة التي تمر بها البلاد ما لم يتوفر إجماع سياسي وشعبي حول سبل معالجته، وإرادة قوية وعزم شديد ورغبة صادقة لا تعرف الضعف والابتعاد عن الكذب والرياء والنفاق والاقنعة الزائفة في طرح تصورات ومعالجات للملف الأمني لا تمت الى الواقع الميداني بصلة.

     

    لذا ينبغي إدراك حقيقة مهمة، وهي ان تأييد حكومة المالكي ودعم برنامجها السياسي من قبل القوى السياسية التي اشتركت فيها يجب أن يأخذ مستويات عدة رسمية وشعبية في الوقت نفسه، وبخلاف ذلك فإن الحكومة «ستظل ضعيفة من دون اصطفاف الشعب ومكوناته خلفها»، كما وصفها المالكي.

     

    ففيما يتعلق بالأمن، قدم المالكي التزاما صريحا بنبذ العنف وإدانة منهج التكفير بشكل واضح وصريح، والإرهاب بكل أشكاله، والاصطفاف لمكافحته وتطبيق قوانين مكافحة الإرهاب بشكل فعال، هذا فضلا عن التزامه بمعالجة الملف الأمني من خلال خطة متكاملة ذات محاور أمنية واقتصادية وسياسية وإجتماعية وغيرها وإيقاف عمليات التهجير القسري التي أصبحت تمثل خطرا لا يمكن السكوت عنه.

     

    هذا ناهيك عن تعهد المالكي بحل الميليشيات المسلحة وإبقاء السلاح بيد الدولة وإشارته الى إمكانية التمسك بجدول زمني وموضوعي لانسحاب تدريجي للقوة متعددة الجنسيات، وهو ما قد نشهده في الاشهر القليلة القادمة فضلا عن تسلم القوات الأمنية العراقية المهام الأمنية كاملة بعد اصلاحها على اساس المهنية والولاء الوطني، ما قد يطمئن القوى السياسية الاخرى التي ترى ان دور هذين العاملين، الميليشيات والاحتلال، في الحيلولة دون استقرار الوضع الأمني لا يقل خطورة عن المجاميع الارهابية التكفيرية التي يسعى المالكي الى عزلها من خلال تأكيده على تمسك حكومته بإجراء حوار «مع من لديه استعداد للتخلي عن السلاح»، وهو بذلك يعمل على فتح قناة منافسة سياسية مشروعة بين القوى السياسية التي اشتركت في الحكومة والخارجة عنها لجذب كل من يتخلى عن العنف الى المشاركة في العملية السياسية لتوسيع قاعدة الاشتراك فيها بما ينسجم مع الدستور، ويبنى عراقا حرا تعدديا اتحاديا ديمقراطيا، وبروح المصالحة والمصارحة، حسب ما جاء في البرنامج الحكومي.

     

    ولكن هذه النية لا تخفي حقيقة ان لدى المالكي رغبة في أن يكون له الدور الاهم في إدارة الملف الأمني والاشراف عليه بما يمتلكه من علاقات جيدة مع الجميع وروحية المواجهة لأعقد الظروف وأخطر المشكلات، وهذا ما يتضح من خلال أدائه في الفترة الماضية، لا سيما بعد تأكيده انه سيلجأ الى إجراءات عسكرية وأمنية يستخدم فيها أقصى درجات القوة في مواجهة الارهاب والارهابيين والقتلة الذين يتسببون بسفك الدماء.

     

    ولكن ربما سيصبح الوضع الأمني مأساويا اذا ما التقت في زعزعته مصالح القوى السياسية التي اشتركت في العملية السياسية بهدف تعديل مسارها وتقويمها وتلك التي ما زالت تعتقد ان كل من اشترك فيها هو خائن ومرتد وعميل يجب قتله لأنه أصبح جزءا من مشروع المحتل في البلاد، وللأسف فإن هذا الخطاب ينسجم مع آراء بعض أعضاء مجلس النواب الذين ما يزالون مصرين على موقفهم المغازل للجماعات المسلحة، الا ان المشتركات بين الخطابين تبدو مؤهلة لتوفير الارضية الملائمة بالنسبة للاطراف التي اكتشف بعضها بعد اعلان الحكومة ان تولي وزراة الدفاع من قبل شخصية مستقلة وكفؤة وتحظى بإجماع وطني سيعرضه للتهميش وسيكون هو الطرف الخاسر في العملية السياسية التي لم يشترك فيها الا من اجل الضغط لاسترداد الامتيازات والمناصب والمكاسب التي حظيت بها في النظام السابق والتي من أهمها امتلاكها لخبرة عسكرية محكومة بايديولوجية عسكرية ترى بأن المؤسسة العسكرية هي الجهة الوحيدة التي تمتلك ورقة الضغط الفاعلة في تحقيق مكاسب سياسية، وان السياسة قضية خطيرة وجدية إلى الحد الذي لا يمكن تركها للسياسيين وحدهم من دون ان يكون للعسكريين دور في رسم معالمها، وهو أمر يعبر عن سذاجة سياسية لا تقيم وزنا للمتغيرات الدولية والاقليمية والمحلية التي كان لها دور محوري في عملية التغيير التي شهدها العراق.

     

    إننا على يقين ان الخيارات أمام الخروج من هذا الظرف المرحلي مرتبطة الى حد بعيد بمدى فاعلية القوى السياسية بالالتزام ودعم حكومة المالكي، لا سيما فيما يتعلق بالملف الأمني الذي يعتبر ميدان الاختبار الاول في مدى جدية القوى السياسية السنية التي اشتركت في العملية السياسية والواثقة على ما يبدو من قدراتها التي هي على المحك اليوم في العمل على إيقاف دوامة العنف من خلال توليها مسؤوليات مهمة في إدارة الملف الأمني كنائب رئيس الوزراء للشؤون الأمنية، وتقديمها مرشحا مستقلا لوزارة الدفاع، ولذا فإنها أصبحت اليوم عاملا رئيسيا ومتغيرا مهما في تحقيق الأمن والاستقرار وايقاف حالة التداعيات الخطيرة التي يشهدها الوضع الميداني في مناطق متعددة من العراق.

     

    وقد يكون هذا الكلام صحيحا في حال استطاعت هذه النخب السياسية ترسيخ قناعات سياسية وتثقيف مؤيديها بضرورة الإيمان المطلق بنبذ العنف والارهاب والتكفير وتأييد العملية السياسية والتحول الديمقراطي والتمسك وبشكل كامل بحرفية ومهنية القوات الأمنية الوطنية من أجل التصدي لمجاميع الإرهاب اللاإنسانية والقضاء عليها، أيا كانت هويتها أو منطقتها، وهذا ما يعزز من ثقتنا المطلقة بقدرة الانسان العراقي على تجاوز الظرف الحالي الى مستقبل أفضل ينعم فيه الجميع بأمن وسلام.

     

     

    المالكي أحرج العرب

     

    عبد الرحمن الراشد

     

    عاتب الرئيس العراقي جلال طالباني الحكومات العربية على تقاعسها عن تهنئة رئيس الوزراء العراقي الجديد نوري المالكي في مقابل ايران التي ارسلت وزير خارجيتها للتهنئة، وبريطانيا التي طار رئيس وزرائها شخصيا مهنئا المالكي كأول رئيس وزراء عراقي منتخب بشكل دائم.

     

    ولا يخفى على الرئيس طالباني الحرج الذي سببه انتخاب المالكي للمنطقة لسبب واحد لا يصرح به عادة بخلاف ما يشاع عن عدم رضا دول المنطقة من التدخل الايراني في الانتخابات، وميول رئيس الحكومة تجاه طهران، او انهم ضد الوجود الاميركي في العراق، في وقت ان الاميركيين موجودون عسكريا في دول عربية أخرى ولم يحتج أحد عليها. الإشكال الذي صدم معظم انظمة المنطقة ان المالكي عمليا اول رئيس وزراء عربي منتخب بشكل حقيقي في المنطقة العربية. وهي منطقة مضطربة سياسيا تداوى بالمسرحيات الديمقراطية، تحاول بعضها اخراج اشكال من الانتخابات تأتي بالنتيجة المطلوبة رسميا، مدعية انها جاءت بتعبير شعبي عبر صناديق الاقتراع.

     

    معظم الحكومات ليست متحمسة للتجربة السياسية العراقية، بما فيها ايران نفسها، التي تمارس انتخابات انتقائية تقوم على اقصاء الخصوم. بعض الحكومات في الشرق الأوسط ترى ان التجربة العراقية تشكل لها تحديا لأن انتخاباتها كانت حقيقية وعلنية امام ملايين العرب. وجاءت بنتائج مكروهة حتى لمن صممها، مثل واشنطن، لكنها في النهاية هي رغبة الناس واختياراتهم.

     

    معظم الدول العربية تقدم رجلا وتؤخر اخرى عند التعامل مع الموضوع العراقي في انتظار ما ستسفر عنه مرة الانتخابات، ومن سيكسب جولة العنف، فتؤجل التعامل مع ما يستجد في بغداد، والسؤال الى متى تؤجل؟ العراق بلد مهم رغما عنا، ولا مناص من التعامل معه بشكل مباشر، لا بالنيابة من خلال الاميركيين او العرب او الايرانيين. في بغداد حكومة جديدة ولدت في مخاض عسير وهي حكومة ستدير البلاد الى اربع سنين أخرى، ليست مؤقتة ولا ناقصة. من مصلحة الجميع إعطاء كل الدعم المعنوي والدبلوماسي للحكومة الجديدة لأنها باقية اكثر مما يظن ابو مصعب الزرقاوي ويتمنى البعثيون الرافضون. سترحل القوات الاميركية، وستنتهي كتائب القاعدة، وستفلس القوى المعارضة المسلحة، وستبقى حكومة المالكي. أما موقف الجامعة العربية المتخاذل دائما مع الرغبة الشعبية العراقية العارمة فليس جديدا، ويعبر فقط عن هزال هذه الجامعة ومواقفها السلبية في القضايا الكبرى، من دارفور الى بغداد. الحقيقة الأكيدة ان اصلاح العراق، رغم ضخامة مآسيه، سيكون أهون من اصلاح الجامعة. سيصلح العراق وستبقى الجامعة مؤسسة كلامية عاطلة عن القيادة.

  19. معلومات عن اطلاق الديبلوماسي الاماراتي المخطوف والقائم بالاعمال استدعي الى أبوظبي ... حكومة المالكي اليوم أمام البرلمان ووزيرا الدفاع والداخلية بـ «الوكالة»

    بغداد الحياة - 20/05/06//

     

    أكد رئيس الوزراء العراقي المكلف نوري المالكي انه سيمثل مع حكومته أمام البرلمان اليوم لنيل الثقة، وأنه تجاوز عقبة وزيري الدفاع والداخلية بتعيين وزيرين بالوكالة. وكانت «حرب الوزارات» اشتدت، وبرزت عقبات جديدة أمام المالكي بعدما اعترضت «جبهة التوافق» السنية برئاسة عدنان الدليمي و «القائمة الوطنية العراقية» بزعامة اياد علاوي، على بعض الحقائب، فيما كان لافتاً اعلان «حزب الفضيلة» تأييده «المطلق» لتشكيلة الحكومة التي يتوقع ان يعلنها المالكي اليوم.

     

    على صعيد آخر، افادت معلومات ان خاطفي الديبلوماسي الاماراتي ناجي النعيمي أفرجوا عنه.

     

    وأعلن الدليمي اعتراض «التوافق» على مرشحي وزارتي الدفاع براء الربيعي والداخلية نصر العامري، محذراً من ان «المالكي سيواجه أزمة إذا لم يستبدلهما».

     

    وطالبت قائمة علاوي «باستبدال وزارة حقوق الانسان بوزارة التجارة»، معتبرة ما أسند اليها من وزارات «هزيلاً لا يمكن قبوله»، ومشيرة الى انها «تنازلت أكثر مما ينبغي».

     

    وفي خطوة مفاجئة، أعلن «الفضيلة» الذي كان أعلن غير مرة انه سيعارض الحكومة بعد انسحابه من مفاوضات تشكيلها، تأييده «المطلق» للمالكي. وأوضح حسن الشمري عضو «الفضيلة» ان «تأييدنا يهدف الى إزالة الصعوبات التي من شأنها اعاقة تحقيق الاستقرار للبلد».

     

    أمنياً، أطلق مسلحون أمس النعيمي بعد ثلاثة ايام على خطفه، شهدت صدور بيانات إدانة ومناشدة عربية وعراقية، وقال محمد النعيمي شقيق الديبلوماسي المخطوف لوكالة «اسوشييتد برس» ان الحكومة الاماراتية ابلغت عائلته ان المسلحين أطلقوه وانه في طريقه الى السفارة، لكن لم تتوفر معلومات أخرى. وكانت جماعة «لواء الاسلام» غير المعروفة أعلنت مسؤوليتها عن خطف الديبلوماسي الاماراتي في شريط بثته قناة «الجزيرة» القطرية، مطالبة بإغلاق سفارة أبوظبي في بغداد وقناة عراقية تبث من دبي.

  20. بحر العلوم لـ «الحياة»: تهريب مشتقات النفط من أعقد الملفات التي ستواجه حكومة المالكي

    بغداد - باسل محمد الحياة - 15/05/06//

     

    قدر وزير النفط العراقي السابق ابراهيم بحر العلوم حجم الخسائر التي منيت بها وزارة النفط ولحقت بالاقتصاد العراقي جراء عمليات تهريب المشتقات النفطية بما بين 10 و 15 في المئة من الموازنة المقررة لاستيراد هذه المشتقات والبالغة 4.5 بليون دولار.

     

    وقال في تصريح الى «الحياة» ان هناك «مافيات موجودة في جنوب العراق وفي بغداد، تتعاون مع مفاصل حكومية وغير حكومية، تقف وراء عمليات تهريب المشتقات النفطية»، موضحاً: «هناك نوعان من التهريب، تهريب الى خارج العراق وتهريب الى السوق السوداء في داخل البلاد».

     

    وكشف الوزير السابق عن ان غرفة العمليات الأمنية التي تشكلت من وزارة النفط العراقية ووزارتي الدفاع والداخلية والقوات المتعددة الجنسية، نجحت في دهم العديد من اوكار مافيا التهريب في قرية الذهب الابيض في ابو غريب ومناطق العبيدي والقادسية، مشيراً الى ان اشخاصاً عراقيين وعربا اعتقلوا لتورطهم في تهريب المشتقات النفطية، واصفاً الملف بأنه «من اعقد ملفات الفساد الاداري والمالي التي تواجه حكومة نوري المالكي المقبلة».

     

    وعزا اسباب تزايد تهريب المشتقات الى لجوء وزارة النفط الى استخدام الصهاريج في نقل هذه المشتقات بدلاً من الانابيب ما ادى الى دخول العنصر البشري في العملية، وهو أمر ساهم الى حد كبير في تعزيز عمليات الفساد.

     

    ورأى ان عملية أمن وزارة النفط مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بأمن البلد. وافاد: «متى تطورت القوات الأمنية العراقية ستصبح عمليات نقل المشتقات النفطية آمنة لأن وزارة النفط وزارة خدمية وليست أمنية لكي تتولى الحراسة والحماية».

     

    ولفت الى ان زيادة اسعار المحروقات التي أقرت اخيراً أدت الى تراجع عمليات تهريب المشتقات النفطية «لأن الفرق في السعر الذي كانت مافيا التهريب تراهن عليه تقلص».

     

    اما عمليات تهريب النفط الخام فاعتبرها محدودة مقارنة بما كانت عليه ايام النظام السابق الذي شاعت فيه عمليات تهريب النفط الخام في تحايل على برنامج «النفط للغذاء».

     

    ودعا الوزير السابق الى اخراج وزارة النفط من التنافس والتجاذب السياسي بين القوى المختلفة، مشدداً على وجوب تولي وزارة النفط التي تمثل وزارة سيادية شخصية مستقلة لا علاقة لها بالأحزاب.

     

    الى ذلك علمت «الحياة» ان اعتقالات جرت اخيراً في وزارة النفط العراقية وشملت حوالي 30 موظفا، بينهم مديرون عامون، في اطار التحقيقات حول الفساد المالي والاداري. وقامت قوات اميركية وعراقية بهذه العملية التي تمت في اثناء الدوام الرسمي.

  21. يعكس هذا الموضوع عناصر حسنة واخرى سيئة للمجتمع العراقي الحالي

     

    مواقع الزواج على الإنترنت الأكثر استقطابا للشباب العراقي

     

    العراقيون من الجنسين باتوا يقبلون أول عرض من عربي أو أجنبي

     

     

    بغداد: «الشرق الاوسط»

    أصبحت مقاهي الانترنت المنتشرة في بغداد وكافة المحافظات العراقية، بما فيها تلك التي فتحت في أغلب الجامعات، من أكثر المراكز زحاما بالشباب الذين باتوا يخصصون أكثر من 80% من حجم إنفاقهم اليومي لاستخدام الانترنت. وتبين من خلال جولة أجرتها «الشرق الأوسط» في عدد من «مقاهي الانترنت» ومراكز الجامعات، ان هناك ادمانا على استخدام الانترنت وأن النساء يشكلن نحو 45% من الرواد. وقال صاحب «مقهى روز سنتر» أحمد رحيم «إن الأشخاص الذين يجلسون الآن خلف الحاسبات هم أنفسهم ستجدهم لو كنت أتيت يوم أمس وكذلك يوم غد. وقد يصل الأمر بالبعض إلى تمضية النهار كله في النت حتى أني أستغرب أنهم يطالبونني دوما بفتح المقهى حتى في الأيام التي تكون فيها الأوضاع غير مستقرة. ولو حدث انفجار على بعد 100 متر فقط من هذا المكان، فستكون ردة الفعل أن يخرجوا لدقائق معدودة للمشاهدة، ومن ثم العودة إلى مقاعدهم وكأن شيئا لم يحدث».

    وفيما يتعلق بقابلية المستخدمين على تحمل تكاليف استخدامهم الانترنت، أوضح رحيم «أن لأغلبهم المقدرة المادية على تحمل مصاريفهم، وقد يلجأ البعض إلى فتح سجل خاص له بالدين على أن يقوم بالتسديد بين فترة وأخرى. وقد تصل الفاتورة للبعض إلى أكثر من 300 ألف دينار في الشهر الواحد». طارق الزبيدي، أحد طلبة كلية الآداب ـ مرحلة أخيرة، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن مواقع الزواج على الانترنت تعد من أكثر المواقع استقطابا للشباب العراقي، خاصة الطلبة ومن الجنسين. «والسبب في ذلك يعود إلى أن الشباب وبسبب الظروف التي يمر بها البلد فقدوا الأمل في تحسن هذا الوضع، كما أن حجم الضغوط المُسَلَّطة على هذه الطبقة، وخاصة الأمنية والاقتصادية أجبرتها على البحث عن متنفس، والمتنفس الوحيد أصبح الانترنت وأن مواقع الزواج تؤمن فرصة في التعرف على شاب أو شابة عربية أو أجنبية بهدف الخروج من العراق والاستقرار في بلدان أخرى».

     

    وأكد الزبيدي أنه يعرف عددا من الشباب تمكن من تحقيق هذا الهدف «ومنهم شاب خريج كلية الإعلام تعرف إلى بنت سورية وسافر إلى هناك وتزوج بها وشخص آخر من محافظة ذي قار استطاع أن يطور علاقته مع إحدى الشابات القطريات التي سهلت موضوع سفره إلى قطر والزواج بها والاستقرار في بلدها. وهناك ايضا بنات أغلبهن من خريجات الجامعات استفدن كذلك من مواقع الزواج على الانترنت وسافرن إلى بلدان مثل مصر والأردن والإمارات ودول خليجية أخرى لكن الوضع عند البنت يختلف عن الرجل، فالأخير قادر على تحمل أي وضع يمكن أن يقحم نفسه فيه في تلك الدولة ويتمكن أيضا من تلافي الأمر لكن البنت من الصعب عليها ذلك فمجرد خروجها من العراق يشكل خطرا عليها من كافة النواحي». وبهذا الخصوص التقت «الشرق الأوسط» باحثة اجتماعية طلبت الاكتفاء بالاشارة الى اسمها بالحرفين (ك. م) وحذرت في بداية كلامها من ظاهرة الزواج على الانترنت لكونها تسهم بشكل أو بآخر في تفكك المجتمعات وتحول رغبات الشباب أو الشابات باتجاه النفور من الواقع والقبول بأي عرض يقدم مقابل تحقيق ذلك. واضافت «كما أن هذه المشكلة لا تتعلق بالعراق فقط فأغلب المجتمعات العربية تعاني من هذا الوضع لكن يمكن القول إنه في العراق، أصبح الانترنت الشاغل الوحيد للشاب العراقي حتى أصبح أغلبهم من مدمني الانترنت».

     

    وحذرت الباحثة الاجتماعية الشباب، وبخاصة النساء من مغبة الانجرار وراء غايات البعض من مستغلي ظروف البلدان التي تعاني من المشاكل مثل العراق واستغلال موضوع الزواج في ترغيب الشابات بالسفر واستغلالهن في أعمال غير أخلاقية، «ونرى من هذه المشاكل كل يوم». وأكدت أن من أهم ما يمر به الإنسان في حياته هو موضوع الارتباط وتكوين العائلة «وهذه المسألة لا تتم عبر أجهزة وبدون معرفة الطرف الآخر وما هي غاياته الحقيقية، كما أن إدمان استخدام الانترنت يمكن اعتباره مرضا مزمنا يضاف إلى الأمراض الأخرى وتقع مسؤولية تنظيم هذا الاستخدام على عاتق المؤسسات التعليمية؛ بما فيها المراحل الابتدائية والمتوسطة ومن ثم الجامعية، فلو خصصت حصة يومية للطلبة تشرح من خلالها أهمية هذه الشبكة وطريقة الاستفادة منها لما وقع البعض ضحية الإدمان الانترنتي».

  22. تعليق حول موضوع المجلات في العراق

    في الحقيقة لا نكاد نصدق ان بلدا يتعرض لكل هذه الماسي ومع ذلك فانه مستمر في الكتابة والنشر، وهذا دليل واضح على ان هذا الشعب شعب حي، ولا يمكن اخماد ثقافته مهما مرت عليه من محن، فالثقافة متأصلة في هذا الشعب ، وخير دليل على ذلك هذا الكم من النشريات التي تصدر باستمرار

  23. زين العابدين الركابي، الشرق الاوسط

     

    الهدف: صرف الوعي عن نصرة النبي.. وضرب (وحدة المسلمين)..

     

    ماذا يراد بهذه الأمة؟

    ماذا وراء تفجير مسجد الإمام علي الهادي في سامراء في العراق؟

     

    1 ـ قد يكون الهدف هو (تحويل اتجاه الأمة من الغضبة لرسولها العظيم إلى الانشغال بهذا الحدث، والتلهي به، والغرق فيه)

     

    ونكاد نقول: ان هذا الهدف يوشك أن يتحقق.

     

    وهذا خطأ فكري ونفسي وسياسي وإعلامي.

     

    بيد ان المسلم الذكي البعيد النظر لا ينبغي له أن يذهل عن الانتصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبته إذ هي (مهمة دائمة) في حياة المسلم، لا مسألة موسمية أو عارضة.. أليس يسمع المسلم في كل أذان للصلاة (أشهد ان محمدا رسول الله)؟.. أليس يقول في تشهده في الصلاة (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته)؟

     

    وثمة آصرة أخرى وهي: ان الإمام علي الهادي هو حفيد النبي. فهو علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب.. ثم هو من نسل فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.. وهذه الدوحة الشريفة محبوبة معظمة عند المسلمين أجمعين. اقرأ ان شيءت ـ مثلا ـ ما كتبه ابن تيمية فقد قال: «محبتهم (أي آل البيت) عندنا فرض واجب يؤجر عليه. فإنه قد ثبت عندنا في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بغدير يدعى خما بين مكة والمدينة فقال: «ايها الناس. اني تارك فيكم الثقلين «كتاب الله» فذكر كتاب الله وحض عليه. ثم قال: «وعترتي أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في اهل بيتي».. ونحن نقول في صلاتنا كل يوم: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد. وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم إنك حميد مجيد.. وعلي بن ابي طالب هو أفضل أهل البيت، وأفضل بني هاشم بعد النبي صلى الله عليه وسلم.

     

    وقد ثبت عن النبي أنه أدار كساءه على علي وفاطمة وحسن وحسين فقال: «اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا».. والحسين رضي الله عنه أكرمه الله تعالى بالشهادة. وله أسوة بمن سبقه من الشهداء، فانه وأخاه سيدا شباب أهل الجنة. وكانا قد تربيا في عز الاسلام، لم ينالا من الهجرة والجهاد والصبر على الأذى في الله ما ناله أهل بيته. فأكرمهما الله بالشهادة تكميلا لكرامتهما، و«رفعا لدرجاتهما».

     

    فذكر الإمام علي الهادي ـ بسبب فجيعة سامراء: يذكر بجده النبي، ويبقي جذوة محبة الرسول متقدة في القلوب، ويبقي إرادة الانتصار له صلبة مشحوذة.. نعم وليس هذا الذكر صارفا ـ بحال ـ عن رد الاساءة عن نبي الإسلام كما يريد الشانئون.

     

    نعم.. هناك شبهة تقول: انتم ايها المسلمون تهينون رموزكم فلماذا تحتجون على الصحيفة الدانماركية التي نشرت رسوما عنبيكم؟.. لكن الألمعي من الناس يدرك ـ لفوره ـ: أن هذه الشبهة دليل أو قرينة على أن من أهداف حدث سامراء: تحويل موجة الغضب ودفعها إلى الساحة المسلمة ذاتها لتتفجر فيها، وإتاحة الفرصة لبلبلة الوعي العام بتلك الشبهة.

     

    2 ـ وقد يكون الهدف هو (ضرب وحدة المسلمين) التي تجلت كأعظم ما يكون التجلي ـ بقوة وعمق وصدق وشمول ـ في قضية الانتصار للرسول برد الاساءة عنه.

     

    ان المسلمين جميعا، على ما بينهم من خلافات في هذه المسألة أو تلك: انعقد إجماعهم على أن يكونوا على قلب رجل واحد: مجددين الحب لنبيهم متضأمنين على حماية مقامه الجليل من كل تطاول وأذى.. نعم.. لقد اجتمع على هذه الغاية الشريفة: السني والشيعي.. الصوفي والسلفي.. التقيّ والمفرط.. النساء والرجال.. الاطفال والعجائز.. أئمة المساجد والفنانون.

     

    إن هذه الوحدة الشاملة العميقة البديعة: هل أريد ضربها وتفتيتها بإشعال الفتنة بين أكبر طائفتين يتكون منهما نسيج الأمة الإسلامية: إشعال الفتنة بذلك الحدث الصاعق في سامراء؟.

     

    هذا الاحتمال وارد، بل راجح، وليس من العقل والوعي: استبعاده.

     

    وإذا كان المسلمون ليسوا بقادرين على منع الشانئ المتربص من التدبير الهادف الى تحطيم (وحدتهم البازغة)، فإنهم قادرون ـ بلا ريب ـ على ممارسة ما هو في استطاعتهم.. قادرون على المحافظة على هذه الوحدة بوأد الفتنة الطائفية التي اندلعت في العراق. وإن لم يفعلوا فهم شركاء للشانئ المتربص في تحطيم هذه الوحدة العظيمة التي لا يفرط فيها أو يوهنها إلا عميل خائن، أو غبي: غباء الدب الذي قتل صاحبه.

     

    3 ـ هل ما حدث في سامراء يقع في دائرة (نظرية الفوضى الخلاقة)، وهي نظرية خلاصتها: حرك الناس والأشياء بطريقة فوضوية، ونم خلال هذه الفوضى: تنشأ قوانين وأنظمة جديدة قوامها الحرية والديمقراطية والأمن والرغد والاستقرار.. ولعل ما يجري في فلسطين المحتلة.. وفي لبنان.. وفي العراق: نماذج تطبيقية لهذه الفوضى (الخلاقة) للاضطرابات والفتن والدم والخراب والتفتت الوطني.. ولسنا ندري: هل استعار أصحاب هذه النظرية المجنونة: أصول نظريتهم هذه من الفكر الماركسي، الذي طرح مقولة (ان النقيض يلد نقيضه الذي يحمله في احشائه)؟.. ربما. لكن المقولة الماركسية خابت.. ومن هنا نبشر أصحاب نظرية الفوضى الخلاقة بأن (هذه الفوضى لن تلد نقيضها المتمثل في نظام أفضل). وإنما تلد مثيلها المضخمّ، أي تلد مزيدا من الفوضى في كل شيء وكل اتجاه.. والنموذج العراقي أبرز دليل واقعي على ذلك.

     

    فلئن كان لما حدث في سامراء ارتباط بالترتيبات السياسية التي تريدها الإدارة الأميركية للعراق، فإن ما جرى سيلد فوضى ضاربة تبتلع في دوامتها كل ترتيب مغرض مقصود.

     

    4 ـ هل المقصود مما جرى: ضرب وحدة الشعب العراقي الذي عاش قرونا متطاولة موحدا متآخيا متجانسا متداخلا.. صحيح ان التاريخ لم يخل من نزاعات معينة، لكنها كانت استثنائية، ومقدورا على احتوائها وتجاوزها. إلا ان السياق العام كان محتملا وهادئا.. هل المقصود في هذه الحقبة: ضرب هذه الوحدة بتفجير أقصى طاقات الغضب العاصف بين السنة والشيعة؟.. وهل مقصود المقصود هو: تفتيت الوحدة السياسية والجغرافية العراقية من خلال تقديم (دليل مادي على عدم امكانية التعايش)؟!.. السناتور الأميركي السابق توم هايدن. لم يستبعد هذا الاحتمال.. فقد كتب يقول ـ تحت عنوان: لماذا تدعم أميركا حربا أهلية في العراق ـ: «لقد ظهر في وقت متزأمن وهو 25 أغسطس عام 2005 مقالان في صحيفتي: نيويورك تايمز. ولوس انجلس تايمز.. المقال الأول لجون يو. والثاني لديفيد بروكس وكلاهما من أبرز المحافظين الجدد. ولقد قال الاثنان: إن الوصول إلى عراق موحد لم يكن أبدا أمرا مهما على الرغم من سنوات عديدة من العبارات الطنانة الرسمية للإدارة. بل على العكس من ذلك، فقد سعت الإدارة إلى تطوير رؤية عن عراق فدرالي تتحول فيه السلطة الى الشيعة في الجنوب، والأكراد في الشمال. وقد تصادف وجود هؤلاء جغرافيا في مناطق حقول النفط الرئيسية في البلاد. وكان بروكس قد فضل منذ وقت طويل تقسيم العراق الى ثلاثة أجزاء. أما جون فواضح جدا في معتقده فهو يرى ان التجارة الحرة، ينبغي ان تكسر الدول القومية: كالعراق السابق، ويوغوسلافيا قبله».. ومما لا ريب فيه: أن أعتى وسائل كسر الدول هو: إشعال حروب أهلية فيها. فقد تحطمت يوغوسلافيا بحرب أهلية كأمنة مرعبة ويجب ان يرد العراق المصير ذاته كما يريد جون يو، وهو من أكثر المحافظين الجدد تنظيرا وأشدهم تعصبا وقسوة على الأمم الأخرى. وأعجلهم إلى تحويل الأفكار التدميرية إلى واقع على الأرض.

     

    5 ـ لقد ارتفعت درجة غليان الشعب العراقي ضد قوات الاحتلال بسبب تعذيب وإهانة القوات البريطانية لشبان عراقيين.. وبسبب الصور الهمجية المتوحشة التي حولت سجن أبو غريب في العراق إلى (مسلخ بشري) بشع على يد القوات الأميركية المهتمة جدا بحقوق الإنسان.. إن هذه التصرفات المتوحشة رفعت درجة الغليان لدى الشعب العراقي.. فهل كانت جريمة سامراء المدوية: (تفريغا) لهذا الغليان، أو توظيفا له لكي يتدفق في اتجاه آخر؟.. هذا أيضاً احتمال غير مستبعد.

     

    6 ـ هل ما حدث هو محض (تعصب مجنون)؟.. هذا احتمال وارد كذلك، لكن هؤلاء المصابين بجنون التعصب هم (أدوات) جيدة تخدم ـ بهمة ـ مخططات الأعداء.. ومن هنا وصف القرآن هؤلاء وأمثالهم: «بالأخسرين أعمالا. الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا».. ومن هنا نعجب أشد العجب من ردود فعل مماثلة.. نعم. ان الجريمة من النوع الفاجر (الثقيل). ولكن ليس رد الفعل الأفضل هو: الاعتداء على السنة وعلى مساجدهم، فليس يزال الحمق: بحمق مثله. فقد حرر الإسلام أبناءه من نظرية عمرو بن كلثوم: ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا!! ولا سيما ان مراجع وعقلاء من الشيعة: لم يتهموا السنة بما جري. وانما اتهموا جهات أخرى لا تريد للأمة خيرا ولا وحدة ولا تقدما ومن هؤلاء السادة: على خأمنئي. ومحمد حسين فضل الله، ومقتدى الصدر، و حسن نصر الله، والخالصي.

     

    ألا.. من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليسارع إلى اطفاء الفتنة ولو بكوب ماء.. ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكسر سلاح الفرقة الذي شحذه الشانئ وصوبه إلى قلب الأمة..

     

    لقد علم شيعة العراق وسنته: ان الخصم الحقيقي يريد أن يروي أجندته الخبيثة بدم الطرفين العراقيين. فهل يكونون أدواته لما يريد فيخونون بذلك الله ورسوله، والوطن ومن فيه؟.

     

    وإنا لندعو الى عقد مؤتمر عاجل لقادة علماء السنة والشيعة : يطفئ هذه الفتنة، ويسد الذرائع على مثلها في المستقبل.

×
×
  • Create New...