Jump to content
Baghdadee بغدادي

abusadiq

Members
  • Posts

    405
  • Joined

  • Last visited

Posts posted by abusadiq

  1. أزمة اللاجئين العراقيين والتجاهل الأميركي

    إليزابيث فيريس

     

    تجاهل الولايات المتحدة للأزمة الإنسانية الناتجة عن حرب العراق تهدد بالقضاء على آمال تحقيق السلام والأمن في المنطقة لسنوات، وربما لعقود قادمة.

     

    فنزوح 4 ملايين لاجئ عراقي حتى الان ـ أي واحد من كل سبعة مواطنين عراقيين ـ هو اكبر ازمة لاجئين في الشرق الاوسط منذ عام 1948. وكما اثر نزوح الفلسطينيين على سياسات وأمن المنطقة، بل والعالم، لأكثر من 60 سنة، فإن ازمة اللاجئين العراقيين ستؤثر على المجتمع الدولي لوقت طويل. ونعرف ان صدام حسين كان سببا لانتهاكات هائلة في مجال حقوق الانسان ونزوح آلاف الاشخاص. ولكن الغزو الاميركي وما تلاه ادى الى كابوس بشري على نطاق هائل.

     

    وتتحمل الولايات المتحدة مسؤولية خاصة بضحايا هذه الحرب الاهلية ويمكنها تلقي درس من سورية في مواجهة التزامها الانساني. فهناك مليونا عراقي نزحوا داخل حدود بلادهم وهؤلاء الاشخاص معرضون بصفة خاصة لمشاكل. فهم قريبون من العنف، ويواجهون صعوبات في العثور على طعام وملجأ، ويواجهون عقبات تسببت فيها الحكومات المحلية التي لا تريد ولا تستطيع تحمل المزيد من اللاجئين في مجتمعاتهم. وقد طلب اكثر من مليوني عراقي اللجوء في دول مجاورة، ربما تخشى هي نفسها تأثيرات الحرب العراقية عليها. ويهرب العراقيون من بيوتهم بسبب ذلك الخوف من زيادة العنف الطائفي. وخوفا من الاختطاف في حرب تزداد فوضى. وهم يهربون بأعداد كبيرة. وطبقا للهيئة العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة، يترك 50 الف عراقي بيوتهم شهريا. وإذا ما اردنا فهم ذلك فهو يماثل عدد المشردين في إعصار كاترينا كل شهرين.

     

    ويجري معهد بروكينغز تحليلا للاجئين في العراق، وتركز أحدث مراحل هذا البحث على العراقيين في سورية الذين يبلغ عددهم ما يتراوح بين 1.2 الى 1.4 مليون شخص. ووصل العراقيون لسورية لأن السوريين سمحوا لهم بذلك ـ خلافا للدول الاخرى المجاورة التي فرضت عليهم قيودا في الحصول على تأشيرات ـ كما ان هناك علاقات اقتصادية وثقافية وعائلية بين العراقيين والسوريين. وأصبح نزوحهم للفرار من العنف اكثر خطرا. ويضم البحث الكثير من الاحداث والروايات المرعبة للاجئين الذين يتعرضون للارهاب والتخويف على يد المليشيات والعصابات الإجرامية على الطريق للحدود السورية. وعلى العكس من اللاجئين في مناطق اخرى من العالم فإن اللاجئين الذين يصلون الى سورية ليسوا معدمين، فلديهم مدخرات وممتلكات شخصية. وبدلا من الإقامة في مخيمات فهم يستأجرون شققا. ولكن مع نفاد مدخراتهم، وبيع سياراتهم يمكن ان يتغير الموقف. والأغلبية العظمى من العراقيين الذين جرت لقاءات معهم من فريق البحث التابع لنا في سورية لا يتوقعون العودة الى بلادهم في وقت قريب. ونصفهم تقريبا لا يعتقدون انهم سيتمكنون من العودة على الاطلاق. وفي الوقت الذي قدمت فيه سورية ملاذا امنا للاجئين العراقيين، فليس لدى الولايات المتحدة استراتيجية لمواجهة الاحتياجات الانسانية بالنسبة لهؤلاء الذين شردتهم الحرب.

     

    ولا يمكن للولايات المتحدة حل مشاكل اللاجئين العراقيين وحدها، ولكن يجب عليها العمل عبر منظمات دولية مثل المفوضية العليا للاجئين او منظمات دولية خاصة باللاجئين تعمل على توفير مساعدات مباشرة للاجئين في الداخل. ويجب على الولايات المتحدة تقديم نصيب الاسد من الدعم المالي لتلك المنظمات غير الحكومية التي تقدم مساعدات للعراقيين الذين ـ اجبروا علي مغادرة ديارهم. ويجب على الولايات المتحدة تقديم دعم مالي كريم لجهود المفوضية العليا لتخفيف الضغوط علي الحكومات المضيفة ولاسيما سورية والأردن. كما يجب على الحكومة الاميركية في دعم رمزي لدعم حكومتي سورية والأردن، قبول 7 الاف عراقي في برنامج اعادة توطين للاجئين.

     

    لقد عرضت الحكومة السويدية اعادة توطين 25 الف لاجئ عراقي وتعاملت بكرم مع عشرات الالوف من طالبي اللجوء السياسي العراقيين الذين يصلون لحدودها. ومما لا شك فيه ان الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية اكبر من حكومة السويد لمواجهة هذا الكابوس الانساني.

     

    وإذا كانت الولايات المتحدة جادة بخصوص قلقها بالنسبة للمواطن العراقي العادي، فيمكنها ان تبدأ في اتخاذ اجراءات لمساعدة ملايين العراقيين الذين طردوا من بيوتهم بسبب العنف والحرب.

     

    * منسقة مشروع معهد بروكينغز ـ

     

    برن للنزوح الداخلي

     

    *خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الاوسط»

  2. واشنطن ترحب بالمبادرة ولن تشارك فيها و»حماس» تطالب باعادة هيكلة الاجهزة الامنية شرطاً لتراجعها في غزة ... قمة رباعية في شرم الشيخ لمحاصرة «حماس» وعباس يهيئ الاجواء لتنظيم انتخابات عامة

    واشنطن , القاهرة , رام الله - جويس كرم , جيهان الحسيني , محمد يونس الحياة - 22/06/07//

     

    تسارعت التطورات السياسية في الملف الفلسطيني أمس، بدءاً من الدعوة التي وجهتها مصر لعقد قمة رباعية في شرم الشيخ الاثنين المقبل بهدف تقديم الدعم للرئيس محمود عباس في مواجهة حركة «حماس» التي سيطرت على قطاع غزة، مرورا بالقرارات التي اتخذها المجلس المركزي الفلسطيني والقاضية بتهيئة الاجواء لاجراء انتخابات تشريعية ورئاسية وأخرى للمجلس الوطني الفلسطيني، ثم توجه عباس نحو احياء منظمة التحرير كمخرج دستوري وقانوني لبقاء حكومته، وانتهاء بالاستعدادات التي ابدتها «حماس» للمصالحة، مشترطة اعادة هيكلة الاجهزة الامنية الفلسطينية على اساس وطني حتى تعود الامور الى ما كانت عليه قبل سيطرتها على غزة.

     

    وكان الرئيس حسني مبارك وجه دعوة الى كل من الرئيس عباس والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت للمشاركة في قمة شرم الشيخ. وفيما كشفت مصادر مصرية ان منسق السياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي خافير سولانا سيحضر القمة ايضا، أكد مسؤول اميركي رفيع المستوى أن واشنطن ترحب بها وترى فيها فرصة لدعم عباس لكنها «لن تشارك فيها». واعتبر في لقاء مع صحافيين حضرته «الحياة» أن «أي شيء ممكن والأفق مفتوح نحو أي حل» في حال «بذلت السلطة جهودا حقيقية في الضفة الغربية». ورفض الحديث عن خيار «الضفة أولا»، مشيرا الى أن واشنطن تنظر الى السلطة كممثلة لجميع الفلسطينيين.

     

    واستبقت الاطراف المعنية القمة بتحديد مطالبها او توقعاتها منها، وقال امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبدربه لـ «الحياة»: «نريد منها أمرين: الاول فك الحصار المالي والعسكري، والثاني فك الحصار السياسي واستئناف العملية السياسية من خلال مفاوضات جادة على اساس انهاء الاحتلال واقامة دولة مستقلة».

     

    اسرائيليا، قالت مصادر قريبة من رئيس الحكومة ايهود اولمرت ان مشاركته في القمة تندرج في إطار التفاهمات التي توصل إليها مع الرئيس جورج بوش، وتتعلق بـ «ضرورة مساعدة عباس ودعمه»، فيما اشار مصدر سياسي الى ان بوش واولمرت «يشككان في نجاح عباس في مسعاه لبسط نفوذ السلطة في الضفة»، لكنهما اتفقا على منحه فرصة أخرى لاثبات نفسه في الضفة وللحيلولة دون خلق انطباع بأنه فشل بسبب إسرائيل أو الولايات المتحدة.

     

    وفي القاهرة، صرح وزير الخارجية أحمد أبو الغيط بأن هذه القمة تهدف الى الدفع باتجاه اعادة اطلاق عملية السلام، فيما كشف مصدر مصري لـ «الحياة» أن «دعم عباس واستئناف المسار السياسي سيكونان عنوان القمة»، مشددا على «أن التفاوض سيكون على الأرض التي احتلت عام 1967، أي قطاع غزة والضفة معا». واضاف أن القمة هي «دعوة لتجمع عربي يؤكد شرعية عباس ويرفض التعامل مع دولة مستقلة في غزة تتزعمها حماس، مع تلويح بعزلها اقليميا».

     

    وفي عمان، اوضحت مصادر اردنية لـ «الحياة» ان القمة قد تكون «فرصة لسماع افكار جدية من اولمرت، معتبرة انها «ستضعه امام استحقاقات السلام، وعلى رأسها المبادرة العربية».

     

    في غضون ذلك، اتخذ المجلس المركزي الفلسطيني خلال اجتماعاته مجموعة من القرارات المهمة، وعلى رأسها اعادة احياء منظمة التحرير ومؤسساتها، والدعوة الى «تهيئة الاجواء» لاجراء انتخابات عامة مبكرة على قاعدة التمثيل النسبي، واجراء انتخابات للمجلس الوطني، اضافة الى حل جميع الميليشيات، بما فيها ميليشيات «فتح».

     

    ويمثل اعلان بدء التحضير لاجراء انتخابات مبكرة ممرا اجباريا لاستمرار حكومة سلام فياض، فالقانون الاساسي للسلطة ينص على ضرورة حصول حكومة الطوارئ على مصادقة المجلس التشريعي بعد شهر من تشكيلها، وهو ما لا تستطيع هذه الحكومة الحصول عليه من المجلس الراهن ذي الغالبية «الحماسية».

  3. تكتل عراقي جديد

     

    علي الدباغ

     

    المحاولات التي يبذلها البعض من الكتل السياسية لصناعة وصياغة رأي عام يتقبل فكرة تكتلات وتحالفات جديدة هي كلمة حق وحراك سياسي صحّي إذا ارتبط بالاحتكام لآلية مُلزمة وغير منفلتة عن قواعد السلوك الديمقراطي وعن الاحتكام للدستور العراقي ويمكن أن تشكل نُضجاً مطلوباً من السياسيين، فالعملية الديمقراطية في العراق تسمح بأي حراك سياسي ضمن هذه الآليات ولا يملك أحد أن يمنعها، بل حتى يعترض عليها، فهذا مبدأ ديمقراطي وسياسي مطلوب من الجميع تطويره ليكون حاكماً على الجميع.

    فالتداول السلمي للسلطة هو إحدى الوسائل لتعزيز ثقافة ديمقراطية رائدة يتمكن معها الناخب العراقي من الاختيار بحيث تُتاح له الفرصة ليختار من بين عدة خيارات وبالتالي يشعر بأنه هو من صنع هذا الخيار ليرتقي لمستوى متقدم من المحاسبة والمساءلة والضغط والتقويم على من يحكمه أو يسوسه، لا أن يُصادر هذا الحق في الاختيار بطريقة قسرية مفروضة على المواطن والذي سيخسر حق صُنعه وبالتالي سيخسر فرصة التفاعل معه ومن ثم تقويمه لننتهي إلى نوعٍ من الاستبداد والتسلط عانى منه العراق طويلاً وكان أصعب واقسى ما فيه هو نموذج صدام حسين.

     

    هذه الطريقة القسرية التي تأتي عبر أشكال متنوعة، لعل أكثرها تطرفاً هو الانقلاب على السلطة المنتخبة، يشكل أكبر اعتداء على الديمقراطية الوليدة في العراق والتي تعاني من محاولات وأدها وتدميرها محليا وإقليميا. فالعراقيون عندما خرج منهم 12 مليون من مجموع 15 مليون يملك حق التصويت، خرجوا في أصعب ظرفٍ من التهديد بالقتل بكل أنواعه وأشكاله ليس ليصوتوا فقط لبرلمان ينتخب حكومة، وإنما صوتوا للمستقبل وصوتوا لنظامٍ جديد يرفض التسلط والاستبداد، وصوتوا لنظامٍ يريدون هُم صُنعه ولا يُصنع في غرفٍ مظلمة، لذلك فان محاولات البعض من السياسيين للقفز على هذا الواقع والاتكاء على دعم إقليمي أو دولي، بعيداً عن مخزون الدعم الاستراتيجي الأساسي المحلي سيكون قفزةً في الهواء لا تخلق مشروعا سياسيا ناجحا، بل سيكون تراجعا ومصادرة لحق الملايين الذين تنامى عندهم هذا الأمل ولا بد من قراءة سليمة لهذا الحق. وأي معاندة لهذه القراءة تعني تحويل هذه الديمقراطية الوليدة إلى نماذج فاسدة من الديمقراطيات الموجودة في بعض الدول الفقيرة والتي زادتها هذه الأنواع من الديمقراطيات الزائفة فقراً. ولا شك ان المواطن العراقي على رغم كل معاناته من تدهور الوضع الأمني في بعض المناطق وقلة الخدمات وحتى انعدامها، والشعور بالإحباط الذي يعانيه والكثير من القلق والخوف، سيقف هذا المواطن بالمرصاد لهذه المحاولات التي تريد أن تجعل العراق يتشكل حسب رغبة دول معينة في المحيط الاقليمي لها أهدافها ومصالحها أو أحياناً لها تصور معين في تشكيل أنظمة للآخرين إما درءاً لخطرٍ تتصوره أو لمصلحةٍ ومغنمٍ تريد تحقيقه، مما سيفتح الأبواب للدول الأخرى لأن تتبارى في إيجاد ذات النموذج وإعطاء نفسها ذات الحق في التدخل وعندها سيتحول العراق الى ساحة لأجندات وأهداف إقليمية لم تكنْ في يومٍ من الأيام متوحدة بل متنافرة ومتخاصمة وسندفع نحنُ العراقيين ثمن هذا التنافر، مع التأكيد بأن العراق حاليا غير خالٍ من الأثر الاقليمي الضار والذي يساهم بشكل كبير في عدم استقرار الوضع العراقي، هذا التدخل الضار والذي نسعى جميعا لوقفه ومنعه وتقليل أضراره بتفاهم وتضامن عراقي بين مكونات العراقيين عبر حقيقة أن لا أمانا وسلاما للعراقيين إلاّ عبر تفاهم وطني فيما بينهم وليس من خلال أثرٍ اقليمي هو أصلاً متخاصم منذ عقود وفيه الكثير من القلق وغبش الرؤية، وإذا فتحنا له أبوابا جديدة فإننا كمن يدعم هذا المنهج وهي دعوات لاستباحة العراق، ولن يكون هناك رابح فالكل غرقى.

     

    لا بد لروّاد ومروّجي هذه الأفكار أن يتعلموا من التاريخ القريب فضلا عن البعيد بأن الأثر الاقليمي قد تسبب في دفع العراق لحربٍ عبثية فقدنا فيها مليون عراقي من زهرة شبابنا وتم تدمير البلد ودفعه لهاوية لا قعر لها والبعض الآخر دفع وشجّع النظام البائد لغزو الكويت والتمادي في التمسك بخيوطٍ من الوهم لقوةٍ كاذبة متورمة وإشباع غرور شخص مهووس بالسلطة وغطرستها وفاقد النظر للوضع الدولي، للإجهاز على الجسد العراقي المريض، وقد حقق هذا الأثر أهدافه واُرجع العراق لعصر ما قبل الكهرباء.

     

    فلا يظنن أحد بأن الذاكرة العراقية أصابها الوهن والشيخوخة نتيجة انقطاع الكهرباء وضيق اليد ، ولا يخطئ أحد قراءة هذا الشعب ليس رفقا به بل بمستقبلكم السياسي.

     

    * الناطق الرسمي

     

    للحكومة العراقية

  4.  

    دولة التجربة الوئامية

    سمير عطا الله

     

    مضت ثلاثة عقود على عودة الديموقراطية إلى إسبانيا بعد أربعة عقود من ديكتاتورية فرانكو. وقد كانت العلاقة غريبة حقا بين المرحلتين المتناقضتين. والسبب أن فرانكو كان ديكتاتورا، لكنه أحب إسبانيا. فلما حان الوقت وذهب، لم تذهب إسبانيا معه. على العكس. هو الذي أعاد ملكها قبل أن يموت. وهو الذي حافظ على تراثها. وقد كانت له قبضة ضيقة، لكنها لم تخنق أحدا. كانت قبضة ضيقة، لكنها لم تكن قبضة خانقة. والكثير مما تتمتع به إسبانيا اليوم، بدأه فرانكو. الصناعات الكبرى ومؤسسات السياحة وسواها. لم يبن إسبانيا لنفسه، تتفكك بمجرد ذهابه، بل بنى إسبانيا للإسبان. صحيح انه جردهم من حرياتهم ومن صحفهم وحتى من شعرائهم، لكنه لم يركب البلد على مقياسه وحده. وهكذا غاب فلم يحدث في مدريد ما حدث في بغداد، بل تحول التغير في إسبانيا إلى قدوة للمصالحات الوطنية. نلسون مانديلا كان يفكر في إسبانيا عندما تسلم الحكم. وهلموت كول كان يفكر في إسبانيا عندما وحّد ألمانيا دون ضربة كف. الأسود المستعبد في جنوب أفريقيا والأبيض المستعمر. وفي ألمانيا الألماني الغربي الرأسمالي والألماني الشرقي الشيوعي. وها هم يتعانقون. فالمهم هو البلد. هو الوطن. وقد كان في إمكان فرانكو كطاغية أن يذهب ويأخذ إسبانيا معه، لكنه ترك إسبانيا للإسبان. أدرك أنه مجرد مرحلة لزمن ما وأن مرحلة أخرى سوف تأتي بعده ولم يكن في ذلك ديكتاتورا مستنيرا أو مستبدا عادلا. فليس هناك ديكتاتور مستنير ولا هناك مستبد عادل. ولكنه كان مواطنا ذا ضمير. إسبانيا للإسبان وليست له. والملك لأهل الملك وليس له.

     

    الديكتاتوريات العربية مركبة بحيث إذا زالت زال معها البلد وليس الحكم. والأنظمة تسقط فينهار الوطن وتقوم الحروب الأهلية ويتفتت التراب. أو ما بقي منه. ولذلك يتكرر ضياع فلسطين في فلسطين. أو ينهار العراق برمته لمجرد سقوط النظام. ولذلك لا يجتمع لبنان إلا في البيانات المتكاذبة والجنازات المزيفة المشاركة.

     

    أحب فرانكو إسبانيا. وأيد العرب. ومات دون أن يعترف بإسرائيل. مسكين الجنرال فرانكو. فليس هناك إلا عرب قلائل يعرفون أنه الحاكم الوحيد الذي مات دون أن يعترف بإسرائيل. وقد كوفئت إسبانيا بتفجيرات مدريد. ولكن عربا آخرين اختاروا إسبانيا واستظلوا الأندلس. وتذكروا بمحبة مرحلة حلوة من تاريخ شديد التعقيد.

  5. «حرب المراقد» تستعر.. ومرقد الصحابي طلحة قرب البصرة أحدث ضحاياها

     

    مسلحون تظاهروا بأنهم مصورون فجروا الضريح وسووه بالأرض

     

     

    بغداد ـ البصرة: «الشرق الاوسط»

    استعرت حرب المراقد في العراق امس باستهداف مسلحين مرقد الصحابي طلحة بن عبيد الله في البصرة وتدميره تماما وتسويته بالأرض انتقاما على ما يبدو لتفجير مأذنتي مرقد الامامين العسكريين في سامراء، الاربعاء الماضي. وفرضت الحكومة حظر التجول في البصرة، تحسبا لاعمال عنف طائفية.

    وحسب مسؤول أمني عراقي كبير في البصرة، فان مسلحين هاجموا في وقت متأخر الليلة قبل الماضية المرقد، الذي يقع في منطقة خور الزبير على مسافة 20 كيلومترا غرب البصرة، مستخدمين قنابل آر بي جي، ودمروه جزئيا. ونسبت وكالة اسوشييتد برس الى اللواء علي الموسوي قوله، ان اشخاصا جاءوا الى المرقد صباح امس متظاهرين بأنهم مصورون وطلبوا من الحراس السماح لهم بتصوير المرقد من الداخل. وتابع انه بعد دقائق من مغادرتهم المرقد دوى انفجار ضخم داخله ودمر قبته ومأذنته. واضاف الموسوي انه تم اعتقال الحراس على ذمة التحقيق. ولكن حسب رواية الدكتور عبد الكريم ناصر الخزرجي، مدير الوقف السني للمنطقة الجنوبية، الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط»، فان مجموعة مسلحة تستقل اربع سيارات داهمت المرقد في الساعة السادسة والنصف من صباح امس، وطردت الحراس بعد تهديدهم بقوة السلاح، ثم فجروا المبنى. وأشار الخزرجي ايضا إلى ان مسلحين مجهولين اختطفوا أربعة من حراس جامع العثمان في منطقة المعقل وأقدموا على قتلهم جميعا بعد تدمير الجامع. وقال ان جامع الحسنيين تعرض ايضا إلى الحرق الكامل، اضافة الى اتلاف جامع الكواز. وأشار الى ان قوة من الجيش العراقي تمكنت من حماية مرقد الصحابي انس بن مالك في منطقة الشعيبة، بعد مداهمته من قبل عدد من المسلحين.

     

    واستنكر رئيس الوزراء نوري المالكي تدمير مرقد الصحابي طلحة بن عبيد الله، وقال في بيان ان هذا «العمل الارهابي الذي طال اليوم مرقد الصحابي طلحة بن عبيد الله، يأتي ضمن سلسلة الجرائم التي تستهدف اثارة الفتنة الطائفية بين ابناء الشعب». وادان «الجريمة الارهابية التي استهدفت مرقد الامامين العسكريين (...) وما تبعها من اعتداءات». واعلن فرض حظر التجول في المدينة، اعتبارا من الساعة الرابعة بعد ظهر امس وحتى اشعار آخر. يذكر ان الصحابي طلحة قتل في معركة الجمل، التي دارت في المكان ذاته عام 36 هجرية (658 ميلادية). ويشار الى وجود مرقد للصحابي الاخر الزبير ابن العوام في المنطقة ذاتها. من ناحية اخرى، اعلن الجيش الاميركي امس ان ما لا يقل عن 600 من عناصر قوى الامن العراقية انتشروا في محيط مرقد الامامين العسكريين في سامراء شمال بغداد اليومين الماضيين. واوضح بيان للجيش ان «حوالى 300 جندي عراقي و290 من الشرطة الوطنية انتشروا في سامراء، يرافقهم مستشارون من القوات الاميركية». ولم يذكر البيان عديد القوى الامنية التي كانت منتشرة قبل التفجير. واكد ان الاوضاع في سامراء (125 كلم شمال بغداد) هادئة.

  6. فول الصويا .. نافع أم ضار؟

     

    القليل منه في الوجبات الغذائية خيار صحي جيد.. والإكثار منه قد يكون مضرا

     

     

    كمبردج (ولاية ماساشوستس الاميركية): «الشرق الأوسط»*

    بروتينات فول الصويا والـ«آيزوفلافونات» isoflavones (الموجودة فيه) لم تصمد جيدا في التجارب السريرية، ولكن لا يزال هناك مكان للصويا في وجباتنا الغذائية. ولدى حساب الاطعمة الصحية هذه الايام لا يظهر الصويا بينها تماما. وتبدو المزاعم التي تقول بروتين الصويا يقينا من الامراض القلبية، مبالغ بها. كما اظهرت غالبية الدراسات ان تأثيره على الكوليسترل السيء المنخفض الكثافة LDL هو قليل جدا بحيث تبلغ نسبة التخفيض اقل من خمسة في المائة. اما تناول كميات كبيرة منه، نحو 50 في المائة يوميا، اي نحو نصف كمية البروتين التي يتناولها الاميركي العادي، فلها التأثيرات المتواضعة ذاتها التي للكميات الصغيرة. كذلك حاول الباحثون العثور على فوائد ثانية تقلل من المخاطر الاخرى على القلب والشرايين مثل زيادة نسبة الكوليسترول الجيد العالي الكثافة HDL وتخفيض الشحوم الثلاثية وضغط الدم، لكنهم فشلوا ايضا.

    * الاستروجين الضعيف ولكن بخلاف البروتين فقد اعتقد الكثيرون انه قد يكون لفول الصويا فوائد صحية خاصة نظرا لاحتوائه على الـ«ايزوفلافون» وهي مواد كيميائية تتصرف مثل الشكل الضعيف من (هرمون) الإستروجين في جسم الانسان. والنوعان الرئيسيان المختلفان من الـ«ايزوفلافون» في الصويا هما الـ«جينيستين» genistein والـ«ديادزين» daidzein. وفي بعض الانسجة يعتقد ان الـ«ايزوفلافونات» هي ذات فائدة كبيرة نظرا الى انها تخرج الإستروجين «من الطريق» ثم تحتل موقع المستقبلات التي يغمرها عادة هذا الهرمون. والمثال الرئيسي هو نسيج الثدي حيث الـ«ايزوفلافونات» تحول دون قيام الإستروجين بالتعلق بالمستقبلات وتشجيع نمو بعض الاشكال من السرطانات. وهذا المر مهد الطريق الى (ظهور) النظرية المتعلقة بالوقاية من سرطان الثدي، حيث رصدت علاقة بين استهلاك الصويا العالي في العديد من الأقطار الآسيوية والمعدلات المنخفضة من سرطانات الثدي.

     

    وفي ما يتعلق بالانسجة الاخرى لاسيما العظم، فقد اعتبرت خصائص الـ«ايزوفلافونات» الشبيهة بالإستروجين، على انها تملك فوائد صحية نظرا الى انها تعزز تأثيرات الأخير وليس اعاقته، فهو، اي الإستروجين يميل الى بناء العظام مما يعني ان هناك بعض الامل في ان التهام الكثير من الصويا من شأنه المساعدة في ابعاد ترقرق العظام لاسيما بالنسبة الى النساء المسنات المتقدمات في العمر.

     

    * نتائج سلبية كل هذه الامور كانت منطقية حتى اظهرت الابحاث ان مثل هذه الاخبار الطيبة لا اساس لها من الصحة، عندما تبين من الدراسات ان الـ«ايزوفلافونات» قد تحرض على نمو الانسجة في الثدي في النساء قبل توقف العادة الشهرية عندهن. وأثارت مثل الاكتشافات الكثير من اللغط على الانترنت، اكثره مبالغ به في ما يتعلق بالصويا وعلاقته بالتسبب في سرطان الثدي. ومع ذلك هناك من الدلائل بالنسبة الى جمعية السرطان الاميركية ما يكفي لتحذير الناجيات من سرطان الثدي من عدم استهلاك الصويا المركزة مثل دقيق الصويا والمكملات الغذائية من الـ«ايزوفلافونات».

     

    في هذا الوقت توصلت العديد من الدراسات التي اجريت على الحيوانات والخاصة بالأوبئة الى استنتاج هو انه لو كانت الصويا تقي من سرطان الثدي، فان ذلك يكون محدودا بالنساء اللواتي يلتهمن كميات كبيرة منه في طفولتهن وفي طور المراهقة. اما التحول الى وجبات غذائية غنية منه في وقت متأخر من العمر فقد يكون متأخرا جدا.

     

    أما الآمال المعلقة على «ايزوفلافونات» الصويا كبديل واسلوب طبيعي للحلول محل الاستروجين بعد انقطاع العادة الشهرية (الحيض) فهي غامضة غير واضحة المعالم، لان بروتينات الصويا والـ«ايزوفلافونس» في صورة حبوب واقراص كانت فعالة بشكل متواضع في علاج الهبات الساخنة، كما ان نتائج الدراسات الخاصة بترقرق العظام كانت متفاوتة.

     

    وكما الحال في انتشار صيت الصويا واستباقه للنتائج العلمية، فانه قد يكون من الخطأ الشطب تماما له بسبب الاخبار السلبية عنه، ففي مارس (آذار) الماضي من العام الحالي قام فريق من الباحثين الايرانيين ومن جامعة هارفرد بالاعلان عن نتائج ايجابية في ما يتعلق بالصويا، وذلك في دراسة مصممة لمعرفة تأثيراته على متلازمة التمثيل الغذائي التي كانت عبارة عن مجموعة من عوامل خطيرة (بدانة في الوسط عند المعدة، انخفاض الكولسترول الجيد العالي الكثافة، وارتفاع في المقابل بالكولسترول السيء المنخفض الكثافة، وهكذا) التي تسبق عادة النوبات القلبية وامراض الشرايين الاخرى.

     

    * نتائج إيجابية وقامت الدراسة بمقارنة وجبة غذائية متحكم بها شملت اللحم الاحمر مع وجبتين غذائيتين اخريين، واحدة حل فيها بروتين الصويا محل اللحم الاحمر، والاخرى حلت محل حبوب الصويا. واشتركت في التجربة 42 امرأة تجاوزن سن الحيض يشكين من متلازمة التمثيل الغذائي وخضعن للوجبات الغذائية التي ذكرناها لمدة ثمانية اسابيع.

     

    وترك بروتين الصويا الكثير من التأثيرات الجيدة، لكن تأثيرات حبوب الصويا كانت اكثر فعالية في تخفيض سكر الدم ومستويات الكولسترول السيء المنخفض الكثافة. وذكر الباحثون ان حبوب الصويا ترك الأثر الاكبر بسبب احتوائه على الدهونات غير المشبعة التي يحتويها والـ«ايزوفلافونات». كما ان وجبة حبوب الصويا كانت تحتوي على كميات اكبر من الـ«ايزوفلافونات» مقارنة بوجبة بروتين الصويا (102 مليغرام يوميا مقارنة بـ 84 مليغراما).

     

    وفي ابريل الماضي وجدت دراسة اخرى ان الوجبات الغذائية التي اساسها حليب الصويا هي افضل قليلا من غيرها، فقد اظهرت ان وجبة اختبارية تعتمد على حليب الصويا، ولبن الصويا الرائب، والـ«توفو» بدلا من البروتين، هي افضل قليلا في تخفيض الكولسترول السيء من الوجبة التي اعتمدت على دقيق الصويا. ومع ذلك فان التأثير لم يكن كبيرا ابدا، فقط تخفيض في الكولسترول السيء قدره 4 في المائة مقارنة بالوجبة المكونة من البروتين الحيواني.

     

    واذا قمت ببحث على الانترنت لوجدت العديد من الاعلانات التي تحذر في اغلبيتها من الصويا وتأثيراته على الغدة الدرقية والدماغ وغيره. ولكن الذي لا تجده هو الاثبات، او الدليل الحاسم على مثل هذه المزاعم.

     

    وقد تكون قد احبطت درجة او درجتين بعد تقديراتنا الخاصة بالصويا، لكن وضع القليل منه في وجبتك الغذائية قد يكون خيارا جيدا لاسيما اذا كان ذلك يعني استبدال اللحم الاحمر، وما يعنيه من احلال الدهونات غير المشبعة والالياف وبعض الفيتامينات الصحية والاملاح محل الدهونات المشبعة والكولسترول. لكن كما مع جميع الامور الاخرى، فان زيادة الامور والإمعان بها قد تضر اكثر مما تنفع.

     

    * خدمة هارفارد الطبية ـ الحقوق: 2005 بريزيدانت آند فيلوز ـ كلية هارفارد

  7. الإعلام العربي و«ما يسمى بالإرهاب»

     

    مريم الضاهر

     

    لا أفهم لماذا يصعب على بعض الفضائيات العربية وصف ارهاب الجماعات التكفيرية في العالم العربي بالإرهاب. ما هذا التلعثم عند الحديث عن الارهاب التكفيري في السعودية والمغرب والجزائر والعراق واليوم في لبنان. لماذا هذا الاصرار على تكرار عبارة «ما يسمى بالإرهاب» في كل مره يتحدثون فيها عن مؤتمرات او قوانين لها علاقة بالإرهاب. الامر بسيط، هناك ما يسمى بالإرهاب لأنه هناك، او بالأحرى هنا في العالم العربي يوجد ارهاب، ارهاب تكفيري مقيت يسحق كل من وما يقف في طريقه. طبعا توجد اسباب، لنتحدث فيما بعد عن الاسباب ولنبدأ اولا بتسمية الامور بمسمياتها.

     

    نسمع عبارة «ما يسمى بالإرهاب» كثيرا في الآونة الاخيرة في احدى الفضائيات وكأنه لا ارهابَ هناك ولا إرهابيون يعيثون في الارض فسادا في كل يوم في عالمنا العربي. وكأن كل هذا الذي نشهده من سفك لدماء الأبرياء هو شيء آخر، فلنسم الفظائع بمسمياتها ولا نتلعثم.

     

    ان يوصف الارهاب بـ«ما يسمى بالإرهاب» خصوصا عند الحديث عن التفجيرات في السعودية والمغرب والعراق هو خدمه للارهاب، انه إنكار للانحطاط الأخلاقي الحاصل في عالمنا العربي. قتل الابرياء في السعودية والعراق ولبنان والأردن وفي كل مكان هو ارهاب اعمى مجنون يريد العودة بنا الى الجاهلية. لا يمكننا ان نصمت إزاء هذا الجنون. من غير المعقول الاجتهاد في ايجاد مخارج لوصف الارهاب. ومن غير المعقول بث جنون هؤلاء التكفيريين في الفضائيات الى ما لا نهاية. لا احد يريد ان يشاهد هذا الجنون، فكفى.

     

    تفجير المدنيين العراقيين وتمزيق أجسادهم على ايدي الجماعات التكفيرية هو ارهاب. ذبح الجنود اللبنانيين وهم نيام ليس جهادا بل هو ارهاب. هذا امر واضح وبسيط وغير معقد ولا يحتاج الى اجتهادات فلا تربكونا.

     

    ما حدث في السعودية في السنوات الاخيرة من تفجير للمباني السكنية التي يقطنها الابرياء هو ارهاب بل ارهاب اعمى ومقيت. عندما تتعقب السلطات السعودية هؤلاء التكفيريين فهي تلاحق ارهابيين ولا تلاحق «من يوصفون بالإرهابيين». هؤلاء التكفيريون ومن يقف وراءهم في كل مكان هم الذين نعتوا انفسهم بالإرهابيين عندما قرروا ترهيب وترعيب وتكفير الابرياء وكل من يخالفهم الرأي.

     

    عصابة «فتح الاسلام» في لبنان ارهاب ورجال «فتح الاسلام» هم قتلى وليسوا «مقاتلين». ما تفعله اليوم كل هذه الجماعات الأصولية التكفيرية في كل مكان هو تجنٍّ وليس تديناً.

     

    نحن العرب والمسلمون تحديدا من يجب ان يسمي ما يحدث في العراق وغير العراق من اراقه لدماء الابرياء ارهابا، ولا ننتظر أحدا كي يسميه لنا. نحن ضحايا لهذا الارهاب الاعمى المقيت إنْ كان في العراق او السعودية، لبنان.. الان.. ولاننا كذلك علينا ان نسمي هذا الاجرام الذي لا علاقة له بالدين كما هو. هؤلاء التكفيريون في لبنان وفي كل مكان لا يؤمنون لا بوسطية ولا بحل وسط، فلماذا اصرار احدى الفضائيات على سؤال البعض عن اسباب فشل الوساطات مع مقاتلي «فتح الاسلام». لا افهم لماذا تسمي هذه العصابة نفسها بـ«فتح الاسلام». اي فتح وأي اسلام هذا الذي يتحدثون عنه؟ لا يوجد اي فتح في كل هذا الانغلاق الفكري والروحي لهؤلاء، ولا يوجد اسلام في هذا الارهاب المقيت.

     

    لأننا نعيش كل هذا الارهاب المقيت، والذي يستهدف كل شيء يقف في طريقه، فإن علينا ان نكون مسؤولين في ما نقول في اعلامنا. لا نريد ان نغوص اكثر في مستنقع الإنكار وخلط الحقائق لان هذا سيغرقنا جميعا في بحر الارهاب. علينا اولا ان نعترف انه يوجد عندنا ارهاب فكري وتكفيري وان هذا الارهاب يضرب بنا وبغيرنا. نتحدث لاحقا عن الاسباب، نبحث فيما بعد، او بالتزامن لا ضير، عن علاقة هذا الفكر التكفيري بالديمقراطية او عدمها. الاعلام المرئي وغير المرئي اليوم يتحمل مسؤولية أخلاقية كبرى، لذا نرجوهم أن لا يُربكوا المربَكين اصلا وأن لا يخلطوا الحقائق، وأن يسموا الامور بمسمياتها. هناك حساسية ملحوظة عند بعض الفضائيات بالذات عندما يبحث الغرب في قضايا تتعلق بالإرهاب الضارب بالغرب وبالشرق فيبدأون بتكرار عبارة «ما يسمى بالإرهاب» بشكل ببغائي مما يعطي الانطباع ان كل الارهاب الذي نعيشه هو شيء اخر. كفى تلعثما، الارهاب ارهاب ولا يجب تسميته «ما يسمى بالإرهاب».

     

    * كاتبة فلسطينية

  8. الشيف شربيني: الطهي فن وليس مجرد مقادير ومكونات

     

    كوكتيل الأسماك.. دجاج محشو بالطريقة التركية.. والبايلة الإسبانية

     

     

    القاهرة: إيمان علي

    اعتاد مصاحبة والده إلى محل عمله في نادي القوات المسلحة بالقاهرة منذ صغره، ولما كبر عشق الطهي وكل ما يتعلق به. فوالده هو طاهي النادي الأول، لذلك لم يكن غريبا أن يتشرب الشيف شربيني، أحد أشهر الطهاة المصريين والمعروفين في الساحة حاليا، هذه المهنة، ويتعلق بها ويحترفها، غير مبال بنظرة المجتمع للطاهي في تلك الأيام. فقد كانت تتسم بالدونية ولم تكن تقدر مثلما هو الحال الآن.

    "الشرق الأوسط"، التقت بالشيف شربيني الذي يشغل منصب كبير الطهاة في مطاعم فندق رمسيس هيلتون، في حوار تحدث فيه عن بداياته وعلاقته بفنون الطهي وإعداد وجبات تتحدث بكل لغات العالم.

     

    يقول الشيف شربيني إن أهم ما تعلمه من والده أن الطهي ليس مجرد مقادير وطريقة صنع للوصفات، لكنه فن له أصول وقواعد يجب اتباعها للحصول على مذاق خاص ونكهة مميزة، وهو ما يطلق عليه المصريون "النفَس الحلو في الطعام". وأضاف الشيف شربيني: "على الرغم من مهارة والدي وإلمامه بطريقة طهي العديد من الوصفات، إلا أنني لم أكتف بما اكتسبته منه، وقررت بعد إنهائي للخدمة العسكرية السفر إلى أوروبا، وكل هدفي هو الإلمام بفنون تلك المهنة وأسرارها. أول بلد أوروبي استقررت فيه كان ألمانيا، حيث التحقت بالعمل في بعض المحلات الصغيرة وبدأ الناس في الإقبال على ما أقدمه من أطعمة شرقية ومصرية. وشيئاً فشيئاً بدأت الفنادق الكبيرة تطلب مني إعداد وجبات شرقية يطلبها الاخوة العرب في ألمانيا في المناسبات. وفي أحد الأيام فوجئت بإدارة فنادق رمسيس هيلتون العالمية تطلب مني التعاقد معها للعمل لديها في أي من فروعها المنتشرة حول العالم، وقد بدأت عملي معهم منذ الثمانينات واستمر حتى الآن.

     

    عمل الشيف شربيني في أكثر من 33 دولة خلال مسيرة عمله، التى تصل إلى 40 عاما، تمكن من خلالها من إثبات مقولته ان الطهي فن في المقام الأول والأخير. فقد استطاع بذلك أن يكون الطاهي الأكثر طلبا في دول أوروبية مختلفة، حتى ان عمدة مدينة "ماربيا" بإسبانيا، ورفعت الأسد، شقيق الرئيس الراحل حافظ الأسد، كانا لا يتناولان الوصفات المصرية إلا من يده. ويقول الشيف إنه لا ينسى رئيس وزراء إسبانيا، الذى كان يطلب منه دائما الشركسية والفتة الفرنسية، التي تختلف عن الفتة المصرية تماما، حيث تتكون من شرائح خبز يتم تحميرها ولحم بتلو يقطع مكعبات صغيرة وكرفس وكزبرة خضراء وثوم يتم تحميرها مع بعض ويضاف إليها شرائح من الطماطم والبصل، يوضع بعدها المزيج في صينية، ثم يصب عليها الزبادي مع الثوم المفروم والصنوبر، ثم توضع الصينية في الفرن وتقدم ساخنة.

     

    أما أكثر الوصفات التي كانت تطلب من الشيف شربيني، إبان وجوده في أوروبا، فكانت "الكشري" و"البصارة"، وهما من أشهر الوجبات الشعبية المصرية. وهو ما يصفه الشيف بقوله: "المواطن الأوروبي مغرم بهاتين الوصفتين إلى جانب الفول والطعمية وسلطة "بابا غنوج". وأتذكر أنه طلب مني تجهيز كمية كبيرة من البصارة لمجموعة من الدبلوماسيين الأوروبيين، وفجأة اكتشفت عدم وجود فول "مدشوش"، وهو المكون الأساسي الذي يستخدم في تحضير البصارة. ولم يكن أمامي أي خيار سوى استخدام الحمص بدلا منه، ورغم ذلك نالت البصارة بالحمص إعجاب الحاضرين، حتى أن الوفد المصري الذي كان موجودا استحسن مذاقها وقالوا لي: كل شيء في أوروبا مختلف حتى البصارة!".

     

    الشيف شربيني أكد لـ "الشرق الأوسط"، أن أي وجبة تعجبه من مطابخ العالم المختلفة يقوم بإدخال تجديدات عليها حتى تحمل في النهاية رائحة المطبخ المصري. ومن أكثر المكونات التي تضفي على الأكلة نكهة شرقية، الثوم والفلفل والكزبرة الخضراء والبقدونس. وينصح الشيف شربيني ربّة المنزل إذا أرادت التميز في طهي الطعام أن تعمل على اكتساب مطبخ خاص بها يحمل بصمتها وتوقيعها في كل أكلة، إلى جانب الحفاظ على نظافته، وعدم الإكثار من الإضافات والتوابل بشكل يفقد الطعام مذاقه الأصلي وعناصره الغذائية المهمة.

     

    أما المطبخ الذي يعتبر الشيف شربيني نفسه متوجاً فيه بعد المطبخ المصري، فهو المطبخ الصيني، الذي تعلم فنونه وأسراره خلال دورة حصل عليها لمدة 6 أشهر في شنغهاي بالصين.

     

    ومن بين الوصفات التي يقدمها لنا الشيف شربيني، طبق الدجاج المحشو على الطريقة التركية، وطبق "البيفى شاينيز"، وكوكتيل السمك، والبايلة الإسبانية.

     

    * الدجاج المحشو على الطريقة التركية

     

    * المقادير:

     

    ـ نصف دجاجة منزوعة العظام ما عدا عظمة الكتف.

     

    ـ نصف كيلو أرز.

     

    ـ كوب عصير طماطم.

     

    ـ بصلة مقطعة شرائح.

     

    ـ نصف كوب زيت زيتون.

     

    ـ صنوبر.

     

    ـ كزبرة خضراء.

     

    ـ ملح وفلفل.

     

    * الطريقة:

     

    1 ـ يحمر الأرز تحميرا خفيفا في ملعقتين من زيت الزيتون، ثم يضاف إليه نصف كوب من عصير الطماطم مع شرائح البصل والصنوبر والكزبرة الخضراء والفلفل والملح ويترك على نار هادئة حتى يتم نضجه.

     

    2 ـ يوضع نصف مقدار الأرز في قلب الدجاجة ويتم لفها على هيئة اسطوانة، ثم تلف في ورق معدني وتسلق لمدة ربع ساعة.

     

    3 ـ تنشل الدجاجة وتخرج من الورق المعدني، ثم توضع في فرن هادئ الحرارة حتى تتماسك مع مراعاة عدم شيها حتى لا يجف الحشو بداخلها.

     

    * كوكتيل الجمبري

     

    * المقادير:

     

    ـ نصف كيلو شرائح سمك (فيليه).

     

    ـ ثلاث وحدات جمبري متوسط الحجم.

     

    ـ ربع كيلو سمك بياض.

     

    ـ مقدار من أعشاب إكليل الجبل (الروزماري).

     

    ـ ملعقة خل كبيرة.

     

    ـ ملعقتان عصير ليمون.

     

    ـ شرائح ليمون.

     

    ـ صلصة صويا وصلصة "أويسترا".

     

    * الطريقة:

     

    1 ـ تسلق الأسماك في ماء مزود بشرائح الليمون وأعشاب الروزماري والخل.

     

    2 ـ بعد نضج الأسماك يتم إخراجها من الماء وتقدم في طبق كبير بعد تتبيلها جيدا بعصير الليمون المضاف إليه الروزمارى وصلصات الأويسترا والصويا.

     

    3 ـ يقدم طبق الاسماك مع طبق من الارز المصري الابيض.

     

    * البيفي شاينيز (لحم صيني)

     

    * المقادير:

     

    ـ 400 غرام لحم بقري يقطع مكعبات.

     

    ـ 50 غراما من الزنجبيل الطازج.

     

    ـ مقدار من صلصة الصويا وصلصة الأوشيا.

     

    ـ ملعقتان من زيت السمسم.

     

    ـ ملعقة سمسم.

     

    ـ بعض أوراق الملفوف الأبيض.

     

    ـ بصل صغير.

     

    ـ شرائح فلفل أحمر وأخضر وأصفر.

     

    ـ نصف كيلو معكرونة مسلوقة.

     

    * الطريقة:

     

    1 ـ تطهى اللحمة على نار هادئة مع قليل من زيت السمسم حتى يحمر لونها من الجانبين، ثم يضاف إليها قليل من السمسم والزنجبيل، وقليل من الماء إن كانت بحاجة لذلك. بعد أن ينضج اللحم تقدم في طبق مع صلصة الصويا والأوشيا، وتزين بشرائح الفلفل والبصل والملفوف.

     

    2 ـ تقدم المعكرونة المسلوقة من دون إضافة أي صلصة، لأن صلصة اللحم تكفي.

     

    * البايلة الإسبانية * المقادير:

     

    ـ 500 غرام أرز.

     

    ـ 300 غرام جمبري.

     

    ـ 300 غرام شرائح سمك (فيليه) مقطع مكعبات.

     

    ـ نصف كيلو الحبار (كاليمارى).

     

    ـ حبتان من الكابوريا المسلوقة.

     

    ـ 100 غرام فلفل مشكل.

     

    ـ لتر من المرق(الحساء).

     

    ـ ملعقة صغيرة زعفران أو كركم.

     

    ـ ملعقتان بقدونس مفروم.

     

    ـ 200 غرام أجنحة دجاج.

     

    ـ نصف كيلو بصل مكعبات.

     

    ـ عصير ليمون.

     

    ـ ربع كوب زيت زيتون.

     

    * الطريقة:

     

    1 ـ يوضع إناء واسع على نار هادئة مع زيت الزيتون وكمية من البصل وتقلى حتى تكتسب لونا ذهبيا، ثم يضاف إليها الجمبري صغير الحجم، والسمك المقطع إلى مكعبات، ويحمر الكل إلى أن ينضج، يخرج ويوضع جانبا.

     

    2 ـ في هذه الأثناء تقلى أجنحة الدجاج مع البصل على النار حتى يحمر لونها، ثم نضيف المرق والحبار (الكاليماري)، ويطهى لمدة نصف ساعة على نار هادئة.

     

    3 ـ يوضع الجمبري في أسفل وعاء الطهي، ثم يوضع فوقه الأرز ثم الكابوريا المسلوقة والسمك المقطع إلى المكعبات والبقدونس المفروم وعصير الليمون. ويغطى الإناء ويوضع على النار، بعد أن يتشرب الأرز الماء، تخفف درجة النار لحين نضج الأرز.

  9.  

    أمة ضحكت من جهلها الأمم

     

    خالد القشطيني

     

    بينما تتهالك جل دول العالم على السير للأمام وتحقيق المزيد من التقدم في كل ميادين الحياة، ابتليت شعوبنا العربية بمثقفين و«مفكرين» همهم الاساسي الرجوع بشعوبهم الى الوراء والوقوف في وجه أي تطور او سعي للتجديد او انجاز أي شيء قد يثمر عن شيء. المطلوب بالنسبة لهم هو الجمود وعدم القيام بأي مجهود ما لم يقع في إطار التخريب والتقتيل والتحجيم. اقول ذلك على هامش الحملة التي سمعت عنها في التنديد بمشروع المجلس العراقي للثقافة الذي عقد اجتماعه الثاني في عمان في الشهر الماضي.

     

    تساءلوا من ينفق على المشروع. وهو آخر سؤال يخطر في ذهني. فأنا عندما يصف لي الطبيب دواء لمعدتي لا اسأله من صنع الدواء ولا من انفق على تطويره ولا حتى من يجني ارباحه. همي الوحيد هو هل سيشفي معدتي ويزيل عني الألم. لست وحيدا في ذلك. هذا ما نفعله جميعا في حياتنا اليومية. لماذا لا نطبق نفس القاعدة على شؤوننا الوطنية؟

     

    العراق غارق في الجهالة الآن. يجب ان نرحب بكل ما يساعد العراق والعراقيين والعرب عموما في الخروج من هذه الجاهلية، وتشجيع الروح العقلانية، وتحرير المرأة ومساواتها، وغرس الروح العلمية في النفوس، واحتضان مبادئ التطور والعصرنة. فبهذه العناصر ازدهر الغرب وساد العالم. وما لم نقتدِ به فمصيرنا الخذلان والضعف وبالتالي الاستسلام لعبودية الغربيين وارادتهم. كل من يتصور اننا نستطيع الوقوف في وجههم بقيم الماضي لا يعرف شيئا عن مسيرة التاريخ وتطور الامم.

     

    هل سيساهم المجلس العراقي للثقافة في تطوير هذه الروح التي انا بصددها؟ الفكر العراقي في امسّ الحاجة الآن لمن يأخذ بيده. لقد حضرت ندوتين له. كان الجمع يضم مثقفين ومفكرين جلهم من جيل الخمسينات، العصر الذهبي للفكر العراقي المعاصر. وبروح ذلك الجيل التحررية، البعيدة عن الطائفية والعنصرية جرت الطروحات والمناقشات. لم يطالب أحد بالمحاصصة في الانتخابات او الكلمات. حتى النساء القليلات المساهمات في الاجتماع لم يطالبن بضمان حصتهن. للمجلس مطامح جريئة في خدمة الفكر، لا ادري كم سيستطيع ان يحقق منها، ولكن الاعمال بالنيات. والنيات ستعرف بأكلها. ومن الحمق مناهضة المجلس قبل ان نعرف مسيرته. انا مع كل جديد حتى يثبت ضرره وضد كل قديم حتى ألمس ضرورته.

     

    انتهز هذه الفرصة لأنقل لقراء هذا العمود بعض ما اخذ الغربيون يشعرون به في هذه الأيام تجاهنا. اخذوا يشعرون بأننا امة لا خير فينا، لا أمل في تطورنا. وكل من يسعى لمساعدتنا لا يحظى بغير الخيبة والجحود ونكران الجميل. نخطف من يعمل على خدمتنا ونقطع يد من يمد يده الينا ونفتك بمن يسعى للدفاع عنا. لا نعرف عدونا من صديقنا ولا صديقنا من عدونا. الحملة الموجهة ضد المجلس العراقي للثقافة تصديق وتأييد لهذه المشاعر. ويؤسفني ان اقول انني اصبحت اشاطر في هذه المشاعر.

  10. الفتوى.. والفكرة

    محمد بن نصر

     

    ان طلب الفتوى يعبر في أغلبه عن الخوف من تحمل المسؤولية، عن حالة من عدم الاقتناع الذاتي بفعل من الأفعال فتأتي الفتوى لتعطي لهذا الفعل نوعا من المشروعية ويصبح بذلك الحمل خفيفا على الحامل. ولذلك كثيرا ما نسمع تلك الكلمة التي يتداولها الناس كلما شعروا بالإحراج عند إقدامهم على أمر ليسوا مقتنعين به تمام الاقتناع «في رقبته»، يعني أن الذي سيتحمل المسؤولية في النهاية هو المفتي.

     

    أنظر للمنهج النبوي في الفتوى، منهج حواري يصعب التفريق فيه بين المفتي والمستفتي. جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: هلكت يا رسول الله. قال: «ما أهلكك؟» قال: وقعت على امرأتي في رمضان، فقال: «هل تجد ما تعتق رقبة؟» قال: لا. قال: «فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا. قال: «فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا؟» قال:لا. ثم جلس، فأتى النبي (صلى الله عليه وسلم) بعرق فيه تمر، فقال: «تصدّق بهذا» قال: أعلى أفقر منا؟ فما بين لابتيها أهل أحوج إليه منا. فضحك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى بدت نواجذه وقال: «اذهب فأطعمه أهلك». لاحظوا هذه اليقظة الذهنية وروح تحمل المسؤولية عند هذا الرجل الذي لبساطته لم يهتم الرواة بذكر اسمه. يراجع النبي في كل ما اقترحه عليه من حلول. تلك هي الصورة التي من المفروض أن يكون عليها المسلم، مستوعبا لمبادئ دينه، فاهما لأحكام دينه ومقاصدها. وحّد الله حقّا فأضحى واثقا من نفسه، لم يتردد في معارضة الرسول ولم يعاتبه الرسول على ذلك.

     

    لطالما ألح علي السؤال حول الحكمة من تفصيل القرآن لأحكام الدين بينما اكتفى بإشارات عامة عندما يتعلق الأمر بالطبيعة والمجتمع والإنسان، وأقدّر ـ والله أعلم ـ أن الله أراد من المؤمن أن يفرغ جهده في معرفة أسرار الطبيعة ومعرفة أسرار نفسه. وأراد حينما فصل في أحكام الدين أن يفوت الفرصة على الذين يريدون أن يستثمروا في «الرأسمال الديني». إنه لمحزن أن نرى السواد الأعظم من المسلمين قد افتتن بفتاوى ما تحت الحزام وما فوق الصرة وهم يلبسون ويركبون مما صنعه الآخرون، بل مما زرع هؤلاء يأكلون. ثم لا يكفيهم هذا الوهن فتنادوا بياتا ومصبحين، وأقبل بعضهم على بعض يتزايدون، متدينون وعلمانيون، وحرروا الخطب والأقاويل في إرضاع الكبير وقد مات صغارهم جوعا ولم يبلغوا بعد الفطام. فما أحوجنا إلى الفكرة التي تحيي العزائم وتزيح عنها أثقال الهوس الديني.

     

    أي منطق يسمح باختزال حضارة أو دين في ما شذّ من الأقوال؟ نحن في حاجة للفكرة النيرة التي تنهض بحاضرنا وتبني مستقبلنا وليس لهذه الفتاوى المثيرة، أو الفتاوى الجامدة الصادرة عن المجامع الفقهية التقليدية التي مازالت مهتمة بالبحث في أهلية المرأة القضائية- من أين جاء نقصها وقد أحسن الله خلقها- وفي التبرك ببول الرسول، ولو حسموا الأمر بالإيجاب من أين سيأتون به؟ الرسول يتوضأ ويتطهر من البول، والمسلمون يتجادلون في التبرك أو عدم التبرك به. تلك هي حال من هجر القرآن وجهله

     

    * أستاذ في المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية ـ باريس

     

    birali@ hotmail.com

  11. «عجائب الفتاوى في عصر البلاوي»

    سعد بن طفلة

     

    «لا بد وأن هناك من يحاول إلهاءنا عن قضايانا الأساسية بمثل هذه الفتاوى»، عبارة تتردد من البقية الباقية من العقلاء الذين لا يزالون يجرأون على الكلام، أو لا يزالون يعتقدون بأن للكلام جدوى وفائدة.

     

    ترددت في الأسابيع الماضية فتوى تتعلق برضاعة الكبار درءا للخلوة بين العاملين والعاملات في أماكن العمل، أعقبها حواجب مرفوعة، وشفاه مقلوبة، ومقالات تسخر، ورسومات تهزأ، وأمة تراجع صحة الفتوى وصدقها!!

     

    تزامنت تلك الفتوى بأخرى حول بول الرسول (ص) وحول ما إذا كان الصحابة يتبركون به!! فتاوى أخرى كانت قد ظهرت في هذا الزمان العجيب تحرم تصويت المرأة في البرلمان، وفتوى تحرم ترشيحها، واختلف «الفقهاء» حول توليها منصب القضاء، بين محرم ومحلل وكاره وغير محبذ .

     

    من الجدير بالذكر بأن فتاوى لا تزال قائمة تحرم تعليم المرأة وعملها، ناهيك من تلك التي تحرم التعليم المشترك، وفتاوى تحرم تعليم المرأة علوما معينة وتجيز لها تعلم علوم محددة.

     

    الملاحظ أن معظم الفتاوى «الجدلية» تتعلق بالمرأة: فمن الرضاعة إلى القيادة فالولاية والتعليم... إلخ.

     

    مع تكاثر الفتاوى يلح السؤال: من هو المخول بالفتوى؟ سيقولون لك العلماء، فيأتي سؤال آخر: ومن هم العلماء؟ وما هي المعايير التي تحدد لك بأن هذا عالم وذاك جاهل؟ سيقولون لك الفقهاء. فيطرح سؤال آخر نفسه وبقوة: ما هي مواصفات الفقيه؟ ومن هي الجهة التي تحدد بأن هذا فقيها وبأن ذاك «متفيقه» لا يفقه من الفقه شيئا؟

     

    في الكويت، ثارت أزمة قادها «فقهاء» ومتفيقهون برفض قرار مجلس الوزراء بتحويل العطلة الأسبوعية من الخميس والجمعة إلى الجمعة والسبت. المعارضون يرفضون التعطيل يوم السبت لأن في ذلك تشبها باليهود !! صمتت الحكومة الكويتية صمت الحملان إلى المذبح، لم يخرج حتى الآن ناطق يدافع عن قرار الحكومة، والناس تنتظر فتوى تجيز تعطيل السبت أو موقفا حكوميا يدفع بأن قرار الحكومة لصالح البلاد والعباد.

     

    تكاثر الفتاوى في هذا الزمان العصيب يعود لسببين أساسيين: غياب العقل وغياب الدولة. السبب الأول بحاجة إلى كتب وصحائف لن تطوى تشرح وتشخص غياب العقل العربي منذ انتهاء عصر المعتزلة حتى يومنا هذا. من ناحية أخرى، فإن غياب الدولة المدنية التي يلجأ إليها الناس، قد سده فقهاء الرضاعة ومحرمو تهادي الزهور، فلو كانت الدولة المؤسسية الراشدة حاضرة في عالمنا، وتقرر وتدافع عن عصرية وعقلانية وبراغماتية قراراتها، لما احتاج الناس للمتفيقهين، والفتاوى المضحكة التي لا يتقبلها عقل ولا عاقل.

     

    الدولة في عالمنا العربي غائبة، فلا هي دينية ولا هي مدنية، فهي تارة مدنية في مظهرها الخارجي لتمويه العالم الخارجي، وتارة هي فقيهة تزايد حتى على أعتى المتخلفين تخلفا. هذه الضبابية في هوية الدولة العربية هي التي تدفع الناس دفعا نحو الجدل حول فتوى هذا الفقيه أو ذاك، وهي التي أدخلتنا في تفاهات وترهات المتخلفين من المحيط إلى الخليج.

     

    أجواء الدولة الدينية بشكل عام، هي السبب وراء انتشار الفتاوى السخيفة، فلو كانت الدول لدينا قد حسمت أمرها، وأعلنت مدنيتها، لما ضاع المواطن المسكين بين الفتاوى وبين القرارات، بين الحاضر والماضي، ولما استمرت هذه الحالة من الانفصام في التعامل مع معطيات الواقع، ولتوقف الانشطار نحو ماضي الأكاذيب، ومعايشة حاضر الانترنت.

     

    استمرار غياب العقل، وغياب الدولة المدنية، ضمانة أكيدة لفتاوى أقل ما يقال عنها بأنها مضحكة، لكنها للأسف مضحكة مبكية في الوقت نفسه.

  12. سعودي محكوم بالمؤبد في العراق: أتمنى تقبيل قدمي والدتي

     

    الكربي تنقل بين 4 معتقلات.. ولا يزال مهووسا بفريق الاتحاد

     

     

    الرياض: تركي الصهيل

    يبدو أن الكثير من الشباب السعودي، الذين دفع بهم حماسهم الزائد إلى الذهاب إلى العراق، للمشاركة في قتال قوات التحالف، ووقعوا في قبضة السلطات هناك، قد باتوا مقتنعين بخطأ ما أقدموا عليه، ولعل اعتقالهم في السجون العراقية منحهم فرصة للتفكير مجددا بالإقبال على الحياة من جديد.

    فها هو المعتقل السعودي علي حمد الكربي، والذي حكم عليه بالسجن المؤبد، نظير دخوله للأراضي العراقية بصورة غير مشروعة، يبدي ندمه وأسفه الشديدين، في رسائل وجهها لعائلته، على ذهابه إلى ذاك البلد، في الوقت الذي كانت عائلته أكثر حاجة لأن يبقى بجانبها، ويعينها على مواجهة صعوبات الحياة، وخصوصا أنه أخفى خبر ذهابه إلى العراق عنها.

     

    الرسائل الثلاث التي وجهها علي الكربي لعائلته، وهو الذي يقبع في الوقت الراهن بسجن قلعة سوسه بكردستان العراق، لم يخف خلالها اشتياقه الشديد لوالدته، والتي بدورها تولت رعايته بعد أن فارق والده الحياة وهو في الثامنة من عمره.

     

    ودائما ما كان علي الكربي، يوصي أشقاءه الـ6، وشقيقاته الـ5، في رسائله، بوالدته. وقال في أول رسالة بعث بها لعائلته في 17 فبراير (شباط) 2005، خلال وجوده في سجن أبو غريب «الله الله في أمي، عليكم بطاعتها، وأتمنى الآن لو كنت لديها لأقبل قدميها علاوة على رأسها».

     

    وتنقل المعتقل السعودي الكربي، منذ بداية اعتقاله، في 4 معتقلات، بدءا من معتقل أبو غريب في العام 2004، مرورا بسجن أم قصر التابع لمعسكر البوكا البريطاني، فسجن بادوش بالموصل، قبل أن يستقر به الأمر في معتقل قلعة سوسه بكردستان العراق.

     

    وتلقى محمد الكربي، شقيق المعتقل علي، اتصالا من أحد الأشخاص حينما كان شقيقه معتقلا في سجن بادوش بالموصل، أخبره خلاله بأنه تم اقتياد شقيقه من هذا السجن، ولا أحد يعلم عنه شيئا، حتى نشرت صحيفة «الشرق الأوسط» بتأريخ 26 أبريل (نيسان) الماضي، تحقيقا عن السجناء السعوديين في سجن قلعة سوسه بكردستان العراق، وكان أخوه أحد الذين التقتهم الصحيفة.

     

    وقال محمد الكربي: لقد كنت في غاية القلق على مصير شقيقي علي، بعد الاتصال الذي تلقيته من أحدهم، إلا أن التحقيق الذي نشرته «الشرق الأوسط» أدخل الطمأنينة في نفوس كافة أفراد عائلته.

     

    وتعود قصة غياب علي الكربي، كما يرويها شقيقه محمد لـ«الشرق الأوسط» للعام 2004، حينما أوهم الأول عائلته بأنه ذاهب إلى مدينة شرورة، ليفاجئهم بعد أسبوع من الغياب بأنه موجود في العراق.

     

    وقدم المعتقل السعودي الكربي، لعائلته، في أول رسالة يوجهها لهم بعد اعتقاله في سجن أبو غريب، اعتذاره الشديد، لأنه لم يخبرهم بأنه ذاهب إلى العراق، بحجة أن ترتيبات الرحلة جاءت بشكل سريع.

     

    وتوقف المعتقل علي الكربي في دراسته، عند المرحلة الابتدائية، ولم يكمل بعدها دراسته. وفي ذلك الوقت التحق بحلقات لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة الدرعية، قبل أن يلتحق بدورة مكثفة لتحفيظ القرآن بجامع الشيخ عبد العزيز بن باز في الرياض.

     

    وقال محمد الكربي، إنه لم يلاحظ على شقيقه علي أي توجه نحو العنف والقتال، بيد أنه ذكر بأن شقيقه كان مستاء جدا مما يحل بالدول الإسلامية في المنطقة.

     

    وكان المعتقل السعودي الكربي، قبل التزامه دينيا، يحتفظ بصور لاعبي فريقه المفضل «الاتحاد». ويؤكد شقيقه بأنه كان مهوسا جدا بحمزة إدريس والحسن اليامي، وهما لاعبان في الصف الأول لفريقه المفضل. وعلى الرغم من التزام الكربي من الناحية الدينية، إلا أن هوسه بالرياضة لم ينقطع، حتى وهو في المعتقلات العراقية. ففي رسالة مؤرخة بتاريخ 21 يوليو (تموز) 2005، هنأ خلالها بفوز ناديه الاتحاد على نادي النصر بنتيجة 6 للاشيء، حيث كان وقتها في سجن معسكر بوكا البريطاني.

     

    ولو قدِر للمعتقل السعودي أن تفتح له أبواب الحياة من جديد، فهو يرغب في الاقتران ببنت خاله، حيث قال في إحدى رسائله مخاطبا والدته «سلامي إلى من سكنت قلبي وفؤادي، التي لم تفارقني، أمي الغالية العزيزة، أسأل الله أن تكوني في أتم صحة وألف عافية، لا تهتمين علي، أنا مرتاح والحمد لله، الأكل والشرب والنوم، كل هذا متوفر، إن شاء الله أخرج ونلتقي، وتزوجيني بنت خالي».

  13. الفتاوى «الغريبة».. من المسؤول عنها؟!

     

     

     

    القاهرة: أيمن حامد

    تخرج علينا عبر الفضائيات فتاوى مثيرة وغريبة تشعل الخلاف في الشارع. ويتساءل البعض ماذا يمكن للمسلم اليوم أن يستفيد من فتوى تخص بول النبي، صلى الله عليه وسلم؟ وما هي الحاجة للحديث عن التطيب بعرقه الشريف؟ أو الكلام عن إرضاع الكبير؟ ومن المسؤول عن مثل هذه الفتاوى؟ رجال الدين بفتاويهم أم رجال الإعلام في ظل عدم وجود ضوابط تحكم عملهم في الفضائيات.

    من جانبه، قال الشيخ عبد الله مجاور رئيس قطاع مكتب شيخ الأزهر والأمين السابق للجنة الفتوى بالأزهر، إن توقيت إثارة مثل هذه الفتاوى يدعو للدهشة والاستغراب.

     

    ويذكر مجاور أن هناك عدة عوامل أدت لانتشارها منها الفضائيات التي يمكن اعتبارها «إعلام قطاع خاص»، فمنذ عشر سنوات مثلا، لم يكن هناك مثل هذه التوجهات. ويشير إلى أنه وسط المنافسة الفضائية المحتدمة، تبحث كل قناة عما يرفع من أرصدتها ونسبة الإقبال عليها، وللأسف لا يكون ذلك إلا من خلال البحث عن الغريب والمستغرب. ويرجع مجاور ذلك إلى استضافة أشخاص غير مؤهلين للفتوى، فماذا لا يذهبون إلى علماء الأزهر أو العلماء الأتقياء الورعين فعلا وقولا، الأمناء في فتواهم، العالمين بالكتاب والسنة وعلوم القرآن وأسباب النزول والناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه ومعرفة وجوه القراءات إلى غير ذلك مما تجب معرفته لمن يتصدى للفتوى، حتى لا يضل فيرى الحلال حراما والحرام حلالا. وأضاف: أن طبقة المفتين الجدد الذين يعاصرون الانفتاح التكنولوجي الجديد، يرون في الظهور في الفضائيات فرصة جيدة للشهرة وتحقيق المكاسب، فيبحثون عن فتاوى غريبة تلفت الأنظار إليهم.

     

    وقال مجاور إن المقصود من تداول هذه الفتاوى على هذا النحو، يدخل في إطار إثارة البلبلة وزرع الشقاق بين جسد الأمة الواحد، وهذه أمور لا تخفى على أحد، مشيرا إلى أن رجال الإعلام في حقيقة الأمر أول من يتحمل مسؤولية مثل هذه الفوضى الإفتائية، وذلك عبر استضافتهم لمن هو غير مؤهل للتصدي للفتوى الذين يطلقون بدورهم فتاوى لا تناسب العصر. ويتهم مجاور تيارات إعلامية ترى في الدين سببا لتأخر العالم العربي، وترغب في تهميش دور الدين في حياة الشعوب المسلمة، بوصفه خطوة أولى نحو التنوير، ومن ثم نراها تفتش عن كل ما هو غريب، وتعمل على تزكية حدة الخلاف والشقاق. ويضيف لكنهم «يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون». وأتهم مجاور جهات إعلامية بتصيد الأخطاء التي يقع فيها بعض العلماء، كما أنهم يركزون على بعض الأحاديث المصنفة بأنها ضعيفة أو غريبة، وذلك لدفع دعاواهم المتكررة بضرورة تغيير الخطاب الديني، لكن إذا لا يوجد هناك داع ـ في الواقع ـ لذكر أحاديث معينة، فلماذا الإصرار عليها. ومن ثم فعلى أهل الفتوى أيضا مراعاة البعد العصري للواقع الذي يحياه الناس، فلا يأتون بالغريب أو الذي انتفى بزوال عصره. من جانبه قال الإعلامي جمال سلطان إن المسؤولية في الترويج لمثل هذا النوع من الفتاوى هي مسؤولية مشتركة افتقد كل أطرافها إدراك حساسية الحالة الدينية، وعدم جواز أو صحة اتخاذها مادة للإثارة. ويضيف أن الإعلامي يبحث دوما عن الشيء المدهش والجديد، وفي المقابل هناك بعض الشيوخ استهوتهم فكرة الحضور الإعلامي والجاذبية المحيطة به، وأن هذا لا يتحقق إلا بهذا الترويج لمثل هذه الفتاوى الغريبة. وأشار سلطان إلى أنه رغم هيمنة التيار العلماني على الإعلام وحضوره الدائم به، إلا أنه ليس السبب في إيصالنا إلى مثل الوضع، لكن هناك حالة من الفراغ العلمي في المجال الديني، هي التي أدت بنا إلى ذلك. ويوضح أن مساحة الممنوع في الفتوى اتسعت وزادت المحظورات أمام الفقيه، فإذا تعرض للقضايا السياسية واجه عواقب وتبعات لا يرغب في مواجهتها، وإذا أفتى في الشأن الاقتصادي مع المساحة الكبيرة والمؤثرة للغاية لـ«البيزنس» في هذه الأيام، فقد يواجه مشاكل أيضا، وإذا تكلم حول قضايا ثقافية، فالتهمة جاهزة من أنصار التيار العلماني بأنه كهنوت جديد وظلامي ومحاكم تفتيش حديثة واستحضار للعصور الوسطى.

     

    ويضيف سلطان، أن النتيجة كانت انحسار مساحة المتاح في الفتوى، الأمر الذي خلق حالة من الفراغ الديني، فأصبح المفتي اليوم يتكلم في القضايا الفارغة، التي لا علاقة لها بالواقع أو روح العصر الذي تعيش فيه الأمة.

     

    وأشار سلطان إلى أن الكلام عن الضوابط الآن، من شأنه تعزيز الاضطراب، إذ أن الظاهرة الآن تتميز بالسيولة ومن الصعب ضبطها، فهناك مراكز للفتوى عابرة للقارات يصعب السيطرة عليها، مفيدا بأن المناخ المعاصر يحتاج لإعادة النظر، وضرورة إيجاد قدر من الحرية وإشاعة الإحساس بالمسؤولية، ووضع الشارع أمام التحديات الحقيقية والطموح الوطني، وإذا ترسخت مثل هذه المعاني ستؤدي إلى انتشار الثقافة الجادة والمسؤولة التي تخدم الأمة وأشواقها إلى النهضة.

     

    من ناحيته قال ماجد يوسف مدير قناة التنوير عضو اللجنة الدينية لاتحاد الإذاعة والتلفزيون، التي يترأسها مفتي مصر الدكتور على جمعة، إنه سأل المفتي شخصيا عن لجوئه لنشر مثل هذه الفتاوى الملغومة، التي لا تخدم الإسلام ولا المسلمين في شيء، أجاب المفتي بأنه يرد إليه في العام الواحد ما يقرب من 1.3 مليون فتوى للرد عليها. ويضيف المفتي ـ بحسب يوسف ـ في حالة عدم الرد على واحدة منها، ترفع عليه دعاوى قضائية في المحاكم تتهمه بأنه ممتنع عن أداء وظيفته، وهناك من يتربص لرفع مثل هذه القضايا، والغريب أنهم يكسبونها في حالة عدم إجابة المفتي على فتوى واحدة.

     

    وأضاف يوسف، أن هذه الفتاوى لم تكن لتنتعش لولا أن لها سوقا رائجة بين الناس، فالشارع الآن يشجع مثل هذه التوجهات بإقباله عليها، الأمر الذي يعكس حالة من الخواء الروحي والسياسي والثقافي على مستوى الأمة. وأكد أن هذا النوع من الفتاوى يشبه غناء المطربين الشعبيين، فهذا النوع من الغناء يماثل هذا النوع من الفهم القاصر للدين، الذي هو دين العقل والفكر والتقدم.

     

    وحمل يوسف بشدة على رجال الدين كونهم المسؤولون عن مثل هذه الفوضى، قائلا إنه ليس متخصصا في الدين، والإعلامي يذهب إلى رجل الدين في المؤسسات الدينية مثل الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية ووزارة الأوقاف، وعندما يأتي المشايخ أمام الكاميرا يعرضون هذه البضاعة الفاسدة، وعندما يحاول الإعلامي مراجعة رجل الدين، يتهموننا بالجهل ويعرضون بنا.

     

    ويضيف أن هناك فضائيات كثيرة، لا يمكنها التعبير عن قضايا كثيرة تخص الشارع لأسباب لا تخفى على أحد، فيكون المقابل عرض القشور والأفكار الجامدة التي لا تناسب العصر ضمن سياسة تجهيل متعمدة تعرض أول ما تعرض التفاهات وسط معدل كبير من الأمية تعيشه الشعوب العربية. ويؤكد الدكتور حسين أمين رئيس قسم الإعلام بالجامعة الأميركية بالقاهرة، أن هذه الفتاوى ليس لها ضابط ولا تشريع، ولا أي نوع من الأكواد الخاصة بالإعلام الديني، وهي بالتالي تخلق نوعا من البلبلة والتشويش في العالم الإسلامي.

     

    وأشار أمين الى أن هناك توجها غريبا في الإفتاء الآن، يرتكز على عودة المفتي في فتواه مرة ليراجعها ويصححها، وهذا يخلق بدوره قدرا كبيرا من الاضطراب، فضلا عن أن هذه الفتاوى تكون في إطار الموضوعات غير المطروقة ومحتواها لن يزيد الأمة الإسلامية شيئا من التقدم العلمي أو الإنجاز، بقدر ما يخلق نوعا من التغييب، وبالتالي نهدر وقتنا في مسائل لا تجدي نفعا.

     

    وأضاف أمين أن ما يحدث بالدرجة الأولى هو مسؤولية الجهل الذي نعيشه، عندما يطل علينا من يرغب في الظهور والانتشار وسط صراع وتنافس شديد بين القنوات الفضائية التي بالمئات الآن على استقطاب المشاهدين.

     

    ولا يستطيع هؤلاء استقطاب المشاهدين، إلا من خلال استخدام موضوعات السحر والشعوذة والخزعبلات والآراء التي تحمل في طياتها دوافع تحريض وكراهية، فيأتي شيخ مجهول، ويطلق فتوى صاروخية موجهة تشعل فتنة في الأمة، ثم يعتذر بعد ذلك، ولا أحد يراجعه. وتساءل أمين عن مصير الإسلام وشكله بعد 20 عاما من الآن، إذا استمر الحال على ما هو عليه. وحول الاتهامات التي تطول التيار الإعلامي العلماني بضلوعه في التركيز على مثل هذه الفتاوى والترويج لها. استبعد أمين هذه الفكرة، معتبرا إياها تكلفة باهظة وطريقا غير مباشر ومنعطفا خطيرا في حال انكشافه لا ترغب العلمانية العربية في ولوجه، وأنها تعبر عن وجهة نظرها بمنتهى الوضوح والصراحة. ولا يجب ترك الأسباب الرئيسية المسؤولة عن هذه المهزلة خاصة الجهل وتمييز الذات والتعصب ثم نهرع إلى العلمانية باتهامها.

     

    وتابع أمين أنه حتى لو كانت هناك جهات تقف وراء ذلك كله ضمن إطار نظرية المؤامرة، فيجب أولا أن نعترف بخطئنا ونصححه، ثم بعد ذلك نبحث عن الأسباب الأخرى، لكن في النهاية كل هذه الفتاوى الغريبة عن إرضاع الكبير والبول والتطيب بالعرق نتاجنا نحن، وليس لغيرنا ذنب فيها.

     

    وطالب أمين بضرورة وضع تشريعات وضوابط عن طريق اللجنة الإعلامية بجامعة الدول العربية، واتحاد الإذاعات والتلفزيونات العربية، إذ ان هذه الضوابط ليست بدعة، بل سبقت إليها دول متقدمة كثيرة مثل الولايات المتحدة ودول في أمريكا اللاتينية. وقال أمين انه عندما خرج المطربون الأمريكيون عن الإطار الأخلاقي في اختيار كلمات أغانيهم، تحركت الجمعيات النسائية الأهلية، ورفعت دعاوى قضائية وحصلت على حكم قضائي بتصنيف الأغاني ومنع بيع بعضها لمن هم أقل من 18 عاما. وأضاف أمين إن الشعوب العربية اعتادت الضوابط، ولا تستسيغ التعامل بانفتاح مع مسائل كثيرة من أمور الدين والدنيا، فلا بد من الإعلام المسؤول، فضلا عن دور أساسي للمؤسسات الدينية ومنظمات المجتمع المدني، ومن خلال مثل هذا التكاتف يمكن إيقاف هذا السيل المحزن من الفتاوى والمواد التي تنشر ثقافة التغييب، في وقت نحن في أمس الحاجة فيه إلى التقدم وإيقاف معدلات الفجوة المعرفية الرهيبة، بيننا وبين العالم من حولنا.

     

    واقترح أمين أن يكون هناك مجلس من المختصين، يناقش المفتي في فتواه ويراجعه فيها قبل عرضها على جمهور المشاهدين حتى تتوقف مسألة التراجع عن الفتاوى بعد إصدارها، الأمر الذي يعكس حالة من التخبط وعدم وضوح الرؤية. وقال أمين أن الفضائيات في مصر تحولت إلى طرف مؤثر على واقع الناس وطريقة تفكيرهم، خاصة إذا علمنا أن هناك 8 ملايين مصري، يملكون أطباقا لاقطة، فضلا عن 10 ملايين آخرين لديهم وصلات تمكنهم من مشاهدة القنوات الفضائية. هذه النسبة مؤثرة للغاية، وتتأثر بدورها بما يدور على شاشة هذه الفضائيات من حوارات وبرامج قد تؤدي إلى زيادة التغييب والتعصب والكراهية، وهذه أشياء خطيرة يجب التعاطي معها بجدية.

  14. موسم الهجرة لسلمان باك

     

    خالد القشطيني

     

    حل موسم الصيف وأثار في نفسي السؤال هل سيجرؤ العراقيون على الاحتفال بسلمان باك كعهدنا بهم؟ فطالما تغنوا وقالوا: «اللي ما يزور السلمان عمره خسارة». والسلمان هنا إشارة الى قرية سلمان باك التي تعرف بين المؤرخين بمدينة طيسفون، عاصمة الساسانيين. لم يبق من ذلك المجد غير ايوان كسرى الذي وصفه البحتري:

     

    لو تراه علمت أن الليالي

     

    جعلت فيه مأتما بعد عرس

     

    على مقربة من الإيوان قبر الصحابي سلمان الفارسي. لأهالي بغداد تقاليد طويلة ترتبط بالموقع. من ذلك الحلاق الذي يقف بالخدمة طوال النهار بجوار القبر، على اعتبار ان سلمان الفارسي كان حلاق النبي، وآمن اهل بغداد بأن من البركة اجراء الحلاقة بجوار الصحابي الصالح. وكان الحلاق، الأسطة حميد، يعلم بذلك فعقد مقاولة على ما يظهر مع البلدية بأن لا يسمحوا لأكثر من حلاق واحد بمزاولة هذه المهنة هناك. وهذا على ما يبدو كان اول تنظيم احتكاري في الاسلام. واستغل الحلاق هذا الاحتكار لأقصى درجاته فكان يتقاضى اجورا ربما لم يسمع بمثلها احد حتى في صالون ساسون بلندن. يعلم الله ما الذي سيقوله دفاعا عن نفسه، يوم الحشر لذلك الصحابي البار الذي كان يكتفي ببضع تمرات اجرة على عمله.

     

    تماشيا مع هذا التقليد، اعتاد اهل بغداد ان يأخذوا صغارهم الى سلمان باك ليجري ذلك الحلاق الحلاقة الأولى للطفل على اعتبار ان في مقصه وموسه بركة سلمان الفارسي. وطور ذلك حميد المزين الى تقليد آخر، وهو انه كان يجمع الشعر المقصوص من رأس الطفل لأول مرة، ويضعه في كيس خاص ويسلمه لوالد الطفل ويذكره بالتقليد المأثور وهو ان عليه أن يزن ذلك الشعر بالذهب ويوزع قيمة الذهب على فقراء القرية.

     

    وهذا هو السر في ان الزائر الأجنبي يلاحظ دائما كثرة الشحاذين في سلمان باك. وعلى كل، فالأب الشاطر والحريص على ميزانية بيته، كان يأخذ ابنه لحلاق سلمان باك حالما ينبت الشعر على رأس الولد وقبل ان يطول ويتكاثف ويزيد وزنه.

     

    لا تقع سلمان باك على مقربة من بغداد فقط، بل وكذلك على مقربة من بابل. يعني ذلك ان كثيرا من التقاليد البابلية القديمة تسللت عبر التاريخ الى عهدنا هذا. من اول هذه التقاليد الاحتفالات بحلول الربيع، او مولد الإله تموز الأسطوري.

     

    حالما تبدأ اشجار البرتقال والليمون بنشر براعمها، تبدأ احتفالات الربيع في سلمان باك. يخف الجمهور في مواكب شعبية، كل منها يمثل محلة من المحلات الشعبية. فيقيمون خيامهم في السهل المجاور المحيط بالمسجد. تتقدم هذه المواكب اثناء النهار بطبولها واعلامها واغانيها نحو قبة المسجد لتعلن عن محبتها للصحابي الشهير وتلتمس بركته. تعود المواكب الى خيامها عند المساء، وهو موعد الاحتفال بالأنس والطرب والرقص. ومن يفوته ذلك، فالأغنية تذكره بخسارته: اللي ما يزور السلمان عمره خسارة.

  15. فتح الإسلام.. «القاعدة».. ولبنان!

     

    الياس حنا

     

    عند كلّ مُفترق تحوّل مهمّ في النظام العالمي، هناك أخطار جديدة. وردا على هذه التحديات، تُوضع استراتيجيّات جديدة بهدف درء الأخطار. ولأن الأخطار جديدة، فمن الطبيعي ألا تنفع معها الاستراتيجيّات والوسائل القديمة. من هنا ضرورة الابتكار. والابتكار، لا يعني النجاح الحتميّ.

     

    بعد كارثة 11 سبتمبر، تبدّى للعالم بشكل عام، وللولايات المتحدة بشكل خاص، ان الارهاب ارتقى في خطره إلى المستوى الاستراتيجي، الأمر الذي قد يُهدد الكيان والوجود، خاصة في حال تزاوجه مع سلاح الدمار الشامل.

     

    فتنظيم القاعدة كان قد ابتكر أذكى صاروخ مُوجّه ـ ذكيّ في تاريخ البشريّة: الطائرات المدنيّة. فما كان على أميركا بعدها، إلا ان تتأقلم مع الأخطار الجديدة، لتضع الاستراتيجيّات وتبدأ حربها ضدّ الارهاب العالمي. فكانت عقيدة بوش، وكان قانون باتريوت، كما كانت موافقة الكونغرس للرئيس جورج بوش باستعمال القوّة العسكريّة.

     

    من خلال ما ورد أعلاه، يمكننا القول اليوم إن ما نراه في العراق، وفي أفغانستان، وكلّ ما يمتّ اليهما بصلة، يندرج تحت عنوان «التجربة، التعلّم، أخذ العبر، كما الفعل وردّ الفعل».

     

    قرّرت أميركا أن تُعيد الخطر المُستجدّ من بُعده العالمي إلى بُعده الاقليمي. ومن ثُمّ حصره ضمن مسؤوليّة الامّة ـ الدولة.

     

    من هنا عقيدة بوش الاستباقيّة، والتي تُعيد تفسير مفهوم السيادة بشكل عام (وستفاليا) وبشكل ان تُصبح سيادة مشروطة. بكلام آخر، تُحترم سيادة دولة ما، إذا كانت هذه الدولة لا ترعى الارهاب وتموّله.

     

    إذن تريد اميركا إعادة قوانين اللعبة إلى اللاعب الذي يمكن، ردعه، معاقبته ومحاسبته إذا استلزم الامر. بكلام آخر، تريد عنوانا يمكنها ان تُرسل عبره رسائلها، الدبلوماسيّة كما العُنفيّة.

     

    ولأن العدو الجديد عابر للقارات وللحدود. ولأنه لا يملك عنوانا مُحدّدا. ولأن المفاهيم القديمة للدبلوماسيّة، من ردع وغيره لا تنفع معه. ولأنه، يحتاج إلى ملاذٍ آمن كي ينمو وينتشر. ولأن هذا العدو الجديد يعمل تحت عباءة تتجاوز الفروقات الاثنيّة، العرقيّة، والدينية. ولأن هذا العدو يعتمد التركيبة الحضاريّة، الثقافيّة لخلاياه بحيث لا يمكن معرفة نواياه والاستعلام عنه مُسبقا. ولأن الملاذ الآمن، لا يمكن ان يتحقّق إلا إذا كانت الدولة ـ الامّة التي تحتضنه فاشلة. كان لا بد من استهداف الملاذ الآمن لهذا العدوّ الجديد. وهنا قد ينطبق هذا الوضع على افغانستان، وليس على العراق.

     

    مرّ تنظيم القاعدة حتى اليوم بمرحلتين هما: مرحلة الصعود، حيث كانت مركزيّة القيادة في افغانستان تحت عباءة بن لادن والظواهري. في هذه المرحلة نُفّذت اعتداءات 11 سبتمبر. ومرحلة التشتّت، التفتّت واللامركزيّة في القيادة، وهي التي نعيشها في هذه المرحلة. إذن، بعد إسقاط نظام طالبان، شتّتت الولايات المتحدة تنظيم القاعدة إلى كلّ أرجاء العالم، ليصبح الرابط الوحيد بين المجموعات هو الرابط الايديولوجي ـ الديني، أي القوّة الطريّة. وعليه، يمكن لكلّ مؤمن بأفكار بن لادن، ان يقوم في محيطه بما يخدم الهدف الأسمى لـ«القاعدة»، ألا وهو قتل الكفّار، طردهم من دار الاسلام، وتحضير أرضيّة إعادة بناء أمجاد الخلافة الإسلاميّة. تندرج كلّ التفجيرات التي حصلت بعد 11 سبتمبر في هذا التصنيف.

     

    لكن الجديد بعد التعثّر الاميركي في العراق هو في ان نوعيّة الارهابي الجهادي التكفيري اصبحت من «الصنف الممتاز»، إذا صحّ التعبير. لكن ما نقصد هنا هو خبرته العسكريّة الارهابيّة، لأن العراق قد أصبح فعلا يُشكّل الساحة لمعموديّة النار لهؤلاء الجهاديّين، خاصة ان العراق، يحوي كلّ اللوازم الضروريّة لإنتاج هذا الصنف الجديد؛ فهو يحوي الهدف الأسمى، أي الأميركي. كما يحوي كلّ الوسائل العسكريّة والخبرات التي خلّفها نظام صدّام حسين. وأخير وليس آخرا، أصبحت وسائل الاتصال والتجنيد ونقل الخبرات تمرّ عبر البُعد الرابع، حيث لا سيطرة عليه ممن كان قد اخترعه وابتكره، ألا وهو الـ Cyberspace.

     

    لكن الخطر المستجدّ اليوم هو، في عودة «القاعدة» لإعادة الشبك ـ بين خلاياها، والتي تمتد من المغرب العربي حتى اندونيسيا مرورا بالعالم العربي؛ فقد أصبح على سبيل المثال ممكنا ان يُجنّد مجاهد عبر الإنترنت من ليبيا، ليأتي إلى سورية، فيُرسل بعدها إلى الأردن لتنفيذ عمليّة انتحارية في مطار الملكة علياء («نيويورك تايمز» 28/ 5/ 2007).

     

    بغضّ النظر عن الخلفيّة السياسيّة، في الموقف حول فتح الاسلام لبنانيّا. يمكننا القول إن هذه الظاهرة تندرج من ضمن تصنيف المرحلة الثانية لـ«القاعدة» وبامتياز. فليس من الضروري أن يعمل هذا التنظيم بتوجيهات مباشرة من القيادة المركزيّة لـ«القاعدة»، وهذه اليوم ليست موجودة. فهو مؤمن بفكر «القاعدة»، وكان قد وجد الملاذ الآمن في مخيّم نهر البارد، وأمّن التمويل من عمليات السطو على المصارف، ويضمّ في صفوفه عناصر عابرة للحدود.

     

    هل هناك مكان لـ«القاعدة» في لبنان؟ ربما، لكن ليس كما أفغانستان والعراق؛ فتركيبة لبنان المذهبيّة، لا تسمح له بأن ينتشر. لكن في حال سقوط الدولة كما في العراق، سوف يجد أرضا خصبة، حتى ولو اقتصرت على أماكن جغرافيّة محدّدة ذات طابع مذهبيّ معيّن. يٌطلق اليوم على «فتح الاسلام» اسم الذريّة الجديدة لـ«القاعدة» في لبنان.

     

    وتندرج معضلة الجيش اللبناني اليوم في انه وللمرّة الأولى يمرّ بموقف خطير جدّا يفرض عليه استعمال القوّة العسكريّة، لكن دون غطاء حتى ولو تكتّل كلّ الفرقاء السياسيّين حول هذا الجيش.

     

    فهو مُضطرّ للتوفيق بين استرداد هيبته، كرامته ورفع الخطر عن أمنه القومي. وبين عدم إظهار الحرب على أنها تُخاض ضدّ المدنيّين الفلسطينيّين.

     

    وتخاف المؤسسة من مرحلة ما بعد الحسم. فهل ستكون محطّ إجماع لبناني، الأمر الذي سيعطيها المزيد من المصداقيّة، وبالتالي المزيد من المهّمات، أم العكس؟

     

    في مكان آخر، يقول البعض ان تحذير السيّد حسن نصر الله من دخول المخيّم بالقوّة يعود إلى خوفه من سقوط الجيش، الأمر الذي سيكشف حزب الله.

     

    وقد يقول البعض إن هاجس نصر الله يعود إلى خوفه من خروج الجيش منتصرا، الأمر الذي قد يلغي حجّة عدم جهوزيّة هذا الجيش لتولّي كلّ المهمات العسكريّة في لبنان.

     

    * أستاذ جامعيّ لبناني، خبير وباحث استراتيجي وعميد ركن متقاعد

  16. لفت نظري كثرة النقاش حول مقال الاستاذ عبد الرحمن الراشد في صحيفة الشرق الاوسط،،

    ها هو نص المقال مع المناقشات والردود

    ............................................

     

     

    اللعب في منتصف ملعب الآخر

    عبد الرحمن الراشد

     

     

    على مدى ثلاث سنوات كانت استراتيجية ايران اللعب في منتصف ملعب الآخر، لهذا رأينا عشرات المعارك عبر حلفائها مثل حماس في غزة، وحزب الله في لبنان، وفرق الموت والعمليات الانتحارية في العراق، والحوثيين في شمال اليمن، التي ألهت المنطقة عن كل شيء آخر. وليست أحداث مخيم نهر البارد الا معركة أخرى في مفهوم اشغال الآخرين في خريطة عريضة ضمن مواجهة سياسية وعسكرية مستمرة حتى ايصال المنطقة والقوى الخارجية الى مرحلة لصالحها.

     

    والرابط واضح وهو ان جميع هذه القوى، على اختلاف طوائفها وقياداتها ودولها، تنتهي عند ايران، التي تدعمها وتدافع عنها وتنسق احيانا بين بعضها بعضا. من وراء كل ذلك تريد ايران ان تضغط لتحقيق معادلة واضحة المعالم، النفوذ والهيمنة على منطقة الشرق الأوسط. ولقد نجحت طهران بالفعل في اشغال المنطقة لأنها ورفاقها استطاعوا خلق بؤر توتر جديدة او تنشيط قديمة في الدول الأربع. والاشتباكات متعددة الدرجات، عسكرية او سياسية. فهي بين حماس وفتح، وحزب الله وفريق الاكثرية، مع غارات لا تتوقف في البصرة وبغداد لفرق محسوبة على ايران، سنية وشيعية، وتركيز على خلق جبهة مستمرة القتال في شمال اليمن.

     

    وقد دفعت الاحداث المرهقة والدامية للمنطقة الكثيرين للتساؤل، خاصة مع وجود براهين واضحة على أنها احداث مترابطة، كيف نجح معسكر طهران في تبني سياسة اللعب في منتصف ملعب الثاني، وعجز الجانب الآخر عن مواجهتها. أي بدل ان يكون الدفاع والتمترس هما السياسة تنقل ايران اللعب الى منتصف ملعب الآخر حتى ينشغل بأزماته في الاراضي الفلسطينية ولبنان والعراق واليمن؟

     

    اختارت ايران ان توظف عن بعد القوى المتململة في المنطقة لصالحها لأنها لا تستطيع التدخل المباشر عسكريا او سياسيا. ولم تكن في حاجة الى اختراع ادواتها في المنطقة، نظرا لوجود قضايا حقيقية، وأطراف متنازعة، وكل ما تفعله هو دعمها وتحريضها والتنسيق بين نشاطاتها احيانا، كما حدث في الصيف الماضي عندما خطفت حماس جنديا اسرائيليا، وتبعه حزب الله فخطف جنديين آخرين، ونشبت حرب زادت من رقعة النزاع وحدته. والأمر أكثر وضوحا في العراق، حيث استمرت طهران في تحريك كل المناطق حتى أوصلت الأمور الى مرحلة اضطرت الاميركيين الى الجلوس مع الايرانيين في بغداد في اعتراف واضح بان ايران المدبر لمعظم الأزمة.

     

    وسبق ذلك أن اضطرت السعودية ايضا الى الاتصال بإيران من اجل ايقاف معارك الشوارع في لبنان، التي بدأت بحرق الاطارات واعتصامات وسط العاصمة واشتباك بين طلبة الجامعة اللبنانية. وبالفعل تمكنت ايران من السيطرة على الوضع وأوقفت المواجهات وأعلن حزب الله ايقاف المظاهرات وسحب رجاله. لكن ما ان اطفئت نار حتى اشعلت أخرى في لبنان وغزة والعراق واليمن. وطالما ان هذه الدول المتورطة تشعر انها في منأى عن العقاب ستستمر في اختراع او تجديد بؤر للصدام وإبقاء المنطقة في حال احتراق مستمرة.

     

    alrashed@asharqalawsat.com

     

     

     

    التعليــقــــات

    محمد فضل علي، «كندا»، 03/06/2007

    ايران للاسف الشديد تتعامل بطريقة غادرة وماكرة واذا اردت صورة مقربة فماعليك الا بمشاهدة بعض اجزاء من مسلسل (هولاكو) ايران عملت وتعمل بهمة عالية على اسقاط النظم الموجودة في المنطقة اختلف او اتفق الناس عليها ولايهمها دخول المنطقة في فراغات مدمرة كما هو حادث في العراق وفلسطين التي غرقت في شبر من العنتريات والايدلوجيات المميتة بواسطة البعض الذي يعتقد ان خروج المزيد من الجنائز لشباب الشعب الفلسطيني من مقاصد الشريعة وكما هو دائر الان في لبنان من خلال بذرة العنف المتنامي..ايران تستهدف الجميع من اجل تمرير مشروع خرافي وغير واقعي..ايران تحاصر مصر الان عبر جماعة الاخوان التي تخوض حرب استنزاف لارهاق الحكومة المصرية الحالية وهذا لايصب في المصلحة الوطنية للمصريين ولا المصلحة القومية وهذا لايعني صك بنموذجية الحكومة المصرية ولكن اهل مكة ادرى بشعابها والتدرج المنطقي والواقعية في النظر للاشياء خير من القفز المدمر..المفارقة الكبرى سيدي ان ايران التي تحشد الاصولويين في كل مكان عملت على تكريس الاحتلال وباركت سحل وقتل العراقيين وتدمير الدولة الوطنية في ذلك البلد ثم تتحدث الان عن انسحاب الاحتلال من العراق.

     

    SADIQ AL TAAI، «مصر»، 03/06/2007

    هل نحاول خلق بعبع اسمه (ايران) ونخيف به انفسنا، ان ايران من دول المنطقة ذات التأثير الواضح في توازنات الشرق الاوسط، وكل سياسياتها تنبع من خدمة مصالحها وهذا الامر من مسلمات السياسة في كل العالم، لكن ان نجعلها المسبب الوحيد لكل مشاكل الشرق الاوسط فهذا امر فيه تعمية واضحة على تأثير الدور الاسرائيلي ودور الولايات المتحدة وحلفائها من الدول العربية في المنطقة، ثم ماذا عن بعض دول الخليج وما تمثله من حاضنات للارهاب فكرا وتعليما وتمويلا، ان ايران تلعب ادوارا رئيسية في المنطقة وليس الحل في التباكي وطلب معاقبتها، انما الحل في ان نكون نحن ايضا فاعلين بما نمتلك من قدرات لنقف بحق بوجه هذا التهديد.

     

    محمد حيدر عراقي في ايران، «ايران»، 03/06/2007

    اذا كان ما تقوله صحيح فيعني ان العرب اغبياء !!!!وانهم ينتحرون في العراق بامر من ايران وان الدفاع عن لبنان غلط وان على الفلسطينيين الابتعاد عن اسرائيل وقبول ما تفرضه عليهم وان مذبحة الحكومة اليمنية للحوثيين امر مبرر ولا حاجة لاستنكارها وشيء اخر نفهمه من مقالتك ان ايران ذكية جدا وانها تجبر الجميع بما فيهم امريكا والسعوديه بالرضوخ لارادتها!!! انه مع الاسف مقال غير منطقي وقد يقترب الى الخيال كثيرا.

     

    جواد حسان، «المملكة العربية السعودية»، 03/06/2007

    ويقولون ان امريكا قد تحارب ايران, كيف يفرط الأمريكان في هذا الكنز الثمين الذي تحقق من خلاله أضعاف ما يمكن ان يتحقق على يديهم مباشرة , لقد اثبت الرهان على الملالي ذكاءه وبعد نظره .

     

    ابراهيم اسماعيل، «المملكة العربية السعودية»، 03/06/2007

    نفسي تتوق الى تحليل منطقي لوضعنا كامة عربية يبتعد عن الاعتماد الكلي على المؤامرة وخيوطها هنا وهناك، ويشخص الوضع على انه ضعف عربي ناتج عن تفكك قومي وتمزق وطني يفتقر القادة فيه الى تخطيط مستقبلي مما جعل الآخرين، الابعدين منهم والاقربين، يستسهلوا امتطاءنا، ولو اننا كنا في كامل قوتنا لكان الوضع مختلفا!

     

    عبد الرحمن لاذقاني، «الامارت العربية المتحدة»، 03/06/2007

    نبدأ من حيث انتهى الأستاذ في وصف الدول المتورطة بابقاء المنطقة في حال احتراق مستمرة(طالما أنها في منأى عن العقاب ) وطالما أنه ذكر كلمة دول فقد أنصف إن كان يقصد أمريكا وإسرائيل، لكنني لا أظنه يفعل، فإذاً المغفل ذكره في الموضوع هو سوريا التي يتمنى عقابها اليوم قبل الغد وهي أولا وآخرا .. وهل من المعقول يا أستاذ أن تسفه نضالات ودم الشهداء وتختزله في خطف حماس وحزب الله لجندي أو جنديين ؟ إن الرابط الواضح لدي هو أن اسرائيل هي الدولة الوحيدة المرتاحة (جدا) في المنطقة بعد أن دنسها أهل التحرير والديمقراطية من أمريكان ومرتزقة.. أخيرا مع أن الملعب أرضنا أبحث فلا أجد الفريق العربي لا في هذا المنتصف ولا في ذاك حتى المدرجات تخلو منهم ... إذن فلنبحث خارج الأسوار ؟

     

    د. عبد الحليم عبد الغني رجب، «المانيا»، 03/06/2007

    في الحقيقة أنا أختلف اختلافا جذريا مع طرح الأستاذ الراشد، ليس في توصيفه المشكلة، فالتوصيف صحيح مائة في المائة، ولكن في طريقة التعاطي مع المشكلة ذاتها. إذا كانت إيران قد نجحت بالفعل في أن تخرج المعركة بعيدا عن أرضها، وتجعلها معارك بالوكالة عنها، وتشغل بالتالي خصومها السياسيين والعسكريين في النصف الآخر من الملعب، فهذا شيء يحسب في رأيي لإيران، وليس عليها. ماذا كانت إيران ستفعل، وهي تجد الخطر يتهددها من كل الجهات تقريبا، وتجد أن عدوها الأمريكي قد أصبح على مرمى حجر منها، سواء في أفغانستان أو في العراق أو حتى من ناحية تركيا. وقد نجحت الحكمة الإيرانية حتى في التعاون العسكري مع الأمريكان في إزاحة نظام طالبان - العدو الأكبر لإيران والممول ماديا من قبل بعض الدول العربية لنفس هذا الغرض - وأيضا تعاونت إيران مع أمريكا بشكل غير مباشر في إزاحة نظام صدام في العراق. تخلصت إيران من ألد أعدائها، دونما تطلق رصاصة واحدة. إذا كان هناك لوم يوجه، ففي رأيي أن هذا اللوم يجب أن يوجه إلينا نحن، إلى بلادنا وحكامنا العرب. ماذا فعلنا نحن؟ وماذا أعددنا للغد؟ ساعدنا صدام ضد إيران، والآن نبكي على اللبن المسكوب! ويا أسفي.

     

    عبده سعد حامد، «فرنسا ميتروبولتان»، 03/06/2007

    الاستاذ عبد الرحمن الراشد صدقت في مقالك، ايران تحارب بالوكالة في كل من غزة ونهر البارد والعراق بدعمها مليشيات حماس وفتح الاسلام والشيعة في عمق الكيان السياسي العراقي، وبالتالي أصبحت ايران مثل السوس الذي ينخرالأسنان بنشر سمومها لزعزعة آمن وسلامة ووحدة لبنان وفلسطين والعراق.

     

    ناصر بن علي، «المملكة العربية السعودية»، 03/06/2007

    نعم لقد استطاعت ايران الهاء الاخرين بخلق بؤر توتر في كل مكان، في لبنان و العراق واليمن و الخليج.. واستطاعت استغلال قضية فلسطين دينيا وشعبيا بهدف بسط النفوذ والهيمنة على المنطقة، لكن الشيء المؤلم أن أهل المنطقة في سبات عميق اذ لا زالت ايران تلعب في عقر دارهم لعلمها أن اللعب في منتصف ملعب الاخرين هو خير وسيلة للفوز.

     

    أحمد مصباح، «فرنسا»، 03/06/2007

    عجيب أمركم. لمادْا تقلبون الحقائق؟ لستُ من أنصار ايران و معتقداتها و لكن متى كان الإخوان و حماس و القاعدة دمى بين يدي ايران؟

     

    أحمد المصري، «عمان»، 03/06/2007

    المقال غريب جدا وبخاصة انه صادر عن كاتب محترف، في البداية انا لا احب السياسة الإيرانية وكذلك مثيلتها الأسوأ العربية المشلولة، المنطقة غارقة في الخلافات والصراعات قبل قيام نظام الخميني في إيران، فإيران تصدير الثورة كما يدعون لم تكن موجودة في النكبتين الفلسطينيتين وعند احتلال الجولان وسيناء، وعندما اندلعت الحروب الأهلية في لبنان، ولا عندما فشلت كل مشاريع الدول الوطنية والقومية والقبلية في بلداننا العتيدة في تحقيق التنمية في حدها الأدنى، إيران اليوم لا تقف في وجه أية رغبة صادقة في إصلاح النظام العربي المهترئ، كما ان العرب لم يقصروا في محاصرة النظام الإيراني وخذ الحرب التي شنت عليها من نظام صدام حسين والتي مولت من الجيوب العربية، حماس إيرانية وحزب الله إيراني ونهر البارد إيراني ... وأصابع إيران وراء المحاكم الإسلامية في الصومال والجبهة الإسلامية في الجزائر والأخوان المسلمون في الأردن ومصر وفي تركيا و و و... هل هذا معقول ، هل نستقيل من السياسة إذا ونتفرج على المؤامرات الإيرانية التي تحاك بدهاء تعجز عنه السي آي أيه،هل هذا كلام يصدقه مدقق وخبير، أين دور الدول العربية المعتدلة والحكيمة ؟؟؟؟؟

     

    هاني احمد -فاس المغرب -، «المملكة المغربية»، 03/06/2007

    تحليل غريب فيه تحامل كبير على ايران بدون اية حجة او دليل . لانه من السهولة الصاق مشاكلنا وعيوبنا بالاخرين وتحميل الاخرين الاخفاقات التي نعاني منها. اية قوة هاته التي يمكن ان تشعل المنطقة بهاته الصورة التي يحاول الكاتب ان يرسمها لنا؟ ناخذ على سبيل المثال القتال بين فتح وحماس. من الذي نكث باتفاق مكة اليست فتح هي التي رفضت تنفيذ البنود الملزمة لها؟ الم تؤكد حماس طوال الازمة ان مرجعيتها هي اتفاق مكة. هل يمكن القول ان فتح عميلة لايران؟ الحقيقة المؤلمة عند البعض والتي لا يريد الاعتراف بها هي ان ايران ورغم الضغط والحصار تتلمس طريقها بعزم وثبات في العديد من ميادين القوة والتقدم وهذا من حقها لانه وببساطة العالم لا يعترف بالضعفاء. والعجيب ان العرب وللاسف الشديد لم يستفيدوا من دروس التاريخ شيئا بالامس القريب سمعنا نفس النغمة النشاز من اجل التجييش ضد العراق وكانت النتيجة ان العرب كانوا اول الخاسرين والخارجين من معادلة القوة في العراق. اتمنى ان ياتي اليوم الذي نستوعب فيه ان التعاون مع ايران ووضع اليد في اليد خير الف مرة من معاداتها التي لن يستفيد منها سوى اعداء الامة والاسلام .

     

    محمد ذياب، «المملكة العربية السعودية»، 03/06/2007

    الأخ ع /الراشد .. يجب ان يعرف الكل ان ايران عدو تاريخي للعرب .. وبالتالي لماذا تستغربون استيلائها على (عرب ستان) وكذلك الجزر الإماراتية والآن العراق ووو.. والواقع لولا امريكا والغرب لغزتنا ايران اليوم قبل بكره وضمتنا الى الأبد .. والسبب ضعفنا في كل شيء للأسف .. نحن العرب نستورد من الأبرة الى الطائرة, وايران تصنع كل شيء..هذا يعني انها احق منا بالحياة .. لأن الدنيا مثل الغابة البقاء للأقوى .

     

    راشد عبدالرحمن يتيم، «فرنسا ميتروبولتان»، 03/06/2007

    أقولها مرة اخرى، على رسلك ياأخي، ولماذا هذا الحماس فى التنقل من جبهة الهجوم على سوريا واتهامها واليوم فى شن الهجوم على ايران واتهامها ايضا.

    لنكن واقعيين قليلا‘ ولست هنا فى موقع الدفاع عن سوريا ولبنان وانما أود أن اسأل هل سوريا وايران هما اساس كل ما يحدث من فوضى فى كل العالم العربي؟ هل سوريا وايران هما من دمر العراق؟ هل سوريا وايران هما من دمر لبنان؟

    ولو سلمنا بأن سوريا وايران كلاعبين اساسيين فى الشرق الاوسط تربطهما المصالح السياسية لما يحدث فى الشرق الاوسط، فهل عصابة البيت الابيض والعدو الصهيونى بريئين مما حل من دمار فى مجمل الاراضي العربية؟ وبالتالى من هو الذي يسعى للسيطرة على مقدرات الدول العربية الغنية بالنفط، اهما سوريا وايران.

    مرة أخرى لنكن عقلانيين فى تناولنا للأمور ونتخذ من حكماء القادة العرب قدوة عندما نتكلم عن امور تمس الشعوب العربية والاسلامية وحتى لانخطئ فى الحكم وبعدها نقول يارب سامحنا!!!

     

    عمر عبدالله عمر، «المملكة العربية السعودية»، 03/06/2007

    بعض المعلقين يقول انظر التقدم الايراني في مجال الطب ولكن نتساءل لماذا المرجع الديني الاكبر السيستاني الايراني المقيم في العراق لم يذهب الى ايران للعلاج وفضل بريطانيا, ام القول ان لايران سطوة على حركة حماس فلا اوافق الاستاذ عبدالرحمن نظرا لاختلاف الثقافة والمرجعية, صحيح ربما هناك تقاطع في المصالح ولكن حركة حماس معروف تماما سياستها وعلى اساسها تم انتخابها من قبل الشارع الفلسطيني, وما ادل على استقلالية حماس عن ايران تماما هو اتفاق مكة المكرمة ولكن بعض القوى في فتح لم تقبل بالاتفاق وتحاول جادة الى ابطاله خوفا على مصالحهم وللاسف عدم سيطرة الرئيس الكامل على فتح والذي يستجيب لضغوطهم كالقبول بالمرشح لوزارة الداخلية المقدم من قبل حماس الا انه وزير بدون صلاحيات ادى الى نشوب المشاكل من جديد والسبب ان النوايا للاسف ليست سليمة من قبل الفتحاويين.

     

    احمد الحبوبي، «السويد»، 03/06/2007

    تحية للاستاذ الراشد.....اذا كانت ايران تستطيع ان تزعزع العراق واليمن وفلسطين ولبنان, فأين اميركا وقوتها العسكرية الحاضرة على الارض!, واين ملاك الشرق الاوسط الوديع اسرائيل!, واين الارادة الفرنسية والسعودية؟. انا أرى ان هناك عملية تهيئة للمنطقة لاستيعاب ضربة لايران, وهي شبيهة لتلك التي سبقت احتلال العراق, علما بأني مع ازالة نظام صدام, وبعد ان يقع المحضور سيكون المستفيد الوحيد هو اسرائيل والمتضرر الاول هم العرب.

     

    محمد الحربي-المملكة العربية السعودية، «المملكة العربية السعودية»، 03/06/2007

    من حق إيران وغيرها من القيام بما يخدم المصالح والاستراتيجيات التي تخدمها وتصب في خانة مصالحة سواء الأنية او المستقبلية. السؤال...لما.؟ عندما تقوم المملكة بعملية التقارب والتصالح بين المتخاصمين والمتقاتلين في المنطقة والكثر هم عرب وتنجح. لتتفرغ المملكة للخطر الإيراني وإفشال مخططاته. تقوم اطراف ومن المؤسف انها عربية بضرب ما قامت به المملكة من انجاز. ونسأل لما تقوم ايران وتنجح حاليا بما تقوم به. السبب معرف ادعياء العروبة والإسلام مما اختلفت لهجاتهم...هل جانب الحقيقة ما كتبت..؟

     

    رضا عبدالله، «المملكة العربية السعودية»، 03/06/2007

    اما دعم ايران لحماس وحزب الله فهذا مسلم عند الجميع وهذا فخر لا تدعيه اي دولة اخرى واما قولك انها تدعم فتح الاسلام فهذا يدل اما على تزويرك للحقائق واما على عدم اطلاعك وهذا مالا اعتقد به واظنك تعلم بالجامع المشترك بين مقاومة حماس وحزب الله وان العدو لهم واحد وهو (اسرائيل) وهي عدوة الاسلام والسلام. والمفروض انها عدوة للدول العربية فيما ان المسلمين تنازلوا عن دعم من يقاوم عدوهم فلا اقل لا يذموا من يدعم هذا المقاوم الا ان تكون تغيرت المعادلة فهذا امر اخر.

     

    abbod salem، «فرنسا ميتروبولتان»، 03/06/2007

    الخطأ کل الخطأ اننا لا نری عيوبنا ونتهم الاخرين .

     

    د. هشام النشواتي,CA، «المملكة العربية السعودية»، 03/06/2007

    مقال رائع وضع النقاط على الحروف. ان ملالي ايران المتشددين برمجوا لهذا كله قبل اندلاع الثورة الايرانية ويستغلون النظم والمافيات العسكرية ولكن مع الاسف كانهم لا يقرأون التاريخ لان التدمير واستخدام القوة والعنف والارهاب سيصلهم كما حصل للصفويين وحسن الصباح من قبل. وبالفعل (طالما ان هذه الدول المتورطة تشعر انها في منأى عن العقاب ستستمر في اختراع او تجديد بؤر للصدام وإبقاء المنطقة في حال احتراق مستمرة).

     

     

    د. هشام النشواتي,CA، «المملكة العربية السعودية»، 03/06/2007

    مقال متميز. ملالي ايران المتشددين يريدون السيطرة على المنطقة واستعبادها وتحويلها الى مليشيات كما ذكر التاريخ عن الصفويين لتكون بؤرة لدمار الانسانية.

     

    ابراهيم حسين، «المملكة العربية السعودية»، 03/06/2007

    غريب امرك ياعبدالرحمن الراشد . فسبحان الله كل مايحدث في المنطقة من مشاكل اتهمت به ايران . حتى المشاكل الخاصة ليس غريب ان تتهم ايران وسوريا وحماس وحزب الله بها . اعتقد ان هزيمة الهلال هو بسبب ايران !!!!ياأخي ايران لاتنظر الى الدول العربية ايران تنظر الى الدول المتحضرة وهذا الفرق بيننا وبين ايران . انظر الى ايران اين وصلت. فإنها تتسابق للاكتشافات العلمية خاصة في الطب. وفي المجالات الصناعية . وما اصرار ايران على تخصيب اليورانيوم الا دليل على وعي هذه الدولة. لأنها تفكر بالمستقبل ونحن العرب نفكر بالماضي.

     

    صالح الوهبي، «الولايات المتحدة الامريكية»، 03/06/2007

    مقال ولا اروع يا استاذ عبدالرحمن ليس لانه تطابق مع ما اراه ويراه الكثيرون ولكن لانك تحدثت بوضوح وبعيدا عن الدبلوماسية الجبانة التي تميل الى التخدير وايران تسير الى التوتير.

    منذ ان تولى الخميني السلطة في ايران والمطقة لن تهدأ فقد اعلن خميني عن تصدير ثورته بدءاً من العراق ولكن الجيش العراقي اخر التنفيذ وجعل ملالي طهران يغيرون من استراتيجيتهم من الغزو المباشر الى غزو التوتير ودعم فئات تعرفهم وتعرف ولاءاتهم فبذرت البذرة الاولى في لبنان بانشاء حزب الله ودعمت الاخوان في مصر وبعض الفئات في دول الخليج. ثم بعد غزو امريكا لافغانستان والعراق اصبحت ايران تلعب على الحبلين تمد القاعدة بالمال والتدريب وتؤلب الامريكان عليهم. ولكن هناك سؤال ملح من الذي يلعب على الأخر امريكا ام ايران؟ من وجهة نظري ان سياسة النفس الطويل الايرانية تفوقت على تخبطات السياسة الامريكية

    البوشية وجعلت الامريكان يمهدون الطريق للتمدد الايراني.

     

     

    احمد العتيبي، «مصر»، 03/06/2007

    لقد أضحى جليا عمق التورط الإيراني في إلهاب المنطقة من خلال العديد من ممارساته المتمثلة في إشعال بؤر التوتر بل وإفتعال أخرى كمنهجية لإدارة أزمته السياسية والتي جاءت كنتيجة حتمية لعقلية النظام الذي يسعى للهيمنة على منطقة الخليج ويفترض لنفسه دورا عالمي فاعل كونه قوة نووية قادمة . فالإيرانييون قد خبروا فداحة أن تكون المواجهة على أرضهم ممادفعهم الى الخيار الأسلم بالنسبة لهم وهو تحريك الولاءات المتناثرة هنا وهناك دون أن تقدر خطورة ذلك على تلك الدول والمنطقة لأن المهم لديهم تحقيق أهدافهم مهما كلف الأمر . فالسلوك الإيراني المصطبغ بالعدائية لن يتوقف عن اللعب بالنار مدام يجد في ذلك طريقا موصلا الى مايسعى إليه من بناء قوة بحسب إعتقادهم ولو كان على أنقاض الآخرين.

     

    محمد العجمي، «الولايات المتحدة الامريكية»، 03/06/2007

    في السابق كان اللوم على الأستعمار والأمبريالية. اليوم أصبحتم تلومون إيران.

     

    محمد عبدالحمن القرني السعوديه، «المملكة العربية السعودية»، 03/06/2007

    ان المتابع للاحداث يدرك ان الفراغ لابد ان يأتي من يملأه وهذا ماحدث في الساحة السياسية العربية حيث تلاشت الادوار ولم يبقى منها الاماتقوم به السعودية دون غيرها في حين انصرف الباقين الى قضاياهم الداخلية بل انهم يطلبون المساعدة لحلها مع عجز كامل عن التواصل مع القضايا الاستراتيجية، ولو تصورت المواقف للحكومات العربية لرأيت لسان حالها يقول اتركني في حالي في حين ان هناك من يخطط ويفكر كيف يخلق لنفسه دورا يقوي موقفه ونفوذه حتى لوعلى حساب الامن العربي والدم والمصالح العليا العربية فهم قد لا يخسرون شيئا طالما المعركة بعيدة عن ارضهم ومدنهم وهذا لاينطبق على ايران فقط بل يشمل الدول الرئيسية القادمة من وراء المحيطات باحثة عن مناطق نفوذ وسيطرة بل وفريسة اسهل ماتكون ان تكون عربية وهي لاتدرك انها فريسة بل لاتريد ان تدرك فلا تعجب من ايران اوغيرها فهم يملؤون الفراغ الذي احدثناه في انفسنا واوطاننا ولابد لهذا الفراغ ان يمتلئ ولو بالشر مع الاسف على حال العرب.

     

    ريان حافظ، «المملكة العربية السعودية»، 03/06/2007

    إذا يجب معاقبة إيران في أسرع وقت ممكن!.

     

    جيولوجي/ محمد شاكر محمد صالح، «المملكة العربية السعودية»، 03/06/2007

    استاذ الراشد أيران لولا انها وجدت التربة الخصبة في لبنان والعراق وسوريا واليمن لما استطاعت ان تفعل شيئا من هذه التصرفات، انظر الى لبنان بلد ضعيف ليس له حكومة قوية تملك قرار سيادة فهي دائما تابعة لسوريا التي حكمته مايقرب من عشرون عاما وايضا العراق بعد الغزو الصهيوني الذي فكك الجيش والشرطة السلطات التنفيذية والتشريعة للعراق وجدت ايران في هذا الأثناء فرصة لكي تعيث في الأرض فسادا وايضا اليمن الذي به تمركز سلطة الرجل الواحد منذ ثلاثون عاما بدون تغير في نمط الحياة السياسة والتي اصبحت مثل البركة الراكدة لابد وان تكون النتيجة وفي فلسطين صراع بين أناس عاشوا في السلطة اربعون عاما وبين شباب حديث النشأة مدفوع بحماس ديني بحت لاينظر الى الواقع المر في فلسطين المحتلة كذلك. لذلك لكي نسد منافذ اللعب على الإيرانين يجب على الدول العربية كلها ان تعمل على حل مشاكلها الداخلية.

     

    عبدالله عمر، «المملكة العربية السعودية»، 03/06/2007

    للا أدري كيف يتابع الأستاذ الفاضل الأخبار و يقرأها؟ أتمني عليه أن يفسر لنا كيف وصلت حماس الي السلطة؟ هل هي أيران أيضا من زور الأنتخابات و أوصلها؟ وما رأيه في مقالات سيمون هيرش الذي هو علي أتصال مباشر بمراكز القرار و يقرأ الأحداث بحياديه بعيد عن التوجيه والحقد الطائفي البغيض. لا أدري الي متي نبقي نحن العرب نبحث عن كبش فداء نحمله جميع مشاكلنا ومأسينا. فعدم الأعتراف بالخطأ والبحث في جذور المشكلة يؤدي الي تراكم المشاكل ككرة الثلج حتي الوصول الي مرحلة الأنفجار. تحدث الكاتب عن المجموعات المسلحة في العراق ونسي أن يذكر فتوى المشايخ للجهاد التي أطلقوها في بداية غزو العراق. هل هي أيران من تقف وراء هذه الفتوي؟

     

    سعيد الحارثي، «المملكة العربية السعودية»، 03/06/2007

    شكرا للكاتب الذي بالفعل وضع يده على الجرح ومن هنا أستشف أنه يجب على ايران ، ومن يدور في فلكها، أن تعلم خطورة اللعبة؛ فهذه اللعبة قد تحقق أهدافا قصيرة المدى ولكنها قذرة وخطرة جدا الى حد أنه يصعب التحكم بأدواتها في نهاية المطاف. ولكن ماذا لو مورست نفس اللعبة مع ايران؟ ايران ذات القوميات المتعددة ( خمس قوميات) و الطوائف الدينية المتعددة أيضا، اضافة الى الاقتصاد المحلي المتهالك وصعوباته في المستقبل القريب؟ لن تستمع ايران الى هذه النصائح الأخلاقية ولن تنصت الى من يذكرها بقذارة ماتفعله في عالمها الاسلامي وماحدث وما سيحدث من كوارث بسبب سياساتها. لكنها ستوقف هذه الممارسات حتما اذا ما اقتنعت أن هناك أطرافا قد ترد عليها بالمثل، ومن العدالة المعاملة بالمثل. فمثلا، أما تخشى ايران أن يقوم جزء من العالم بتشغيل مخابراته ضدها؟، فرغم أن هناك دلائل ومؤشرات تؤيد بدء مثل هكذا توجه، الا أن المعركة الحقيقية لم تبدأ بعد حسب اعتقاد الكثيرين. ومن هنا لابد أن تعلم ايران حقيقة أنه لايمكن الاستمرار في رجم الاخرين دون توقع ردة فعل، لأن طبيعة هذا الكون لاتسمح بهكذا معادلة.

     

    حيدر الهلالي، «ايرلندا»، 03/06/2007

    اتفق مع السيد الكاتب فيما قال الا في حالتين، فالعمليات الانتحارية في العراق هي من صنع القاعدة وبمساعدة البعثيين وهؤلاء هما ألد اعداء ايران وكذلك فان احداث اليمن واتهام ايران فيها هي مقولة السلطات اليمنية مثلما هي عادة الحكومات التي تقمع شعبها فانها تحاول ان تلصق العمالة لخارج البلد باي معارض حقيقي للنظام فما هي فائدة ايران من احداث صعدة فلقد كان النظام اليمني ذكيا حينما روج وبشكل مكثف لمقولة ان الحوثيين شيعة قبل اي شئ اخر فتقاطر المتطوعون السلفيون ليقتلوا الكفار الشيعة حسب رأيهم، وكذلك وجدت الحكومة اليمنية تعاطفا عربيا كبيرا لان الحوثيين يروجون للتشيع حسب زعم السلطات اليمنية وهذه من الكبائر لدى الشارع العربي المحب للزرقاوي لا لشئ الا لانه اعلن الحرب على غالبية الشعب العراقي اي الشيعة.

    يكفي الحوثيين فخرا انهم لم يفجروا سيارة مفخخة او يقوموا بعمليات انتحارية ضد الابرياء او يسرقوا مصرفا كما يفعل غيرهم من اصحاب المقاومة العفيفة في العراق او اصحاب الدم البارد في النهر البارد.

     

    نصرالدين الطاهر، «السودان»، 03/06/2007

    أرى غير مايراه الأستاذ الراشد فيما يتعلق بالشأن العربى المتأزم وأشكال النزاعات بعدد من دوله كما أشار اليها الاستاذ الراشد بدول لبنان، العراق، اليمن، وفلسطين، غير أن الواقع يقول بأن ذلك التأزم لم يكن فقط نتيجة اختراقات تقوم بها دوله واحده بعينها، وانما هو تداعى كامل لقضية تم زرعها فى المنطقة العربية منذ أكثر من خمسون عاما، وتلك الاشكالات والنتوءآت التى تحدث هنا وهناك هو تراكم لسوء تقدير الساسة العرب وتعاطيهم الخاطئ مع القضية الجوهرية لهم والمتمثلة فى فلسطين، وبناءاً عليها جاءت تلك الظواهر التى حاول الأستاذ الراشد بتجيير خطلها لدولة ايران وحدها، هو فى ظنى استشعار يظلله معتقد عقدى من تلك الجماعات ومن واقع تفهما لتلك القضية من ادبيات وثقافات العرب ودينهم والتسلسل التاريخى ومراحله، اضافة الى العجز العربى التام ازاء الغرب المفتئت والمتحامل على القضايا الاسلامية والعربية وخنوع القادة العرب لذلك الموقف الغربى، جراء احتشاد كل ذلك المتقدم ظهرت تلك الحركات واطلاعها بدور هو من واجبات الحكومات، ذلك يمكن اطلاقة بجماعات الموت كما اصطلح السيد الراشد على تسميتها، ولكن حزب الله وحماس غير..

     

    عبدالرحمن العزاوي، «مصر»، 03/06/2007

    أشكر الاستاذ الفاضل عبد الرحمن الراشد على هذا المقال الذي يبرهن ان خطر ايران كبير جدا من دون سلاح نووي فما بالها لو امتلكته؟ اذا الذي يجول في خاطر الايرانيين ليس تصدير الثورة ولكن الهيمنة على المنطقة ككل وان يصبحوا اللاعب الوحيد الذي بيده الحل والربط. اذا خطر ايران هو تصدير الارهاب إلى كل من لا يتماشى مع مصالحهم.

     

    د. مصطفى الرمضان، «المملكة العربية السعودية»، 03/06/2007

    من يقرأ كلامك يحس أن ايران دولة عظمى... وليست دولة من دول العالم الثالث... سمعنا هذا الكلام عن عراق صدام سابقاً.. ثم اكتشفنا أنه نمر من ورق... لذا رجاءً لا تضخموا الصور كثيراً كما فعلتم سابقاً.

     

    عصام عبد الرحمن - بغداد، «الامارت العربية المتحدة»، 03/06/2007

    صدقت، مادام اللعب كله في ملاعبنا، وملعب الخصم في أمان فنحن الخاسرين بإستمرار، الحل باللعب في الملعب الإيراني، وما أوسع هذا الملعب وما أكثر منافذه.

     

    حسان دوري، «المانيا»، 03/06/2007

    أوافقك أستاذ عبد الرحمن في كل ما ذكرت ولكن ما هو الحل؟

    ايران استفادت من الحرب الإسرائيلية على لبنان عبر ارتفاع اسعار النفط ودفعت الجزء اليسير لعملائها في لبنان وفلسطين، أعتقد بضرورة العمل من الداخل في لبنان وفلسطين، مثلا كشف عناصر التنسيق والقيادات التي تقوم بهذا العمل وشرح ذلك للجماهير ولعناصر تنظيماتهم أيضا ودون خوف من ردة فعل الشارع الموالي المؤقتة.

    ايران تعمل أيضا على ايجاد صراع عربي ـ كردي في الوقت الذي تضطهد فيه ملايين العرب والكرد الواقعين تحت سيطرتها في عربستان ( أمارة أبو خزعل كانت أول إمارة عربية ) وفي كردستان. أرى ضرورة ايجاد تعاون كردي ـ عربي للوقوف بوجه سياسة التوسع الفارسية. لو كانت القيادة صادقة في دعمها لقضية الشعب العربي الفلسطيني فلتعطي حقوق العرب في عربستان بجرة قلم، الحكم السوري المستبد الذي يدعي القومية العربية يسلم العرب الأحوازيين لإيران التي تقوم بإعدامهم والأمثلة كثيرة. اعتراف العرب بالتعايش مع الكرد سيدفع الكرة إلى أبواب طهران وسيغير وجه المنطقة، لم يشهد التاريخ حروبا عربية ـ كردية، فلماذا كان تطاول حسن نصر الله واسماعيل هنية ومقتدى الصدرعلى الكرد؟

     

    احمد الحميد، «المملكة العربية السعودية»، 03/06/2007

    الاستاذ عبدالرحمن شيء من الانصاف ما تريده ايران وما تفعله هو ما تريده امريكا وما تفعله فلماذا التحامل عليها ونسيان امريكا؟

     

    عبدالعزيز البشر، «المملكة العربية السعودية»، 03/06/2007

    كل هذا اللف والإجترار لإثبات أن حماس إيرانية التوجه رافضية المذهب !!! ليت الكتاب يعون أن القراء تعدوا إدراكهم وحيلهم .

     

    عادل سعيد، «المملكة العربية السعودية»، 03/06/2007

    لا أعتقد أن حركة حماس تندرج ضمن حلفاء إيران أو اللاعبين وفق الأجندة الإيرانية ربما بل حركة الجهاد الإسلامي هي الحليف الرئيس لإيران.

     

     

     

     

     

     

     

     

     

    Sorry for this an error

     

    Due to technical dificluty this page can not be displayed now. Please try Later. The technical team has been notified.

    نأسف لهـذا الخطــأ

     

    نواجه خطأ في هذه الصفحة. يرجى تجربة الدخول مرة ثانية في وقت لاحق.

     

     

     

     

     

     

     

     

  17. المرتحلون من العراق إلى نهر البارد

     

    جابر حبيب جابر

     

    «العائدون من العراق» أو «العراقيون العرب» اياً كانت التسمية التي سيستقر عليها المتخصصون في الجماعات الاسلامية فان انظمة المنطقة ومجتمعاتها ستنسيها يقيناً الظاهرة الجديدة ظاهرة الافغان العرب، فإذا كانت تلك حدثت في منطقة نائية وقصية جغرافياً ومتمايزة حضارياً ومختلفة لغوياً وفقيرة مادياً، فان الموجة الجديدة تحدث في بلد مفصلي وفي قلب المنطقة مندمج مع جواره حضارياً ومتماثل قيمياً وممتد عشائرياً، لا يعيقه حاجز اللغة، الامر الذي يسهل من عملية التنقل والاختفاء والتأثر والتأثير والتنافذ في الافكار، بلد يتوافر على موارد مالية كبيرة تسمح بالتمويل الذاتي لا بل انه بات وفقاً لبعض التقارير يمول فروع القاعدة الدولية، فضلاً عن ان هذه الموجة نشأت وتتحرك في بيئة حاضنة وملاذات آمنة شاسعة جغرافياً وكبيرة سكانياً حجمها يقارب دولة عربية متوسطة.

     

    لا ريب ان العراق اجلاً ام عاجلاً لابد من ان يتجه الى واحد من السيناريوهات التالية، والتي عند اي منها فان فكر ومقاتلي الجماعات الجهادية سيرتد على دول المنطقة حيث ستنتشر ظاهرة وتكتيكات وعقائد المحاربين فيه الى مناطق تبدأ من جواره ولا تنتهي بأوساط الجاليات المسلمة في اوروبا، فالعراق بعد زمن ليس بالقصير سيتجه الى الاستقرار وبسط سيطرة الحكومة المركزية على كامل اقليمها والذي سيفضي اليه عامل الزمن والتراكم بازدياد قدرة وسلطات القوات العراقية وتململ البيئة الحاضنة وانقلاب عشائرها ولفظها للجماعات المسلحة ولمنهجها، فان ذلك سيدفع الجماعات الارهابية باتجاه الهجرة الجماعية.

     

    والسيناريو الثاني، ان يتحول العراق الى دولة فاشلة مفككة بسلطة مركزية هشة وضعيفة وبامراء حرب وإرهاب وميليشيات يقتسمون النفوذ والموارد مناطقياً، عندئذ ستتحول البلاد الى بؤرة للعنف والإرهاب وجنة آمنة ودولة قاعدة ومنصة انطلاق لقوى التطرف. والاحتمال الثالث الذي ارجحه هو ان تظل حالة العراق وسطية بين المشهدين السابقين، اي تنامي قدرة وسلطة الدولة من دون ان تصل الى تصنيف الدول المستقرة، وسيكون قدرها ان تتعايش مع حد معين من عمليات الارهاب وبقاء مزمن لجيوب متفرقة عصية على يد وسلطة الدولة بما يماثل معدلات العنف التي مرت بها الجزائر وكولومبيا وغواتيمالا والبيرو وسيريلانكا والسودان.

     

    والرابع هو اتجاه العراق نحو الفيدراليات التي ستكون غالباً حدودها متطابقة مع حدود المكونات المجتمعية والتي ستتشكل ليس استجابة بدرجة اساس لدواعي ادارية بل كحل أخير لا مفر منه لمشكل العنف المزمن الذي من اهم مسبباته العجز عن التشارك في السلطة، لذلك يعود المخرج بتجزئتها بما يجعل كل اقليم يحكم من اهله، وهذا ما سيحرم تنظيم القاعدة بالقطع من التحرك او الوجود في ساحة اقاليم الوسط والجنوب وكردستان نظراً للتناقض المجتمعي والأيديولوجي والسياسي فعند ذاك ستحكم القاعدة وحلفاؤها من قوى التشدد قبضتها على مناطق تواجدها التقليدي في غرب العراق وشمال وسطه، وهي مناطق مثلت تربة خصبة لأفكارها والتي ستكون بحدودها المفتوحة على اربع من دول جوار العراق كثقوب الجبنة لتسلل الارهابيين وقاعدة خلفية لهم.

     

    الا ان المعول عليه ان تشكل ظاهرة فتح الاسلام، والتي مر خمسون من مقاتليها من العراق وتدربوا على قتال الجيش اللبناني فيه، جرس انذار وعلامة بارزة على هذا الانتشار العكسي لمحاربي وفكر القاعدة، والتي استغلت هشاشة الوضع اللبناني والتقاطعات السياسية العميقة فيه وما تتيحه الديمقراطية من ثغرات وما تفرضه من كوابح وتكبيلات على نوع ومدى وسرعة المعالجات، كما استغلت وجود الوكلاء المحليين الجاهزين للتوظيف الاقليمي. هذه المجموعة التي نقلت نماذج مصغرة وبسيطة لما تلقته وما طبقته في مختبرات العراق الارهابية من تقنيات ومهارات وتكتيكات واستخدام الوسائل الالكترونية للتعبئة والإرشاد والتوجيه والتدريب، ناقلة فكرها وأسلوبها المستهدف تعطيل وتقويض آليات انتظام الحياة، ومعممة منهجاً اصولياً ظلامياً متطرفاً لاغياً ليس لرأي الاخر المختلف بل حتى لوجوده هادفة لصياغة مجتمع وفقاً لمشيئتها.

     

    فهل كانت انظمة المنطقة ممن اسندت الارهاب او تواطأت بالسكوت غير مستشعرة لخطر هذه الظاهرة أو الممكنات المرجحة لارتدادها عليها وبأن يصبح العراق بيئة مصدرة للارهاب وحافزاً لخلق فوضى اقليمية تنتعش وتتكاثر فيها الاصوليات العنفية المتشددة، ام ان ذاكرتها مثقوبة ونسيت تجربة العائدين من افغانستان، أم ان هذه الظاهرة اوجدت ووظفت كورقة من بعض دول الاقليم او مثلت مسرباً للتخلص من جماعات العنف عندها بإيجاد ساحات جهاد بعيدة تستنزفهم، او انها اضطرت لذلك لممالئة شارع مأزوم كاره للامريكان وخشية من استثارة القوى الدينية عندها، الامر الذي دفعها لمعيارية مزدوجة فاضحة موصفة ما يجري في العراق جهاداً وفي ما عداه في اي بقاع العالم ارهاباً، ام ان الامر ينطوي على بعد اهم وهو ان هذه الظاهرة نميت ودعمت للتلويح بها امام الغرب بأنها ستكون بظلاميتها ووحشيتها البديل اللائح والمتاح عن الانظمة وهذا ما يفرض على الغرب ان يرتد ويتراجع عن مطالبه بالإصلاح بل تجعله حتى يحمي بقاء الانظمة.

     

    وأخيرا لا يمكن تجنب مرارة ان العراق ارض العذابات والحزن الازلي لم يبق عنده ما يضار سواء ان اقام فيه الارهابيون ام رحلوا، وبغداده غرة الزمان ادمنت التفجيرات والتناثر اليومي لأشلاء احبتها والتي سرعان ما تلملمهم وتطوي احزانها وتعاود حياتها، مدينة الالف ليلة وليلة باتت تنام عند الغروب، جمجمة العرب تفر منها العقول، اناسها يخادعون الموت، كيفوا حياتهم وقدموا ساعاتهم البايولوجية ، فأعراسهم تزف عند الظهيرة وأمسياتهم الادبية والثقافية جعلوها اصبوحات، ومسرحهم على ندرته بات يبدأ صباحاً وينفض عند الظهيرة، لا امل باستثمار قادم او دورة اقتصاد عاجل تدور، ادمنا الخراب، لكن ماذا عن الذين ادمنوا الاستقرار عندما ترد بضاعتهم اليهم؟.

  18. فلورنسا.. نكهة إيطالية بامتياز

     

    اناقة وفن وطعام على الطريقة الإيطالية

     

     

    فلورنسا (ايطاليا) : عبد الرحمن البيطار

    في أواخر الحرب العالمية الثانية قام الالمان بضرب مدينة فلورنسا بوسط ايطاليا بالقنابل ودمروا الجسور لمنع تقدم القوات المعادية لكنهم امتنعوا عن ضرب جسر واحد هو «الجسر القديم» في وسط المدينة بناء على أوامر صدرت عن هتلر بنفسه خوفا على هدم الاثار وتدمير التحف واللوحات الرائعة المحفوظة في المتاحف المجاورة له مثل متحف اوفيزي Uffizi ومتحف قصر بيتي Pitti لربما لنقلها الى المانيا فيما بعد مثلما فعل نابوليون مع الاثار الفرعونية في مصر.

    لكن الالمان لم يدركوا آنذاك أن المقاومة هربت اللوحات والتماثيل النفيسة من المتاحف وخبأتها في قصور وقلاع بعيدة في التلال بل استعملت خطا هاتفيا تمددت اسلاكه تحت الجسر القديم لرصد حركات القوات النازية.

     

    في طريق العودة الى روما بعد زيارة المدن الشمالية لا أتمالك نفسي دائما من التوقف في فلورنسا لان اغراءها خاصة في فصل الربيع لا يقاوم اذ يزورها 6 ملايين سائح سنويا، فالتمتع بأزهارها، وأشجار السرو، وحجمها الانساني المعتدل وروائع تحفها الفنية، يعطيك نفحة من السعادة والتفاءل وتذوق ابداعات عصر النهضة في ايطاليا قبل خمسة قرون. كلما زرت فلورنسا ازداد اعجابك بها وبرقي أهلها ودماثتهم وحبهم للرسم والتصوير والنحت والابتكار الحرفي ولا عجب فهي مدينة كبار الفنانين مثل ليوناردو دافنشي ومايكل انجلو ورفائيل ومن لا يرغب في تأمل لوحات بوتيشيللي الخالدة «ولادة فينوس ملكة الجمال» ولوحة «ولادة الربيع» ظهر فيها عشرات العباقرة مثل الكتاب الكبار دانتي مؤلف «الكوميديا الالهية» التي يقال إنه تأثر فيها بأبي العلاء المعري في «رسالة الغفران» وكتابات محيي الدين بن عربي عن الصوفية والنور الالهي، وجيوفاني بوكاشيو مؤلف «حكايات ديكاميرون» التي روى فيها بعض القصص المقتبسة عن حكايات «ألف ليلة وليلة».. فلورنسا هي مدينة النهضة في اوروبا طار صيتها الفني منذ تلك الحقبة لكن بداية الفن فيها كانت متواضعة قبل ذلك لان جارتها مدينة بيزا الشهيرة ببرجها المائل كانت دولة بحرية مهمة تسيطر على جزيرة سردينيا في غرب ايطاليا وتحتضن الثقافة وكبار الفنانين. لا توجد أية مدينة في اوروبا هذه الايام تعيش وتستمتع بتاريخها العريق اكثر من فلورنسا (باستثناء فينيسيا أو البندقية). ازدهر فيها فن العمارة أيام حكم عائلة ميديتشي وما بقيت قصورها وأبنيتها القديمة تحافظ على طراز القلاع منذ تلك الايام الغابرة لدرجة أعتقد معها أن الدوق دي مديتشي لو بعث حيا اليوم لتمكن من العودة الى قصره بسهولة لأن الطرق المؤدية اليه لم تتبدل مع الزمن .

     

    * التراث الحرفي أهم ما يميز فلورنسا عن باقي مدن العالم أنها ما زالت تحتفظ بتراث الحرف والدكاكين الصغيرة (بوتيك أو بوتيغا كما يسمونها بالايطالية). اذا تهاديت في وسط المدينة وتجولت في الازقة الضيقة تجد صانع المفروشات لا يعمل في دكانه وحسب وكأنه معمل صغير لاجراء التجارب على صنع الكراسي الخشبية التقليدية أو تصليح القطع الاثرية بل يتوسع الى الشارع ويضع كرسيا أمام الحانوت ليجف طلاؤه تحت أشعة الشمس الذهبية الناعمة. لذا تعرف فلورنسا بأنها أهم مدينة ايطالية في سوق الانتيكا (التحف القديمة) والمصنوعات الحرفية ذات النوعية العالية وتجديد أو ترميم الاخشاب الاثرية أو الاواني الخزفية أو قطع القماش القديم ناهيك عن تفردها المشهود بصنع أفضل انواع الجلود والرخام والمعادن والمجوهرات والفضة.

     

    زرت مدرسة التدريب المهني في حي سانتا كروشه السياحي الراقي الذي لا يبعد اكثر من عشر دقائق على الجسر القديم اذ يعمل ذلك المعهد على تخريج الحرفيين الذين يزودون الدكاكين الصغيرة بالمنتجات اليدوية وتقليد زخارف اطارات اللوحات وهي حرفة مشهورة في فلورنسا منذ قرون عديدة. لاحظت أن بعض الطلاب المهتمين بحرفة المنتجات الجلدية كانوا من اصول عربية والبعض كان من الصين اتى مهاجرا الى ايطاليا وتمركز في فلورنسا أو مدينة اريزو القريبة.

     

    قال لي روبرتو رووزي رئيس نادي السياحة في ايطاليا ونحن نتناول قهوة الكاباتشينو في مقهى «ريفوار» المعروف في ساحة لا سنيوريا قرب متحف اوفيزي تشاركنا على الطاولة الحمائم الوديعة باحثة عن فتات الحلويات والفطائر الهلالية (كروسان) «عليك أن تذكر أن فلورنسا كانت مقصدا للسياح من البلاد البعيدة منذ القرن الثالث عشر لما تحويه منذ القدم من حرف راقية وجمال اخاذ وزينة في الساحات والمباني، فهي مدينة الفن بلا منازع». وأضيف من عندي أن نصف السائحين في العالم زاروا فلورنسا وفتنوا بها حتى أصعبهم في الاعتراف بالاعجاب بأي مكان مثل الكاتب مارك توين الذي وصفها قائلا «تتحول المدينة القديمة الى مدينة أحلام»

     

    * أمريكو = أمريكا هل تعرف لماذا سميت امريكا بهذا الاسم ؟ تاجر وقبطان ومكتشف ايطالي من ضواحي فلورنسا يدعى «امريكو فزبوتشي» (1454 ـ 1512) أرسلته عائلة مديتشي الحاكمة التي ابتدعت نظام البنوك الى اسبانيا ليعمل في وكالتهم التجارية والمصرفية في اشبيليه فأحب أن يلعب دورا مهما في اكتشاف الساحل الشرقي لجنوب امريكا حين اصدر خارطة جديدة للعالم بعد مقابلته كولومبوس في اشبيليه اثر الرحلة الاولى لمكتشف العالم الجديد. أبحر امريكو الى القارة الجديدة فوجد أنها كانت أطول مما كان معروفا في الخرائط القديمة لذا صدرت الخارطة الحديثة للعالم وسميت القارة بأجمعها على اسمه فاتهمه البعض بأنه كان يحاول سرقة أمجاد وشهرة كولومبوس (1451 ـ 1506) القادم من مدينة جنوى الايطالية وكأن الموضوع تنافس ايطالي داخلي بين الجمهوريات الايطالية المتنازعة التي توحدت فيما بعد عام 1870. يمكن الان زيارة قرية كيانتي ان غريفه، مسقط رأس امريكو المجاورة لفلورنسا، حيث أقيم له تمثال في ساحة القرية الرئيسية وتباع فيها اللحوم المجففة والاجبان التقليدية المعروفة منذ اجيال. كما سمي مطار فلورنسا باسمه تخليدا لذكراه واختارت القنصلية الامريكية بناءها الحالي في الشارع المعروف باسمه.

     

    * الجسر القديم ما زال على حاله فوق نهر أرنو منذ عصر النهضة وما زالوا يبيعون في المخازن الصغيرة المنتشرة على طرفيه أجمل المجوهرات والحلي فهو سوق الصاغة في فلورنسا منذ أيام الصائغ والنحات والرسام والكاتب المعروف بنفينوتو تشيليني الذي عاش في القرن السادس عشر ولحن الموسيقار الفرنسي برليوز مسرحية غنائية أسماها باسمه، وتجد تمثاله النصفي في وسط السوق يطل على عشرات السائحين. اشتهر بتمثاله البرونزي المبتكر الذي يمثل برسوس قاطع رأس احدى الاخوات الثلاث في الاساطير الاغريقية ميدوسا التي يكتسي رأسها بالافاعي بدلا عن الشعر، وكانوا يعتقدون أن كل من ينظر اليها يتحول الى حجر وكانوا يضعون ذلك التمثال النفيس بين التماثيل المنتشرة في الهواء الطلق في ساحة سنيوريا لكنهم نقلوه منذ سنوات الى أحد المتاحف للحفاظ عليه.

     

    * معرض سيزان لعبت فلورنسا دورا مهما في تعريف فن الرسام الانطباعي الفرنسي المرموق بول سيزان أب التصوير الزيتي الحديث وصاحب الاسلوب الشخصي في التعبير لانه بقي مغمورا رغم عبقريته حتى أواخر حياته لكن أحد الاثرياء الاميركان من أصل ايطالي والمقيم في فلورنسا في أواخر القرن التاسع عشر راقت له موهبته وتألقه في ابراز أثر الضوء فاشترى العديد من لوحاته التي تعرض الان في قصر ستوتزي حتى نهاية شهر يوليو (تموز) المقبل مثل «السيدة سيزان جالسة على المقعد الاحمر» وغيرها من التحف الفنية بما فيها لوحة سيزان «بيت على المارن» قدمها البيت الابيض في الولايات المتحدة خصيصا لهذا المعرض الذي تجمعت فيه لاول مرة أهم أعمال الفنان المتوزعة في أرجاء العالم.

     

    * عباقرة فلورنسا يقام هذا الشهر (مايو ـ ايار) مهرجان خاص لعباقرة فلورنسا في عدد من متاحفها وكنائسها وقصورها. أول الشخصيات العظيمة من أبناء البلد هو الرسام والمثال والمعماري جوتو الذي نقل الفن من الطراز البيزنطي اليوناني الى اللاتيني الايطالي في القرن الثالث والرابع عشر وكان حلقة الوصل بين العصور الوسطى وعصر النهضة الاوروبية، فهو المهندس المعماري لأكبر كنيسة في المدينة (الدومو) أحد الملامح التي لا بد من زيارتها. برع في الفن التصويري ومن أشهر لوحاته «العذراء فوق عرشها تحمل الطفل يسوع» بمتحف اوفيزي كما تزين لوحاته الجدارية كنيسة سانتا كروشه حيث جعل اللون بدل الخط أو الحبر أساسا في الرسم. هناك ايضا محاضرات ومعرض خاص لجيوفاني فيراتزانو مكتشف ميناء نيويورك عام 1520 وكذلك المخترع الاصلي للهاتف انطونيو ميوتشي (1808 ـ 1889) الذي هاجر من فلورنسا الى اميركا لكنه لم يتمكن كما يقال من تسجيل براءة اختراعه الجديد لشدة فقره وعدم وجود عشر دولارات في جيبه لدفع تكاليف الاجراءات القانونية فاقبس الفكرة غراهام بيل وسجل اختراع الهاتف باسمه عام 1876. حاول ورثة ميوتشي اقامة دعوى قضائية ضد بيل لكنهم أخفقوا حتى عام 2002 حين أصدر الكونغرس الاميركي قرارا يعترف بأفضال المخترع الايطالي لكن بعد فوات الاوان . ستعرض هذا الشهر ايضا مسرحية هزلية ألفها نيكولو ميكيافيللي مؤلف كتاب «الامير» حول مكائد السياسة في عصر النهضة بفلورنسا وبعض افلام المخرج السينمائي الذائع الصيت فرانكو زيفيريللي مخرج اوبرا «لاترافياتا» لفيردي التي تعرض حاليا في دار الاوبرا بروما بعد عرضها ونجاحها الساحق في ميلانو.

     

    * معرض الازياء اذا لم ترغب في تذوق الفن الرفيع في المهرجان الثقافي الحالي فالتبضع متعة خاصة هنا مثل شراء الاحذية الجلدية المشهورة من محلات أبناء المدينة سلفاتوريه فيراغامو أو غوتشي أو روزاتي اخوان أو الحقائب النسائية المبتكرة من لـbraccialini بالقرب من المحل الرئيسي لغوتشي. انما عليك زيارة معرض الازياء في أحد اجنحة قصر بيتي لترى حتى منتصف الصيف ستة آلاف قطعة من الملابس وكيف تطورت منذ القرن السادس عشر حتى أواخر القرن العشرين، فهو المتحف الوحيد لتاريخ الازياء والذوق في ايطاليا وأحد أهم متاحف الموضة في العالم. كان قصر بيتي مقرا للدوق الكبير كوزيمو دا مديتشي ثم أصبح مقر ملك ايطاليا حين غدت فلورنسا عاصمة ايطاليا الموحدة لخمس سنوات قبل الانتقال الى روما. نشرت فلورنسا حب الفن والذوق الراقي في العالم، وأبلغ مثال على ذلك أن ابنة الدوقة كاترين دا ميديتشي غدت ملكة فرنسا في القرن السادس عشر وكانت وراء توسيع متحف اللوفر وبناء حدائق التويليري الرائعة في باريس، فتصدير الفن هو مهنة فلورنسا الاولى.

     

    * أين تأكل؟ مطاعم فلورنسا كثيرة ومتنوعة لكن ان كنت تروم مطعما جيدا بأسعار معقولة أو زهيدة، لان قيمة الدولار (والريال) نقصت في الاونة الاخيرة بأكثر من الثلث فما كان يكلف 100 دولار في الماضي أصبح يكلف 136 دولارا الان، أقترح عليك تناول الوجبة الرئيسية في:

     

    * تشبريو تياترو ديل سالي: Cibreo Teatro del Sale – Via dei Macci 111- Tel 055 2001492 عليك الذهاب الى المطعم قبل الساعة السابعة والنصف مساء لتجد مكانا خاليا لان الوجبة تسمح لك بتناول ما تشاء من المعجنات واللحم المشوي والخضار والسلطات في بوفيه مفتوح يكلفك 25 يورو (أو 34 دولارا) وبعد التاسعة والنصف ستستمتع بعرض مسرحي أو موسيقي مجاني.

     

    * شوربة «أرزو» وصفة ايطالية تركية جديدة تقترحها سيدة أميركية من أصل تركي «أرزو تانمان» وسيدة مجتمع تقيم في فلورنسا مع زوجها وهو رئيس شركة «ايلي ليلي» الاميركية للأدوية وتقدمها في دعواتها الخاصة: كوب عدس أخضر اللون (200 غرام) ـ نصف كوب ماء ونصف كوب بويون ـ بصلتان مبشورتان ـ جزرة ـ قليل من الطحين امزج هذه المواد في طنجرة ثم اطبخها على نار هادئة لمدة ساعة أو ساعة ونصف الساعة وبعد النضج ضعها في خلاطة وامزجها مجددا.

     

    أضف الملح والفلفل الاسود وقليلا من الفلفل الاحمر الحلو (بابريكا)

     

    * شوربة فلورنسا التقليدية معروفة منذ زمن بعيد في الشتاء خاصة في ريف المدينة وهضابها وهي شوربة الخضار المعروفة التي تحتوي على الجزر والكرفس والبصل والثوم والقرع والطماطم والفاصوليا أو اللوبيا الجافة. تطهى المكونات بزيت الزيتون ويضاف اليها الملفوف (يوجد في فلورنسا نوع خاص يعرف بالكرنب أو الملفوف الاسود ـ أو كافولو نيرو بالايطالية) وبعد نضجها على نار هادئة لمدة طويلة يضاف الخبز البائت الجاف ثم يعاد طهيها مجددا قبل تناولها في اليوم التالي لذا تسمى بالايطالية الشوربة المطهية مرتين «ريبوليتا» وتعرف بشوربة الفقراء.

  19. مسلمو أميركا يريدون أئمة محليين يتفاعلون مع قضاياهم

     

    الشيخ فازاغا انتقد المسلمين على إطلاق أحكام على «الإيدز» بدلا من مساعدة المصابين به

     

     

    ميجن فيجو (كاليفورنيا): نيل ماكفاركوهار *

    عادة ما يستخدم الشيخ ياسر فازاغا تقويما أميركيا من أجل توفير المهم لموعظته في يوم الجمعة.

    في حدود يوم القديس فالنتاين (يوم الحب) من العام الحالي تحدث كيف ان القرآن يقر الحب الرومانتيكي في اطار معايير اخلاقية معينة (على خلاف رجال الدين في دول عربية يدينون هذا اليوم المحظور باعتباره طقسا شيطانيا).

     

    وفي يوم الايدز العالمي انتقد المسلمين على اطلاق احكام اخلاقية على المرض بدلا من مساعدة المصابين به. وفي يوم المرأة العالمي ركز على الانتهاكات العائلية.

     

    وقال الشيخ فازاغا ،34 عاما، الذي درس الثانوية في أورانج كاونتي التي تضم منطقة ميجن فيجو، ان «هدفي الرئيسي هو تعزيز دور وقيمة الإسلام».

     

    وأئمة الجوامع في الولايات المتحدة كانوا قد جاءوا من الخارج منذ زمن بعيد، وأرغموا على التعامل مع ثقافة أجنبية سوية مع جماعة المصلين. وعادة ما يغفل المهاجرون الأقدم حقيقة انه من غير المناسب أن لا يتحدث الأئمة المستوردون اللغة الانجليزية الا نادرا.

     

    ولكن بما أن الجيل الأول من المسلمين المولودين في أميركا راحوا يتخرجون من الكليات بأعداد كبيرة، فان بعض جماعات المصلين راحوا يبحثون عن أئمة من المواطنين ممن يمكنهم الحديث حول القضايا الدينية والاجتماعية التي تبدو ذات صلة بالشباب وعلى مستوى أكثر عملية فانهم يريدون إماما يمكن أن ينصحهم حول الشؤون الأميركية اليومية مثل كيفية وضع خطة لتقديم الزكاة.

     

    وقال حاتم بازيان، المحاضر في قسم دراسات الشرق الدنى في جامعة كاليفورنيا ببيركلي، الذي يقوم بدراسة أوضاع الجاليات الاسلامية، ان «المشكلة هي وجود جيل من الشباب يمتلك خبرة لا صلة لها بالمكان الذي جاء منه الآباء».

     

    ولكن المشكلة هي أنه يصعب العثور على أئمة اميركيين على الرغم من وجود بعض برامج التدريب. وفي الوقت الحالي فان معظم الرجال الذين يقودون الصلاة في أنحاء الولايات المتحدة في يوم الجمعة هم من المتطوعين، من الأطباء او المهندسين الذين يعرفون عن القرآن أكثر بقليل مما يعرفه كل شخص.

     

    وهذا الوضع يثير جدلا حول مدى دراسة الامام ومعرفته في الشريعة والقضاء الاسلامي او في الشؤون الدينية الأخرى قبل ادارة الجامع. والأئمة القلائل الذين ولدوا أو على الأقل نشأوا في الولايات المتحدة والذين كسبوا الجماعة التي يصلون فيها يميلون الى ان يكونوا من الشباب ممن يمكن أن يلعبوا الكرة السلة مع المراهقين، ولكن لديهم أيضا معرفة جيدة بالعربية الكلاسيكية والشريعة الاسلامية بحيث ان الأكبر سنا يقرون بمصداقيتهم.

     

    وتحول الامام رونالد سميث، 29 عاما، الذي يدير المركز الاسلامي في دايتون بيتش في ولاية فلوريدا الى الاسلام في سن الرابعة عشرة ليتجنب العنف في جاليته الأميركية الأفريقية في أتلانتك سيتي. وكجزء من تدريبه قضى ست سنوات في الدراسة في المدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية.

     

    ويقول رؤساء المساجد ان الخوف هو ان الشباب المسلم، الذين يشعرون بالتعرض لهجوم في الولايات المتحدة بسبب سمعة الاسلام المشوشة ربما يختارون واحدا من اثنين متطرفين. واما يبتعدون عن الاسلام تماما اذا لم يستطيعوا على العثور على اجابات، او يتركون المسجد بحثا عن جماعات اكثر تطرفا.

     

    وفي ميجن فيجو يرتدي الشيخ فازاغا ملابس عادية معظم الوقت، ولكن يرتدي الملابس الدينية خلال إلقاء خطبة الجمعة في المسجد الذي يتميز من الاسواق التجارية المحيطة به والمكاتب غير المرتفعة بقبة معدنية لونها اخضر. وكان ذلك ممارسة بدأها قبل عشر سنوات عندما عاد الى بلاده وحصل على وظيفة الامام وهو في الرابعة والعشرين من عمره، لان بعض الاعضاء اعتبروه صغيرا جدا لهذا المنصب.

     

    وقد ولد في اريتريا، وانتقل الى العالم العربي قبل وصوله الى ميجن فيجو وعمره 15 سنة، وقد جذبه زملاء الدراسة للاسلام، وانضم الي معهد العلوم الاسلامية والعربية في الولايات المتحدة وهو تابع لجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية في الرياض. وكانت الحكومة الاميركية قد طردت معظم العاملين في المعهد عام 2004، في اطار حملة ضد الخطاب الاسلامي المتطرف.

     

    ويسعى الشباب المسلم اليه للحصول على رد على تساؤلاتهم، كما يقول، وحقيقة انه يدرس للحصول على الماجستير في العلاج النفسي تساعده كثيرا. فقد طلب مراهقون نصائح حول ادمانهم على الأشياء الإباحية عبر الانترنت، كما اوضح، وعن التوجهات الجنسية. ويشير للبالغين سواء من المثليين او العاديين ـ ان الجاذبية الجنسية امر عادي، ولكن استخدامها امر سيئ ويجب علاج أي ادمان.

     

    وكان الائمة قبله يدينون الشباب الذين يتعرضون لمثل هذه التجارة.

     

    وتتذكر جيهان زهران وهي مهاجرة مصرية في الثالثة والاربعين من عمرها اماما عربيا قال لفتاة مراهقة مضطربة ان ارتداء احذية «نايكي» حرام، من دون ان يفسر لها الاسباب. ويعتبر بعض المسلمين هذا التعالي غير فعال في اميركا، لكونهم اقلية تواجه ممارسات للاغلبية مثل شرب الكحول الذي يصطدم مع دينهم وهو الامر الذي يواجهه المراهقون يوميا.

     

    وكانت شقيقة جيهان، نيرمين، وهي في الثانية والاربعين من عمرها، قد ذهبت لاداء فريضة الحج. وهي سمسارة عقارية، وعندما عادت لم تضع الحجاب لانه ربما يؤثر على حياتها في مجتمع محافظ مثل مقاطعة اورانج.

     

    وعندما ذهبت للحج، سأل حاج الامام المصري الذي اصطحبهم من جنوب كاليفورنيا عن رأيه في عدم وضعها الحجاب.

     

    وتقول نيرمين «كان مجنونا واهانني وقال انه لا يتخيل حدوث ذلك». ورد فعله الرئيسي، هو لا يوجد مبرر في طلب المغفرة عن الذنوب السابقة اذا لم تضع المرأة الحجاب بعد ذلك.

     

    واستشارت نيرمين عددا من الشخصيات الدينية عن النوبات المتكررة من الكآبة، ولكن رد الفعل التقليدي هو ان ايمانها يفتقر للحيوية.

     

    وتستشير الشيخ فازاغا الان وتقول انه «يحاول حل المشكلة ولا يقول لها ان هذه هي حياتك وان هذا ما كتبه الله لك، واذا لم تقبلي الامر فلست بمسلمة جيدة».

     

    وتتساءل في النهاية عما اذا كانت الولايات المتحدة ستشهد تطور نموذج اسلامي اميركي اكثر نقاء ، حيث يركز الائمة على مشاكل المجتمع، بدلا من الدخول في خلافات مع الحكومة التي تؤيدهم، كما يحدث في معظم العالم العربي.

     

    وستستمر المساجد في التعامل مع رغبات المهاجرين لعقد قادم، ولكن بعد ذلك سيبتعد الامر عنهم كما يشير الخبراء.

     

    ويقول البروفسور شرمان جاكسون الذي يدرس العربية والشريعة في جامعة ميتشيغن «يحاول الاسلام في اميركا خلق ثقافة جديدة يمكنها التعايش في الاطار الكبير لأميركا. يجب عليه التغير من اجل استمرار الدين».

     

    * خدمة «نيويورك تايمز»

  20. أمراض السرطان تفتك بالأطفال والنساء في جنوب العراق

     

    دراسة صحية: مخلفات الحروب والتلوث تساهم فيها

     

    لندن: «الشرق الأوسط»

    سجلت الهيئات الطبية العراقية ارتفاعا متزايدا في أعداد الإصابات في السرطان، خصوصا في جنوب العراق. وأشارت أحدث دراسة صحية عراقية الى زيادة حادة بنسبة 20 في المائة في إصابات سرطان الثدي واللوكيميا (ابيضاض الدم) منذ عام 2005. كما يولد عدد من الأطفال بمعدل نحو ثلاثة أطفال يوميا في مستشفيات المحافظات الجنوبية من دون أطراف أو أعضاء! وتشير دراسات كليات الطب العراقية والاحصائيات الحديثة المستقاة من المستشفيات، ومشرحات الجثث المحلية في الجنوب، الى تسجيل أعداد متزايدة غير متوقعة في الوفيات الناجمة عن السرطان في المحافظات الجنوبية. ووفقا للاختصاصيين، فإن أهم مسببات هذه الأمراض يكمن في ازدياد عدد المواد والمنتجات الزراعية غير الآمنة، إضافة الى التأثيرات بعيدة المدى للحروب وانتشار بقايا القذائف الحربية الخارقة للدروع المصنّعة باليورانيوم المنضّب.

    كما يؤثر التوتر النفسي والإجهاد الناجمين عن سنوات من النزاع والعنف والتهجير والحيرة والشكوك في المستقبل، على مناعة أفراد الجمهور ومقاومتهم للامراض. ويفاقم هذا الأمر قلة إعداد الطاقم الطبي الكفوء، وقلة الاجهزة والمعدات الطبية اللازمة.

     

    وذكرت وكالة الانباء الانسانية «آيرين» IRIN في خبر لها على الانترنت، ان الدراسة العلمية نشرت في عدد شهر مايو من مجلة كلية الطب بجامعة البصرة تحت عنوان «ازدياد حالات السرطان الناجم عن بقايا أسلحة الحروب»، وقد قدمتها لجنة خاصة ساهم فيها عدد من الاختصاصيين. وأشارت الدراسة الى ان أمراض السرطان اصبحت من أهم أسباب ازدياد نسبة الوفيات في المحافظات الجنوبية. وصرح الدكتور حسين عبد الكريم الاخصائي في السرطان، وأحد مسؤولي الإدراة الصحية في مدينة البصرة الجنوبية، ان «عدم توافر العلاج لمرضى السرطان وتقادم وسائل العلاج الاشعاعي والكيميائي، أدى الى تقليل عدد الناجين من المرضى. وتفاقم هذا الوضع نتيجة تناقص اعداد الاختصاصيين بالسرطان الذين هربوا الى دول مجاورة».

     

    وأضاف ان «التعرض للإشعاع الناجم عن استخدام بعض الاسلحة والاستعمال المتزايد للمواد الكيميائية في الزراعة اضافة الى التلوث، قد ادت الى تأثيرات خطيرة على صحة الناس في هذه المناطق، لأن هذه العوامل تساهم بشكل قوي في حدوث السرطان». من جهة أخرى، قال عماد حسن الباحث في الصحة وأحد أعضاء اللجنة التي أجرت الدراسة ان «45 في المائة من الوفيات في المحافظات الجنوبية على الاقل، تنجم عن الاصابة بالسرطان. وان بعض المرضى يصابون بمضاعفات خطيرة، الأمر الذي يؤدي الى وفاتهم». وأضاف ان المحافظات الجنوبية تأثرت بالحروب بشكل قوي خصوصا على مدى العشرين عاما الماضية، اضافة الى تأثرها بالمواد الكيميائية المستخدمة في الزراعة وصيد السمك.

     

    وقال حسن إن فحص مياه الشرب في بعض مناطق محافظات البصرة والمثنى وذي قار وميسان، أظهر انها غير آمنة صحيا وملوثة بنفايات المبيدات الزراعية. وسجلت معدلات عالية من الوفيات بين النساء والأطفال في محافظتي البصرة وميسان؛ إذ ازداد اصابات اللوكيميا بنسبة اضافية بلغت 22 في المائة مقارنة بعام 2005، كما أصيب الكثير من النساء بسرطان الثدي بزيادة 19 في المائة مقارنة بتلك السنة.

     

    وقال عبد الكريم ان «غالبية السكان تعرضت الى الاشعاع المميت والى عوامل كيميائية من مخلفات الحرب..لقد رصدنا حالات إصابة أطفال ترتبط بالسرطان بعد مرور 4 اسابيع فقط على ولادتهم».

     

    وناشد الاختصاصيون الحكومة العراقية تحسين الخدمات الصحية في جنوب العراق.

  21. عندما تتضارب المعلومات.. والمصالح

     

    لبنان.. تغطية الأحداث الأخيرة أسيرة الفوضى والتوظيف السياسي

     

     

    بيروت: سناء الجاك

    لا يكاد لبنان يخرج من دائرة الضوء الاعلامية حتى يعود الى الوقوع في شباكها بكثافة أكبر. فالمادة الجديدة اللبنانية «اشهى» من المواد التي سبقتها، وأكثر انسجاما مع احدث تقليعات موضة الاعلام التي تجد في الارهاب سلعة تتنافس عليها الصحف والوكالات ومحطات الاذاعة والتلفزة. لكن «الخصوصية الاعلامية اللبنانية» تأبى الاكتفاء بغزارة مادتها لتزيدها اثارة عبر اداء تلتزمه بعض الوسائل لا يمت بصلة الى اخلاقيات المهنة. والسبب لم يعد سرا بعد تحول جزء كبير من الاعلام اللبناني إلى «متاريس» سياسية حاضرة لتجاوز الخطوط الحمر كرمز لمشاريع اصحابها ومخططاتهم. وما يثير دهشة كثيرين التزام هذه «المتاريس» في الاحداث الاخيرة التي خرجت عن حيز الشأن الداخلي الى الشأن الوطني العام الذي دفع الجيش اللبناني ثمنه عشرات الشهداء ليحمي البلاد من تنظيم متطرف لم يتورع عن ذبح الجنود، واضطر الى حصار مخيم يضم حوالي 35 الف لاجئ فلسطيني، للقضاء على هذه الظاهرة الارهابية. والمؤسف ان التغطية دخلت «سوق» الصراع والمزايدات ووصلت في مراحل عدة الى حدود الاسفاف. فقد انبرى مراسل لمحطة معارضة الى التهكم على قوى الامن اللبناني التي كانت تحاصر مبنى سكنيا في طرابلس ـ شمال لبنان، بعد تبلغها أن احد مسلحي «فتح الاسلام» اختبأ فيه وزنّر نفسه بشريط متفجر. ولأن العملية استغرقت وقتا طويلا، تبرم المراسل واعطى انطباعه عن «مبالغة القوى الامنية في ادائها الذي يشبه فيلما سينمائيا خياليا ويغلب عليه الطابع البوليسي ويستعرض مهارات على طريقة ارسين لوبين، حيث تتابع القوى الامنية اطلاق النار من دون سبب، منطلقة من اشاعة عن وجود عنصر مسلح». ولم يكتف المراسل برسالة واحدة «كاريكاتورية» لانتقاد اداء القوى الامنية والتشكيك بكونها تلاحق احدا، ليتابع عمله وكأن شيئا لم يكن بعد ضبط العنصر وفشل محاولة اقناعه بتسليم نفسه واقدامه على تفجير نفسه. كذلك دفع مراسلو التلفزيون المعارض للاكثرية «نيو تي في» ثمن ادائه الاعلامي عندما تعرضوا الى الضرب في مدينة عاليه اثناء تغطيتهم الانفجار الذي استهدف احد احيائها.

    محطة اخرى معارضة لم تجد يوم اندلاع المواجهة بين الجيش اللبناني و«فتح الاسلام» سببا موجبا لبث مباشر، فاكتفت بشريط اخباري حيادي. وتابعت عرض برامجها المعتادة وكررت احد البرامج الدعائية عن طب الاعشاب في فترتي الظهر والمساء، وبدأت نشرتها الرئيسية بخبر عن فلسطين.

     

    وبعد اضطرارها الى التغطية بفعل تفاقم الوضع لم تجد سوى تضخيم معاناة المدنيين الفلسطينيين لتسلط الضوء عليها مع تغييب شبه كامل لمعاناة الجيش وجهود الحكومة المنصبة على انهاء الوضع بالتعاون مع الفصائل الفلسطينية التي توحدت لبنانيا للمساهمة في تحقيق الحل الاقل كلفة للمخيم.

     

    المحطة ذاتها ولدى حصول انفجار في مدينة عاليه مساء الاربعاء الماضي، حيث أكثرية السكان من مؤيدي «الحزب التقدمي الاشتراكي» الذي يرأسه النائب وليد جنبلاط، وبالتالي من الاكثرية، لم تجرؤ على التغطية المباشرة تحسبا لردة فعل المواطنين الغاضبين، لذا سعت الى الاستعانة بشاشات زميلة، لكن ظهور شعار محطة محسوبة على الفريق الآخر استدعى وقف البث، والبحث عن محطة أخرى اكثر حيادا لتنقل عنها الحدث.

     

    محطة ثالثة ساءها ان ينقل مراسلها ما يحصل من دون «رتوش» تناسب سياستها الاعلامية، فعمدت الى قطع البث عندما تبينت انه استضاف احد مسؤولي «تيار المستقبل» الذي كان يشرف على المساعدات التي امنها التيار للنازحين من مخيم نهر البارد. كذلك عمدت المحطة الى وضع شريط اخباري عن عودة شاحنات الاغاثة ادراجها بعد منع الجيش اللبناني دخولها الى مخيم نهر البارد، ليبادر مراسلها عند مدخل المخيم الى التصحيح بأن الشاحنات لم تغادر والجيش لم يمنعها وانما يسعى الى تأمين الحماية لها من عناصر «فتح الاسلام» المسلحين والذين في نهاية الامر استولوا على شاحنتين تابعتين للانروا.

     

    اعلام الموالاة حرص بدوره على الالتزام بموقف الجيش والحكومة في نقل الاحداث. وذهب بعضه الى المبالغة في التزامه ليستفتي شارعه دون سواه عن مدى تأييده للمؤسسة الوطنية الدفاعية. ويعرض جهود مرجعيته السياسية في خدمة النازحين من المخيم عبر تقديم الماء لهم على الطرقات وكأن الامر كاف لانهاء معاناتهم.

     

    اما الصحف فغنت ايضا على ليلاها، بحيث يجهل من يقرأ المعارضة منها ما يحصل في جانب من البلاد ليكتفي بتلقي تحليلات وتسريبات على انها وقائع. والعكس يصح في جانب بعض الصحافة غير المهنية من صحف الموالاة.

     

    عن المطولات التي تطغى على الاداء الاعلامي للمحطات التلفزيونية من خلال استقبال الضيوف من سياسيين ومحللين، يقول مدير الاخبار في تلفزيون المنار محمد عفيف «ان معظم محطات البرامج العامة تواجه أزمة لدى وقوع احداث امنية بهذا المستوى، فهي تضطر الى التعامل مع برامج اخبارية على مدار الساعة، في حين ان لديها التزامات بعرض برامجها المعتادة. الا انها توقف سياقها العادي وتسعى الى ملء الهواء لتتابع مجريات الامور وترد على الحملات الاعلامية. واذا تخلفت عن هذا الاداء يعتبر الجمهور انها تأخذ موقفا ضد هذا الفريق او ذاك، علما انها قد تستطيع تغطية الحدث عبر الملاحق الاخبارية، عندما يستوجب الامر ذلك».

     

    ويشير عفيف الى «ان المنار لم تتابع عن عمد الاحداث بكثافة في اليوم الاول لاندلاعها وتريثت حتى تتضح الصورة لديها، في حين كانت بعض المحطات جاهزة وكأنها على علم مسبق بما حصل. كنا نريد ان ندرس خطواتنا لأن الموضوع طائفي وحساس وأي خطوة غير متوازنة قد تسبب أزمة، كما ان الحدث يتعلق بالجيش اللبناني ضد مخيم فلسطيني، وهو حدث لا يمكن التعامل معه بخفة، ليس لدقة الوضع الداخلي فقط وانما لأن ما حصل جزء من الصراع في المنطقة. فضلا عن مسألة المدنيين. لذا كانت التغطية خبرية بحتة».

     

    وعن جهوزية المراسلين في المنار لتغطية الحروب، يقول عفيف: «المراسلون الموجودون على ساحة الحدث لا يتعرضون لخطر امني مباشر، ليبقى الخطر غير مباشر. هم مجهزون بالدروع الواقية والملابس الملائمة للتنقل ويراقبون العمليات من بعيد. كذلك هم مجهزون بثقافة عامة عن طبيعة مخيم نهر البارد وتنظيم «فتح الاسلام» والقوى المحلية داخل المخيم. وتمايزوا بأنهم قدموا الحدث الميداني بشكل موضوعي بين الجيش اللبناني والقوى المحلية للمخيم». الصحافي طانيوس دعيبس استعرض لـ«الشرق الاوسط» مشكلة الاداء الاعلامي في لبنان خلال هذه التغطية، وقال: «تكمن العلة في ارتباط الوسائل الاعلامية اللبنانية عضويا بالصراع السياسي الداخلي. وهذا الارتباط يفقدها قدرتها على لعب دورها، لتصبح اداة السياسيين بفعل تركيبتها وانتمائها المباشر وعدم وجود هيئات ناظمة للاعلام العربي لها علاقة بقانون ديمقراطي ينظم حرية الاعلام. وبالتالي كما في بقية الازمات كان الاداء الاعلامي خاضعا للالتباس. اولا لأنه في الاساس اعلام وجد ليكون جزءا من الصراع. اما الالتباس الآخر فمرتبط بخضوعه الى ضعف الاداء السياسي غير الديمقراطي في هذا الوضع الحرج الذي يمر به لبنان، انطلاقا من الغاء الآخر وتخوينه وعدم الاستماع اليه. وفي وجود مضمون خطاب بهذا المستوى من التعبير، تصبح متوقعة مشاهدة احد اطراف الصراع يطل عبر الشاشات مهاجما الخصم السياسي في ظل الازمة الكبيرة التي تهدد بلاده ليقول «خليهم ينقلعوا». ففي مثل هذه المعطيات، لا يكون الاعلام الا مرآة لإلتباس الاداء غير الديمقراطي». واشار دعبيس الى «ان الاعتداء على مراسلين جاء نتيجة انحياز المحطة التي ينتمون اليها في تكوينها العضوي ونتيجة الالتباس بالممارسة الديمقراطية لدى الجمهور المتضرر والغاضب لتفجير منطقته، ما دفع بنائب المنطقة اكرم شهيب الى الاعتذار من «نيو تي في» موضحا لجمهوره ان الديمقراطية تفرض عليه القبول بالرأي الآخر المعارض. واعتبر دعيبس «ان خطر هذا الاعلام دفع بالنائب وليد جنبلاط الى انتقاد اداء تلفزيون الجزيرة على الهواء مباشرة، معتبرا ان اداءه الاعلامي انتج كمية من الاستفزاز التي دفعت جنبلاط الحريص عادة على علاقة جيدة بالوسائل الاعلامية، سواء اتفق مع سياستها او لم يتفق، بحيث لم يعد يحتمل السكوت. وهذا الاداء من المسؤولين عن المحطة، سواء كان مقصودا ام لا، وفي ظرف حاد من هذا النوع، أشعر سياسيا كبيرا بالضرر فاضطر الى التعبير عن رفضه وتعرضه الى تشويه كامل لمواقفه من قبل هذه الوسيلة الاعلامية».

     

    وأشار الى «خطورة تجاهل بعض وسائل الاعلام وباسلوب غير موضوعي مشاعر عدد كبير من اللبنانيين يعتبرون ان وطنهم تعرض الى اعتداء على يد عصابة فتح الاسلام». اما العلة التي تشاركت فيها وسائل المعارضة والموالاة فكانت في النقل المباشر المتواصل من دون محتوى احيانا وبكثير من الاخطاء والمغالطات التي وقع فيها معظم هذه الوسائل. كذلك المطولات التي كان يسترسل فيها الضيوف السياسيون والاختصاصيون في الشؤون العسكرية والاسلامية والارهابية والفلسطينية. وبرزت ايضا هذه العلة في فوضى المعلومات التي تخبط بها بعض المراسلين نتيجة عنصر المفاجأة المترافق مع اقصى درجات الارهاق بفعل التغطيات المتنقلة بين محاور عدة. فيصبح الانفجار الذي استهدف منطقة فردان في بيروت، صغيرا جدا في محطة وكبيرا جدا في أخرى. وتنفي مراسلة تلفزيون «ان بي ان» (التابع لرئيس مجلس النواب نبيه بري) ان الانفجار قريب من دارة الرئيس، مع ان شارعا واحدا يفصله عنها، لتشير مراسلة أخرى الى ان الانفجار استهدف شخصية سياسية.

     

    ويرد طانيوس دعيبس سبب هذه الفوضى الى «ضعف في المراسلة العسكرية في كل الاعلام العربي. ذلك ان قلة خضعت الى دورات وتدريب على هذه التغطية. اضافة الى ان معظم وسائل الاعلام لا تهتم بهذا الجانب، ليصبح الامر في بعض الاحيان مبادرة شخصية من المراسل. والعلة الثانية تعود الى نقص في الثقافة السياسية والاعلامية لدى الكثيرين من المراسلين في تعاملهم مع الحدث. اما السبب الثالث فيعود الى الحاجة الدائمة للبث المباشر لتأمين مادة اعلامية سريعة وابنة لحظتها، ولا علاج لهذه المسألة اذا لم يملك المراسل الخبرة والتجربة اللازمتين».

  22. لا تمييز ولا عنصرية في البركات

    خالد القشطيني

     

     

    في هذه الأيام التي يتقاتل فيها الناس لأسباب طائفية أو دينية آو إثنية، علينا أن نتذكر أن الأمر كان على خلاف ذلك في ما سلف. مما نتذكره من هذا أن كثيرا من العتبات المقدسة اشترك فيها المسلمون والنصارى واليهود. اعتادوا على زيارتها سوية في كثير من أرجاء العالم الإسلامي. أذكر من ذلك الكفل والعزير ويونس في العراق. من مظاهر هذا التسامح، أن كثيرا من المسلمين كانوا ينشدون المكرمات في الكنائس، وغالبا ما اعتمدت المسلمات والمسيحيات على وصفات رجال الدين اليهود. وكان أبو شمسة من «الحكيمين» اليهود الذين اعتمد الناس في بغداد على طبهم كلما استعصى الداء على الأطباء. وتروى حكايات عجيبة عن نجاحه في شفاء الميؤوس منهم.

     

    وفي مقابل ذلك كان هناك الملا جواد، رجل الدين والحكيم المسلم الذي اعتقد بطبه المسيحيون واليهود بالإضافة للمسلمين. ذاع صيته بالتمائم التي كان يعطيها لبسطاء الناس. الملا جواد! من لم يسمع باسمه في الثلاثينات والاربعينات؟ ذاع صيته بحيث أصبح مثلا يضرب على حل كل مشكلة مستعصية. تسمعهم يقولون إن الإرهاب الشائع في البلاد الآن لا يحل مشكلته غير ملا جواد! اعتادت المرأة العاقر على زيارته ليساعدها على الحمل مثلما اعتاد الرجل العنين على مراجعته ليعطيه القوة والقدرة.

     

    كتب الكاتب اليهودي اسبرانس موريه كوهين فقال إن الجمهور من سائر الأديان اعتادوا على التزاحم على باب غرفته. ترى المسلم يخلي مكانه ليهودية عجوز، وترى اليهودي يقدم شرابا حارا لمسلم أو مسيحي مريض ينتظر دوره.

     

    كان ممن آمن به السيدة نعيمة، إحدى الموسويات من محلة أبو سيفين. كانت لها واحدة قريبة لها لكنها كانت علمانية ولم تؤمن قط بغير العلم والطب الحديث. كانت لمارسيل أربع بنات وصبي واحد كان بمثابة رأس القلادة لأي عائلة موسوية. وإذا بصروف الدهر تصيبه بمرض معدة أعجز الأطباء. زارتها قريبتها نعيمة وأشارت عليها بأخذه للملا جواد ليقرأ على رأسه. استسخفت مارسيل الفكرة، ولكنها في حيرتها ومحنتها استسلمت لها في الأخير. فقرأ الملا شيئا من الأدعية على رأسه ثم كتب له تميمة يضعها تحت الوسادة.

     

    فعلت ذلك وإذا بصحته تتحسن من يوم الى يوم حتى شفي كليا. بالطبع عزت نعيمة هذا الشفاء لفعل الملا جواد ولا غيره، وحين ظلت مارسيل متشككة في الأمر، اتهمتها قريبتها بنكران الجميل.

     

    مرت الأيام و صحة الطفل تتحسن باستمرار ولم تعد به حاجة للتميمة. فكرت مارسيل بفتحها وقراءتها. فعلت ذلك وفضت الورقة. وإذا بكل ما ورد فيها لا يتجاوز حروفا بدون أي معنى أو أساس: طا..طو..طي... طي ..طا.. طو...

     

    ولكن ماذا يهم. لقد شفي الطفل اليهودي، وهو كل ما كان يهم المرأة من أمره.

  23. الفقيه: السلطة والمرجعية والمصائر في الأزمنة الحديثة

    رضوان السيّد الحياة - 19/05/07//

     

    لا نعرفُ بالتحديد متى ظهرت تسميةُ «الفقيه» وصارت مصطلحاً يعني ثلاثة أُمور: التبحُّر في معرفة الكتاب والسنّة وأعراف الأمصار، والحقُّ في اصدار الفتاوى، واعتراف الدولة له بالمرجعية في الشأنين الديني والتشريعي. ويذكر صاحب «الإمامة والسياسة» (يُنسبُ لابن قتيبة، المتوفَّى عام 276هـ) أن «الفقيه» سلمة بن ذؤيب الرياحي رفع عام 65هـ رايةً في البصرة دعا تحتها لمبايعة الورِع التقي عبدالله بن الزبير، بعد وفاة يزيد بن معاوية. والكلمة وقتها كانت غريبةً على الأسماع، لأنّ المعنيين بالشأن الديني والمتحدثين باسمه كان يُسمون «القراء»، وبهذا الاسم شاركوا كمجموعة في ثورة ابن الأشعث عام 82هـ. وصارت الإشكالية بعد فشل الثورة عام 84هـ، هل كان مشروعاً للقارئ حمل السيف في وجه السلطات، والمشاركة في سفك الدم، وتحت قيادة زعامةٍ قبليةٍ كزعامة ابن الأشعث. ففي «وقعة صفين» لنصر بن زاحم (المتوفى عام 236هـ) أنّ «القراء» هم الذين رفعوا المصاحف أثناء حرب صفين عام 38هـ بين علي ومعاوية، داعين الطرفين المتقاتلين الى التوقف عن سفك الدم، والاحتكام الى كتاب الله عز وجلّ. ولذلك فالراجحُ أن مصطلح «الفقيه» ما استُخدم في القرن الأول، لكن «القراء» أسلاف الفقهاء بدأوا يتدخلون في الشأن العام في وقتٍ مبكرٍ كما يظهر من النصّ في كتاب وقعة صفين، ومن مثل سلمة بن ذؤيب الرياحي، ومن مشاركة «القراء» في ثورة ابن الأشعث.

     

    ولدينا من أواخر القرن الأول، والثلث الأول من القرن الثاني الهجري ثلاث وقائع: «جوابات» جابر بن زيد (-94هـ) الإباضي المكتوبة، وهي ردودٌ على أسئلة، ومثلها آراء (يبدو أنها كانت مكتوبة) لفقهاء مكة واردة في مصنَّف معمر بن راشد (ت عام 151هـ). والواقعة الأُخرى نصٌّ واردٌ في رسالة لعمر بن عبدالعزيز (ت 101هـ) جاء فيه أن لا رأيَ لأحدٍ أمام كتاب الله وسنّة رسوله، فإن لم يكن فلا يتقدمُ أحدٌ في رأيٍ على أمير المؤمنين. ونصُّ آخر عن عمر أنه أراد أن يجعل «أحكام الأجناد» حكماً واحداً، ثم وجد أن أهل كل مصرٍ اصطلحوا على أحكامٍ خاصة بهم فعدل عن رأيه. وهذا مُشعر بأن هناك من أراد أن يتقدم على أمير المؤمنين في الرأي والحكم فأبى ذلك، لكنه من جهةٍ ثانيةٍ ما استطاع ارغامَ أهل الأمصار (القُضاة؟) على توحيد الأحكام في الوقائع المتشابهة أمام القضاء، والواقعةُ الثالثةُ النصوصُ المفصَّلةُ الواردةُ في «رسالة الصحابة» لابن المقفع (-139هـ)، والتي يقال انه وجهها لأبي جعفر المنصور (136 – 158هـ) والتي يطرحُ فيها المقولة أن لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق. ويرى ابن المقفع أن العبارة صحيحة، لكنها عامة، والصحيح أن الطاعة للقرآن والسنّة، ثم لأمر المؤمنين مباشرةً بعد ذلك. ثم يقترح على الخليفة أن يُصدر «أماناً» (أي نصاً مكتوباً أو قانوناً) يُنهي فيه «الفوضى» في أحكام القُضاة. وهكذا فإن ابن المقفع يطالب الخليفة ما كان عمر بن عبدالعزيز قد طالب به تماماً قبل أكثر من رُبع قرن. وربما كان الواردُ عن أبي جعفر بشأن مطالبته مالكَ بنَ أنَس عالِم أهل المدينة بأن يوطئ للناس كتاباً يتجنب فيه تشددات ابن مسعود ورُخص ابن عباس، هو من هذا المنزِع. والذي يبدو أن شيئاً من ذلك لم يتحقق، أي أن تكون إمارةُ المؤمنين هي المصدر الثالث للتشريع، بدليل أن هارون الرشيد (170 – 193هـ) كلَّف حوالى عام 175هـ أبا يوسف يعقوب بن ابراهيم تلميذ أبي حنيفة أن يكتب كتاباً في «الخراج» أي في الشؤون المالية للدولة. وهكذا فإن الدولة اعترفت للفقهاء بالسلطة التشريعية، قبل محاولة المأمون بن هارون الرشيد التدخل في الشأن الديني (الاعتقادي والتشريعي) للمرة الأخيرة عام 218هـ.

     

    بين منتصف القرن الثاني ومنتصف القرن الثالث إذاً، تبلورت فئةُ الفقهاء، الذين امتلكوا السلطة التشريعية، والمرجعية في الشأن الديني، متبادلين الاعترافَ مع الدولة: للدولة حقُّ الإمرة والطاعة في الشأن السياسي والإداري، أما في الشأنين الشعائري والتشريعي في المرجعية للفقهاء، في ظلّ سلطة الدولة. ومع هذا الاعتراف تطورت مذاهبُ الأمصار الى مدارس فقهية غير متحددة جغرافياً، بل تحت اسم شيخ المدرسة أو المذهب. واضطر المتكلمون (المعنيون بالشؤون العقدية) الى العمل تحت مظلة المذاهب الفقهية في الشعائر والمعاملات ومسائل الخبايات وحقوق الناس. وكما استتبع الفقهاء أو مذاهبهم المتكلمين وأضعفوهم، صارعوا الطرق الصوفية عندما ظهرت بعد القرن السادس الهجري وأخضعوها أيضاً. واستقلوا من طريق الأوقاف والمدارس عن سلطة الدولة، وظلوا يتجاذبون معها على أطراف المجالين في مسائل مثل الزكاة والحسبة وأحكام البُغاة (المعارضين السياسيين). وازدادت الاختصاصات تحدداً بين الدولة والمذاهب الفقهية في القرنين الرابع والخامس حين تغير نظام الحكم وظهرت السلطنة، وشاع إقطاعُ الأرض، والانقسام الى أرباب السيوف، وأرباب الأقلام.

     

    إن الطريف أن الأزمنة الحديثة شهدت مخاضاتُها نزاعاً على وجود «رجال الدين» أو المؤسسة الدينية في الإسلام، على رغم وجود المذاهب الفقهية، ووجود مؤسسات الفتوى والتعليم الديني، وذلك التراث الضخم من الكتب الفقهية التي تبلغ الملايين في شتى الفنون والفروع الفقهية. وحرب الصراع على مرحلتين، في الأولى أراد الإصلاحيون والسلفيون التخلٌّص من المذاهب والطرق الصوفية، لفتح باب الاجتهاد، والتخلص من التقليد، ومن السلطة الدينية، التي شبَّهها الإصلاحيون بسلطة الكهنوت الكَنَسي. وفي المرحلة الثانية اندلاع الصراع بين الدولة الحديثة، وفقهاء المذاهب، الذين أضعفهم الإصلاحيون. وذلك من أجل الإرغام على التحديث، والتخلُّص من المرجعية التقليدية التي تحدُّ من سلطة الدولة في التشريع، وفي العلاقة بالجمهور.

     

    لكن المرحلة الثانية هذه شهدت ظهور عاملٍ جديدٍ صارع بقوةٍ أنظمة الحكم، والمؤسسة الدينية التقليدية، وهو تيارُ الإحياء الإسلامي، أو الأصولية الإسلامية. كانت لرجال المذاهب والتقليد الإسلامي مُشكلاتهم مع الدولة الوطنية البازغة. لكنهم هم والسلفيون والإصلاحيون تعاملوا مع الأنظمة الجديدة، وشاركوها الى حدٍ ما، أو خضعوا لسطوتها. أما الإحيائيون فقد أرادوا جرف الدولة الوطنية، لمصلحة النظام الإسلامي الذي يطبّق الشريعة. وقد استطاع الإحيائيون الشيعة الاستيلاءَ على السلطة بإيران، منشئين الجمهورية الإسلامية، فإنّ الإحيائيين السنّة ما استطاعوا ذلك، لكن الصدام المروّع وعلى مدى أربعة عقود، أرهق المؤسسة الدينية، والدولة الوطنية على حدٍ سواء. اتهم الإحيائيون الإسلاميون المؤسسة الدينية التقليدية بالجمود والاستتباع للأنظمة، واستطاعوا الاستيلاء على بعض وظائفها أو مشاركتها فيها. فالفقيه في المؤسسة كان يمارسُ التشريع والتعليم والفتوى وقيادة الشعائر، والتوسط بين الجمهور والمؤسسة السياسية. وقد أُخرج الفقهاء بالمهمات الجديدة للدولة من التشريع والقضاء في أكثر المجالات، ثم استطاع الأصوليون مشاركة الفقهاء في التعليم والفتوى.

     

    والواقع أن أكبر المتغيّرات التي استحدثها الأصوليون كانت اسقاط مقولة وممارسة التمايُز بين الدين والدولة، حين ثبّتوا الأطروحة القائلة إنّ الإسلام ديّن ودولة. وبذلك فإنّ فقهاء الإسلام الجدد هؤلاء ما قالوا بالتدخل والمشاركة في الشأن العام، بل بتولَّي الشأن العامّ كلّه دونما فاصلٍ أو تمييز. ولذلك ما عاد هناك معنىً لدور الفقهاء التقليديين الوسيط، فضلاً عن أنّ الأنظمة القائمة ما عادت تريد منهم غير الحملة على الأصوليين الإسلاميين الجدد.

     

    يشعر الفقيه في المؤسسة بالمحنة التي هو فيها، بسبب وقوعه بين جبهتي الدولية والأصولية. والوظائف الباقية له في التعليم والشعائر والفتوى لا يستطيع ممارستها إلاّ بحماية الدولة، وهي إلى تناقُصٍ وتآكُل لضعف صدقيته لدى الجمهور، واجتياح الإحيائيين الحزبيين لسائر مهماته. لكنّه من جهةٍ أخرى لا يستطيع التصدي لحماية دوره، إذ يبدو عندها كأنما يُعارضُ حقّ الإسلام في الاستيلاء على إدارة الشأن العام. ولذلك فإنّ بقايا المؤسسة انقسموا الى ثلاثة أقسام. القسم الأعظم منهم ينصرفون للتعليم وقيادة الشعائر دونما تطلُّعٍ الى شيءٍ آخر. والقسمُ الآخرُ يمارسُ أعمالاً جداليةً لمصلحة الدولة في مواجهة الإسلاميين. في حين انضمت قلّةٌ منهم الى الإسلاميين معتنقة «أطروحة الإسلام دين ودولة، ومصحف وسيف. وهذه التطورات كلها تجعل من المؤسسة الفقهية السنّية التاريخية الكبيرة أثراً من آثار التاريخ.

     

     

    <h1>الفقيه: السلطة والمرجعية والمصائر في الأزمنة الحديثة</h1>

    <h4>رضوان السيّد الحياة - 19/05/07//</h4>

    <p>

    <p>لا نعرفُ بالتحديد متى ظهرت تسميةُ «الفقيه» وصارت مصطلحاً يعني ثلاثة أُمور: التبحُّر في معرفة الكتاب والسنّة وأعراف الأمصار، والحقُّ في اصدار الفتاوى، واعتراف الدولة له بالمرجعية في الشأنين الديني والتشريعي. ويذكر صاحب «الإمامة والسياسة» (يُنسبُ لابن قتيبة، المتوفَّى عام 276هـ) أن «الفقيه» سلمة بن ذؤيب الرياحي رفع عام 65هـ رايةً في البصرة دعا تحتها لمبايعة الورِع التقي عبدالله بن الزبير، بعد وفاة يزيد بن معاوية. والكلمة وقتها كانت غريبةً على الأسماع، لأنّ المعنيين بالشأن الديني والمتحدثين باسمه كان يُسمون «القراء»، وبهذا الاسم شاركوا كمجموعة في ثورة ابن الأشعث عام 82هـ. وصارت الإشكالية بعد فشل الثورة عام 84هـ، هل كان مشروعاً للقارئ حمل السيف في وجه السلطات، والمشاركة في سفك الدم، وتحت قيادة زعامةٍ قبليةٍ كزعامة ابن الأشعث. ففي «وقعة صفين» لنصر بن زاحم (المتوفى عام 236هـ) أنّ «القراء» هم الذين رفعوا المصاحف أثناء حرب صفين عام 38هـ بين علي ومعاوية، داعين الطرفين المتقاتلين الى التوقف عن سفك الدم، والاحتكام الى كتاب الله عز وجلّ. ولذلك فالراجحُ أن مصطلح «الفقيه» ما استُخدم في القرن الأول، لكن «القراء» أسلاف الفقهاء بدأوا يتدخلون في الشأن العام في وقتٍ مبكرٍ كما يظهر من النصّ في كتاب وقعة صفين، ومن مثل سلمة بن ذؤيب الرياحي، ومن مشاركة «القراء» في ثورة ابن الأشعث.</p>

    <p>ولدينا من أواخر القرن الأول، والثلث الأول من القرن الثاني الهجري ثلاث وقائع: «جوابات» جابر بن زيد (-94هـ) الإباضي المكتوبة، وهي ردودٌ على أسئلة، ومثلها آراء (يبدو أنها كانت مكتوبة) لفقهاء مكة واردة في مصنَّف معمر بن راشد (ت عام 151هـ). والواقعة الأُخرى نصٌّ واردٌ في رسالة لعمر بن عبدالعزيز (ت 101هـ) جاء فيه أن لا رأيَ لأحدٍ أمام كتاب الله وسنّة رسوله، فإن لم يكن فلا يتقدمُ أحدٌ في رأيٍ على أمير المؤمنين. ونصُّ آخر عن عمر أنه أراد أن يجعل «أحكام الأجناد» حكماً واحداً، ثم وجد أن أهل كل مصرٍ اصطلحوا على أحكامٍ خاصة بهم فعدل عن رأيه. وهذا مُشعر بأن هناك من أراد أن يتقدم على أمير المؤمنين في الرأي والحكم فأبى ذلك، لكنه من جهةٍ ثانيةٍ ما استطاع ارغامَ أهل الأمصار (القُضاة؟) على توحيد الأحكام في الوقائع المتشابهة أمام القضاء، والواقعةُ الثالثةُ النصوصُ المفصَّلةُ الواردةُ في «رسالة الصحابة» لابن المقفع (-139هـ)، والتي يقال انه وجهها لأبي جعفر المنصور (136 – 158هـ) والتي يطرحُ فيها المقولة أن لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق. ويرى ابن المقفع أن العبارة صحيحة، لكنها عامة، والصحيح أن الطاعة للقرآن والسنّة، ثم لأمر المؤمنين مباشرةً بعد ذلك. ثم يقترح على الخليفة أن يُصدر «أماناً» (أي نصاً مكتوباً أو قانوناً) يُنهي فيه «الفوضى» في أحكام القُضاة. وهكذا فإن ابن المقفع يطالب الخليفة ما كان عمر بن عبدالعزيز قد طالب به تماماً قبل أكثر من رُبع قرن. وربما كان الواردُ عن أبي جعفر بشأن مطالبته مالكَ بنَ أنَس عالِم أهل المدينة بأن يوطئ للناس كتاباً يتجنب فيه تشددات ابن مسعود ورُخص ابن عباس، هو من هذا المنزِع. والذي يبدو أن شيئاً من ذلك لم يتحقق، أي أن تكون إمارةُ المؤمنين هي المصدر الثالث للتشريع، بدليل أن هارون الرشيد (170 – 193هـ) كلَّف حوالى عام 175هـ أبا يوسف يعقوب بن ابراهيم تلميذ أبي حنيفة أن يكتب كتاباً في «الخراج» أي في الشؤون المالية للدولة. وهكذا فإن الدولة اعترفت للفقهاء بالسلطة التشريعية، قبل محاولة المأمون بن هارون الرشيد التدخل في الشأن الديني (الاعتقادي والتشريعي) للمرة الأخيرة عام 218هـ.</p>

    <p>بين منتصف القرن الثاني ومنتصف القرن الثالث إذاً، تبلورت فئةُ الفقهاء، الذين امتلكوا السلطة التشريعية، والمرجعية في الشأن الديني، متبادلين الاعترافَ مع الدولة: للدولة حقُّ الإمرة والطاعة في الشأن السياسي والإداري، أما في الشأنين الشعائري والتشريعي في المرجعية للفقهاء، في ظلّ سلطة الدولة. ومع هذا الاعتراف تطورت مذاهبُ الأمصار الى مدارس فقهية غير متحددة جغرافياً، بل تحت اسم شيخ المدرسة أو المذهب. واضطر المتكلمون (المعنيون بالشؤون العقدية) الى العمل تحت مظلة المذاهب الفقهية في الشعائر والمعاملات ومسائل الخبايات وحقوق الناس. وكما استتبع الفقهاء أو مذاهبهم المتكلمين وأضعفوهم، صارعوا الطرق الصوفية عندما ظهرت بعد القرن السادس الهجري وأخضعوها أيضاً. واستقلوا من طريق الأوقاف والمدارس عن سلطة الدولة، وظلوا يتجاذبون معها على أطراف المجالين في مسائل مثل الزكاة والحسبة وأحكام البُغاة (المعارضين السياسيين). وازدادت الاختصاصات تحدداً بين الدولة والمذاهب الفقهية في القرنين الرابع والخامس حين تغير نظام الحكم وظهرت السلطنة، وشاع إقطاعُ الأرض، والانقسام الى أرباب السيوف، وأرباب الأقلام.</p>

    <p>إن الطريف أن الأزمنة الحديثة شهدت مخاضاتُها نزاعاً على وجود «رجال الدين» أو المؤسسة الدينية في الإسلام، على رغم وجود المذاهب الفقهية، ووجود مؤسسات الفتوى والتعليم الديني، وذلك التراث الضخم من الكتب الفقهية التي تبلغ الملايين في شتى الفنون والفروع الفقهية. وحرب الصراع على مرحلتين، في الأولى أراد الإصلاحيون والسلفيون التخلٌّص من المذاهب والطرق الصوفية، لفتح باب الاجتهاد، والتخلص من التقليد، ومن السلطة الدينية، التي شبَّهها الإصلاحيون بسلطة الكهنوت الكَنَسي. وفي المرحلة الثانية اندلاع الصراع بين الدولة الحديثة، وفقهاء المذاهب، الذين أضعفهم الإصلاحيون. وذلك من أجل الإرغام على التحديث، والتخلُّص من المرجعية التقليدية التي تحدُّ من سلطة الدولة في التشريع، وفي العلاقة بالجمهور.</p>

    <p>لكن المرحلة الثانية هذه شهدت ظهور عاملٍ جديدٍ صارع بقوةٍ أنظمة الحكم، والمؤسسة الدينية التقليدية، وهو تيارُ الإحياء الإسلامي، أو الأصولية الإسلامية. كانت لرجال المذاهب والتقليد الإسلامي مُشكلاتهم مع الدولة الوطنية البازغة. لكنهم هم والسلفيون والإصلاحيون تعاملوا مع الأنظمة الجديدة، وشاركوها الى حدٍ ما، أو خضعوا لسطوتها. أما الإحيائيون فقد أرادوا جرف الدولة الوطنية، لمصلحة النظام الإسلامي الذي يطبّق الشريعة. وقد استطاع الإحيائيون الشيعة الاستيلاءَ على السلطة بإيران، منشئين الجمهورية الإسلامية، فإنّ الإحيائيين السنّة ما استطاعوا ذلك، لكن الصدام المروّع وعلى مدى أربعة عقود، أرهق المؤسسة الدينية، والدولة الوطنية على حدٍ سواء. اتهم الإحيائيون الإسلاميون المؤسسة الدينية التقليدية بالجمود والاستتباع للأنظمة، واستطاعوا الاستيلاء على بعض وظائفها أو مشاركتها فيها. فالفقيه في المؤسسة كان يمارسُ التشريع والتعليم والفتوى وقيادة الشعائر، والتوسط بين الجمهور والمؤسسة السياسية. وقد أُخرج الفقهاء بالمهمات الجديدة للدولة من التشريع والقضاء في أكثر المجالات، ثم استطاع الأصوليون مشاركة الفقهاء في التعليم والفتوى.</p>

    <p>والواقع أن أكبر المتغيّرات التي استحدثها الأصوليون كانت اسقاط مقولة وممارسة التمايُز بين الدين والدولة، حين ثبّتوا الأطروحة القائلة إنّ الإسلام ديّن ودولة. وبذلك فإنّ فقهاء الإسلام الجدد هؤلاء ما قالوا بالتدخل والمشاركة في الشأن العام، بل بتولَّي الشأن العامّ كلّه دونما فاصلٍ أو تمييز. ولذلك ما عاد هناك معنىً لدور الفقهاء التقليديين الوسيط، فضلاً عن أنّ الأنظمة القائمة ما عادت تريد منهم غير الحملة على الأصوليين الإسلاميين الجدد.</p>

    <p>يشعر الفقيه في المؤسسة بالمحنة التي هو فيها، بسبب وقوعه بين جبهتي الدولية والأصولية. والوظائف الباقية له في التعليم والشعائر والفتوى لا يستطيع ممارستها إلاّ بحماية الدولة، وهي إلى تناقُصٍ وتآكُل لضعف صدقيته لدى الجمهور، واجتياح الإحيائيين الحزبيين لسائر مهماته. لكنّه من جهةٍ أخرى لا يستطيع التصدي لحماية دوره، إذ يبدو عندها كأنما يُعارضُ حقّ الإسلام في الاستيلاء على إدارة الشأن العام. ولذلك فإنّ بقايا المؤسسة انقسموا الى ثلاثة أقسام. القسم الأعظم منهم ينصرفون للتعليم وقيادة الشعائر دونما تطلُّعٍ الى شيءٍ آخر. والقسمُ الآخرُ يمارسُ أعمالاً جداليةً لمصلحة الدولة في مواجهة الإسلاميين. في حين انضمت قلّةٌ منهم الى الإسلاميين معتنقة «أطروحة الإسلام دين ودولة، ومصحف وسيف. وهذه التطورات كلها تجعل من المؤسسة الفقهية السنّية التاريخية الكبيرة أثراً من آثار التاريخ.</p>

    </p>

  24. أسرار «لوحة موسى» ... الى الضوء

    القاهرة الحياة - 23/05/07//

     

    تعلن في القاهرة مساء اليوم نتائج الفحوص العلمية والمخبرية التي أجريت في أوروبا على لوحة البازلت المعروفة باسم «لوحة موسى» (عليه السلام) التي أثارت جدلاً واسعاً في المؤتمر التاسع للاتحاد العام للأثريين العرب الذي عقد في القاهرة منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) الفائت. ويعلن النتائج عالم الآثار الأردني أحمد عبدالكريم المقيم في دولة الامارات، وكان أعلن في المؤتمر السابق عن مفاجأة هي تفسير نقش أثري مجهول الهوية يحوي رسوماً زعم أنها لنبي الله موسى (عليه السلام) اضافة الى 8 صور «داخل الصورة نفسها» تفسر الملاحم التي عايشها النبي موسى (عليه السلام) وقومه، واصفاً النقش بأنه أغرب قطعة أثرية في العالم.

     

    وعثر على القطعة الأثرية في سورية، وهي موجودة الآن في الامارات، ولم يعرف أحد قيمتها الى أن فك عبدالكريم رموزها. وهي من حجر البازلت الأسود طولها 45 سنتم وعرضها 30 سنتم وسماكتها 10 سنتم منقوشة بطريقة واضحة الجزئيات. ويظهر مقطع جانبي في وجه إنسان يبدو عليه ملامح القوة والبأس ويرجح الباحث أنه موسى (عليه السلام) وعلى خده أفعى صغيرة لها عينان صغيرتان، وهناك مقطع جانبي لرأس بقرة.

  25. أزمة الفتوى ومأزق مؤسسة الإفتاء

    السيد ولد اباه

     

    اشتد الجدل في دوائر الإفتاء في مصر حول فتوى أحد علماء الأزهر، باللجوء إلى حيلة رضاع الكبير لحل مشكل الخلوة بين الزملاء في المكاتب. وقد ضجت الساحة المصرية بالحوار حول هذه المسألة التي أخرجت من نطاقها الفقهي لتحتل صدارة الاهتمامات في أكبر بلد عربي، ولتبلغ أصداؤها بقية البلدان العربية.

     

    صحيح أن في الفتوى مسحة غرابة، بل انها تجاوزت بالفعل حد اللياقة، لكن الفقيه الأزهري لم يخرج عن سياق الجدل الفقهي المألوف، في مسألة خلافية معروفة.

     

    وقد سبقت هذه الفتوى المثيرة، حالات عديدة أثارت الجدل نفسه.

     

    فشيخ الأزهر الحالي الذي وقف بشدة ضد فتوى رضاع الكبير، هو نفسه الذي اشتهر بفتاويه التي شذ بها حول جواز الفائدة المصرفية، وسندات التوفير، وقد ولدت نقمة عارمة في أوساط المجامع الفقهية.

     

    وإذا كان الزعيم الإسلامي السوداني حسن الترابي، قد خرج علينا في السنة الماضية بآرائه المثيرة حول إباحة زواج المسلمة من الكتابي، وإنكاره للمهدي ورجوع النبي عيسى عليه السلام، فإن الشيخ القرضاوي نفسه لم يسلم من النقمة نفسها في فتاويه بعدم التفريق بين المسلمة وزوجها الكتابي وبجواز استعمال القروض الربوية لاقتناء المساكن في بلاد الغرب.

     

    وفي الساحة العراقية الدامية، تزامنت الحرب الطائفية القائمة مع حرب تكفيرية شرسة بين الأصوليتين السنية والشيعة، لم يسلم منها المرجع السيستاني نفسه، الذي وظفت فتوى قديمة له بإقصاء أهل السنة من الملة، في الوقت الذي استندت المجموعات السلفية المتشددة لفتاوى منسوبة لابن تيمية وابن القيم في تكفير الشيعة وقتلهم.

     

    لقد بدا من الواضح من خلال حرب الفتاوى المشتعلة هذه الأيام في العالم الإسلامي، أن مؤسسة الإفتاء في بلادنا تعيش أزمة قاسية، في مستويين مترابطين يتصل أولهما بمرجعيتها العلمية والعقدية، ويتعلق ثانيهما بنمط اشتغالها وتأثيرها الفعلي في الأوضاع العامة.

     

    أما المستوى الأول فنلمسه بوضوح في صراع المرجعيات الفقهية، على الرغم من أن أكثر الآراء جراءة وتجديدا تحرص على الالتزام بالمدونة الأصولية والفقهية الارتدوكسية، ولا تخرج عن ضوابطها التأويلية وإمكاناتها الدلالية.

     

    فإذا كانت الساحة الفقهية قد شهدت في السنوات الأخيرة دعوات عديدة لإعادة بناء المنظومة الأصولية وتجديد أصول صناعة الفتوى (والعبارة للعلامة الشيخ عبد الله بن بيه) إلا أن هذه الدعوات لم تخرج في سياقها التطبيقي عن آليات الترجيح والتكيف والتركيب المعهودة في العقل الفقهي الوسيط.

     

    ومع ذلك، فإن الوعي قد تزايد في حقل الدراسات الإسلامية بأن الموروث الفقهي لم يعد قادرا لا من حيث بنيته التصورية (الأصول) ولا من حيث آلياته المنهجية (قواعد وأدوات الفقه) على توفير العدة الضرورية، لاستثمار دلالات النص في السياق الراهن.

     

    وقد نجم هذا الوعي عن الإشكالات العملية المترتبة على الفتاوى المطلوبة لحل إشكالات حيوية مطروحة، كما نجم عن الانفتاح الواسع على الحقول التأويلية المعاصرة، التي وفرت للفقيه إمكانات ثرية غير مسبوقة.

     

    بيد أن علماءنا وان كانوا لا يفترون عن التذكير بأن الأقضية تتجدد بحسب أحوال الناس، ولا ينكرون أن الفقه صناعة وضعية ظنية لا تتماهى مع النص المرجعي المقدس، الذي هو المحكم المتواتر القطعي الثبوت والدلالة، إلا أنهم يفضلون سلامة الركون لسلطة الموروث على مسؤولية الاجتهاد والتأويل، فيفضون إلى فتاوى مرقعة لا ترضي المتشبث الحرفي بالفقه الوسيط ولا المسلم المعاصر الذي يصطدم برهانات الحداثة.

     

    أما المستوى الثاني فيتعلق بتركيبة مؤسسة الإفتاء ومنزلتها الفعلية في الشأن الجماعي والحقل العام. فمن نافل القول أن هذه المؤسسة، وإن كانت لا تزال قائمة في أغلب بلدان الإسلام، وإن بأشكال متمايزة، إلا أنها لم تعد قادرة على أداء دورها التاريخي لأسباب عديدة يتصل بعضها بطبيعة علاقتها بالدولة المركزية الحديثة.

     

    ويتعلق البعض الآخر بمنزلتها في الحقل الديني نفسه.

     

    فمؤسسة الإفتاء التي كانت في السابق احدى ركائز المجتمع الأهلي، غدت اليوم جهازا من أجهزة الدولة الوطنية المعاصرة، مما أفقدها استقلاليتها ومصداقيتها ونجاعتها العملية.

     

    وقد تحولت هذه المؤسسة في الغالب اما إلى شكل فارغ لا يؤدي أي دور فعلي، أو إلى إطار مستتبع يوظف في استراتيجيات الاستقطاب، وإضفاء الشرعية على السياسات الحكومة الرسمية.

     

    أما الحقل الديني فقد وحدته وبنيته النسقية، ببروز اتجاهات متباينة متصادمة، تتنافس على احتكار الرأسمال الجماعي للأمة، من بينها السياسي الملتزم والتقليدي التراثي مع أشكال جديدة من الممارسة الروحية، التي تندرج في إطار خصخصة الانتماء الديني، التى هي إحدى الظواهر الاجتماعية الجديدة التي أثارت اهتمام علماء الانتربولوجيا.

     

    إن حل هذه العقدة المضاعفة لا يكون بمجرد التنسيق بين المجامع ودور الافتاء، ولا حتى باستراتيجية التقريب بين المذاهب الإسلامية، وإنما هو مرهون بعملية إصلاح فكري وتربوي جذري، يطال البنية المؤسسية للافتاء، واستراتيجيات التأويل والقراءة.

     

    وبدون هذه العملية الإصلاحية الجذرية، تبقى فتاوى فقهائنا أدوات صراع سياسي واجتماعي ملتبس، ان هي خرجت عن طرف الجرائد ومزح العامة

×
×
  • Create New...